رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات alsharq
د. عبدالله السادة: بر الآباء من أسباب سعة الرزق وزوال الهموم

قال فضيلة الدكتور عبدالله السادة إن البر والإحسان للآباء وكبار السن ورعايتهمْ وتفْريج كربهمْ وتيْسير أمورهمْ منْ أسْباب سعة الرزْق في الدنْيا والبركة في الحياة وزال الكدر والْهموم والأحْزان. وذكر في خطبة الجمعة إن الْكبير سواء كان أبا أوْ قريبا أوْ جارا، مسْلما أوْ غيْر مسْلم: لهمْ حقوق عليْنا جاءت الشريعة بحفْظها ورعايتها والْقيام بها. وقال إن منْ حقوق الْكبير التي دعا إليْها الإسْلام وأمر بها: أولا: توْقيره: كما جاء في حديث عبْدالله بْن عباس رضي الله عنْهما: «ليْس منا منْ لمْ يوقر الْكبير ويرْحم الصغير، ويأْمرْ بالْمعْروف وينْه عن الْمنْكر» . ثانيا: إكْرامه: بحسْن الْخطاب وطيب الْمعاملة، وجميل التودد. ثالثا: أنْ تبْدأه بإلْقاء السلام عليْه، كما في الْحديث: «يسلم الصغير على الْكبير، والراكب على الْماشي». رابعا: إذا حدثْت كبيرا في السن ناده بألْطف عبارة وأجْمل خطاب. حقوقهم في المجلس خامسا: أنْ يقدم في الْكلام، ويقدم في الْمجْلس، ويقدم في الطعام، ويقدم في الدخول: فهي منْ حقوقهم التي أوْصى بها رسول الله. سادسا: أنْ تراعي وضْعه الصحي والْبدني والنفْسي بسبب الْكبر وضعْفه، إذْ تتغير طباعه، وتنْفد بعْض قواه، ثم يكْبر فيصير شيْخا كبيرا، ضعيف الْقوى، قليل الْحركة، يعْجزه الشيْء الْيسير. فلا تمل من الْكبير، ولا تسْأمْ منْ معاملته، بل احْرصْ على أنْ ترْعاه حق الرعاية، وأنْ تحْسن معاملته. سابعا: الدعاء لهمْ: فتدْعو لهمْ بطول الْعمر في طاعة الله عز وجل، وتدْعو لهمْ بالتوْفيق والسداد، وأنْ يمتعهم الله بالصحة والْعافية، ويحْسن لهم الْخاتمة. الخير مع كبر السن وقال د. السادة إن كبار السن وذوي الأعْمار الْمديدة يعيشون مرْحلة إقْبال على الآخرة وإحْساس بدنو الأجل أكْثر منْ غيْرهمْ، فالطاعة فيهمْ تزيد، والْخيْر فيهمْ يكْثر، والْوقار عليْهمْ يظْهر. وقال إن الْواجب على الشباب أنْ يتقوا الله جل وعلا ويراقبوه بمراعاة حقوق هؤلاء الأمْثال الأخْيار، والأفْضال الأبْرار، أهْل الإحْسان والطاعة والْخيْر والْعبادة، أهْل الركوع والسجود والصيام والْقيام، والتسْبيح والْتهْليل، والْحمْد والإنابة، ولا يهْزأْ شاب منْ شيْخ كبير تغيرتْ أحْواله منْ كر الزمان عليْه ولا يسْخرْ منْ شيْبته.

2012

| 07 أكتوبر 2017

محليات alsharq
"كيف أصبحت" يناقش "فلاح المؤمن" عبر أثير إذاعة القرآن الكريم

ناقشت حلقة أمس من برنامج "كيف أصبحت" عبر أثير إذاعة القرآن الكريم صفات المفلحين وفلاح العبد المؤمن كما وردت في القرآن الكريم، مع الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور عبد الله بن إبراهيم السادة، وأكد السادة ضرورة أن يحاسب المسلم نفسه خلال الشهور الاثني عشر التي مرت مع انتهاء السنة الهجرية الماضية، مستشهدًا بحرص السلف الصالح على الوقت الذي سيحاسب الإنسان على إضاعته من غير ما فائدة، داعيًا المسلم إلى استثمار الوقت قدر الإمكان في الأمور الجادة، وأن يبدأ يومه بما يفيده في دنياه وأخراه، مبينًا أن صباح العبد المفلح يبدأ بصلاة الفجر وأذكار الصباح التي هي شارحة لقلب المؤمن. وتناول د.السادة الخشوع في الصلاة الذي هو من أبرز دواعي الفلاح، لافتا إلى أن بعض الناس يستهين بالخشوع في الصلاة، معتبرا أن صلاته في الجماعة تكفيه عن الخشوع، ولم يدر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها"، ومع ذلك فإن الإنسان يركن دائما إلى الأسهل والأيسر، ولذلك فإن تمرين النفس على هذه العادات والعبادات القلبية تحتاج إلى اجتهاد العبد وبذل طاقة وتعب وتركيز في البداية قبل أن تصبح عادة، والله سبحانه وتعالى يعين العبد إذا رأى منه الصدق، قال جل وعلا في الحديث القدسي: "من أتاني يمشي أتيته هرولة". وذكر أن الصلاة إذا لم تغير صاحبها وتنهاه عن الفحشاء والمنكر فهناك خلل فيها، مستعرضا بعض دواعي الخشوع في الصلاة، ومنها الحضور قبل الصلاة وتحية المسجد والمشي بسكينة، وتدبر الآيات التي يقرأها الإمام، معددا جملة من الأمور التي لا تعين على الخشوع ومنها الجوع ومكافحة الأخبثين والنعاس وغيرها، مشيرًا إلى أن الخشوع في الصلاة يعد مجاهدة، مستشهدا بقصص مضت للسلف الصالح في ما يتعلق بالخشوع. وأشار إلى أن لسان الإنسان سبب رئيسي من أسباب الفلاح كما أنه سبب لدخول الكثير من الناس إلى النار، وأن الرجل ليتكلم الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا تهوي به في نار جهنم، داعيا إلى ضرورة أن يحرص المسلم على جميع تصرفاته وأقواله. وتناول د. عبد الله السادة أهمية الزكاة في الوصول إلى الفلاح باعتبارها الركن الثالث من أركان الإسلام، مؤكدًا على دورها في تزكية النفس وتطهير الغني من البخل والشح والطمع. يذكر أن البرنامج يبث من الأحد إلى الخميس، ويقدمه يوم الخميس الإعلامي عبد الله البوعينين، والإعلامي أحمد الجربي، ويعده أحمد الشنقيطي، ومن التنفيذ على الهواء سلمان لقمان، ومن التنسيق والمتابعة توفيق أسامة. الفلاح الحقيقي وبين الشيخ عبد الله السادة أن الأمان والنجاح اللذان يبحث عنهما كل إنسان يكمنان في العبادة التي هي السبيل إلى الفلاح، باعتباره الفوز بكل ما هو محبوب والنجاة من كل ما هو مرهوب. مؤكدًا أن الفلاح الحقيقي هو الفوز برضا الله تعالى، الذي يحتاج إلى عزيمة وإرادة وعمل جاد من قبل المسلم.

1468

| 22 سبتمبر 2017

محليات alsharq
السادة: الإيمان بالقضاء والقدر من قواعد الإسلام

تواصلت الفعاليات الدينية في مهرجان (كتارا) الرمضاني والتي تقام في جامع كتارا الكبير، حيث ألقى فضيلة الشيخ عبد الله السادة محاضرة قيمة في ثنايا صلاة التراويح تحدث فيها عن قاعدة عظيمة في ديننا الحنيف تجسد الأصول الإيمانية والتي هي الإيمان بالقضاء والقدر، تحدثت عنها الآية القرآنية:" وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ: (البقرة:216)، مشيرا إلى أن القرآن والسيرة يحتويان أمثلة كثيرة عن هذه القاعدة .. وأوضح أن الإنسان قد يمر بالعديد من الأحداث والأقدار التي تبدو في ظاهرها مؤلمة ومحزنة، بل ومهلكة، إلا أن فيها خيرا ومنحة وعطية، مضيفا أن الله لا يصيب إنسانا بمكروه إلا لخير في الدنيا والآخرة، وليصرف عنه شرا ويرفع به درجة، فكم من منحة في ثوب محنة، وكم من عطية في رداء بلية، وكم أتت لأقوام فوائد ظنوها مصائب .. وكم من مضرة كانت في عاقبتها مسرة . واستشهد السادة بقصة إلقاء أم موسى لولدها في البحر، حيث وقوع ابنها بيد فرعون، حتى إذا وقع الأمر، ظهرت عواقبه الخيرة والحميدة، وآثاره الطيبة في مستقبل الأيام، وصدق الله العظيم (والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، مضيفا أن قصة النبي يوسف عليه الصلاة والسلام ورميه بالبئر من قبل إخوته، تحمل نفس المعاني والمقاصد .. مؤكدا أن القاعدة الإيمانية التي نصت عليها الآية القرآنية تدفعنا إلى التوكل على الله، وبذل ما نستطيع من الأسباب المشروعة، فإذا وقع خلاف ما نحب، علينا أن نتذكرالقاعدة القرآنية العظيمة: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة:216) .

1823

| 01 يونيو 2017

محليات alsharq
عبدالله السادة: سلامة الغذاء واجب شرعاً

قال فضيلة الشيخ عبدالله ابراهيم السادة: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْإِنْسَانَ لِعِبَادَتِهِ، وَجَعَلَهُ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ وَسَخَّرَ لَهُ مَا فِيهَا لِيَعْمُرَهَا، وَلِيَنْهَضَ بِمَا كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ وَاجِبَاتٍ وَأَوَامِرَ، فَجَعَلَ مَطْعَمَهُ وَمَشْرَبَهُ وَأَسْبَابَ صِحَّتِهِ وَقُوَّتِهِ فِيهَا، وَذَلَّلَهَا لَهُ وَمَا فِيهَا وَيَسَّرَهُ لِيَحْصُلَ مَعَهُ تَمَامُ النِّعْمَةِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ). وأشار السادة في خطبة الجمعة اليوم بمسجد مريم بنت عبدالله إلى ان الله تبارك وتعالى قد َأَبَاحَ لَلإنسان الأَكْلَ مِنْ طَيِّبَاتِ الارض؛ فَقَالَ سبحانه وتَعَالَى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا) وَجَعَلَ ذَلِكَ مَتَاعًا لِلإِنْسَانِ فَقَالَ جَلَّ فِي عُلَاهُ: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ). واسترشد الخطيب بما ورد َعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا انه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ مَخِيلَةٍ وَلَا سَرَفٍ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُرَى نِعْمَتُهُ عَلَى عَبْدِهِ». وأوضح خطيب مسجد مريم بنت عبدالله أن تَنَاوُلُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنَ الدَّوَافِعِ الفِطْرِيَّةِ فِي الإِنْسَانِ، مضيفا أنه َمُنْذُ نَشْأَتِهِ فِي الأَرْضِ وَهُوَ يَسْعَى وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ فِي تَأْمِينِ حَاجَتِهِ مِنْ ذَلِكَ، مِمَّا دَفَعَهُ إِلَى إِنْتَاجِ الغِذَاءِ الحَيَوَانِيِّ وَالنَّبَاتِيِّ بِأَشْكَالٍ وَأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمُتَنَوِّعَةٍ، وَحِفْظِهِ بِطُرُقٍ وَوَسَائِلَ تُحَقِّقُ لَهُ سَلَامَةَ الغِذَاءِ، قَاصِدًا بِذَلِكَ حِفْظَ نَفْسِهِ وَعَقْلِهِ وَمَالِهِ. وقال إن َالإِسْلَامُ أَكَّدَ حِفْظَهَا بِأَحْكَامٍ وَآدَابٍ وَقَوَاعِدَ شَرَعَهَا لَنَا فِي إِنْتَاجِ الغِذَاءِ وَحِفْظِهِ وَسَلَامَتِهِ، تَتَحَقَّقُ مَعَهَا المَصَالِحُ، وَتَنْدَفِعُ مَعَهَا المَفَاسِدُ. ولفت إلى أنه مِمَّا جَاءَتْ بِهِ شَرِيعَتُنَا المُطَهَّرَةُ مِنْ آدَابٍ وَقَوَاعِدَ لِإِنْتَاجِ الغِذَاءِ وَحِفْظِهِ وَسَلَامَتِهِ: تَحْرِيمَ الضَّارِّ مِنْهَا، وَوُجُوبَ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَسُلُوكَ الطُّرُقِ الوِقَائِيَّةِ قَبْلَ الوُقُوعِ فِيهِ؛ فَقَدْ وَصَلَتْ نِسْبَةُ التَّلَوُّثِ فِي بعضِ الأَغْذِيَةِ إِلَى مُسْتَوَيَاتٍ نَتَجَ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنَ الأَمْرَاضِ والأَوْبِئَةِ بِسَبَبِ الزِّرَاعَةِ بِمَوَادَّ مُلَوَّثَةٍ، وَاِسْتِعْمَالِ المُبِيدَاتِ الضَّارَّةِ لِلإِنْسَانِ فِيهَا، وَإِطْعَامِ الحَيَوَانَاتِ عَلَفًا مُلَوَّثًا، فَأَصْبَحَ بعضُ غِذَاءِ النَّاسِ فَاسِداً غَيْرَ صَالِحٍ لِلِاسْتِهْلَاكِ.

