رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي alsharq
القرضاوي ينتصر "للوهابيين" ويهاجم مؤتمر الشيشان

وجه الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين انتقادات حادة لمؤتمر عقد في الشيشان تحت عنوان (من هم أهل السنة والجماعة؟)، مشيرا على ان البيان الختامي للمؤتمر جاء معبرا عن هوة سحيقة يحياها المؤتمرون والرعاة لهذا المؤتمر البائس، فبدلا من أن يسعى لتجميع أهل السنة والجماعة صفا واحدا أمام الفرق المنحرفة عن الإسلام، المؤيدة سياسيا من العالم، والمدعومة بالمال والسلاح، إذا به ينفي صفة أهل السنة عن أهل الحديث والسلفيين من (الوهابيين). وأكد القرضاوي في بيان أصدره اليوم ووصل "بوابة الشرق" نسخة منه أن الوهابيين "هم مكون رئيسي من مكونات أهل السنة والجماعة". واعرب القرضاوي عن استغرابه من "مؤتمر ينعقد برعاية رئيس الشيشان التابع لحكومة روسيا،في الوقت الذي تقتل فيه الطائرات والصواريخ الروسية إخواننا السوريين، وتزهق أرواحهم، وتدمر بيوتهم فوق رؤوسهم بدعوى محاربة الإرهاب، الذي هم صانعوه، وهم أحق بهذا الوصف، وهو أليق بهم"، وفيما يلي نص البيان. إن العلماء ورثة الأنبياء، وهم أمناء الله ، {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} [المائدة:44]. وقد قرر الله تعالى أن من صفات العلماء الصادقين خشية الله في السر والعلن، وفي المنشط والمكره. قال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر: 28]. وحذرهم وحذر المؤمنين من خشية أحد سواه: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} [المائدة:44]، فضلا عن أن تنحني لهم قامة، أو تلين لهم قناة أمام الظالمين والمتكبرين في الأرض بغير الحق، ووصف سبحانه العلماء الربانيين بقوله: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } [الأحزاب:39]. وقد تناقلت وسائل الإعلام خبر انعقاد مؤتمر إسلامي، يعقد في جروزني عاصمة الشيشان إحدى الولايات التابعة لروسيا الاتحادية، يحمل عنوان: (من هم أهل السنة والجماعة؟). وقد أزعجني هذا المؤتمر بأهدافه وعنوانه، وطبيعة المدعوين إليه والمشاركين فيه، كما أزعج كل مخلص غيور من علماء الإسلام وأمته، فرأيت أن أصدق ما يوصف به أنه مؤتمر ضرار. فالله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2]. وهؤلاء ما تعاونوا على بر أو تقوى. كالذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين. مؤتمر ينعقد برعاية رئيس الشيشان التابع لحكومة روسيا،في الوقت الذي تقتل فيه الطائرات والصواريخ الروسية إخواننا السوريين، وتزهق أرواحهم، وتدمر بيوتهم فوق رؤوسهم بدعوى محاربة الإرهاب، الذي هم صانعوه، وهم أحق بهذا الوصف، وهو أليق بهم. ثم جاء البيان الختامي معبرا عن هوة سحيقة يحياها المؤتمرون والرعاة لهذا المؤتمر البائس، فبدلا من أن يسعى لتجميع أهل السنة والجماعة صفا واحدا أمام الفرق المنحرفة عن الإسلام، المؤيدة سياسيا من العالم، والمدعومة بالمال والسلاح، إذا به ينفي صفة أهل السنة عن أهل الحديث والسلفيين من (الوهابيين)، وهم مكون رئيسي من مكونات أهل السنة والجماعة؛ وكأنه قد كتب على أمتنا أن تظل في هذه الدائرة التي لا تنتهي، ينفي بعضنا بعضا، في الوقت الذي يتعاون فيها أعداؤنا، ومن هم خارجون عن ملتنا وعقيدتنا،ليوقعوا ببلاد المسلمين بلدا تلو أخرى. وإن أمة الإسلام- وهم أهل السنة-هم كل من يؤمن بالله وكتابه ورسوله .. من لا يقر ببدعة تكفيرية، ولا يخرج عن القرآن الكريم وعن السنة الصحيحة. وهم كل المسلمين إلا فئات قليلة، صدت عن سبيل الله. إن أمتنا التي تمددت جراحاتها، وتشعبت آلامها، لم يعد لديها من رفاهية الوقت، لإعادة الخلافات التاريخية القديمة بين مكونات أهل السنة والجماعة جذعة، في الوقت الذي تئن مقدساتها، وتستباح حرماتها، وتسيل دماؤها في فلسطين وسوريا واليمن، وغيرها. لقد تجاوز الزمن تلك الخلافات العلمية الفرعية في مسائل العقيدة: مسائل الصفات، والتأويل، والتفويض، والتي تبحث في بطون الكتب، وقاعات الدراسة في جو علمي وخُلُق راق، فإذا بهؤلاء الذين يعيشون خارج العصر يريدون إثارتها وتأجيجها من جديد، وشغل الأمة بماضيها عن حاضرها، وبأمسها عن يومها ومستقبلها، وتمزيق الأمة أحزابا وشيعا، في الوقت الذي يجتمع عليها أهل الشرق والغرب، وينسق فيه أعداء الأمس، لينقصوا بلادهم من أطرافها. لم نسمع ممن نصبوا أنفسهم ممثلين لأهل السنة والجماعة كلمة اعتراض على ما تقوم به إيران وأذنابها، من ميليشيات حزب الله في سوريا، والحوثيين في اليمن من قتل واستباحة وتدمير، وبعث الدعاة في أقريقيا وآسيا لتضليل أهل السنة. ولا كلمة إنكار لما تقوم به روسيا، ومن يدور في فلكها، ولا عجب. وقد تصدر المؤتمر علماء السلطان، وشيوخ العار، الذين سكتوا عن دماء المسلمين المراقة ظلما وعدوانا من روسيا وأذنابها، والذين هللوا للمستبدين في عالمنا العربي، وحرضوهم على سفك الدماء، فأيدوا السيسي في مصر، وبشار في سوريا، وعلي عبد الله صالح والحوثيين في اليمن، وإن جملوا مؤتمرهم – للأسف - ببعض الطيبين من أهل العلم من هنا وهناك. ولنا أن نتساءل: ماذا بعد تحديد أهل السنة والجماعة؟! هل سنسمع لكم صوتا ضد الشيعة والنصيرية في سوريا واليمن والعراق؟! وإننا نحمد الله تعالى على وعي جماهير الأمة الإسلامية وشبابها، فقد أرادوا مؤتمرهم حربا على صحيح الإسلام ونور الحق ودعاة الحرية، فأخزاهم الله، وتبرأ من بيانه الختامي كبيرهم، فولد المؤتمر ميتا، {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18]. وأحب أن أؤكد أنني قد جاءني وفد يمثل علماء الشيشان في سنة 2010م، ودعوني لمؤتمر يعقد في الشيشان بعنوان (الإسلام دين السلام والمحبة)، فاعتذرت، وأخبروني أنهم يريدون فيه جمع الجهود، وإحلال السلام والمصالحة، وأن المؤتمر يقام تحت رعاية رئيس الجمهورية، وأثنوا عليه، وطلبوا مني أن أسجل كلمة لهذا المؤتمر، وأن أذكر رئيسهم في كلمتي، فذكرته بما حدثوني عنه. ولم يكن حينها على أرض الشيشان أي نوع من أنواع الجهاد، ليقول الأفاكون:إنني خذلت المجاهدين على أرض الشيشان بكلمتي، ولم تكن سوريا الجريحة تعاني ما تعاني من القصف الروسي المتواصل، الذي أعلن هؤلاء المسؤولون في الشيشان عن تأييده. ثم وجهت لي أكثر من مرة دعوة مفتوحة في أي وقت لزيارة الشيشان وروسيا والجهوريات الإسلامية هناك، على متن طائرة خاصة يرسلها رئيس الشيشان، ولكني أبيت، والحمد لله على توفيقه. {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286] . { رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الممتحنة:4-5].

2064

| 01 سبتمبر 2016

تقارير وحوارات alsharq
دعاة ومفكرون عرب: "انتصرت إرادة الشعب التركي"

تفاعل دعاة ومفكرون عرب، مع هاشتاج "#فشل_الانقلاب"، أطلقه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم لمحاولة الانقلاب في تركيا التي قادتها مجموعة صغيرة من الجيش التركي. وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي، في تدوينة له في حسابه على "تويتر": "انتصرت إرادة الشعب التركي اليوم بفضل الله، وستنتصر إرادة الشعوب المقهورة في الغد القريب بمشيئة الله". وكتب الدكتور محمد العريفي في حسابه على "تويتر": "اللهم أنزل أمنك وأمانك وحفظك وحمايتك لأهلنا في تركيا، اللهم من أرادهم بسوء أو اضطراب فأبطل كيده، وافضح أمره، واجعل دائرة السَّوء عليه". من جهته، علق الداعية السعودي الدكتور عوض القرني، في تدوينة له على "تويتر" أن "الذي جرى في تركيا هو الفصل الأول من مؤامرة كبرى ولو نجحت لكان الفصل الأخطر هو ما جهز لاستهداف السعودية، الحمد لله الذي خيّب سعيهم". وكتب الداعية السعودي سلمان العودة، في حسابه على "تويتر": "فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين، ما أسرع فرج الله!، وأسرع قنوط العباد!"، مشيرا إلى أن تركيا تشهد "مكرا عالميا وصهيونيا ومن المتآمرين داخلها، لقد أصبح وجود تركيا القوية الآمنة النامية المحافظة على هويتها مقلقا للأعداء". وفي تدوينة له في حسابه على "تويتر"، كتب المفكر الكويتي الدكتور عبد الله النفيسي: "ما حدث في تركيا البارحة كأنه (حديث الإفك): (لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) النور 11. كان بمثابة (فحص الجهوزية) بقي البحث عن الذي (تولى كبره)". واكتفى الداعية السعودية الدكتور علي العمري، بعد إفشال محاولة الانقلاب، بالقول: "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا". وعلق الداعية الكويتي حسين الحسيني، قائلا: "اسجدوا لله شكرا.. إنّ بعد العُسر يُسرا.. تركيا هُنِّئتِ نصرا.. رُبّ ضر كان خيرا.. باء أهلُ البغي خُسرا.. كم حقيرٍ مات قهرا". إلى ذلك، كتب الداعية السعودي الدكتور محمد البراك، عضو رابطة علماء المسلمين، في حسابه على "تويتر" قائلا: "بفضل الله ومنته نستطيع أن نقول لـ بشار و خامنئي و نصر اللات و بوتين وأتباعهم ولكل خائن عميل: موتوا بغيظكم "#فشل_الانقلاب". أما الأمين العالم للاتحاد العالمي الدكتور علي القره داغي، فقد غرد قائلا: "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يندد بمحاولة الانقلاب في تركيا ويفتي بأنه خروجٌ على الولاية الشرعية المنتخبة وأنه عملٌ محرم ومن الكبائر". وقال في تغريدة أخرى: "تحية كبيرة للشعب التركي العظيم".

545

| 16 يوليو 2016

عربي ودولي alsharq
القرضاوي لـ"بوابة الشرق": ضحايا حادث الحرم المكي "شهداء"

قال فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين "أن الذين توفوا في حادث الحرم المكي هم شهداء الأمة وندعوا الله أن يتقبلهم في جناته وأن يمنح أهلهم الصبر والسلوان". وأوضح فضيلتة في تصريح "لبوابة الشرق" أن ماحدث للحجاج اليوم امر أحزن الأمة الإسلامية كلها لهول ما وقع . ودعا الله أن يحفظ الحجاج الموجودين في مكة المكرمة من كل سوء موجها رسالة لهم بأن يأخذوا الحذر والحيطة في تنقلهم. وفي وقت سابق ، أعلن الدفاع المدني السعودي، ارتفاع عدد ضحايا سقوط رافعة في الحرم المكي إلى 87 وفاة و184مصابا.

260

| 11 سبتمبر 2015

محليات alsharq
القرضاوي : يجوز لأسر الجاليات المسلمة ضم أبناء اللاجئين

أفتى الدكتور يوسف القرضاوي رئيس إتحاد العلماء المسلمين بجواز ضم الأسر المسلمة في ألمانيا والدول الأوروبية لأفراد من اللاجئين السوريين إلى بيوتهم وفق ضوابط الشرع . وقال إنه إذا لجأ السوريون لبلاد غير المسلمين، كما نرى الكثيرين اليوم في أوروبا، فعلى الجالية المسلمة هناك أن تقوم بواجب أخوة الدين، وأن يضموا أبناء المسلمين وبناتهم إلى أبنائهم وبناتهم، ويحفظوهم كما يحفظون ذريتهم، ليحفظوا عليهم دينهم وحياتهم وأعراضهم. ولا ينبغي أن تحول خشية المفسدة المحتملة دون ضم المسلمين في هذه البلاد لإخوانهم من اللاجئين السوريين، فإن في تركهم هلاكًا لهم، أو تضييعًا لدينهم وأعراضهم. ولا ينبغي أن تكون إنسانية غير المسلمين أقوى من رابطة الأخوة في الدين. وطالب المراكز والجمعيات والمدارس الإسلامية العاملة في البلاد الأوربية بأداء دورها قائلا إن عليها دورا مهمًّا لرعاية من لا تستطيع الأسر المسلمة رعايته، وعليهم أن يسعوا لإنشاء دور للرعاية الاجتماعية، ورعاية القاصرين والأيتام . كما أن على هذه المراكز مخاطبة الجهات المسؤولة بالدولة، للإشراف الديني على الأطفال الذين كفلتهم أسر ألمانية ورعايتهم وزيارتهم، حتى لا تتخذ الكفالة وسيلة لتغيير الدين والمعتقد . وقال إنه كان الأولى أن يهاجر هؤلاء إلى إخوانهم العرب والمسلمين، وأن يقوم المسلمون نحوهم بواجب الأخوَّة والإيواء والنصرة، وهو ما يفرضه الإسلام على أمته، كما قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [الحجرات: 10]، وكما في الحديث الصحيح : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه" ومعنى (لا يسلمه) أي: يتخلى عنه. وهذا ما نطالب به الدول العربية والإسلامية، أن تفتح المجال لإخوانهم في الدين، وأبنائهم وبناتهم، ليعيشوا معهم، حسب الاستطاعة. وأن تتيح العمل لمن هو قادر على العمل منهم، وأن تستضيف عددا ممن هو غير قادر على العمل، أو غير واجد له، أو تكفلهم في دول الجوار، وفي الداخل السوري.

