رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد أحداث أمريكا عام ٢٠٠١ م برزت ظاهرة الحرب على الإرهاب التي تزعمها آنذاك الرئيس الأمريكي بوش الابن والتي غلفها في البداية بطابع ديني صليبي عندما صرح بأن حربه على ما سماه (الإرهاب) ستكون حربا صليبية!! ولعل أحدهم أوعز إليه بأنه ارتكب حماقة كبيرة في إعلان ما ينوي فعله فحاول تبرير قوله ولكن الواقع بعد ذلك أثبت أنه كان يعني ما قال.
بوش الابن استدعى تاريخ الحروب الصليبية التي دعا إليها البابا إربان الثاني حيث أمر المسيحيين بالتوجه إلى بيت المقدس لاسترداد القدس من أيدي المسلمين، وهكذا بدأت الحرب التي استمرت مائتي عام والتي انتهت بطرد الصليبيين من بلاد المسلمين.
وفعلا بدأ بوش ينفذ حربا صليبية قذرة ضد المسلمين، بعضها كان معلنا وبعضها الآخر كان يُخطط له في الخفاء وقد كشفت الأحداث بعد ذلك بعض ما كان مخبئا ومازالت الأيام حبلى بالأحداث فالحرب التي بدأت لم تنته بعد فمازال الكثير مما يودون فعله هذا إذا سمحت لهم الظروف بفعلها.
احتلال أفغانستان ثم العراق كان بداية تلك الحرب المعلنة، ولم تكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر هي السبب فيها وإن كانت مبررا للتسريع فيها، وقد قيل الكثير عن هذه الأحداث مما لا يتسع هذا المقال للحديث عنها.
محاربة الإرهاب - كما قيل آنذاك - كانت هي السبب وراء تلك الحروب التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأرواح البريئة ومازالت أرواح المسلمين تحصد حتى الآن وكل ذلك يتم تحت غطاء مكافحة الإرهاب، وللأسف فإن بعض المسلمين يشارك في هذه الحرب بوعي أحيانا وبغباء في أحيان أخرى!!
المجتمع الدولي ومنذ ٢٠٠١ م وحتى الآن لم يضع تعريفا محددا للإرهاب رغم الاجتماعات الكثيرة التي عقدت من أجل محاربة الإرهاب، والهدف أن الدول الكبرى تريد تفصيله بحسب المقاسات التي تريدها ؛ فما هو إرهاب اليوم قد لا يكون إرهابا غدا، فالبعض يستخدم (الإرهاب) لمحاربة خصومه السياسيين، أو المطالبين بالإصلاحات السياسية أو الاقتصادية، فهؤلاء إرهابيون يجب محاربتهم وسجنهم واضطهادهم، ولأنهم (إرهابيون) فلا يجوز لأحد الدفاع عنهم، والدول الكبرى - خاصة أمريكا - تحدد مواقفها من هذه القضايا حسب مصالحها ؛ فالمتظاهرون في أوكرانيا ضد الروس محقون في مطالبهم أما المتظاهرون في بعض الدول العربية ولنفس الأسباب فهي أما أن تصمت على قمعهم أو تساعد عليه، أما ما تفعله إسرائيل من قتل وسجن وتشريد ضد الفلسطينيين فهي محقة فيه بل وتجب مساعدتها عليه!! من جانب آخر فإن مصطلح (الإرهاب) جُعل هلاميا كي يسهل استخدامه في محاربة الإسلام ومعاداة أهله؛ فبعض الدول تخشى من الاتهام بالعنصرية إذا كشفت صراحة عن عدائها للإسلام والمسلمين فلجأت - كاذبة - إلى الادعاء بأنها تحارب التطرف الإسلامي، وقد تكرر هذا الكلام على لسان قادة أمريكا وبعض قادة أوروبا، وأيضا يردده بعض المسؤولين العرب دون التمييز بين ما هو تطرف حقيقي أو تطرف مصطنع.
إن المتتبع لأحاديث الغرب عن (الإرهاب) أو ما يسمونه (تطرفا) أحيانا يجد أن هذه الاتهامات محصورة على المسلمين وحدهم دون سائر خلق الله مع أن الإحصاءات التي صدرت عن الغربيين أنفسهم تؤكد أن الغالبية العظمى ممن يمارس الإرهاب هم من الغرب ومن أمريكا، لكن هؤلاء في عرفهم ليسوا إرهابيين!! والشواهد كثيرة جدا ومنها ما يحصل حاليا من قتل آلاف المسلمين في ميانمار وسيريلانكا وإفريقيا الوسطى وغيرها، فهذه المذابح على بشاعتها لم تصنف إنها عمل إرهابي، ولم تتحرك الأمم المتحدة لإيقافها ومحاكمة مرتكبيها!! وأيضا فرنسا عندما قتلت آلاف المسلمين في مالي لم يقل أحد أنها تقوم بعمل إرهابي بل صفق لها الكثيرون لأنها كانت تحارب المتطرفين الإسلاميين، بل إن بعض الدول العربية قدمت لها مساعدات مالية من أجل ذبح المتطرفين! وعندما قام جيش مالي بعد ذلك بذبح المسلمين لم يتهم بالعنصرية أو ممارسة الإرهاب والسبب أن القتلى من المسلمين!!
