رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

468

الشرق ترصد إبداعات المثقفين خلال الصيف

01 أغسطس 2023 , 07:00ص
alsharq
طه عبدالرحمن

لا يختلف المثقفون كثيراً في أن الإبداع لا يعرف مكاناً أو زماناً، وأن قرائحهم تقودهم إلى إنتاج مشاريع إبداعية، ريثما تتوفر لها الظروف، وتتهيأ لها السُبل الكفيلة، بترجمة أفكارهم إلى نصوص سردية، أو قصائد شعرية.

غير أن فصل الصيف، يكتسب أهمية خاصة، كونه أحد الأزمنة التي قد تكون بمثابة «استراحة إبداعية» لكل الباحثين عن دعم المعرفة، عبر إنتاجاتهم المختلفة، كونه فصلاً تتوفر فيه سبل ليست مهيأة لغيره من فصول العام، حيث العطلات السنوية، وحرارة الطقس، وهي الخصائص التي تدفع للتساؤل: هل بالفعل الصيف يشكل «استراحة للمبدع»، أم أنه حافز يراجع فيه أولوياته، ويستكمل فيه منجزاته الإبداعية؟

الشرق، طرحت هذا التساؤل وغيره على شريحة من المبدعين، ضمن ملفها «المبدعون والصيف»، حيث لم تتباين إجاباتهم حول أهمية الصيف كإجازة من ناحية، وأهميته في الوقت ذاته للمبدع، ليستكمل مشاريعه الإنتاجية، من ناحية أخرى. متوقفين عند كيفية استثماره، في ظل ما يشهده من متغيرات.

د. زكية مال الله: يجب استثمار الصيف ليكون طقساً إبداعياً ممتعاً

تقول الشاعرة والكاتبة الدكتورة زكية مال الله العيسى: إن الإجازة فرصة للاسترخاء الحركي للجسد والعقل، وضرورة للاسترخاء المعنوي للخيال والتجديد، وإعادة التخطيط لما هو حاضر، وما هو آت، فهي تعزيز للأفكار والمواهب واستعادة للمزاج والإنتاج والعطاء، ولذلك يستأنس بها المبدعون ويتفاوتون في طريقة استثمارها، وتعتبر دافعاً للمزيد من الإنجاز بقدر ما يمتلك المبدع من طاقة وقدرة على التخطيط والانسجام مع الوقت والعمل الإبداعي المنوط به. وتتابع: إنه من المهم أن تكون الإجازة طقساً إبداعياً ممتعاً، بحيث يستغل المبدع الوقت لاستئناف المنجز الإبداعي مثل القراءة أو الكتابة أو التصميم أو الفن، وأيضاً يجعل المبدع لنفسه مساحة للترفيه والتواصل مع الأهل والأصدقاء والسفر إن أمكن، كما يجدر بالمبدع التواصل الاجتماعي والإلكتروني الذي يتيح له تقديم إبداعه بطريقة منظمة وتمنحه مجالاً أوسع للانتشار وتعميم المنتج الأدبي أو الفني للآخرين.

وتلفت د. زكية مال الله إلى أن الإدراك والوعي لقيمة الوعي أمر مهم للمبدع الذي يخلو بإجازته ويعتبرها مكسباً واستثماراً لمخيلته، لكن المهم هو تقسيم اليوم بين الإنتاج والتواصل والانطلاق نحو الحياة بكل مباهجها، مثل الاستمتاع بالطبيعة والرياضة والمشاركات الاجتماعية. وتقول: إن الوقت يزول، بينما الأعمال التي ينتجها المبدعون مثل الكتب واللوحات والمعمار والموسيقى والمعارف الإنسانية والعلمية هي الباقية والخالدة، ولكن هناك نواحٍ أخرى في الحياة مثل ممارسة التمارين الرياضية والذهاب إلى المنتجعات الصحية ومزاولة الرياضات الخاصة مثل السباحة والتزلج وغيرها، والتطوع جميعها تعتبر مكملة للنشاطات الإبداعية التي تستأثر ذهن المبدع، وتحظى بأولويات اهتماماته في تصريف وقت الإجازة. وتشير إلى أن للمبدع طاقة بشرية منتجة، ومن الأهمية تهيئة الأجواء المناسبة لتفعيل هذه الطاقة، والإجازة خير منقذ للاستلهام والانتعاش والابتكار لما هو جديد ونافع ومبهر، ولكن هذه الشعلة المتوقدة تحتاج لأكثر من محفز لاستمرار التوهج، ولذلك كان المزج بين التخيلي واليومي والحياتي ضرورياً للإبقاء على التآلف الإبداعي وتجديد الرؤى وجودة المنجز.

علي المسعودي:  المبدع عليه زيادة مخزونه الفكري

يشجع الأديب علي المسعودي، المبدع أن يكون انتهازياً مع مرور الوقت، لا يعطيه حتى يأخذ منه أضعافاً، فإن قرر تخصيص الإجازة للاستراحة والدعة بعيداً عن ضغوط القراءة والكتابة وهمّ الإنتاج النافع، فإنّ عليه أن يستثمر فرصة التأمل ليزيد فيه رصيد إحساسه، ويزيد من مخزونه الفكري ليجعله مادة أساسية يبني عليه عطاءاته بعد نهاية الإجازة».

ويقول المسعودي: إن المبدع إن كان قد قرّر استثمار الإجازة للعطاءات الأدبية والفكرية بأنواعها،، فأكرِم بهذا القرار وأنعم به، ففيه متعة وراحة وسياحة، فلا يعادل رفاهية القراءة شيء في هذه الدنيا، فهي النعيم المقيم في هذه الحياة، وأفضّله غالباً حتى على السفر».

محمد الجفيري: المبدع لا يستريح فكره وإن استراح بدنه

يؤكد الكاتب محمد بن محمد الجفيري، أن «كلا منا في عالمنا المتسارع اليوم يحتاج إلى شيء من الراحة بعد ذلك المجهود الكبير الذي قام به طوال العام سواء كان هذا الفرد موظفاً أو عاملاً أو فناناً، فقيام المرء بذلك المجهود الطويل سواء كان بدنياً أو ذهنياً يحتاج منه أن يعطي بدنه شيئاً من الراحة والاسترخاء حتى تتجدد لديه خلايا وهرمونات النشاط لينعم بإجازة تعود عليه بالمنفعة الكبيرة في حياته الشخصية والعملية».ويقول: إن الإجازة ضرورة من ضرورات الحياة لابد من استثمارها، والتمتع بها، حتى يعود الشخص بعدها صافي الذهن، قوي البدن، قادراً على الإبداع في مجاله وتخصصه، إذ إن المبدع لا يستريح فكره وإن استراح بدنه في تلك الإجازة، فنراه دائماً وحتى خلال استمتاعه بإجازته هذه في أي دولة، يحدق النظر في المحيط الذي حوله، ويرسل عيناه لالتقاط كل جميل يراه في دربه، وتوقفه تفاصيل صغيرة قد تصادفه في طريقه يبني عليها شعراً أو قصة أو لوحة فنية، أو عملاً رائعاً، لذلك فهو يرى أن هناك فرصة في الأماكن التي يزروها لاستخراج رائعة أدبية أو فنية لصالح عمل إبداعي قادم».

ويتابع الكاتب محمد الجفيري إن المبدع يبدو يلاحقه هوس العمل والتطلع لمواصلة الإبداع الأدبي أو الفني حيثما كان، ولا يستطيع أن يسترخي تاركاً ذلك لمجرد أنه في إجازة ويرغب في الراحة، لأن هذا لا يتوافق مع طبيعة الأديب، والفنان، والمبدع عموماً، وإن كان ذلك بالتأكيد على حساب إجازته وراحته وربما أسرته، غير أنه يجد في هذا كله متعته، لأن المبدع لا توقفه الإجازات وإن تحصل عليها، ولذلك نراه مهموما بالإبداع والإنتاج حتى في أوقات راحته وإجازته، وذلك حتى لا ينضب قلمه، ولا تجف ريشته، ولا يسكت ديوانه.

د. خالد البوعينين: الإبداع لا يعرف الزمان أو المكان

يعتبر المؤرخ والكاتب د. خالد بن محمد البوعينين، فصل الصيف فرصة كبيرة للمبدعين لإنجاز الكثير من أعمالهم الإبداعية، التي قد يكونوا قد انشغلوا عنها، بفعل أشغالهم في أوقات سابقة، ما يعني أن هذا الفصل من فصول السنة يشكل أهمية كبيرة للمبدع، كغيره من شرائح المجتمع في استثمار أوقات التحرر من أشغاله الوظيفية، خاصة وأنه يصاحب هذه الفترة من العام عطلة سنوية للجميع».

