رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون alsharq
د. الشايجي: دور قطري مؤثر في مواجهة التحالفات العالمية

نظم المركز القطري للصحافة بالتعاون مع إدارة التطوير الإعلامي بالمؤسسة القطرية للإعلام، مساء أمس ندوة بعنوان «التحديات والتحالفات الإقليمية والدولية وانعكاسهم على الأمن الخليجي»، قدمها أ.د. عبدالله الشايجي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت. حضر الندوة، سعادة الشيخ خالد بن عبدالعزيز آل ثاني، مدير إدارة التطوير الإعلامي بالمؤسسة القطرية للإعلام. كما حضرها رؤساء تحرير الصحف المحلية، وعدد كبير من الصحفيين والإعلاميين. واستهل سعادة السيد سعد بن محمد الرميحي، رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصحافة، الندوة بالتأكيد على أنها الندوة الثانية من سلسلة الندوات التي يقيمها المركز، معرباً عن أمله في أن يكون المركز رافداً من روافد المعرفة في هذا الوطن العزيز. وقال الرميحي: إن المركز على الرغم من أنه بدأ نشاطه متأخراً، نتيجة لظروف كورونا، إلا أنه أصبح يمارس دوره وبفاعلية في مسيرة هذا الوطن الغالي. لافتاً إلى أن الإطلالة السابقة للمركز، كانت بتنظيمه لندوة حول «الهجمة الغربية على قطر والدول العربية»، شارك فيها عدد من الإعلاميين. لافتاً إلى أن المركز ستكون له إطلالات أخرى مميزة، علاوة على حرصه على الدفع بالكوادر والطاقات الإعلامية المحلية إلى الساحة القطرية. ومن جانبه، استهل د. عبدالله الشايجي الندوة بالتأكيد أن قطر والكويت قدمتا نموذجاً في الدور الذي تقوم به الدول الصغيرة تجاه الوساطات، وإنهاء الصراعات، على الرغم مما يتم تدريسه في العلوم السياسية بأن الدول الصغيرة ليست لها أوزان، أو أدوار، أو تأثير. موضحاً أن قطر والكويت نجحتا في كسر مثل هذه المقولات. ولفت إلى أن قطر والكويت عكستا أيضاً أن الدول الصغيرة تستطيع بما تملكه من إرادة وجرأة وطرح وقرار أن تلعب دوراً مؤثراً، علاوة على مواجهة الكبار، بل واللعب معهم على المستوى الدولي. أدوار بارزة وقال إنه ليس غريباً على قطر، فهى تشكل علامة مميزة على مستوى العالم، وكباحث وأستاذ في العلوم السياسية، دائما ما يتم الحديث عن أن الدول الصغيرة ليس لها دور، غير أن الناظر لدور الكويت في عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، يجدها لعبت أدواراً بارزة، وحينها لم يكن هناك وجود للقنوات الإعلامية الكبيرة، فضلاً عن عدم وجود مواقع التواصل الاجتماعي، كما هو حال اليوم، وأن الكويت مع ذلك كله خطت خطوات كبيرة، في حل الصراعات، والتوسط بين الأطراف المختلفة. وأضاف أن دولة قطر أكملت هذا الطريق، ولهذا السبب رأيناها تتميز بالعديد من المواقف، والقيام بأدوار تقوم بها الدول الكبيرة، ما جعل لدولة قطر وزنا وتأثيرا ومساعدات ووساطات مهمة، وحظيت إثر ذلك بقبول الأطراف المتنازعة والمتناحرة، وذلك نتيجة قدرتها على الجمع بين المتضادين. ولفت إلى دور قطر البارز في إنشاء جسر جوي في أفغانستان، أجلت من خلاله قرابة 70 ألف شخص، الأمر الذي قدمت على إثره الإدارة الأمريكية الشكر إلى دولة قطر، والإشادة