316

| 10 سبتمبر 2015

رمضان 1436 alsharq
القرضاوي: المودودي أحد المصلحين والمؤلفين الكبار في القضايا الإسلامية

الكتاب: "في وداع الأعلام"المؤلف: الشيخ د. يوسف القرضاويالحلقة الـــ22 إن أخطر شيء على حياة الأمة المعنوية، أن يذهب العلماء، ويبقى الجهال، الذين يلبسون لبوس العلماء، ويحملون ألقاب العلماء، وهم لا يستندون إلى علم ولا هدى ولا كتاب منير. فهم إذا أفتوا لا يفتون بعلم، وإذا قضوا لا يقضون بحق، وإذا دعوا لا يدعون على بصيرة، وهو الذي حذر منه الحديث الصحيح الذي رواه عبد الله بن عمرو "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" (متفق عليه).ولعل هذا الشعور هو الذي دفعني في السنوات الأخيرة إلى أن أمسك بالقلم لأودع العلماء الكبار بكلمات رثاء، أبين فيها فضلهم، وأنوّه بمكانتهم، والفجيعة فيهم، حتى يترحم الناس عليهم، ويدعوا لهم، ويجتهدوا أن يهيئوا من الأجيال الصاعدة من يملأ فراغهم، وإلا كانت الكارثة. إن مما يؤسف له حقّاً أن يموت العالم الفقيه، أو العالم الداعية، أو العالم المفكر، فلا يكاد يشعر بموته أحد، على حين تهتز أجهزة الإعلام، وتمتلئ أنهار الصحف، وتهتم الإذاعات والتلفازات بموت ممثل أو ممثلة، أو مطرب أو مطربة أو لاعب كرة أو غير هؤلاء، ممن أمسوا (نجوم المجتمع)!. وأسف آخر أن العلمانيين والماركسيين وأشباههم إذا فقد واحد منهم، أثاروا ضجة بموته، وصنعوا له هالات مزورة، وتفننوا في الحديث عنه، واختراع الأمجاد له، وهكذا نراهم يزين بعضهم بعضاً، ويضخم بعضهم شأن بعض. على حين لا نرى الإسلاميين يفعلون ذلك مع أحيائهم ولا أمواتهم، وهذا ما شكا منه الأدباء والشعراء الأصلاء من قديم. في هذه الحلقة يتحدث الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي الإمام أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية في باكستان (1321 - 1399هـ = 1903 - 1979م): بو الأعلى بن أحمد حسن مودودي، أمير (الجماعة الإسلامية) في باكستان والهند، ومؤسسها، وصاحب الكتب والرسائل التي قرأها المسلمون بلغات شتى، ولد في الثالث من رجب سنة 1321هـ = 1903م في أورنج آباد في حيدر آباد، وتلقى تعليمه على يد والده، الذي كان قد تفرغ أواخر حياته للعبادة والتنسك، فتعلم القرآن والعربية والحديث والفقه والفارسية، وترأس جريدة (مسلم) الأسبوعية التي كانت تصدر في العاصمة، وفي عام 1932 بدأ إصدار مجلة (ترجمان القرآن) الشهرية، التي أصبحت الوسيلة الرئيسية، لتوجيه مسلمي شبه القارة الهندية، في عام 1399هـ، منح جائزة الملك فيصل تقديرًا لجهوده وتضحياته في خدمة الإسلام. لقائي الأول بالعلامة المودوديفي سنة (1960م) زار مصر الأستاذ الكبير العلامة أبو الأعلى المودودي، وكان يكتب تفسيره الشهير (تفهيم القرآن)، وكان يجتهد أن يتعرف على الأماكن التي ذكرت في القرآن في مواقعها، ومنها (مصر)، التي ذكرت في القرآن خمس مرات، ومنها: الطور أو طور سيناء، أو طور سينين، وهل يمكن معرفة أين فلق البحر بعصا موسى؟ وأين مجمع البحرين؟ وأين أرض التيه؟ إلى غير ذلك من الأماكن التي ذكرت في القرآن، ولها علاقة بمصر، وقد سافر الشيخ إلى سيناء وغيرها من بلاد مصر.وكان من برنامج الإمام المودودي: زيارة الشيخ شلتوت شيخ الأزهر، والعالم المجدد في فتاواه وبحوثه، والدكتور محمد البهي، المعروف بوقوفه في وجه الملاحدة والماديين والعلمانيين والمستشرقين.وأذكر أني صحبت المودودي، بأمر أستاذنا محمد البهي؛ لأمرّ به على إدارات الأزهر المختلفة، وكان ممن مررنا بهم: مدير مجلة الأزهر الأستاذ أحمد حسن الزيات، الأديب المعروف، ومؤسس مجلة (الرسالة) التي كانت المجلة الأدبية الأولى في العالم العربي. وكان مما فاجأني به: أني لما قدمت الأستاذ المودودي إلى الأستاذ الزيات، وجدته لا يعرف عنه أي شيء! فوقفت أشرح له مكانة الأستاذ المودودي مؤسس (الجماعة الإسلامية) في باكستان والهند، وصاحب الكتب والرسائل التي شرَّقت وغرَّبت، وتُرْجِمَت إلى لغات شتى في أنحاء العالم، ومنها إلى اللغة العربية، وأن له مواقفَ كذا وكذا.. وأنا في خجل أن يكون مثقف كبير في مصر مثل الزيات لا يعرف عن المودودي وجماعته شيئًا. وكان مع المودودي الأستاذ عاصم حداد، مترجم كتبه إلى العربية.وقد قابل المودودي في زيارته تلك الشيخ شلتوت في مكتبه بالأزهر، ورحَّب به الشيخ شلتوت كثيرًا، وأشاد بفضله ومنزلته في تجديد الفكر الإسلامي، وكان الشيخ شلتوت قد علق في إحدى مقالاته على رسالة (نظرية الإسلام السياسية) للأستاذ المودودي، وقد أودعناها كتابه (من توجيهات الإسلام)- الذي قمت بجمعه من مقالاته المتفرقة هنا وهناك، أنا وأخي أحمد العسال- ودعاه الشيخ شلتوت إلى زيارته في بيته، ومن الجميل أن الشيخ شلتوت عند زيارته له طلب منه أن يفسر له سورة الفاتحة، وحاول المودودي أن يعتذر فأصر الشيخ، وفسرها الضيف تفسيرًا مختصرًا جميلًا. وهذا من أدب العلماء الكبار بعضهم مع بعض.وقد بقي الأستاذ المودودي مدة في مصر، ثم عاد إلى باكستان. كتاب الحلال والحرامكان أخونا الشيخ مصطفى جبر- وهو أحد المصريين الذين وصلوا إلى قطر قديما- قد قرأ كتابي الأول (الحلال والحرام)، بعد أن طبعه على نفقته الشيخ فهد بن علي آل ثاني، ليوزعه في قطر، وأعجب به إعجابًا شديدًا، فاستأذنني أن يرسل مجموعة من النسخ مع أحد الإخوة المسافرين إلى باكستان، فأرسل نسخة إلى العلامة أبي الأعلى المودودي، وعليها إهداء مني، ونسخة إلى جامعة البنجاب بلاهور، وأخرى إلى جامعة كراتشي.وقد أرسل إلي الأستاذ المودودي يشكرني على إهداء الكتاب له، ويقول في رسالته: إني أعتز بهذا الكتاب، وأعتبره إضافة جليلة إلى مكتبتي. رسالتي إلى المودوديكان سبب هذه الرسالة أن بعض الإخوة اقترح عليَّ أن أراسل جامعة (البنجاب) في لاهور بجمهورية باكستان الإسلامية، لأستكمل الدراسات العليا هناك، بعد أن انسد الأمر في مصر، بسبب التضييق الأمني، وجامعة (البنجاب) جامعة عريقة، وفيها قسم للدراسات الإسلامية، ورئيس الجامعة العلامة علاء الدين الصديقي، الذي كان رئيسا لقسم الدراسات الإسلامية من قبل، حين حصلت إحدى طالبات القسم (جميلة شوكت) على درجة الماجستير عن بحثها حول كتابي (الحلال والحرام في الإسلام) فقال المحبذون: فالجامعة تعرفك ولا تجهلك، ورئيسها يعرفك ولا ينكرك، وهو على صلة طيبة بالأستاذ العلامة أبي الأعلى المودودي، أمير الجماعة الإسلامية، ويكن له كل مودة وتقدير. ورأى هؤلاء الإخوة أن من الخير أن أكتب للأستاذ أبي الأعلى المودودي، وأعرض عليه الأمر، طالبًا مشورته بعد أن يكلم العلامة الصديقي. وبادرت بكتابة رسالة إلى الإمام المودودي، شرحت له فيها الموقف، وانسداد الطرق في وجهي بالنسبة للدراسات العليا في مصر، ما دام الوضع الحالي باقيًا، وانفتاح فرجة أمامي في جامعة البنجاب، إلى آخر ما جاء في الرسالة. وسرعان ما أجابني الأستاذ المودودي: أنه كلم صديقه البروفسور الصديقي، وأنه يرحب كل الترحيب بكم، وهو يعرفكم جيدًا، وكذلك أساتذة القسم الإسلامي في الجامعة، كلهم مرحِّبون ومتعاونون، ونصحني أن أسارع بالمجيء إلى لاهور، للتفاهم مع المختصين حول الخطوات التي يجب اتخاذها للوصول إلى الهدف. وحمدت الله تعالى أن فُتِح لي هذا الباب، وعقدت النية على الذهاب إلى لاهور بمجرد انتهاء العام الدراسي. لقاء المودودي في لاهورفي مطار لاهور استقبلني بعض الإخوة أعضاء الجماعة الإسلامية، ومنهم الأستاذ رحمة إلهي، الأمين العام للجماعة، مندوبًا عن الأستاذ المودودي، ومعه الأخ الداعية الفاضل الشيخ خليل أحمد الحامدي، مدير القسم العربي في الجماعة، الذي يتحدث العربية بطلاقة.أبى إخواننا في الجماعة الإسلامية إلا أن ينزلوني ضيفا عليهم، فاشترطت عليهم أن تكون الضيافة لمدة ثلاثة أيام، ثم يدَعوني وشأني.وفي المساء لقيت الإمام المودودي في دار الجماعة، ورحب بي هو وإخوانه جميعًا، ولا سيما نائبه الأستاذ طفيل محمد، ورتَّبوا لي عددًا من اللقاءات بأعضاء الجماعة، وخصوصًا جمعية الطلبة المسلمين، التي توجهها الجماعة، وزيارة بعض البلاد حول مدينة لاهور، وعقد بعض المؤتمرات الصحفية. ورحبتُ بهذا كله، ولكني طلبت أن يرتبوا لي زيارة لجامعة البنجاب، ومقابلة رئيسها وأساتذتها، حتى لا نُضيع الأمرَ الذي جئت من أجله، وقالوا: هذا طبيعي ومنطقي بلا ريب.والحقيقة أن الإخوة في الجماعة الإسلامية أكرموني غاية الإكرام، وفي كل يوم كان يدعونا أحدهم إلى وليمة، يدعى إليها مولانا المودودي وكبار الجماعة، وكان بعض الإخوة يريد أن يأخذ لنا صورة تذكارية بهذه المناسبة، ولكن المودودي- كعلماء باكستان والهند عمومًا- يشدِّدُون في أمر الصور؛ فكان الأستاذ المودودي يقول لهم: خذوا بمذهب القرضاوي الذي رجَّحه في "الحلال والحرام". والعجيب أني لم آخذ معي شيئًا من هذه الصور، فليت أحدًا من الإخوة الذين يقتنونها يتحفني بشيء منها، وله مني الشكر، ومن الله الأجر.وكنت قد استأذنت الجماعة الإسلامية بعد ضيافة الأيام الثلاثة أن أنتقل إلى فندق مناسب، أقضي فيه ما بقي لي من أيام في لاهور، وقمت ببعض الأنشطة.وقال مولانا المودودي لي: ليتك تذهب إلى دكَّا (عاصمة بنجلاديش)؛ فهي تحتاج إلى مثلك، في هذا الوقت الذي يعمل دعاة الانفصال، مؤيدين من أعداء باكستان وأعداء الإسلام.قال المودودي: إنك ستجد باكستان الشرقية جنة الله في أرضه، وأنهارها أشبه بالبحار. كتاب فقه الزكاةوبعد أن فرغتُ من كتاب (فقه الزكاة)، وظهر إلى عالم النشر والتوزيع في مجلدين، وبدأت أبعث بنسخ منه إلى كبار الشخصيات العلمية، في العالمين العربي والإسلامي، أرسلت نسخة منه إلى العلامة المودودي رحمه الله، وقال عنه: إنه كتاب القرن (أي الرابع عشر الهجري) في الفقه الإسلامي. نقل ذلك عنه الأستاذ خليل أحمد الحامدي مدير القسم العربي بالجماعة الإسلامية بباكستان. وفاة الأستاذ المودودي والصلاة عليهفي 22/9/1979م، نشرت وكالات الأنباء العالمية والإقليمية، وعنها نقلت الصحف والإذاعات والتلفزيونات، نبأ وفاة الداعية الإسلامي المجدد الكبير: الشيخ أبي الأعلى المودودي، مؤسس الجماعة الإسلامية في الهند الكبرى، ثم في باكستان الغربية والشرقية، التي انفصلت فيما بعد، وسميت جمهورية (بنجلاديش)، وأحد المصلحين الإسلاميين، والمؤلفين الكبار في القضايا الفكرية الإسلامية، والذي تشكل كتبه ورسائله مدرسة متميزة في الفكر الإسلامي، والدعوة الإسلامية المعاصرة. فلا عجب أن تلقى العلماء والدعاة والمفكرون، وأبناء الحركة الإسلامية في العالم الإسلامي وخارجه: نبأ وفاته بالحزن والألم والاسترجاع، لفقد هذا العالم الفذ، الذي انتفع بعلمه المسلمون عربهم وعجمهم، فقد ترجمت مؤلفاته إلى لغات شتى إسلامية، وعالمية، وفي مقدمتها: اللغة العربية. وقع وفاة المودوديومن هنا كان وقع وفاة المودودي على كل مَن يعرفه من أبناء الأمة شديدًا، وقد تنادى كثير من الإخوة من العلماء والدعاة، من مصر وبلاد الشام، وبلاد الخليج، وغيرها للسفر إلى مدينة لاهور- محل إقامة المودودي- للمشاركة في صلاة الجنازة عليه. لم يبق في ذاكرتي منهم إلا الدكتور أحمد الملط من مصر، والشيخ سعيد حوى من سورية، والأستاذ عبد الله العقيل من السعودية. وكان المودودي قد وافاه أجله في أمريكا، حيث كان يعالج هناك من مدة، وقد قُدِّر لي أن أزوره هناك في مدينة (يفلو) حيث يقيم ابنه هناك، وذلك قبل وفاته بزمن غير بعيد.وقد صُلِّي على جثمان المودودي في أكثر من بلد: صُلِّيَ عليه حيث توفي في (يفلو)، وصُلِّيَ عليه في مطار نيويورك، وفي مطار لندن، وفي مطار كراتشي، وهي المحطات التي مرَّ عليها جثمان الأستاذ. سفري إلى لاهوروكانت الصلاة الأخيرة والأساسية عليه في مدينة لاهور، التي سافرت إليها مع مَن سافر من بلاد العرب، وقد تجمع جمٌّ غفير، قُدِّروا بأكثر من مليون في أكبر نادٍ رياضي (إستاد) في لاهور. وقد سُرَّ الإخوة من قادة (الجماعة الإسلامية) بحضوري، وقدَّموني لأقول كلمة في جموع الحاضرين، قبل الصلاة، ثم شرفوني بإمامة المصلين على الأستاذ، ولم أرَ في حياتي تجمُّعًا لصلاة أو لغيرها، مثل هذا التجمع، الذي كان على رأسه رئيس جمهورية باكستان الرئيس ضياء الحق رحمه الله.وكان هذا التجمع الإسلامي الكبير دليلًا على مكانة هذا الرجل في قومه، وإن كان هناك مَن يخالفونه في بعض المسائل، ولكن جمهور علماء باكستان ودعاتها ومثقفيها، يعرفون منزلة الرجل، ويقدرون فكره وفقهه وجهاده، ووقوفه في وجه الحضارة الغربية الغازية. وقد قال بعض علمائنا السابقين لأهل البدع والمنحرفين: بيننا وبينكم الجنائز.فالجنازة هي التي تعبر عن مكانة الفقيد عند الأمة، إذ لا يمكن أن يكون حرص الناس على الصلاة على الميت، ببواعث دنيوية من الخوف أو الطمع، وقد انتقل العالِم إلى رحمة الله، وغادر الدنيا إلى الآخرة؛ ولذا كان حرص أبناء المجتمع على تشييع جنازة العالم، والصلاة عليه: نوعا من الوفاء له، والتعبير عن مدى حبهم له، وحرصهم على المشاركة في الدعاء له مع الداعين.ومن الجنائز التي يتحدث عنها المؤرخون: جنازة الإمام أحمد في بغداد سنة (241هـ). ومنها: جنازة ابن الجوزي سنة (597هـ) في بغداد. ومنها: جنازة شيخ الإسلام ابن تيمية في دمشق سنة (728هـ). وقد دفن الأستاذ المودودي في بيته حسب وصيته، وكنتُ أُوثِر أن يدفن في المقابر العامة كسائر المسلمين.كان المودودي في كلِّ ما كتب الفارس المغوار، والصارم البتار، يقول ما يعتقد، ويعلن عما يقتنع به، ويؤمن بأنه الحقُّ، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا صولة ظالم، من العلمانيين أو المقلدين أو المتغربين أو الطاغين.ولا يرتاب مسلم دارس في إمامة المودودي وعبقريته، في فكره الإسلامي الرحب، الذي تناول فيه قضايا الإسلام، من تفسير ختم فيه القرآن الكريم، ومن دراسة للسنة، وردٍّ على الذين زعموا أنفسهم قرآنيين، بدعوى أنهم يهملون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي روته الأمة وخدمته، وأقامت لخدمته تسعين عِلْمًا من علوم الحديث، وقامت مكتبة ضخمة لهذه العلوم، عكف عليها العلماء، ولكن سبحان من له الكمال، وكل يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد انتُقِد على الإمام المودودي عدة أمور منها:

3836

| 08 يوليو 2015

محليات alsharq
القرضاوي: السبيعى رائد نهضة التعليم الديني في قطر

الكتاب: "في وداع الأعلام" المؤلف: الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة : التاسعة إن أخطر شيء على حياة الأمة المعنوية، أن يذهب العلماء، ويبقى الجهال، الذين يلبسون لبوس العلماء، ويحملون ألقاب العلماء، وهم لا يستندون إلى علم ولا هدى ولا كتاب منير. فهم إذا أفتوا لا يفتون بعلم، وإذا قضوا لا يقضون بحق، وإذا دعوا لا يدعون على بصيرة، وهو الذي حذر منه الحديث الصحيح الذي رواه عبد الله بن عمرو "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" (متفق عليه). ولعل هذا الشعور هو الذي دفعني في السنوات الأخيرة إلى أن أمسك بالقلم لأودع العلماء الكبار بكلمات رثاء، أبين فيها فضلهم، وأنوّه بمكانتهم، والفجيعة فيهم، حتى يترحم الناس عليهم، ويدعوا لهم، ويجتهدوا أن يهيئوا من الأجيال الصاعدة من يملأ فراغهم، وإلا كانت الكارثة. إن مما يؤسف له حقّاً أن يموت العالم الفقيه، أو العالم الداعية، أو العالم المفكر، فلا يكاد يشعر بموته أحد، على حين تهتز أجهزة الإعلام، وتمتلئ أنهار الصحف، وتهتم الإذاعات والتلفازات بموت ممثل أو ممثلة، أو مطرب أو مطربة أو لاعب كرة أو غير هؤلاء، ممن أمسوا (نجوم المجتمع)!. وأسف آخر أن العلمانيين والماركسيين وأشباههم إذا فقد واحد منهم، أثاروا ضجة بموته، وصنعوا له هالات مزورة، وتفننوا في الحديث عنه، واختراع الأمجاد له، وهكذا نراهم يزين بعضهم بعضاً، ويضخم بعضهم شأن بعض. على حين لا نرى الإسلاميين يفعلون ذلك مع أحيائهم ولا أمواتهم، وهذا ما شكا منه الأدباء والشعراء الأصلاء من قديم. وفي هذه الحلقة يتحدث الشيخ القرضاوي عن العالم الداعية عبدالله بن تركي السبيعي السبيعي.. أول مفتش للعلوم الشرعية في دولة قطر (1318 — 1388هـ = 1897 — 1968م) عبدالله بن تركي السبيعي، رائد من رواد النهضة التعليمية في دولة قطر، وعالم من علماء الشريعة المرموقين، وأحد العبادلة الثلاثة من أهل العلم الديني في قطر: أولهم عبدالله بن زيد آل محمود قاضي المحكمة الشرعية. وثانيهم: عبدالله الأنصاري، مدير مدرسة صلاح الدين، وهو ثالثهم. وكلهم كانوا يخطبون في المساجد، ويعلمون أحكام الشريعة، ومكارم الأخلاق. * رائد نهضة التعليم الديني قال الشيخ رحمه الله في مجلة الدوحة — وهي مجلة مدرسية صدرت في خمسينيات القرن الماضي — مبينا دوره في نهضة التعليم الديني في قطر: (لقد بدأت النهضة التعليمية في قطر منذ عشر سنوات، ولكنها لم تأخذ مجراها الطبيعي، وتؤدي ثمارها الطيبة، إلا منذ أن تولى زمامها وقيادتها سمو الشيخ خليفة بن حمد عام 1956م، وقد انتدبني سمو الشيخ خليفة لأشرف على النهضة، من حيث التعليم الديني. وحين قمت بجولة في المدارس، متفقدًا حالتها، ساءني أمر مناهج العلوم الشرعية، فلم تكن أمرًا ذا بال، وكانت من القِصَر والضيق بحيث لا تُعدُّ شيئًا يُذكر، فاستخرت الله، وقمت بإعداد منهج شامل، تُدرس فيه عقيدة السلف، وتفسير القرآن الكريم، ويتعرف الطالب في الوقت نفسه على سيرة النبي الكريم، وصحبه الأبرار، وطرف من الحديث النبوى الشريف، ويأخذ بعد ذلك الفقه الإسلامي من كتب مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه، ولم نقف عند هذا الحد، بل جئنا بالآداب الدينية والاجتماعية، ليكون الطالب على بصيرة من التقاليد الكريمة التي يجب اتباعها). وكان لابد للشيخ أن يوفر المعلمين المؤهلين الأكفاء القادرين على تعليم هذا المنهج، وبث روحه في تلاميذهم وعيًا وفكرًا وسلوكًا، فلم يجد سوى الأزهر الشريف المورد العذب لعلوم الشريعة عبر العصور، وبموافقة المسؤولين في الدولة، أُذن للشيخ أن يسافر للقاهرة. وكان من مآثر الشيخ ابن تركي أنه هو الذي سعى بجد وحرص لجلب علماء الأزهر من مصر لتدريس العلوم الشرعية، وكان يعتز بذلك ويفتخر به. * أول لقاء بيني وبين الشيخ ابن تركي: وفي عام 1957 وكنت أخطب في مسجد الزمالك، زار الشيخ عبدالله بن تركي السبيعي مصر، وكان وقتها مفتش العلوم الشرعية بوزارة المعارف، والمسؤول عن التعاقد مع علماء الأزهر وغيرهم لتدريس العلوم الشرعية في مدارس قطر. وكان يصحبه من أبناء الأزهر أخونا الشيخ يوسف عبد المقصود، الذي ذهب إلى قطر من قديم، وعمل في مدارسها، قبل أن يحصل على الشهادة العالمية. وقد اصطحب أخونا يوسف الشيخ ابن تركي، ليصلي الجمعة في مسجد الزمالك، واستمع إلى خطبتي، وأنا لا أعلم، وشاء الله أن يعجب بها، ثم صافحني بعد الصلاة، وعرفني به الأخ يوسف. وطلب مني أن أزوره في الفندق الذي يقيم فيه (جراند أوتيل) في وسط القاهرة. وقد زرت الشيخ، وتبادلنا الحديث في علوم الشرع، وعلم الإمامين ابن تيمية وابن القيم، وغير ذلك، مما شد الشيخ إليّ، وزاده ثقة بي، واطمئنانًا إليّ، وودعته، وشكرت له، وحييته. ولما رجع الشيخ إلى قطر، أرسل كتابًا إلى الشيخ الباقوري وزير الأوقاف يطلب منه إعارتي إلى قطر، ولم يعرف ابن تركي أن وزير الأوقاف لا يملك أن يعيرني إلى قطر؛ لأني لست موظَّفًا عاديًّا كسائر الناس، بل كنت مُعَيَّنًا على مسؤولية الباقوري استثناء. وحتى لو كنت موظفًا عاديًّا، فلابد أن تمر عليّ ثلاث سنوات حتى أعار إلى خارج مصر، فاعتذر وزير الأوقاف إليه. ولكن اسمي ظل محفورًا في ذاكرة الشيخ، حتى آن الأوان بعد ذلك لإعارتي إلى قطر. وبعد مضي السنوات الثلاث علينا في العمل أن نتقدم بطلب ليكون لنا حق الابتعاث أو الإعارة لبعض البلاد العربية التي تطلب مدرسين لمدارسها أو معاهدها. وما إن اكتملت لنا مدة السنوات الثلاث — منذ بدء تعيينا في الأوقاف — حتى تقدمنا بهذا الطلب، لنلحق بالمعارين إلى السعودية والكويت وغيرهما. وبخاصة أننا قد تأخرنا في التعيين، وفي حاجة ماسة إلى سند مادي يشد ظهرنا في مواجهة مطالب الحياة، وكل منا يريد أن يكون له بيت يملكه، لا مجرد شقة يستأجرها، وأن يكون له قدر من المال يدخره لمفاجآت الحياة. * امتحان شفهى ولأن عدد المتقدمين للإعارة يكون دائما أكبر من الفرص المتاحة، فكان الأزهر يجرى للمتقدمين (امتحانًا شفهيًّا) تقوم به لجنة من العلماء المرموقين، ويرشح منهم الناجحون الأول فالأول. ويسر الله سبحانه، وكنت أول المتقدمين من علماء الأزهر في هذا الامتحان. ومن ثَم كان من حقي أن أختار أي بلد أحب من البلاد التي يبعث إليها الأزهريون. وكان أفضل بلد يختاره الأزهريون عادة هو (الكويت) فقد كانت الكويت تعطي أعلى الرواتب للمعارين إليها. ولكني لم أختر الكويت، بل اخترت "قطر" ولم يكن لقطر شهرة في ذلك الوقت، ولا يرغب المعارون فيها كغيرها، فقد كانت تخطو الخطوات الأولى في سلم الترقي الحضاري، وكانت رواتبها أقل من غيرها. ولكن لأن الشيخ عبد الله بن تركي المسؤول عن العلوم الشرعية فيها كان قد طلبني من قبل من وزارة الأوقاف، ولا يزال حريصًا على استقدامي إلى قطر، فكان من الواجب أن أبادله ودًّا بود، وأقابل تحيته بمثلها أو أحسن منها. ومضينا نتخذ الإجراءات للبعثة، ونهيئ الأسباب للسفر القريب، واستخرجت جواز السفر لي وللعائلة، ولكني فوجئت بما لم يكن في الحسبان، فقد مضت أمور أخي العسال بلا عقبات ولا اعتراض من أحد، أما أنا فقالوا: إن جهات الأمن معترضة عليك. وسألنا عن سبب الاعتراض، فلم نجد جوابًا، وطلبت من الدكتور البهي أن يسأل مكتب السيد كمال رفعت، ومديره السيد علي إمبابي الذي كان دائم الصلة بمكتب الدكتور البهي، وكانت إشارته حكمًا، وطاعته غنمًا، وتوجيهاته لا ترد ولا تناقش، وكل هذا لم يجدِ شيئًا. وظل الشيخ عبد الله بن تركي يرسل البرقيات تلو البرقيات لتسهيل إعارتي إلى حكومة قطر، ولا من سميع أو مجيب. اللقاء الثاني: ولقد حضر إلى مصر في الإجازة الصيفية الشيخ عبد الله بن تركي من قطر، وقابلته أنا والأخ أحمد العسال، وكان لقاء علميًّا حيًّا، طرقنا فيه موضوعات في العقيدة والفقه والتربية، وسر به الشيخ ابن تركي، وطلبني رسميًّا من الأزهر. وفي خلال هذه السنة الدراسية (1960 — 1961) لم تنقطع رسائل وزارة المعارف في قطر عن طلبي من الحكومة المصرية، وبخاصة أن فضيلة الشيخ عبد الله بن تركي مسؤول العلوم الشرعية في المعارف، والمسؤول عن التعاقد مع علماء الأزهر في مصر، لم يكف عن إرسال البرقيات إلى الأزهر، وإلى السيد حسين الشافعي عضو مجلس الثورة، والمشرف على الأزهر في ذلك الوقت، يطلب فيها (فك الحظر) عني والسماح لي بالسفر إلى قطر. ونظرًا لكثرة البرقيات وإلحاحها: شرع مكتب حسين الشافعي يحقق في أمر منعي وأسبابه، وانتهى إلى إلغاء قرار المنع والسماح لي بالسفر إلى قطر، ابتداء من العام الدراسي 1961، 1962. وكان اتفاق الشيخ ابن تركي معي، على أن أتسلم إدارة المعهد الديني الثانوي في قطر، خلفا عن مديره السابق فضيلة الشيخ الدكتور عبد الغني الراجحي الذي تسلم إدارته لسنة