1110

| 07 أبريل 2017

دين ودنيا alsharq
السادة: القول الحسن يربي النفوس على الخلق الجميل

قال فضيلة الشيخ عبدالله بن إبراهيم السادة إِنَّ الكَلِمَ الطَّيِّبَ وَالقَوْلَ الحَسَنَ يَبْنِي فِي النُّفُوسِ كُلَّ خُلُقٍ جَمِيلٍ، قَالَ -تَعَالَى- "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا". وأضاف: قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيُّ-رَحِمَهُ اللهُ- فِي تَفْسِيرِهِ: «وَهَذَا أَمْرٌ بِكُلِّ كَلامٍ يُقَرِّبُ إِلَى اللهِ مِنْ: قِراءَةٍ وذِكْرٍ وكَلامٍ حَسَنٍ لَطِيفٍ مَعَ الخَلْقِ عَلَى اخْتِلافِ مَرَاتِبِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، وَأَنَّهُ إِذَا دَارَ الأَمْرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ حَسَنَيْنِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِإِيثارِ أَحْسَنِهِمَا إِنْ لَمْ يُمْكِنِ الجَمْعُ بَيْنَهُمَا" . وقال السادة في خطبة الجمعة، اليوم، بجامع مريم بنت عبد الله بالدحيل إن َالكَلِمَةُ الحَسَنَةُ أَنْواعُهَا كَثِيرَةٌ وَثِمارُها عَدِيدَةٌ، مَنْ مَلَكَهَا وُفِّقَ لِلْخَيْرِ فِي دُنْياهُ وأُخْراهُ، وَبِضِدِّهَا يَكُونُ الهَلاكُ؛ قَالَ النَّبِيُّ لِمُعاذٍ "وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟". جُمْلَةِ الكَلَامِ الْحَسَنِ وأوضح أن َمِنْ جُمْلَةِ الكَلَامِ الْحَسَنِ: كَلِمَةٌ كَثِيرٌ خَيْرُهَا، غَزِيرٌ نَفْعُهَا، وَاجِبٌ بَثُّهَا وَنَشْرُهَا، إِنَّها كَلِمَةُ الإِشادَةِ وَالتَّشْجِيعِ؛ فَهِيَ كَلِمَةٌ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا قَائِدٌ فِي أُمَّتِهِ، وَلَا مُعَلِّمٌ مَعَ تَلامِيذِهِ، وَلَا مُرَبٍّ مَعَ أَبنْائِهِ، لِأَنَّها كَلِمَةٌ تَبْنِي وَلَا تَهْدِمُ، وَقَائِلُهَا يَغْنَمُ وَيَتَقَدَّمُ، وَلَا يَغْرَمُ وَلَا يَنْدَمُ، تَحْتَاجُهَا نُفُوسُ البَشَرِ عِنْدَ التَّعَثُّرِ، وَينْتَفِعُ بِهَا النَّاجِحُونَ عِنْدَ التَّبَعْثُرِ. كَانَ النَّبِيُّ يُدْرِكُ وَقْعَ كَلِمَةِ الإِشَادَةِ عَلَى نُفُوسِ البَشَرِ، حَتَّى اسْتَفَاضَتْ أَبْوابُ المَناقِبِ بِأَحَادِيثَ مِنَ الإِشَادَاتِ قِيلَتْ فِي رِجَالٍ أَفْذَاذٍ مِنَ الآلِ وَالأَصْحَابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَمْ جَمِيعاً. الإشادة بأبي بكر الصديق وأضاف الخطيب "فَفِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يُشِيدُ النَّبِيُّ عَلَى المَلَأِ فَيَقُولُ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً» وَيُشِيدُ بِالْفَارُوقِ عُمَرَ، فَيقُولُ: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» وَيُشِيدُ بِذِي النُّورَيْنِ عُثْمَانَ، فَيَقُولُ «ألَا أَسْتَحِيي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِيي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ». وَفِي أَبِي السِّبْطَيْنِ عَلِي، قَالَ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي». بَلْ مَا سُمِعَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ، غَيْرَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَإِنَّهُ جَعَلَ يَقُولُ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»؛ فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ) وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ» وَأَيْضاً لقب خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ بِسَيْفِ اللهِ المَسْلُولِ.

1240

| 15 أبريل 2016

محليات alsharq
السادة: لا حلول ناجحة للنزاعات إلا بالعودة إلى كتاب الله

قال فضيلة عبد الله بن ابراهيم السادة إِنَّ أَهَمَّ أَسْبَابِ بَقَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَآلُفِ قُلُوبِ أَهْلِهَا، وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ، وَتَوَحُّدِ صُفُوفِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ رَابِطَهُمْ هُوَ الحُبُّ فِي اللهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ أَحَدُ شُعَبِ الإِيمَانِ وَخَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِهِ.وَقَدْ حَرِصَ النَّبِيُّ عَلَى تَحْذِيرِ أُمَّتِهِ مِنَ الِافْتِرَاقِ وَالِاخْتِلَافِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ بِعَدَمِ التَّرَاصِّ فِي الصُّفُوفِ، وَالتَّبَاعُدِ فِيهَا مِمَّا يُسَهِّلُ تَسَلُّطَ الشَّيْطَانِ عَلَى المُصَلِّي لِيَصْرِفَهُ عَنْ مَقْصُودِهَا وَهُوَ الخُشُوعُ فِيهَا. وذكر في خطبة الجمعة كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَقَالَ: «لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو ، وَكَانَ يَقُولُ: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» وقال فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الظَّاهِرِ بِعَدَمِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ يُؤَدِّي إِلَى اخْتِلَافِ القُلُوبِ فِي البَاطِنِ» وأكد أَنَّ الأُمَّةَ لَمَّا حَقَّقَتْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً" عَلَا شَأْنُهَا وَارْتَفَعَ قَدْرُهَا وَذَاعَ صِيتُهَا، أَمَّا حِينَمَا تَفَرَّقَتْ وَاخْتَلَفَتْ وَتَشَرْذَمَتْ وَتَنَاحَرَتْ صَارتْ مَعِيشَتُهَا ضَنْكاً، وَحَيَاتُهَا عُسْراً، فَسَقَطَتْ مِنْ أَعْيُنِ أَهْلِهَا قَبْلَ أَعْدَائِهَا وَذَهَبَ رِيحُهَا، قَالَ تَعَالَى: " وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" الخلاف شر إِنَّ مِنَ الكَلِمَاتِ الخَالِدَةِ وَالْعِبَارَاتِ البَاقِيَةِ وَالْوَصَايَا المُؤَثِّرَةِ: قَوْلَ الصَّحَابِيِّ الجَلِيلِ عَبْدِللهِ بْنِ مَسْعُودٍ : (الْخِلَافُ شَرٌّ) كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ مَازَالَتْ تَتَنَاقَلُهَا الأُلْسُنُ وَتُدَوِّنُهَا الكُتُبُ وَتُقْرَأُ عَلَى المَلَأِ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ الخِلَافُ شَرّاً وَهُوَ صِفَةُ المُشْرِكِينَ، قَالَ تَعَالَى: " وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا . وَكَيْفَ لَا يَكُونُ شَرّاً وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ أَهْلِ الفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، فَقَالَ تَعَالَى: " إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ" وَقَدْ جَاءَتِ النُّصُوصُ فِي كِتَابِ اللهِ وَفِي سُنَّةِ النَّبِيِّ حَاضَّةً عَلَى الِاجْتِمَاعِ حَاثَّةً عَلَى التَّآلُفِ، وَفِي المُقْابِلِ أَيْضاً جَاءَتْ مُحَذِّرَةً مِنَ الفُرْقَةِ، مُنَفِّرَةً مِنَ الِاخْتِلَافِ، سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ الْخِلَافُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ المُسْلِمِينَ العَامَّةِ أَوْ فِيمَا يَكُونُ بَيْنَ الأَفْرَادِ. وأضاف "مِنْ صُوَرِ الِاجْتِمَاعِ: أَمْرُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الزَّوْجَيْنِ بِبَذْلِ كُلِّ أَسْبَابِ الأُلْفَةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَالبُعْدِ عَنْ أَسْبَابِ الفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، وَلِهَذَا أَمَرَ الزَّوْجَ بَوَعْظِ الزَّوْجَةِ النَّاشِزِ وَهَجْرِهَا وَضَرْبِهَا ضَرْباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ ثُمَّ تَحْكِيمِ المُحَكَّمِينَ مِنْ أَهْلِهَا وَأَهْلِهِ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ أَمَرَ بَأَنْ لَا يَنْسَيَا الفَضْلَ بَيْنَهُمَا، فَتَأَمَّلُوا مَعِي كَمْ هِيَ الطُّرُقُ الَّتِي جَاءَتْ لِتَحْفَظَ كِيَانَ هَذِهِ الأُسْرَةِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالْفُرْقَةِ . وقال إن النبي ذكر أن الِاخْتِلَافَ - بَلِ الِاخْتِلَافَ الكَثِيرَ- كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِقْرَاراً مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا مَحَبَّةً لَهُ لِذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا إِخْبَارٌ بِمَا سَيَكُونُ عَلَيْهِ النَّاسُ، كَمَا أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " ولَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ "، وَقال السادة إن الْخِلَافُ فِي القُرُونِ المُتَأَخِّرَةِ أَكْثَرُ مِنْ ذِي قَبْلُ؛ قَالَ : «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافاً كَثِيراً» وَهَذَا الِاخْتِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ظَاهِرٌ فِي هَذَا العَصْرِ، فَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ عَلَى مُسْتَوَى الأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعَاتِ وَالدُّوَلِ، أَمَّا الأَفْرَادُ فَقَدْ وَقَعَ التَّبَاغُضُ، وَطَغَى التَّدَابُرُ، وَبَرَزَ التَّهَاجُرُ، وَاسْتَمَرَّتِ القَطِيعَةُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، كُلٌّ يَرَى أَنَّهُ عَلَى صَوَابٍ، وَأَنَّ الحَقَّ لَا يَتَعَدَّاهُ فَيَتَمَسَّكُ هَذَا بِرَأْيِهِ وَذَاكَ بِرَأْيِهِ فَتَزْدَادُ هُوَّةُ الخِلَافِ، وَتَتَّسِعُ دَائِرَةُ التَّهَاجُرِ.