بدورها، عبر زيارة كل من وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين، لتوجيه الشكر إلى دولة قطر، قيادة وحكومة وشعباً، على ما قامت به من دعم مهم. كما أشار د. عبدالله الشايجي إلى توثيق التحالف القطري الأمريكي عن طريق ترقية دولة قطر إلى حليف رئيسي للولايات المتحدة الأمريكية من خارج حلف «الناتو»، ما جعل هذه الصفة توثيقاً للتحالف الإستراتيجي بين أمريكا والدول المهمة في العالم، ومنها دولة قطر. وانتقل د. الشايجي إلى أحد محاور الندوة، فيما يتعلق بالتحالفات. مؤكداً أنه على الرغم من قيام عدة تحالفات في العالم العربي، فإنها لم تحقق نجاحاً يُذكر، في الوقت الذي أصبحت فيه هناك مطالبات لهذه التحالفات حالياً، لعدة أسباب، منها وجود انكفاء وتراجع أمريكي، وإن كان هذا الانكفاء لم يبدأ مع الرئيس السابق دونالد ترامب، أو الحالي الرئيس جو بايدن، ولكنه بدأ قبل الرئيس الأسبق أوباما، وخاصة بعد حروب الولايات المتحدة الأمريكية الاستباقية، والتي شنتها إدارة بوش الابن في أفغانستان والعراق. وقال د. الشايجي إن التوجه الأمريكي آنذاك كان لخدمة أمن «إسرائيل»، والتصدي للأنظمة الثورية، أو غير التقليدية، فضلاً عن مواجهة التنظميات الإسلامية المتطرفة. أولويات أمريكا وعرج على محور آخر، ارتبط بتراجع الدور الأمريكي في المنطقة، على عكس هذا الدور في السابق. لافتاً إلى أن أمريكا لم تعد حالياً بحاجة إلى النفط أو الطاقة، كما كانت في السابق، غير أنها كدولة عظمى، تنظر إلى مصالحها بشكل عالمي، لذلك فإن وجودها بالمنطقة، يأتي لمصلحة الأمن العالمي، وأمن الطاقة. لافتاً إلى أن أمريكا قد تقلص وجودها في دول الخليج، غير أنها لن ترحل عنه، وأنه لن يكون هناك بديل عنها، سواء في الوقت الحالي، أو في المستقبل. وقال إنه من الممكن أن نرى خفضاً للقوات الأمريكية في المنطقة، دون انسحاب كامل منها، وذلك لتغير أولويات أمريكا. لافتاً في سياق آخر إلى استحالة دمج «إسرائيل» في أي تحالفات عربية، وذلك للرفض الشعبي الواسع لها في العالم العربي، ولذلك فإنه يستحيل دمجها في أي تحالفات في الوطن العربي، كما أن «إسرائيل» نفسها لا يعنيها ذلك، بقدر ما يعنيها أمنها، ومواجهة إيران. وهنا، أكد د. عبدالله الشايجي أنه ليست هناك مصلحة في استفزاز إيران، مشيداً بجهود دولة قطر في هذا السياق. مشدداً على أهمية أن يكون هناك تنسيق أمني ودفاعي بين دول الخليج العربية، والتغلب على كل ما يعيق التقارب، وأن تكون هناك ما يعرف بالإنذار المبكر، ورصد كل ما يمكن أن يهدد الأمن الخليجي، وعدم النظر إلى التحالفات التي أثبتت عدم فاعليتها، على نحو ما أثبته التاريخ. وقال إنه لا بديل عن الحليف الأمريكي، وأنه يمكن التعامل مع الإدارة الأمريكية، عبر شراء صفقات أسلحة واستثمارات، وكذلك عبر الحوارات الإستراتيجية، التي تعقدها الإدارة الأمريكية مع دول الخليج. وأضاف د. عبدالله الشايجي: إن التحالفات لم تعد ذات جدوى فعالة، لأن أهم ما يميز هذه التحالفات ردع الخصوم، إلا أن الإدارة الأمريكية أصبحت لديها أولويات أخرى، تختلف عن أولوياتنا، وذلك فيما يتعلق بروسيا والصين، والأزمة الأوكرانية. وفي الختام, قام د. عبدالله الشايجي، بإهداء المركز القطري للصحافة، أحدث مؤلفاته عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتلقى الإهداء سعادة السيد سعد الرميحي. قطر.. فخر العرب أكد د. عبدالله الشايجي أن استضافة قطر لبطولة كأس العالم فيفا- قطر 2022 كانت علامة فارقة، وأنها بذلك قدمت بطولة تعد فخراً للعرب ولدول الخليج، وذلك بنجاحها بشكل مميز في تنظيم دورة استثنائية، جعلتها النسخة الأكثر تنظيماً في تاريخ بطولات كأس العالم، وذلك وفق ما سبق أن صرح به رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم. ولفت د. عبدالله الشايجي إلى الأرقام التي ذُكرت بخصوص تنظيم قطر لكأس العالم، واصفاً إياها بأنها أرقام قياسية. موجهًا التهنئة في ذلك إلى دولة قطر على هذا الإنجاز العالمي الكبير. مشيداً أيضاً بمواقف قطر القوية والكبيرة، التي لم تخضع فيها لأي إملاءات أو مطالبات. دعم المركز في ختام الندوة، وجه سعادة السيد سعد بن محمد الرميحي، الشكر إلى سعادة الشيخ عبدالعزيز بن ثاني آل ثاني، الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للإعلام، وكذلك إلى سعادة الشيخ خالد بن عبدالعزيز آل ثاني، مدير إدارة التطوير الإعلامي بالمؤسسة القطرية للإعلام، على دعمهما للمركز القطري للصحافة. وأكد الرميحي أن هذه الندوة لم يكن لها أن تكون لولا الجهود الكبيرة، التي قدماها، وحرصهما على أن يتبوأ المركز هذه المكانة الكبيرة.

1483

| 01 فبراير 2023

تقارير وحوارات alsharq
الشايجي لـ"الشرق": الاتفاق النووي عزز طموحات إيران التوسعية في المنطقة

الرئيس الأمريكي فشل بشكل كبير في الحرب على الإرهاب الاتفاق النووي أحدث تحولاً جذريًّا في العقلية الغربية والأمريكية تجاه إيران أوباما ينظر إلى المنطقة من زاوية الحرب على تنظيم الدولة فقط علاقة إيران وأمريكا "مصلحية" لكنها تؤدي إلى توتير العلاقات الإستراتيجية مع الخليج الرئيس الأمريكي يحاول أن يقلل من شأن التباين مع دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها "تكتيكية" وليست "إستراتيجية" التحالف الإسلامي العسكري "ناتو إسلامي جديد" وإيران تراه يستهدفها الاعتماد الخليجي على أمريكا يتقلص بشكل كبير و"عاصفة الحزم"أكبر دليل على بداية استقلالية القرار الخليجي "مبدأ الملك سلمان" كما أطلقت عليه هو حماية الأمن الإقليمي والعربي بما ترتضيه الشعوب وحماية الأنظمة التحالف الإسلامي العسكري أهّل السعودية لقيادة الدول الإسلامية وليست العربية فقط طهران اعتبرت الثورات العربية امتدادًا لثورتها وعندما قامت في سوريا رفضتها وقاومتها بل واعتبرتها مؤامرة مفاوضات النووي جرت في عهد نجاد وقبل مجيء روحاني إلى السلطة بستة أشهر المقابلات الإيرانية الأمريكية سراً قبل الاتفاق تنسف الادعاء بأن إيران محور المقاومة والممانعة أكد الدكتور عبد الله الشايجي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت أن التحالف الإسلامي العسكري "ناتو إسلامي جديد"وضربة موجعة لإيران بكل المقاييس، وهو ما أهّل السعودية لقيادة الدول الإسلامية جميعا. وأشاد الشايجي في حواره