من المؤكد أنهم كذبوا علينا عندما أقنعوا بعضنا بأنهم يحاربون الإرهاب وهم إنما كانوا يحاربون الإسلام والمسلمين، وفي مقال جميل كتبه معالي الشيخ صالح الحصين - رحمه الله - ونشر بعد وفاته أورد كثيرا من النصوص التي تؤكد ما ذهب إليه وهو: أن الحرب المزعومة على الإرهاب إنما حرب إيديولوجية على الإسلام، ومن النصوص التي أوردها قول وزير خارجية أميركا الأسبق (هنري كيسنجر): (إن الإسلام العربي هو العدو الجديد)، وكذلك قول وزير الدفاع في عهد بوش الابن (ديك تشيني): (الإسلام هو العدو البديل)، وأيضا فإن لجنة الحادي عشر من سبتمبر أكدت أن مصطلح الإرهاب مصطلح مضلل وأوصت بإعادة تسميته ليحوي تأكيدا إيديولوجيا أكبر ضد الإسلام. ونقل الشيخ الحصين في مقاله نصوصا تؤكد أن الحرب على الإسلام هي الهدف النهائي من كل ما يقال إنه حرب على الإرهاب.
المجتمع الدولي عامة وأمريكا على وجه الخصوص - وهي أكثر دولة تتحدث عن الإرهاب – لا يعني لهم الإرهاب شيئا إلا إذا مس مصالح دول بعينها أو مصالحهم بشكل خاص، فمثلا: قتل بشار الأسد عشرات الآلاف من السوريين مستخدما الأسلحة المحرمة دوليا كما هجر الملايين ومع هذا لم يقل المجتمع الدولي إنه قام بعمل إرهابي، كما أن أمريكا لم تتخذ أي إجراء ضده بل إنها ضغطت على كل الدول التي كانت تنوي تقديم المساعدات العسكرية للثوار لمنعهم من ذلك، فعلت كل ذلك من أجل إسرائيل، وأيضا كي لا يصل الإسلاميون إلى السلطة، وفي العراق مارست الدور نفسه فسكتت عن إرهاب المالكي لأنه صنيعتها، وهكذا نجد الشيء نفسه يتكرر في كل بلد يقتل فيه المسلمون، فلا أمريكا تصف القتلة بالإرهابيين ولا أوروبا تستنكر ما يحدث لهم وبالتالي لا أحد يتدخل لحمايتهم.
الغرب والأمريكان مثلهم ومنذ فترة طويلة جعلوا من الإسلام عدوا لهم - خاصة الذي أطلقوا عليه الإسلام السياسي - وقرروا محاربته بكل طاقتهم ولكن بصورة لطيفة تجعل الآخرين يتقبلون فكرة محاربته، كما تجعل شعوبهم - أيضا - تقتنع بما يقومون به؛ فعندما يصفون المسلمين بالتطرف وأن أعمالهم تلحق الأذى بأمريكا والغرب عندها تقتنع غالبية شعوبهم بجدوى حرب أولئك المتطرفين حتى وإن كانوا في أقصى الأرض، أما قادتهم فلا يعنيهم إلا تحقيق أهدافهم في محاربة الإسلام الذي قرروا اتخاذه عدوا لهم!! ومن هنا لا نستغرب كيلهم بمكيالين في موقفهم من الإرهاب ومن يقوم به!!
الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي كله وفي دول الخليج بشكل خاص لقيت من الأمريكان حربا شعواء، فاتهموا الجمعيات والقائمين عليها بأنها تدعم الإرهاب، ولفقوا لبعضهم تهما كاذبة ليجدوا مبررا للضغط على دولهم لإغلاقها، كانوا يعرفون أنهم يمارسون أسوأ أنواع الكذب ولكنهم كانوا يهدفون إلى تجفيف منابع الخير والدعوة إلى الإسلام فقالوا كذبا: إنهم يريدون تجفيف منابع الإرهاب!! أما جمعياتهم التي تنفق المليارات على تنصير المسلمين وبأبخس الطرق فهي تسرح وتمرح في معظم أنحاء العالم ولم يصفها أحد منهم أنها تقوم بعمل إرهابي أو تدعم الإرهاب!! وهكذا نجد الشيء نفسه لكل الجمعيات الأخرى التي تتبع كل الأديان والملل الأخرى تتحرك بحرية تامة وتتلقى الدعم الذي تريده وبحرية تامة.
أعتقد أن الأمريكان ومن يدور في فلكهم يعرفون تماما أن قهر الشعوب والاستيلاء على مقدراتها وكبت حرياتها هو الذي يقود إلى الإرهاب، كما أن الاستعمار - على غرار ما تفعله إسرائيل - هو الذي يجعل الشعوب تقام مستعمرها بكل الوسائل التي تملكها، لكنهم لا يريدون الإقرار بذلك لأنه لا يحقق مصالحهم في استغلال مقدرات الدول الإسلامية، وإذا كنت أعتقد أنهم يمارسون عملا إرهابيا ضد عالمنا العربي - خاصة - والإسلامي - عامة - فإنني أعتقد أن الساكت عن مقاومة ما يفعلون يمارس إرهابا بحق بلاده أسوأ من إرهابهم.
خدعونا طويلا بحديثهم عن الإرهاب والتطرف الذي يمارسه المسلمون وحدهم من دور سائر البشر، وكذبوا علينا كثيرا، صدقهم البعض وكذبهم البعض الآخر، وجاء الوقت لنقول لهم: كفى كذبا وخداعا، نعم بعض المسلمين يقومون بعمل إرهابي، والمسلمون هم أول من ينكره ويتصدى له، وحتى ما حصل في أمريكا في ٢٠٠١ م بادر المسلمون إلى إنكاره وشجب فاعليه ولكن الإرهاب ليس منتجا إسلاميا حتى يوصم به المسلمون وحدهم به، واتخاذه ذريعة لاستغلال بلادهم ومحاربة دينهم يجب أن يتوقف، ولن يوقفه إلا وعي الشعوب العربية والإسلامية بهذه المخططات واتحادها جميعا من أجل وقفها.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4353
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2289
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2250
| 10 ديسمبر 2025