واحدة، هي كل عمر المعهد الناشئ. كان الشيخ ابن تركي نعم العون لي كان الشيخ نعم العون لي في كل ما يخص المعهد الديني، وكانت أولى العقبات التي قابلتني في إدارتي للمعهد الديني بعيد وصولي لقطر، أني لم أجد طالبا واحدا تقدم للالتحاق بالصف الأول بالمعهد. كل ما هنالك أن طالبا لم يدخل الامتحان في العام الماضي فأعاد السنة، فهذا هو الاسم الوحيد الموجود على قائمة الصف الأول. ومر يوم واثنان وثلاثة، وبقية الأسبوع، فلم يتقدم إلينا أحد، ومعنى هذا: أن المعهد يصفي نفسه من أول يوم. إذا لا معنى لمعهد لا يأتيه طلاب جدد، والطلاب القدامى كأنما فُرضوا عليه، أو فُرض عليهم فرضا. وبدأت أتهيأ لمواجهة هذه المشكلة العاجلة. فكتبت نشرة توزع على نطاق واسع في المساجد، تبين أهمية الدراسة الدينية والتفقه في الدين، وأنه واجب على كل مجتمع أن يهيئ من أبنائه فئة تتفقه في الدين، حتى إذا سئلوا أفتوا بعلم، وإذا قضوا قضوا بحق، وإذا دعوا إلى الله دعوا على بصيرة، {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122]. وفي يوم الجمعة، تحدثت بعد خطبة الشيخ ابن تركي في الجامع الكبير المعروف باسم "جامع الشيوخ" حديثا عن طلب العلم، وأهمية علم الدين... إلخ.. فبدأ يجيئنا طالب بعد آخر، حتى اكتمل الصف الأول ثمانية طلاب، وقلنا: فيهم بركة، وربنا يبعث المزيد، وكان هذا أول درس ديني ألقيه في قطر. المشكلة الثانية: كان التلاميذ يأخذون جميعًا رواتب من الحكومة، ترغيبًا لهم في الالتحاق بالمدارس، وكان جميع التلاميذ يأخذون هذه الرواتب — أو المعاشات كما يسمونها — ولكن في السنة التي وصلت فيها: اتخذت الحكومة قرارًا جديدًا، وهو قصر الرواتب على التلاميذ القطريين وحدهم، أما غير القطريين فلا يصرف لهم شيء. وكان في المعهد الديني عدد من الطلاب من غير القطريين، بعضهم من الإمارات، مثل: الطالب أحمد عبد الله عسكر من خور فكَّان، والطالب محمد عبد الرحمن البكر من رأس الخيمة، والطالب محمود هزاع من اليمن، وغيرهم. وتحدثت مع الشيخ عبد الله بن تركي عن هذه القضية، وقلت له: يجب أن يستثنى طلاب المعهد الديني من قرار قصر الراتب على القطريين، تشجيعًا للتعليم الديني، فقال لي: إن هذا الأمر بيد الشيخ خليفة، وأنا أرى أن نذهب معًا لزيارته، ليتعرف عليك، ولتحدثه في هذا الأمر بنفسك، وأعتقد أنه سيقتنع بمنطقك. وفعلا ذهبت مع الشيخ ابن تركي إلى الشيخ خليفة، فحيَّاني الرجل، ورحَّب بي، وقال لي: سمعنا عنك قبل قدومك، وأرجو أن تجد في قطر وطنك الثاني. وشكرته على المجاملة الطيبة. وقلت له: يا طويل العمر، أريد أن أشرح لكم موقف المسلمين من العلم الديني طوال العصور الماضية، فقد وقفوا عليه الأوقاف، والصدقات الجارية، ليستمر علم الشرع موصولًا متوارثًا، جيلًا بعد جيل، فهو فرض كفاية على الأمة، إذا قام به عدد كاف يلبي الحاجة، رفع الحرج عن الأمة، وإلا أثمت الأمة كلها. وقد جرت عادة أهل الخير من المسلمين أن يخصوا الطلبة الغرباء بعناية أكبر من غيرهم، لشدة حاجتهم في غربتهم، وتشجيعًا لهم أن يتفقهوا في الدين، وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم. ونحن — طلبة الأزهر المصريين — في كلياتنا، لا يعطى لنا شيء، على حين يعطى طالب البعوث الإسلامية قدرًا من المعونة يساعده على معيشته، وبعضهم يأخذها رغم أنه يسكن في مدينة البعوث الإسلامية التي خصصها لهم الأزهر. وهذا امتداد لنظام الأروقة" الذي كان متبعا في الأزهر من قديم، فهناك في مباني الأزهر نفسه: رواق للمغاربة، ورواق للأكراد، ورواق للشوام، وهكذا. وأنا لا أطالب سموكم بإعطاء الطلبة الغرباء، وحرمان القطريين، بل أريد التسوية بين الجميع في ذلك، وتكون هذه ميزة لطلبة المعهد الديني. وتفهم الرجل قصدي، واستجاب له في الحال. بل ظلت هذه الميزة لطلاب المعهد مستمرة، حتى بعد أن ألغيت الرواتب من الطلاب القطريين أنفسهم بعد ذلك. ومما أعانني فيه الشيخ ابن تركي أنه قد بدا لي أن أقسم المعهد إلى مرحلتين: إعدادية وثانوية. كل مرحلة منهما ثلاث سنوات، مثل مراحل التعليم العام. يدرس الطالب في المرحلتين ما يدرسه الطالب في التعليم العام تقريبًا، إلا ما لا ضرورة إليه مما يوفِّر لنا بعض الحصص وتدرس نفس الكتب المقررة على الإعدادي والثانوي في العلوم والرياضيات والمواد الاجتماعية، واللغة الإنجليزية ونحوها وفي الثانوي تدرس مناهج القسم الأدبي على أن نزيد الجرعات التي يأخذها الطالب من العلوم الشرعية والعربية. وهنا لابد أن نبذل جهدا في تيسير هذه العلوم وتقريبها، بحيث لا نرهق الطالب بتعقيداتها. ولابد من تقرير الكتب المناسبة لذلك وقد يضطرنا هذا أن نزيد حصتين في الخطة الدراسية. ومعنى هذا أن علينا أن نهيئ الطالب في الصف الثالث بالمعهد هذا العام لامتحان الشهادة الإعدادية. وحصول الطالب على هذه الشهادة سيشعره بأنه قطع مرحلة دراسية مهمة، وحصل على شهادتها.. وكلمت الشيخ عبد الله بن تركي في هذا التغيير، ورحب به جدًّا، ووافقني عليه، وقال: علينا أن نقابل مدير المعارف وتقنعه بهذا الأمر. وكان مدير المعارف حينئذ، هو الأستاذ عبد الرحمن عطبة. وكان مفتشا للغة العربية، وأبدى نشاطًا ملحوظًا، فعيَّنه الشيخ قاسم مديرًا للمعارف، وكنت قد لقيته في القاهرة في الصيف لقاء عابرًا، وكان الأستاذ محمد المبارك أوصاه بي. فذهبت إليه، وشرحت له فكرتي، فشد على يدي، وشجعني على سرعة التنفيذ. سنن حسنة ومن السنن الحسنة التي سنها الشيخ ابن تركي في كل رمضان، أن يرسل العلماء الأزهريين الذين يدرِّسون العلوم الشرعية، إلى مساجد الدوحة وضواحيها، ومساجد القرى، ليلقوا فيها دروسًا، إما بعد العصر، وهو الغالب، أو بعد العشاء. ويوزع جدولًا في كل رمضان بالمدرسين ومساجدهم. ومن السنن الحميدة التي سنتها وزارة التربية والتعليم في قطر — باقتراح من فضيلة الشيخ عبد الله بن تركي رئيس تفتيش العلوم الشرعية — إقامة مسابقة في حفظ القرآن وتلاوته، مفتوحة لجميع الطلاب والطالبات في جميع مدارس قطر بالدوحة، وغيرها من مناطق قطر. وكان الفائزون الأوائل الثلاثة في كل فصل يأخذون جوائز نقدية تشجيعية، وكانت المدارس تتنافس في ذلك، كما يتنافس الأبناء والبنات في حفظ كتاب الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26]. * حفظ القرأن وقد أدى ذلك إلى تسابق كثير من الطلاب والطالبات في حفظ القرآن، وأن تجد البيوت قبيل الامتحان مشغولة بالقرآن. كما فتحت الوزارة — جزاها الله خيرا — باب التسابق للطلاب ولغير الطلاب في حفظ القرآن كله، أو نصفه، أو أجزاء منه، ويعطَى الحافظ جائزة قيمة على قوة حفظه وحسن تلاوته. وكانت بناتي إلهام وسهام وعلا ثم أسماء بعد يدخلن كل عام هذه المسابقة ويفزن فيها، ويحصلن على جائزتها. بل دخلت إلهام هذه المسابقة في الأجزاء الخمسة الأخيرة، ونجحت فيها، وحصلت على جائزتها، ودخلت سهام في ثلاثة أجزاء، وأسماء في جزءين. ومن هذه السنن أيضا: (تعليم البنات)، فقد نادى الشيخ ابن تركي بحق الفتاة القطرية في التعليم، في وقت كان يرى فيه كثير من الناس أن تعليم الفتاة وصمة قد تنتهي بالفتاة إلى عزوف الرجال عن الزواج منها، بل إن بعض فئات المجتمع كانت تعد تعليم الفتاة منكرًا يحرمه الدين، ولكن الشيخ عبدالله سار متحملًا في ذلك العبء الأكبر، واستطاع بقوة منطقه، ورجاحة رأيه، وحسن فهمه لدينه: أن يقنع الكثيرين من المتحفظين المنكرين لتعليم الفتاة، ونادى الشيخ الجليل بهذا الرأي ضاربا المثل بما كانت عليه المسلمات الأوليات من فقه في الدين وعلم بشؤون الحياة وتفريق القرآن الكريم بين من يعملون ومن لا يعملون { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9] ودعوته إلى القرأءة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق} [العلق: 1]. وشجعه سمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني (ولي العهد إذاك)، فوضع بتوجيه من سموه لتعليم الفتاة نظاما وترتيبا يحافظ على صونها وعفافها، ويمنع اختلاطها بغيرها، وتم افتتاح مدارس البنات. ومن الغريب أن الشيخ عبد الله بن زيد ال محمود، صاحب الفتاوى الجريئة في الحج وغيره، كان في ذلك الوقت من أنصار التضييق والتشديد في تعليم المرأة، وإن كان قد تغير رأيه بعد ذلك، والحمد لله. وكان الشيخان: ابن تركي والأنصاري من القائلين بإتاحة الفرصة لتتعلم كل علم نافع تريده وتقدر عليه. وفاته: وبعد حياة مليئة بالحيوية والمعرفة، والكفاح في مجالي الدعوة والتعليم، توفي الشيخ يوم السبت العشرين من شهر رجب عام 1388 هـ الموافق 12 أكتوبر 1968م وشيعه إلى مثواه الأخير آلاف المحبين له، والعارفين بفضله، والمقدرين لجهاده في موكب مهيب. رحم الله الشيخ عبدالله بن تركي السبيعي، وجزاه على ما قدم من عمل نافع للعلوم الشرعية وتعليمها، خير ما يجزي به العاملين الصالحين من عباده.

2761

| 25 يونيو 2015

محليات alsharq
القرضاوى: السباعي كان من رواد الوسطية ودعا إليها بلسانه وقلمه

الكتاب: "في وداع الأعلام" المؤلف: الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة : الثامنة إن أخطر شيء على حياة الأمة المعنوية، أن يذهب العلماء، ويبقى الجهال، الذين يلبسون لبوس العلماء، ويحملون ألقاب العلماء، وهم لا يستندون إلى علم ولا هدى ولا كتاب منير. فهم إذا أفتوا لا يفتون بعلم، وإذا قضوا لا يقضون بحق، وإذا دعوا لا يدعون على بصيرة، وهو الذي حذر منه الحديث الصحيح الذي رواه عبد الله بن عمرو "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" (متفق عليه). ولعل هذا الشعور هو الذي دفعني في السنوات الأخيرة إلى أن أمسك بالقلم لأودع العلماء الكبار بكلمات رثاء، أبين فيها فضلهم، وأنوّه بمكانتهم، والفجيعة فيهم، حتى يترحم الناس عليهم، ويدعوا لهم، ويجتهدوا أن يهيئوا من الأجيال الصاعدة من يملأ فراغهم، وإلا كانت الكارثة. إن مما يؤسف له حقّاً أن يموت العالم الفقيه، أو العالم الداعية، أو العالم المفكر، فلا يكاد يشعر بموته أحد، على حين تهتز أجهزة الإعلام، وتمتلئ أنهار الصحف، وتهتم الإذاعات والتلفازات بموت ممثل أو ممثلة، أو مطرب أو مطربة أو لاعب كرة أو غير هؤلاء، ممن أمسوا (نجوم المجتمع)!. وأسف آخر أن العلمانيين والماركسيين وأشباههم إذا فقد واحد منهم، أثاروا ضجة بموته، وصنعوا له هالات مزورة، وتفننوا في الحديث عنه، واختراع الأمجاد له، وهكذا نراهم يزين بعضهم بعضاً، ويضخم بعضهم شأن بعض. على حين لا نرى الإسلاميين يفعلون ذلك مع أحيائهم ولا أمواتهم، وهذا ما شكا منه الأدباء والشعراء الأصلاء من قديم. يتحدث اليوم الشيخ القرضاوي عن الداعيه الفقيه مصطفى السباعي من الرجال الذين اصطفاهم الله لنفسه، وصنعهم على عينه، ورباهم بين يديه – نحسبه كذلك- الداعية الفقيه الأصولي، الصابر المجاهد، مصطفي حسني السباعي، أحد العمالقة في العلوم الشرعية، وفي الثقافة اللغوية، وفي الخبرة التربوية، وفي المصارعة السياسية، وفي المقاومة الاجتماعية، هو في كل هذه الميادين، فارس الميدان، ثقيل الميزان، حبيب الرحمان. صاحب الروح المشرق، والبيان المُغْدِق، والعقل المنفتح، الذي قاوم أعداء السُّنَّة، فأسكتهم، ودعاة العلمانية فأفحمهم، مؤسس الحركة الإسلامية في سورية، والمراقب العام الأول للإخوان في سورية، ومنشئ مجلة (حضارة الإسلام)، وأول عميد لكلية الشريعة الإسلامية في سورية، وصاحب الكتب القيمة والرسائل النافعة. كان الشيخ السباعي أحد الشخصيات الإسلامية النادرة: في علمها وفكرها، وفي عواطفها ومشاعرها، وفي أخلاقها وسلوكها، وفي دعوتها وجهادها. كان خطيبًا وسياسيًّا يهز أعواد المنابر، ومحاضرًا يأسر سامعيه بعميق فكره، وجميل أسلوبه، ومؤلفًا متمكنًا يوثق أقواله بالأدلة العلمية، وزعيمًا شعبيًّا يقود الجماهير بكياسة وحكمة، وقائدًا إسلاميًّا يقود سفينة الدعوة بوعي وصبر وثبات. وبعد أحكام الإعدام في مصر في عام 1954م على ستة من الإخوان المسلمين، هم: عبدالقادر عودة، والشيخ محمد فرغلي، ويوسف طلعت، وإبراهيم الطيب، وهنداوي دوير، ومحمود عبداللطيف، رحمهم الله تعالى، صلى الأستاذ السباعي في دمشق صلاة الغائب على الشهداء، ووقف بعد الصلاة متحدثَا للجمهور، وطالبهم أن يعاهدوه على "الانتقام للشهداء" وقد استجابوا له، وعادت العلاقات مرة أخرى بين سورية ومصر إلى حد القطيعة. وبعد أن حول أتاتورك جامع آيا صوفيا إلى متحف، كان الشيخ السباعي كلما زار آيا صوفيا صلى فيه ركعتين. وقد اقتدى العلامة أبو الحسن الندوي بالشيخ السباعي حين زار آيا صوفيا وصلى ركعتين بالمسجد. لقاءاتي بالشيخ السباعي: * معاملة خاصة لقيته أول مرة عندما زارنا في مدينة المحلة سنة 1953م على ما أذكر، وألقى محاضرة رائعة شهدها جمهور كبير، واستمر نحو ساعتين، والناس مشدودون إلى المحاضر بأعينهم وعقولهم ومشاعرهم، لم يبرح أحد مكانه. وقلما يحدث هذا والداعية غير مصري. والمرة الثانية كانت عندما جمعني به الأستاذ الدكتور محمد البهي المدير العام للثقافة الإسلامية بالأزهر، على حفل شاي في فندق شبرد، وكان ذلك تكرما منه، فهو رئيسي في العمل، ولكنه كان يعاملني معاملة خاصة لا يحظى بها أحد من زملائي، وقد أهداني الشيخ كتابيه (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي) و(اشتراكية الإسلام). وكان الدكتور محمد البهي يعتبر الدكتور السباعي في مقدمة علماء سورية، ويعتبره مثلا أعلى في التجرد الأخلاقي والثقافي. والمرة الثالثة في رحاب المسجد الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمنًا، في الموسم الحج سنة 1384هـ، الموافق سنة 1964م، فقد قال تعالى في منافع الحج: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } [الحج: 28]، وكان من هذه المنافع لقاء العلماء والدعاة بعضهم ببعض، وأخذ بعضهم عن بعض، وتحمل التواصي بالحق وبالصبر فيما بينهم. وجلست معه طويلًا، وتحدث إليَّ طويلًا وتحدثت إليه قليلًا، وأفضى إليَّ بما في ذات نفسه، وأسمعني من قصائده العاطفية التي تفيض حبًّا وشوقًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل قصيدته الشهيرة: احملوني إلى الحبيب وروحواواتركوني ببابه واستريحوا وكان الشيخ ينشد هذه الأبيات ودموعه تسيل على خديه تأثرًا وحبًّا للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد تأثرت بإنشاده فبكيت معه. وذكر الشيخ لي معاناته وآلامه، في سنواته الأخيرة، وكيف ذهب إلى أوروبا للعلاج، وكيف وجد في كل مدينة يذهب إليها إخوة ينتظرونه، وقد رتبوا له كل شيء: الفندق الذي ينزل به، والمستشفى الذي سيعالج فيه، والطبيب الذي سيتولى فحصه والإشراف عليه، وكل ما يلزمه من دقائق الأمور وجلائلها، يقول: فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم، وبدافع من الأخوة الإيمانية، وأنا والله لا أعرفهم، ولا هم من بلدي، ولكنه سر الدعوة التي أزالت الحواجز بين الناس، وقربت أهل الإيمان بعضهم من بعض، حتى كأنهم أسرة واحدة؛ فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وصدق حين قال لرسوله: { هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال: 62-63] وكان هذا هو اللقاء الأخير بالأخ الكبير، والأستاذ المبجل، والإمام الجليل، وكانت أحاديثه معي من القلب إلى القلب، كأنما هي أحاديث مودّع، فما هي إلا أشهر قليلة، حتى اختار الله الشيخ لجواره، وودعته الأمة المسلمة. * إهدائي له كتابي (الحلال والحرام): وكان الأستاذ السباعي ممن أهديت له كتابي (الحلال والحرام في الإسلام)، وأهديته أيضا لثلاثة آخرين من علماء سورية، وكلهم أصدقاء الشيخ هم: الأستاذ مصطفى الزرقا، والدكتور معروف الدواليبي، بالإضافة إلى الأستاذ محمد المبارك، أرسلتها النسخ الأربع مع أحد الإخوة السوريين الذين يدرسون في مصر. السباعي من رواد الوسطية: الشيخ السباعي من رواد الوسطية، وممن دعا إليها بلسانه وقلمه وبسياسته ونهجه، وبمحاضراته وكتبه ودروسه، كما تجلَّى ذلك في كتبه (السنة ومكانتها في التشريع)، و(المرأة بين الفقه والقانون)، و(من روائع حضارتنا)، و(اشتراكية الإسلام). وإن اعترض بعض الناس على عنوانه، ولكنه أضاف الاشتراكية إلى الإسلام، فلم يدْعُ إلى أيِّ اشتراكية، بل الاشتراكية المضافة إلى الإسلام، والمستمدَّة من الإسلام. وله عددٌ من الرسائل والمقالات كلها تنبع من النظرة الوسطية المجدَّدة، أو التجديد الوسطي في الإسلام. مؤلفاته: كان للشيخ السباعي عدة مؤلفات مهمة في موضوعها، واضحة في هدفها، أصيلة في فكرتها، رائعة في أسلوبها، قوية في أدلتها، مؤثرة في قرأتها. يجمع بين العقل والعاطفة، تخاطب صميم العقل، وترطب أعماق القلب. منها كتابه (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي)، وقد رد فيه على خصوم السنة قديمًا وحديثًا، وفنَّد شبهاتهم. رد على المستشرِقِين، وعلى الأستاذ أحمد أمين، وعلى أبو رية وكتابه (أضواء على السنة المحمدية)، فكشف زيفه، وعرّاه، وأسقطه مثخنًا بالجراح، بالبراهين العلمية، وبالرجوع إلى المصادر الموثقة، لا إلى كتب الأدب والتاريخ ونحوها، كما فعل أبو رية. وقد حدثني الشيخ السباعي: أن (أبو رية) زاره عندما جاء إلى مصر، وقال له: إنه كان شديد القسوة عليه، وأن ضرباته له كانت موجعة، وقال الشيخ: إني لم أحِدْ عن المنطق العلمي قِيدَ شعرة، ولم أعتمد على مصدر تافه، ولا على قول واهن السند، ولا على قول أحد مطعون في علمه أو دينه. وهل تريدني أن أرفق بك، وأنت لم ترفق بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي- ولا بأصحاب رسول الله، ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه، أكثر الصحابة رواية عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا بأئمة المسلمين المتفق على جلالتهم وفضلهم وسعة علمهم وأمانتهم؟ هل تريد مع هذا أن أسميك (شيخ الإسلام)؟!! ولم يستطع أبو رية أن يتكلم. ومن كتب الشيخ المهمة والذائعة الصيت (اشتراكية الإسلام)، وهو كتاب علمي أصيل، يعتمد على الأصول الإسلامية من القرآن والحديث وقواعد الشريعة ومقاصدها، وللشيخ فيه آراء عميقة، واجتهادات متميزة، وإن خالفه في شيء منها بعض مشايخ سورية المعروفين؛ مثل شيخ حماة وخطيبها العلامة محمد الحامد. ولكل منهجا نهجه، كما يقر بذلك الشيخ الحامد. ومن العلماء من لم يعترض على مضمون الكتاب، إنما اعترض على العنوان، وهو نسبة الاشتراكية للإسلام، ورسول الإسلام لم يكن اشتراكيًّا ولا رأسماليًّا، ولكن كان حنيفًا مسلمًا، وما كان من المشركين. * الدولة الاسلامية وإنما اختار الشيخ هذا العنوان حين فُتِنَ الناس بالاشتراكية، وزعم من زعم أنها هي المذهب الذي حدَّ من طغيان الأغنياء، ورفع من مستوى الفقراء، ووقف في صف الكادحين، أمام جشع الرأسماليين المستغلِّين، والطامعين المتجبرين، فأراد أن يقول لهم: إن الإسلام سبق بهذه المبادئ التي تنصف الفئات الضعيفة، والطبقات المسحوقة، وتأخذ بأيديها، وتصون حقوقها، بل تشعل الحرب من أجلها، حتى إن الدولة الإسلامية هي أول دولة في التاريخ، تُجَيِّش الجيوش، وتعلن القتال من أجل انتزاع حق الفقراء من براثن الأغنياء، حتى قال الصديق أبو بكر الصاحب الأول والخليفة الأول: والله لو منعوني عقالًا (أي: حبل بعير من حقوق الفقراء) كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه! وهذه المبادئ في الإسلام على أحكم وجه، وأكمل صورة، وأقرب شيء إلى العدل والتوازن، دون اشتراكية مادية أو ملحدة أو مجحفة، بل الاشتراكية التي تقيم عدل الله في أرض الله، على جميع عباد الله، وهي الجديرة بأن تنسب إلى الإسلام. فهي اشتراكية مادية روحية، فردية اجتماعية، اقتصادية أخلاقية، إنسانية ربانية، واقعية مثالية، وليست مثل الاشتراكيات المقطوعة النسب بالله عز وجل. وقد استغلت ثورة 23 يوليو في عهد عبدالناصر الكتاب، وطبعت منه عشرات الألوف، ترويجًا لاشتراكيتها الثورية الخاصة، ولعلَّ هذا ما أساء إلى الكتاب؛ حيث استُّغِلَّ ما فيه من حق، لتأييد ما عند القوم من باطل، وهو ما شكا منه الشيخ في أواخر حياته، غفر الله له، ورحمه، وتقبله في عباده، الذين أنعم عليهم، من الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أؤلئك رفيقًا. ومن كتبه الشهيرة كتاب: (من روائع حضارتنا)، الذي قدَّم فيه بعض منجزات هذه الحضارة وآثارها المباركة، مما لا يمكن أن توصف معه بأنها حضارة جاهلية! ومن كتب الشيخ: (المرأة بين الفقه والقانون)، و(شرح قانون الأحوال الشخصية)، و(أخلاقنا الاجتماعية)، وغيرها من الكتب والرسائل التي أسهمت في وقتها في تثقيف الأمة، وتوعيتها وتنوير عقولها، ودعوتها إلى المنهج الوسط الذي لا غلو فيه ولا تفريط. وكان من الآثار الطيبة التي تركها الشيخ: مجلة (حضارة الإسلام)، أسسها الشيخ لتكون منبر (الإسلام الحضاري)، الذي يدعو إليه الشيخ. وليس إسلام الدروشة أو الرهبنة، ولا إسلام العنف والنقمة، ولا إسلام التعصب والانغلاق. وإنما هو الإسلام الذي يقيم حضارة عالمية إنسانية ربانية أخلاقية، علمية عمرانية، تصل الأرض بالسماء، والدنيا بالدين، والمخلوق بخالقه. سجنه وإبعاده إلى لبنان: في عام 1956م طلب السباعي من الحكومة السورية السماح لجماعة الإخوان المسلمين بسورية بالمشاركة في حرب السويس، إلى جانب المصريين، فقامت حكومة أديب الشيشكلي بحل الجماعة واعتقال السباعي وإخوانه، ثم أصدر أمره بفصل السباعي من الجامعة السورية، وإبعاده خارج سوريا إلى لبنان. وفاته: أصيب الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله في آخر عمره بالشلل النصفي، حيث شلَّ طرفه الأيسر، وظل صابرا محتسبا مدة 8 سنوات. ولحق بالملأ الأعلى راضيًا مرضيًّا إن شاء الله، يوم السبت 3 أكتوبر 1964م، أحوج ما تكون الأمة إلى مثله في علمه وفكره، وإيمانه وعمله، وخلقه وتوازنه، ولكنها سنة الله في خلقه { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185]، وكذا قال الله لخاتم رسله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} [الزمر:30]. وصُلِّيَ عليه في الجامع الأموي بدمشق، وعزاؤنا فيه: أن العلماء الربانيين لا يموتون، تذهب أجسامهم، وتبقى آثارهم، في كتب تُقْرَأ، أو أشرطة تُسْمَع، أو مواقف تروى، أو أحداث تُؤَثِّر، أو مؤسسات تربي، أو جامعات ومدارس تبني تلاميذ يعلمون الناس. وبهذا يضيفون أعمارًا إلى أعمارهم، فإن عملهم موصول، وأثرهم لم ينقطع بالموت. ففز بعلم تعش حيًّا به أبدًا الناس موتى وأهل العلم أحياء! وكما قال شوقي في رثاء مصطفى كامل: دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان الشيخ محفوظ نحناح الداعية ورئيس حركة مجتمع السلم (1361 – 1424هـ = 1942 - 2003م) ** الشيخ محفوظ نحناح سيظل رمزًا من الرموز وشيخًا من الشيوخ الذين نذروا شبابهم وشيخوختهم للدعوة إلى الدين الاسلامى في 19 يونيو 2003م، ودعنا أخانا وصديقنا العزيز علينا، الحبيب إلينا، الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله رحمة واسعة، هذا الرجل الذي عرفته في الجزائر، وعرفته خارج الجزائر، وعرفته منذ زمن طويل: داعيًا إلى الله على بصيرة، جنَّد نفسه منذ أدرك لخدمة الإسلام، والدفاع عن حياض الإسلام، والذود عن حرمات أمة الإسلام. عاش حياته كلَّها داعيًا إلى الله، داعيًا إلى هذا الدين بالحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، متبنيًا تيار الوسطية والاعتدال، والرفق والرحمة، والحكمة والتدرج. الشيخ محفوظ نحناح (رئيس حركة مجتمع السلم) في الجزائر، وأحد الدعاة الجزائريين، مهما اختلف مع الناس هناك، ومهما اختلف مع إخوان له هناك، فسيظل الشيخ محفوظ نحناح علامة من العلامات، ورمزًا من الرموز، وشيخًا من الشيوخ الذين نذروا شبابهم وشيخوختهم للدعوة إلى هذا الدين، وترك وراءه آثارًا طيبة وصالحة. وقد شاء له ربُّه أن يعيش أواخر حياته مريضًا، ليكفر من سيئاته، ويزيد من حسناته، ويرفع من درجاته، حتى توفاه الله منذ أيام. وقد قدمنا عزاءنا فيه لإخوتنا في الجزائر، لآل نحناح، ولإخوتنا في حركة مجتمع السلم، وللإخوة العاملين للإسلام هناك، وللجزائر كلها، وللداعين إلى الله في أنحاء الأرض، وعزينا أنفسنا، وعزينا الأمة، بفقد رجل من رجالاتها. ولا نملك إلا أن ندعو الله تبارك وتعالى، أن يتغمده برحمته وبمغفرته، وأن يسكنه الفردوس الأعلى، وأن يخلفه في ذريته وإخوانه بخير ما يخلف به عباده الصالحين، وأن يتقبله في عباده المؤمنين، ويجزيه عن الدين والوطن والأمة خير ما يجزي به الأئمة والعلماء العاملين والدعاة الصادقين، ونسأل الله سبحانه وتعالى، أن يغفر له ويرحمه، وأن يعوضنا فيه خيرًا. آمين.

