رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1481

انفجار مرفأ بيروت.. من يدفع الثمن؟

04 أغسطس 2021 , 07:00ص
alsharq
هاجر العرفاوي

مع حلول الذكرى السنوية الأولى لحادثة الانفجار الكارثي لمرفأ بيروت الذي عمَّق أزمات لبنان، لا تزال جراح أهالي الضحايا تنزف ولم تتحقق العدالة بعد.

ويطالب اللبنانيون بكشف هوية المتورطين في الحادثة التي أسفرت عن حوالي 200 قتيل ونحو 6 آلاف جريح، إثر انفجار أطنان من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الاشتعال، كانت جزءًا من حمولة تُقدّر بـ2750 طنا، مخزنة في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، منذ العام 2014. وفي الـ4 من أغسطس 2020، خلف الانفجار دمارا مروعا في شوارع وأحياء المدينة، لاسيما تلك القريبة من المرفأ، تركا الآلاف في ذهول يبحوثون عن مفقوديهم تحت الأنقاض، قد تكون العدالة هي عزاؤهم الوحيد.

وتزامنا مع الذكرى الأليمة، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش، تقريرا عقب تحقيق أجرته بشأن انفجار مرفأ بيروت في الـ4 من أغسطس 2020، واستند إلى وثائق رسمية ومقابلات مع كبار المسؤولين، منهم رئيس البلاد ورئيس حكومة تصريف الأعمال ومدير الأمن العام. وكان التحقيق قد تتبع أحداثا تعود إلى عام 2014 وما بعد جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت. كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة إلى عدة جهات رسمية.

* تقاعس المسؤولين

وخلص تحقيق منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى أن المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنيا بالمخاطر التي تشكلها مادة نترات الأمونيوم التي خزنت في المرفأ، وبالتالي يمكن اتهامهم جنائيا بالقصد الاحتمالي لجريمة القتل. كما أشار التحقيق إلى أن المسؤولية تبدأ من رئيسي الجمهورية والوزراء، ووزراء حاليين وسابقين وقادة أمنيين، مضيفا أنه تم توقيف صغار المسؤولين، بينما لم تتم ملاحقة الكبار منهم الذين علموا بالمخاطر وتقاعسوا. وقال التقرير "تشير الأدلة بقوة إلى أن بعض مسؤولي الحكومة توقعوا الموت الذي قد ينجم عن وجود نترات الأمونيوم في المرفأ، وقبلوا ضمنيا باحتمال حدوث وفيات".

وطالبت هيومن رايتس، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأن يفوِّض بإجراء تحقيق في هذه القضية، مشددة على أنه يتوجب على الدول التي تطبق "قانون ماغنيتسكي" معاقبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الناجمة عن الانفجار. كما حثت الحكومات الأجنبية على فرض عقوبات على المسؤولين تتعلق بحقوق الإنسان والفساد.

وفي يونيو الماضي، دعت 50 منظمة حقوقية لبنانية وإقليمية ودولية، مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء بعثة دولية مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق لمدة سنة من أجل التحقيق في الانفجار. وجاء ذلك في رسالة مشتركة موجهة إلى المجلس وقعتها تلك المنظمات، إضافة إلى 62 من الناجين وعائلات ضحايا الانفجار.

* تحقيقات معطلة

ومنذ أيام قليلة، أعرب الرئيس اللبناني ميشال عون عن استعداده للإدلاء بإفادته في قضية للانفجار المروع، إذا رغب المحقّق العدلي بالاستماع إليه، مشددا على ضرورة تحقيق العدالة الكاملة. وقال الرئيس عون "لا أحد فوق العدالة مهما علا شأنه، وأن العدالة تتحقّق لدى القضاء المختص الذي تتوافر في ظلّه الضمانات".

وبدوره، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، في بيان بمناسبة ذكرى الانفجار: لا يمكن للبنانيين الشعور بالأمان إذا لم تنكشف الحقائق الكاملة لتلك الكارثة. وأشار دياب إلى أن تحقيق العدالة في الانفجار الذي حصل في فترة رئاسته للحكومة، يبدأ بكشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الكارثة، لافتا إلى أن الانفجار كشف عورات البلاد.

ومن جهته، دعا رئيس الحكومة المكلف السابق سعد الحريري، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية تضع يدها على الملف أو رفع الحصانة على المسؤولين لاستكمال التحقيق في القضية، من أجل تحقيق العدالة. واقترح الحريري رئيس كتلة تيار المستقبل البرلمانية، مشروعا يقضي بتعليق كل المواد الدستورية والقانونية التي تمنح حصانة لرئيس الجمهورية، ولرئيس الحكومة والوزراء والنواب والقضاة والمحامين. وكانت كتلة تيار المستقبل في البرلمان قد تقدمت باقتراح قانون لرفع الحصانات عن رئيس الجمهورية وكافة المسؤولين السياسيين والأمنيين، مما يتيح للمحقق العدلي استكمال التحقيق في انفجار المرفأ. ويذكر أنه مطلع الشهر الماضي، طلب المحقق العدلي طارق البيطار رفع الحصانة عن 3 نواب للتحقيق معهم في القضية، لكن البرلمان طلب منه مزيدا من المستندات قبل ذلك.

