هو أشهر خطاطي العصر العباسي ولد في شوال 272 ه الموافق (885 م) في بغداد، وأخذ لقبه من والدته (مقلة)، ونشأ في بيت علم وفن ووسط أسره جميع أفرادها يمتهن الخط العربي، فجاء ابن مقلة الأشهر من بينهم على الإطلاق، ففي سن السادسة عشرة أتقن تعلم فن الخط العربي ونبغ فيه، وفهم أسراره، وبلغ شأنا عظيماً ومرتبة عالية في فنه إلى أن انتهت إليه جودة الخط وحسن تحريره، وأصبح معلماً له في مدرسة (ابن الفرات) أشهر مدارس الخط في ذلك الوقت، ويعتبر ابن مقلة شيخ الخطاطين العرب على الاطلاق ومهندس صناعتهم، ويحسب له الكثير من علوم تحسين وتطوير الخط العربي، وعنه انتشر الخط في مشارق الأرض ومغاربها وعلى طريقته سار الخطاطون من بعد، إذ انه أول من هندس الحروف وقدّر مقاييسها وأبعادها من خلال فكرة (التنقيط) وذلك لضبط الحروف ضبطًا محكماً، وقام بحسابات عمودية الحروف الأخرى وفقها، وذلك لاحداث التوافق والتماثل والتجانس في كتابة الخط العربي، وهي التعاريف والتعاليم المعمول بها حتى الآن والتي بها يمكن لأي خطاط اثبات مدى صحة الخط وتوافقه من عدمه، كما أنه أول من اتخذ حرف الألف كمقياس ثابت لقياس بقية الحروف عليه، ومنذ ذلك الحين والخطاطون يتخذون بداية الالف كأساس ثابت لوضع تصورهم في فن زخرفة الحرف العربي، ومن خلال تأسيسه لتلك الهندسة، جعل ابن مقلة من السهل هندسة الخط بالتنقيط فالحروف العمودية أو الأفقية، تتبع حسابات عدد النقط اللازمة في تشكيلها من حيث الطول والحجم وعلى نفس المنوال تكون الحروف المائلة والمنحنية ويتم ايضا قياسها على حرف الالف، ويعتبر الخط المتساوي هو الخط الذي يتخذ الالف مقياسا له في الطول والقلم في العرض، حيث تتشابه تطبيقات مقاييس الخط الى حد كبير مع تطبيقات الايقاع الموسيقى، إذ ان انسجام الخط وروعة تصويره، يعد بمثابة موسيقى للعين يحسها ويشعر بها فنانو الخط حتى ان معلمي الخط من كثرة تألفهم معه يتعرفون على الابعاد والمقاييس بل والمساحة دون عناء او صعوبة.قدم ابن مقلة انجازات فنية مهمة في علم الخط العربي وفنه، حيث يرجع إليه الفضل أيضا في أنه أول من نقل الْخط الكوفي إلى العربي، بالاضافة الى ابتكاره لخطي الثلث والنسخ، استطاع فيما بعد حصر أنواعه التي جاوزت العشرين وجعلها في ستة هي (الثلث والنسخ والتوقيع والريحان والمحقق والرقاع)، وَقيل إنه كتب كتاب هدنة بَين الْمُسلمين وَالروم فوضعوه فى كَنِيسَة قسطنطينية وَكَانُوا يبرزونه فى الأعياد ويجعلونه من جملَة تزايينهم فى أخص بيُوت الْعِبَادَات ويعجب النَّاس من حسنه.كان لنبوغه وتفوقه دور ساعده في أن يصبح مشهوراً ومعروفاً، كما ساعده كذلك على أن يرتقي أعلى المناصب في عهده، وهو الأمر الذي كان سببا في أن يصبح فيما بعد أحد أغنى الأغنياء في عصره، حيث ولي الوزارة لثلاثة من الخلفاء العباسيين ( المقتدر، والقاهر، والراضي) وعزل ثلاث مرات، ونفي وصودرت أمواله، وقطعت يده ولسانه في آخر عمره، وَحُبِسَ فَكَانَ مع ذلك يكتب بيده اليمنى مع قطعها، كما كان يكتب بها وَهِيَ صَحِيحَةٌ ، توفي ابن مقلة الكاتب البارع والشاعر المجيد سنة (328 ه) بعد أن خط القرآن الكريم مرتين، وترك رسالة في علم الخط والقلم.

أقام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ندوة بعنوان "العلاقات التجارية بين موانئ الخليج وشرق آسيا في العصر العباسي الثاني وتأثير القرصنة عليها"، والأهمية الجغرافية التي تمثلها موانئ الخليج في هذا العصر. وأكدت الندوة التي حاضر فيها الباحث في التاريخ الإسلامي والأستاذ بقسم التاريخ بجامعة الكويت، الدكتور بدر الرشيدي، على أهمية الموقع الجغرافي لموانئ الخليج في العصر العباسي الثاني، باعتبارها حلقة وصل بين قارات العالم القديم والمحرك الرئيسي للخطوط التجارية، مما جعلها مطمعا للقراصنة للاستيلاء على الثروات التي كانت تنقلها السفن منها وإليها، إذا كانت سفنها تصل إلى سواحل إفريقيا والصين وإلى القارة الأوروبية. وأضاف الرشيدي، أن الدولة العباسية أولت اهتماما كبيرا في دعم التجارة والاقتصاد والمال، وأصبحت مركزا ماليا للدول القريبة والمجاورة لها، مما أدى إلى زيادة حركة النشاط التجاري للموانئ، وبالتالي ازدياد حركة القرصنة التي هدفت إلى الحصول على أكبر مردود من تلك الحركة التجارية النشطة.