محليات

764

مذابح الأسد شرارة أيقظت 614 مقاتلاً بلجيكياً للانضمام لداعش

الجزيرة تكشف كيف تحولت بروكسل من عاصمة للاتحاد الأوروبي لساحة لخلايا التنظيم

فريق الجزيرة يكشف خفايا حي مولمبيك ببروكسل خزان المقاتلين في بلجيكا

المجندون يستهدفون المسلمين الجدد المضطهدين في أوروبا للهجرة إلى " الشام أرض الخلافة "

خلية بروكسل العقل المدبر لهجمات باريس كشفت حجم الخطر الذي تشكله العاصمة البلجيكية

كشفت قناة الجزيرة عن وثائق لأول مرة عن حجم تنظيم الدولة وقدراته في الدول الاوروبية وآلية تجنيد تنظيم داعش لأفراد قادمين من العواصم الأوروبية بلغ عددهم اكثر من 600 مقاتل من بلجيكا.

شمل التحقيق الذي اجراه مراسل الجزيرة تامر المسحال، مقابلات وتسريبات ووثائق سرية تنشر لأول مرة وتستعرض طرق التجنيد التي ينتهجها التنظيم في أوروبا وأعداد من انضموا إليه من بلجيكا، التي تُعدّ الأعلى تصديراً للجهاديين إلى سوريا والعراق من مختلف دول أوروبا بالنظر إلى عدد سكانها (مقاتل لكل 20 الف نسمة) حيث توصل فريق التحقيق الفرنسي في هجمات باريس انها تم التخطيط لها بعناية شديدة وسط العاصمة البلجيكية وان خلية من بروكسل كانت العقل المدبر للهجوم.

وتتبع التحقيق الذي بث ضمن برنامج "ما خفي أعظم"، أعضاء خلية بروكسل التي نفذت هجمات باريس العنيفة في نوفمبر /تشرين الثاني 2015، قبل أن تنجح وتضرب مجدداً بعد أشهر في بروكسل نفسها في هجمات دامية.

وضمت الوثائق مئات الأسماء التي يحمل أصحابها جنسيات دول أوروبية مختلفة، وتمكنوا من دخول سوريا والعراق خلال عامي 2013 و2014.

التحقيق الذي جاء بعنوان "تنظيم الدولة في بروكسل"، استغرق أشهرا من البحث والإعداد، واستطاع فريق التحقيق إجراء مقابلة حصرية في بروكسل مع أحد كوادر تنظيم الدولة الذين عادوا إليها من سوريا بعد قتاله هناك، وعاد لينشط في العاصمة البلجيكية بروكسل التي تحولت من عاصمة للاتحاد الاوروبي الى عاصمة للمقاتلين الاجانب بتنظيم داعش وأصبحت ساحة نشطة لخلايا التنظيم.

614 جهاديا

يقول التحقيق ان الحكومة البلجيكية رفعت اعلى درجات التأهب الامني بعد عملية باريس تحسبا لعمليات جديدة في القارة العجوز، خاصة بعدما وردت اسماء 4 من قادة التنظيم المتهمين في خلية باريس على رأسهم عبد الحميد ابا عود المسؤول الاول في الخلية، وهو بلجيكي من اصول مغاربية غادر بروكسل مطلع 2013 ليلتحق بتنظيم الدولة على الاراضي السورية لكنه عاد بعد ان كلف بهجمات خاصة إحداها هجمات باريس فضلا عن شابين من الانتحاريين في الهجوم قدما من بلجيكا هما ابراهيم عبد السلام وبلال حدفي اللذان تم تجنيدهما في حي مولمبيك وسط بروكسل وصلاح عبد السلام الذي لم يفجر نفسه وفق الخطة الموضوعة وغادر مسرح العمليات بعد الهجوم.

وأكد التحقيق ان بروكسل تعد الاعلى تصديرا للمقاتلين الى سوريا والعراق وهي الدولة الاوروبية التي تحتل المرتبة الاولى في عدد الجهاديين الذين يخرجون منها للانضمام الى سوريا والعراق حيث انضم على الاقل نحو 614 من بلجيكا الى تنظيم الدولة مابين مواطنين بلجيكيين ومقيمين، كما كانت بلجيكا منذ اكثر من عقد محطة مهمة للجهاديين العابرين للحدود يخرجون منها او يحملون جنسيتها، وشكل جهاديو بلجيكا نسبة كبيرة بين المسلمين الاجانب حاملي الجوازات الاوروبية ضمن ما يسمى جنود الخلافة.

كشوفات سرية

وحصلت الجزيرة لأول مرة على اوراق وكشوفات سرية من مصادر خاصة صادرة عن الادارة العامة للحدود داخل تنظيم الدولة في سوريا والعراق والمسؤولة عن خروج المقاتلين الاجانب الى المناطق التي بات يسيطر عليها التنظيم وتضم قاعدة بيانات متطورة لتسجيل المقاتلين الاجانب بها كافة التفاصيل من حيث الاسماء الحقيقية والاسماء المستعارة واماكن السكن وكيفية الالتحاق بالتنظيم والدور الذي يرغب المقاتل القيام به.

