رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
طاولة مستطيلة وعلى طرفيها كرسيين وخلفها ركام مباني غزة المهدمة وخلف الطاولة العشرات من عناصر حماس.. هذا المشهد البسيط لطاولة المفاوضات التي أقامتها حماس للتفاوض حول اطلاق الاسرى ربما يكون المشهد بسيطا جدا، ولكنه يحمل دلالات عميقة ومؤثرة فا هي حماس تلزم العدو الصهيوني ممثلة بالصليب الأحمر على الجلوس للتفاوض واطلاق أسراه بطريقة قانونية ووفق شروطها والتعامل بعملية اطلاق الاسرى وفق ما تريده حماس وما تمليه... جلست حماس ممثلة عن الفصائل الفلسطينية كلاعب أساسي في العملية التفاوضية ولم تكن لاعبا ثانويا كما كان ينظر لها سابقا.
يقابله وعلى مدى سنوات طويلة المؤتمرات العربية التي تقام بفنادق وقصور رئاسية وتمتلئ القاعات بالرؤساء والدبلوماسيين وتهدف لنصرة القضية الفلسطينية وتلقى الكلمات والبيانات وينتهي المؤتمر ببيان شجب واستنكار وتنديد وتهديد شديد اللهجة والمطالبة باللجوء للأمم المتحدة.. لقطة مكررة لهذا المشهد عشناها على مدى عشرات السنن لم تحرر شبرا واحدا من ارض فلسطين.
حماس طبقت مقولة ( ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ) ومقولة ( النصر صبر ساعة ) ادركت حماس ان المعركة مكانها ساحات المعارك وليس قاعات المؤتمرات فأعدت له عدته وجهزت له جهازه واليوم تقطف بعض ثماره ما نراه اليوم لم يبدأ من طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 وما نشاهده اليوم هو قصة انطلقت مع انطلاقة حركة حماس في عام 1987 مع الانتفاضة الأولى والتي سميت حينها بانتفاضة أطفال الحجارة كان جنود الانتفاضة أطفال فلسطين وسلاحهم الحجارة ومع انها سميت بأطفال الحجارة لغلبة استخدام الحجارة من الأطفال الا ان هناك جهودا ثورية ودبلوماسية وضغطا شعبيا رافق الانتفاضة وانتهت بالاعتراف الصهيوني الأمريكي بالحق الفلسطيني.
أطفال الحجارة من حماس الذين عاشوا طفولتهم وصباحهم ونضجهم في معارك مع العدو الصهيوني عبر الحركات الاحتجاجية والعمليات الجهادية وسجون الاحتلال اصبحوا اليوم قادتها والحجارة تحولت الى صواريخ وقاذفات تصل لعمق تل ابيب اليوم تجلس حماس على طاولة المفاوضات وتفرض شروطها.. اليوم حماس انتصرت بالمعركة وتدرك تماما بأن الطريق الذي اتخذته سيكون طويلا ومؤلما وتكلفته عالية ولكنه بالنهاية هو طريق تحقيق الهدف والوصول للغاية الكبرى وهي تحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر الى النهر وهذا ما أعلنته مرارا وتكرارا عبر بياناتها وعبر ناطقها الرسمي أبوعبيدة.
مشهد انتصارات غزة المتتالية والتي نشاهدها كل يوم يقابلها حالة انهزامية وصدمة داخل المجتمع الصهيوني من قوة الحاضنة الشعبية الغزاوية والتي لا زالت تهتف باسم حماس ومن قوة حماس التي خرجت من الانفاق بكامل عدتها وعتادها وبالروح التفاؤلية التي تعلو وجوه الناس وهم يرجعون لشمال غزة وبدخول المساعدات وبالعمل على إزالة الأنقاض.