وطلب قاضي التحقيق طارق البيطار، إذنا للتحقيق مع مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، إلى جانب 4 ضباط سابقين في الجيش، لكن وزير الداخلية محمد فهمي رفض طلب التحقيق مع اللواء إبراهيم. ومنذ حوالي شهرين، صرح البيطار المحقق العدلي في قضية الانفجار، بعد إقالة سلفه القاضي فادي صوان في فبراير الماضي، إن مرحلة التحقيق التقني والفني شارفت على الانتهاء. وكان صوان قد اتهم 3 وزراء سابقين ورئيس حكومة تصريف الأعمال بالإهمال، لكنهم رفضوا استجوابهم كمشتبه فيهم واتهموه بتجاوز صلاحياته، وتمت إقالته بعد 4 أشهر من توليه الملف.

* أسئلة دون إجابة

وفي السياق، نقلت المجلة الفرنسية "لوبس"، عن يوسف لحود محامي أكثر من ألف من ضحايا الانفجار، قوله "إن المسؤولين يحاولون ببساطة الهروب من العدالة". وقال لحود إن التحقيق كشف عن هوية عدة أطراف متورطة في القضية، من بينها مالك شركة الشحن المسؤولة عن نقل البضائع، واسم البنك الموزمبيقي الذي مول العملية، مشيرا إلى أن العدالة حددت المسؤوليات فيما يتعلق بالجهة التي جلبت نترات الأمونيوم إلى بيروت، وأسباب تفريغ الشحنة وكيف تم تخزينها ولماذا لم يتم إتلافها أو إعادتها إلى الخارج. وذكر المحامي أن نقطة ضعف التحقيق، هي أنه لم يحدد بعد سبب الانفجار، مع أن مصادر أمنية ذكرت أن أعمال اللحام قد تكون سبب الحريق. وذكرت المجلة أن الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المستقيل حسان دياب تلقيا يوم 20 يوليو العام الماضي، قبل أيام قليلة من المأساة، تحذيرا من أمن الدولة. ومع ذلك صرح مصدر قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية أن التحقيق "اكتملت ثلاثة أرباعه" وأن البيطار يأمل أن يعلن نتائجه "قبل نهاية العام".

* صندوق التعويض

وأفاد رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد الخير، للجزيرة نت، بأن الهيئة تستكمل دفع ما يعادل 1600 دولار لورثة كل ضحية لبناني أو غير لبناني عمره فوق 10 سنوات، ونحو 780 دولارا لورثة كل ضحية ما دون 10 سنوات، وقُدمت لنحو 140 عائلة من بين أكثر من 200 عائلة.

ويجري ضم ضحايا الانفجار لشهداء الجيش، وفقًا لقانون الدفاع الوطني، لتحصل عائلاتهم على مخصص يعادل راتب جندي، وقيمته نحو مليون و200 ألف ليرة (62 دولارا). لكن مصدر رسمي مطلع كشف للجزيرة نت، عن تضارب في الصلاحيات بين الهيئة العليا وبين الجيش ممثلا بوزارة الدفاع، "بعد أن سحبت الحكومة صلاحيات عديدة من الهيئة لصالح الجيش، مما تسبب بفوضى وتأخير صرف التعويضات المقررة".

في المقابل، تعتبر الباحثة والمحامية نادين عرفات، التي شاركت في إنجاز دليل المفكرة القانونية الخاص بضحايا الانفجار، أن ما تقدمه الدولة لا يرقى للتعويض، لأن "فكرة التعويض يجب أن تعادل الضرر، وأن يُنظر لكل شخص بحسب حاجاته، وعدم ربط الجميع بحاجة وتعويض واحد كأنه هبة".

وبين دليل المفكرة، 3 أنواع من الأضرار القابلة للتعويض، الأضرار الجسدية التي أصابت جسم الإنسان، والتي طالت الأشياء والممتلكات، والأضرار المعنوية والنفسية. وقالت للجزيرة نت، إن "لبنان لم يقر أنظمة تعويض حقيقية، تكون أولويتها الكرامة الإنسانية، رغم الحروب والكوارث التي عاشها". وأضافت الباحثة، أن القانون حصر حقوق الضحايا ببعض الخدمات الصحية، ولم يلحظ أضرارا أخرى، كفقدان العمل وعدم القدرة على الاستمرار بحياة طبيعية. ولفتت إلى ضرورة إنشاء "صندوق وطني لتعويض ضحايا ومتضرّري كارثة تفجير المرفأ"، لتمرّ كل المساعدات عبره، بدل تعدّد جهات التعويض، وما ينجم عنها من فوضى البيانات وضياع الأموال وغياب المعايير العلمية والإنسانية".

مساحة إعلانية