واصلت كرة القدم الأوروبية سيطرتها على بطولات كأس العالم في السنوات الأخيرة وعلى مدار 16 سنة تقريبا نصبت القارة العجوز نفسها على عرش منصات التتويج من خلال الوصول إلى الأدوار النهائية من كأس العالم، ومنذ مونديال 2006 بألمانيا لم يتوج بكأس العالم أي منتخب خارج القارة الأوروبية، فبعد إيطاليا عام 2006 جاء الدور على المنتخب الإسباني في مونديال جنوب أفريقيا سنة 2010 والذي حقق اللقب على حساب هولندا، وبعده الألماني في كأس العالم 2014 بالبرازيل، ثم المنتخب الفرنسي بمونديال 2018 بروسيا، في انتظار من سيظفر بهذه النسخة الاستثنائية في الدوحة، ولو أن المنتخبات الأوروبية هي الأخرى أظهرت قوة وشراسة كبيرة في الدور الأول وثمن النهائي ولعل أبرز منتخب مرشح هو المنتخب الفرنسي بطل النسخة الماضية والذي أرعب جميع الخصوم بأدائه الكبير في البطولة، كما سيطرت المنتخبات الأوروبية على الدور ربع النهائي بتأهل 5 منتخبات من أصل ثمانية وصلوا لهذا الدور وهم: فرنسا وكرواتيا وإنجلترا وهولندا والبرتغال، ليؤكدوا مرة أخرى علو كعب الكرة الأوروبية على نظيرتها من القارات الثانية التي دائما ما تغادر من الأدوار الأولى. قمة فرنسا وإنجلترا ستكون مباراة فرنسا وإنجلترا واحدة من مواجهات القمة في الدور ربع النهائي من بطولة كأس العالم 2022، ويمكن القول إن هذه المواجهة هي نهائي قبل الأوان لأنها تجمع صاحب المركز الرابع بمونديال روسيا مع بطل النسخة الماضية المنتخب الفرنسي، وما يميز هذين المنتخبين في هذا اللقاء هو امتلاكهما لخط هجومي ضارب وقوي يعتبر من أفضل الخطوط الهجومية في الدورة، والأكيد أن هذه المواجهة سوف تحظى بمتابعة كبيرة وباهتمام إعلامي لكونها قمة أوروبية مونديالية والفائز فيها سيصل للدور النصف النهائي والخاسر يغادر البطولة من ربع النهائي ونهاية المغامرة المونديالية، وتعول الجماهير الإنجليزية كثيرا على هذا الجيل الإنجليزي الشاب الذي خاض نهائي اليورو وخسره على أرضه أمام المنتخب الإيطالي بأن تكون كأس العالم بمثابة التعويض واستعادة الأمجاد الضائعة واللقب لخزائن المنتخب للمرة الثانية في تاريخه. البرازيل وكرواتيا واعدان سيكون المنتخب الكرواتي الممثل الثالث القارة الأوروبية على موعد مع مواجهة تعتبر اختبارا حقيقيا ومهمة انتحارية عندما يواجه المنتخب البرازيلي المدجج بالنجوم وأفضل منتخب لحد الساعة في بطولة كأس العالم 2022، ويمتلك منتخب السامبا فريقا متكاملا في جميع خطوطه الثلاثة وهو قادر على تجاوز أي منتخب بالنظر للمستوى الذي قدمه في الدور الأول والدور الــ16 من كأس العالم، وسيدخل المنتخب الكرواتي هو الآخر مواجهة البرازيل وهو مرشح كذلك على اعتبار أنه وصيف بطل العالم وقدم هو الآخر مستويات لا بأس بها في المباريات التي خاضها في الدورين الأول والثاني ويطمح لتكرار إنجاز مونديال روسيا عندما فاجأ الجميع ووصل للدور النهائي وخسره أمام المنتخب الفرنسي بثلاثية في مواجهة كان فيها المنتخب الفرنسي هو الطرف