مع "الشرق"بـ"مبدأ الملك سلمان" لحماية الأمن الإقليمي والعربي،مشددا على أن الاعتماد الخليجي على أمريكا تقلص بشكل كبير وأن "عاصفة الحزم"تعد أكبر دليل على ذلك. وقال الشايجي إن الاتفاق النووي بين إيران والغرب عزز طموحات إيران بدور توسعي في المنطقة، لافتا إلى أن المفاوضات الإيرانية الأمريكية جرت سرا في عهد نجاد قبل الاتفاق،ما ينسف الادعاء بأن إيران محور المقاومة والممانعة. وأضاف أن علاقة دول الخليج الآن مع الولايات المتحدة في مرحلة الخلافات وليس الاختلافات،مرجعا ذلك إلى أن واشنطن تعتبر التطرف والإرهاب يقوم به المتشددين السنة وهم فقط مصدر الإرهاب،في الوقت الذي توجد فيه مليشيات شيعية في العراق ولبنان وسوريا تقوم بما تقوم به داعش وغيرها-ولكن يغض النظر عنها ولا يتم وصفها بالمنظمات الإرهابية ولا تُستهدف. وأوضح أن علاقة إيران وأمريكا"مصلحية"لكنها تؤدي إلى توتير العلاقات الإستراتيجية مع الخليج، لافتا إلى أن الرئيس الأمريكي يحاول أن يقزم الخلافات مع الخليج باعتبارها "تكتيكية". وأشار الشايجي إلى ازدواجية الموقف الإيراني تجاه الثورات العربية التي أيدتها في مصر وتونس وليبيا. لكن عندما تفجرت الثورة في كل من سوريا واليمن ناصبتها إيران العداء بل واعتبرتها مؤامرة.وإلى نص الحوار... وإلى نص الحوار... بعد مرور أشهر على الاتفاق النووي بين إيران والغرب لا يزال هناك سؤال مطروح من الذي ربح الصفقة ..إيران أو الغرب؟ بكل تأكيد إيران..ومن يقول غير ذلك لا يفهم تفاصيل الاتفاق،ولا يدرك حجم المكاسب التي حققتها إيران منه،والدليل على ذلك التحول الجذري في العقلية الأمريكية والغربية تجاه إيران،فمن قبل كانت إيران بمثابة العدو لأمريكا على الأقل في الظاهر والعلن.،والآن أصحبت إيران حليف فاعل وينسق ويقدم خدمات في الحرب على الارهاب،بل وتعزز دورها التوسعي في المنطقة،وهذا ما يحدث الآن في "الفلوجة" مثلا، فبعدما كانت أمريكا ترفض التدخل الإيراني في العراق،أصبحت الآن شريكا لها في الحرب على "داعش"،وبعدما كانت واشنطن ترفض مشاركة الحشد الشعبي في تحرير المدن السنية كما أصرت في معركة تكريت. نرى واشنطن لا تمانع مشاركة مليشيات الحشد الشعبي الطائفية في معركة الفلوجة على ما نرى اليوم. وذلك نتيجة نظرة أوباما القصيرة المدى للمنطقة من زاوية محاربة "داعش"،برغم أنه في الحقيقة فشل في الحرب عليها. بعد مرور حوالي سنتين على هذه الحرب،والقيام بأكثر من 15 ألف غارة وطلعة جوية،ومع ذلك التنظيم موجود في عاصمتيه "الرقة" و"الموصل". كما أنه في تقديري ان العلاقة بين إيران وأمريكا هي علاقة "مصلحية" لكنها على كل الأحوال تقود لتوتير العلاقات الإستراتيجية بين الخليج وأمريكا،والتي هي في الاساس كانت متباينة إلى حد ما،بدءا بتعامل الاخيرة مع الربيع العربي،ومع الإخوان المسلمين،وعدم التعامل بجدية مع خرق الأسد لخطوط أوباما الحمراء،بعد استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه. وبالتالي كل ذلك يجعل الخلافات مع الولايات المتحدة "إستراتيجية" بينما اوباما يحاول ان يقلل من شأنها ويعتبرها "تكتيكية". وفي الوقت الذي تركز فيه الادارة الامريكية على محاربة الإرهاب ويتقدم على عداه،نجد فشلا واضحا وتمددا سريعا لهذه التنظيمات المتشددة،سواء في نيجيريا جماعة"بوكو حرام" أو "شباب المجاهدين" في الصومال،بل وتوسعت التفجيرات في أوروبا. وبالتالي هذا يؤكد مدى الفشل الأمريكي في مواجهة ما تعتبره الهدف الرئيسي لها في المنطقة ألا وهو محاربة"الإرهاب"،بل ويدحض ذريعة الولايات المتحدة في تعاونها مع إيران من أجل القضاء عليه. أمريكا والخليج.. خلافات لا اختلافات هل نستطيع ان نقول ان ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج خلافات وليست اختلافات؟ بالطبع..فهناك أشياء كثيرة تجعلنا نعتبر علاقة دول الخليج الآن مع الولايات المتحدة في مرحلة الخلافات وليست الاختلافات،وكان ذلك واضحا في عدم تقديم الدعم الامريكي الحقيقي لعملية"عاصفة الحزم"،وعدم مشاركتها في القتال في اليمن،وهذا يؤكد أن أمريكا تعتبر أن التطرف والجماعات الإرهابية هي جماعات سنية دون غيرها. في الوقت الذي يوجد فيه مليشيات شيعية مثل الحشد الشعبي في العراق،و"جيش المهدي"و"حزب الله"في لبنان،والمليشيات الطائفية الشيعية في سوريا،وقاسم سليماني والحرس الثوري المصنف أميركيا منظمة إرهابية،ومع ذلك لا تتعامل الولايات المتحدة مع تلك الجماعات بشكل جدي،أو تصنفهم منظمات إرهابية-بالرغم من الجرائم والطائفية التي تكرسها تلك الجماعات. بينما تتعامل واشنطن بكل صرامة مع قيادات الجماعات السنية وتستهدفهم. مثل إغتيال الملا أختر منصور زعيم حركة طالبان الذي قتلته أمريكا في نهاية شهر مايو الماضي. ويجب أن أذكر هنا بخطر التنظيمات والجماعات الشيعية المتطرفة وخطرها على العراق والمنطقة. واستشهد بما حذر منه ديفيد باتريوس"قائد القوات الأمريكية السابق في العراق وأفغانستان-ومدير عام وكالة الاستخبارات سي أي ايه السابق حذر:"أن خطر المليشيات الشيعية الطائفية الموالية لإيران على استقرار وتوازن القوى الإقليمي هو ليس تنظيم داعش،بل المليشيات الشيعية التي تدعم الكثير منها إيران."وهذا يهدد المصالح الامريكية. هذا تشخيص خطير يخرج من شخصية رفيعة في القيادة العسكرية الأمريكية. والاكثر من ذلك فإن تاريخ العلاقات الامريكية الايرانية حافل بالمشاكل والاشتباكات، تعلم مثلا أن إيران قتلت أكثر من ألفي جندي أمريكي في العراق، عبر المليشيات التابعة لها، وهذا ما تعرفه يقينا القيادة العسكرية الأمريكية، ومن قبل احتجزت الدبلوماسيين الأمريكيين، في المقابل فإن أمريكا قد أسقطت طائرة ركاب إيرانية عن طريق الخطأ في مياه الخليج العربي. ومع كل ذلك لم تكترث واشنطن ولا إيران بتلك المظالم وتعاونت مع المليشيات الايرانية، وشكلتا تحالفا استراتيجياً لمواجهة "داعش"، بينما في الحقيقة مليشيات الحشد الشعبي و"داعش" وجهان لعملة واحدة. وهذا ما نشهده اليوم في معركة الفلوجة. تعاون مصلحي معنى ذلك أن أمريكا بتحالفها مع المليشيات الإيرانية تساند إيران في أفعالها في المنطقة؟ هذا إلى حد ما صحيح..