رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1020

المملكة المتحدة تختار غداً قيادتها للسنوات الخمس المقبلة

03 يوليو 2024 , 10:01ص
alsharq
بريطانيا.. لندن
الدوحة - قنا

يتوجه ملايين الناخبين في المملكة المتحدة إلى صناديق الاقتراع غدا الرابع من يوليو الجاري لاختيار ممثليهم في البرلمان، في انتخابات كانت مقررة عام 2025، لكن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك اختار أن تكون مبكرة على الرغم من الأرقام الاقتصادية القاتمة، وتراجع شعبية حزب المحافظين الذي يقوده في استطلاعات الرأي.

ووفق الاستطلاعات ينتظر أن يخسر حزب المحافظين بزعامة سوناك هذه الانتخابات بأغلبية ساحقة، مقابل فوز تاريخي لحزب العمال بزعامة كير ستارمر، وقد أظهرت الاستطلاعات أن الناخبين سيعاقبون حزب المحافظين لفشله في الوفاء بالوعود التي قطعها خلال 14 عاما في السلطة، وأن بريطانيا باتت قاب قوسين أو أدنى من حكومة عمالية.

ويتقدم حزب العمال، الذي يميل إلى اليسار، بفارق كبير في معظم استطلاعات الرأي، بعد أن ركز حملته على كلمة واحدة هي: التغيير، حيث احتفظ بتقدمه على المحافظين بنسبة 40 بالمئة، في حين حصل المحافظون على 20 بالمئة، وارتفعت شعبية حزب الإصلاح البريطاني بنقطة واحدة إلى 17 بالمئة، كما ارتفعت شعبية الديمقراطيين الليبراليين بنقطة واحدة إلى 13 بالمئة، وانخفضت شعبية حزب الخضر بثلاث نقاط إلى 6 بالمئة، وعلى الرغم من هذه الأرقام، يؤكد ستارمر أن نتيجة التصويت يوم الخميس ليست حتمية، وحذر من أنه سيكون "خطأ كبيرا" أن يدعم الناس الأحزاب الأصغر إذا كانوا يريدون رؤية التغيير.

وقد شارك سوناك وستارمر في مناظرة تلفزيونية حاسمة الأسبوع الماضي، شهدت توترا كبيرا وتحولت إلى هجمات شخصية متبادلة إذ اتهم سوناك الزعيم العمالي بالخداع فيما يتصل بخططه للحد من الهجرة، في حين وصفه ستارمر بأنه "بعيد عن الواقع"، وحث سوناك الناخبين على عدم "الاستسلام" لحزب العمال في القضايا الرئيسية كالحدود والضرائب وغيرها، بينما أكد ستارمر أن الانتخابات تمثل فرصة "لطي صفحة" بعد 14 عاما من حكم المحافظين، وتعهد "بإعادة ضبط السياسة لتعود كخدمة عامة"، متهما سوناك بالافتقار إلى القيادة.

وفي محاولة أخيرة لمنع الناخبين من منح حزب العمال أغلبية ساحقة، سلط رئيس الوزراء البريطاني الضوء على سلسلة من السياسات المثيرة للجدل التي يقول إن ستارمر سيقدمها فور فوزه بالانتخابات، بينها إلغاء خطط نقل المهاجرين إلى رواندا، وفرض ضريبة القيمة المضافة على الرسوم المدرسية، وتغيير النظام الانتخابي لمنح حق التصويت لمن يبلغون من العمر 16 عاما، والذين يميلون إلى الأجندة العمالية.

وكان المحافظون قد تولوا السلطة أثناء ذروة الأزمة المالية العالمية، وفازوا بثلاثة انتخابات أخرى منذ ذلك الحين، ولكن تلك السنوات تميزت بالركود الاقتصادي وتدهور الخدمات العامة وسلسلة من الأزمات السياسية، الأمر الذي جعل المحافظين أهدافا سهلة للمنتقدين من اليسار واليمين.

وواجه المحافظون تحديا تلو الآخر منذ توليهم السلطة عام 2010، ففي البداية كانت هناك تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي أدت إلى تضخم ديون بريطانيا، وتسببت في فرض المحافظين سنوات من التقشف لموازنة الميزانية، ثم قادوا بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، وخاضوا معركة ضد واحدة من أخطر حالات تفشي /كوفيد-19/ في أوروبا الغربية، وشهدوا ارتفاع التضخم بعد اندلاع الحرب الأوكرانية.

وبغض النظر عن الظروف، فإن العديد من الناخبين يلومون المحافظين على قائمة المشاكل التي تواجه بريطانيا، بدءا من خدمة القطارات غير الموثوقة إلى أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة والجريمة وتدفق المهاجرين الذين يعبرون القنال الإنجليزي على قوارب مطاطية، علاوة على ذلك، تشوهت سمعة الحزب بسبب الهفوات المتكررة لوزراء الحكومة، بما في ذلك الحفلات التي تخرق إجراءات الإغلاق في المكاتب الحكومية أثناء التصدي لفيروس /كوفيد - 19/.

كما عانت بريطانيا من ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، الأمر الذي تسبب في شعور أغلب الناس هناك بالفقر.