ولا يعني ذلك-  كما يقول - د. خالد البوعينين أن الإبداع قاصر على فصل الصيف فقط، «لأن إنتاج الأعمال الإبداعية متاح للمبدع في أي وقت، وفي كل حين، ما دامت توفرت له الظروف المناسبة لهذا الإنتاج، غير أن هذه الظروف قد تتاح بشكل أكبر في فصل الصيف». ويلفت إلى أن الإبداع لا يعرف وقتاً ولا زمناً، لأن إنتاجه يعتبر مشروعاً لصاحبه، ولذلك فإن المبدع عليه أن يكون دائم الانشغال بهذا المشروع الفكري والعقلي، حيث ينظر لكافة الأمور بهذا المعيار، الذي يدفعه إلى أن يقدم عبر مشروعه ما يفيد أفراد مجتمعه، وليكون أحد الأسباب الرامية إلى تحقيق نهضته». ويؤكد د. خالد البوعينين أن هذا لا يعني أن المبدع هو وحده الذي يحقق هذه المهام، غير أن هذه المهام تتعاظم بالنسبة له، في الوقت الذي ينبغي أن يقوم فيه كافة أفراد المجتمع بواجباتهم تجاه أنفسهم وغيرهم ومجتمعهم.

حمد التميمي: العطلة وسيلة لإيجاد مصادر إلهام جديدة

يصف الكاتب حمد التميمي الإجازة بالنسبة للكاتب أو للمفكر بأنها يمكن أن تكون «استراحة محارب»، ليشد بعدها العزم لمواصلة رحلته الإبداعية، «فأي شخص لاسيما الكاتب يحتاج لفترة توقف بين الفينة والأخرى لتجديد الشغف وشحن الطاقة وشحذ الهمة والأهم من ذلك مراجعة الذات ونقدها بطريقة بناءة وموضوعية بعيداً عن العاطفية والانطباعية ولإيجاد مصادر إلهام جديدة. ويقول: من أهم شروط نجاح العمل الإبداعي، الابتعاد عن الروتين والتكرار وهذا لا يحدث إلا إذا خاض الكاتب مغامرات جديدة وتعرف على أشخاص جُدد، وخاض تجارب مختلفة من خلال السفر وتعرف على ثقافات جديدة، وهو ما يحدث عادة خلال الإجازات السنوية، وهو ما من شأنه شحن الخيال وأخذه إلى زوايا جديدة بعيدة عن المألوف.

ويلفت إلى أنه من حسن حظ الكاتب القطري والخليجي أنه في بقية أشهر السنة يكون قادراً على العطاء الفكري والإبداعي، لتوفر سبل الراحة وتوفر وظائف مريحة إضافة إلى مرونة أوقات العمل التي تساعده على الإبداع على مدار السنة، «فالوظيفة لا تعتبر عائقاً أمام الكتابة والإبداع والكاتب يمكن أن يمارس حياته العملية والإبداعية بالتوازي دون أن يضيع منه أحد الخيطين بل يمكنه التميز في كليهما، وهذا ما يميز الكاتب والمفكر وهو قدرته على التخطيط وتنظيم وقته واستغلال أوقات فراغه، بل ربما تكون الحياة الوظيفية والعائلية مصدراً من مصادر الإلهام لديه، لكن هذا لا يعني أن يهجر الكاتب القلم خلال الإجازة بل من الأفضل أن يسجل الأفكار التي تراود خياله ويمنحها الوقت الكافي لتتخمر وتنضج، لتظهر فيما بعد في صورة عمل إبداعي متكامل يختطف عقول القراء ويلامس قضاياهم ويداعب أحاسيسهم. وبالنسبة له- كما يقول الكاتب حمد التميمي- معظم أفكار أعمالي سواء كانت قصصا أو روايات أو العمل التوثيقي راودتني الفكرة ووضعت الخطوط العريضة فيه خلال فترات الإجازة التي استثمرتها في التفكير العميق وتحليل ما يدور من حولي وتبين احتياجات القراء ومحاولة تقديم منتج فكري مناسب للساحة الثقافية القطرية.

مساحة إعلانية