2610

| 24 يونيو 2015

رمضان 1436 alsharq
القرضاوى : الورتلاني دفع بالحركة الإصلاحية فى اليمن قفزة واسعة

الكتاب: "في وداع الأعلام" المؤلف: الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة : الرابعةإن أخطر شيء على حياة الأمة المعنوية، أن يذهب العلماء، ويبقى الجهال، الذين يلبسون لبوس العلماء، ويحملون ألقاب العلماء، وهم لا يستندون إلى علم ولا هدى ولا كتاب منير. فهم إذا أفتوا لا يفتون بعلم، وإذا قضوا لا يقضون بحق، وإذا دعوا لا يدعون على بصيرة، وهو الذي حذر منه الحديث الصحيح الذي رواه عبد الله بن عمرو "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" (متفق عليه).ولعل هذا الشعور هو الذي دفعني في السنوات الأخيرة إلى أن أمسك بالقلم لأودع العلماء الكبار بكلمات رثاء، أبين فيها فضلهم، وأنوّه بمكانتهم، والفجيعة فيهم، حتى يترحم الناس عليهم، ويدعوا لهم، ويجتهدوا أن يهيئوا من الأجيال الصاعدة من يملأ فراغهم، وإلا كانت الكارثة.إن مما يؤسف له حقّاً أن يموت العالم الفقيه، أو العالم الداعية، أو العالم المفكر، فلا يكاد يشعر بموته أحد، على حين تهتز أجهزة الإعلام، وتمتلئ أنهار الصحف، وتهتم الإذاعات والتلفازات بموت ممثل أو ممثلة، أو مطرب أو مطربة أو لاعب كرة أو غير هؤلاء، ممن أمسوا (نجوم المجتمع)!.وأسف آخر أن العلمانيين والماركسيين وأشباههم إذا فقد واحد منهم، أثاروا ضجة بموته، وصنعوا له هالات مزورة، وتفننوا في الحديث عنه، واختراع الأمجاد له، وهكذا نراهم يزين بعضهم بعضاً، ويضخم بعضهم شأن بعض. على حين لا نرى الإسلاميين يفعلون ذلك مع أحيائهم ولا أمواتهم، وهذا ما شكا منه الأدباء والشعراء الأصلاء من قديم... وفي حلقة اليوم نتحدث عن الشيخ محمد عبد الله دراز شيخ العلماء ورائد الفلاسفة ورجل الفكر والدعوة، كان من العلماء الموسوعيين الذين جمعوا بين علوم الشريعة وثقافة العصر، الشيخ دراز لم يبخل علينا بمادة ولا نصيحة وتعلمنا منه طريقة التعليمكان أحد العلماء الراسخين في علوم العقيدة والفلسفةالداعية العالم المجاهد الكبير الشيخ إبراهيم بن مصطفى الجزائري، المعروف بالفضيل الورتلاني فى هذه الحلقة يتطرق فضيلة الشيخ د. القرضاوى بكتابه " فى وداع الاعلام" الداعية العالم المجاهد الكبير الشيخ إبراهيم بن مصطفى الجزائري، المعروف بالفضيل الورتلاني، أحد رجالات الجزائر، ومجاهدي علمائها المرموقين، وهو تلميذ العلاّمة الشيخ عبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي أُسسسها وإخوانه سنة 1931م، نشأ في بيت علم وفضل، فجده الشيخ الحسين الورتلاني من العلماء المعروفين. وقد ابتُعث الورتلاني إلى فرنسا مندوبًا لجمعية العلماء، حيث أقام في باريس من سنـة 1936م إلى سنة 1938م يبث الـروح الإسلامية العظيمة في الـعمال والطلبـة الجزائريين بفرنسا، وهناك أنشأ الأندية، لتعليـم اللغـة العربية، ومبادئ الدين الإسـلامي، ومحاربة الرذيلة في أوسـاط المسلمين المقيمين بفرنسا، واستطاع خلال عامـين أن يفتح الكثير من الاندية الثقافيـة في باريـس وضواحيهـا، والـمدن الفرنسية الأخـرى، وكانت تلك الأندية تحـتوي على قاعة للصلاة، ومدرسة لتعليم الدين الإسلامي، وتـدريس اللغة العربية. معرفتي به: كنت أعرف الفضيل عن طريق السماع من إخوان القاهرة، الذين التقوا به، وتحدثوا معه، وعرفوا فضله، ولكن نحن الشباب الذين كنا نعيش بعيدا عن القاهرة، لم يتح لنا ذلك. أول مرة التقيتُ فيها الشيخَ الورتلاني، حين زرت لبنان في أغسطس سنة 1952م، بعد قيام انقلاب الجيش المصري في 23 يوليو سنة 1952م. وكانت فرنسا قد أصدرت حكمًا بنفيه من الجزائر، لخطورته ونشاطه، فوصل إلى القاهرة والتقى بجماعة الإخوان المسلمين وقد بقي في القاهرة مدة من الزمن. وقد كان قبل ذلك على صلة وثيقة بالأستاذ البنا، وقد كلفه الأستاذ البنا بملف (اليمن) والاتصال بأحرارها ورجال الإصلاح فيها، وكان له دور معروف غير منكور في انقلاب اليمن على الإمام يحيى حميد الدين، وقد أخفق الانقلاب الذي قام به ابن الوزير، وسيف الإسلام إبراهيم ابن الإمام يحيى، وعدد من رجال الإصلاح باليمن، بعد أن نجح أول الأمر، ولكنه لم يستقر، وقد فر الأستاذ الورتلاني من اليمن، بوسائله الخاصة، وبمعاونة بعض اليمنيين، وحاول أن يجد بلدا يؤويه، فلم يجد، وظل على ظهر الباخرة شهرين، حتى استطاع بوسيلة أو بأخرى أن ينزل إلى بيروت، باسم مستعار. ويُعرف بين الناس باسم (أبو مصطفى)،الذي عرف به في لبنان، وظل يلتقي بالناس بهذا الاسم. وكانت فرصة طيبة لي أن التقيت به، وتحدثت طويلًا إليه، واستمعت إلى أفكاره في الإصلاح، واقترحت عليه أن ينزل إلى مصر، بعد تغير الوضع وزوال الملكية، ووافق على ذلك، على أن ينزل في صورة تليق بمكانته وتاريخه. وكان اللقاء الثاني به في القاهرة، بعد أن ترك بيروت، ودخل مصر معززًا مكرمًا من رجال ثورة يوليو، كونه أحد رموز الجهاد الوطني والعربي. * حياه حافلة وقد رجا أن يراني في القاهرة حين يعود إليها، وقد أرسل إليّ لأزوره حيث يقيم، فاصطحبت أخي محمد الدمرداش رحمه الله، الذي كان يسكن معي. وذهبت لزيارته، فحدثنا عن بعض تجاربه في حياته الحافلة، وهي حياة مثيرة خصبة التجارب، وسألته أن يحدثنا عن شيخه الشيخ عبد الحميد بن باديس مؤسس (جمعية علماء الجزائر) التي قامت بدور لا يجحده عربي، في نهضة الجزائر، وإعادتها إلى هويتها العربية الإسلامية، بعد استماتة فرنسا في القضاء على هذه الهوية، بالفَرْنَسة التي تريد أن تلغي- أول ما تلغي- الإسلام والعروبة من الجزائر، وتحدث الشيخ الفضيل طويلًا عن شيخه بإعجاب وحب، وأنه كان يحوِّل دروسه كلها بقدرة فائقة إلى دروس تربوية ودعوية. ومما ذكره لنا: أن ابن باديس كان يشرح لهم (الألفية) – أي : ألفية ابن مالك المعروفة- في النحو، والصرف، ووقف عند البيت الأول بعد المقدمة، وهو الذي يقول: كلامنا لفظ مفيد كاستقمْ واسمٌ وفعل ثم حرفٌ الكَلِمْ فبعد أن شرح الشيخ البيت من الناحية النحوية، عرج على الناحية التربوية فقال: انظروا إلى براعة الاستهلال في هذا البيت، فهو يقول: كلامنا لفظ مفيد. إنه يتكلم عن الجماعة المسلمة؛ ليعلن أنها لا تَهرفُ بما لا تعرف، ولا تلقي الكلام جزافًا، ولا تقول ما يضرها في دينها أو دنياها، إن كلامها (لفظ مفيد) ليس عبثًا ولا ضارًّا. ثم اختار التمثيل بكلمة (استقم)، وهي التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت} [هود: 112]، وأوصى بها رسوله من سأله من أصحابه عن وصية جامعة، فقال: "قل: آمنت بالله ثم استقم". رواه مسلم. وذكر لنا أشياء من هذه المواقف، في علم الفقه وفي التفسير، تُعَدُّ غاية في الروعة. وفي هذا اللقاء حاول الشيخ الورتلاني أن يملأني ثقة بنفسي، فقال: أرى فيك شبهًا من الأستاذ حسن البنا، وهذا يلقي عليك تبعات، فقلت له: يا أستاذ، وأين يوسف القرضاوي من الأستاذ حسن البنا؟ وأين الثرى من الثُّريا؟ فثار عليَّ، وقال: لا تحقر نفسك، إن حسن البنا عنده قدرات ليست عندك، وأنت عندك قدرات ليست عنده، ومجموع مواهبك يؤهلك لتقوم بدور، فلا تنسحب منه، ولا تبخس نفسك حقها. قلتُ: أسأل الله أن يجعلني أهلًا لثقتك وحسن ظنك. قال: ستثبت لك الأيام حسن ظني؟ قلت: أرجو الله. وقد قرأت في حِكَم ابن عطاء الله السكندري: إن الناس يمدحونك لما يظنونه فيك، فكن أنت ذامًّا لنفسك لما تستيقنه منها. أجهلُ الناس من ترك يقين نفسه لظنِّ مَا عند الناس. قال: وهذا يزيدني ثقة بك. علماء الجزائر وكان أخي الدمرداش يستمع إلى حديثه عني، وهو منفرج الأسارير، فقد كان رحمه الله شديد الحب لي، والاعتزاز بي، إلى حد الإسراف أحيانًا. وفي نهاية اللقاء قال لي: هنا أحد إخواني من شباب علماء الجزائر النابهين، وقد جاء ليكمل دراسته بالأزهر، وهو من قريتي، ولا آمن أن يعيش مع أحد من مصر إلا معك، فأنا أوصيك به خيرًا، ولعلها تكون فرصة له لينهل منك شخصيًّا ومن الإخوان وروحهم بصفة عامة، وكان هذا الأخ في الخارج، فناداه، فحضر، وقال: هذا هو (محمد الأقصري) أمانة في عنقك. وهو من قريتي وقريب مني. وكان محمد الأقصري شابًّا أديبًا قارئًا مثقفًا، وهو من أعضاء جمعية العلماء بالجزائر. وقد التحق بكلية أصول الدين، في السنة الثالثة على ما أذكر. فكان من المناسب أن يسكن معنا في شقتنا بشبرا. دوره في اليمن: (يروي القاضي المؤرخ عبد الله الشماحي في كتابه (اليمن الإنسان والحضارة) قصَّة تعرِّفه على الإمام الشهيد حسن البنا، والفضيل الورتلاني فيقول: "كان الإمام البنا ممن التقيته في الحج، وقويت الصلة به، وتلازمنا في منى ومكة والمدينة، ودرسنا الوضع العام في العالم الإسلامي، وقد شخّصت للإمام البنا الوضع في اليمن، واتفقنا على التعاون بين الإخوان المسلمين والمنظمات اليمنية؛ وقد أوفى الإمام البنا بوعده، وساند النضال اليمني بما كانت تنشره صحافة الإخوان المسلمين، ثم أوفد الأستاذ الجزائري الفضيل الورتلاني وغيره إلى اليمن عن طريق عدن. ويأتي الأستاذ الجزائري الفضيل الورتلاني موفدًا من الإمام حسن البنا، وروح الثورة تتقدمه، فيمر بعدن، ويضاعف حماس قادة حزب الأحرار وأعضائه، ذلك الحماس الزاحف مع الفضيل الورتلاني، إلى كل مكان حل فيه. وفي (تعز) اتصل الفضيل الورتلاني بالقاضي عبد الرحمن الإرياني والسيد زيد الموشكي والسيد أحمد الشامي وغيرهم، وتبادلوا الـنظرات، وبه ارتبط السيد أحمد الشامي ولازمه في تجولاتـه، وتأثر كل منهما بالآخر؛ وفـي (صنعـاء) قام الفضيل الورتلاني بنشاطـه الثوري، يرافقه المؤرخ المصري أحمد فخري، ويساعده أحمد الشـامي، فيجتذبان إليهما السيد حسين الكبسي، وينـدفع الفضيل الورتلاني في إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات في المدارس والمساجد والحفلات، فتسري روحه إلى الشباب والضباط وطلاب المدارس". ويروي الأستاذ حسين محمد المقبلي في مذكراته (مذكرات المقبلي): "... وصل إلى صنعاء الأستاذ الفضيل الورتلاني سنة 1947م وهو جزائري، وعضو في حركة الإخوان المسلمين، وخطيب لا يجاريه أحد في ذلك، وفهم للإسلام على غرار فهم الشيخ صالح المقبلي صاحب كتاب (العلم الشامخ في الرد على الآباء والمشايخ) وهو في مجمل القول خليفة الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده المصري، عمره حوالي الأربعين عندما وصل اليمن، لإنشاء فرع لشركة محمد سالم المصرية للمواصلات البرية. كان الإخوة الموجودون في مصر، وعلى رأسهم الشيخ الشهيد محمد صالح المسمري على صلة كبيرة جدًّا بالإخوان المسلمين، وكان الإخوان المسلمون- وعلى رأسهم الشيخ حسن البنا- يطمحون إلى تغيير الواقع في البلاد العربية، وإلى قيادة إسلامية صحيحة، وإلى ناشئة إسلامية قوية. وصل الفضيل الورتلاني يحمل مشعلًا آخر، وبدأ يخطب الناس بأسلوب جديد، دفع الشباب اليمني دفعًا إلى اعتناق الثورة، وبدأت أتردد على الفضيل الورتلاني في منزله غير مكتف بملاحقته في المساجد والمجتمعات، للاستماع إلى خطبه. وبدأ يحدّثني أننا نحن المسلمين فوق كوكب هذه الأرض، نمثّل الملايين، ولكني أقول- وهو يضغط على الحروف- إننا مستسلمون ولسنا مسلمين..". ويقول السيد أحمد بن محمد بن عبد الله الوزير في كتابه (حياة الأمير علي بن عبد الله الوزير كما سمعت ورأيت): ".. لقد كان للإخوان المسلمين، وعلى رأسهم زعيمهم الإمام حسن البنا رحمه الله، الذي لم يأل جهدًا في بذل مساعيه الحميدة بإخراج اليمن من عزلتها وفقرها وجهلها، وكان الإمام البنا قد راسل الإمام يحيى، وأدلى له بالنصح والإرشاد، وحاول أن يتصل بالإمـام مباشرة، وأن تقدِّم جماعة الإخوان المسلمين كل طاقاتها وخبراتها ومعلوماتها لتنشئ دولة إسـلامية في شعب مسلم عريق. لكن الأقدار لم تسمح بعد، فتهيئ الفرصة لإقامة الدولة الإسلامية، لما عليه اليمن من جهل وتخلف وحرمان، ولأن الإمام يحيى لا يحب أن يفيق الشعب من سُباته العميق، تهرُّبًا من أن يدرك ما فيه من التخلف والحرمان، فيهوي بعرشه المتداعي.. وكان وصول الأخ عبد الله بن علي الوزير ومعه فضيلة المجاهد الكبير السيد الفضيل الورتلاني، قد دفعا بالحركة الإصلاحية قفزة واسعة. وأخذت القضية تتحرك بسرعة واندفاع، فكان السيد الفضيل الورتـلاني العلم الجزائري المعروف والخطيب المفصح، يُلهب أحاسيس الناس في الخطب يوم الجمعة، وعن طريق الاجتماعات المستمرة بالشخصيات القوية". ويقول الأستاذ أحمد بن محمد الشامي في مذكراته (رياح التغيير في اليمن): "... وفي اعتقادي أن العالم المجاهد الجزائري السيد الفضيل الورتلاني هو الذي غيَّر مجرى تاريخ اليمن في القرن الرابع عشر الهجري، وأنه حين وضع قدمه على أرض اليمن كأنما وضعها على (زرِّ) دولاب تاريخها، فدار بها دورة جديدة في اتجاه جديد؛ لأن ثورة الدستور سنة (1367هـ 1948م) هي من صنع الورتلاني.. لقد كانت هناك معارضة يمنية، وكان هناك نقد وتبرم ومنشورات ضد الدولة، وكانت هناك طموحات وزعامات وتحفزات، وكل ذلك يصلح أن يكون وقودًا لثورة ما.. ولكن (المعارضة) كانت بلا تنظيم، واتجاهات زعمائها مختلفة ومتباينة، والمناشدون بالإصلاح ودعاة التغير والتطور لا توحِّدهم رابطة، والنقد والتبرم غير موجهين توجيهًا سياسيًّا هادفًا بناءً.. والطموحات تتنافس فيما بينها، وكلٌّ متربص بالآخر، والزعامات العلمية والدينية والسياسية قد خدَّرها الوهن، وجمدتها الأطماع، والتحفزات الوطنية، ليس لها زعماء أكفاء ذوو مؤهلات قيادية، فلما جاء السيد الفضيل الورتلاني، عمل ما لم يعمله أحد من اليمنيين، فوحَّد شتات (المعارضة) في الداخل والخارج، وأرشد المطالبين بالإصلاح والمناشدين بالتغيير والتطوير إلى طرق العمل وجمعهم في رابطة وطنية، وقارب بينهم وبين أرباب الطموحات السياسية والزعامات العلمية والدينية والقبلية والتحفزات الإصلاحية من الناقمين والناقدين والمتبرمين، وصهر مجهوداتهم وأهدافهم واتجاهاتهم وآمالهم وأمانيهم في بوتقة (الميثاق الوطني) وإنني أعتبر الورتلاني هو الذي استطاع أن يقنع الرئيس جمال جميل، بأن يؤلف جبهة من ضباط الجيش لتأييد الدستور، وأنه هو الذي أعاد الثقة إلى قلوب الموشكي والشامي، وجعلهما يتعاونان من جديد مع الزبيري ونعمان في إطار الميثاق الوطني، وهو الذي استطاع إقناع الأمراء والعلماء والمشايخ والتجار والضباط والأدباء بمبايعة عبد الله الوزير إمامًا ثوريًّا دستوريًّا. ولولا الورتلاني ما توحَّد الأحرار في اليمن فالورتلاني هو مهندس ثورة (1367هـ 1948م) حقًا". * خطوط عريضة ويمضي الأستاذ أحمد محمد الشامي في كتابه المذكور فيقول: "إن واضع الخطوط العريضة الأولى لميثاق الثورة الدستورية اليمنية هو العلَّامة الجزائري السيد الفضيل الورتلاني، والأستاذ الإمام المرشد العام للإخوان المسلمين حسن البنا، وكان هذان العبقريان المصلحان يهتمان بالمسلمين وشؤونهم في العالم بدافع قرآني خالص، لا يشوبه شعور وطني معين، ولا تعصب إقليمي أو طائفي أو مذهبي محدود. وفاته : توفي الشيخ الورتلاني في 12 مارس 1959م، في مستشفي في تركيا، وكان قد أوصى أن يدفن في الجزائر، ولكن حالت الظروف دون ذلك، ودفن في تركيا بعد أن رفضت أي دول عربية أن يدفن في أرضها، وبعد عدة سنوات وبالتحديد سنة 1987م نُقِل رفاته إلى مسقط رأسه في الجزائر، رحمه الله رحمة واسعه، على ما قدمه للإسلام والمسلمين، وبما أسهم في استعادة الجزائر وجْهَها الإسلامي المشرق.

1397

| 20 يونيو 2015

عربي ودولي alsharq
القرضاوي يطالب بدعم تركيا لمواجهة حملات الارمن

أكد الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ان الحملة التي تتعرض لها تركيا يقف وراءها تيار حاقد يتحرك من دوافع معروفة، مشددا على ضرورة الوقوف وراء تركيا لمواجهة تلك الحملات المغرضة. وقال إننا نتابع هذه الهجمة الشرسة، التي تشنها عواصم عدة، وهذه النبرة العالية التي تسارعت وتيرتها، حول مسؤولية الأتراك عن الإبادة الجماعية للأرمن 1915م، إن تزييف التاريخ، ومحاولة تضخيم أعداد الأرمن الذين قتلوا في هذه الأحداث، مع تجاهل أعداد مماثلة أو أكثر، من مواطني الدولة العثمانية ورعاياها في ذلك الوقت، لن تغير الواقع، ولن تدفع المنصفين إلى الانسياق وراء حملات التشويه المتعمد لتركيا في عصر نهضتها وتقدمها وحريتها. وإن عدم الاستجابة لدعوة تركيا للعالم الحر والمؤرخين والباحثين المنصفين لدراسة الأرشيف المتعلق بهذه الأحداث، ونشر النتائج أمام العالم، لهو أكبر دليل على كذب هذه الادعاءات. وتابع: "إنني لأعجب ممن يتباكون على الأرمن، وما زالت أيديهم ملوثة بدماء من أبادوهم من الشعوب التي وقعت تحت نير احتلالهم! إني أرى دموع هؤلاء الذي يتباكون على دماء الأرمن ما هي إلا دموع التماسيح التي تسيل وهي تأكل فرائسها"، ويصدق عليهم ما جاء في الإنجيل: "يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع، أو الجذل في عينه معترضا"، بل يصدق عليهم قول الأعرابية: رمتني بدائها وانسلت! وأضاف ان التاريخ لم ينس كيف تم تهجير مسلمي القوقاز من الشيشانيين والأنجوش والتتر إلى أطراف سيبيريا، ليلقى من لم يمت منهم بالقصف والرصاص في بلده، حتفه بالصقيع في ثلوج سيبيريا. والتاريخ شاهد على جرائم الاستعمار في ليبيا والجزائر وتونس والمغرب، وغيرها من بلاد العرب والمسلمين. والتاريخ يذكر ما فعلته حضارة الغرب الكاذبة من محاولة إبادة الشعب الهندي الأحمر من أمريكا الشمالية، وعن الملايين الذين اختطفهم الرجل الأبيض من إفريقيا ليخدموه وجنسه في القارة الجديدة. والتاريخ شاهد على ما فعلته القنبلة الذرية في هيروشيما ونجازاكي. لم ينسَ التاريخ نازية هتلر، أو فاشية موسيليني، أو دموية إستالين، أو مظالم أمريكا! والتاريخ القريب والواقع المعيش ناطق بالممارسات البشعة التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، من سلطات احتلال يدعمها هذا العالم المتلون، وتلك البلاد الجائرة. أين هذه الدعوات أمام فظائع جوانتانمو، وسجن (أبو غريب)، وإبادة المسلمين في ميانمار وأفريقيا الوسطى، وغيرهما؟! وأضاف: "إننا نساند تركيا الدولة المسلمة المستنيرة، المتقدمة العادلة، التي تضرب أروع الأمثال في النهضة الممزوجة بالقيم، والتقدم المرتبط بالأخلاق. نقف بجانبها، ونشد أزرها، وندعمها أمام هذا التيار الحاقد، الذي يتحرك من دوافع معروفة، لكل متابع لدور تركيا الأخلاقي في القضايا العالمية المختلفة".

354

| 27 أبريل 2015

عربي ودولي alsharq
القرضاوي: ما يحدث بالأقصى كارثة كُبرى

قال النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني مروان أبو راس إنه إذا كان الحاخامات اليهود أهل الباطل، فيهم من الغيرة ما فيهم على باطلهم فعلى علماء الأمة أن يغاروا على الحق وعلى مقدساتهم. وشدد أبو راس في كلمة له بالنيابة عن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي على أن المجتمع الإسرائيلي كله إرهابي بجميع فئاته، قائلا "هذا المجتمع المجرم بدليل فتاوى حاخاماته التي تحث على قتل الفلسطينيين وتهويد المسجد الأقصى". وقال خلال مؤتمر النصرة للمسجد الأقصى وللقدس بغزة إن قصف المساجد في الحرب الأخيرة يعود إلى فتاوى الحاخامات التي يصدرها للجيش بوجوب هدم مساجدهم وأماكن العبادة. وأضاف أبو راس "هذا التعامل من قبل الاحتلال يؤكد على أن الصراع مع الاحتلال صراع ديني وعقدي وليس سياسيا". وقال إن "ما يحدث في القدس كارثة كبرى وفرض علينا أن نترك خلافاتنا ونهتم بقضية فلسطين والقضية الكبرى المقدسات الإسلامية". ونادى القرضاوي علماء المسلمين بأن يصدعوا بكلمة الحق وأن يوعوا شعوبهم بما يجب عليهم تجاه المسجد الأقصى والمقدسات وعلى الشعوب العربية أن تتحدى وتجبر حكامها على نصرة المسجد الأقصى.

222

| 14 نوفمبر 2014

عربي ودولي alsharq
القرضاوي: إتحاد علماء المسلمين لا يعادي أحداً

أعلن فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الاتحاد لا يعادي أحدا ولا يعمل لخدمة جماعة معينة أو فئة... إنما الاتحاد للأمة الإسلامية ولأبنائها وإصلاحها وتوحيدها.. وقال القرضاوي في كلمته في افتتاح الجمعية العمومية الرابعة للاتحاد في استنبول بتركيا اليوم: "كل العالم ميدان للدعوة ونحن مطالبون أن نعد للعالم ما ينبغي"وأضاف "القائمون في الاتحاد يعملون بإخلاص وكل شخص بأمة" وقال القرضاوي إن هناك قضيتين أرجو أن يتحملهما الاتحاد - ... ولعلي لا أراكم بعد عامي هذا..هما- القضية الأولى أنه لا يمكن إقامة دولة إسلامية إلا إذا كانت هناك الأمة المؤمنة بدينها.. والثانية أن نتبنى قضية ذهاب المرأة إلى المسجد خاصة لأتباع المذهب الحنفي". وأضاف علينا أن نهيئ أجيالاً تحمل الإسلام، و نحتاج خطة يتبناها رجال صادقون ليؤدي الاسلام مهمته، وحمّل العلماء المسؤولية بقوله "كل منا مسؤول وأدعو الإخوة إلى بذل ما يستطيعون من الناحية المادية والاجتماعية حتى يستطيع الاتحاد مواجهة التحديات" مشيرا إلى أن "داعش" تقتل المسلمين. من جهته، توجه فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد في كلمته إلى الحكومة التركية ومختلف مسؤوليها بالشكر في بدء انعقاد الجمعية العمومية ومؤتمرها عن دور العلماء في الأمة ثم لفت إلى ما بذله سلفه د. محمد سليم العوا من جهد في تأسيس الاتحاد اتبعه ببيان الأعمال التي أنجزها الاتحاد في فترة الأربع سنوات السابقة التي تولى فضيلته الأمانة العامة بها.. من إعداد الدعاة وتفريغهم للقيام بمهامهم، والقيام بالإصلاح في عدد من المشاكل خاصة في قرقيزيا، مشيرا إلى مختلف الجهود البارزة التي قام بها الاتحاد في العالم الإسلامي. وأشار السيد قرماز ممثل الشؤون الدينية التركية في كلمته إلى استباحة الدماء وسبي النساء والقتل العشوائي وقال يجب أن نقنع أجيالنا بأنها أفعال خاطئة الإسلام بريء منها. وألقى السيد أمر الله كلمة السيد رجب طيب أردوغان أشار فيها بأسف إلى أن ما يدمي القلب أن بعض العواصم ترزح تحت العنف والدماء الآن، وفيما أشار إلى موقع استانبول من قلب العالم الإسلامي قال: إنه تم استغلال ثروات المنطقة لتكون وسيلة للتفرقة لا لتوحيد الأمة وأن القوى الخارجية تقف بصمت أمام الممارسات الوحشية التي ترتكب في أنحاء العالم.. مضيفا : نداء إلى العالم الإسلامي لاتخاذ مواقف حازمة ضد إسرائيل، ومؤكدا أن تركيا تعمل على الاستقرار في أنحاء العالم. هذا وقد ألقى السيد الغاروري كلمة حركة حماس نيابة عن السيد خالد مشعل أكد فيها على صمود غزة العزة فيما ألقت الدكتورة حفصة لينا مديرة البرامج في جامعة أوسلو بالنرويج في افتتاح الجمعية العمومية للاتحاد في استنبول... كما تحدث كل من راشد الغنوشي وأحمد الريسوني نائب الرئيس في الجلسة الافتتاحية.