639

| 08 أبريل 2016

محليات alsharq
السادة : المؤمن متفائل دائماً لا تهمه تقلبات الحياة

قال فضيلة الشيخ عبدالله بن إبراهيم السادة إن الله جعلَ الحياةَ الدنيا كثيرةَ التقلُّبِ لا تستقيمُ لأَحدٍ علَى حالٍ ولا تَصْفُو لمخلوقٍ مِنَ الكَدَرِ، فَفِيها خيرٌ وشرٌّ، وصلاحٌ وفسادٌ، وسُرورٌ وحُزْنٌ، وأملٌ ويأْسٌ، ويأتِي الأملُ والتفاؤلُ كشُعاعَيْنِ يُضِيئانِ دياجِِيرَ الظلامِ، ويشقَّانِ دُروبَ الحياةِ للأنامِ، ويَبْعَثان في النَّفْسِ البشريَّةِ الجِدَّ والمثُابَرةَ، ويلقِّنانِها الجَلَدَ والمصُابَرَةَ، فإنَّ الذي يُغْرِي التاجرَ بالأسفارِ والمخاطرةِ: أَمَلُهُ في الأرباحِ، والذي يَبْعثُ الطالبَ إلى الجدِّ والمثُابرةِ: أملُُهُ في النجاحِ، والذي يحفِّزُ الجنديَّ إلى الاستبسالِ في أرضِ المعركةِ أملُهُ في النصرِ، والذي يُحبِّبُ إلى المريضِ الدواءَ المُرَّ أملُهُ في الشِّفاءِ والطُّهْرِ. وقال في خطبة الجمعة اليوم بجامع مريم بنت عبدالله شرق اللاندمارك، إن الذي يدعو المؤمنَ أنْ يُخالِفَ هَواهُ ويُطيعَ مَوْلاهُ: هو أملُه في الفوزِ بجنَّتِهِ ورِضاهُ، فهوَ يُلاقِي شدائِدَها بقلبٍ مُطْمَئِنٍ، ووجْهٍ مُسْتبشرٍ، وثَغْرٍ باسمٍ، وأمَلٍ عَريضٍ، فإذا حارَبَ كانَ واثِقًا بالنصرِ، وإذا أعْسَرَ لم يَنقطِعْ أملُهُ في تبدُّلِ العُسْرِ إلى يُسْرٍ، وإذا اقترفَ ذنبًا لم ييأسْ مِنْ رحمةِ اللهِ ومغفرَتِهِ تَعلُّقاً وأملاً بقولِ اللهِ تعالىَ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). الفأل الحسن يعجب وقال إن رسولُنا كان يُعْجِبُهُ الفأْلُ؛ لأنَّه حُسْنُ ظَنٍّ باللهِ، فقَدْ أخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ عَنْ أنسٍ أنَّ نبيَّ اللهِ قالَ: "لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ ويُعُجِبُنِي الفأْلُ: الكََلِمَةُ الحسَنَةُ، الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ"، فبالأملِ يذوقُ الإنسانُ طَعْمَ السعادَةِ، وبالتفاؤُلِ يُحِسُّ بِبَهْجَةِ الحياةِ. أُعَلِّلُ النَّفْسَ بالآمالِ أَرْقُـبُها ما أضْيَقَ العَيْشَ لَوْلا فُسْحَةُ الأمَلِ وأوضح السادة أن حقيقةَ الأملِ لا تأتِي مِنْ فَراغٍ، كما أنَّ التفاؤلَ لا يَنْشَأُ مِنْ عَدَمٍ، ولكنَّهُما وَلِيدا الإيمانِ العميقِ باللهِ تعالَى، والمعرفَةِ بِسُنَنِهِ ونوامِيسِهِ في الكونِ والحياةِ، فهوَ سبحانَه الذي يصرِّفُ الأمورَ كيفَ يشاءُ بعلمِهِ وحكمتِهِ، ويُسَيِّرُها بإرادَتِهِ ومشيئَتِهِ، فيُبَدِّلُ مِنْ بعدِ الخَوْفِ أمْنًا، ومِنْ بعدِ العُسْرِ يُسْراً، ويجعلُ مِنْ كلِّ ضيقٍ فرَجاً ومِنْ كلِّ هَمِّ مَخْرجاًَ. المؤمنُ على خَيْرٍ وذكر أن المؤمنُ على خَيْرٍ في كلِّ الأحوالِ، كما ثبَتَ عَنْ صُهَيْبِ بنِ سِنانٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ: "عَجَباً لأَمْرِ المؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلاَّ لِلمُؤْمنِ: إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانَ خيرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فكانَ خيرًا له". وزاد القول "شَتاَّنَ ما بَيْنَ حالِ المؤمنِ المتفائلِ، والفاجِرِ المتشائِمِ الذي لا يَرَى في الوجودِ إلاَّ الظلامَ والتعَّاسَةَ والشَّقاءَ. وجَديرٌ أنْ يَلِدَ الإيمانُ الأملَ، وأنْ تُثْمِرَ شجَرةُ اليقينِ التفاؤلَ، وأنْ يكونَ المؤمنُ أوْسَعَ الناسِ أملاً وأكثرَهُمْ تفاؤلاً واستبشارًا، فهَذا رسولُ اللهِ الذي أرسلَهُ اللهُ بشيرًا ونذيرًا مكَثَ في مكةَ ثلاثةَ عشرَ عامًا يدعوُ إلى الإسلامِ فجابَهَ طواغيتُ الشِّرْكِ وعُبَّادُ الأوثانِ دعوتَهُ بالاستهزاءِ، وآياتِ ربِّهِ بالسُّخْريةِ والعِداءِ، وأصحابَهُ بالأذَى والضرَّاءِ، غَيْرَ أنَّه لَمْ يَضْعُفْ عَنْ مبدَئِهِ ولَمْ يستَكِنْ، ولَمْ يَنْطَفِِىءْ في صدرِهِ أملُ الغلَبَةِ والظَّفَرِ. وحينَ اشتدَّ عليهِ وعلَى صاحِبهِ الطَّلَبُ أيامَ الهِجْرةِ إِلى حَدِّ أنْ وقَفَ المشركونَ فوقَ رؤوسِهِما وهوَيقولُ لأبي بكرٍ بِلُغَةِ الواثِقِ بربِّهِ: "ما ظَـنُّكَ باثْنَيْنِ اللهُ ثالثُهما". وهَذا إبراهيمُ- عليهِ السلامُ - قَدْ صارَ شَيْخاً كبيراً ولَمْ يُرْزَقْ بَعْدُ بِوَلَدٍ فيدفَعُهُ حُسْنُ ظَنِّهِ بربِّهِ أنْ يَدْعُوَهُ: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)، فاستجابَ له ربُّهُ ووَهَبَ لهُ إسماعيلَ وإسحاقَ عليهما السلامُ. نبي لا يعرف اليأس ولفت إلى أن نبيُّ اللهِ يعقوبُ - عليهِ السلامُ- فَقَدَ ابنَهُ يوسفَ - عليهِ السلامُ- ثُمَّ أخاه، ولكنَّه لم يتسرَّبْ إلى قلبِهِ اليأسُ ولا سَرَى في عُروقِهِ القُنوطُ، بَلْ أمَّلََ ورَجا وقالَ: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً، إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ). وقال إنه ما أجَملَهُ مِنْ أَمَلٍ تُعَزِّزُهُ الثِّقَةُ بالله، حينَ قالَ: يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ). وذكر أن أيوبُ - عليهِ السلامُ- ابتلاهُ ربُّه بِذَهابِ المالِ والوَلَدِ والعافِيَةِ، ثُمَّ ماذا ؟ قالَ اللهُ تعالىَ: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسّــَنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَـفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَــهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَــةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكـْرَى لِلْعَابِدِينَ).

3493

| 22 يناير 2016

محليات alsharq
السادة: البعد عن الغلو في الدين يخلق الشخصية المعتدلة

قال فضيلة الشيخ عبد الله بن إبراهيم السادة إن الله اخْتَارَ لَنَا دِيناً مُتَكَامِلاً. وَنِظَاماً مُتَوَازِناً. يَتَنَاسَبُ مَعَ الْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ. وَالنَّفْسِ البَشَرِيَّةِ. عَقِيدَةً وَشَرِيعَةً. تَنْبَثِقُ مِنْهُ كُلُّ التَّصَوُّرَاتِ وَالْقِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ. لاَ إِفْرَاطَ فِيهِ وَلاَ تَفْرِيطَ. وَلاَ غُلُوَّ وَلاَ تَشْدِيدَ. مَنْهَجٌ وَسَطٌ اخْتَارَهُ اللهُ لأَتْبَاعِ هَذَا الدِّينِ، حَتَّى تَتَحَقَّقَ شَخْصِيَّةُ الْمُسْلِمِ الْحَقَّةُ الَّتِي يِرُيدُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ. وذكر أن مما شرعه الله لَنَا التَّرْوِيحَ عَنِ النَّفْسِ، فَهُوَ عُبُودِيَّةٌ للهِ إِذَا اسْتَحْضَرَ الْمُسْلِمُ مَعْنَاهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالمَينَ * لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وأنا أَوَّلُ الْمُسْلِمين) ولفت إلى أن الترويح جَانِبٌ مِنَ الْجَوانِبِ الْمُهِمَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ، فَهُوَ للهِ فِي حَالِ إِصْلاَحِ الْعَبْدِ لِنِيَّتِهِ وَمُمَارَسَتِهِ بِشُرُوطِ حِلِّهِ، وَاتِّخَاذِهِ وَسِيلَةً لاَ غَايَةً، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ:«إِنِّي لأَسْتَجِمُّ قَلْبِي بِالشَّيْءِ مِنَ اللَّهْوِ، لِيَكُونَ أَقْوَى لِي عَلَى الْحَقِّ». وَالتَّرْوِيحُ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلاَلٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللهِ الْعَافِيَةَ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيّاً، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً). وقال إنه مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الأَصْلَ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَالتَّرْوِيحُ يُسَاعِدُ الإِنْسَانَ عَلَى رَفْعِ الْمَلَلِ، وَدَفْعِ الضَّجَرِ، وَضِيقِ الصَّدْرِ، وَالإِحْسَاسَاتِ الأَلِيمَةِ الَّتِي سَبَبُهَا فِي العَادَةِ عِنْدَ بَعْضِ النَّاس انْهِمَاكُهُمْ في الأَعْمَالِ الْجِدِّيَّةِ النَّافِعَةِ. عِبَادَ اللهِ الْمُؤْمِنِينَ: مِنَ الأَدِلَّةِ عَلَى جَوَازِ التَّرْوِيحِ: مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ حَنْظَلَةَ. وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ: «.. نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: « وَمَا ذَاكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وفي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ -يَا حَنْظَلَةُ- سَاعَةً وَسَاعَةً (ثَلاَثَ مَرَّاتٍ)». أَدِلَّةِ جَوَازِ التَّرْوِيحِ وأشار إلى أنه مِنْ أَدِلَّةِ جَوَازِ التَّرْوِيحِ: مَا كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ مَعَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ. حَيْثُ كَانَ يُمَازِحُهُمْ، فَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ: «يَا ذَا الأُذُنَيْنِ!» (يَعْنِي يُمَازِحُهُ). وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّهُ قَالَ:«عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي - وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ - مِنْ دَلْوٍ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِم]. وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ وَأَنَا خَفِيفَةُ اللَّحْمِ. فَنَـزَلْنَا مَنْـزِلاً فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: تَقَدَّمُوا. ثُمَّ قَالَ لِي: تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ، فَسَابَقَنِي فَسَبَقْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي سَفَرٍ آخَـرَ وَقَدْ حَمَلْتُ اللَّحْمَ، فَنَـزَلْنَا مَنْـزلاً، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: تَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ، فَسَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَضَرَبَ بِيَدِهِ كَتِفِي وَقَالَ: هَذِهِ بِتِلْكَ». وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: «وَاللَّهِ! لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ أَجْلِي، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ». وَفِي رِوَايَةٍ لِلإِمَامِ أَحْمَدَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ يَوْمَئِذٍ: «لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً، إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ».