وفي موضوع الهجرة، عبر آلاف من طالبي اللجوء والمهاجرين القنال الإنجليزي خلال السنوات الأخيرة، ما أثار انتقادات بأن الحكومة فقدت السيطرة على حدود بريطانيا، وتتمثل السياسة المميزة للمحافظين لوقف قوارب المهاجرين في خطة لترحيل بعضهم إلى رواندا، لكن منتقدي الخطة يقولون إنها تنتهك القانون الدولي، وغير إنسانية، ولن تفعل شيئا لمنع الناس من الفرار من الحروب والاضطرابات والمجاعة في دولهم.

وفي سياق الأزمات المتعددة التي يشتكي منها البريطانيون، تعاني هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، التي تقدم الرعاية الصحية المجانية للجميع، من قوائم انتظار طويلة لكل شيء من رعاية الأسنان إلى علاج السرطان، وفي موضوع البيئة والتغير المناخي تراجع سوناك عن سلسلة من الالتزامات البيئية، حيث أرجأ الموعد النهائي لإنهاء بيع المركبات التي تعمل بالبنزين والديزل، والسماح بحفر آبار نفطية جديدة في بحر الشمال، ويقول منتقدوه إن هذه سياسات خاطئة في وقت يحاول فيه العالم مكافحة تغير المناخ بشتى السبل.

ووفق المراقبين فإن التحدي الأوسع الذي يواجه ستارمر يتمثل في استعادة الثقة في السياسة البريطانية بعد سنوات من فضائح حزب المحافظين، وقد حذر الزعيم العمالي من أن الفشل في معالجة خيبة الأمل في السياسة البريطانية قد يؤدي إلى صعود اليمين المتشدد، كما حدث في فرنسا ودول أوروبية أخرى.

وفي مقابلة مع صحيفة /الغارديان/ البريطانية، أوضح زعيم حزب العمال أن حزبه قادر على وقف صعود اليمين الشعبوي من خلال تحسين حياة الناس، ويضيف أن الحكومة المقبلة في حال فوز العمال ستعمل لاستعادة الثقة في السياسة بشكل عاجل من خلال الأفعال وليس الأقوال، وإحداث فرق ملموس في حياة الناس، ورفض ستارمر ما يقال إن برنامج حزب العمال السياسي غير طموح، مؤكدا أنه يمثل "دفعة أولى" نحو طموحات الحزب على المدى الأبعد، مشيرا إلى أن الخطط الخاصة بالنمو الاقتصادي يجب أن تكون موثوقة وقابلة للتحقيق، وليس مجرد آمال خيالية لن تتحقق.

وعلى الرغم من تركيز الحملات الانتخابية لحزبي العمال والمحافظين على القضايا الداخلية، فإن حكومة حزب العمال المرتقبة، في حال فوزه، سوف تضطر بسرعة إلى التعامل مع اضطرابات الشؤون الدولية، من مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى الحرب في أوكرانيا.

ويعتقد المراقبون أن السياسة الخارجية البريطانية تجاه الملف الأوكراني ستبقى دون تغيير، وتتوقع أن يزور ستارمر كييف بعد وقت قصير من دخوله مقر الحكومة لتأكيد دعم بريطانيا المستمر، أما في موضوع قطاع غزة والكيان الإسرائيلي، فقد وعد ستارمر بالاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا تم انتخاب حزب العمال، ومن المتوقع أن تكون هناك ضغوط من نواب حزبه لكي يفعل ذلك على الفور، لكن الترجيحات ترى أن زعيم حزب العمال سيكون حذرا بشأن فعل يسبب خلافا مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت مبكر جدا من رئاسته للوزراء لذلك لن يكون على عجل للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وإذا ظهر المزيد من التقارير عن ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، فمن المرجح أن يواجه ستارمر -وهو محام لحقوق الإنسان قضى حياته المهنية في حملات ضد عقوبة الإعدام، من أوغندا إلى جامايكا- أسئلة حول تعليق مبيعات الأسلحة البريطانية لـ"إسرائيل"، وهو الأمر الذي قد يدق إسفينا بين أجنحة حزبه المختلفة.

وعلى الرغم من أن حزبي العمال والمحافظين هما الحزبان المتصدران للمشهد الانتخابي في المملكة المتحدة، فإن هناك أحزابا أخرى، بعضها يحظى بدعم إقليمي قوي، قد تكون حاسمة في تشكيل حكومة ائتلافية إذا لم يفز أحد بالأغلبية المطلقة، وعادة ما يتم الإعلان عن الفائز في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي للتصويت، بعدها يطلب الملك تشارلز من زعيم الحزب الحاصل على أكبر عدد من الأصوات أن يصبح رئيسا للوزراء ويشكل الحكومة، لتبقى المعارضة في يد رئيس الحزب التالي، وفي حال لم يحصل أي حزب على الأغلبية، تفرز الانتخابات برلمانا معلقا، وهنا قد يقرر الحزب الأكبر في الأصوات تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب آخر أو العمل كحكومة أقلية، معتمدا على أصوات الأحزاب الأخرى لتمرير أي قوانين يطرحها على البرلمان.

مساحة إعلانية