رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات alsharq
السيارات المعدلة.. أسرع طريق إلى الموت!

"التيربو" و"الهيدرز" و"يوني تشب" ... قطع تحول المواتر إلى صواريخ أرضية60% حصيلة الإصابات المميتة جراء التزويد من إجمالي إصابات الحوادث220 قتيلا سنوياً و550 جريحا بإصابات بالغة الخطورةالحوادث تستنزف من اقتصاد الدولة ما يعادل 5% من إجمالي الناتج المحلياستبيان الشرق: 60% من الشباب يرون أنه من (السهل) دخول وتداول قطع غيار (التزويد) في قطرالذروة نهاراً والحوادث ليلاً و80% من السيارات المزودة تخرج في المساءالتخطيط والإحصاء: 7498 حالة إعاقة في عام 2015 فقط أعمارهم لا تتجاوز 29 عاما كان العزاء صامتاً وموحشا، والحزن عميقا، والمتوفى لم يقترف أي ذنب، سوى أنه حاول اجتياز الشارع الممتد من سوق الغنم والمتجه إلى دوار السوق المركزي وصادف أن أحد الشباب اختار هذا الشارع ليجرب سرعة سيارته بعد التزويد . هذه التجربة قسمت جسد الضحية إلى نصفين، نعم هكذا ودون أدنى مبالغة التصق نصفه العلوي بالزجاج الأمامي والنصف الآخر ظل معلقاً تحت السيارة ليجر على الإسفلت. هذه الشهادة رواها لنا مبارك السبيعي 25 عاماً عن صديقه الذي تسبب في مقتل الرجل .على أية حال هذه قصة من ألف، حصدت أرواحا كثيرة وأسرت أرواحا أخرى في غرف العناية المركزة بالدور السادس من مستشفى حمد، والذي توجهنا إليه لنفاجأ بما يصعب وصفه. الإستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية في قطر، رصدت في أولى صفحات كتيبها الخاص، نحو 220 قتيلا سنوياً، و550 جريحا بإصابات بالغة الخطورة، أغلبهم راحوا نتيجة ما وصفته بـ"الإهمال" والتهور أثناء القيادة، وأوردت أن الحوادث المرورية تستنزف من اقتصاد الدولة ما يعادل 5% من إجمالي الناتج المحلي، وهي نسبة مرتفعة جداً.وأوضحت دراسة أجراها "مركز دراسات السلامة المرورية" في جامعة قطر عام 2012، أن تكلفة الحوادث ما بين أعوام 2007-2012 قد تجاوزت 17 مليار ريال قطري. خيط مهم يجب أن نعترف بأن هناك جهودا ضخمة تقوم بها الدولة لتقليل أعداد الضحايا، ولكن الأعداد لم تنخفض بالشكل الذي يتناسب مع الإجراءات المتخذة ..فأين الخطأ؟ وما هي الحكاية بالضبط؟.. الوحدة الاستقصائية بتحقيقات الشرق أمسكت خيطا مهما لعله يسحبنا إلى زاوية، غاية في الأهمية، لنطرح افتراضنا بأن ثمة ثغرة في القانون الذي أحكمت أركانه للحفاظ على أرواح البشر، فمن جانب هو لا يمنع دخول القطع التي تستخدم في تزويد السيارات وتداولها بين الشباب، ومن الجانب الآخر يتم ملاحقة هذه السيارات على الطريق، ولكن بعد أن يكون السيف قد سبق العذل، وتسربت تلك السيارات الليلية إلى شوارع السباق غير الشرعية، فتشرق عليهم الشمس ملطخين بالدماء. الرقابة لا تدري لاختبار هذا الحكم القاسي بأن مراكز فحص السيارات المسؤول عن تجديد رخص المركبات، لا تستطيع الكشف عن قطع التزويد التي يدسها الشباب في سياراتهم فيما يعد خرقاً للمادة (5) و(8) من قانون المرور رقم (19) لسنة2007. قمنا بالاتفاق مع أحد الأشخاص من أصحاب السيارات المزودة والذين انتهت (استمارتهم) لنتوجه بها إلى إحدى مراكز الفحص الفني والتي اخترناها بشكل عشوائي، وهي مزودة بـ(هيدرز- وفلتر ريس). لزيادة سرعة وعزم السيارة بشكل جنوني. المفاجأة أن السيارة مرت مرور الكرام دون أن يلحظ أحد أي شيء، ولم يستوقفنا أحد ولم يسألونا عن أي شيء !..