رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات alsharq
أحمد اليافعي مدير القناة لـ الشرق: 1.2 مليار.. مشاهدات الجزيرة في 3 أشهر

** مشاهدات الجزيرة ارتفعت بنسبة 20 % رغم كل التحديات والاتهامات ** نفتخر ونعتز بأن الجزيرة قناة الناس وأولوياتنا استيعاب جميع الآراء ** ننفرد عالمياً باحتواء شاشتنا ومنصاتنا كل وجهات النظر المختلفة ** الجزيرة أثبتت أنها الأدق في سرديتها حين انزلقت مؤسسات عالمية ** تغطيتنا لحربي غزة وأوكرانيا كشفت قربنا من قصص الإنسان ** 1.2 مليار مجموع مشاهدات محتوى الجزيرة في 3 أشهر فقط ** الجزيرة ما زالت المنصة الإعلامية التي تتفرد بتقديم مساحات لكل وجهات النظر ** كل الشكر إلى جمهور الجزيرة على ولائهم للقناة طيلة 27 عاماً ** رسالتنا انطلقت من الناس وثباتنا جعلنا الأقرب للإعلام الشعبي ووجدان الشعوب ** أولويتنا تنطلق من كل ما يهم الناس ونقل الرأي والرأي الآخر ** الجزيرة خطها ثابت في رسالتها التحريرية والتزامها بالمصداقية ** 2.6 مليار مشاهدة لمحتوى شبكة الجزيرة خلال العام الماضي ** الجزيرة ليست دولة أو حزباً لكنها مؤسسة إعلامية ذات مصداقية ** حريصون على مواكبة التطور بكل تقنياته للحفاظ على تميز الجزيرة ** الجمهور أصبح رئيساً للتحرير ونحرص على استيعاب ترتيب أولوياته ** شبكة مراسلي الجزيرة ومكاتبها في الدول تضاعفت عما كانت عليه قبل 15 عاماً قناة الجزيرة كانت الأساس والمنطلق وكانت البداية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس فتحولت إلى طموحات كبيرة ترجمت بمشاريع إعلامية رائدة تتكون منها شبكة الجزيرة التي ذاع صيتها عالميا وأصبحت النموذج والقدوة التي يسير الآخرون على درب اللحاق بها. وعلى الرغم من كل النجاحات التي حققتها الشبكة وإنجازاتها النوعية تبقى القناة الإخبارية الوجهة الأولى وصلة الوصل بين الجزيرة وجمهورها الكبير المتنامي عاما بعد عام. وهذا ما يجعل القناة أمام تحديات لا تنتهي ومنافسة شرسة مع الذات قبل أن تكون مع الفضائيات الأخرى. هذه المنافسة نلمسها في عملية التجدد الدائم والمواكبة التقنية في الاستوديوهات والمعدات وفي تعزيز شبكة المراسلين حول العالم حيث الخبر الصادق والصورة البصرية المبهرة. قيادة القناة تَعَاقَبَ عليها زملاء وأساتذة كبار في المهنة، وهي اليوم في عهدة الإعلامي القدير أحمد اليافعي الذي استطاع أن يقود سفينة القناة في أشد مراحل العواصف العاتية من التحديات والاتهامات وتمكن بجدارة أن يرسو بها على شاطئ المصداقية والنجاح والتفوق. وعلى الرغم من نجاحه وإدارته الناجحة للقناة كان الإعلامي أحمد اليافعي يتوارى خلف الأضواء ويتلافى الحوارات الصحفية متفرغا للعمل والإنجاز أكثر من الكلام. لكن الشرق بما تمثله من شراكة استراتيجية مع الجزيرة تمتد على أكثر من عقدين من الزمن استطاعت أن تنفرد بهذا الحوار الذي يعتبر الأول من نوعه في الصحف المحلية. كان الحوار عفويا وشاملا يستند إلى البيانات الإحصائية والأرقام والتي تثبت جدارة الجزيرة في التربع على عرش القنوات الفضائية العربية. حيث بلغ مجموع مشاهدات محتوى الجزيرة في 3 أشهر فقط 1.2 مليار. مشيرا إلى أن الجزيرة أثبتت أنها الأدق في سرديتها حين انزلقت مؤسسات عالمية وهي أفضل مؤسسة إعلامية متماسكة في العالم. فيـمـــا يلـي تفاصيل الحوار... أمام حالات تموضع العديد من مؤسسات الإعلام العالمي، أين موقع قناة الجزيرة في هذا السياق، وهي تستحضر اليوم ذكرى انطلاقتها السابعة والعشرين؟ الجزيرة أصبحت اليوم أفضل مؤسسة إعلامية متماسكة في العالم، تحظى بحضور واحترام عالميين لما تعرضه من وجهات نظر لقضايا الساعة. ونحن نلاحظ اليوم أن هناك مؤسسات إعلامية أخرى، بكل ما لديها من كوادر من مذيعين وصحفيين، و»أيديولوجيا» ودوافع سياسية، لكنها تاهت وانزلقت إلى «الشعبوية»، حتى أضحى الكثير منها، يعيد النظر في إعادة تموضعه مرة أخرى. لقد بدأت العديد من المؤسسات الإعلامية على المستوى العالمي تعيد تموضع نفسها بطريقة مختلفة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لتستوعب رأيًا عامًا، خاصةً وأن الإعلام الجديد فرض نمطًا معينًا لقياس فعالية الإعلام، بطريقة ما ورط بها مؤسسات إعلامية أخرى. لقد سعت هذه المؤسسات، رغم «أيديولوجياتها» الثابتة، إلى أن تكون حاضنة لدى مجتمعاتها ولكن بأسلوب جديد ولهذا السبب اختل توازنها في ثوابتها المهنية من ناحية تقديم سرديتها للأحداث، خاصة وأن كل أدبيات ومعادلات الإعلام تغيرت عما كانت عليه في السابق، لذلك أصبحت هذه المؤسسات تترنح، لتأتي الظروف السياسية، من حربي أوكرانيا وغزة، وتكشفها أكثر، فتنزلق إثر ذلك انزلاقاً قويًا. وحقيقةً أقول إن الجزيرة - وبفضل من الله تعالى ثم للمؤسسين، ومن ورثنا عنهم هذه المؤسسة- أصبحت أقوى مؤسسة إعلامية في العالم تماسكاً، ودون نقاش في ذلك، فنحن حتى وفي عزّ الاتهامات التي توجه وتكال لنا، ظلت الجزيرة المنصة الإعلامية التي تتفرد بتقديم مساحات لكل وجهات النظر المختلفة بل ولكل السرديات حتى المتناقضة والمتصارعة منها في الميدان. وحتى يكون الحديث عمليًا في هذا السياق، فإنني أشير هنا إلى نسب مشاهدات الجزيرة والتفاعل مع ما تقدمه من محتوى، أصبح في تزايد عما كان من قبل بنسبة لا تقل عن 20 %، وهي نسبة زيادة كبيرة، ولا شك في أن ذلك يؤكد ما ذهبت إليه في بداية حديثي من أننا أقوى المؤسسات الإعلامية تماسكا اليوم. ملامح التماسك وبرأيك، ما ملامح هذا التماسك الذي حافظت عليه الجزيرة، بما أضفى عليها تميزًا على الصعيد العالمي بالنسبة للمؤسسات الإعلامية؟ هذا التماسك، يبدو في ثوابت الجزيرة، كما يبدو في ثباتها وثقتها، وكذلك في فهمها للسرديات بطريقة متزنة وثابتة، دون أن تعبأ بأية محاولة لجرّها في تجاذبات أخرى، مع إدراكها بأن هناك إعلاما جديدا يأخذنا جميعًا في مسارات وواقع آخر، غير أنه مع ذلك كله، فقد ظلت الجزيرة ثابتة أمام كل هذه التحولات. وهنا أؤكد أن هذا الثبات، هو الأقرب في بوصلته للناس، حتى في وجود ما يسمى بـ «الإعلام الشعبي» الآن، إذ إن ردود فعله لا تتناقض مع الجزيرة، لأننا كقيمة ورسالة ننطلق من الناس في الأساس ونتوجه إليهم ومن أجلهم، ولذلك فإن هناك تماشيا مع هذا الإطار، بعكس غيرنا الذي فقد التوازن في هذا السياق. ثبات الجزيرة وهل يمكن القول إن هذا التماسك، جاء نتيجة انحياز الجزيرة إلى الحقيقة؟ ربما، يكون الوصف الأدق لحال الجزيرة على ما هي عليه اليوم، أنها الأكثر تماسكًا قياسًا بالمؤسسات الإعلامية الأخرى، على مستوى العالم، وهذا التماسك يعكس ثقة وثباتًا، على نحو ما سبق وأشرت. ثقة في رسالتها وثباتا على نجاحها. وهل نستطيع القول اليوم، والجزيرة تحتفل بذكراها السابعة والعشرين، أنها أصبحت أكثر نضجًا؟ نعم الجزيرة في مرحلة أفضل مما كانت عليه في أي مرحلة أخرى، مقارنة بمؤسسات إعلامية عالمية أخرى، من حيث التماسك والثبات. الأفضل تماسكًا وأمام ما يبدو جليًا من انهيار لمنظومة القيم الإعلامية لدى العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى في العالم، كيف حافظت الجزيرة على قيمها وثوابتها؟ مع كل الاحترام للجهود الطيبة والتاريخية السابقة فيما يتعلق بالجزيرة عبر السنوات السابقة، إلا أن الجزيرة اليوم- كما ذكرت- أصبحت أفضل منظومة إعلامية في العالم، وإن كانت في فترات معينة، هى أفضل بالطبع، في ظل ما كان قائمًا في السابق من منظومات أخرى في الساحة، غير أن الجزيرة اليوم أصبحت أفضل وسيلة إعلامية متماسكة على مستوى العالم. سر النجاح وما السر وراء احتفاظ الجزيرة بكل هذه النجاحات في السابق، وتفوقها حاليًا لتصبح الأكثر تماسكاً على مستوى المؤسسات الإعلامية العالمية؟ سر النجاح في ذلك، أن الجزيرة تحترم جمهورها، وهذا أمر مهم للغاية، وليس لهذا علاقة بالمنظومة في الوقت نفسه، فلو أن هناك منظومة جديدة ولديها أفضل التقنيات، لكنها في السردية التي تقدمها لا تحترم الجمهور، فسيدرك الناس عندها أن هذه المنظومة لا تشبههم، حتى لو كانت هذه «موضة»، فإنها ستكون لفترة، وستندثر. ومن هنا، أؤكد أن الجزيرة خطها ثابت، من حيث رسالتها التحريرية وقيمتها ومهنيتها، إذ إنها دائماً تناقش ما يهم الناس، وهو ما نلتزم به على الدوام. تطوير الأداء مع هذا الثبات للجزيرة، أين تضع التطوير في أدائها في مختلف المراحل والتجارب التي مرت بها؟ نحرص دائماً، وفي كل المراحل، ومع كل التجارب، على تطوير أداء الجزيرة، من حيث الأدوات والقوالب والتوزيع، ولكن مع حرصنا ورغبتنا في هذا التطوير، إلا أن الجزيرة لم تغيّر في سردياتها، لأننا قناة تمثل اهتمامات الناس، وهذه ثقة تضفي على الجزيرة مصداقية أكثر بين الناس. قناة الناس وهل يصدق بالتالي وصف الجزيرة بأنها «قناة الشعوب»؟ أفضل القول بأن الجزيرة قناة الناس، وهذا ما نفخر ونعتز به، وذلك لأن وصف «الشعبوية»، يدخلنا في مسارات أخرى، ولذلك فإن أدق وصف للجزيرة بأنها قناة الناس، حيث نفتح المجال للجميع، لمناقشة كل ما يهمهم من قضايا مختلفة. أولويات الجزيرة في هذا السياق، ما أولويات الجزيرة في معالجاتها، وفي كل ما تطرحه من قضايا؟ أولوياتنا في معالجاتنا تنطلق من كل ما يهم الناس، دون إلغاء المعايير، والتي هي موجودة بالأساس، ولذلك، فإنه انطلاقًا مما يهم الناس، فإننا نقدم الرأي والرأي الآخر، دون إغفال السبق الصحفي، مع التزام الدقة. وأخلص في هذا السياق، إلى القول إن كل معالجاتنا تنطلق من كل ما يهم الناس. التطوير التقني وفي هذا الإطار، أين تضع التطوير التقني الذي تشهده استوديوهات الجزيرة عامًا بعد الآخر، وخاصة مع حلول ذكراها السنوية؟ هذا أمر طبيعي، جرت عليه العادة، فالمؤسسات الإعلامية دائمًا ما تكون لها متطلبات في كل مرحلة إعلامية، وإن كنا نطمح إلى تطوير أكثر، في ظل تسارع الإعلام، بعدما أصبح هذا التسارع مخيفًا أكثر من أي وقت مضى. الوصول للتميز وما الذي تطمحون إلى تحقيقه في المستقبل، في هذا الجانب من التطور التقني؟ الجزيرة تطمح دائماً إلى الاستمرار بالتميز، وأن تكون الأفضل دائمًا، مواكبة منها لكل تطور تقني. لا شك أن الحفاظ على التميز يعد تحدياً، فهل تضعون في اعتباركم مثل هذه التحديات؟ بالطبع، هو تحدٍ بالفعل، ولذلك نحرص دائماً على مواكبة التطور التقني، في هذا السياق. مبادرات جديدة على ذكر الحديث عن الوصول إلى قضايا الناس، فإن التطور التقني من السهولة الحصول عليه بالمال، لكن هل هناك مبادرات جديدة للجزيرة لتحافظ على هذه المكانة بين الناس، لتظل في أولوية معالجاتها الصحفية؟ لابد من الاتفاق على أمر مهم، وهو أن الجمهور نفسه أصبح رئيسًا للتحرير، ولذلك فإننا كلما أوجدنا طريقة جديدة تحفظ لنا ثوابتنا في المعالجة، وفي الوقت نفسه تسمح لنا استيعاب ترتيب الجمهور لأولويات قصصه، أعتقد أنه أمام كل ذلك، فإن المستقبل سيكون أفضل بالنسبة لنا، بحيث نقلل من الإملاء عليه، وفي الوقت نفسه نزيد من الاتفاق على أن كل ما يهم الناس هو يهمنا أيضاً. صور تفاعلية وهل هذا يعد شكلاً من أشكال الصور التفاعلية بين قناة الجزيرة والجمهور؟ هذا – بالطبع- قالب، ولكنه قالب كلاسيكي، ولذلك ينبغي أن يتكامل مع الأشكال السابقة، الأمر الذي سيحقق بدوره مستقبلاً ناجحاً للقناة على مدى 20 عاماً قادمة. وبرأيك، كيف يمكن إحداث هذا التكامل؟ نعمل حاليًا على إحداث هذا التكامل بالفعل، لذلك فإن مشاهداتنا أصبحت في ازدياد، مع زيادة قصصنا أيضاً، ومع انتقاء «أجندتنا» الإخبارية على الشاشة وفق المعايير الاعتيادية، فإننا نقحم فيها ما يتداوله الناس، أو مما جعل منه الناس قصة وأولوية. ولذلك، فإنه حين تتوافر المعايير المهنية لهذا كله، فسيؤدي إلى مزيد من تفاعل الناس معنا، وذلك لأنه لم يعد هناك مجال للنخبوية بالإملاء على المتلقي قصصًا معينة، لأن هذه حالة لم تعد مقبولة. وأؤكد أننا قطعنا حتى الآن قرابة 20% مما نأمل تحقيقه، لأن هناك حذرا فيما يتم تقديمه من أطروحات، تجنباً لأي انزلاق. ولذلك نقترب مما نسعى إلى تحقيقه شيئاً فشيئاً، بالشكل الذي سيحقق لنا في ذلك مستقبلاً أفضل. نسب المشاهدة ما تقديرك لنسب المشاهدات الأخيرة لقناة الجزيرة؟ أستطيع أن أؤكد أن نسب المشاهدة لقناة الجزيرة مرتفعة للغاية، ولدينا في ذلك مقاييس لرصد نسب المشاهدة، والتي تبين ارتفاعها بالفعل، وهذا الارتفاع لا يشكل لنا مفاجأة، كونه أمرًا طبيعيًا بالنسبة للجزيرة، إذ كان هناك ارتفاع في الأساس لنسب المشاهدة للجزيرة، قبل الحرب على غزة، ومعركة «طوفان الأقصى»، والتي زادت معها وبعدها نسب المشاهدة. هل هذا يعني أن نسب المشاهدة للجزيرة لا تقتصر على التغطيات المفتوحة أوقات الأزمات التي تغطيها القناة، وأن هذه النسب في ارتفاع من وقت لآخر، سواء بالنسبة للمشاهدة التلفزيونية، أو وجودها عبر المنصات الرقمية المختلفة؟ نعم، فلدينا نسب مشاهدة مرتفعة بالفعل، وتتزايد من وقت لآخر، وبأرقام قياسية، وخاصة مع بدء الحرب على غزة. فروقات المشاهدة هل يمكن القول إن الجزيرة خلال الفترة الأخيرة، أحدثت فروقات بالنسبة للمناطق التي كانت أقل مشاهدة للقناة الإخبارية؟ نسب مشاهدة الجزيرة في تزايد بالفعل، وأذكر في هذا السياق، أنه حتى في ظل أكثر الأزمات التي كانت تواجه الجزيرة، وإغلاق مكاتبها، فإن نسب مشاهدتها من تلك الدول كانت تصل إلى 20 %، ما يعكس مدى الثقة التي كانت وما زالت تحظى بها الجزيرة. تزايد مكاتب الجزيرة هل هذا يعكس، أنه أصبح هناك تفهم اليوم من جانب البعض، لما تقدمه الجزيرة من سرديات؟ نعم، ولذلك توسعت الجزيرة في فتح مكاتبها بالعديد من دول العالم، إذ تزايدت أعداد مكاتبها اليوم، بشكل يفوق ما كانت عليه قبل 15 عامًا مضت. انتفاء الضغوطات في هذا السياق، ما حجم الضغوطات التي تتعرض لها الجزيرة حاليًا، مقارنة بما كانت عليه في السابق؟ أؤكد أنه لم تعد هناك ضغوطات تذكر. وهل هذا ينسحب على الدول التي توجه لها الجزيرة انتقادات؟ ماذا تقصد بمفهوم الانتقاد لدى البعض؟ لأننا ندرك أن العبرة بالقصص التي تقدمها الجزيرة، والتي تنقلها عن واقع ما يجري، ولذلك فإن القصص المروية هي التي تنقل هذا الواقع، وهو ما قد يتسبب في عدم رضا البعض. ومن حُسن الحظ أنه خلال السنوات السبع الأخيرة، لم تكن هناك مشاكل تُذكر، ومن ثم يرى البعض أن هناك انخفاضًا في سقف التغطيات. وهنا، أشير إلى حقيقة مهمة، أن الجميع بدأ يستوعب ما يجري، بأنه لم يعد أحد يستطيع أن يفرض سرديته بالقوة، خاصة وأن العبرة بسردية ما هو واقع. ودائماً أقول لزملائي، عندما يرصدون خبراً، قد يكون محفوفًا بملاحظات، أو تحفظات معينة، حينها أقول لهم: هل إذا لم تغط الجزيرة هذا الخبر، فهل هذا يعني أنه لن تتم معرفته في أوساط الجمهور؟ ودائماً، نخاطب غيرنا – وخاصة ممن لديهم مواقف مسبقة ضد الجزيرة- لحثهم على الظهور على شاشتنا، بأنه يمكن الظهور على الجزيرة للتعبير عما يرونه بالنسبة لهم، وعرض وجهات نظرهم، ليشاهدها قرابة 300 مليون مشاهد، ليكون ذلك أفضل لهم عن غيرنا، والذين قد تتم مشاهدتهم بعدد أقل بكثير. ثقة المشاهدين عالمياً في هذا السياق، ما نسب أو عدد المشاهدات لقناة الجزيرة حول العالم في الوقت الحالي؟ أستطيع القول إنه في الربع الواحد من العام، أي في خلال ثلاثة أشهر فقط، تم رصد مجموع مشاهداتنا بنحو 1.2 مليار مشاهدة، وهذه المشاهدات أصبحت في تزايد حاليًا، حتى باتت تصل إلى أرقام خرافية، ما جعل مشاهدات الجزيرة تتجاوز أكثر من مليار مشاهدة على مستوى العالم. خلال العام الماضي، تم رصد أعداد مشاهدات شبكة الجزيرة الإعلامية بنحو 2.6 مليار مشاهدة، وهذا ينسحب على جميع مشاهدات قنوات الشبكة عبر مختلف المنصات الرقمية للشبكة، وذلك بكل أشكال التفاعل، ما يعكس تلك الثقة الكبيرة التي تحظى بها الجزيرة حول العالم. تميز الجزيرة وهل هذا يعطينا مؤشراً على أعداد مشاهدة سكان الكرة الأرضية للجزيرة؟ بالفعل، هذه المشاهدات تعكس أن نسبة 40 % من سكان الكرة الأرضية يشاهدون بشكل ما محتوى شبكة الجزيرة الإعلامية. وفي هذا السياق يمكن القول إن قناة الجزيرة الإخبارية تشكل 40 % من إجمالي الشبكة الإعلامية.وكل هذه الأرقام تحترمها الجزيرة، وتقدرها في الوقت نفسه، وهو احترام وتقدير لجميع جمهورها حول العالم. وفي هذا السياق، أشير إلى أن تياراً سياسيا يمينيًا من إحدى الدول كان مقاطعاً لقناة الجزيرة، بدعوى أن لديها موقفًا منه، وأنها لا تسمح بعرض وجهات النظر الأخرى، غير أن هذا التيار، وفي الفترة الأخيرة، أصبح يحرص على الظهور على شاشة الجزيرة، بعدما أدرك أننا لا ننظر إلى خلفياته الفكرية، ولا ننظر بأحكام مسبقة إلى ما يطرحه، سواء اتفقنا أو اختلفنا معه. ولاحظ هذا التيار أن عدد مشاهداته على الجزيرة، وصل إلى 1.2 مليون مشاهدة، وذلك بعد مرور أسبوع تقريبًا على ظهوره على شاشتنا، وذلك مقارنة بظهوره على شاشة إخبارية أخرى، لم يشاهده عليها سوى 70 ألف مشاهدة تقريبًا.لذلك، فإن مثل هذه النظرة تجاه الجزيرة، بدأت في الاختفاء، بعدما أصبحت كل المقاييس والمعايير واضحة للجميع، بل وأصبحت أكثر وضوحًا، على عكس ما كان عليه الحال من قبل. ولاء الجمهور وأخيرًا.. ما الكلمة التي تود أن تخاطب بها مشاهدي الجزيرة عبر جريدة «الشرق»، بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لانطلاقة القناة الأشهر عربيًا وعالميًا؟ أود أن أتوجه بالشكر إلى جمهور الجزيرة على ولائهم للقناة، فإذا كانت الجزيرة قد حققت خلال السنوات الأخيرة، أعلى نسب وأرقام مشاهدة ومصداقية، فإنها قد حظيت بالتالي بأعلى درجات الولاء من جانب جمهورها، إذ إن هناك من قد يصله خبر من مصادر أخرى، غير أنه يتوقف عنده، ما دامت الجزيرة لم تبثه، وهذا يعني ثقة كبيرة من جانب مشاهدينا حول العالم بحق الجزيرة، نقدرها ونثمنها عاليًا. وفي هذا السياق، نتوجه بالشكر إلى جمهورنا على ولائه، وثقته في الجزيرة. وأؤكد له أننا سنظل أوفياء له، إذ إن رأس مالنا الإعلامي هو ثقة الجمهور في مصداقيتنا. وعليه، فإننا نجدد العهد بالحفاظ على هذه الثقة، وتلك المصداقية. جديد الجزيرة ما الجديد الذي تحمله قناة الجزيرة، وهي على أعتاب العام الثامن والعشرين من عمرها؟ أؤكد استمرار السياسة التحريرية لقناة الجزيرة كما كانت، دون أن يخضع ذلك للنقاش. هل تخضع قناة الجزيرة نفسها لمواءمات مهنية معينة، تبعًا لأي تطور سياسي قد تشهده المنطقة، إقليميًا أو عربيًا؟ ينبغي ألا يتم تضخيم الجزيرة، ومنحها وصفا ليس لها، فهي ليست دولةً أو حزبًا، ولكنها مؤسسة إعلامية. وفي هذا الإطار، يُحسب لدولة قطر إطلاقها لهذا المشروع الإعلامي الرائد، بكل ما قد يحيط به من تحديات، إذ إن بث قناة إخبارية بهذا السقف وهذه المهنية في هذه المنطقة، أمر ليس من السهولة بمكان، فضلاً عن أن يبقى هذا المشروع ناجحًا طوال هذه المدة. ودائمًا، أقول إن الإعلام انعكاس للواقع، ومن جانبنا، نعكس هذا الواقع بكل حقيقة ومهنية، دون الكيل بمكيالين، وعلى ضوء ذلك نتعامل مع الواقع بهذا الشكل. وهنا، أشير إلى أنه أصبحت لدينا مكاتب في العديد من الدول التي كانت تقاطع الجزيرة في السابق، ووقت أن تكون هناك سرديات معينة في مثل هذه الدول، فإن الجزيرة تحرص على أن تكون ناقلة لها بكل مهنية ومصداقية. ولذلك، فإنه وقت أن تتوافر في الواقع سردية ما لدى البعض، أو منعطف تُبني عليه هذه السردية، فإننا نصبح ناقلين لهذه السردية بكل مهنية. وحقيقة، أتوقف عند من كان لديه موقف مسبق من الظهور على شاشة الجزيرة، وأراد الظهور عليها لاحقًا، فمثل هذه النوعية، لا نقف منها موقفًا معاديًا، أو نتعامل معها بأثر رجعي، إذ إنه ليست لدينا مواقف مسبقة من أي طرف.

5176

| 31 أكتوبر 2023

محليات alsharq
د. مصطفى سواق المدير العام للشبكة: قطر لا تتدخل مطلقاً في عمل الجزيرة

** قطر لم تتدخل في عمل الجزيرة مطلقاً طوال مسيرتها ** صمود قطر ضد تحديات الجزيرة أدى لاستمرار الجزيرة إلى يومنا ** نعتمد على نقل الحقيقة كاملة في تغطيتنا للعدوان على غزة ** لا نبيض وجه «الإسرائيليين» واستضافتنا لهم لكشف حقيقتهم أمام المشاهدين ** اتهامنا بالإرهاب ترهيب للجزيرة وخدمة لأغراض خاصة ** جرأة الجزيرة المهنية جعلت الشعوب العربية تلتصق بالشاشة ** الجزيرة تبث ما لا تبثه القنوات الغربية ** الجماهير العربية داعمة للجزيرة بشكل منقطع النظير ** نحن إعلام ولسنا دولة أو مؤسسة إسلامية أو صهيونية أو أمريكية ** رغم كل التحديات.. الجزيرة وقفت صامدة على مبادئها ** الجزيرة ليست مسؤولة عن الربيع العربي أو تداعياته ** ليس من مهام الجزيرة أن تصنع أحداثًا غير وظيفتها الإعلامية ** لا نمانع في لقاء بشار الأسد وفق حوار حقيقي وجاد نرحب بـ «جزر» أخرى تنافس الجزيرة لخدمة الشعوب ** نقدم للشعوب محتوى إعلامياً متميزاً بمضمون لا ينحرف عن الحقيقة ** غير مطروح حالياً أن يحل «الروبوت» محل المذيع البشري بلغ الأمريكيون درجة من الغيظ والغضب تجاه الجزيرة جعلتهم يقصفون مكتبنا في كابول ويقتلون مراسلنا في العراق ** الرئيس مبارك أول من أطلق على الجزيرة مسمى «علبة الكبريت» عندما زار مبناها الصغير ** شهادة للتاريخ.. الجزيرة استمرت بفضل رفض الأمير الوالد كافة الضغوط لإغلاقها ** نتمسك بـ «الرأي والرأي الآخر» وفق قيم الجزيرة ** الجزيرة نجحت في مشاريعها.. ولدينا الجديد ** هناك ملايين من المشاهدين للقناة الإخبارية العربية في أمريكا وأوروبا ** الإعلام الحر في عالمنا العربي يواجه التحديات ويتعرض للاتهامات ** التحديات بلغت أوجها عندما طالبت حكومات عربية بإغلاق قناة الجزيرة ** جورج بوش كان يتحدث عن الجزيرة ويصفها بأنها «قناة الإرهابيين» ** جرأة الجزيرة في بث الأخبار وأسلوبها في التغطية جذبا الشعوب العربية قبل 27 عاماً، انطلقت قناة الجزيرة، من العاصمة الدوحة، وتحديداً يوم الجمعة، الأول من نوفمبر عام 1996، لتصبح أول قناة إخبارية عربية مستقلة، لتشكل وعي المواطن العربي، والذي لم يكن يشاهد أمامه وقتها سوى رأي أحادي فقط. ومنذ بدايات النشأة، وإلى اليوم، والجزيرة ترفع شعارها الأشهر «الرأي والرأي الآخر»، لتودع بذلك مرحلة من مراحل الإعلام العربي، ظل فيها صوت الإعلام الرسمي سائداً، مع غياب الرأي الآخر، لتفتح الجزيرة من خلال إطلالتها آفاقًا جديدة، في عالم الإعلام، بنقل الحقيقة الكاملة إلى المشاهد، دون نقصان. وعلى خلفية التزامها بالقيم المهنية، والمبادئ الأخلاقية، فقد تعرضت الجزيرة لتحديات جمة، فقدت على إثرها العديد من صحفييها، بين قتيل وجريح وموقوف، فضلاً عن حالات غلق مكاتبها في بعض الدول، وممارسة انتهاكات صحفية ضد حريات طواقمها. غير أن الجزيرة، وعلى مدى كل هذه السنوات، وقفت صامدة راسخة على مبادئها المهنية والأخلاقية، لا تحيد عنها قيد أنملة، مستمدة صمودها هذا من رفض دولة قطر لجميع الضغوط والتحديات التي واجهتها، بسبب مهنية الجزيرة، دون تدخل أو توجيه في بوصلتها الإعلامية. ونتيجة لمهنيتها، والتي فاجأت بها الإعلام العربي في بواكير نشأتها، فقد وصفها البعض بأنها «علبة كبريت»، ظنًا منهم بأنها تشعل صراعات ونزاعات مختلفة، ليتحقق للجميع بعد ذلك صدق الهدف الذي انطلقت من أجله، وهو نقل الحقيقة كاملة، بكل ما تحمله الصورة، وما يتضمنه الخبر، دون إغفال الوقوف على ما وراء الخبر، وتحليله بشكل كامل من مختلف الزوايا، ما جعلها أعظم شبكة إعلامية يشار إليها بالبنان. هذه الحالة الفريدة في مجال الإعلام، جعلت من الجزيرة «ظاهرة»، كما وصفها كثير من الباحثين والدارسين والإعلاميين، عندما جعلوها نقطة تحول في مسار الإعلام العربي والعالمي، فأخضعتها المؤسسات الأكاديمية المختلفة للدراسة، والوقوف على ما أصبحت تتمتع به من «تأثير» قوي ليس في المجال الإعلامي فحسب، وإنما في السياسة والعلاقات الدولية. واليوم، والجزيرة على أعتاب عامها الثامن والعشرين، تستحضر الشرق، بواكير النشأة، ومراحل التطور، من خلال جولة في صروح ونوافذ شبكة الجزيرة المختلفة، لترصد للقارئ عبر عدة حلقات ، كيف كانت البداية، وما شهدته من تطور، أصبح يشار إليه بالبنان، وأبرز مراحل التحول. وفي هذه الحلقة، تلتقي الشرق، الدكتور مصطفى سواق، المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية بالوكالة، ليتحدث عن بدايات النشأة، وطبيعة الضغوط التي واجهتها الجزيرة في مهدها، وما إذا كانت هناك تدخلات من دولة قطر في توجيه الجزيرة، بما يخدم مصالحها، وخاصة الخارجية. غير أن د.مصطفى سواق، يؤكد أن قطر ومنذ انطلاق الجزيرة، تعرضت لقدر هائل من الضغوط لإغلاق الجزيرة، ورغم ذلك لم تدخل يومًا ما في توجيه الجزيرة بأي شكل من الأشكال، أو محاولة فرض أي إملاء عليها. ولم يغفل الحوار، الوقوف عند سر استمرار الجزيرة كل هذه السنوات، بكل ما تتمتع به من جرأة ومهنية، علاوة على تناول أبرز ما تعرضت له الجزيرة من اتهامات، فضلاً عن التعرف على معايير تغطيتها للعدوان على غزة، وما إذا كانت صانعة للحدث، أم ناقلة للخبر، وتحليل جوانبه من كافة الجوانب، إلى غير ذلك من تساؤلات ظلت تطارد الجزيرة منذ أكثر من ربع قرن، وإلى اليوم. فيـمـــا يلـي تفاصيل الحوار.. نستذكر اليوم 27 عاماً من مسيرة غير تقليدية للجزيرة، فما قراءتكم لهذه المرحلة، طوال هذه المدة، وأبرز المحطات التي مرت بها؟ بداية، أود توجيه الشكر لـ الشرق على استضافتها، كما أوجه لها التحية والتهنئة على تطورها الدائم وما تقدمه للإعلام العربي، مما تفخر به الجريدة، وما تفخر به دولة قطر. وعودة للإجابة عن السؤال، فإن الذين فكروا في إنشاء الجزيرة - وهذا ما سمعته من بعضهم- لم يكونوا يتصورون، ولا حتى في أحلامهم، أن الجزيرة ستصبح ظاهرة، وهي ظاهرة حتمًا، تجاوزت كل التوقعات، لأنها وقت ظهورها، لم يكن يُرى في العالم العربي غير إعلام يمثل بوقًا للسلطة، والدعاية لها بالدرجة الأولى، وكذلك الهتاف للحكام، ونشر ما تريده السلطات أن تنشره، سواء كانت حقائق في صالح السلطة، أو أكاذيب تريد أن تخفي بها الحقائق عن الشعوب. غير أنه كانت هناك بعض الاستثناءات - وإن كانت بسيطة - وبدت خجولة، ولذلك عندما انطلقت الجزيرة لم يكن أحد يفكر في أنها ستكون كما كانت منذ أول يوم، وإلى اليوم، إذ كان البعض يتوقع أن يكون الافتتاح بظهور حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى على شاشتها، وإذا بالخبر الأول يكون عن قضية مهمة، وبالتالي كان الاهتمام بالموضوع، هو المعيار الأساسي في عرضه للجمهور. وكانت هذه إشارة إلى ما ستكون عليه الجزيرة، وهذا الذي حدث بعد ذلك، ليأتي السؤال: كيف تطورت الجزيرة كل هذه السنوات، حيث بدأت بساعات قليلة، لتصبح قناة تبث 24 ساعة دون انقطاع، وفي أغلب الحالات دون إعادة للبرامج، إلا في حالات بسيطة، كانت بحاجة إلى إعادة، ولذلك كانت المادة التي يتم بثها عادة، مادة أصيلة بالدرجة الأولى. كما أن الجرأة التي ظهرت بها الجزيرة في بث الأخبار وتصويرها والطريقة التي تصاغ بها، وما تقدمه من صور، فضلاً عن إبرازها للعلاقة المهنية بين الصورة والنص، وجرأة تناولها لما كان محظوراً قبل ذلك، كل هذا جعل الشعوب العربية تلتصق بالشاشة، من أجل مشاهدة الجزيرة. هذا ما عرفناه، ولم يكن ذلك قائماً في العالم العربي فقط، بل وصل الحال إلى العرب المقيمين خارج العالم العربي، ولا تزال لدينا الآن جماهير واسعة للغاية، في أمريكا وأوروبا، حيث هناك الملايين يشاهدون القناة الإخبارية العربية، فضلاً عن مشاهدتهم لاحقًا للقناة الإنجليزية، وما ظهر كذلك من منتجات للقطاع الرقمي. إذن، هذه الظاهرة فاجأت العالم العربي أولاً، ثم بعد ذلك فاجأت الغرب، وخاصة مع ظهور القضايا المتعلقة بأفغانستان والعراق، وتناول الجزيرة لهذه القضايا، وعندها بدأ الغرب يعرف عن الجزيرة ما لم يكن يعرفه عنها سابقًا، بعدما كان يسمع عنها فقط، قبل ذلك، حتى أصبحت القنوات الدولية تنقل عن الجزيرة، وفي الوقت نفسه تهاجمها، إذ كانت الجزيرة تبث ما لا تبثه القنوات الغربية. أي أن جرأة الجزيرة، كانت تتجاوز بكثير جرأة القنوات الغربية، كما تجاوزت مهنية الجزيرة مهنية المؤسسات الغربية، التي كانت تحمل لواء الإعلام، وهذا كله أعطى دفعة قوية للجزيرة، وكذلك للعاملين فيها، وهو ما جعلنا في تحدٍ بأن نتجاوز أنفسنا، وليس فقط الآخرين، وحينها أصبحت المنافسة مع الذات. وأتذكر أنه أثناء عملي في مكتبنا في لندن، كان الصحفيون والمواطنون الغربيون يطلبون ترجمة ما تبثه القناة الإخبارية إلى اللغة الإنجليزية، حتى يتمكنوا من متابعتها، في الوقت الذي لم يكونوا يطلبون فيه إنشاء قناة إنجليزية، بقدر مطالبتهم بترجمة ما تبثه القناة العربية. ظاهرة الجزيرة مع إشارتكم إلى أن الجزيرة ظاهرة، فإن الظواهر عادة لا تستمر طويلًا، ورغم ذلك استطاعت الجزيرة الاستمرار، وأحدثت تحولاً، حتى أحدثت ما يوصف بانقلاب في الإعلام العربي، وعلى إثر ذلك واجهت تحديات الاستمرار على مدى 27 عاما، فما أبرز هذه التحديات؟ كانت هناك تحديات من العالم العربي، وكذلك تحديات أخرى من بقية العالم، ففي العالم العربي تم إغلاق مكاتب الجزيرة، ومطاردة صحفييها، وكذلك حرمانهم من الحصول على بطاقات الاعتماد للعمل، رغم الموافقات المسبقة، بل وسجنهم لفترات طويلة، وفي بعض الأحيان قتلهم. ولا شك أن الإعلام الحر دائمًا يواجه مثل هذه التحديات في العالم العربي، والتي بلغت أوجها، عندما قامت بعض الحكومات العربية بمطالبة دولة قطر بإغلاق قناة الجزيرة. أما الذي جعل الجزيرة تستمر كل هذه السنوات، فهي تلك المواقف الشجاعة لدولة قطر، ولصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والذي رفض كافة الضغوط لإغلاق الجزيرة، ما جعل الجزيرة تصمد أمام كل تلك الضغوط الهائلة. وأنا عادة لا أمتدح السلطات مهما كانت، حتى لو كانت السلطة القطرية، غير أننا في هذه الحالة أمام قضية تاريخية، وليس في ذلك مديح، لأننا أمام حقيقة قائمة بالفعل. ولذلك، لو لم يكن هذا الصمود من جانب دولة قطر، وتلك الشجاعة التي قوبلت بها هذه التحديات، لربما أُغلقت الجزيرة في بداياتها، إلا أن الجزيرة استمرت. كما كانت الجماهير العربية داعمة للجزيرة بشكل منقطع النظير. وهنا أشير إلى أن الصحفي الذي يعمل في الجزيرة في أي بلد عربي، يواجه بمثل هذه التحديات، وعندما يأتي إلى قطر للإقامة فيها، فإنه يجد فيها الأمان. وحقيقة لم تتخل الجزيرة في أي يوم من الأيام عن أي من إعلامييها، مهما حدث، وفي حالات كثيرة، عندما قُتل بعض صحفيي الجزيرة، أو سجنوا، قامت الجزيرة بالعناية الكاملة بعائلاتهم، طوال المدة، دون تأخر، ودون أي تردد. أما في غير العالم العربي، فنحن نعرف كيف كان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، يتحدث عن الجزيرة، ويصفها بأنها «قناة الإرهابيين»، لدرجة أنه في اجتماعه في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، يبدو أن هناك من اقترح قصف الجزيرة، للانتهاء من هذا الصداع، والغريب أن وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد - والذي كان أحد منتقدي الجزيرة علنًا في الاجتماعات- أجرى فيما بعد عدة مقابلات مع الجزيرة، يمدحها، ويقول إن عملها جيد. لذلك، يتضح أن مثل هذه المواقف كانت ترتبط بمصالح آنية، لأن الجزيرة كانت تفضح ما كان يقوم به الأمريكيون، في الوقت الذي كانت تقدم فيه القنوات الأمريكية تغطياتها تجاه ما يجري في العراق وأفغانستان، وربما في أماكن أخرى، من فوق الدبابة الأمريكية، بما يخدم فقط وجهة النظر الأمريكية، لتثبت للعالم هذه القدرات الهائلة من التكنولوجيا الحربية، النابعة من أموال دافعي الضرائب، للتأكيد على أن أموالهم وُضعت في المكان الصحيح. غير أن هذه القنوات لم تقدم ما كان يحدث من دمار ضد البشر العاديين، وليس ضد العسكريين، وكانت الجزيرة في المقابل، تقدم الصورة الكاملة لما كان يحدث من دمار وقتل للنساء وتدمير للمباني، ووقوعها فوق رؤوس أهلها. لذلك، بلغ الأمريكيون درجة من الغيظ والغضب تجاه الجزيرة، فقصفوا مكتبنا في كابول، وقتلوا مراسل الجزيرة في العراق، طارق أيوب، رحمه الله، وجرحوا بعض الناس، علاوة على قتل آخرين من موظفي الجزيرة، وهكذا. وأمام كل هذه التحديات وقفت الجزيرة صامدة على مبادئها، الأمر الذي زادها قوةً وصلابةً، خاصة بعدما توسعت ببث قنوات أخرى، والآن مع القطاع الرقمي. صُنع التاريخ لذلك، هناك من يرى أن الجزيرة لم تعد تغطي الخبر، ولكنها تصنعه، وشريكة في صنع التاريخ بالمنطقة العربي، فما تعليقكم على ذلك؟ إذا كان السؤال يقصد حديث الإعلام العالمي عن الجزيرة، وبالتالي تصبح الجزيرة خبراً، فهذا صحيح، أما إذا كان السؤال يقصد أن الجزيرة تصنع الخبر، وكأنها تصنع الحدث خارج نطاق وظيفتها الإعلامية، فإن هذا كلام ليس له أساس، لأن الجزيرة ليس من مهامها أن تصنع أحداثًا غير وظيفتها الإعلامية. الربيع العربي لكن الجزيرة، تُتهم بأنها ساهمت في اندلاع ثورات الربيع العربي، وأنها من حركت الشعوب، وأنها من تدير «هذه الشعوب»، فما تعليقكم على ذلك؟ من يردد مثل هذا الكلام بالمعنى العام، يستهين بالمواطن العربي، وكذلك يستهين بالوعي العربي، وبتلك الملايين من الجماهير التي خرجت صادقة لتغيير الوضع السياسي المتردي في العالم العربي. غير أننا عندما نتحدث عن الحدث، فإن هذا موضوع آخر، إذ لم نكن نعلم ماذا سيحدث بعد الثورات، كما لم يعلم بذلك الذين قاموا بها بالأساس، إذ إن ما حدث كان تدميرًا لحلم الثورات العربية، خدمة لمصالح أخرى. وأرى أنها لخدمة مصالح أمريكية و «إسرائيلية». لأن بقاء بعض السلطات في العالم العربي على ما هي عليه، هي خدمة لهذه المصالح الأجنبية، ولا علاقة لها بخدمة العرب. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.. هل كان للجزيرة دور في استمرار الاحتجاجات التي كانت قائمة؟ الإجابة بالنفي قطعًا، إذ كانت الجزيرة تبث ما يجري، وفي الوقت الذي كانت فيه منبراً للمتحمسين للثورة والحراك، فإنها قدمت أوقاتًا متساوية أيضاً للمسؤولين من سياسيين وعسكريين، وغيرهم. من هنا، فإن الجزيرة، عرضت وجهات النظر المختلفة، وقدمت الوقائع كما هي، ولا ينبغي تحميلها أي مسؤولية تجاه أي تداعيات، فلسنا مسؤولين عما يحدث، لأننا مسؤولون فقط عما نقدمه من حدث، والذي يتم تقديمه بصورة دقيقة، ووضعه في سياقه عن طريق المحللين، والتقارير الأخرى. موقف قطر على ذكر حديثكم عن الاحتجاجات التي وردت إلى قطر لإغلاق الجزيرة، سبق أن صرح أحد المسؤولين القطريين بأن الجزيرة شكلت صداعًا لدولة قطر، كما شكلت ضغطًا على السياسة القطرية.. السؤال هنا: ألم تتدخل قطر في سياسات الجزيرة أو توجيهها ؟ هذا سؤال مهم للغاية.. وقبل الإجابة عنه، أذكر أنني بدأت العمل مع الجزيرة عام 2002، وقبل أن أكون مديراً عاما لشبكة الجزيرة الإعلامية منذ العام 2014، عملت في عدة مواقع مختلفة بالشبكة.. وهنا أقول - وهذه شهادة للتاريخ وأتحدى أياً من كان أن يخالفها- أنه لم يتدخل أحد من المسؤولين في عملنا، فلم يتصل أي مسؤول قطري، ليقول لي، افعل أو لا تفعل، طوال كل هذه السنوات. كما أؤكد أنه ليست هناك أية تدخلات من أي طرف أو من أي جهة.. وكثير من الصحفيين الأجانب يأتوننا بالمئات، ويسألوننا هذا السؤال.. ودائمًا أقول لهم، ما ذكرته، وأزيد عليه بالقول لهم: إنني أعلم أنكم تشكون في ذلك، لأنه من الصعب أن يتصور البعض أن دولة تنفق كل هذه الأموال، وتواجه كل هذه التحديات والضغوط، ومع ذلك لا تطلب خدمة مقابل ذلك. «أجندة» الجزيرة هذا هو السؤال: إن الجزيرة تنفذ «أجندة» دولة قطر، وهذا ما يقال عنها في الخارج، فما تعليقكم؟ يتردد هذا الكلام بالفعل، غير أن من يردده لا يشاهد الجزيرة، وقد يردده عن طريق السمع، أو من بعيد، أو لغرض في نفسه، فأمثال هؤلاء مغرضون، يستهدفون نقد الجزيرة بالدرجة الأولى، دون أن يشغلهم ما نفعل أو ما ننقله، فهؤلاء لن يرضوا عن الجزيرة، مهما فعلت. وأتذكر، هنا أن أحد المسؤولين الغربيين زارنا ضمن وفد، وقال: أنتم تفعلون ما تمليه عليكم الدبلوماسية القطرية، باعتبار أن القضايا الدولية ترتبط بوزارة الخارجية، وحينها طالبته بتقديم مثال على ذلك، فنقل تغطيتنا لسوريا. قائلاً: إن ذلك يتطابق مع سياسة قطر الخارجية، وحينها قلت له: هل تعلم أننا طُردنا من دمشق، وأن مكتبنا أُغلق هناك، وتعرض صحفيونا لخطر الموت، قبل أن تعلن قطر عن أي مواقف تجاه الثورة السورية، بل وكانت العلاقة بين البلدين طيبة للغاية، في الوقت الذي كنا فيه مطاردين، كوننا نقدم ما يجري في الميدان.. كما قلت لهذا الوفد آنذاك: إننا نرسل رسائل لوزارة الإعلام السورية نطالبها بالسماح لنا بدخول دمشق للتغطية، غير أن طلبنا يقابل بعدم الرد، أو إرسال إشارات مع آخرين، بأننا غير مرغوب فينا. لقاء بشار الأسد ولو سمحت لكم السلطات السورية بالعمل في دمشق، فهل يمكن أن تقوموا بالتغطية من هناك؟ لاشك في ذلك. ..وهل يمكن أن تقوموا بلقاء بشار الأسد؟ اللقاء مع بشار الأسد أو عدم اللقاء به، هذه قضية أخرى، إذ إن اللقاء به، يطرح سؤالاً: هل اللقاء لطرح الأسئلة عليه مهما كانت، أو أننا نلتقيه لنعطيه منصة يخطب فيها، وإذا كانت رغبته في أن نكون منصة له للدعاية، فهذا مرفوض من جانبنا، أما إذا كان اللقاء سيكون منصة لحوار حقيقي وجاد، فليس لدينا مانع في ذلك. وهل أنتم جاهزون لذلك؟ بالطبع، جاهزون لذلك، إذ سبق أن التقينا مع غيره، مثل «بنيامين نتنياهو»، رئيس الوزراء «الإسرائيلي» في فترة سابقة. «تبييض وجه الصهاينة» على ذكر «نتنياهو»، هناك من يقول إن الجزيرة تمنح الصهاينة منصة للحديث، وتسمح لهم بالدخول إلى المنافذ والبيوت العربية، ألا يشكل ذلك تبييضًا لوجه الصهاينة بشأن الجرائم التي يرتكبونها؟ ما رأيكم في أن العكس هو الذي يحدث، فعندما نقدم المجرم يتحدث بصوته ويعرض جرائمه، فهل هذا يبيضه أم يسوده؟ فالعرب لديهم عشرات السنين، وهم يخفون الحقائق عن شعوبهم فيما يتعلق بـ «إسرائيل»، وما يتعلق كذلك بجهات أخرى غيرها. والشعوب وصلت إلى درجة لا تصدق فيها ما تقوله الدعاية الإعلامية العربية، ولذلك، فإننا عندما نقدم أمثال هؤلاء ليتحدثوا بلسانهم، وعن إبادة غزة، ونبرز للمشاهد ما يحدث بالصوت والصورة ما يدور هناك، فإن ذلك لا يعد أبدًا دعاية لـ «إسرائيل». وأعتقد أن الجزيرة قدمت خدمة كبيرة للعالم العربي ولشعوبه، بتقديمها لأمثال هؤلاء المسؤولين، وغيرهم، وفي كثير من الحالات نرى أمثال هؤلاء يعلنون العداء للعرب والمسلمين، ليرى المشاهد وجوههم الحقيقية. وشخصيًا، لا أعتبر أن تقديم قادة «حماس» والأعمال التي تقوم بها، دعاية للحركة، وذلك لأننا مؤسسة إعلامية تسعى إلى تقديم الصورة الكاملة، وكذلك تقديم كافة المواضيع والقضايا كما هي، وعلى المشاهد أن يكون لديه من الوعي ما يكفي ليميز الحق من الباطل. الإعلام الحق ربما يدفعنا هذا إلى السؤال: من أنتم.. فالبعض اتهمكم بأنكم مؤسسة إسلامية، والبعض الآخر اتهمكم بأنكم مؤسسة صهيونية، إلى غير ذلك من اتهامات، فما هو الوصف الملائم للجزيرة؟ نحن مؤسسة إعلامية. لسنا مؤسسة إسلامية، ولسنا مؤسسة صهيونية أو أمريكية. ولذلك فإن مثل هذه الاتهامات لا أساس لها من الواقع أو الصحة. فنحن مؤسسة إعلامية تنطلق من العالم العربي، وبالتالي فجذورها عربية في وسط إسلامي، ولدينا هذه الثقافة الإسلامية، ونريد أن يرانا العالم من خلال هذا المنظور، حتى يفهم الجميع العالم العربي، وهذا لغير العرب والمسلمين. أما من كان يقول سابقًا من العرب والمسلمين، بأننا من صناعة «الموساد»، أو أننا تابعون للمخابرات الأمريكية، أو أننا مؤسسة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، أو أننا مؤسسة وهابية، فإن من يردد مثل هذا الكلام لا يفهم معنى الإعلام الحق. وهنا، أتذكر ما سبق أن قالته هيلاري كلينتون في الكونجرس، عندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية آنذاك، بأنه لا يوجد إعلام في أمريكا، وأن الناس يشاهدون الجزيرة، لأنها تقدم المعلومات والأخبار الحقيقية، وأنها قناة لا تعبث. من هنا، فإن هذه هي المؤسسة الإعلامية الحقة. ولذلك أتمنى أن يكون في العالم العربي عشرات بل ومئات المؤسسات الإعلامية، مثل الجزيرة. «علبة الكبريت» على ذكر «هيلاري كلينتون»، فإنه نُقل عن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، رحمه الله، وصفه للجزيرة بأنها مثل «علبة الكبريت» التي أشعلت العالم كله، فما مدى انطباق هذا الوصف على الجزيرة؟ هذه العبارة قيلت، عندما كانت الجزيرة تشبه بالفعل «علبة الكبريت»، فالمبنى الموجودة به حاليًا قناة الجزيرة مباشر، كان مبنى صغيرًا للغاية، عندما كانت تبث منه قناة الجزيرة، وكان عدد العاملين فيه بضع مئات. وحدثني صديق رحل عن عالمنا، وكان حاضراً زيارة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك. وقتها تساءل مبارك: هل هذه هي الجزيرة؟ وتعجب حينها متسائلاً: هل هذه هي «علبة الكبريت» التي أشعلت كل هذه النيران؟ فهل هذا معقول؟! وبطبيعة الحال، فإن الناس سابقًا ممن لم يزوروا الجزيرة، كانوا يتوقعون أن مبناها ضخمًا ومبهرجًا، انطلاقًا مما تحظى به دولة قطر من ثراء، غير أنهم عند زيارتهم للدوحة يجدون الجزيرة في مبنى بسيط، أُعد على عجل، ولكنه قدم ما قدم استنادًا لعناصر نجاح العمل الإعلامي، التي كانت متوافرة في الجزيرة منذ بدايتها، وما زالت إلى اليوم. ترهيب الجزيرة تتزامن الذكرى السابعة والعشرون لانطلاق الجزيرة، مع ما يجرى من حرب إبادة في غزة، فهل تشعر الجزيرة أنها أمام تحدٍ كبير، في هذه التغطية الإعلامية، وخاصة في ظل انحياز الإعلام العالمي للطرف الآخر، وتصنيف «حماس» بأنها حركة إرهابية؟ وعليه فهل تخشى الجزيرة أن انحيازها للشعب الفلسطيني، يمكن أن يتسبب في نعتها بهذا الوصف، وبالتالي يؤثر ذلك على تغطيتها الإخبارية في هذه الحرب؟ بداية، أؤكد أن وصف الجزيرة بالإرهاب، موجود، ولا نخشى من تكراره، فقد وُصفت بذلك منذ سنوات طويلة، عندما كنا نعرض أشرطة «أسامة بن لادن»، أو بعضًا منها على الشاشة، فكان يتم وصفنا حينها بالإرهاب، والادعاء بأن الجزيرة هي الناطق باسم الإرهاب. وبطبيعة الحال، اتضح أن هذا الوصف، ما كان إلا دعاية ضد الجزيرة، خدمة للأغراض الخاصة بأصحابها، ترهيبًا للجزيرة، كما لاحظ أمثال هؤلاء أن الجزيرة لم تتراجع. والآن، هناك في أمريكا من يكتب الكلام الذي يذكره السؤال، وإن كان بعضهم لا يكتب هذا فقط على الجزيرة، ولكنه يكتبه عن قطر، والزعم بأنها تستضيف قادة الإرهاب، غير أن العارفين بخبايا الأمور مثل الساسة الأمريكيين، يتواصلون مع قطر، ويفدون لزيارتها، باعتبارها وسيطا مهما للغاية في قضايا السلام والحوار، إلى غير ذلك، وهو دور لا يُنكر. ولذلك، فإن من يردد دعاوى الإرهاب، كانوا يتساءلون في السابق عن سبب وجود مسؤولي «طالبان» في قطر، ليأتي اليوم الذي عرف فيه الجميع بأنه بمساعدة قطر، تمكن الأمريكيون من إنقاذ أنفسهم من المستنقع الأفغاني، وهو الوصف الذين يصفونه بأنفسهم. ولذلك، فإن وصفنا بالإرهاب لا يخيفنا، وإن كان يزعج عملنا أحيانا، لأن من يطلقون هذا الوصف، ينتقلون به من الحديث إلى محاولة الضغط على الجزيرة في عملها، غير أننا مستعدون لمواجهتهم بالحقائق. أما ما طرحه السؤال بانحياز الجزيرة إلى الفلسطينيين، فهذا ليس صحيحًا، لأننا ننحاز إلى الحقيقة، وإذا كانت الحقيقة معهم، فالانحياز معهم، وإذا كانت غير ذلك، فإننا لا ننحاز أيضاً إلا للحقيقة، ولذلك فإن ما يظهر على شاشتنا هو الحقيقة الكاملة من مختلف الزوايا. وإخواننا من الزملاء ينقلون ما يجري هناك بأمانة كاملة، وإذا كانت هذه الأمانة انحيازاً فنحن منحازون، ولكنه انحياز إلى الحق، وليس أكثر أو أقل. أما من يردد غير ذلك، فإن ذلك يعود إلى انطباعه الشخصي، بسبب إشعاع الحق على شاشة الجزيرة. وما خطتكم، لمواجهة هذا الكم من الأكاذيب التي يقودها الإعلام العالمي، تجاه حرب الإبادة في غزة؟ فهل هناك إستراتيجية معينة، يمكن أن تستمروا بها لدحض هذه الأكاذيب؟ نحن لسنا دولة، كما أننا لسنا الأمم المتحدة، ولذلك، فإن مثل هذا العمل، هو عمل دول ومنظمات دولية كبرى. والملاحظ للجميع أن «إسرائيل» لا تهتم بما تطالب به المنظمات والقرارات والدول، لأنها دولة مارقة، وليس هناك شك في ذلك، أو أنه بحاجة إلى إثبات. من هنا، فإن العمل الذي تقوم به الجزيرة، هو تقديم الحقائق كاملة. والصور والمقابلات والتقارير التي تبثها الجزيرة، هي التي تضع «إسرائيل» في قفص الاتهام عدما يحين الوقت أمام المحاكم الدولية، وكذلك في قفص الاتهام أمام الشعوب الآن. ولعلنا نلاحظ حاليًا، تلك المظاهرات المناهضة لما يحدث في غزة، وهي المظاهرات التي تندلع في دول العالم ضد «إسرائيل»، سواء في دول أمريكا أو أوروبا، على نحو ما يجري من مظاهرات في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في الوقت الذي يُمنع فيه ترديد أي كلمة سلبية في حق «إسرائيل»، بدعوى معاداة ذلك للسامية، وإن كنا، نحن العرب، «ساميون»، وليس «إسرائيل». وأمام ذلك كله، فنحن نقدم الحقيقية كاملة كما هي، ونتمنى أن يستيقظ الوعي الإنساني، وليس العربي والاسلامي فقط جراء تقديمنا لهذه الحقيقة، وهذا عمل ليس سهلاً، لتبقى هذه أمنية. أبواق غربية وصفكم للإعلام في فترة ظهور الجزيرة بأنه كان بوقًا لتجميل الأنظمة، فإن الصورة اليوم ليست مختلفة كثيرًا، حتى في الغرب، إذ إن الإعلام الغربي أصبح بوقًا لما يتحدث به «نتنياهو»، ومن ثم «إسرائيل»، كما يُمنع على هذا الإعلام نقل الصورة من الطرف الآخر، فما الذي تغير في تلك العواصم التي تتحدث عن الحريات والانفتاح الإعلامي؟ وألم تعد هذه المؤسسات الاعلامية العالمية أبواقًا أيضًا؟ الأمر كذلك بالفعل، إذ إن الأمر عندما يتعلق بـ «إسرائيل»، فإن مثل هذه المؤسسات تصبح أبواقًا، وليس ذلك بشكل تام، لوجود بعض الأصوات الحرة، أو شبه الحرة. غير أنه في العموم، فإن الأمر عندما يتعلق بـ «إسرائيل»، تُغلق النوافذ والأبواب، ولا يُرى سوى ما تراه «إسرائيل»، أو ما يراه «اللوبي» الصهيوني وإعلامه في تلك الأماكن، نتيجة لسيطرة المال الصهيوني. ولكننا، عندما نتحدث عن الغرب فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة، إلى غير ذلك، فيجب أن ندرك أن كل هذه الشعارات لا تطبق إلا على شعوب هذه الدول، دون تطبيقها على غيرهم، وما جرائم الاستعمار عنا ببعيد. والآن.. حينما نتساءل عن دور الإعلام الأمريكي- مثلاً- إزاء ما يجري، فإننا نجده يكيل بمكيالين، إذ إنه على الرغم من انتقاداته للسياسات الأمريكية على المستوى الداخلي، إلا أنه حينما ترتبط الأمور بالمصالح الأمريكية في الخارج، فإن هذا الإعلام يستند إلى ما تمليه عليه السياسة الرسمية، لدرجة مخيفة حقيقة، إذ إنه في الغرب - وفي ألمانيا على سبيل المثال- لا يمكن الحديث ولو بكلمة واحدة عن دعم غزة، من دون إدانة ما يسمى بالإرهاب، وإلا يتم حظر القائل من قوائم الظهور في الإعلام، وهذا يعكس انهيارًا أخلاقيًا في الغرب، وليس هذا في الإعلام فقط، ولكن في مختلف الأمور، وعلينا أن ندرك ذلك، ونتجنب شره. جزر منافسة مع إشارتكم السابقة إلى ظاهرة الجزيرة.. ألم تحرك هذه الظاهرة اليوم شيئًا في المياه الراكدة بالإعلام العربي؟ وألا تخشون أن تكون هناك جزر أخرى تنافس الجزيرة؟ بالعكس، نحن نرحب ونتمنى أن تكون هناك جزر أخرى تنافس الجزيرة، بل وتتغلب عليها، لأنها ستكون حينها في خدمة الشعوب. لأن هدفنا خدمة الشعوب، وليس خدمة جهات بعينها، وهذه قضية مفروغ منها. ولذلك. فإن السؤال هنا، هل أثرت الجزيرة في الإعلام.. والجواب بالإيجاب، لأن الإعلام لم يعد كما كان من قبل، وخاصة منذ عام 1996، حيث تطور الإعلام، وظهرت أصوات جادة استثنائية، غير أنها لم تجد الوسائل التي تتيح لها أن تجسد وعيها الإعلامي عمليًا على شاشات معينة، اللهم إلا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث نجد بعض المنصات في مستوى راق، بل وقد تنافس بعضها عمل الجزيرة، وما تقوم به، وهذا يسعدنا كثيرا. والكثير من الصحفيين العاملين فيها تخرجوا من مدرسة الجزيرة، إما عن طريق الوعي، الذي اكتسبوه خلال سنوات بث الجزيرة، أو عن طريق الدراسة في معهد الجزيرة للإعلام. «ريبوت» إعلامي وهل يمكن أن نشاهد مذيعاً «ريبوتاً» على شاشة الجزيرة؟ لسنا متعجلين في ذلك، وإن كانت قناة الجزيرة مباشر قد سبق لها أن قدمت «ريبوتاً» كتجربة، ولدينا القدرة على عمل ذلك، وإن كنا قد تجاوزنا ذلك، للدخول في مواضيع أكثر تطورًا. كما أن هناك جهودًا لمعهد الجزيرة للإعلام في هذا الإطار، من أجل تدريب الصحفيين المنخرطين في دوراته. وهنا قد يسأل البعض: هل يمكن أن يحل «الروبوت» مكان المذيع البشري في الجزيرة؟ فإنني أؤكد أن هذا أمر غير موجود، ولا أحد يفكر فيه بالجزيرة، كما أن هذه قضية مستقبلية، يصعب الحكم عليها حاليًا. «صوت الشعوب» هل يمكن القول إن الجزيرة هي «قناة الشعوب»؟ لا شك في ذلك، وإن كنا نترك الشعوب لتحكم على ذلك، خاصة وأننا لا نخدم سلطة معينة، ولذلك نسعى دائمًا إلى أن نقدم للشعوب محتوى إعلاميا متميزا بمضمون لا ينحرف عن الحقيقة قيد أنملة، وكذلك بمضمون يقدمه الخبراء الذين يتم استضافتهم على الشاشة لتحليل ما يجري، حتى يفهم المشاهد ما يجري في سياق أوسع من سياق الخبر، كون الخبر محدودا، وكذلك عبر تقارير وضيوف يقدمون الخلفيات التاريخية، إلى غير ذلك مما تفعله الجزيرة. وإضافة إلى كل ذلك، فإن لدى الجزيرة، مركزا للحريات العامة وحقوق الإنسان، وهو مركز نشط للغاية، ومن خلاله تقدم الجزيرة تقاريرها عن حقوق الإنسان، مما يعني حرص الجزيرة على توعية المواطن العربي بحقوقه وحرياته الأساسية، وهذا يبقى في إطار عمل مؤسسة إعلامية، لأننا لسنا دولة، كما سبق وذكرت، وكذلك لسنا منظمة دولية. الشعار الأشهر هل ما زلتم متمسكين بشعار الجزيرة «الرأي والرأي الآخر»، وتؤمنون به، رغم مرور 27 عاماً، واتهام البعض لكم بأن الجزيرة تقدم جزءًا من الكوب الفارغ في بعض الزوايا؟ الجزيرة بالفعل متمسكة بهذا الشعار، وهو شعار أساسي لديها، لكن هناك حالات معينة، قد لا يُقدم فيها رأي ما، لأن الجزيرة لا تعمل خارج البيئة التي تعيش فيها، فنحن في بعض الحالات - وهي حالات نادرة واستثنائية للغاية، مقارنة بمؤسسات إعلامية أخرى- قد نرى أن الرأي الآخر يسبب فتنة، ويؤدي إلى إيذاء المجتمعات، ولذلك نترك الأمر. ونفهم، أن تقديم الرأي الآخر، لا يعني - مثلاً- تقديم دعاة الشذوذ على شاشة الجزيرة، بدعوة أن هذا رأي آخر، كما نرفض تقديم دعوات تحض على القتل أو الكراهية وظهور ذلك على شاشتنا، فمثل هذه الأمور غير مقبولة تمامًا في الجزيرة، لأن الجزيرة لديها قاعدة أخلاقية، وقيم لا يمكن أن تتخلى عنها، سواء كان ذلك باسم الرأي الحر، أو غيره، إذ أن مثل هذه الآراء، هي آراء هدامة، نرفض أن نكون جزءًا منها. مشاريع مستقبلية دائما بالتزامن مع ذكرى تأسيس الجزيرة، يدور الحديث عن إطلاق سلسلة من المشاريع، فماذا ننتظر من مشاريع مستقبلية للجزيرة؟ الجزيرة قدمت الكثير من المشاريع، ونجحت فيها، وعندما تتوسع المؤسسة فيها، فإنه لا يمكنها أن تستمر في تقديم مشاريع جديدة سنوياً، إنما يمكنها أن تقدم من خلال المشروع الواحد، مشاريع داخل المشروع نفسه. ومن المشاريع التي أُنجزت خلال السنوات السبع الأخيرة، القطاع الرقمي، الذي يقوم بتقديم وإعداد المحتويات الرقمية، وهذا القطاع أصبح من أنجح القطاعات الرقمية في العالم. وبطبيعة الحال يقدم أعمالًا جديدة بشكل دائم، ولذلك، فإن لديه مشاريع جديدة، ستظهر في الفترة القادمة. كما لدينا، معهد الجزيرة للإعلام، وهو سنوياً لديه مشاريع جديدة، فالمعهد تم تأسيسه عام 2004، ودرب حتى الآن اكثر من 70 ألف إعلامي من مختلف التخصصات الصحفية. وكل هذا يأتي بالتزامن مع التطورات التي تشهدها المؤسسة، بتطوير القوالب الفنية والشكلية، وهذا ما يلاحظه المشاهد للقناة العربية، وكذلك الإنجليزية، وخاصة في العامين الأخيرين، حيث يلاحظ المشاهد قوالب فنية في طريقة العرض، وهي قوالب لم تكن قائمة من قبل، بالإضافة إلى الكثير من أشكال التطوير. كما أننا نعمل حالياً على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي- وإن كنا لسنا الوحيدين في ذلك- وهو أمر قد يحتاج لبعض الوقت، غير أننا لا نريد التأخر في ذلك، لنبقى رواداً، وبالتالي نعمل حاليًا على التعرف العميق على هذا الموضوع، ثم النظر في كيفية استثماره، ومن ثم كيفية الاستفادة منه.

2948

| 30 أكتوبر 2023

رياضة محلية alsharq
دانماركي ينتحل صفة عامل آسيوي ويكشف زيف الحملة ضد قطر

كشف المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، عن أكذوبة مدوية في الإعلام الدنماركي تؤكد افتقاده المهنية والموضوعية والتدقيق اللازم في التعامل مع التغطية الإعلامية لمونديال كأس العالم 2022. وأوضح المجهر الأوروبي أن شخصا دنماركيا عمد إلى انتحال صفة شخص هندي يقيم في قطر من أجل فحص مدى مصداقية الإعلام الدنماركي وما يقوله ضد مونديال كأس العالم. وذكر المجهر الأوروبي أن الشخص الدنماركي ويدعى “ستيفن كريستنسن”، قام بمراسلة موقع صحيفة BT وموقع Mediano الإخباري، وكلاهما يعتبران من كبار المواقع الإخبارية الدنماركية. وفي مراسلته، قدم كريستنسن ستيفن نفسه على أنه آسيوي يقيم في قطر ويريد نشر مقالات تحريضية عن واقع حقوق العمال المهاجرين في البلاد وعن استعمال مشجعين وهميين في المونديال، وهو ما قوبل باستجابة فورية من إدارة الموقعين من دون التدقيق في هويته والمعلومات التي يقدمها. وفي مراسلته مع الموقعين، ذهب كريستنسن إلى تقديم نفسه على أنه شخص آسيوي كان مسؤولاً عن تنظيم نادي مشجعين للدنمارك في قطر. وقال كريستنسن إنه أنشأ حسابا شخصيا على الانستغرام والذي تراسل معه صحفيون من BT وMediano واستندوا إلى مقالات حول منسق المعجبين. وقام كريستنسن بتوثيق عدة مراسلات مع الصحفيين في الموقعين المذكورين. علما أن كريستنسن ليس صحفيًا، ولكنه مهتم جدًا بالصحافة. إذ أنه يعتقد بشكل أساسي أن وسائل الإعلام الدنماركية كانت منحازة في تغطيتها لمونديال كأس العالم في قطر، ويرى في المقالات دليلاً على أن وسائل الإعلام تعمل بنوع من الغموض. وقال: “بدون أن أكون محترفًا، يمكنني فقط متابعة حقيقة أن القصص تأتي من هذا النموذج، حيث يتم كتابة مقال في إحدى وسائل الإعلام، ثم تعتبر وسائل الإعلام أنه تم التحقق منه، ثم يكتبونه بأنفسهم، ليتضح أن الأساس المنطقي لقيادة الصحفيين في الضلال”. ويضيف “حقيقة أنهم يستمرون في الكتابة عن قصة لم يتم التحقق منها بأي شكل من الأشكال، وأنهم لا يفعلون شيئًا للتحقق من المعلومات، هي أكثر الأشياء مرفوضة من المجتمع”. ويؤكد كريستنسن أنه لم يستهدف عند إنشاء الملف الشخصي باسم شخص آسيوي يقيم في قطر خداع الصحفيين، ولكن فقط لمعرفة ما إذا كان سيحصل على الكثير من المتابعين. ولاحقا عندما اتصل به صحفي دنماركي، اختار اللعب معه. ويقول “كان ينبغي على الصحفيين الحصول على نوع من الوثائق أو الإصرار على الاجتماع مع هذا المصدر. أعلم أنه من المحتمل أن يكون الأمر صعبًا حقًا فيما يتعلق بحقيقة أن الأمر يتعلق في قطر والعمال المهاجرين . في المراسلات مع الصحفيين، كتب كريستنسن أيضًا أن الآسيوي المزيف لديه تذاكر لمباريات الدنمارك، وأنه تلقى قميص المنتخب الدنماركي. حيث كان بإمكانهم طلب صورة لها لكن لم يحدث ذلك في أي وقت. من جهتها أقرت إدارة تحرير الموقعين BT وMediano بخطأ محرريها في التسرع بالتعامل مع معلومات كريستنسن، لكنها ادعت أن ذلك لم يتم بسوء نية مسبقة وأنه سيتم مراجعة الأمر كليا.يشار إلى أن الإعلام الدنماركي انخرط في حملة تحريض واسعة شملت غالبية الدول الأوروبية في الأشهر الأخيرة ضد دولة قطر على خلفية استضافتها كأس العالم 2022 لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط ورفضها رفع شعارات تتعارض مع قيم المجتمعات العربية.

6925

| 23 نوفمبر 2022