رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أسامة محمد محمود

مساحة إعلانية

مقالات

1581

أسامة محمد محمود

الفن ضد الدمار

26 سبتمبر 2025 , 12:52ص

تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة، تتراوح بين الصدمات النفسية، والانقسامات المجتمعية، وانهيار البنى الثقافية والاجتماعية. وفي هذا السياق، يبرز الفن البصري كأداة فعّالة يمكن توظيفها للمساهمة في عمليات التعافي وإعادة الإعمار النفسي والاجتماعي. في مخيمات اللاجئين، وبين أنقاض المدن المنكوبة، نجد أطفالًا يرسمون بيوتًا وحمامات سلام، وشبابًا يعيدون رسم وجوه أحبّتهم المفقودين. لا لشيء سوى لأنهم بحاجة إلى التعبير، إلى البوح، إلى استعادة إنسانيتهم.

 يترك النزاع المسلح خلفه آثارًا مدمرة على الأفراد والمجتمعات، تتجاوز الخسائر المادية لتطول الصحة النفسية، والعلاقات الاجتماعية، والهوية الثقافية. وفي المراحل اللاحقة للنزاع، يصبح من الضروري اعتماد إستراتيجيات متعددة الأبعاد للتعافي. يُعد الفن البصري إحدى هذه الأدوات، لما يمتلكه من قدرة على التعبير، والمصالحة، وإعادة بناء الذات والمجتمع. ومع تزايد الاعتراف الدولي بالدور العلاجي والاجتماعي للفن، بدأت منظمات وهيئات دولية عديدة بإدماج الفن في برامج ما بعد النزاع. في مجتمعات ما بعد النزاع، يعاني كثير من الأفراد، خاصة الأطفال والنساء، من صدمات نفسية حادة. وبما أن التعبير اللفظي غالبًا ما يكون صعبًا أو مؤلمًا، فإن الفن البصري يوفر بديلاً آمنًا وغير مباشر للتعبير عن المشاعر والمعاناة. من خلال الرسم، أو الكولاج، أو الطين، يتمكن الأفراد من إخراج ما بداخلهم من خوف أو فقدان أو أمل، مما يفتح الطريق نحو الشفاء التدريجي. تؤدي الحروب إلى تفكيك الروابط الاجتماعية، وزرع الكراهية والانقسام. في هذا السياق، يمكن للفن أن يعمل كأداة للحوار والمصالحة، حيث توفر المشاريع الفنية الجماعية، مثل الجداريات المجتمعية أو المعارض المشتركة، مساحة آمنة تجمع أطرافًا متباينة في تجربة إبداعية موحدة. وهذا يسهم في تعزيز قيم التعاون، والتسامح، والانتماء المشترك. غالبًا ما تستهدف النزاعات الهوية الثقافية للمجتمعات، عبر تدمير المعالم، أو منع الممارسات الثقافية. إن توظيف الفن البصري في توثيق التراث، وإعادة تمثيل الرموز الثقافية، يسهم في ترسيخ الهوية الجمعية وإعادة ربط الأفراد بجذورهم الحضارية. كما تلعب هذه العملية دورًا في بناء مقاومة ثقافية تجاه محاولات الإلغاء أو التهميش. في رواندا بعد الإبادة الجماعية (1994)، استُخدم الرسم والفن المسرحي في برامج المصالحة بين الهوتو والتوتسي.

وفي فلسطين، تشتهر الجداريات كوسيلة مقاومة وتعبير ثقافي وشاهد بصري على معاناة الشعب.

وفي لبنان والعراق، أُنشئت مراكز للعلاج بالفن للأطفال المتأثرين بالحروب والنزوح. 

في مجتمعات ما بعد النزاع، لا تقتصر إعادة الإعمار على البنى التحتية، بل تشمل أيضًا بناء الإنسان، واستعادة الروح الجماعية، وتعزيز السلام الداخلي. ويشكل الفن البصري أداة فعالة لتحقيق هذه الأهداف، من خلال ما يوفره من آفاق للتعبير، والمصالحة، وإعادة الاعتبار للهوية. ومن هنا، فإن دمج الفنون البصرية في السياسات والبرامج التنموية يُعد استثمارًا طويل المدى في بناء السلام المستدام.

اقرأ المزيد

alsharq غزة.. والحلم خبزة

في مقابلة في إحدى القنوات الإخبارية ظهرت الأم الشابة التي تتحدث بألم وأسى عن الحالة التي وصلوا إليها... اقرأ المزيد

84

| 01 أكتوبر 2025

alsharq استدعاء إرث العدالة في زمن المؤسسات الحديثة

في رحاب معهد الدراسات الجنائية التابع للنيابة العامة في دولة قطر، خضتُ تجربة جميلة وجديرة بالتوثيق، إذ قدّمت،... اقرأ المزيد

126

| 01 أكتوبر 2025

alsharq ذوو الاحتياجات والدعم المطلوب

في إطار الاهتمام المتنامي الذي توليه الدولة لفئة التدخل المبكر ورعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، جاءت خطوة... اقرأ المزيد

126

| 01 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية