رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد سكون وصمت طويلين خرجت أمريكا لتبشر عالمنا العربي بأنها ستقود حلفا عالميا لمحاربة إرهاب داعش في العراق!! كما أعلنت في الوقت نفسه أنها ستقف إلى جانب الفصائل السورية المعتدلة لكي تمكنها من مقاتلة داعش في سوريا وكذلك مقاتلة جيش الأسد، ولكنها أكدت أن حربها وحلفاءها مع داعش قد تطول عدة سنوات!!
صنّفت أمريكا وغيرها (داعش) أنها منظمة إرهابية - ونتفق معها في هذه التصنيف - كما أكد وزير خارجيتها (جون كيري) أن داعش تمارس أعمالا لا تتفق مع الإسلام، وأيضا نتفق مع جون على ما قاله، وقد قلته قبله ومرارا، ولكن هناك قضايا يصعب علينا فهمها وتحتاج من الرئيس أوباما ووزير خارجيته إلى توضيحها ليس لي وحدي بل لكل المسلمين في العالم فهم مثلي في أمس الحاجة لفهم بعض المصطلحات الأمريكية الغامضة!!
أولا: مصطلح الإرهاب أخذ زخما عالميا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقد اتكأ عليه الأمريكان لتبرير احتلالهم لأفغانستان والعراق، ولأنهم يحاربون الإرهاب - كما يدعون - فليس هناك مايمنعهم من قتل أكثر من مليون مسلم وجرح وتشريد أضعاف هذا العدد، ومنذ أحداث عام ٢٠٠١م - وقد قيل عن هذه الأحداث ما قيل - حاول الكثيرون وفي اجتماعات كثيرة جعل الأمريكان يحددون بدقة معنى مصطلح الإرهاب لكنهم عجزوا عن ذلك!! فالأمريكان رفضوا مرارا طرح معنى دقيق للإرهاب لتبقى لديهم القدرة على تكييف المعنى وإنزاله على الواقع كما يريدون، ولهذا رأينا أن هناك تناقضات كثيرة يستحيل فهما في هذا الاتجاه ؛ فداعش إرهابية لأنها قتلت مئات الأبرياء وبدأت تتمدد هنا وهناك على حساب الآخرين، ولكن هناك كثيرون فعلوا أسوأ مما فعلته داعش ولم نر أن أمريكا تحركت لقتالهم أو حتى وصفهم بالإرهابيين!! ومن هؤلاء: بشار الأسد الذي قتل أكثر من مائتي ألف وشرد بضعة ملايين، ومنهم مجموعة من الميليشيات الشيعية في العراق منها: عصائب الحق وفيلق بدر وغيرها، وأيضا الحوثيون في اليمن، وحكومة بورما التي قتلت الآلاف وغيرها من الدول والجماعات فكل هؤلاء لا تنطبق عليهم مواصفات أمريكا للإرهاب والإرهابيين ويبدو أن السبب هو أن القتلى هم من المسلمين السنة!!
ثانيا: قرر الأمريكان ومن تحالف معهم على مساعدة ودعم المعارضة المعتدلة في سوريا!! ومرة أخرى من هي المعارضة المعتدلة؟ وما هي مواصفات الاعتدال التي تجعلنا نعرف ببساطة أن هذه جماعة معتدلة وأن غيرها لا تنطبق عليه مواصفات الاعتدال؟!
هذا الغموض - وهو مقصود دون شك - يصب في مصلحة أمريكا تماما وذلك مثل مصلحتها في جعل مصطلح الإرهاب غامضا!! الجميع سوف يتساءل: من هي الجماعات المعتدلة حاليا في سوريا وما هي ميولهم السياسية وما هي علاقتهم بأمريكا ومتى بدأت؟!!
طبعا لا أحد سيجد إجابة واضحة على هذا السؤال لأن أمريكا وحدها هي من تعرف الإجابة وهي من تحدد معنى الاعتدال، ولكن هناك بعض تسريبات من داخل سوريا تقول: إن هناك حوالي إثني عشر جماعة يمكن لأمريكا اعتبارها معتدلة منها: حركة حزم وجبهة ثوار سوريا وصقور جبل الزاوية وجماعات أخرى شبيهة في توجهاتها بالجماعات التي أشرت إليها. وقيل إن هناك علاقات بين هذه الجماعات وبين أمريكا بشكل أو بآخر!!