1079

| 18 ديسمبر 2015

محليات alsharq
السادة: التمسك بـ "الكتاب والسنة" يثبِّت المسلم على الحق

قال فضيلة الشيخ عبدالله السادة إنَّ لكلِّ امرئِ خاتمةً، ولكلِّ حيٍّ نهايةً، وإنه.. يَا شقاءَ مَنْ كانتْ خاتمتُهُ إلى سوءٍ وعذابٍ، ويا سعادةَ مَنْ كانتْ خاتمتُهُ إلى هدىً وصوابِ، وأتاهُ أمرُ اللهِ وهُوَ في تعظيمٍ للهِ واستبشارٍ، وفي شوقٍ لأنْ يلحقَ المتقينَ الأبرارَ، يقولُ اللهُ سبحانَه: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي". وبين في خطبة الجمعة بمسجد مريم بنت عبدالله بالدفنة، أنه حين حضرت معاذَ بن جبل رضي الله عنه الوفاةُ، قالَ: "الَّلهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنيِّ لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ البَقَاءَ فيِ الدُّنْيَا، لِكَرْيِ اْلأَنْهَارِ، وَلاَ لِغَرْسِ اْلأَشْجَارِ، وَلَكِنْ كُنْتُ أُحِبُّ البَقَاءَ لـِمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ الطَّوِيلِ، وَلِظَمَأِ الْـهَوَاجِرِ في الْحَرِّ الشَّدِيدِ، وَلِمُزَاحَمَةِ العُلَمَاءِ بِالرُّكَبِ عِنْدَ حِلَقِ الذِّكْرِ".. وذكر فضيلته أنه لما نَزَلَ بمعاويةَ بنِ أبِي سفيان رضي الله عنه الموت، قِيلَ لهُ: ألا تُوصِي؟ فَقَالَ: "اللهُم أَقِلِ الْعَثْرَةَ، وَاعَفُ عَنِ الزَّلَّةِ، وَتَجاوَزْ بِحِلْمِكَ عَنْ جَهْلِ مَنْ لَمْ يَرْجُ غَيْرَكَ، فَمَا وَرَاءَكَ مَذْهَبٌ"، وَقَالَ: هُوَ الموْتُ لَا مَنْجَى مِنَ اْلَمْوتِ، وَالذِي نُحاذِرُ بَعْدَ اْلَموْتِ أَدْهَى وَأَفْظَعُ للموت سكرات.. واشار الخطيب الى قول بكر بنُ سليمان الصوّافُ في شأن الموت أيضاً: دخلْنا علَى مالِك ـ رحمه الله ـ في العَشِيّة التي قُبِضَ فِيهـاَ، فقُلْنَا: يَا أَبا عبدِاللهِ كيف تَجِدُكَ؟ قال: "مَا أَدِرْي مَا أَقُولُ لَكُمْ، إِلاَّ إنَّكُمْ سَتُعَايِنُونَ غَداً مِنْ عبْداللهِ مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ فيِ حِسَابٍ"، قَالَ: مَا بَرِحْنَا حَتَّى أَغْمَضْنَاهُ. ولفت الى قول عبدِاللهِ بنِ أحمدَ بنِ حنبلٍ ـ رحمهما اللهُ في شأن الموت كذلك ـ: "لما حضرتْ أبي الوفاةُ جلستُ عنْدَه، فجَعَلَ يعرَقُ ثم يُفِيقُ، ثم يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ، ويقول بِيَدِهِ: لَا. بَعْدُ، لا بَعْدُ، ثلاثَ مرّاتٍ، ففعلَ هذاَ مرّةً ثانيةً وثالثةً، فلماَّ كانتْ الثالثةَ، قلتُ له: يا أبتِ إنّك قلتَ كذَا وكذَا، فقال: مَا تَدْرِي، هذا إبليسُ قائمٌ حذائِي عاضٌّ على أنامِلِهِ، يقولُ: فُتَّنِي يا أحمدُ، وأنا أقولُ: لاَ بعدُ حتىَّ أموتَ". أسبابِ الثباتِ وتحدث الشيخ السادة عن الاسباب التي تعين المسلم على الثبات حين يأتيه الموت، فقال: ما أحوجَ المرءَ، وهُوَ يعيشُ زمانَ الغربةِ، لأنْ يتعرفَ على أسبابِ الثباتِ، التي تُثَبِّتُهُ علَى دينِ اللهِ حتىَّ المماتِ، ويتأكدَ ذلكَ عندَ فسادِ الزمانِ، وندرةِ الإخوانِ، وضعفِ الْمُعِينِ، وقِلةِ الناصرِ، مؤكدا أنَّ الهدايةَ والثباتَ مردُّهما إلى القلبِ الذِي هوَ أكثرُ الجوارحِ تقلُّبًا. ولفت الخطيب إلى قول المقدادِ بنِ الأسود في الحكم على الناس بالصلاح أو غيره: "لا أقولُ في رجلٍ خَيْرًا ولا شرّاً حتى أنظرَ ما يُخْتَمُ له، بَعْدَ شَيْءٍ سمعتُهُ منْ رسولِ اللهِ، قيلَ وما سمعتَ؟ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لَقَلْبُ ابنِ آدَمَ أَشَدُّ انْقِلَاباً مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اجْتَمَعَتْ غَلْياً"، وعن أبي موسَى الأشعريِّ رضي الله عنه عنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّمَا سُمِّيَ القَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ، إنَّماَ مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَل رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فيِ أَصْلِ شَجَرَةٍ، يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْراً لِبَطْنٍ"، وسرد خطيب مسجد مريم بنت عبدالله عدداً من النصائح التي من شأنها أن تُثَبِّتُ المسلم على الحقِّ، وتجلُبُ له محبةَ الخلقِ، مشيرا إلى أن من أوَّلِ هذه الأسباب وأهمها: الاعتصامُ بالكتابِ والسنّةِ، مؤكدا أنهما نورٌ وَضَّاءٌ يَهَتْدِي به أولو الألبابِ، وقال: إنه ما فَتِئَ المصطفَى صلى الله عليه وسلم يدعُو أمتَهُ للتَّمَسُّكِ بهمَا والرجوعِ إليهمَا، حتَّى وافاهُ اليَقِينُ، وفي الحديثِ: "وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُم ما لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كِتَابَ اللهِ"[أخرجَهُ مُسْلِمٌ]. وعن العرباضِ بنِ ساريةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الـمَهْدِييَّنَ، فَتَمَسَّكُوا بِهَا، وعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وإيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ اْلأُمُورِ، فَإِنَّ كلَّ مَحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالةٌ". الالتزامُ بالوحيَيْنِ وشدد الخطيب على أنه كُلَّما كانَ التزامُ الأمةِ بالوحيَيْنِ قويّاً، كَانَ ثباتُهاَ علَى الحقِّ أقوَى، وكلَّمَا هُجِرَ القرآنُ، واندرستْ السنّةُ، كانَ ذَلكَ داعياً لِلاِنحرافِ وباعثاً للضَّلالِ. وأكد أن منْ أسبابِ الثباتِ كذلك: استدامةُ الطاعاتِ: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا، تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ"، (فصلت:30)؛ ونوه إلى أن هذا وعدٌ منَ اللهِ أنْ يحفَظَ الملتزمينَ بطاعتِهِ، وهوَ أمرٌ عزيزٌ ليسَ بالْهَيِّنِ، يحتاجُ إِلى مجاهدةٍ ومصابرةٍ: "وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً" (النساء:66)، ويقولُ سُبْحَانَه: "يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ" (إبراهيم:27)، قال قتادةُ: "أمّا الْحَيَاةُ الدنْيَا فَيُثَبِّتُهُمْ بالْخَيْرِ والعَمَلِ الصَّالَحِ، وفي الآخِرَةِ فيِ الْقَبْرِ". الكُسَالَى والمفرِّطونَ وحذر الكُسَالَى والمفرِّطينَ، والذينَ يُقْدِمونَ على الطاَّعةِ حيناً، ويَتَهَاوَنُونَ فِيها حيناً آخرَ، بأنهم علَى خطَرٍ، متسائلاً: وهلْ يضمَنُون لأنفُسِهمْ أَلاَّ تَخْتَرِمَهُمْ المنيّةُ في حالِ تفريطِهِمْ، فيُخْتَمَ لهمْ بسوءِ الخاتمةِ؟ مشيرا إلى الحديث الذي روته عائشةَ ـ رضيَ اللهُ عنها ـ حيث قالتْ: كان للنَّبيّ صلى الله عليه وسلمَ حصيرٌ، وكان يَحْتَجِره باللَّيْلِ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيُهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إلى النَّبِيِّ، فَيُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ حتَّى كَثُروُا، فَأَقْبَــلَ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النْاسُ خُذُوا منَ الْأَعْمَالِ ما تُطِيقُوَن، فإنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وإِنَّ أَحَبَّ اْلأَعْمَالِ إِلَى اللهِ.. مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ"!! وواصل الشيخ السادة سرده لأسبابِ الثباتِ على دينِ اللهِ، مشيرا إلى أن من بينِها الدعاءُ والإلحاحُ على اللهِ بالثباتِ، وقال: إن الدعاءَ يكونُ سبباً للهدايةِ أصلاً، ويكونُ عاملاً للثباتِ ثانياً، والقلوبُ كلُّها بينَ أصبعينِ منِ أصابعِ الرحمنِ، وهيَ أوعيةُ الهدايةِ، وبَها قَدْ تَكُونُ الغوايةُ، ففِي الحديثِ: "مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلاَّ وَقَلْبُهُ بَيْنَ أصبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرّحْمَنِ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ، وإِنْ شَاءَ أَنْ يُقيِمَهُ أَقَامَهُ، وَكُلَّ يَوْمٍ الـمِيزَانُ بِيَدِ اللهِ، يرفعُ أَقْوَاماً، وَيَمَنعُ آخَرِيَن إلى يومِ القِيَامَةِ" (أَخْرَجَهْ الطبرانيُّ)، وذكر أنه ثَبَتَ في الحديثِ الصّحيحِ أن أكْثَرَ دُعائِه صلى الله عليه وسلم: "يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"، فقِيلَ لَهُ في ذاكَ؟ قال: "إنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إلاَّ وَقَلْبُهُ بَيْنَ أصْبَعينِ مِنْ أَصَابِعِ الرَحْمَنِ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ"، كما كانَتْ أكثرَ أيمانِهِ: "لَا.. وَمُصَرِّفِ الْقُلُوبِ".

499

| 27 نوفمبر 2015

محليات alsharq
السادة: الْقَلَمُ الْـمُسْلِمُ سَيْفٌ مَشْرُوعٌ فِى سَاحَةِ الْـجِهَادِ الْفِكْرِيِّ

قال فضيلة الشيخ عبدالله السادة إِنَّ مَسْؤُولِيَّةَ الإِنْسَانِ عَنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَسَائِرِ جَوَارِحِهِ مَسْؤُولِيَّةٌ عُظْمَى، مؤكدا انه يتعين على الإنسان أَنْ يُنَمِّيَ هَذِهِ الْـجَوارِحَ بِالْـخَيْرِ وَيَسْعَى لاِسْتِعْمَالِهَا فِيما أمر اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ يَنْأَى بِهَا عَنْ مَوَارِدِ الْـهَلاَكِ وَمَوَاطِنِ الآثَامِ؛. وأشار إلى قول المولى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّـــــــمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً". وقال الشيخ السادة في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بمسجد مريم بنت عبد الله انه لما سُئِلَ الرسول صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْـمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ الْـمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"[ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. و عَنْ بِلاَلِ بْنِ الْـحَارِثِ الْـمُزَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ"[رَوَاهُ مَالِكٌ وَالتِّرْمِذِيُّ]. أَعْظَمِ الْكَلِمِ وأكد الشيخ السادة أن َالإِنْسَانُ مَسْؤُولٌ عَنْ لِسَـانِهِ وَجَوَارِحِهِ وَمَا كَتَبَتْ يَدُهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَـرٍّ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْكَلِمِ مَا يَخُطُّهُ الإِنْسَانُ بِبَنَانِهِ وَيَنْشُـرُهُ عَلَى الْـمَلأِ، مشيرا إلى ان رِسَالَةُ الإِسْـلاَمِ جَاءَتْ تُنَوِّهُ بِالْقَلَمِ وَشَأْنِهِ، وَالْقِرَاءَةِ وَأَثَرِهَا فِي أَوَّلِ سُـورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ؛ إِذْ يَقُولُ الْـحَقُّ جَلَّ جَلاَلُهُ،] اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ]. ونوه "إلى أن َهَذَا الْـخِطَابُ مُوَجَّهٌ إِلَى نَبِيٍّ أُمِّيٍّ، وَأُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ، لاَ تَقْرَأُ وَلاَ تَحْسُبُ، وَكَأَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى تَحَوُّلٍ عَظِيمٍ قَادِمٍ فِي شَأْنِ هَذَا الْعَالَمِ، وَفِيهِ إِيِمَاءٌ إِلَى الدَّوْرِ الذِي تُؤَدِّيهِ آلَةُ الْكِتَابَةِ. وشد على ان َالْقَلَمُ يعتبر مِنْ أَوْسَعِ أَدَوَاتِ الْفِكْرِ أَثَرًا فِي حَيَاةِ الإِنْسَانِ، مشيرا إلى انه َلِهذا جَاءَتْ الإِشَارَةُ إِلَيْهِ، فِي أَوَّلِ لَـحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِ الرِّسَـالَةِ، كَمَا جَاءَ الْقَسَمُ الإِلَهِيُّ الْعَظِيمُ بِهِ، فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْقَلَمِ ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:]ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ). آلَةُ الْقَلَمِ ولفت خطيب مسجد مريم بنت عبد الله إلى أن َآلَةُ الْقَلَمِ التِي عَظُمَتْ قِيمَتُهَا بِقَسَمِ اللهِ بِهَا، هِيَ مَطِيَّةُ الْفِكْرِ، وَأَدَاةُ الْعِلْمِ، وَنَاقِلَةُ الْـمَعْرِفَةِ، بِهَا تَسْتَطِيعُ الأُمَّةُ نَشْرَ دَعْوَتِهَا، وَبَثَّ عَقِيدَتِهَا، وَالاِنْتِفَاعَ بِهَا فِي دُنْيَاهَا. أُمَّةَ الْفِكْرِ والْعِلْمِ . وَبين أنه مَادَامَ قَلَمُ الْـمُسْلِمِ يَكْتُبُ بِاسْمِ رَبِّهِ الذِي خَلَقَهُ، فَالْكَلِمَةُ التِي يَخُطُّهَا كَلِمَةُ خَيْرٍ وَسَدَادٍ، وَمَا دَامَتْ أَقْلاَمُ الْـمَسْلِمِينَ تَكْتُبُ بِاسْمِ رَبِّهَا فَلَنْ تَقْوَى أَمَامَ حَقَائِقِ الإِسْلاَمِ شُبْهَةٌ، وَلَنْ يَسْتَبِدَّ بِالْـمُسْلِمِينَ جَهْلٌ. وذكر أن َالْقَلَمُ الْـمُسْلِمُ سَيْفٌ مَشْرُوعٌ فِى سَاحَةِ الْـجِهَادِ الْفِكْرِيِّ، وَلَنْ يُغْلَبَ قَلَمٌ يَكْتُبُ بِاسْمِ اللهِ، وَيَنْشُرُ كَلِمَةَ اللهِ، وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْكُفْرِ يَغْمِسُونَ أَقْلاَمَهُمْ فِي مَحَابِرِ الشِّرْكِ، وَظُنُونِ البَشَرِ، فَقَلَمُ الإِسْلاَمِ يَرْتَوِي مِنْ مِحْبَرَةِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، ثُمّ يَكْتُبُ بِاسْمِ اللهِ. ونبه إلى أن الْـخَطَرُ يَعْظُمُ َعلَى أُمَّةِ الإِسْلاَمِ إِذَا أَمْسَكَ بِالأَقْلاَمِ مَنْ لَمْ يُقَدِّرْهَا حَقَّ قَدْرِهَا، وَبَاتُوا يَخْبِطُونَ بِأَقْلاَمِهِمْ فِي أَدِيمِ أُمَّتِهِمْ، وَيَسْخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ فِيهَا، ثُمَّ يُصَبِّحُونَ مُجْتَمَعَاتِهِمْ بِكُلِّ بَلِيَّةٍ عَلَى صَفَحَاتِ الصُّحُفِ أَوْ فِي شَبَكَاتِ الْمَعْلُومَاتِ، ذَلِكَ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَقُومُ عَلَى جَمَالِ الأُسْلُوبِ وَجَاذِبِيَّةِ الْعَرْضِ، وَتِلْكَ مَهَارَةٌ لَهَا سُلْطَانٌ عَلَى الْقُلُوبِ، شَهِدَ لَهُمُ الْقُرْآنُ: ] وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ] وأشار إلى أن َأَقْوَالُهُمْ تُعْجِبُ السَّامِعِينَ بِمُسَلْسَلِ أَفْكَارِهِمْ وَجَمَالِ عِبَارَاتِهَا وَرَوَغَانِ مَعَانِيهَا، وَهِيَ فِى حَقِيقَتِهَا إِفْسَادٌ وَزَلْزَلَةٌ لِلثَّوَابِتِ وَطَعْنٌ فِي أَهْلِ الْـخَيْرِ مِنْ فُضَلاَءِ الأُمَّةِ. وأكد َإِنَّ مِنْ عَظِيمِ مَصَائِبِ الأُمَّةِ الْيَوْمَ ، هو ظُهُور هؤلاء عَلَى سَاحَاتِ ثَقَافَتِهَا، فَإِذَا مَا وَقَعَ خَطْبٌ أَوْ أَلَمَّتْ نَازِلَةٌ كَانُوا هُمْ أَوَّلَ مَنْ يَقُولُ كَلِمَتَهُ، وَأَوَّلَ مَنْ يُصْدِرُ رَأْيَهُ وَبَيَانَهُ، فَتَعْلِيقَاتُهُمْ عَلَى الأَحْدَاثِ وَتَقْيِيمُهُمْ لِلْمَوَاقِفِ، هُوَ أَوَّلُ مَا يَعْلَقُ فِي نُفُوسِ النَّاسِ، وَيَثْبُتُ فِي أَذْهَانِهِمْ. وحذر الخطيب من إِنَّ صَاحِبَ الْقَلَمِ الذِي يَنْشُرُ لِلْخَلاَئِقِ خَبَراً بَاطِلاً أَوْ تَحْلِيلاً مُغْرِضًا أَوْ تَعْلِيقًا زَائِفًا، وَيَخْدَعُ النَّاسَ فِي الْقَضَايَا الْكُبْرَى، ثُمَّ تَشِيعُ مَقَالَتُهُ بَيْنَ النَّاسِ فهو مُتَوَعَّدٌ بِأَشْنَعِ الْعَذَابِ وَأَفْظَعِهِ، فَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا حَدَّثَ بِهِ مِمَّا رَآهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ، فَكَانَ مِمَّا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ:"وَأَمَّا الرَّجُلُ الذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمِنْخَرُهُ إِلى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فِإنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ"[أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ]. وأوضح خطيب مسجد مريم بنت عبد الله أنه يندرج تحت ذلك مَنْ يَكْذِبُ عَلَى النَّاسِ فِي شَبَكَاتِ الـمعْلُومَاتِ أَوْ أَيِّ وَسِيلَةٍ يَنْشُرُ بِهَا كَذْبَتَهُ، وَيَبُثُّ بِهَا بَذَاءَتَهُ، مشيرا إلى َقُولُ اللهُ تَعَالَى: ]فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ" . وأضاف: مَا مِنْ كَاتِبٍ إِلاَّ سَيَـفْنَى وَيَبْقَي الدَّهْرَ مَا كَتَبَتْ يَدَاهُ فَلاَ تَكْتُبْ بِكَفِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ يَسُـرُّكَ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ . ونبه إلى أِنَّ أَعْرَاضَ الْـمُسْلِمِينَ لَيْسَتْ مَوْضِعاً لِلنَّيْلِ وَالتَّعْرِيضِ، وَلاَ مَيْدَاناً لِلطَّعْنِ وَالتَّجْرِيحِ؛. وقال : إَذْ كُلُّ الْـمُسْلِمِ عَلَى الْـمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ؛ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :"لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ ؛ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ:" هَؤُلاَءِ الذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ ". الخطبة الثانية وفي الخطبة الثانية حث الشيخ السادة على حفظ الْـجَوَارِحِ كُلِّهَا عَنْ مَسَاخِطِ الله وَمَنَاهِيهِ، لافتا إلى َقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :"اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْـحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ"[أَخْرَجَهُ الترْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ ونبه إلى إِنَّ مِمَّا يَشْغَلُ النَّاسَ فِي أَوْقَاتِ فَرَاغِهِمُ، هو النَّظَرَ فِي مَوَاقِعِ الْـمَعْلُومَاتِ الـمَشْهُورَةِ، أَوْ قِرَاءَةَ الصُّحُفِ الـمَنْشُورَةِ، . وَ قال أن النَّاسُ فِي هَذَا صِنْفَانِ: صِنْفٌ إِيجَابِيُّ الاِطِّلاَعِ يَنْظُرُ نَظَرَ الـمُسْتَفِيدِ، وَبِرُوحِ الْغَيُورِ، وَعَيْنِ النَّاقِدِ، فَإِذَا رَأَى خَيْرًا تَوَاصَلَ مَعَهُ وَشَجَّعَهُ، وَأَثْنَى عَلَى أَهْلِهِ، وَإِذَا رَأَى زُورًا أَنْكَرَهُ وَكَرِهَهُ وَنَصَحَ كَاتِبَهُ، أَوْ حَثَّ مَنْ هُوَ أَقْدَرُ عَلَى مُنَاقَشَتِهِ وَمُحَاوَرَتِهِ، لِيَرْتَدِعَ عَنْ غَيِّهِ، وَيَكُفَّ عَنْ بَاطِلِهِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ سَلْبِيُّ الاِطِّلاَعِ، لاَ تَشْبَعُ عَيْنَاهُ مِمَّا يُنْشَرُ، وَلَكِنَّهُ لاَ يُحِقُّ حَقّاً وَلاَ يُبْطِلُ بَاطِلاً، فَهُوَ كَلٌّ عَلَى أُمَّتِهِ، فَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُنْكِرَ الْمُنَكَرَ، وَأَنْ يُنَاصِحَ، فَلاَ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُعْرِضَ عَنِ اللَّغْوِ، وَيَكُفَّ عَنْ قِراءَةِ السَّيِّئِ، فَفِي كَفِّهِ عَنْهَا فَضِيلَةُ الإِعْرَاضِ عَنِ اللَّغْوِ، وَتِلْكَ مِنْ شَمَائِلِ الـمؤْمِنِينَ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ شَأْنُهُ: ]وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " وأضاف: َأَمَّا الْقَادِرُونَ مِنْ أَهْلِ الأَقْلاَمِ عَلَى الْـمُنَافَحَةِ عَنْ دِينِ اللهِ وَأَهْلِهِ، وَعَنِ الْـحَقِّ وَقَضَايَاهُ، فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَعْذُورِينَ بِسُكُوتِهمْ؛ إِذْ إنَّهُمْ مُطَالَبُونَ بِالذَّوْدِ عَنِ الْعَقِيدَةِ وَالأَخْلاَقِ، وَأَنْ يُبَيِّنُوا لِلنَّاسِ الْحَقَّ فِي أَجْلَى صُوَرِهِ وَأَظْهَرِ مَعَانِيهِ، فَالذِي يَكْتُبُ لِنُصْرَةِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ كَمَنْ يَكْتُبُ لِلشَّيْطَانِ ، وَالذِي يَكْتُبُ غَيْرَةً لِلهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ كَمَنْ يَكْتُبُ طَلَبًا لِلشُّهْرَةِ وَسَعْيًا لِلظَّهُورِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْـمَآرِبِ وَالأَغْرَاضِ.