فلو نظرنا إلى عمليات تهجير المكون السني الذي تقوم به المليشيات الشيعية في المحافظات العراقية المحاذية للحدود الإيرانية مثل ديالى وبعقوبة،وما يحدث الآن في الفلوجة من عمليات تطهير للسنة،هذا كله يكشف أن هناك خطة واضحة وممنهجة من قبل إيران لتغير ديموغرافية التركيبة المذهبية في محافظات ومناطق محاذية لإيران. وهذا يجري في العراق وسوريا. وللأسف هذه الخطة التي تدفع العراق للتقسيم والتفتيت على خطوط طائفية ومذهبية وعرقية،لا تلقى الاهتمام ولا التحذير من الولايات المتحدة. كيف تقرأ تصريحات الرئيس الأمريكي لمجلة"ذي اتلانتك"والتي انتقد فيها المملكة العربية السعودية؟ هذه التصريحات تشكل تطورا خطيراً في مفهوم العلاقات الأمريكية الخليجية. فما قاله أوباما في سلسلة مقابلات مع الصحفي جيفري غولدبرغ في مجلة"ذي أتلانتك"بأن الشرق الأوسط لا يشكل أهمية للمصالح الأمريكية،وعلى السعودية وإيران ايجاد آلية لتقاسم النفوذ في المنطقة. وفي استفزاز غير مبرر من الرئيس أوباما وصف دول الخليج بالراكبين بالمجان. ما يزيد من هواجس وشكوك دول مجلس التعاون الخليجي ويؤكد أن العلاقات الامريكية الخليجية لم تعد كما كانت في السابق. وأن التعويل على إدارة أوباما لم يعد مقنعا،لأنها لا تعلب دورها النشط السابق في تأمين واستقرار المنطقة. وخاصة اننا نرى واشنطن باتت أقرب إلى إيران منها إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وهذا ما يعطي طهران ثقة أكبر،ويجعل حلفاء امريكا في المنطقة مثل دول الخليج وتركيا وأيضا إسرائيل يصلون لقناعة تامة بأن إدارة اوباما لا يمكن التعويل عليها. لذى جميع حلفاء واشنطن يتطلعون إلى التعامل وبدء صفحة جديدة مع الإدارة القادمة بمفهوم المعادلة الربحية بين دول الخليج والولايات المتحدة. لكن يقال إن الاتفاق قوّى من مكانة الاصلاحيين في إيران وزاد من نفوذهم في مقابل المتشددين؟ هذا من وجهة نظر أمريكا والغرب، لكن في حقيقة الامر الاتفاق عزز كما قلت من طموحات إيران التوسعية في المنطقة، ولم يفد الإصلاحيين بشيء، ونتائج انتخابات مجلس الشورى-السلطة االتشريعية وكذلك إعادة انتخاب أبرز صقور المتشددين المحافظين آية الله أحمد جنتي لمنصب رئيس مجلس خبراء القيادة أهم مجلس في النظام الإيراني-المسؤول عن تعيين وعزل المرشد الأعلى. يثبت أن كفة المتشددين والمحافظين هي الراجحة. وخير دليل على ذلك، وخاصة أن المرشد، آيه الله على خامنئي هو من يقود جناح المتشددين. دور المعتدلين اذا الرهان الامريكي على ان الاتفاق سيسهم في تعزيز دور المعتدلين قد فشل؟ بكل تأكيد.. بل ان الرهان على ان تمارس إيران سياسة حسن الجوار فشل ايضا، وعلى العكس من ذلك تماما فقد توسعت إيران أكثر بعد الاتفاق، وأرسلت المزيد من القوات إلى سوريا والعراق، وزادت الدعم لأذرعها في المنطقة مثل "حزب الله" والحوثيين في اليمن، وهذا ما عبر عنه حسن نصر الله في خطابه الاخير بان الحزب سيزيد من قواته في سوريا، وهذا بالطبع ما لقي استحسانا من المرشد والحرس الثوري. كيف لإيران ان تقوم بخطوات بناء الثقة بينها وبين جيرانها؟ اذا ارادت إيران ان تمد جسور الثقة بينها وبين جيرانها في المنطقة،فعليها أولاً ان تفكك مليشيات الحشد الشعبي في العراق،وتترك مؤسسات الدولة تمارس مهامها دون طائفية، وعليها ان تضغط على بشار الأسد كي ينفذ قرارات "جنيف1"،والانتقال للسلطة الانتقالية. كذلك الحال في اليمن عليها أن تمتنع عن دعم الحوثيين،وتحثهم على القبول وتطبيق بنود قرار مجلس الأمن 2216. وفي لبنان يجب أن تدفع"حزب الله"القبول بانتخاب رئيس جديد،وخاصة ان لبنان يواجه حالة من الإفلاس،بعد مرور عامين على خلو منصب الرئيس،بسبب تعنت "حزب الله"،علاوة على ذلك فإن إيران ماضية في مشروعها التوسعي في المنطقة. استغلال الفرصة يقال إن دول الخليج لم تستغل الفرصة كما استغلتها إيران وظلت معتمدة على الحليف الاستراتيجي الأمريكي ..وهذا ما قاله اوباما في مقابلته مع "ذي اتلانتك"؟ في الحقيقة انه منذ عام ونصف العام والاعتماد الخليجي على أمريكا تقلص بشكل كبير،و"عاصفة الحزم"أكبر دليل على ما أقول،وهي التي جعلت القرار الخليجي "داخليا"ولا ينتظر الإشارة،أو الاعتماد على الجانب الامريكي،وهو ما أطلقت عليه"مبدأ الملك سلمان"، والذي أعلنه شخصيا في مهرجان الجنادرية توضيحا للوضع الأمني الإقليمي عندما قال: "سنكون سنداً ونلعب دورا في حماية الأمن الإقليمي والعربي بما ترتضيه الشعوب وحماية الأنظمة"،وبهذا يكون الملك سلمان أول زعيم عربي يتكلم على امن المنطقة دون ان يحدد دولة بعينها،ثم ان هذا الكلام يتطابق مع سياسة الملك سلمان منذ مجيئه للقيادة السعودية، حيث امتازت سياسته بالجرأة، والإقدام،دون انتظار القرار الأمريكي. ناتو إسلامي هذا يجعلني أسألك ..كيف تنظر إيران إلى التحالف الإسلامي العسكري؟ التحالف الإسلامي العسكري يؤمل أن يتحول إلى ما اسميه"ناتو إسلامي"جديد وهو امتداد للتحالف الذي شكلته المملكة العربية السعودية للتدخل في اليمن،وأنا اعتبره ضربة موجعة لإيران بكل المقاييس،وخاصة أن إيران تعتبره موجها لها. كما ان عدد الدول المشاركة فيه ارتفع لـ49 دولة،وهو ما يجعل السعودية الآن لا تقود العالم العربي فقط وإنما أيضا العالم الإسلامي،وهذا ما يثير غضب وانزعاج طهران. كما ان هذا الامر يجعلنا نبني عليه مع الادارة الأمريكية الجديدة بأننا "ند" ولسنا طرفا ضعيفا، ولا نطلب منكم ان تقاتلوا عنا،بل نريد أن تكون سياستكم غير مهددة لأمننا واستقرارنا،وألا تدعموا من تقولون إنه خصمكم وأنتم في الحقيقة تتحالفون معه. وعليها ان تعلم بان إيران لن تكون في يوم من الايام حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة،وهذه هي وجهة نظر المرشد الذي ينظر دائما للعلاقات الأمريكية الإيرانية بنظرة تشكيكية. ولا يزال يطلق على الولايات المتحدة الأميركية"الشيطان الأكبر."ويعتبر جزءا كبيرا من نفوذه هو بسبب شعارات الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل. انسحاب إيران انسحب الرئيس الإيراني في قمة منظمة التعاون الإسلامي بعد إدانة جميع الأعضاء لأفعال إيران.. كيف تقرأ هذه الخطوة؟ هذه خطوة تدل على أن إيران الآن باتت معزولة،بعدما كانت تزعم أنها دولة محورية،فاذا بها تجد نفسها معزولة عربيا بعد أن قطعت 12 دولة عربية علاقتها بها،ومعزولة ومنتقدة إسلاميا بعد القمة الإسلامية الأخيرة،وهذا ما يجعل إيران تتراجع عن تقديم نفسها كنموذج يمكن أن يقود العالم الإسلامي،وهذا التراجع لم يأتِ من فراغ،بل من سياسات إيران ومحاولتها التمدد في المنطقة،مستخدمة أذرعها العسكرية مثل "حزب الله" والحوثيين في اليمن. إيران والديمقراطية تدعي إيران أنها دولة ديمقراطية وسط محيط من الديكتاتوريات..