رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون alsharq
ابنة خان يونس تُحلّق بالريشة والألوان

كان صعبا للغاية على الشابة كريمة النجار - 30 عاما - أن تستيقظ من غيبوبتها لتجد نفسها قد أصيبت بالشلل، لم تتخيل الأمر للحظة، فأصيبت باكتئاب قعدت بسببه في غرفتها صامتةً لا تخالط الناس إلا نادرا جدا مدة خمس سنوات. رغم الألوان في غرفتها كنت تراها قاتمة، لم يعد هناك مكان للفرح بداخلها، ولا الأمل عاد يلاحقها ولا حتى أحلامها عادت تفكّر بها، فإصابتها بالشلل غيرت كل مجرى حياتها. وقالت لـ الشرق: كنت بعمر السابعة عشرة، شابة كثيرة الحركة شديدة النشاط لا تنفك الأحلام الجميلة تراودني، وكان أجمل حلمٍ بحياتي هو أن أكون مذيعة، لكنه تلاشى بعد الحادثة. مرت كريمة بتجربة قاسية في حياتها، حيث سقطت من نافذة غرفتها في الطابق الرابع إلى الأرض، اختلّ توازنها حين أرادت أن تنشر شيئا على حافة النافذة وهي تركب على كرسي، فلم تتمالك جسدها ووقعت، كتب الله لها أن تعيش، لكنه لم يُرد لها أن تمشي، فأصيبت بالشلل. الفلسطينية ابنة مدينة خان يونس جنوب قطاع غزّة اجتثت روحها من بين أوصالها يوم قررت أن تفيق من كابوس الصمت، فابتسمت للحياة قليلا وأمسكت بالقلم والألوان. تعبر: على الكرسي المتحرك ذهبت للتدريب قاطعة مسافة تقدر بحوالي 8 كيلومترات، حتى بِتُّ مُتمكنة بشكلٍ مُحترف من رسم الشخصيات. وتوضح بدأتُ بالرسم وحصلت على تلك الدورة التدريبية وتميزت فيها ورسمت شخصيات قيادية كالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وتاريخية وثقافية كالشاعر نزار قباني ومحمود درويش ومناظر طبيعية وغيرها حتى بدأت نظرتي للحياة تتغير. ملجأ الألوان وتكمل: صارت الأوراق والألوان هي ملجئي، في تلك الغرفة الصغيرة التي أسكن فيها مع والدتي وحيدتين، في بيت أخي بعد ترك والدي لنا، إنها صغيرة لا تتسع لعرض جميع لوحاتي ولا تتسع للرسم حتى بأريحية. صار سرير كريمة هو المكان الذي تقضي عليه غالبية وقتها في الرسم، أو على كرسيها المتحرك ومن أمامها لوحتها على الحامل الخشبي الخاص الذي لا يأخذ حيزا كبرًا في الغرفة. تعلق: لقد وجدت في الفن روحي ومتنفسي وحركتي التي أسافر بها للعالم، وتستمر: الرسم لم يعد في حياتي موهبة فقط، بل متعة وطاقة تُعيد الحياة لجسدي الحزين، فهو رفيقي في وحدتي، فحين أنظر إليها أشعر وكأنني أحادثها فتحادثني وتبتسم لي. لكن أياما كانت تمر عليها لا تجد فيها مبلغا تشتري فيه مستلزمات الرسم، فالوضع الاقتصادي الذي تعيشه صعب للغاية ما يجعلها ترفض بعض الطلبات التي تُطلَب من أشخاص لرسم شخصياتهم بسبب عدم توافر المال لشراء الأدوات الخاصة بالرسم كنت لا أجد قلم رصاص أرسم به، فيساعدني الأصدقاء في توفير مستلزمات الرسم. كريمة التي باتت تبوح بما في خاطرها وتحلق بريشتها في عالم واسع من الأمل والحياة تؤكد أن الإرادة لا تحدها الإعاقة، وأن الإنسان إذا أرادَ ونَوَى فعَلَ، مهما كانت ظروفه صعبة.

1450

| 08 مارس 2021