أعربت السلطة الأوكرانية عن انفتاحها اليوم الثلاثاء، على إمكانية إجراء انتخابات مبكرة لإنهاء الأزمة، وذلك قبل ساعات من وصول وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إلى كييف، واستئناف الحوار مع المعارضة في البرلمان. فقد أعلن يوري ميروشنيتشنكو ممثل الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش في البرلمان، أن الرئيس يمكن أن يوافق على إجراء انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة لإنهاء الأزمة السياسية في أوكرانيا. وقال، إن الرئيس يانوكوفيتش طرح هذه الخطة خلال لقاء مع نواب حزبه الأسبوع الماضي، فيما تشهد أوكرانيا منذ أكثر من شهرين موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات. وتطور هذا النزاع على خلفية التنافس بين أنصار التقارب مع الاتحاد الأوروبي وأنصار التقارب مع روسيا، اللذين يشكلان مصدرا محتملا للمساعدة المالية التي تحتاج إليها أوكرانيا التي توشك أن تتوقف عن تسديد ديونها.

قال مستشار للكرملين في مقابلة نشرت اليوم الجمعة، إن الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش سيخسر السلطة إن لم يقمع "التمرد"، مؤكدا أن الولايات المتحدة تقف وراء الاضطرابات التي تشهدها الجمهورية السوفياتية السابقة. ويواجه يانوكوفيتش منذ أكثر من شهرين موجة احتجاجات غير مسبوقة هي "حالة انقلاب زاحفة، ونظرا إلى أنه ضامن الدستور والأمن ووحدة أراضي أوكرانيا، فليس لديه خيار" بحسب تصريحات سيرجي جلازييف في مقابلة لنشرة "جازبروم" التابعة لشركة الغاز الروسية العملاقة. وتابع مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "إما أن يدافع يانوكوفيتش عن الدولة الأوكرانية ويقمع التمرد الذي تحرض عليه وتموله قوى خارجية، إما أن يجازف بخسارة السلطة، وبالتالي سيتحول الأمر إلى فوضى مستمرة ونزاع داخلي في أوكرانيا". واتهم جلازييف الولايات المتحدة "وحلفاءها في الحلف الأطلسي" في المقابلة التي أجراها في الأسبوع الفائت مع نشرة جازبروم بالتخطيط لهذه الأحداث عبر توزيع "مليارات الدولارات" من خلال تمويل منظمات لديها "مشاعر العداء لروسيا" في المجتمع الأوكراني.

قال مسؤول أمريكي رفيع إن وزير الخارجية جون كيري سيلتقي مع شخصيات من المعارضة الأوكرانية، اليوم الجمعة، على هامش مؤتمر أمني يعقد في ميونيخ، وسيكون هذا أول اجتماع بينه وبين زعماء الانتفاضة ضد الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش. ورحبت واشنطن بالمحادثات التي جرت مؤخرا بين "يانوكوفيتش" وجماعات المعارضة لإنهاء شهرين من الاحتجاجات التي بدأت حين رفض "يانوكوفيتش" اتفاقا تجاريا مع الاتحاد الأوروبي وقبل خطة إنقاذ مالي مع روسيا. ومن بين المشاركين في الاجتماع مع "كيري"، أرسني ياتسينيوك، وهو وزير اقتصاد سابق وزعيم الحزب الذي تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة المسجونة يوليا تيموشينكو، وبطل الملاكمة السابق الذي تحول للعمل السياسي فيتالي كليتشكو، الذي يقود حزب اللكمة "اودار"، وبيترو بوروشينكو، عضو البرلمان، وروسلانا ليجيشكو، نجمة البوب. ووافق الرئيس الأوكراني وزعماء المعارضة خلال محادثات جرت، يوم الإثنين الماضي، على إلغاء بعض القوانين التي تحظر التظاهر وهو مطلب رئيسي للمعارضة. وقال المسؤول الرفيع في الخارجية الأمريكية، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الولايات المتحدة "متفائلة بحذر" بالمفاوضات الجارية بين الحكومة الأوكرانية والمعارضة. وصرح المسؤول بأن المناقشات مع "كيري" ستركز على سبل استعادة الهدوء وإعادة إطلاق عملية سياسية في أوكرانيا تشمل تشكيل حكومة جديدة.

أجرى نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، حديثا هاتفيا ثانيا مع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش لمناقشة الأزمة الأوكرانية وحثه على البحث عن سبل للتوصل إلى تسوية مع المعارضة. وقال البيت الأبيض، إن بايدن تحدث هاتفيا مع الرئيس الأوكراني أمس الثلاثاء ويوم الإثنين الماضي. وفي مكالمة أمس، التي جاءت باتصال من يانوكوفيتش رحب نائب الرئيس الأمريكي بالتقدم الذي أحرزه البرلمان الأوكراني من خلال إلغاء قوانين لتقييد التظاهر وحث الرئيس الأوكراني على دراسة إجراءات أخرى. وقال البيت الأبيض: "إن هذه الإجراءات تشمل قانونا للعفو وتشكيل حكومة جديدة قادرة على تحقيق الوحدة السياسية وكسب ثقة الشعب الأوكراني تأخذ أوكرانيا في اتجاه الاتحاد الأوروبي من خلال تعزيز المؤسسات الديمقراطية وتبني الاصلاحات الضرورية لتحقيق الرخاء الاقتصادي".

عرض الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش منصب رئيس الوزراء على وزير الاقتصاد السابق أرسني ياتسينيوك، ومنصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الإنسانية على فيتالي كليتشكو. ونقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء اليوم السبت، تصريحات في هذا السياق عن وزيرة العدل الأوكرانية يلينا يوكاش. وقالت الوكالة إن من الممكن تعيين المعارض أرسيني جازينيوك وزير الخارجية السابق رئيسا جديدا للحكومة، وتعيين كليتشكو نائبا له.أعلنت قيادة الدولة ذلك بعد إجراء محادثات أزمة مع المعارضة في كييف. ولم يصدر عن المعارضة حتى الآن أي رد فعل على المقترحات الرئاسية. وقالت المؤسسة الرئاسية إنه في حالة موافقة المعارضة على هذه الخطة فستتقدم الحكومة الحالية برئاسة نيكولاي أساروف باستقالتها. من جهة أخرى، أبدى يانوكوفيتش عزمه على تعديل الدستور الأوكراني، حيث تدور مناقشات حول التحول إلى نظام رئاسي برلماني في البلاد. ووفقا للنظام الحالي تتركز جميع الصلاحيات الرئيسية لسياسة البلاد في يد الرئيس الأوكراني. وكانت الأيام الماضية شهدت مقتل العديد من المتظاهرين في شوارع كييف.

تخطى عدد الموقعين على عريضة على موقع البيت الأبيض الإلكتروني تطالب بمعاقبة الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، خلال يومين فقط من وضعها الـ70 ألف شخص. وتبين أن 73 ألف شخص و128 شخصاً وقعوا حتى الساعة على العريضة، ما يعني أنها لم تعد بحاجة إلاّ إلى 26 ألف و872 توقيعاً حتى يبلغ عدد الموقعين 100 ألف يفترض بلوغها خلال 30 يوماً من نشر العريضة، حتى ينظر فيها البيت الأبيض. وكانت العريضة نشرت في 26 نوفمبر على موقع البيت الأبيض، وهي تدعو إلى فرض عقوبات على الرئيس الأوكراني ومجلس الوزراء الأوكراني، لأنهما قررا تعليق الانضمام إلى التجارة الأوروبية الحرة، وحرما الأوكرانيين من الحق في التقرّب من الحضارة الغربية. وتطالب العريضة أيضاً بحظر دخول يانوكوفيتش والوزراء الأوكرانيين وأفراد عائلاتهم إلى أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، وتجميد أرصدتهم لدى البنوك الأمريكية، إذا لم يوقع يانوكوفيتش اتفاقية الشراكة الانتسابية مع الاتحاد الأوروبي في 29 نوفمبر 2013.

أصر الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش على أن بلاده لم تغير نواياها فيما يتعلق بالسعي لإقامة علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد قمة مع قادة التكتل. وقال للصحفيين لدى مغادرته الاجتماع الذي يستغرق يومين في العاصمة الليتوانية فيلنيوس "خططنا لم تتغير. الأساليب تغيرت بشكل طفيف. ولا يمكننا التقدم بدون مناقشة حل للقضايا الصعبة التي ظهرت في أوكرانيا اليوم". وتعهد يانوكوفيتش بأن كييف سوف "تفعل كل ما في وسعها لبناء علاقات طبيعية" مع الاتحاد الأوروبي و روسيا فور التصدي للمشاكل الاقتصادية في بلاده و حدوث "انفراجة" بشأن اتفاق مع روسيا حيال شراكة إستراتيجية. من جهة أخرى، خرج الآلاف من الأوكرانيين إلى شوارع العاصمة كييف اليوم الجمعة، في مظاهرات مؤيدة ومعارضة لاتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع قمة الاتحاد للشراكة الشرقية. وشارك ما يصل إلى 10 آلاف من أتباع "حزب المناطق" الذي ينتمي إليه الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في مظاهرة دعت إلى اتفاق ثلاثي مع روسيا و الاتحاد الأوروبي في محاولة لحل المشاكل الاقتصادية في البلاد.

يلتقي الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، قبيل بدء قمة فيلنيوس بين التكتل وشركائه في شرق أوروبا. وأعلنت المفوضية الأوروبية أن رئيسها جوزيه مانويل باروسو سيحضر الاجتماع مع رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي الذي سيترأس القمة. وقالت المتحدثة باسم المفوضية بيا أهرينكيلد للصحفيين في بروكسل "سيؤكد باروسو وفان رومبوي خلال الاجتماع أن الاتحاد الأوروبي لا يزال مستعدا لتوقيع اتفاق الشراكة مع أوكرانيا عندما تكون الظروف مواتية". وأضافت "سيكون (الاجتماع) فرصة للتقييم والحوار المباشر معا حول الخطوة التالية في علاقاتنا".