1972

| 07 أغسطس 2015

محليات alsharq
السادة: إتِّقاءُ المَحارِمِ مِنْ أَعظَمِ أَلوانِ العِبادَةِ في الإسلام

قال فضيلة الشيخ عبدالله السادة إِنَّ الإِسْلامَ دِينٌ يَحُثُّ عَلى كُلِّ فَضِيلةٍ، ويَنْهى عَنْ كُلِّ رَذيلَةٍ، فَهوَ دِينٌ يَدْعو إِلَى مَكارِمِ الأَخْلاَقِ، ويُقدِّرُ كُلَّ قَولٍ وعَمَلٍ خَلاَّقٍ، فَتزكِيَةُ الأَخلاَقِ فِيهِ مُهمِّةٌ أَساسيَّةٌ أَصِيلَةٌ، مِنْ أَجْلِها بَعَثَ اللهُ رَسولَهُ — صلى الله عليه وسلم، حيث أَكمَلَ اللهُ بِهِ دَعْوةَ الأَنبِياءِ وتَمَّم، يَقولُ الرَّسُولُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إنما بُعثتُ لأُتمِّمَ مَكارِمَ الأَخْلاقِ"، ويَقولُ اللهُ سبْحانَهُ وتَعالَى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ".. وأكد السادة أنه لَنْ يَكونَ لِلأَخلاَقِ الفاضِلَةِ استِقرارٌ وثَباتٌ، إِلاَّ إِذا تَخلََّى الإِنسَانُ عَنِ العُيوبِ ورَذائلِ الصِّفاتِ؛ فالتَّخلِيَةُ مُقدَّمةٌ عَلى التَّحلِيَةِ، ودَرءُ المَفاسِدِ مُقدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المصَالِحِ، لذَلِكَ جَعَلَ الإِسلاَمُ اتِّقاءَ المَحارِمِ مِنْ أَعظَمِ أَلوانِ العِبادَةِ، بِهِ يَتحقَّقُ لِلإِنسَانِ الفَوزُ والنَّجاةُ والسَّعادَةُ، يَقولُ الرَّسولُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "اتَّقِ المَحارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ"، فَباتِّقاءِ المَحارِمِ تَبقى الصَّحِيفَةُ نَقيَّةً مِنَ التَّبِعاتِ، فَما أَتى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلٍ ـ وإِنْ قَلّ ـ يَكونُ عَظِيمَ الثَّمَراتِ كَثِيرَ البَرَكاتِ، أَمَّا إِذا تَراكَمَت عَلى القَلْبِ العُيوبُ والرَّذائلُ؛ فَقَد أَصبَحَ بَينَهُ وبَيْنَ ثِمارِ العَمَلِ الصَّالِحِ حَاجِبٌ وحَائلٌ، يَقولُ الرَّسولُ — صلى الله عليه وسلم —: "الخُلُقُ الحَسَنُ يُذِيبُ الخَطايا كَما يُذِيبُ المَاءُ الجَليدَ، والخُلقُ السُّوءُ يُفْسِدُ العَمَلَ كَما يُفسِدُ الخَلُّ العَسَلَ".الرذائل أثرها خطيرولفت السادة إلى أن الرَّذائلَ والعُيوبَ إِذا بَقيَتْ فِي النَّفسِ البَشرِيَّةِ دونَ إِزَالَةٍ وتَطْهيرٍ، كَانَ لبَقائها واستِقرارِها أَثرٌ خَطِيرٌ، حيثُ يَفشُو ضَررُها ويَتفاقَمُ خَطَرُها، فَلاَ يُغنِي عَمَلٌ صَالِحٌ عَنْ صَاحِبهِ شَيئاً، وربَّما أَودَتْ بِصاحبِها وأَورَدتْهُ النَّارَ، وإِنْ تَصَدَّقَ وقَامَ الليْلَ وصَامَ النَّهارَ، قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، إِنَّ فُلانَةً تُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِها وصَيامِها وصَدقتِها، غَيْرَ أَنَّها تُؤذِي جِيرانَها بِلسَانِها؟ فَقالَ: "هِيَ فِي النَّارِ". وأَضاف الخطيب: "علَى العَكْسِ مِنْ ذَلِكَ مَنِ اتَّسَمَ خُلقُهُ بالعُلوِّ والرُّقِيِّ والسُّموِّ، مَعَ أَنَّ عَملَهُ كََانَ بمقْدارٍِ، فَجَزاؤهُ جنَّاتٍ تَجرِي مِنْ تَحتِها الأَنهارُ، قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، إِنَّ فُلاَنةً تُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صَلاتِها وصِيامِها وأَنَّها تَتصدَّقُ بِالأَثوارِ مِنَ الأَقْطِ — وهِيَ قِطَعٌ مِنَ اللبَنِ المُجفَّفِ — ولاَ تُؤذِي جِيرانَها بلسَانِها، قَالَ: "هِيَ فِي الجنَّةِ"، إِنَّ بَيْنَ الإِيمانِ والأَخلاَقِ الحَسَنةِ ارتِباطٌ وثِيقٌ؛ فَإِنْ تَخلَّفَ أَحَدُهما تَنكَّبَ صَاحبُها السَّبِيلَ وضلَّ الطَّريقَ، ولقَد كَثُرَ النِّداءُ فِي القُرآنِ الكَريمِ بـ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا"، ثُمَّ يَعقِبُ النِّداءَ العُلويَّ الكَريم أَمْرٌ بفَضيلَةٍ، أَو نَهيٌ عَنْ رَذيلَةٍ؛ ممَّا يُقدِّمُ الدَّليلَ والبُّرهانَ علَى ارتِباطِ الأَخلاَقِ بالإِيمانِ.. وزاد بالقول: "إِنَّهُ مِمّا لاَ شَكَّ فِيهِ ولاَ رَيبَ، أَنَّهُ لاَ يَخلُو إنسَانٌ مِنْ خَطأ أَو عَيْبٍ، يَقولُ الرَّسولُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ"، وإِذا كَانَ الأَمرُ كَذلِكَ، فَأكثرُ ما يَعيِبُ الإِنسَانَ عَدمُ إِصلاَحِ عُيوبِهِ، وعَدمُ التَّوبَةِ مِنْ ذُنوبِهِ، بِحيثُ يَبقى ذَلكَ العَيْبُ فِيهِ خُلُقا دَائماً ووصفاً لازِماً، لذَلِكَ وَجَبَ علَى كُلِّ إنسَانٍ أَنْ يَتخلَّصَ مِنْ عُيوبِهِ الشَّخصيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ مِنَ عَوائقِ تَحقِيقِ ذَلِكَ هوَ عَدَمُ اعتِرافِ الإِنسَانِ بوجُودِ العَيْبِ فِيهِ، ومِنْ ثَمَّ فَهوَ لاَ يَعملُ علَى إِزالَتهِ، بَلْ إِنَّ بَعضَ النَّاسِ يَفعَلُ الشَّيءَ السَّيِّئ القَبِيحَ، وهوَ يَحسَبُ أَنَّهُ حَسَنٌ وصَحِيحٌ، وهَؤلاءِ هُمُ الذِينَ وَصفَهمُ اللهُ فِي القُرآنِ بالخَيبْةِ والخُسْرانِ، يَقُول اللهُ تعَالَى: "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً"، ويَقولُ جَلَّ شَأنُهُ: "أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً".. وإِنَّ ممَّا يُساعِدُ الإِنسانَ علَى التَّخلُّصِ مِنْ عُيوبِهِ الذَّاتيَّةِ مَعرِفَتُهُ بأَسرارِ طَبيعَتهِ الإِنسَانيَّةِ، فَمَن عَرِفَ نَفسَهُ سَهُلَ علَيهِ التَّغلَّبُ علَى عُيوبِهِ، فَإِذا انضَمَّ إِلى مَعرِفَتهِ بنَفسِهِ مَضاءُ العَزيمَةِ وقوَّةُ الإِرادَةِ؛ تَحقَّقَ لهُ مَا أَرادَهُ.الخوف من الغَيْبِ عَيْبٌوقال: إِنَّ مِنَ العُيوبِ التِي يُعانِي مِنْها بَعْضُ النَّاسِ الخَوفُ ممَّا يُخبِّئهُ المُستَقبلُ مِنْ مُفاجآتٍ مُقلِقَةٍ وأَحداثٍ مؤرِّقةِ، وهَذا الشُّعورُ بالخَوفِ مِنَ الغَيْبِ هوَ خَطأٌ وعَيْبٌ، لأَنَّهُ يُصيبُ الإِنسَانَ بالتَّوتُّرِ، ويُضفِي علَيهِ سَحابةً قاتِمةً مِنَ الكآبَةِ، لاَ لشَيءٍ وقَعَ لهُ أَو أَصابَهُ، بَلْ لمُجرَّدِ ظَنِّ بَعيدٍ عَنِ الحَقيقَةِ، أَظلَمَ علَيهِ سبِيلَهُ، ولَبَّس علَيهِ طَريقَهُ، ولَقَد نهَى اللهُ عَزَّ وجلَّ الإِنسَانَ عَنِ التَّعلُّقِ بالتَّخمِيناتِ والأَوهامِ، لأنَّها تَحولُ بَينهُ وبَينَ التَّقدُّمِ إِلَى الأَمامِ، فيُصَابُ بالجُمودِ ويَغْرَقُ فِي التِّيهِ والشُّرودِ، يَقولُ اللهُ تَعالَى: "وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ"، ويَقولُ جَلَّ شأنُهُ: "وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً".. إِنَّ الاهتِمامَ بالمُستَقبلِ والتَّخطِيطَ لهُ أَمرٌ مَطلوبٌ، وتَصرُّفٌ مَرغوبٌ، وتَخْطِيطٌ مَحبُوبٌ، بَيْدَ أَنَّ الاهتِمامَ غَيْرَ الاغتِمامِ، فَمَنِ استَغرَقَ التَّفكِيرَ فِي غَدِه استِغراقاً يُنسِيهِ يَوْمَهُ؛ دَمَّرَ حَاضِرَه الذِي هوَ فيهِ، لِمُستَقبلٍ لاَ يَدري ما اللهُ فاعِلٌ فِيهِ، إِنَّ العَيْشَ فِي حُدودِ اليَوْمِ مَعَ التَّخطِيطِ للغَدِ فِي حُدودِ الطَّاقَةِ، يَجعَلُ الإِنسانَ سَعِيدَ الحَالِ، مُستريحَ البَالِ، مُتخفِّفاً مِنَ الأَعْباءِ الثِّقالِ، وبِذلِكَ يَستطِيعُ مواصَلةَ المَسارِ، دونَ تَعرُّضٍ لكَبْوةٍ وعِثارٍ، يَقولُ الرَّسولُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "مَنْ بَاتَ آمِناً فِي سِرْبِهِ، مُعافىً فِي بَدنِهِ، عندَهُ قُوتَ يَوْمِهِ؛ فَكأنَّما حِيزَتْ لهُ الدُّنيا بِحذافِيرِها"، وقال: إِنَّ الرَّسولَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُبيِّن أَنَّ الأَمانَ وعَافِيةَ الأَبدانِ وكفايَةَ يَوْمٍ، ضَمانٌ لسَعادَةِ اليَقظَةِ وهُدوءِ النَّومِ؛ فَمَن ضمَّ هَذهِ العَناصِرَ إِليهِ؛ جَمَعَ الدُّنيا بأسْرِها بَينَ يَدْيِهِ، ومِنَ الخَطأ الذِي يَجْلِبُ للمَرءِ الضَّوائقَ، ويَسُدُّ أَمامَهُ الطَّرائقَ، الخَوْفُ مِنَ الفَقْرِ دونَ جُهْدٍ وحَركَةٍ، يُحقِّقُ الخَيْرَ والبَركَةَ، ولَنْ يَذْهِبَ هَذا الخَوفُ ويَصلُحَ هَذا الخَطأُ بالتَّمنِّي والكَسَلِ، بَلْ بالنَّشاطِ والعَمَلِ، فَالرِّزقُ لاَ يأتِي دونَ طَرْقٍ لأَسبابِ وصولِهِ، وضَمانٍ لكَسْبهِ وحُصولِهِ، يُقولُ اللهُ تَعالَى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ".الانطوائيون غير مفيدينوذكر أن مِنَ العُيوبِ الشَّخصيَّةِ الانطِوائيَّةُ والانعِزاليَّةُ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَنطَوي علَى نَفسِهِ ويَنعَزلُ عَنْ مُجتَمَعهِ، وأَمثالُ هَؤلاءِ لاَ يُفيدونَ أَنفُسَهم ولاَ يَنفَعونَ غَيْرَهم، وللتَّغلُّبِ علَى هَذا العَيْبِ، يُتطلَّبُ البَحثَ عَنْ أَسبابِهِ، وبالتَّعرُّفِ علَى هَذهِ الأسبابِ يُدْرِكُ الشَّخصُ ذَاتَهُ، فَهذِه شُؤونُهُ وتِلكَ حَياتُهُ، يَقولُ اللهُ تعَالَى: "بَلِ الأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ" فَإِذا كَانَ سَببُ الانطِواءِ خَجَلاً مُفرِطاً؛ فَالتَّغلُّبُ علَيهِ يَسيرٌ غَيْرُ عَسيرٍ، وذَلِكَ يَكونُ بِتَهذِيبِ هَذا الخَجَلِ وتَقويمِهِ، حتَّى يَصيرَ حَياءً، وبِذلِكَ يَكونُ الخَجولُ قَدْ وَضَعَ قَدمَهُ علَى الطَّريقِ السَّليمِ، حَيْثُ تَخلَّقَ بخُلُقٍ خَيِّرٍ قَويمٍ، فَالحَياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ، كَيفَ لاَ وهوَ مِنْ صِفاتِ سَيِّدِ الخَلْقِ ورَسولِ الحَقِّ، صلى الله عليه وسلم؟ حَيثُ كَانَ كَما وصَفهُ أَصحَابُهُ "أَشَدَّ حَياءً مِنَ العَذراءِ فِي خِدْرِها" وما بَيْنَ الخَجَلِ والحَياءِ حِجابٌ رَقيقٌ، وفَرْقٌ دَقيقٌ، فَالحيَاءُ فَضِيلَةٌ تَعنِي مُراعاةَ شُعورِ الآخَرِينَ وأَحاسِيسِهم لأَبْعدِ الحُدودِ، أَمّا الخَجَلُ فآفةٌ نَفسيَّةٌ، تَشُلُّ مَواهِبَ الإِنسانِ، وتَضَعُ بَينهُ وبَينَها العَوائِقَ والسُّدودَ، والتَّغلُّبُ علَى هَذِه الآفةِ يَكونُ بالثِّقَةِ فِي النَّفسِ وقُدراتِها، فَهوَ مِفتاحُ النَّجاحِ، وسبَبُ التَّفوّقِ والفَلاحِ، وطَريقُ الخَيْرِ والإِصلاَحِ.وقال: إِنَّ أَنجَحَ عِلاجٍ يُحقِّقُ للإِنسانِ إِصلاَحَ عُيوبِهِ الذَّاتيَّة،ِ هوَ اللجوءُ إِلَى اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ بالدُّعاءِ أَنْ يُصلِحَ اللهُ عُيوبَهُ، ويَغفِرَ لهُ ذُنوبَهُ، ولقَدْ كَانَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَدعو ربَّهُ فَيقولَ: "اللهُمَّ كَما حسَّنتَ خَلْقي، فَحسِّنْ خُلُقي"، ويَقولُ: "اللهُمَّ إِنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الشِّقاقِ والنِّفاقِ وسُوءِ الأَخلاَقِ"، فاتَّقوا اللهَ ـ عِبادَ اللهِ ـ واعلَموا أَنَّ أَعظَمَ عِلاجٍ لإِصلاَحِ العُيوبِ، هوَ مُراقَبِةُ اللهِ عَلاَّمِ الغُيوبِ، وذَلكَ بأَنْ يَعلَمَ الإِنسانُ عِلماً يَقينيّاً.. بأَنَّ اللهَ يَراهُ، ويَطَّلِعُ علَى سِرِّهِ ونجْواهُ، فَمَن عَلِم ذَلِكَ استَحيا مِنَ اللهِ عَالِمِ الغيب والشَّهادَةِ، فامتَنَعَ عَنْ كُلِّ ذَنْبٍ، وأَصلَحَ كُلَّ عَيْبٍ.