عاصمة الجهاديين

بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي ومقر حلف شمال الاطلسي غدت عاصمة من نوع اخر فهي عاصمة جهاديي اوروبا ينطلقون منها الى سوريا والعراق لينضموا تحت راية التنظيم الذي جند خلايا نائمة ويقظة راحت تضرب في قلب العواصم الاوروبية.

" أبو دجانة البلجيكي" احد المقاتلين العائدين من سوريا التقاه تامر المسحال الذي روى كيفية ذهاب الشباب الى سوريا حيث اكد ان دوافع الانضمام الى التنظيم اهمها ما يعانيه المسلمون في سوريا بسبب المجازر التي يتعرضون لها، وكيف حضروا جيدا في الخفاء للذهاب الى سوريا منذ عام 2012 بالتزامن مع الثورات في العالم العربي، خاصة بعدما بالغ بشار الاسد في التنكيل بشعبه وتعذيب الناس لقولهم " لا إله إلا الله ".حيث كانت الشرارة التي ايقظت الجميع حيث تبين ان الكثيرين باتوا يهاجمون الاسلام السني.

شبكات التجنيد

وكشف ضابط مخابرات بلجيكي عن كيفية تجنيد الشباب وتسهيل سفرهم الى سوريا والعراق للانضمام للمقاتلين حيث بلغ عددهم من بلجيكا فقط اكثر من 600 مقاتل التحقوا بالتنظيم خلال عامي 2013 — 2014.

وفي بروكسل تنشط شبكات التجنيد حيث ان اكثر من 80 % من المستهدفين هم مسلمون من ابناء المهاجرين العرب حيث تصور لهم سوريا على انها الجنة ويذهب شخص واحد الى سوريا ثم يبدأ الاخرون اللحاق به واحدا تلو الاخر. وهم لايجندون جماعات بل افرادا يعيشون في عزلة تامة.

وتنقسم خلايا التجنيد الى ثلاث مجموعات رئيسية مجموعة خاصة بالالتقاء والدعوة والتي تقوم باختيار الاسماء وفرزها وتعتمد على مراقبة الاشخاص ومعرفة حالاتهم ضمن مناطقهم ثم تأتي لاحقا المجموعات الحركية المسؤولة بدورها عن تجهيز المهاجرين وارسالهم الى سوريا وتضم مايسمى برجال التزكية الذين يربطون الراغبين في الذهاب عبر شبكات التهريب قبل ان يصلوا الى ما يسمى بأرض الخلافة.

وهناك اشخاص معروفون في بروكسل يقومون بالتجنيد خاصة في حي مولمبيك الذي يعد خزان المقاتلين الذين يتم تجنيدهم عبر اشخاص يعرفون مسار الرحلة ومراحلها انطلاقا من الثقة بالاشخاص الذين يتم تجنيدهم، وقد ابتكر التنظيم طرقا للتجنيد واستخدم طرقا تقليدية للتجنيد كالتي كانت تستخدمها القاعدة سابقا حيث استخدمت شبكة القاعدة للتجنيد بالتنظيم عبر رقعة اوسع من الشباب المسلمين وغيرهم حيث انضم للتنظيم اشخاص غير متدينين نهائيا او مسيحيين تحولوا الى ارهابيين مباشرة.

أم صالحة

وتروي فتاة بلجيكية كيف ان اكثر من 50 امرأة اعتنقت الاسلام مبكرا مابين بلجيكيات وبريطانيات وفرنسيات وكانت المجموعة الاكثر غرابة لمعد التحقيق هي المجموعة المعنية بتجنيد المسلمين الجدد الذين باتوا رقما لا يستهان به في التنظيم. حيث يستغل التنظيم الظروف الجديدة التي يتعرض لها المسلمون الجدد خاصة الفتيات من اضطهاد وأذى خاصة اذا ارتدت الحجاب ومن ثم تفكر في الهجرة الى " ارض الخلافة الشام ".

وتروي عائلة فتاة اوروبية حديثة عهد بالاسلام كيف هاجرت ابنتهم " ام صالحة البلجيكية " الى سوريا والتحقت بالتنظيم مطلع 2015 حيث شعرت جولي " ام صالحة " بأن عائلتها تضطهدها بسبب اسلامها وتم استغلالها للذهاب الى " ارض الشام " لتؤدي واجباتها الدينية بعيدا عن " الملحدين ". وكان الشاب ياسين البلجيكي من اصول مغربية هو وراء تجنيدها واقناعها بالذهاب الى الرقة وهناك تزوجها واصبحت ام صالحة البلجيكية.

وزار فريق الجزيرة مولمبيك الحي الاشهر في بروكسل الذي يضم نسبة كبيرة من المسلمين والعرب والمتهم بأنه حاضنة العناصر المتطرفة اذ خرج منه الكثير من الجهاديين بل ان عددا من منفذي الهجمات في عمق اوروبا ولدوا او عاشوا في مولمبيك.

قصص مثيرة كشفها التحقيق حيث أوضح تامر المسحال مقدم البرنامج ان الفريق تعرض لضغوط جمة ورفضٍ من السلطات الرسمية لإجراء أي مقابلة للرد على الكثير من الأسئلة المحيرة والغامضة التي تكتنف دور الدولة البلجيكية وأجهزتها الأمنية في مواجهة تنظيم الدولة وخلاياه، رغم تأكيدها أنها في حالة استنفار لمواجهة عناصر التنظيم.