عمدت الولايات المتحدة والدول الأوروبية حتى الآن إلى التعامل بحذر مع الأزمة الأوكرانية وأن كان ذلك لم يمنع روسيا من التنديد بتدخلها في الشؤون الداخلية لهذا البلد. ويتلخص الموقف المعتدل للغرب في إعلان تبناه وزراء خارجية دول الحلف الأطلسي الـ28 ومن بينهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذين اجتمعوا، أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء، في بروكسل. وقال الوزراء "نحث الحكومة والمعارضة في أوكرانيا على الدخول في حوار وإطلاق مسيرة إصلاحية". وأضافوا "ندعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي استفزاز"، منددين في الوقت نفسه بـ"الاستخدام المفرط للقوة ضد متظاهرين سلميين". وتتفق هذه التصريحات مع مواقف العواصم الغربية منذ بدء حركة الاحتجاج التي أثارها قرار الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وقف مسيرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي. وقال دبلوماسي أوروبي إن "لهجة الإعلان تتسم بالاعتدال"، مضيفا "الهدف هو عدم إثارة غضب روسيا في الوقت الذي نعمل فيه معها بشكل جيد في ملفي البرنامج النووي الإيراني والسلاح الكيميائي السوري". إلا أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي حضر اجتماع الحلف الأطلسي، ندد بتدخل الأمريكيين والأوروبيين في "الشؤون الداخلية الأوكرانية". وقال لافروف أمام الصحفيين "لا ادري لماذا يتبنى الحلف الأطلسي مثل هذه البيانات" التي توجه "رسالة سيئة" بإعطاء "رؤية مشوهة للواقع". وقال لافروف إن قرار يانوكوفيتش العدول عن توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي من "صلاحيات السلطة التنفيذية"، مشيرا إلى أنه لا يفهم سبب "النطاق الواسع لردود الفعل العدائية للمعارضة". ولمح مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن النقاشات كانت حادة بين الحلف الأطلسي وروسيا خلال لقاءات بروكسل. وقال هذا الدبلوماسي إن لافروف "سأل عما إذا كان الحلف الأطلسي يخطط للتدخل في أوكرانيا. وكل الحلفاء قالوا صراحة إنهم يدعمون تطلعات الشعب الأوكراني إلى مستقبل أوروبي وأنه لا توجد أي عملية عسكرية مخططة والحديث عن شيء كذلك أمر مستفز". من جانبه تجنب كيري إذكاء جذوة الجدال مع موسكو بعد تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين التي ندد فيها بالتظاهرات "المدبر لها في الخارج" من أجل "محاولة زعزعة استقرار الحكومة الشرعية" في أوكرانيا. وقال كيري، مساء أمس الثلاثاء، إن "أوروبا وأصدقاء أوروبا لن يدخلوا في مزايدة". إلا أن وزير الخارجية الأمريكي وجه مع ذلك رسالة من خلال إلغاء مشاركته في اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المقرر عقده، غدا الخميس، في كييف. في المقابل، قام كيري مساء اليوم الأربعاء، بزيارة من بضع ساعات إلى مولدافيا الجمهورية السوفيتية السابقة التي بدأت مسيرة تقارب مع الاتحاد الأوروبي. وتهدف هذه الزيارة إلى تأكيد دعم الولايات المتحدة لمولدافيا في الوقت الذي اتهم فيه دبلوماسي أمريكي روسيا بممارسة "ضغوط" على موالدافيا وجورجيا البلدين اللذين وقعا اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي؟، يوم الجمعة الماضي. وقال هذا الدبلوماسي "كنا واضحين جدا مع الروس: لا نرى أي سبب للتدخل في قرار مولدافيا وجورجيا عقد اتفاقات تمهيدية مع الاتحاد الأوروبي. ونرى أن هذا النوع من المناورات يأتي بنتائج عكسية". وقررت عدة دول في الاتحاد الأوروبي حضور اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيلة في بروكسل "سأذهب إلى كييف، وسوف أجري مباحثات ثنائية". وسيمثل فرنسا وزيرها للشؤون الأوروبية تيري ريبنتان الذي سيلتقي في هذه المناسبة ممثلي المجتمع المدني الأوكراني، كما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية. وترى الخبيرة السياسية اماندا بول الباحثة في مركز الدراسات السياسية الأوروبية "يوروبيان بوليسي سنتر" والباحث فاسيل فيليبشوك في مركز الدراسات الدولية، أنه "في هذه الفترة المضطربة يحتاج المجتمع الأوكراني إلى دعم الاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى. ولا يكفي في هذا الصدد انتقاد الاستخدام المفرط للقوة حيث يتعين أن يكون موقف الاتحاد الأوروبي واضحا على أعلى مستوى ممكن".