الأفضل والأقوى. هولندا للثأر من الأرجنتين يعتبر المنتخب الهولندي هو رابع منتخب من القارة الأوروبية يخوض الدور ربع النهائي عندما يواجه المنتخب الأرجنتيني الطامح هو الآخر لتحقيق الفوز والعبور للدور نصف النهائي لاسيما الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي يسعى جاهدا لتحقيق آخر بطولة كأس عالم يشارك فيها حسب قوله، في الوقت الذي يملك المنتخب الهولندي دينا كبيرا تجاه الأرجنتين والكرة الأرجنتينية بخسارة نصف نهائي كأس العالم 2014 أمام الأرجنتين بضربات الترجيح وكذلك نهائي كأس العالم 1978، وبالتالي ستدخل الطواحين الهولندية هذا المونديال بهدف واحد وهو الفوز والوصول لمربع الكبار الذي يبقى الهدف الأسمى لنجوم المنتخبين ويملك المنتخب الهولندي هو الآخر لاعبين شبابا مميزين وعلى مستوى عال خاصة من الناحية الهجومية وهو ما سيشكل عائقا كبيرا ومعاناة لرفقاء النجم ليونيل ميسي الذي سيبحث عن المجد الضائع. البرتغال والمغرب واعدة يدخل المنتخب البرتغالي الممثل الخامس للقارة العجوز مواجهة المغرب بقوة كبيرة، بعد الفوز الكبير الذي حققه في مباراة الدور ثمن النهائي على حساب المنتخب السويسري بنتيجة (6- 1)، ولكنه سوف يصطدم في الوقت نفسه بجدار حديدي من أسود الأطلس التي قدمت مباريات كبيرة هي الأخرى ووصلت لدور الثمانية بعد أداء كان أكثر من رائع ومشرف بالتعادل مع كرواتيا والفوز على بلجيكا وكندا والإطاحة بالمنتخب الإسباني بضربات الترجيح، وهو ما يجعل هذه المباراة متساوية، ولو أن البعض يرشح المغرب على الورق، ولكن مونديال 2022، سقطت كل الترشيحات أمام الواقع وفوق المستطيل الأخضر، وسيكون ممثل القارة الأوروبية في مهمة صعبة كتلك التي وقع فيها جاره الإسباني بالدور الــ 16، ومن المنتظر أن يواصل المنتخب المغربي ممثل العرب الوحيد أداءه الكبير والمميز في مونديال 2022 واستغلال الدعم الجماهيري الكبير لصالحه. الكرة الأوروبية تتألق من خلال وصول 5 منتخبات أوروبية للدور ربع النهائي من بطولة كأس العالم 2022، فهذا يؤكد مرة أخرى قوة الدوريات الأوروبية ومستوى الاحتراف الذي وصلت له هذه الدول التي أصبحت هي من تقود البطولة العالمية العريقة، كما أن هذا التألق والنجاح هو ليس صدفة أو ضربة حظ وإنما نتيجة عمل كبير على المستوى القاعدي والتكوين والاهتمام باللاعبين الشباب وهو ما جعل منتخبات أوروبا تسيطر وتتألق وتقود العالم على المستوى الرياضي بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، في انتظار ما ستسفر عنه نتائج مباريات الدور ربع النهائي وهل سنشاهد نصف نهائي أوروبي كاملا أو أن لكرة القدم كلاما آخر وسوف نشاهد منتخبات أخرى هي من تصل لمربع الكبار، ولو أن هناك من يرشح منتخبي البرازيل والأرجنتين ليكونا في نصف النهائي، وما نتمناه نحن كعرب وما يهمنا هو أن تفوز المغرب على المنتخب البرتغالي وتصل للمربع الذهبي ليكون إنجازا تاريخيا غير مسبوق للكرة العربية وعلى أرض عربية وفي مونديال عربي.