لم تتسع مدارج المسرح المفتوح بسوق واقف مساء أمس للجمهور الغفير الذي حضر للاستمتاع بالأغنية السودانية التي تألق في أدائها كل من الفنان حسين الصادق والفنان طه سليمان، في أول مشاركة لهما في حفلات المهرجان الغنائي الذي تنظمه صوت الريان ضمن فعاليات مهرجان الربيع. وقد وجد عدد كبير من الجمهور ضالته في الشاشة العملاقة التي تم تركيزها في الساحة المحاذية للمسرح، وتفاعل الجميع مع الأغنية السودانية المعروفة بجملها الموسيقية المميزة، وسحرها الأخاذ. انطلق الحفل مع الفنان حسين الصادق بمصاحبة فرقته الموسيقية بقيادة المايسترو حسام عبالرحمن، حيث غنى "الملهمة"، و"التوب"، و"البنيات"، و"أنا مالي ومالك"، و"شيليني من بالك"، و"عصير القصب"، و"ظلموك يا عين"، و"النيسانات"، و"بتمناها"، و"البياح". بعد ذلك قدم الفنان طه سليمان باقة من الأغاني العاطفية والملتزمة التي تفاعل معها الحضور، نذكر من بينها "طزنوبة" و"أنا السودان"، و"أم درمان"، و"بكيتك سنة"، و"رن علينا مرة"، و"دقيت ليه"، و"ألو"، و"الفندق أبو كشكوش"، و"يا ما أتكيف"، و"بعيد عنك"، وغيرها.. جدير بالذكر أن حفلة الليلة يحييها كل من الفنان منصور المهندي، والفنان العراقي ماجد المهندس في ليلة يتوقع أن يحضرها جمهور غفير من المواطنين والمقيمين، حيث سيستمتع الجميع باللونين الشعبي والطربي في لقاء مميز يجمع فنانين يحظيان بشعبية واسعة في مهرجان ربيع سوق واقف.

حملت الليلة التاسعة للفعاليات الغنائية لمهرجان ربيع سوق واقف طابعا سودانيا بحتا، حيث أحياها الفنان "صلاح ابن البادية" وكان مقررا للفنانة "إنصاف مدني" مشاركة ابن البادية حفل الأمس والتي اعتذرت عن المشاركة بسبب ظروف صحية، وغلب على جمهور الليلة التاسعة الطابع السوداني، الذي جاء لمتابعة ابن البادية الذي سبق له أن سجل مشاركة سابقة بمهرجان ربيع سوق واقف في دوراته الماضية، وقدم "ابن البادية" خلال الحفل مجموعة من أشهر أغانية التي غلب عليها الطابع القصائدي الذي يعد السمة الغالية في الأغنية السودانية، التي احتفظت بخصائصها المميزة وظلت بعيدة إلى حد ما عن اللهاث وراء الإيقاعات الغربية، التي أثرت بشدة في الأغنية العربية في العديد من الأقطار التي تشهد رواجا فنيا، ودعا الفنان صلاح ابن البادية في المؤتمر الصحفي الذي سبق حفله الغنائي والذي قدمه الإعلامي فواز مزهر إلى ضرورة تواصل الفنانين العرب مع زملائهم السودانيين، بهدف الحرص على نشر الأغنية السودانية عربيا مشيراً إلى أن تلك الأخيرة تفتقد للدعم العربي، رغم أنها تمتلك مساحة كبيرة من الانتشار والتميز في محيطها الإفريقي، وطالب "ابن البادية" المسؤولين عن مجالات الثقافة والفنون في كافة الأقطار العربية إلى ضرورة تبني تنظيم فكرة مهرجان عربي سنوي شامل يمثل فيه فنانو كل الدول العربية حتى يكون للفنان السوداني نصيب أكبر من المشاركة والاحتكاك، لافتا إلى أن هناك فنانين سودانيين ليس لديهم معرفة بأقرانهم من فناني الوطن العربي، وإنه يمتلك مشوارا فنيا يقدر بخمسين عاما، وتمكن من الدخول إلى مجال التمثيل في مصر وقدم أعمالا كان آخرها فيلم مع الراحل محمود المليجي "وحول تعاونه مع الفنان "عبادي الجوهر" قال إن ذلك جاء في سياق عمل إنشادي كبير شارك فيه مجموعة من المطربين العرب، وفيما يتعلق باللهجة السودانية التي يشاع أنها كانت السبب وراء عدم الانتشار الكافي للأغنية السودانية قال، إن سرعة الأداء لدى بعض الفنانين أظهر اللهجة السودانية وكأنها غير مفهومة، وإن كل اللهجات بها مفردات صعبة الفهم على من لا يجيدها ولكننا نغني حاليا باللهجة الخفيفة والمبسطة، التي تلائم الواقع العربي والإفريقي لأن السودان خليط من العرب والأفارقة، وفي رد له على سؤال حول عزله الفنان السوداني قال إن هناك بعض المطربين المصريين اتجهوا للغناء في السودان وتمكنوا من اقتحام الشارع السوداني، غير أن الأغنية السودانية بحسب الدراسات منتشرة في الوطن العربي بنسبة 25% لكنها منتشرة إفريقيا بنسبة 100% وانتشارها إفريقيا جاء على حساب باقي مكونات الأغنية العربية، وأعلن ابن البادية عن حصوله على الدكتوراه الفخرية من جامعة نيوكاسل الأمريكية، وأنه سيستغلها في الاتجاه نحو تأصيل مفهوم الثقافة بمفراداتها الشاملة، واختتم حديثه بالتطلع لتعاون فني يجمعه بالفنان القطري "علي عبد الستار".