استنكر جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم - فيفا الادعاءات التي أطلقتها وسائل إعلام غربية لسجل قطر في مجال حقوق الإنسان واصفا ذلك بالنفاق المذهل والعنصرية المتعمدة في هجوم غير عادي على البلد المستضيف مشيرا في الوقت ذاته أن قطر نجحت في القيام بالعديد من الإصلاحات العمالية من خلال القوانين التي سعت من خلالها إلى ضمان حقوقهم وتعزيز مجال رعايتهم بما يستحق التنويه. وفي خطاب مطول بالمؤتمر الصحفي الذي استضافه المركز الإعلامي الرئيسي بمركز قطر الوطني للؤتمرات، قال إنفانتينو إن الدول الأوروبية يجب أن تعتذر عن الأفعال التي ارتُكبت في تاريخها، بدلاً من التركيز على قضايا العمال المهاجرين في قطر مشددا على أن قطر قد أصلحت ما هو أبعد من كل اعتراف منذ فوزها بحق استضافة كأس العالم في 2 ديسمبر 2010. أنا قطري.. أنا عربي بدأ إنفانتينو تصريحاته بكثير من التأثر قائلا أشعر اليوم بأنني قطري.. اليوم أشعر بأنني عربي.. وأفريقي.. اليوم أشعر بأنني عامل مهاجر.. تجوبني كل هذه المشاعر لكوني شاهدت واستمعت للكثير من وحي ما أراه اليوم، كما أشعر وكأن ذلك يرجعني ويعيدني إلى قصتي الذاتية، فأنا ابن لعمالة مهاجرة والداي كانا يعملان تحت ظروف صعبة جدا ليس في قطر وإنما في سويسرا.. أنا أتذكر جيدا جدا كل التفاصيل التي مررنا بها، أنا لا أتحدث عن التمييز العنصري الذي شهدته جنوب أفريقيا يوما ما.. أنا أتحدث عن معاناة العمالة التي كانت تعيش في سويسرا.. أتذكر كيف كان يعامل العمال المهاجرون عندما يريدون الدخول إلى البلد.. والفحوصات التي يخضعون لها أو كيفية التعامل مع جوازاتهم. وأضاف: عندما أتيت إلى الدوحة أردت البحث بنفسي عن أماكن إيواء العمالة المهاجرة، وأنه لا بد من التأكيد أن سويسرا أصبحت مثالا يحتذى به في التجانس والتقارب بين مختلف الجنسيات بناء على الحقوق والحريات، وقطر قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال، طبعا أنا لست قطريا أو عربيا أو أفريقيا أو من ذوي الاحتياجات الخاصة.. لكن أشعر أنني كذلك وأشعر بمعنى التمييز والتنمر في المعاملة كغريب وأجنبي، كما أشعر أيضا بأنني أتعاطف مع فريق العمل في الفيفا واللجنة العليا للمشاريع والإرث والمتطوعين وجميع من هنا فالجميع يريد أن ينقل بطولة عالم غير عادية وتفوق كل التوقعات. عنصرية ونفاق تحدث إنفانتينو عن الانتقادات الحادة التي رافقت مسيرة قطر لبطولة كأس العالم قائلا يوما بعد يوم كنا نرى الانتقادات على مدار 12 عاما، لكن كان علينا أن نتعاطى مع ما هو موجود، وأريد أن أؤكد أن هذه النسخة من بطولة كأس العالم هذا ستكون الأفضل على الإطلاق، وبمجرد أن تتدحرج الكرة على الملعب فإن الآلاف مهتمون وبانتظاركم هنا لكي يعطوكم الشعور بالسلامة والأمن والجميع فخور لقيامه بذلك. وأضاف لقد تلقينا الكثير والكثير من الدروس من بعض الأوروبيين، من العالم الغربي، أعتقد أن ما كنا نفعله نحن الأوروبيين على مدى 3000 سنة الماضية يجب أن نعتذر عنه قبل أن نبدأ في إعطاء دروس أخلاقية للناس. وأشار إنفانتينو إلى أن 25 ألف مهاجر لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا منذ 2014، قبل إجراء مقارنة مع كيفية معاملة العمال المهاجرين في قطر. وقال: يأتي مئات الآلاف من العمال ويكسبون عشرة أضعاف ما يكسبونه في بلدانهم، ويساعدون أسرهم على البقاء على قيد الحياة، وهم يفعلون ذلك بطريقة قانونية، نحن في أوروبا نغلق حدودنا ولا نسمح عمليًا للعديد من العمال من هذه البلدان بالعمل بشكل قانوني. وأضاف: إذا كانت أوروبا تهتم حقًا بمصير هؤلاء الشباب، أوروبا يجب أن تأخذ قطر مثالا يحتذى به، وتخلق بعض القنوات القانونية، حيث يمكن أن يأتي عدد منهم على الأقل، ونسبة مئوية من هؤلاء العمال من أجل إيجاد أفق مستقبلي يسمح لهم بتحسين أوضاعهم المعيشية. وأضاف: هذا الدرس الأخلاقي أحادي الجانب، إنه مجرد نفاق، أتساءل لماذا لا يدرك أحد التقدم الذي تم إحرازه منذ عام 2016؟. رقابة مشددة تحدث إنفانتينو عن الرقابة التي قامت بها العديد من المنظمات العمالية الدولية بالتعاون مع الفيفا من أجل تحسين ظروف العمال وقال: لقد جئت إلى قطر قبل 6 سنوات وتعاطيت مع العمالة المهاجرة، لكن في البداية علينا أن نتساءل كم عدد الأوروبيين والأوروبيات والشركات الغربية التي تستفيد من استثماراتها في قطر بالمليارات؟، وكيف بحثوا عن التعاطي مع هذا الموضوع؟ المؤكد أن أي تغيير سيؤثر على أرباحهم، لا بد أن تعرفوا أنني هنا اليوم أدافع عن كرة القدم وعن عدم الإنصاف. الجميع يأتي إلى هنا ويقول مثل هذه الدولة في البداية لا تملك سوى الرمال واللآلئ والبترول، وعندها تأتي الشركات الأجنبية للاستثمار والجميع لا يأبه بالعمالة لكن على قطر والفيفا الاهتمام بالعمالة، إنه النفاق، وبالتالي أنا أتساءل لماذا لا يعترف أي شخص بالتقدم الذي يتم إحرازه منذ 2016 على مستوى العمال حيث إن إنهاء العمل بنظام الكفالة مع تحديد نظام الأجور، في المقابل علينا الاعتراف بأن الإصلاح والتغيير يحتاجان إلى سنوات خاصة وأنه احتاج إلى مئات السنوات في أوروبا. وأضاف: عندما نعتقد أننا في أوروبا وصلنا الى القمة، فإن الطريقة الوحيدة للوصول إلى النتائج الجيدة هي أن نعمل وليس أن نهين الآخرين، علينا أن نعلم أن ما يحدث هنا هو عدم إنصاف. وتابع: هناك الكثير من منظمات العمل الدولية التي اعترفت أن معايير العمل هنا مثل غرب أوروبا وهي ظروف متشابهة، لم يكن الأمر كذلك منذ 10 أعوام ولنرى كيف سيتغير الأمر بعد سنوات، وعلينا التأكيد ان هذا تقدم ملموس لوجود مكتب للمنظمة في الدوحة، أنا سعيد للعمال الذين سيطلبون المساعدة من هذه المنظمة وهذا التزام من الحكومة القطرية ومنظمة العمل الدولية.. كما أن هذا ليس بيد الفيفا نحن نستطيع فقط أن نتحدث إليهم.. الهدف أن ندعم الجميع وأن نحاول تحسين الوضع قدر الإمكان. تعاون مشترك أوضح إنفانتينو أن جميع القرارات التي اتخذت بخصوص كأس العالم قطر 2022 جاءت بالشراكة بين قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم، مشيرا إلى أن الكثير من الناس يستثمرون في كأس العالم قطر 2022 أكثر من النسخ السابقة، كما أن أرباح الاتحاد الدولي ازدادت من البث التلفزيوني خلال استضافة قطر للمونديال، حيث ارتفعت حقوق بث النسخة الـ 22 من المونديال بمقدار 200 مليون دولار مقارنة بالبطولات السابقة. وتابع: كرة القدم توحد الجميع في هذا العالم وأنا على قناعة كبيرة بأن هذه النسخة من المونديال ستساهم في زيادة الوعي لدى الكثيرين من العالم الغربي إزاء العالم العربي، ولا شك، فإن إرث كأس العالم في قطر ترك بصمات إيجابية كبيرة وسنرى نتائجه في مرحلة ما بعد البطولة. إطلاق صندوق الإرث وبخصوص المطالب بالتعويضات المالية للعمال، قال إنفانتينو: قطر دولة ذات سيادة، ودولة تعمل بالطريقة المؤسساتية، وبالتالي هناك أطر قانونية لأي أمر قد يحصل، لقد أسست قطر صندوقا لدعم العمال وتم تخصيص مبلغ لا يقل عن 350 مليون دولار أمريكي تم صرفها للعمال على شكل تعويضات ومعادلة فوارق أجور وأمور كلها تؤكد الحرص الكبير على إعطاء العمال كامل حقوقهم. كما كشف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم عن إطلاق صندوق إرث كأس العالم قطر 2022 حيث سيكون هناك مجال واسع للاستثمار من قبل الجميع في هذا الصندوق الذي سيعنى بالتعليم في العالم في المقام الأول، وخصوصا تعليم الأطفال من أجل بناء مستقبل أفضل للشعوب.. مشيرا إلى أن الفيفا وقع اتفاقية مع الهند، حيث هناك 25 مليون طفل في مراحل التعليم الأولى لدعمهم وتوفير تجربة تعليمة مثالية، مقدما جزيل الشكر لدولة قطر على مساهمتها في هذا الصندوق الذي سيعمل بالتنسيق أيضا مع منظمة العمل الدولية من أجل إيلاء اهتمام كبير للعمال في العالم لتحسين حياتهم. رسالة خاصة وفي كلمته الختامية تحدث إنفانتينو موجها رسالته إلى مختلف ممثلي وسال الإعلام الدولية قائلا نحن ندافع عن حقوق الإنسان بطريقتنا ونحرز النتائج، لذا لا تبثوا روح الانقسام، نحن لسنا بصدد الحرب، العالم منقسم بما فيه الكفاية، دعونا نحتفي بالسلام على أرض السلام.. دعونا نرسم الابتسامة على وجوه محبي الساحرة المستديرة، علينا التركيز على الساحرة المستديرة، ليس علينا أن ننشر العنف والكراهية علينا أن ننشر التفاهم والتقارب بين مختلف الشعوب. أضاف سنرى أفضل كرة قدم عالمية في التاريخ، ستكون النسخة الوحيدة التي تستطيع خلالها الجماهير التواجد في مكان واحد طيلة البطولة وهذا ما يجعلنا نؤكد ان مونديال قطر سيوحد العالم، لأن 1.2 مليون شخص سيتواجدون في شوارع هذه المدينة المبهرة جنبا إلى جنب. وتابع وفقا للخبرات التي اكتسبناها في قطر لم أكن أعرف ان علينا أن نتعامل مع موضوع العمالة، لكننا تعلمنا من الدروس المستفادة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية لتحسين حياة العاملين في شتى أنحاء العالم، كما أنني على قناعة أن هذه البطولة في قطر ستزيد الوعي لدى العالم الغربي بالعالم العربي، علينا أن نستوعب أن هناك تاريخا مختلفا وعقائد مختلفة ولكننا نسكن في نفس العالم وإن رأينا شيئا خاطئا وغير صحيح علينا أن نساعد الجميع في أن يفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل.