رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مرزوق فليج الحربي

مساحة إعلانية

مقالات

363

مرزوق فليج الحربي

طاولة مفاوضات على ركام غزة

30 يناير 2025 , 02:00ص

طاولة مستطيلة وعلى طرفيها كرسيين وخلفها ركام مباني غزة المهدمة وخلف الطاولة العشرات من عناصر حماس.. هذا المشهد البسيط لطاولة المفاوضات التي أقامتها حماس للتفاوض حول اطلاق الاسرى ربما يكون المشهد بسيطا جدا، ولكنه يحمل دلالات عميقة ومؤثرة فا هي حماس تلزم العدو الصهيوني ممثلة بالصليب الأحمر على الجلوس للتفاوض واطلاق أسراه بطريقة قانونية ووفق شروطها والتعامل بعملية اطلاق الاسرى وفق ما تريده حماس وما تمليه... جلست حماس ممثلة عن الفصائل الفلسطينية كلاعب أساسي في العملية التفاوضية ولم تكن لاعبا ثانويا كما كان ينظر لها سابقا.

يقابله وعلى مدى سنوات طويلة المؤتمرات العربية التي تقام بفنادق وقصور رئاسية وتمتلئ القاعات بالرؤساء والدبلوماسيين وتهدف لنصرة القضية الفلسطينية وتلقى الكلمات والبيانات وينتهي المؤتمر ببيان شجب واستنكار وتنديد وتهديد شديد اللهجة والمطالبة باللجوء للأمم المتحدة.. لقطة مكررة لهذا المشهد عشناها على مدى عشرات السنن لم تحرر شبرا واحدا من ارض فلسطين.

حماس طبقت مقولة ( ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ) ومقولة ( النصر صبر ساعة ) ادركت حماس ان المعركة مكانها ساحات المعارك وليس قاعات المؤتمرات فأعدت له عدته وجهزت له جهازه واليوم تقطف بعض ثماره ما نراه اليوم لم يبدأ من طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 وما نشاهده اليوم هو قصة انطلقت مع انطلاقة حركة حماس في عام 1987 مع الانتفاضة الأولى والتي سميت حينها بانتفاضة أطفال الحجارة كان جنود الانتفاضة أطفال فلسطين وسلاحهم الحجارة ومع انها سميت بأطفال الحجارة لغلبة استخدام الحجارة من الأطفال الا ان هناك جهودا ثورية ودبلوماسية وضغطا شعبيا رافق الانتفاضة وانتهت بالاعتراف الصهيوني الأمريكي بالحق الفلسطيني.

أطفال الحجارة من حماس الذين عاشوا طفولتهم وصباحهم ونضجهم في معارك مع العدو الصهيوني عبر الحركات الاحتجاجية والعمليات الجهادية وسجون الاحتلال اصبحوا اليوم قادتها والحجارة تحولت الى صواريخ وقاذفات تصل لعمق تل ابيب اليوم تجلس حماس على طاولة المفاوضات وتفرض شروطها.. اليوم حماس انتصرت بالمعركة وتدرك تماما بأن الطريق الذي اتخذته سيكون طويلا ومؤلما وتكلفته عالية ولكنه بالنهاية هو طريق تحقيق الهدف والوصول للغاية الكبرى وهي تحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر الى النهر وهذا ما أعلنته مرارا وتكرارا عبر بياناتها وعبر ناطقها الرسمي أبوعبيدة.

مشهد انتصارات غزة المتتالية والتي نشاهدها كل يوم يقابلها حالة انهزامية وصدمة داخل المجتمع الصهيوني من قوة الحاضنة الشعبية الغزاوية والتي لا زالت تهتف باسم حماس ومن قوة حماس التي خرجت من الانفاق بكامل عدتها وعتادها وبالروح التفاؤلية التي تعلو وجوه الناس وهم يرجعون لشمال غزة وبدخول المساعدات وبالعمل على إزالة الأنقاض.

نعم هناك خسائر بشرية من شهداء وجرحى وتدمير البنية التحتية وتهجير ولهذا المشهد أمثلة عديدة في ديننا وتاريخنا الإسلامي فعندما تعرض الصحابة للهزيمة في غزوة احد، أنزل الله فيهم قرآنا حيث قال ( ولا تهنُوا في ابْتغاء الْقوْم إن تكُونُوا تأْلمُون فإنّهُمْ يأْلمُون كما تأْلمُون وترْجُون من اللّه ما لا يرْجُون وكان اللّهُ عليما حكيما﴾

والعدو الصهيوني يتألم اليوم من الخسائر البشرية والمادية ولو لم يتألم لما لجأ للمفاوضات ولكننا نرجو من الله ما لا يرجوه الصهاينة

ولا يوجد في المعارك رابح وخاسر والكل في الحرب يعتبر خاسرا بدرجة معينة.. ولكن الفرق بيننا وبين العدو الصهيوني أن قتلانا في الجنة بإذن الله وقتلاهم بالنار.

مساحة إعلانية