رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نقلت بعض الوكالات مقطعا مصوّرا، ليلة الإثنين 20/11/2023، لنقل جثمان أحد شهداء غزة للمستشفى فوق سيارة حوضية لنقل الماء!
وعند مدخل الطوارئ قال أحدهم للمصوّر: لمَنْ تُصوّر؟ وهل هناك أحد يَهْتَمّ لأمرنا؟
وهذه رسالة غزاوية مؤلمة للعالم الذي يُتابع القتل والتهجير والخراب «الإسرائيلي» عبر شاشات التلفاز، وشبكة الإنترنت، بفضل جهود المغامرين من الصحفيين والناشطين، ومع ذلك فالعالم يتفرج، ولا يتحرك لإنقاذهم!
والصحافة ليست مهنة شهرة وعلاقات على حساب الوطن والناس، بل عين الوطن والمواطن، والأداة الفاعلة لنصرة الإنسان، بعيدا عن الخنوع والمتاجرة بالقضايا العادلة المرتبطة بالوطن والناس!
وتعتبر الشجاعة والجرأة والتحمل في مقدمة الصفات الواجب توفرها بالفرق الإعلامية في أرض المعركة، وكذلك الدقة والحيادية في نقل الوقائع للعالم وسط الركام والحطام، وتحت براكين الصواريخ، وهدير الطائرات!
والرسالة الإعلامية تُعَرِّض صاحبها لأكبر الصعاب والمخاطر، التي قد تنتهي بالتغييب في السجون والاغتيال والموت!
ولعب الإعلام الميداني دورا حيويا وبارزا في نقل إرهاب «إسرائيل» للعالم، ويمكن القول إن الإعلام كان القوة الموازية للبندقية الفلسطينية في مواجهتها لهمجية «إسرائيل»!
ودفعت الأسرة الصحفية عشرات الشهداء والجرحى في معركة «طوفان الأقصى»، وكأنّ «إسرائيل» تتعمّد استهداف الصحفيين لأنهم العين الناقلة والكاشفة لجرائمها البشعة المستمرة في غزة بحق المدنيين والمرضى!
وتقطع «إسرائيل»، باستمرار، الاتصالات والمواصلات عن الكوادر الإعلامية حتى تكون جرائمها بعيدة عن الرأي العام، لكن، ومع كل المضايقات، نجحت وسائل الإعلام في نقل الحقيقة وبيان همجية «إسرائيل»!
وقد سعت بعض القنوات العالمية لكشف الحقيقة للعالم، وهذا الدور يُلجم الأصوات المشككة بالإعلام الفلسطيني والعربي، وبهذا فقد ساهمت تلك القنوات في كشف وجه «إسرائيل» الحقيقي للعالم!
وهنالك بأرض غزة اليوم أكثر من ألف صحفي ومصور من جنسيات مختلفة يعملون تحت النيران، وهم عرضة للقتل في أي لحظة، وربما، لا قدر الله، يقتلون على الهواء مباشرة!
ولغاية يوم 21/11/2023 قتلت إسرائيل (62) صحفيا، وذلك لتخوفها من التصوير المباشر لجرائمها، وبالذات من القنوات العربية والغربية التي أوقفت غالبية برامجها وانشغلت بنقل جميع أخبار غزة، وعلى مدار الساعة!
وتحاول «إسرائيل» إخلاء مسؤوليتها عن سلامة الصحفيين، وأكدت بعد الطوفان بأنه: «لا يمكن ضمان سلامة الصحفيين»!
وهذه التصريحات «الإسرائيلية» لا يمكن معها إخلاء مسؤوليتها القانونية والأخلاقية لاستهدافها المتعمد والدقيق للصحفيين والطواقم المرافقة لهم!
فمَنْ الذي يُطلق النيران، أليست هي قوات الاحتلال التي لا تفرق في ضرباتها بين خطوط المواجهات، والمناطق السكنية، والمستشفيات، ودور العبادة، والفرق الصحفية؟
واستهداف عائلة الزميل وائل الدحدوح مدير مكتب قناة الجزيرة بغزة لم يكن عبثيا، بل كانت رسالة دموية لإسكات الدحدوح وقناة الجزيرة المستمرة بنقلها للأحداث لحظة بلحظة، وعلى مدار الساعة!
وقد دفع بعض الصحفيين ضريبة مواقفهم الإنسانية لعدم تناول القنوات والصحف التي يعملون معها لأحداث غزة بحيادية وموضوعية، وقد طردوا من وظائفهم أو استقالوا بسبب مواقفهم النبيلة، وهذا قمة الموقف الصحفي المهني الأصيل!
لقد ساهمت الصحافة في تحقيق النصر الذي توج بإرغام إسرائيل على توقيع الهدنة الإنسانية، الخميس الماضي، لسحب قواتها المتورطة في أوحال غزة!
وقبل الهدنة بساعات ذكرت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن «قلقة من احتمال وصول الكثير من الصحفيين إلى غزة عقب الهدنة الإنسانية، ما سيساهم في الكشف عن المزيد من الوحشية الإسرائيلية المرتكبة هناك»!
هم يعلمون بأن الصحافة عين الناس في العالم، فهل ستحاول «إسرائيل» القضاء على جميع الصحفيين بأرض غزة للتغطية على جرائمها؟
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8859
| 09 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5634
| 14 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
5199
| 13 أكتوبر 2025