عربي ودولي

5201

الرحالة القطري خالد الجابر يروي لـ الشرق مغامراته في الجزائر

أنهى الرحالة القطري "خالد الجابر" مغامرته في الجزائر، التي امتدت إلى أربعة أشهر متواصلة، استكشف خلال هذه الفترة تاريخ ولايات الجزائر العريقة التي لا نهاية لها، بدءاً بولاية تلمسان، ومروراً بولايتي تيبازة والشلف، وصولاً إلى ولايتي معسكر ووهران.

نقل الرحالة القطري خالد الجابر لـ الشرق، تفاصيل رحلته المليئة بالمغامرات المدهشة، والمعلومات التاريخية والحكايات الشعبية في ولايات الجزائر، حيث أكد أن السياحة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة الجغرافية سواء كانت هذه البيئة طبيعية أم من صنع الإنسان، مشيراً إلى أن المقومات الجغرافية الطبيعية من العوامل المهمة المؤثرة في نشوء السياحة.

ولاية تلمسان (لؤلؤة الجزائر)

وصف الجابر رحلته إلى صحراء ولاية تلمسان بالمدهشة، قائلاً: "كل صحراء في العالم لها هوية ولكن صحراء الجزائر وحدها لها أكثر من 1000 هوية، يجب عليك البقاء لسنوات طويلة حتى تتعرف عليها كلها".

 

كما قام بجولة في غابة أحفير، التي تعد مركزاً لتكاثر الصيد، برفقة مدير السياحة بالمنطقة، والذي قدم له شرحاً مفصلاً عن الجهود المبذولة التي يقومون بها من أجل الحفاظ على الطيور الجارحة والحيوانات، كما ذكر الرحالة خالد الجابر أن ما شاهده يعتبر من المشاريع النادرة في الجزائر تحافظ على التوازن البيئي. ومن اهم الأقطاب في تعزيز السياحة البيئية في تلمسان وكذلك السياحة الفلاحية.

 

ويحكي الجابر عن زيارته لقصر المشور، وهو قصر تاريخي، شيَّده يغمراسن بن زيان في أوائل القرن الثالث عشر، ويُلاحظ الزائر للقصر أنّه يتكوّن من جناحين خُصّصا لإقامة الملك، أحدهما مهيّأٌ لفصل الصيف، وهو مبني بالطين، بشكل يجعله باردا ومنعشا على مدار الفصل، وجناح آخر يقيم فيه الملك في فصل الشتاء، وهو مبني بالحجارة التي تجعل الجناح دافئا على مدار فصل الشتاء، وهي هندسة معمارية فريدة من نوعها كانت ترتكز على حسابات شروق الشمس وغروبها، كما يُلاحظ في قصر المشور زخرفة عربية إسلامية، تتكرّرُ فيها جملة واحدة على كلّ الجدران، وهي (العزُّ القائم بالله).. (الملك القائم بالله).

 

أما عن مرسى بن مهيدي إحدى البلديات المحاذية للحدود المغربية، يقول الرحالة الجابر: "استمتعت بالتجول فيها حيث إنها تحتوي على أحد أشهر الشواطئ في الجزائر، التي تعتبر مصيفا لكثير من السياح الجزائريين المقيمين في الخارج. وصادفت أثناء وجودي في تلمسان رفقة السيد الوالي، وجود احتفالات بمناسبة السنة الفلاحية الأمازيغية، وتعرف أيضًا بالتقويم الفلاحي (أي الريفي) نظرا لارتباطه الوثيق مع الفلاحة والزراعة في شمال أفريقيا أي من أجل تنظيم الأعمال الزراعية الموسمية".

وعند مغادرة تلمسان غرّد عبر حسابه على تويتر قائلاً: "هذه هي لؤلؤة المغرب الكبير، شامخة كشموخ أرضها قمة جوارسي، مدينة الفن والتاريخ، غرناطة أفريقيا، تلمسان أو كما افضل أن اسميها مملكة تلمسان، من أجمل الأيام التي قضيتها في الجزائر والتي اعتبرها مصباح الصعود إلى طاسيلي، شكراً لكم على الضيافة والحب".

 

ولاية وهران

وبعدها انتقل الجابر إلى ولاية وهران التي تعد ثاني أكبر مدن الجزائر بعد العاصمة، مطلة على خليج وهران في غرب البحر الأبيض المتوسط، وتعد مركزا اقتصاديا وميناءً بحريًا مهما.

زار الرحالة الجابر رفقة السيد بلعباس قايم بن عمر مدير السياحة والصناعة التقليدية لولاية وهران، أمسية للمتحف العمومي الوطني زبانة، الواقع في وسط مدينة وهران، والذي يضم العديد من الآثار التاريخية كالعملات والآثار الرومانية والأفريقية بالإضافة إلى الفسيفساء.