كيف تفند هذا الأمر؟ هذه ادعاءات زائفة ثبت خوائها في جميع المراحل،ففي عام 2009 قُمعت ما سمي بالثورة البنفسجية،وقام الباسيج (قوات التعبئة الشعبية التابعة للحرس الثوري) والباسدران (الحرس الثوري الإيراني)بضرب المحتجين على تزوير الانتخابات،والتي فاز فيها أحمدي نجاد بولاية ثانية،كما تمت ملاحقة القادة الذين قاموا بالاحتجاج والثورة، مثل مهدي كروبي ومير حسين موسوي بل وتم عزلهما ووضعهما رهن الإقامة الجبرية. برغم أنهما من أكبر القيادات في الدولة، فكروبي كان"رئيس مجلس الشورى الأسبق"وموسوي كان "آخر رئيس وزراء"قبل أن يُلغى منصب رئيس الوزراء في النظام الإيراني. كذلك فقد أعلنت إيران انها تؤيد الثورات العربية سواء في مصر أو تونس أو اليمن،واعتبرها المرشد صحوة إسلامية،تستمد إلهامها من الثورة الإيرانية،لكن عندما قامت الثورة في سوريا صنفتها طهران بالمؤامرة،ودعمت بشار في قمعه وقتل الشعب السوري،بل وتدخلت بقواتها وميليشاتها لتقمع الشعب السوري. كل ذلك يكشف زيف وتناقض الادعاء الإيراني بدعمها للثورات،بل الأغرب من ذلك انها حرضت اتباعها في البحرين على التظاهر ضد القيادة البحرينية،ورفع المتظاهرون صورا للخميني، وخامنئي. وكادت البحرين ان تسقط لولا تدخل قوات درع الجزيرة،التي لم تقمع الشعب البحريني كما فعلت إيران في سوريا،بل حافظت على الدولة قبل أن تسقط في يد حلفاء إيران. إيران ودعم الحوثيين هل تتفق مع من وصف التدخل الإيراني في اليمن ودعم الحوثي إعلان الحرب على المنطقة؟ لاشك أن الدعم الإيراني الذي وجه للحوثيين في اليمن وجماعة صالح،فاقم من النظرة السلبية لإيران،في الشارع العربي والخليجي تحديداً،بعد أن ثبت أن هناك اتجاها إيرانيا لاستنساخ نظام حزب الله في اليمن بتحويل الحوثيين إلى "حزب الله" جديد. بل والأشد من ذلك عندما أعلن أحد المسؤولين الإيرانيين "النائب علي زاكاني"بأن طهران تسيطر على 4 عواصم عربية،ويفاخرون بذلك بكل فوقية واستعلاء،وهم بذلك قد اسقطوا سيادة العراق وسوريا ولبنان واليمن. وهذا الأمر كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. كيف تفند الادعاءات الايرانية بأنها محور المقاومة والممانعة؟ هذا الأمر أنتهى ودُفن وأصبح أسطوانة مشروخة،بجلوس الإيرانيين مع الأمريكان سراً وعلنا للتفاوض حول الملف النووي، والتنسيق حول محاربة داعش. واكتشفنا أن هناك صفقات بين ايران وأمريكا تجري من تحت الطاولة،في "جنيف" ثم الاتفاق على إطار المفاوضات،حتى أصبحت مفاوضات علنية. بل إننا اكتشفنا أن المفاوضات كانت قد بدأت قبل مجيء الرئيس روحاني بستة أشهر،أي إنها بدأت في حكم احمدي نجاد"المتشدد"ضد الإدارة الأميركية،كما كان يدعي. هذا كله يفند وينسف جميع الادعاءات التي تقول إن إيران هي محور الممانعة والمقاومة،بل ويلغي جميع الشعارات التي ترفعها وتكررها إيران ضد أمريكا وإسرائيل.

881

| 06 يونيو 2016