وهذه واقعة غريبة أثبتها فريق التحقيق ((بوثيقة رسمية)). وكشف استبيان أعدته الوحدة الاستقصائية بالشرق، على 25 شاباً منخرطين بصورة أو بأخرى في هذا المجال، وتتراوح أعمارهم ما بين 19-27 عاماً، أن 60% منهم يرون أنه من (السهل) دخول وتداول قطع غيار (التزويد) في قطر. رحلة التيربو ما سنحكيه الآن رحلة طويلة وسهلة في الوقت نفسه، سوف نروي تفاصيلها -من الألف إلى الياء-بداية من دخول قطع التزويد إلى قطر ومروراً بتركيبها، ووصولاً إلى نقطة انطلاق إحدى السباقات المجنونة على الخط الأصفر بالقرب من منطقة الدفنة. كما اتضح من الاستبيان أن دخول قطع التزويد ليس بالأمر الصعب، وعندما سألنا محمد علي23 عاماً عن طرق تهريب قطع تزويد السيارات، قال هو ليس تهريباً ولا تحتاج لطرق مبتكرة لكي تمرر، هذه القطع تدخل من خارج البلاد قادمة من الدول الخليجية المجاورة، وهذا ليس أمراً ممنوعاً، ولا يتم ضبطه، ولا حتى توقيفه، لأنه لا يوجد نص قانوني يمنع دخول هذه القطع إلى الدوحة، وتمر عشرات القطع يومياً دون مساءلة .ومن هنا اكتشفنا بداية الأزمة، فماذا عن تركيبها، أين وكيف يتم تزويد السيارات؟ المال مقابل التيربو انطلقنا برفقة أحد المهتمين بالتزويد، في سيارته اللاند كروزر والمزودة بهيدرز، واتجهنا صوب أحد الكراجات لتركيب قطعة التيربو وبرمجة السيارة كاملة لتزيد سرعتها للضعفين. أخبرنا الرجل أن البرمجة لا تتوافر قطعها حالياً، ولكن التيربو موجود وجاهز، والكراج سيتكفل بتركيبه كاملاً وتصنيعه ولحمه بالقطع الداخلية للسيارة، على أن نستلمه بعد عشرة أيام. الغريب أنه لم يسألنا عن أي تصاريح أو أوراق رسمية، فقط المال مقابل التيربو، وتصل أسعار قطع التزويد لديه إلى ما يفوق 30,000 ريال.والحوار الذي امتد بيننا لعشر دقائق، لدينا تسجيل صوتي يثبته، وتم توثيقه بالكامل. عبدالرحمن شاهين (22عاماً) هو أحد هؤلاء الذين لديهم اطلاع على عالم السيارات، أخبرنا أن قطع التزويد تمر إلى الدوحة وتركب بأكثر من طريقة، فهناك طلب من المواقع الإلكترونية في الولايات المتحدة، وهناك دخول عبر الحدود، كما أن الكراجات الرسمية لتزويد السيارات وهي حوالي خمسة في الدوحة، بالإضافة للكراجات غير الرسمية، جميعها تقوم بتزويد كافة السيارات دون تراخيص. سباق على حافة الموت المكان: الخط الأصفر بالدفنة، الزمان:الواحدة بعد منتصف الليل، الحالة المرورية: هدوء تام . معدا التحقيق اتفقا على الالتقاء ببعض الشباب الذين تجمعوا لخوض تحدي السرعة بينهم، وعلى الخط الأصفر الذي لا تتجاوز سرعته 100 كيلو متر/ساعة، وقفت سيارتان لاند كروزر إحداهما طراز جي إكس2002 والأخرى طراز جي إكس 2005، مجهزتين بـ(هيدرز) وهي قطعة مسؤولة عن ادخال مزيد من الهواء إلى الماكينة لزيادة معدل حرقها، بالإضافة إلى (يوني تشب) وهي قطعة برمجة للسيارة مسؤولة عن رفع العزم للضعف، و(تيربو) ويرفع هذا الأخير قوة المحركات من 6 "سلندر" إلى 12 "سلندر"، وهي سرعة جنونية طبعاً، لا تتحملها أجزاء السيارة. المهم السيارتان مزقتا سكون الليل، وانطلقتا بسرعة هائلة، وصلت عند نهاية السباق إلى 250 كيلومترا/الساعة، غير أن معدل تسارع الماكينة كان هائلاً، حيث إن سرعة تبديل التعشيق أو ما يسمونه بالـ"القَطعة" كانت أسرع من الطبيعي بكثير. "التيربو" و"الهيدرز" و"يوني تشب" ... قطع تحول المواتر إلى صواريخ أرضية مفارقة واستنباط: الذروة نهاراً والحوادث ليلاً؟! وقع بين أيدينا إحصائية أعدتها اللجنة الوطنية للسلامة المرورية، وبعد تحليل نتائجها اكتشفنا مفارقة عجيبة، وهي أن أكبر نسبة للحوادث المرورية تقع ليلاً، رغم أن وقت الذروة وانصراف الموظفين والمدارس، والتدفقات المرورية الخانقة تحدث نهاراً، وهذا خلاف للأسباب التي تطرح عادة بأن الاختناقات المرورية سبب للحوادث. ففي 12 ضاحية من ضواحي الدوحة رُصدت النسبة الكبرى للحوادث وقت الليل، بواقع 2,284 حادث ليلاً، مقارنة