بالإضافة إلى الصعود إلى قلعة سانتا كروز بالدراجات مع دراجي وهران، وقيامه بمغامرة في جبل وغابة السبع المطلة على منطقة كريشتل في سيارات الدفع الرباعي، وجولة على أرجاء المدينة منها الاستوديو الذي ولدت فيه موسيقى الراي الذي اشتهرت في وهران المعروف بـ (ديسكو مغرب).

ولاية معسكر

بعد ذلك اتجه الرحالة إلى ولاية معسكر، قام بزيارة إلى سيدي محيي الدين مسقط رأس الأمير عبد القادر بالقيطنة، وبعدها اتجه نحو المبايعة الأولى للأمير عبد القادر بموقع شجرة ''الدردارة'' التاريخي المتواجد ببلدية غريس، ثم إلى "الزمالة" وهي الاسم الذي أطلق على عاصمة دولة عبد القادر الجزائري المتنقلة، الذي يشير إلى تجمع للخيام على شكل حلقي.

 

كما نقل لنا زيارته المدهشة إلى مهد أول إنسان سكن شمال أفريقيا (إنسان باليكاو) في "تيغنيف"، حيث تعد إحدى بلديات ولاية معسكر الجزائرية، وهي محاطة بجبال بني شقران والمناور والبرج، وبها حديقتان طبيعيتان كبيرتان هما العين الكبيرة والعين الصغيرة. فلقد بينت الاكتشافات والحفريات التي جرت بالمنطقة العثور على مقبرة فيلة من النوع المنقرض مما يدل على وجود حياة في هذه المنطقة منذ آلاف السنين، ويبقى الاكتشاف الأهم في التاريخ العالمي وكذا الوطني هو العثور على اقدم إنسان في شمال أفريقيا وهو رجل ما قبل التاريخ وقد اعلن عنه في أكتوبر 1952.

ولاية الشلف

غادر الرحالة خالد الجابر ولاية معسكر متجهاً إلى ولاية الشلف، وكان في استقباله مدير السياحة لولاية الشلف السيد رشيد بن دودة، وهي ولاية تقع في غرب الجزائر، وتعرف بكونها منطقة زراعية وتنتشر فيها الفلاحة بكثرة. وقام الرحالة خالد الجابر في جولة بمعرض الصناعة التقليدية، ثم زار جبال غابة بيسة في الزبوجة، وهي منطقة تقع على بعد 35 كلم شمال ولاية الشلف تتميز بطابعها الجبلي وتعد من أقدم الدوائر بولاية الشلف، وتوجد بها معالم عديدة من بين هذه المعالم جبل بيسة، وقام أيضاً بزيارة مقبرة الشهداء رفقة السلطات المحلية بالزبوجة ثم جانب من المعارض المقامة هناك.

 

وأثناء مغادرة الرحالة خالد الجابر من ولاية الشلف غرّد عبر حسابه على تويتر قائلاً: "من أواخر المحطات هي ولاية الشلف، وامتع اللحظات في أجمل بقاع الجزائر أنقى هواء بها من طرقات بني حوا الرطبة، وجبال تنس الشامخة والمتوسط السعيد بينهما، نشكركم على الضيافة".

ولاية تيبازة

ومرة أخرى يعود الرحالة خالد الجابر إلى أحضان تيبازة حيث بدأ، تيبازة التي سوف تكون آخر المحطات قبل النهاية في العاصمة، وهي ولاية تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط غرب الجزائر العاصمة، تزخر هذه المدينة بالعديد من الآثار الرومانية، وقد تم تدوينها في الآثار العالمية لليونسكو، وتعتبر واحدة من أجمل الشواطئ على البحر الأبيض المتوسط، مثل شاطئ شينوا، الذي يجمع بين الأزرق من البحر والخضرة، والإطلالة الخلابة.

ويقول عن الولاية: "نظرا لمعالمها الأثرية القيمة وأصالة تضاريسها فإن ولاية تيبازة تعرف إقبالا وتوافدا كبيرا للسياح، وتعتبر السياحة ميزة مهمة للتنمية المحلية في هذه المنطقة، حيث توجد في مدينة تيبازة مسارح ومتاحف متحركة بين الحضارة والطبيعة، ولا سيما أنها مدينة وفية لماضيها العريق الذي يرجع إلى آلاف السنين، حيث تفتح صفحاتها لزوارها لتروي لهم عن الآثار القديمة والحكايات المثيرة للحضارة الرومانية القديمة التي مرت عليها".

ويتابع: "وتأخذك المدينة في رحلة عبر الزمان لتجول بك في أحد أهم المعالم السياحية بالجزائر، ولترسم في مخيلتك صورا طبيعية وجميلة لمدينة تيبازة، وتمتعك أيضاً بالتجول بين مختلف الأماكن السياحية المتطورة من فنادق راقية وقرى سياحية ومطاعم فاخرة، فهي حلقة وصل تحتضن الماضي والحاضر وتلوح للمستقبل".