رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان 1436 alsharq
عبد العزيز الرفاعي ...أمير الخط العربي

يعتبر الشيخ عبد العزيز الرفاعي من كبار الخطاطين الأتراك في القرن العشرين، وأحد خطاطي جيل العمالقة العظماء الذين حملوا هموم نهضة الخط العربي، وهو الجيل الذي أوصل راية علم الخط العربي إلى عليائه، فغدا بفضل جهودهم منبع نور سار بهديه من أتى بعدهم، لقبه العارفون بفن الكتابة بأمير الخط العربي، حيث يعد بحق ركناً مجددا للخط العربي في مصر، إذ كان الشيخ الرفاعي أحد الخطاطين الذين خلفوا لنا آثاراً كثيرة، فقد كان غزير الإنتاج واسع المعرفة بكل أصول الحرف العربي، يجيد اثني عشر نوعاً من الخط إجادة تامة إلى جانب إجادته التامة لفن التذهيب والزخرفة، وترك بصمته الشخصية فيها، كما كان بارعاً في الكتابة المرسلة والمدمجة والمركبة، فلا يقدم حرفاً على حرف ولا مقطعاً قبل مقطع، يلتزم بسلوك الورعين الذين يحافظون على سلامة الكتابة القرآنية تسهيلاً يساعد على تسلسل قراءتها، ويبدي براعته في الكتابة في جميع الأشكال الهندسية، حيث كتب لوحات جامعة لكل أنواع الخط العربي، كما برع في التراكيب الخطية، وكان ماهرا جدا في المحافظة على الطرق المتداولة في كتابة النماذج الخطية وتنسيقها، وأجاد في رسم التوقيعات السلطانية(الطغراء) . ولد الشيخ عبد العزيز الرفاعي في مجقا (مركز ولاية طرابزون سابقاً)، على الساحل الشرقي للبحر الأسود عام(1872)م، ثم سافر مع والده إلى إسطنبول ومن خلال التحاقه بالكتّاب ظهرت قابليته في الخط العربي وبدأ يدرس ويتعلم ويعمل ويكتب ويتمرن ويمشق على أستاذه ومثله الأعلى الخطاط المشهور عارف أفندي الفلبوي (البقال) الذي تعلم عليه الرقعة والديواني والنسخ والثلث. بعد أن برع في تعلم الأصول الفنية والقواعد الأصولية، والنسب المتفق عليها في رسم الحروف، قام بتجويد خط التعليق على يد الخطاط حسن حسني القرين أبادي، وجلى الثلث على يد الخطاط محمد سامي الذي أسهم بصقل موهبته الخطية وتقدمه في مشوار الخط وتكوين أسلوبه المميز له، ليعرف به ومن خلاله بـ(سريع القلم) ولتبرع أنامله وتخط وتصوغ سلاسل خط ذهبية بديعة وأخاذة. عُين الشيخ الرفاعي موظفاً في مشيخة الإسلام في إسطنبول، وقام بتدريس الخط في بعض المدارس كمدرسة الخطاطين في تركيا، إلى أن استدعى إلى مصر في عهد الملك فؤاد لكتابة وزخرفة وتذهيب مصحف الملك، حيث أدى هذا العمل الجليل خلال سنة على أكمل وجه، وعني بنشره حتى ظهر بأبهى حلة، وليكون بعدها من أجمل المصاحف المخطوطة . وعندما حان وقت عودته جاء الخبر بإلغاء وظيفته في إسطنبول مع إلغاء مشيخة الإسلام نفسها، فكان أن أشاروا عليه بالبقاء في مصر فبقي حيث عمل مدرساً في مدرسة خليل أغا بمنطقة باب الشعرية بالقاهرة، وعمل أيضاً بالتدريس في مقام الرفاعي. وقد اسهم في إنشاء مدرستين لتحسين الخطوط العربية، فكان مديرًا لهما ومُدرسًا للخط في نفس الوقت، رحل بعدها إلى إسطنبول، ولكنه توفي بعد سفره بعامين تقريباً في 16 أغسطس 1934م، ودُفن في مقابر (أدرنه قابي) في إسطنبول وكان عمره آنذاك ثلاثة وستين عاماً. ترك الخطاط الفذ الكثير من الآثار منها: لوحتان بخط الثلث الجلي والتعليق في جامع (ألو) ببورصة، وأحد عشر مصحفًا منها: المصحف الموجود عند أمير أفغانستان، والمصحف الموجود (في دار الكتب المصرية)، وثلاث لوحات محلاة بالخطوط المتنوعة، إحداها في متحف "طوبى قابي"، ومن آثاره الأخرى في أنواع الخط العربي منها "أحسن النماذج"، و"القصيدة النونية" كتبها لتعليم الكتابة الثلثية والنسخة لطلاب الأزهر ومدرسة الخط بمصر في عام 1923، وهي متضمنة الأحكام الدينية والعقائد الإسلامية، وقد كتبها الرفاعي بخطي الثلث والنسخ فجاءت من أحسن ما أخرج الأئمة الخطاطون حتى عصرنا هذا.

7231

| 28 يونيو 2015