بـ 1,582 حادث نهاراً. المفارقة الأخرى أن منطقة الصناعية -كما هو معروف- تكون خالية من السيارات ليلا، وتصير أشبه بمنطقة مهجورة، لكن الغريب أن نفس الإحصائية رصدت معظم الحوادث في الصناعية أنها تقع ليلاً، بواقع 455 حادثا ليلا، مقارنة بـ315 نهاراً. الوحدة الاستقصائية قامت بدراسة الأسباب ووضعت افتراضا بأن السيارات المزودة هي المسبب الأبرز لهذه المفارقة، بسبب خروجها ليلاً، وبالفعل تأكد افتراضنا، من خلال ما خلصنا إليه في إحصائيتنا المقامة على 25 من الشباب مالكي السيارات المزودة، واتضح أن 80% منهم يخرجون ليلاً، والصناعية كما قال لنا معظمهم تعتبر أفضل مناطق التسابق. (م.س) وهو أحد هؤلاء يقول إن الليل يكون هادئا والشوارع فارغة وهذا ما يساعد السائق على الوصول لسرعات عالية، وتجربة حركات استعراضية خطيرة تحتاج لمكان فسيح، لكن المشكلة الوحيدة هي ضعف الإضاءة في بعض شوارع السباق، وهذا ما يؤدي غالباً لارتطامات مميتة، ولكن على أي حال "المغامرة هي قمة السعادة". وكشفت اللجنة الوطنية للسلامة المرورية -أيضا- أن نسبة الحوادث الناجمة عن عدم التحكم في السيارة -ويعد التزويد سببها الرئيس- قد بلغت 73٪‏ من إجمالي الحوادث المرورية في قطر. ولامست حصيلة الإصابات المميتة جراء هذا السلوك، 60٪‏ من إجمالي الإصابات الناجمة عن الحوادث، كما تسببت القيادة (المتهورة) -وأبرز أشكالها السيارات المزودة- بوفاة 100 شخص سنوياً. استبيان نهاية دراماتيكية "كان عائداً على خط سيلين ليلاً، وكانت سيارته هي الأقوى بين أصدقائنا، الطريق أمامه فسيحة وصوت الماكينة أشعل الحماسة في قدمه التي ضغطت حتى آخرها على دواسة البنزين، فجأة ودون سابق إنذار انقطعت عنه الأخبار"..قاطعناه: أين ذهب؟ يقول عبدالله البرديني وهو يحكي لنا قصة صديقه الذي تركهم على شاطئ سيلين إن هذا هو آخر ما حدث له، وكل هذا بسبب تركيبه لقطع تزويد كثيرة فاقت قدرة تحمل السيارة التي أخرجت دفعة قوية من اللهب أشعلت مؤخرة السيارة، فارتعد السائق -الذي لم يتجاوز وقتذاك 17 عاماً- من المنظر وفقد السيطرة وهو يقود بسرعة عالية. منذ خمس سنوات وقعت هذه الحادثة، وإلى اليوم صديقي ملقى على فراش العناية المركزة في مستشفى حمد، فاقداً الذاكرة، والنطق، والحركة، بعد أن تحسنت حالته واستفاق من الغيبوبة التي ألمت به لعام كامل.الآن هو يبلغ من العمر 22 عاماً، أي أنه من المفترض أن يكون قد أنهى معنا المرحلة الجامعية هذا العام. أرقام وزارة الداخلية لسنة2009/2010، تشير إلى أن الجرائم الأكثر انتشاراً بين فئة الأحداث، هي المسائل المتعلقة بالمرور، فالحوادث بحسب ما ورد في التقرير هي السبب الرئيس للوفاة في قطر.أما بخصوص الإعاقة في قطر والتي تعد الحوادث أهم أسبابها، فتشير أرقام وزارة التخطيط التنموي والإحصاء لعام 2015، إلى أن الإعاقة بين فئة الشباب تشكل الشريحة الكبرى مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، المعرضة بشكل أكبر للإصابة بفقدان الحركة . وتصل أعداد أصحاب الإعاقات المقيمين في مستشفى الرميلة، والبالغين 15 سنة فأكثر إلى 1462 حالة لعام 2015. أما الذين تلقوا الرعاية في الرميلة فوصلت أعدادهم إلى 6036 حالة بدأت أعمارهم من 15 سنة. يعني أن المجموع وصل 7498 حالة إعاقة لعام 2015 فقط. استبيان2 القانون بعد مراجعة نص قانون المرور رقم (19) لسنة 2007، تأكدت فرضيتنا بأن قطع التزويد لا يوجد ما يمنع دخولها واقتناءها، ولكن إذا أدت إلى رعونة في القيادة أو إزعاج يتدخل القانون ليمنعها، كما هو منصوص عليه في مادة (57)و(58)و(88)، وهذا ما أدى إلى تسرب أعداد كبيرة من قبضة الرقابة .

5747

| 19 فبراير 2017