رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات alsharq
"الاضطراب العقلي الشديد" أزمة تواجه لاجئين سوريا

كان الجو باردا والظلام يلف كل شيء في عيادة الطبيب النفسي في وسط دمشق فقد انقطع التيار الكهربي قبل قليل، وهو حدث متكرر هذه الأيام في العاصمة السورية، فوضع كوفية فوق سترته طلبا للدفء. واهتدى المرضى بنور هواتفهم المحمولة كي يتمكنوا من صعود الدرج الضيق خمسة طوابق. ويقول الطبيب، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن المرضى كانوا يأتونه من شتى أنحاء البلاد، لكن في ظل الحرب الأهلية ما عاد الكثيرون يتمكنون من الوصول إلى العاصمة عبر جبهات القتال. ولم يكن الطلب على الرعاية النفسية قط أكبر مما هو الآن في سوريا.. ويجد الأطباء النفسيون صعوبة بالغة في مواكبة العدد الكبير من حالات الصدمة النفسية المرتبطة بالحرب. ومن المألوف هذه الأيام في دمشق أن يرى المرء إعلانات تحمل صور مرضى اختفوا بعد أن شردوا من بيوتهم. وحتى المرضى الأسعد حظا الذين يعيشون في بيوتهم في منطقة وسط دمشق الآمنة نسبيا ويستطيعون الاستعانة بالأطباء النفسيين القليلين الباقين يجدون أزماتهم تتفاقم تحت ضغط الحرب. الصدمة النفسية قالت جماعة المساعدات الدولية "أطباء بلا حدود" في أكتوبر، إن 15% من اللاجئين السوريين في مخيم للاجئين في العراق تظهر عليهم أعراض الاضطراب العقلي الشديد وهو ما يمثل ضعفي النسبة قبل عام. وقالت أنا ماريا تيجيرينو، وهي مستشارة للصحة النفسية لدى أطباء بلا حدود: "يرى فريقنا باطراد مزيدا من ردود الفعل والأعراض المعقدة بين اللاجئين.. وأصبحت الاضطرابات مثل الفصام والاكتئاب الحاد أكثر انتشارا ونرى كثيرا من المرضى ذوي الميول الانتحارية". ويقول الطبيب النفسي في عيادته في دمشق، إن أعداد الحالات التي يقابلها وطبيعتها اضطرته لإعادة النظر في طريقة العلاج برمتها. وقال: "نحن نقابل كثيرا من حالات اضطراب ما بعد الصدمة النفسية.. الأطفال الذين يرون الدماء والجروح البليغة، لا يستطيعون أن يتخلصوا من صورتها في أذهانهم.. ويرونها كلما طرفت أعينهم". وروى طبيب نفسي يعمل في رعاية النازحين قصة غلام عمره 12 عاما قابله راكبا في المقعد الخلفي لسيارة حاملا أخته الرضيعة والأسرة تفر من النيران. وقال الطبيب: "كانت الطفلة مصابة برصاصة وتوفيت بين ذراعيه، ويقول أبواه إنه رفض أن يتركها لفترة طويلة بعد ذلك وكان غارقا في دمها"، مضيفا أن الغلام يعاني من التبول اللاإرادي خلال النوم. ويقيم الأطباء النفسيون المحليون بمساعدة جماعات المساعدة الدولية فصولا فنية علاجية للأطفال في شتى المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة ويدربون المدرسين على التعرف على أعراض الصدمة النفسية. وتصف جولييت توما، المسؤولة في منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" هذه البرامج، بأنها أنشطة علاجية وترفيهية مثل المسرح والكتابة الإبداعية والموسيقى والرياضة. وتقول توما إن الفائدة التي تعود على عشرات الآلاف الذين يمكن الوصول إليهم واضحة.

549

| 04 مارس 2014