رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

غادة عايش خضر

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

306

غادة عايش خضر

زيتونتي ماتت.. وبقيت أنا !

31 أكتوبر 2025 , 12:43ص

الهوينا كان يمشي، هنا فوق رمشي، اقتلوه بهدوءٍ، وأنا أهديه نعشي......

 صدق القائل ومِنَ الحُبِ ما قَتل، هذا ما حدث تماماً مع اليمامة بنت كُليب حين قَتَل عَمها المُهَلهِل حبيبها جُبير بن الحارث في حرب البسوس.... ولكن من البشر ما نَدر مَن يستحق قصيدة رثاء......

وما حدث معي يا يمامة أفظع وأقسى مما حدثَ مَعَكِ......... 

 أنا فقدت الكثير الكثير في هذه الدنيا البشر والشجر والحجر 

 أَخرها المأوى... فقدت بيتي..... حديقتي... قطتي...

 أشجار الزيتون التي قمت بزراعتها في عام ٢٠١٢م، كنت أنتظر موسم قطف الزيتون من كل عام لنعيش أحلى لحظات الحنين للأرض التي احتوتنا ومن ثمارها أوهبتنا، بَينهُن شجرة زيتون مميزة، أكبرهن حجماً وأَعلاهن قَدراً بالنسبة لي اسميتها زيتونة غادة، وطلبت منهم توزيع ثمارها بعد مماتي من أجل احتساب الأجر.... ولكن ماذا حدث ؟؟ 

ماتت زيتونتي في سبتمبر ٢٠٢٥م ودُمِرت في الحرب، وبقيت أنا، ليتها بَقيَت ومُت أنا...........

فقدت سَطْح البيت الذي رافقني طيلة ١٣ عاماً لالتقاط أجمل صور للغروب في غزة البهية.....

 لكل غروب حكاية ومذاق خاص، إحساس مرهف، مُفعَم، مختلف عن سابقيه......

 آلمني فقدان غرفتي التي فيها أغلى ما أملك، تاريخ كامل عمره الزمني ما يقارب أربعين عاما..... 

حكاية صورة وثوب أهدتني إياه جَدتي رَحِمها الله منذ ١٩٨٨ م، وقد كتبت مقالاً سابقاً بعنوان (ثوب وكردان ) لا بقي الثوب ولا بقيت الصورة، ضاعت الذكريات ودُفِنت تحت أكوام من الركام.... باتت مهجورة، وتركت جراحا بالقلب مَحفورة....

 فقدت أوراقي الثبوتية، وكل ما يثبت بأن كَائن حَي كان يقطن هنا....

كتابي الأول ( وسادة غادة) الذي أصدرته قبل الحرب بأيامٍ قليلة، للأسف كِتابِي وُلِدَ لِيُدفَن في بيتي....

كُتب الدراسة، مقالاتي وأشعاري، ودفتر ذكرياتي منذ ربع قرن، اضافة لذلك شهاداتي، من الصف الأول الابتدائي حتى المرحلة الجامعية.....

غرفتي هي موطني فيها كنت أفرح كنت أبكي، كنت أكتب، كنت أقرأ، كنت وكنت ويا ليتني ما كنت.....

كنت احتفظ بِكلِ شيء جميل طبع في ذاتي ذِكرى جميلة، لعلها تكون روايات نُخبر بها أحفادنا، ولكن الآن ماذا تبقى لنا ؟؟؟

 الان لا غروب لا ذكريات، لا دفاتر لا حكايات لا هدايا الأُم والجَدات، لا أشجار ولا موسم قطف آت، لا صور لا مأوى لا سكن ولا سَكِينَة، لا أحلام ولا أُمنيات..... 

أصبحنا ننام بين الركام، الصمت بات عنواناً لنا بين الأنام، الدمع صديق العين في اليقظة والمنام....

لا ماء لا كهرباء لا خَيمة تحتوي ما تبقى من بقايا انسان، بل بؤسٌ وبؤساء، حالنا يمكن وصفه في لغة الضاد بثماني من الكلمات ( كنا وكان... وكان يا مكان لا شيء بَقِي مثلما كان )....

يُقال إن الماء سِرَ الحياة، لا عاد في ماء ولا سر ولا حياة.....ماذا ننتظر أخبروني ؟ 

ماذا نقول ؟؟ 

ماذا فعلنا يا الله لنحصد كل هذا الخراب !!!!!

مساحة إعلانية