نعم هناك خسائر بشرية من شهداء وجرحى وتدمير البنية التحتية وتهجير ولهذا المشهد أمثلة عديدة في ديننا وتاريخنا الإسلامي فعندما تعرض الصحابة للهزيمة في غزوة احد، أنزل الله فيهم قرآنا حيث قال ( ولا تهنُوا في ابْتغاء الْقوْم إن تكُونُوا تأْلمُون فإنّهُمْ يأْلمُون كما تأْلمُون وترْجُون من اللّه ما لا يرْجُون وكان اللّهُ عليما حكيما﴾
والعدو الصهيوني يتألم اليوم من الخسائر البشرية والمادية ولو لم يتألم لما لجأ للمفاوضات ولكننا نرجو من الله ما لا يرجوه الصهاينة
ولا يوجد في المعارك رابح وخاسر والكل في الحرب يعتبر خاسرا بدرجة معينة.. ولكن الفرق بيننا وبين العدو الصهيوني أن قتلانا في الجنة بإذن الله وقتلاهم بالنار.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
2406
| 26 سبتمبر 2025
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست مجرد مهارة إضافية، بل ضرورة تمس حياة كل فرد وإذا كان العالم بأسره يتجه نحو تنويع اقتصادي يخفف من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فإن قطر – بما تمتلكه من رؤية استراتيجية – تدرك أن الاستدامة الاقتصادية تبدأ من المدارس القطرية ومن وعي الطلاب القطريين. هنا، يتحول التعليم من أداة محلية إلى بوابة عالمية، ويصبح الوعي المالي وسيلة لإلغاء الحدود الفكرية وبناء أجيال قادرة على محاكاة العالم لا الاكتفاء بالمحلية. التعليم المالي كاستثمار في الاستدامة الاقتصادية القطرية: عندما يتعلم الطالب القطري إدارة أمواله، فهو لا يضمن استقراره الشخصي فقط، بل يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فالوعي المالي يساهم في تقليل الديون وزيادة الادخار والاستثمار. لذا فإن إدماج هذا التعليم يجعل من الطالب القطري مواطنا عالمي التفكير، مشاركا في الاقتصاد العالمي وقادرا على دعم قطر لتنويع الاقتصاد. كيف يمكن دمج الثقافة المالية في المناهج القطرية؟ لكي لا يبقى الوعي المالي مجرد شعار، يجب أن يكون إدماجه في التعليم واقعًا ملموسًا ومحاكيًا للعالمية ومن المقترحات: للمدارس القطرية: • حصص مبسطة تدرّب الطلاب على إدارة المصروف الشخصي والميزانية الصغيرة. • محاكاة «المتجر الافتراضي القطري» أو «المحفظة الاستثمارية المدرسية». للجامعات القطرية: • مقررات إلزامية في «الإدارة المالية الشخصية» و»مبادئ الاستثمار». • منصات محاكاة للتداول بالأسهم والعملات الافتراضية، تجعل الطالب يعيش تجربة عالمية من داخل قاعة قطرية. • مسابقات ريادة الأعمال التي تدمج بين الفكر الاقتصادي والابتكار، وتبني «وعيًا قطريًا عالميًا» في آن واحد. من التجارب الدولية الملهمة: - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: تطبيق إلزامي للتعليم المالي في بعض الولايات أدى إلى انخفاض الديون الطلابية بنسبة 15%. تجربة سنغافورة: دمجت الوعي المالي منذ الابتدائية عبر مناهج عملية تحاكي الأسواق المصغرة - تجربة المملكة المتحدة: إدراج التربية المالية إلزاميًا في الثانوية منذ 2014، ورفع مستوى إدارة الميزانيات الشخصية للطلاب بنسبة 60%. تجربة استراليا من خلال مبادرة (MONEY SMART) حسنت وعي الطلاب المالي بنسبة 35%. هذه النماذج تبيّن أن قطر قادرة على أن تكون رائدة عربيًا إذا نقلت التجارب العالمية إلى المدارس القطرية وصياغتها بما يناسب الوعي القطري المرتبط بهوية عالمية. ختاما.. المعرفة المالية في المناهج القطرية ليست مجرد خطوة تعليمية، بل خيار استراتيجي يفتح أبواب الاستدامة الاقتصادية ويصنع وعيًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الجغرافيا، قطر اليوم تملك فرصة لتقود المنطقة في هذا المجال عبر تعليم مالي حديث، يحاكي التجارب العالمية، ويجعل من الطالب القطري أنموذجًا لمواطن عالمي التفكير، محلي الجذور، عالمي الأفق فالعالمية تبدأ من إلغاء الحدود الفكرية، ومن إدراك أن التعليم ليس فقط للحاضر، بل لصناعة مستقبل اقتصادي مستدام.
2328
| 22 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
2319
| 25 سبتمبر 2025