426

| 21 أغسطس 2014

محليات alsharq
د. القرضاوي يستقبل المقرر العام للدستور التونسي

استقبل فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بمكتبه الأستاذ الحبيب خضر المقرر العام للدستور التونسي، والدكتور حسن بن حسن المستشار بمكتب البحث العلمي بجامعة قطر. حيث عرض الأستاذ الحبيب على فضيلته التجربة التونسية الفريدة، وكيف استطاع التونسيون تجاوز خلافاتهم، للنهوض بتونس، وتغليب المصلحة العليا للوطن على المصالح الضيقة، وكيف استقبلت الجماهير التونسية تنازلات حركة النهضة التونسية من أجل الوطن استقبالا طيبا. وقد ثمَّن فضيلة الشيخ القرضاوي التجربة التونسية، وأثنى على نجاح التونسيين في تجاوز العقبات المتتالية، التي أرادت أن تعصف بحلمهم الوليد. كما التقى فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سعادة شيخ حمودي رئيس بعثة أفريقيا الوسطى بالدوحة، وقد استمع فضيلته لحديث عن أحوال المسلمين في أفريقيا الوسطى، وأسباب معاناتهم، ودعا فضيلته إلى أن تقوم الحكومة بحمايتهم، والوقوف ضد أعمال العصابات المسلحة، التي تصبغ هذه الأعمال بصبغة دينية، من شأنها أن تأتي على الأخضر واليابس، ودعا فضيلته الحكماء في أفريقيا الوسطى، وفي القارة الإفريقية كلها إلى العمل على وقف هذه الاعتداءات المستمرة. وقد شكر سعادة الشيخ حمودي فضيلة الشيخ على جهوده التي قام بها، للتعريف بأزمة أفريقيا الوسطى والعمل على إنهائها، ودعوة الزعماء الأفارقة الفاعلين للتدخل لوقف هذه الأعمال المؤسفة.

215

| 05 أبريل 2014

محليات alsharq
القرضاوي: الثورات العربية اختارت الإسلام قانوناً ودستورا

قال الدكتور يوسف القرضاوي ان الشدائد التي أصابت الأمة الإسلامية لن تستمر لافتا أن المداولة بين الناس سنة إلهية فهي لا تقف على صورة واحدة، منوها أن الثورات العربية اختارت الإسلام وارتضته قانوناً ودستورا. وأكد فضيلته في ختام الموسم الأول لسلسلة محاضرات رياض الجنة والتي تُقام مساء كل أربعاء في جامع "كتارا"، أن الأسلام سينتصر وستزول الغمة وسيجعل الله بعد العسر يسرا فلا يغلب عسرا يسرا مرتين كما في قوله تعالى: (إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا). واختتم حديثة مبشرًا الحضور ان الغد أفضل من اليوم وان الحياة ستستمرمن الحسن للأحسن وإن بعد الضيق الفرح وأن الإسلام سينتصر كما قال صلى الله عليه وسلم. وألقى فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي محاضرة بعنوان " أمتنا بين الأمل والألم" تحدث فيها عن ثلاث كلمات هي الأمة والأمل والألم مٌعرفًا كلمة الأمة وإنها شاملة فالحديث عن الأمة ليس كلامًا عن الإنسان أو الفرد أو الأسرة والمجتمع، فهناك خليط متنوع من المجتمعات التي تختلف في أجناسها وأعراقها فهناك مجتمات تركية وهندية وأندنوسية وغيرها من مجتمعات العُرب والعجم ، ولكن عندما نقول أُمة فنحن نعني أمة الإسلام،أمة القرآن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، هذا مايفهمه الخاص والعام وكلمة أمتنا هي الأمة الكبرى . أمة الخير وأكد فضيلته أن أمة الإسلام أمة لم تخرج لوحدها فهي نبات رباني زرعه الله وتولاه برعايته مبينا أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل أمة الإسلام خير الأمم عبثًا، فهي أُمة أُخرجت للناس ولم يُخرجها لنفسها فهي لا تعش لنفسها بل لإسعاد الناس ونفعهم في الدنيا والآخرة. وأشار الدكتور القرضاوي أن القرآن خص هذه الأمة بالفلاح الذي تكتسبه من دعوتها إلى الحق والخير والمعروف، وقسم الله سبحانه وتعالى الفلاح على قدر العمل. الأمل والألم وأوضح الشيخ القرضاوي أن الأمة بين الأمل والألم تدور كما هي طبيعة الحياة فهي بين الآمال والآلام تمضي،فهذه الدنيا لا تسير على وتيرة واحدة ولا يوجد أمل من غير ألم. وتتنوع الآلام بين الحسية والمعنوية وهكذا تعيش الأفراد والمجتمعات. وأكد أن الأمة الإسلامية تتألم وكذلك الكفار يتألمون ولكن هناك فرق بينهما لأن المسلم يرجو من الله ما لا يرجو الكافر وقال أنه لابد من الإبتلاء حتى نتعلم من مدرسة الحياة وسنة الله فيها و حتى يٌطهرنا الله و يُميز من هو الصادق والمنافق من المؤمنين وغير المؤمنين،وأكد أن الابتلاء للمؤمن أشد من غيرهم فهم أصحاب دعوة ورسالة فالاسلام دين عالمي فلابد أن يكلفوا اكثر من غيرهم. وعرّج الدكتور القرضاوي على قصص الأنبياء وما واجهوه من ابتلاءات ومصائب ، وصبروا واحتسبوا الله وأبدل الله تلك المصائب بالفرج واليسر لافتا أن المؤمن لا تزلزله الحوادث ولا تُرعبه المحن . و قال سعادة الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" : بانتهاء الموسم الأول من محاضرات رياض الجنة نستطيع أن نقول بأننا أنجزنا خطوة هامة لجذب الناس نحو هذه المحاضرات فقد لمسنا التجاوب الكبير من زوار الحي الثقافي والذي يزداد في كل مرة . وأضاف: جامع "كتارا" يستضيف خيرة العلماء وأبرزهم في خطوة تهدف لتعزيز القيم الإنسانية التي يأخذ فيها المسجد دورًا أساسيًا، فالمسجد هو البيئة الصحيحة التي يستقي منها الإنسان تعاليم الدين القويم وتزيد من أواصر المحبة بين الناس وتقوي صلتهم ببعضهم ، داعيا الجميع للإستفادة من هذه المحاضرات بالمواظبة على حضورها وتبليغ الأهل والأصحاب عنها حتى تعم الفائدة على الجميع.

564

| 20 فبراير 2014

محليات alsharq
القرضاوى يحاضر حول "واقع الأمة" بكتارا

يلقى فضيلة الدكتور يوسف القرضاوى، مساء غداً الأربعاء، محاضرة بعنوان "أمتنا بين الألم والأمل" بجامع قطر وذلك بعد صلاة العشاء مباشرة ضمن سلسلة محاضرات "رياض الجنة" التى تقيمها المؤسسة العامة للحى الثقافى "كتارا". وسيتناول القرضاوى خلال المحاضرة واقع الأمة العربية والإسلامية والمخاطر التى تحيط بها والاوضاع الماساوية التى تعيشها العديد من دول المنطقة والشعوب العربية. ودعا الدكتور خالد السليطى المدير العام للمؤسسة العامة للحى الثقافى "كتارا" الجمهور الكريم لحضور المحاضرة، مؤكدا ان الحى الثقافى يهتم كثيرا بابراز دور الجامع ليصبح كما كان سابقا منارة للعلم، مشيرا الى ان محاضرات رياض الجنة اصبحت جزءا مهما من انشطة كتارا لتغذية الجانب الروحى للانسان ونشر اواصر الترابط فى المجتمع وتوعية الجمهور بأمور دينهم.

261

| 18 فبراير 2014

عربي ودولي alsharq
القرضاوي "يحرم" المشاركة في استفتاء مصر

أفتى الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بحرمة المشاركة في الاستفتاء على الدستور في مصر. ودعا الشعب المصري الى مقاطعته باعتبار أن "المشاركة في أي عمل من شأنه أن يقوي السلطة الانقلابية أو يمنحها الشرعية أو يطيل أمد وجودها أو يقوى شوكتها، يعد من التعاون على الإثم والعدوان، وهو عمل محرم شرعا". من جهته، دعا التحالف الوطني لدعم الشرعية ومناهضة الانقلاب الي التظاهر أثناء محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى غدا الأربعاء في جميع أنحاء مصر ، تحت شعار " الشعب يدافع عن رئيسة ، ودعا التحالف جموع الشعب المصري لرفض المحاكمة التي وصفها بالهزلية ، بالإضافة إلي دعوته إلي مقاطعه الاستفتاء الذي يبدأ في نفس التوقيت بالخارج . وبدورها، أعلنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا اليوم أنها تلقت رسالة من مكتب رئيسة المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول"، تشدد على أن المنظمة ترفض التعاون على أسس سياسية بشأن مذكرات التوقيف في مصر كونها صادرة على أسس سياسية، الأمر الذي يعارض دستورها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

181

| 07 يناير 2014

محليات alsharq
حفل ختام جائزة "عبدالله عبدالغني" للإبداع الفكري

برعاية وحضور فضيلةالدكتور يوسف القرضاويرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وحشد من العلماء والمفكرين تسلم الباحث المصري عبدالله أحمد لطفى الشقري "ماجستير دراسات اسلامية تخصص تمويل اسلامي خبير مالي في هيئة التقاعد والمعاشات" جائزةمؤسسة عبدالله عبدالغنيالعالمية للإبداع الفكري الخامسة والتي بلغت قيمتها 100 ألف ريال قطري والتي تناولت في عامها الخامس قضية "الأصولية الدينية حول العالم .. الأصولية الإنجيلية نموذجا". كما تسلم ثلاثة من الباحثين الذين نافست أبحاثهم على المركز الأول جوائز ترضية لتميز أبحاثهم، وهم كل من الباحث الكندي الدكتور فرحان مجاهد شاك، والذي قدم بحثه باللغة الإنجليزية، والباحثة الأمريكية ربى داهود قعوار، والباحث الجزائري خليفة عابد عبدلي. وفي كلمته في الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة في قاعة الريان بفندق شيراتون الدوحة مساء أمس الأول، أشاد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي بأهل الخير في قطر ورجاله المعروفين، مُذكِّرا بمآثر الوجيه عبدالله عبدالغني آل عبدالغني رحمه الله، الذي تقام المسابقة باسمه، مؤكدا أنه كان من أهل الخير وممن عُرفت عنهم المسارعة إلى عمل الخير والحض عليه، داعيا الله أن تكون هذه الجائزة وما وفرته من أجواء إيمانية وعلمية مرحمة عليه وعملا صالحا يجري ثوابه عليه إلى يوم الدين، شاكرا للفاضلة بثينة عبدالله عبدالغني اهتمامها ببالمسابقة وما تطرحه من الموضوعات العلمية القيمة. وحث د. القرضاوي الباحثين على دراسة الآخر والتعرف عليه، مشيرا إلى أهمية موضوع الجائزة وهو الأصوليات خاصة الأصولية الإنجيلية التي دارت حولها المسابقة الخامسة من الجائزة، مضيفا أننا لسنا وحدنا في العالم، فهناك آخرون لهم أديان وعقائد، لا بد أن ندرسها لنعلم نقاط الاتفاق والاختلاف معهم. وأكد أهمية دراسة عقائد الآخرين من قبل الباحثين المسلمين، مشيرا إلى أن هذه القضية تحتل أهمية بالغة بالنسبة له، لافتا إلى أن أول كتاب يقرره على طلاب المعهد الديني يوم أن قدم مديرا له هو كتاب الشيخ محمد عبده " الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية". صناعة التوجهات وفي كلمتها خلال الحفل قالت الفاضلة بثينة عبدالله عبدالغني رئيسة مجلس إدارة مؤسسةِ عبدِالله عبد الغني العالميةِ للإبداعِ الفكري إن الأصوليات الدينية التي تم اختيارها كموضوع للمسابقة هذا العام بدأت تقلبُ العالمَ، وتؤثرُ فيه، وتصنعُ توجهاتِه، مشيرة إلى أن الجائزة آثرت أن تساهمَ في تسليطِ الضوءِ عليها، وبيانِ معالمِها وإشكالياتِها العقيديةِ والسياسيةِ والأمنية، من خلال باحثين جادين، لم يألوا جهدًا في دراسةِ المشكلةِ، وبيانِ جوانبها. مفخرة لقطر وأضافت آل عبدالغني إن هذه الجائزةَ بدأت حييةً محلية، ثم أخذت تشقُّ طريقَها نحوَ العالمية، حيث شارك فيها هذا العامَ باحثون متعددون من دول شتى من بينها كندا والجزائرِ والسعوديةِ ومصر وغيرها، كتبوا بالعربية وبالإنجليزية، وقد بدأت بقيمة رمزية، لترتفع هذا العام إلى مائةِ ألفِ ريال للفائز الأول، مع جوائزَ تقديريةٍ لثلاثة من الباحثين، الذين نافسوا على الأولوية، معربة عن أملها أن ترتفع قيمة الجائزة في السنوات القادمة من حيث قيمتُها الماديةُ، ومن حيث انتشارُها على المستويات الخليجيةِ والعربيةِ والعالمية، لتزاحمَ الجوائزَ الكبرى المعروفة، وتستقطبَ الباحثين المتميزين من حولِ العالم، وتكونَ مأثرةً، ومفخرةً لدولة قطرَ الحبيبة، ولاسم الوالدِ الوجيه عبدِالله بنِ عبدالغني عليه رحماتُ الله ورضوانًه. وفي ختام كلمتها قدمت آل عبدالغني شكرها لفضيلة الشيخَ العلامةَ القرضاويَّ على رعايتِه الجائزة، وتشريِفه بالحضور، وللحضور على تجشُّم عناءِ المشاركةِ في هذه التظاهرةِ العلمية الكريمةِ، وللسادةِ العلماءِ أعضاءِ لجنة التحكيمِ، الذين لم يدخروا وسعًا في قراءة الأبحاث – وهي عسرةٌ صعبة – والفصلِ في أحقيةِ الفائز بالجائزة، كما شكرت الفريقَ العاملً في الإعدادِ لهذه الاحتفالية.

597

| 03 نوفمبر 2013