عرضت قناة الجزيرة الوثائقية مؤخرا فيلما وثائقيا يحكي قصة القسطنطينية بناء على ما ورد في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي، ويعد المؤلَّف واحدا من أهم الموسوعات العلمية في وصف المدن والبلدان، ودرة من درر التراث العربي. صاحبه هو شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي البغدادي الرومي. جغرافي ورحالة وأديب وشاعر وخطاط ولغوي. ولد عام (574هـ / 1178م) في بلاد الروم - الأناضول حاليا- حيث جاءت تسميته بالرومي. ولقد كان ياقوت مجهول اسم الأب، حتى اشتراه تاجر يعرف بعسكر بن أبي نصر إبراهيم الحموي، فعاش كرقيق حتى سن العشرين، حيث أدخله عسكر مدرسة يتعلم فيها الكتابة، لينتفع به في ضبط تجارته، ولما كبر ياقوت قرأ النحو واللغة، ونال تعليمًا إسلاميًّا جيدًا، وكان سيده يعتمد عليه في متاجره. في عام (596هـ / 1199م)، أعتقه سيده، واحترف مهنة استنساخ الكتب وبيعها ببغداد، ثم اتخذ من الرحلة دربا له، فانطلق من تبريز والموصل، قاصدا بلاد الشام ومصر، ثم توسعت رحلاته إلى آسيا الصغرى وخراسان، وإيران الشرقية، وأمضى في نيسابور حوالي العامين، ثم غادرها إلى هرات وسرخس إلى أن بلغ مرو التي يصفها قائلاً: وقد أخرجت مرو من الأعيان وعلماء الدين والأركان ما لم تُخرج مدينة مثلهم؛ منهم: أحمد بن محمد بن حنبل الإمام، وسفيان بن سعيد الثوري.. وغيرهما، في مرو بدأ ياقوت الحموي في تحرير معجم البلدان عام 612هـ، ويعد منهجه فيه فريدًا؛ لأنه جمع بين اللغة والتاريخ والجغرافيا، ففي كل فقرة مخصصة لاسم مكان يقوم ياقوت أولاً بتثبيت شكل كتابته ولفظه، واشتقاق الكلمة، وأشكال النسبة التي قد تُشتق منها - فقه اللغة - وبعدئذ يتوصَّل إلى تفاصيل موضع المكان: كدرجة عرضه، وطوله، ويذكر عند الكلام عن منطقة واسعة، خصائص طبيعتها، ومواردها الطبيعية، وعمرانها بالناس، وموجزًا لأهم الأحداث التي شهدها هذا المكان -الناحية الجغرافية التاريخية. ويصف النحاة والمراجع اللغوية معجم ياقوت الحموي بأن الجانب اللغوي فاق الجانب الجغرافي في أجزاء كثيرة من الكتاب، ولعلَّ ذلك راجع إلى نشأته اللغوية وتشبعه منها، مع كونه لم يكن عربيًّا، كما نلاحظ أن اللغة غلبت كذلك على وصفه الجغرافي في أحيان كثيرة. يذكر أن قناة الجزيرة الوثائقية تطلق اليوم باقتها المختارة لشهر فبراير الجاري، وهي مجموعة من الأفلام والسلاسل الوثائقية التي تلبي مختلف الأذواق، وتغطي جميع المجالات والبلدان.