980

| 31 يوليو 2015

محليات alsharq
السادة: تطبيق فريضة الزكاة أفضلُ الحلولِ للمشكلات الإقتصاديَّةِ والإجتماعية

قال الشيخ عبدالله السادة: إنَّ الزكاةَ شأنُها عظيمٌ، فَرَضَها العزيزُ العليمُ، وقَرَنَها بالصلاةِ في آيِ الذِّكرِ الحكيمِ في أكثرَ مِنْ ثمانينَ موضِعاً، لأنَّهما برهانُ الإيمانِ إذا اجتمَعا. وذكر في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم، في جامع مريم بنت عبدالله بالدفنة، أن الزكاة هِيَ الركنُ الثالثُ في الإسلامِ، مبينا أن مُنْكرَها لا حظَّ له في الإسلامِ، وقد فرضَها اللهُ لحِكَمٍ عظيمةٍ، وغاياتٍ نبيلةٍ، وأغراضٍ ساميةٍ، ولها فوائِدُ عديدةٌ، وعوائِدُ حميدةٌ، فهِيَ مثالٌ للتكافلِ الاجتماعيِّ، وفخرٌ للأُمَّةِ الإسلاميةِ في التعاونِ الجماعيِّ، لا تجدُه في أُمَّةٍ غيرِها ممنْ يبحثونَ عنِ الحلولِ الاقتصاديَّةِ، وحلِّ المشكلاتِ الماديَّةِ، فبها تتحقَّقُ الأُلفةُ والمحبَّةُ، ويذهبُ عنِ المجتمعِ الغِلُّ والحسدُ وسوءُ المغبَّةِ، وتقلُّ الجرائِمُ والمشكلاتُ، ويعمُّ الأمانُ وتتنـزَّلُ الرحماتُ والبركاتُ. كما أنَّها تغرِسُ في قلوبِ المسلمينَ الكرمَ، وتعوِّدُهُمُ البذلَ ومكارِمَ الشِّيَمِ، وإنفاقَ المالِ في أوْجُهِ الخيرِ، ومساعدةَ المحتاجينَ ورفعَ الضَّيْرِ، كما تعوِّدُهُمُ البعدَ عَنِ الشحِّ والطمعِ والرذائلِ، والتحلِّيَ بأجملِ الصفاتِ والفضائلِ، فِهيَ بركةٌ ونَماءٌ، وعِزٌّ ورخاءٌ، وشكرٌ لنعمَةِ العطاءِ، وهيَ حصنٌ للأموالِ، وحفظٌ لها مِنَ الضياعِ والزوالِ. وعد بالأجر وأشار إلى وعدَ الله ِـ سبحانَه ـ المؤدِّيَ لزكاةِ مالهِ بالخلَفِ في الدنيا، ومُضاعفةِ الأجرِ والثوابِ يومَ القيامةِ، قالَ اللهُ تعالَى: "وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ، وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" سبأ:39، وقالَ سبحانَه: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ، وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّه،ِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"البقرة:110، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّة،ٍ فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدْ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِه،ِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَاللَّهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ فُلَانٌ لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَاللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يَقُولُ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ لِاسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ" [أخرجه الإمام أحمد]!! ودعا السادة إلى إحسان الظن بالله والإنفاق مـمَّا رزق، طيِّبةً بهِ النفوسُ، للفوز بالموعودِ بالإخلافِ، وما أعدَّه اللهُ مِنْ كريمِ الثوابِ. نصيحة للأغنياء وخاطب أصحابَ الأموال قائلا: أيُّها الأغنياءُ الكرامُ: إنَّ اللهَ قد منَّ عليكم، ورزقَكم مِنَ الخيراتِ، وأغناكُمْ عنِ السؤالِ وطلَبِ الحاجاتِ، وحفِظَ وجوهَكم عنِ المذلَّةِ، وستَرَها عنِ العيبِ والخَلَّةِ، فوجبَ عليكم شكرُ هذهِ النِّعمةِ ببذلِ المزيدِ، حتى لا تحلَّ النِّقمةُ والوعيدُ، قالَ اللهُ تعالَى: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ".. وحذر مما أعدَّ اللهُ لمانعيِ الزكاةِ مِنَ الهولِ والهوانِ، ما تقشعرُّ له الجلودُ والأبدانُ، وتُصعَقُ لسماعِهِ الآذانُ، مستشهداً بقولَه تعالَى: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّه،ِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُـمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ، هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ" التوبة:35:34، وبقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ آتاهُ اللهُ مالاً فلم يُؤدِّ زكاتَه، مُثِّلَ له يومَ القيامـةِ شُـجاعاً أقْرَعَ له زَبيبتانِ، يُطوِّقهُ يومَ القيامـةِ، ثُمَّ يأخذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ (أيْ: شِـدْقَيْهِ) ثمَّ يقولُ: أنا مالُكَ، أنا كَنـزُكَ، ثمَّ تلا النبيُّ: "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِــهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ، بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ، سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّــمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ". عاقبة منع الزكاة وذكر السادة أن مِنَ العقوباتِ التي تعمُّ الفردَ والمجتمَعاتِ، في الحياةِ الدنيا وبعدَ المماتِ، الجوعُ والقحطُ، فعَنْ عبدِاللهِ بنِ عمرَ ـ رضِيَ اللهُ عنهما ـ أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ: "ولم يمنَعُوا زكاةَ أموالهِم إلاَّ مُنعِوا القَطْرَ مِنَ السماءِ، ولولا البهائِمُ لَمْ يُمطَروا" [أخرجَه ابنُ ماجَه والبيهقيُّ]، وكذلك الأنانيةُ البغيضةُ، قالَ صلى الله عليه وسلم: "إيَّاكم والشُّحَّ فإنَّما هلَكَ مَنْ كانَ قبلَكم بالشُّحِّ، أمرَهم بالبخلِ فبخِلُوا، وأمرَهم بالقطيعةِ فقطَعُوا، وأمرَهم بالفجورِ ففجَرُوا" [أخرجَه أبو داودَ مِنْ حديث عبدِاللهِ بنِ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما. المستحقون للزكاة وأوضح أن الله عز وجل بيَّن في القرآنِ المستحقِّينَ للزكاةِ والصدقةِ أتمَّ بيانٍ، وحدَّدَهم بثمانيةِ أصنافٍ لِذَوي العِرْفانِ، فقالَ عزَّ مِنْ قائلٍ: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ، فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ".. فلا تُصرفُ الزكاةُ لغيرِ هؤلاءِ، لا لغنيٍّ ولا لآباءٍ ولا أبناءٍ، ولا لغيرِهم مـمَّنْ ذكرَهم العلماءُ. وجملةُ الأموالِ التي تجبُ فيها الزكاةُ ثلاثةٌ: بَهيمةُ الأَنْعامِ السائمةِ مِنَ الغنَمِ والإبلِ والبقَرِ، والخارجُ مِنَ الأرضِ مِنَ الحَبِّ والثَّمَرِ، والأثْمانُ مِنَ الذهبِ والفضَّةِ وعروضُ التجارةِ، لِـمَنِ اتجَّرَ، وقد حدَّدَتِ الشريعةُ السَّمْحَةُ أنصِبَةَ الزكاةِ، ومقادِيرَها، ووَقْتَ إخراجِها، وجِهَةَ صَرْفِها، ودعا للحرص علَى أداءِ حقِّ اللهِ عليكم بالعطاءِ، ولا تحتالوا للتخلُّصِ، ومَنْعِ الأداءِ، فإنَّ اللهَ خبيرٌ بما تعملونَ، يعلمُ ما تُخفونَ وما تُعلنونَ. البخل سبب الجوع ونصح بإعطاء الزكاةَ لأربابِها، فإنَّ ما نراهُ اليومَ مِنَ الجوعِ والفقرِ، إنَّما هو بسببِ مَنْعِها، والبُخْلِ في دَفْعِها. وحث الأغنياءَ المسلمينَ على الحرص علَى إخراجِ الزكاةِ وحِسابِها، وعدمِ التهاونِ في إخراجِها في وقتِها، . وقال: فَتِّشوا بأنفسِكم عَنْ أهلِها، فإنَّ أعناقَهم قَدِ اشرَأَبَّتْ تنتظرُ الإحسانَ، محذرا من أن الإعراضُ عنْهم، نوعٌ مِنَ الكُفْرانِ، يُلْحِقُ بهمُ اليأسَ والخُذلانَ، والدعوةَ على مالِكَ بالعَطَبِ والخُسْرانِ. وإنَّنا ـ والحمد لله ـ لفي هذا البلدِ الِمعْطاءِ، الذي بلغَ جودُه بفضلِ اللهِ تعالَى جميعَ الأنحاءِ.

586

| 03 يوليو 2015

محليات alsharq
"الشيخ السادة": وَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ فَرْضٌ شَرْعِيٌّ

حذر فضيلة الشيخ عبدالله بن إبراهيم السادة من الْفُرْقَةَ وَتَجَنَّبُ الاِخْتِلاَفَ فِي الدِّينِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ). وقال في خطبة الجمعة اليوم بجامع الأمام محمد بن عبدالوهاب: لَقَدْ أَكْرَمَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِهَذَا الدِّينِ، وَشَرَّفَنَا بِهِ مِنْ بَيْنِ الْعَالَمِينَ، فَهُوَ أُسُّ وَحْدَتِنَا، وَأَصْلُ عِزَّتِنَا، وَيَنْبُوعُ نَهْضَتِنَا، فَلَقَدْ عَلَّمَنَا اللهُ بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَهَدَانَا بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَكَثَّرَنَا بِهِ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَأَعَزَّنَا بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ، بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنِ الْعَرَبُ قَبْلَ الإِسْلاَمِ يَعْرِفُونَ لِلتَّوْحِيدِ دَلِيلاً، وَلاَ لِلْوَحْدَةِ سَبِيلاً، فَجَمَعَ الإِسْلاَمُ عَلَى التَّوْحِيدِ شَمْلَهُمْ، وَوَحَّدَ عَلَى الْحَقِّ رَايَتَهُمْ حَتَّى أَضْحَوْا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، كَمَا وَصَفَهَا رَبُّها سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ([آل عمران:110]. الإسلام يريد الوحدة وأوضح الشيخ السادة أن الإسلام يُرِيدُنَا أَنْ نَكُونَ أُمَّةً وَاحِدَةً، فِي ظِلِّ رَايَةِ حَقٍّ وَاحِدَةٍ، لاَ عَصَبِيَّةَ تُفَرِّقُنَا، وَلاَ عُنْصُرِيَّةَ تُمَزِّقُنَا، وَلاَ أَهْوَاءَ تَزِيغُ بِنَا، وَلاَ اخْتِلاَفَاتِ تَذْهَبُ بِقُوَّتِنَا، نَسْتَلْهِمُ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا وَمِنْ سُنَّةِ نَبِيِّنَا أَسَاسَ الْوَحْدَةِ وَصِدْقَ الاِنْتِمَاءِ، وَمِنْ سِيرَةِ سَلَفِنَا وَتَارِيخِ أَجْدَادِنَا نَسْتَضِيءُ دُرُوبَ الْعِزَّةِ وَالإِخَاءِ، وَفِي ظِلِّ رَايَةِ الدِّينِ نَعِيشُ التَّوْحِيدَ وَالإِيمَانَ، تِلْكَ الرَّايَةِ الَّتِي انْضَوَى تَحْتَهَا بِلاَلٌ الْحَبَشِيُّ وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَصُهَيْبٌ الرُّومِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَانْضَوَى تَحْتَهَا كُلُّ عَرَبِيٍّ رَضِيَ بِاللهِ رَبّاً وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً، فَالْتَقَوْا عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَذَابَتْ بَيْنَهُمْ فَوَارِقُ الْجِنْسِ وَالْوَطَنِ، وَاضْمَحَلَّتْ نَوَازِعُ الْعَصَبِيَّاتِ وَالْفِتَنِ، وَحَلَّتْ رَابِطَةُ الإِسْلاَمِ مَحَلَّ رَابِطَةِ الدَّمِ وَالْعَشِيرَةِ، فَكَانَ لِسَانُ حَالِ أَحَدِهِمْ إِذَا سُئِلَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَبِي الإِسْلاَمُ لاَ أَبَ لِي سِوَاهُ إِذَا افْتَخَروُا بِقَيْسٍ أَوْ تَمِيمِ. فَلِلَّهِ دَرُّ الإِسْلاَمِ إِذْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ، وَلاَ بَيْنَ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، وَلاَ بَيْنَ سَيِّدٍ وَمَسُودٍ إِلاَّ بِالتَّقْوَىِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). وزاد القول "لَقَدْ قَاتَلُوا أَعْدَاءَهُمْ عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَقَارَعُوا خُصُومَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ رُصَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ، فُرْسَانٌ بِالنَّهَارِ، وَكَأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنَاهُمْ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)، وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَرَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ فِيهِمْ: قَوْمٌ إِذَا مَا ابْتُلُوا فَالصَّبْرُ شِيمَتُهُمْ أَوْ أُسْدِيَتْ نِعْمَةٌ أَلْفَيْتَهُمْ شَكَرُوا يَرَاهُمُ الْخَصْمُ آسَاداً إِذَا غَـضِبُوا شُمُّ الأُنُوفِ فَلاَ كِـبْرٌ وَلاَ بَطَرُ وحدة المسلمين فرض وأكد أن الْحِفَاظَ عَلَى وَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ فَرْضٌ شَرْعِيٌّ، وَوَاجِبٌ حَتْمِيٌّ، لاَ يَجُوزُ التَّفْرِيطُ فِيهِ بِحَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ ؛ إِذِ الاِجْتِمَاعُ عَلَى الْحَقِّ وَسِيلَةٌ لِقُوَّةِ الأُمَّةِ وَتَمَاسُكِهَا، وَأَدَاةٌ لِحِفْظِ كِيَانِهَا وَدَفْعِ شَرِّ أَعْدَائِهَا، وَهُوَ اسْتِجَابَةٌ لأَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالاِعْتِصَامِ بِدِينِهِ، وَالنَّهْيِ عَنِ التَّفَرُّقِ فِيهِ، إِذْ يَقُولُ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)؛ فَالْمُسْلِمُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى بَعْضُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ، قَالَ النَّبِيُّ:«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». شروط التقدم وقال إنه لاَ يُمْكِنُ لأُمَّةِ الإِسْلاَمِ أَنْ تَقُومَ بِدَوْرِهَا فِي الْحَيَاةِ، وَتَسِيرَ فِي رَكْبِ الأُمَمِ فِي النُّهُوضِ وَالْبِنَاءِ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ وَحْدَةُ شَعْبِهَا قَائِمَةً، وَصُفُوفُهَا مُتَلاَحِمَةً. أَلاَ وَإِنَّ مِنْ أَهَمِّ مَا يَحْفَظُ لِلأُمَّةِ قُوَّتَهَا، وَيُبْقِي لَهَا وَحْدَتَهَا: التَّمَسُّكَ بِدِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كِتَاباً وَسُنَّةً، عِلْماً وَعَمَلاً، فَهْماً وَسُلُوكاً، آداباً وَأَخْلاَقاً، وَالتَّعَاوُنَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانِ، وَنَبْذَ التَّعَاوُنِ عَلَى الإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْعُدْوَانِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ([المائدة:2]. وَمِنْ أَقْوَى الرَّوَابِطِ وَأَوْثَقِ الْعُرَى: الشُّعُورُ بِالأُخُوَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ وَمُرَاعَاةُ حُقُوقِهَا، وَتَرْسِيخُ مَعَانِيهَا فِي الْقُلُوبِ وَالْعُقُولِ، وَمُمَارَسَتُهَا وَاقِعاً بَيْنَ أَفْرَادِ الشَّعْبِ الْمُسْلِمِ. وَقَدْ أَكَّدَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الأُخُوَّةَ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَأَثْنَى عَلَى أَهْلِهَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[التوبة:71]. وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَلاَ يَخْفَى مَا لِلإِصْلاَحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَثَرٍ عَظِيمٍ فِي إِزَالَةِ الشَّحْنَاءِ وَالْعَدَاوَاتِ، وَتَطْهِيرِ الْمُجْتَمَعِ مِنْ أَوْضَارِ الشِّقَاقِ وَالنِّزَاعَاتِ، وَإِقَامَةِ مُجْتَمَعٍٍ سَلِيمٍ مُعَافىً مِنَ الْعِلَلِ الْبَاطِنَةِ، وَالأَدْوَاءِ الظَّاهِرَةِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ([الحجرات:9 — 10]. إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ: وَعَلَى الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَامَلَ بِأَخْلاَقِ الإِسْلاَمِ التَّيِ تَهْدِي إِلَى الْفَضِيلَةِ، وَيَبْتَعِدَ عَنِ الأَخْلاَقِ السَّيِّئَةِ الَّتِي تَقُودُ إِلَى الرَّذِيلَةِ؛ لِيَعِيشَ الْمُجْتَمَعُ أَعْلَى دَرَجَاتِ الذَّوْقِ وَالرُّقِيِّ وَالتَّلاَؤُمِ، وَيُرْسِيَ دَعَائِمَ الْحَضَارِةِ وَالاِتِّحَادِ وَالتَّلاَحُمِ؛ يَقُولُ الْحَقُّ جَلَّ وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ). وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاَقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاَقُهُمْ ذَهَبُوا أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ. لا ملل ولا نِحل واختتم بالقول "إنَّ اللهَ أَمَرَنَا أَنْ نَكُونَ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَنَهَانَا عَنْ أَنْ نَتَفَرَّقَ إِلَى مِلَلٍ وَنِحَلٍ؛ إِيثَاراً لِسَلاَمَةِ الدِّينِ، وَإِبْقَاءً لِوَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ حَيْثُ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) وَإِنَّ مِنْ أَخْبَثِ أَسْلِحَةِ أَعْدَائِنَا الْيَوْمَ مُحَاوَلَتَهُمْ إِلْهَاءَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ وَاجِبَاتِهِمْ وَشَغْلَهُمْ بِبَعْضِهِمْ، وَإِثَارَةَ الْفِتَنِ وَالْعَصَبِيَّاتِ، وَإِذْكَاءَ نَارِ الْفُرْقَةِ وَالاِنْقِسَامَاتِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ وَاجِباً عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَيَقَّظُوا لِمَا يُدَبِّرُهُ لَهُمُ الأَعْدَاءُ مِنَ الْمَكَايِدِ وَالْمُؤَامَرَاتِ، وَلِمَا يَحِيكُونَهُ مِنَ الدَّسَائِسِ وَإِثَارَةِ النَّعَرَاتِ، وَأَنْ يَحْفَظُوا وَحْدَتُهُمُ الإِيمَانِيَّةَ، وَيَتَمَسَّكُوا بِأُخُوَّتِهِمُ الإِسْلاَمِيَّةِ. قَالَ النَّبِيُّ: «لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَاناً،الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ: لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ،...كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» وذكر أن وَحْدَةَ الأُمَّةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْفَضِيلَةِ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا، لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُفَرِّطَ فِيهَا، وَنَحْنُ مَسْؤُولُونَ عَنْهَا أَمَامَ اللهِ: أَحَفِظْنَا أَمْ ضَيَّعْنَا؟ فَعَلَيْنَا أَنْ نَعْمَلَ بِجِدٍّ وَإِخْلاَصٍ؛ لِلْحِفَاظِ عَلَيْهَا وَالذَّوْدِ عَنْهَا، فَنَحْنُ فِي سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ إِنْ غَرِقَتْ هَلَكْنَا جَمِيعاً، وَإِنْ نَجَتْ نَجَوْنَا جَمِيعاً، وَلْنَكُنْ يَداً عَلَى مَنْ سِوَانَا؛ فَرَبُّـنَا وَاحِدٌ، وَدِينُنَا وَاحِدٌ، وَكِتَابُـنَا وَاحِدٌ،

1517

| 19 سبتمبر 2014

محليات alsharq
السادة : قطر تسعى لتعزيز الجهود الدولية لتفعيل حوار الحضارات

أكد السيد عبدالله أحمد السادة المستشار بوزارة الخارجية وعضو أمانة سر اللجنة الوطنية لتحالف الحضارات أن قطر تولي قضية حوار الحضارات اهتماماً كبيراً ما يؤهلها لريادة العمل بالمنطقة في هذا الملف. وقال السادة في تصريحات لـــــ "الشرق" على هامش مشاركة قطر في اجتماع نقاط الاتصال للدول العربية لدى تحالف الحضارات والذي يعقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن قطر نظمت المنتدى الرابع للتحالف الحضارات في ديسمبر 2012 بمشاركة ممثلين عن كل دول العالم ومنظمات إقليمية وعالمية وعلى رأسها الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بتحالف الحضارات ،كما نظمت قطر المنتدى التمهيدي لتحالف الحضارات للمؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في متصف عام 2012 . وأشار السادة الى أن قطر رائدة في السعي إلي تعزيز الجهود الرامية الي حوار الحضارات عبر تنظيم العديد من الفعاليات والمؤتمرات الدولية والإقليمية في هذا الشأن لافتاً إلي أن قطر قامت بإنشاء اللجنة الوطنية لتحالف الحضارات وهي لجنة تضم ممثلين عن كافة الوزارات والمؤسسات بالدولة. وأضاف ان قطر وجهت الدعوة رسمياً إلى كافة الدول العربية والأمانة العامة للجامعة من أجل المشاركة في حضور فعاليات المؤتمر التمهيدي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات في دورته السادسة حيث سيتم عقد اجتماع لنقاط الاتصال العربية لتحالف الحضارات بالدوحة خلال الفترة من 29 إلى 30 أبريل الجاري وذلك من أجل توحيد الرؤى والفكر والاستعداد للمنتدى العالمي السادس لتحالف الحضارات والمقرر عقدة في أغسطس القادم باندونيسيا. وقال السادة أن قطر حريصة على تواجد الوفود العربية على بالدوحة للعمل على تعزيز هذا الملف مشيراً إلي أن اجتماع الدوحة لنقاط الاتصال سوف يخرج عنه إعلان وبيان الدوحة والذي سوف يقدم إلى المنتدى العالمي باندونيسيا.

513

| 23 أبريل 2014