إذن فأمريكا ستتعاون مع جماعات معتدلة داخل سوريا ولكن ماذا ستفعل هذه الجماعات بحسب الرؤية الأمريكية؟ قيل: إن عليها أن تحارب داعش في سوريا!! وقيل: إن أمريكا ستعطي سلاحا - ذو مواصفات خاصة - لهؤلاء المعتدلين كي يقاوموا نظام الأسد!! والواضح من مواصفات ذلك السلاح أنه لا يراد منه القضاء على نظام الأسد بل إطالة الحرب لهذه سنوات كما ذكر الرئيس الأمريكي ووزير دفاعه!!
الواضح لي أن أمريكا ضخمت وبصورة هائلة قوة داعش ؛ فماذا تملك داعش من العدد والعدة مقارنة بأمريكا وحدها؟! فكيف بأربعين دولة مجتمعة وقد يزيد هذا العدد مستقبلا!! وهل ستصمد داعش عدة سنوات أمام هذه القوى كما قال القادة الأمريكان؟! ثم لماذا تشددت أمريكا ضد داعش العراق وتساهلت كثيرا أمامهم في سوريا ومعروف أنهم قد ينسحبون في أي لحظة إلى الداخل السوري ثم يعودون متى ما رأوا الفرصة سانحة إلى العراق!!
الأمريكان يعرفون قبل غيرهم أن داعش لا تشكل خطرا عليهم فماذا بقدرتها فعله تجاههم وهي لا تملك من مقومات القوة شيئا يعتد به؟! إن الذي أرجحه أن أمريكا بحاجة إلى المال فوجدت في هذه الحرب وفي إطالتها فرصة سانحة لتحقيق تلك الحاجة، هذا بالإضافة إلى أن أمريكا ومنذ سنوات طويلة وهي تحارب وبوسائل متعددة الإسلام السني المعتدل، وهذه الحرب هي التي تسببت وبصورة كبيرة إلى نشوء مسلمين غلاة متطرفين، والصورة الأوضح تبدو في سوريا، فلم تظهر أي جماعة متطرفة إلا بعد مدة طويلة من بداية الثورة وبعد أن صمتت أمريكا طويلا على جرائم الأسد بل ولم تسمح آنذاك بتسليح الثوار السوريين المعتدلين وكان فعلها من أهم أسباب نشوء التطرف في سوريا ومثلها العراق مع بعض الفوارق.
مجموعة كبيرة من علماء العراق وسوريا ومن مثقفيهم رفضوا التدخل الأمريكي ومن معهم في العراق أو في سوريا وأكدوا أن هذا التدخل سيزيد التطرف في كلا البلدين، كما أكدوا أن كل ما سيفعله الحلف هو قتل قلة من داعش وكثرة كثيرة من الأبرياء على غرار ما يحدث في أفغانستان والعراق واليمن وهذا هو الذي يوجد الغلاة والمتطرفين.
إن من مصلحة الفصائل السورية أن توحد جهودها ضد هدفها الذي قامت من أجله كي لا تترك فرصة لمن يتدخل في شؤونها، وعليها الابتعاد عن الغلو والغلاة، أما أمريكا واتحادها فعليهم معرفة أن عدم عدالتهم ستبقي الغلو مستمرا في المنطقة وإذا كان لأمريكا مصالح خاصة فعليها أن تحققها بغير إراقة دماء المسلمين سواء في العراق أم في سوريا.
خيركم
يا لجمال الخير وأصحابه! من منا لا يحب الخير ؟ ومن منا لا يحب أن يترك أثراً من... اقرأ المزيد
186
| 11 ديسمبر 2025
النضج المهني
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش... اقرأ المزيد
555
| 11 ديسمبر 2025
مرحبا بكل من يحترم مجتمعنا
تعيش قطر هذه الأيام بطولات رياضية كبرى وهي كأس العرب فورميلا 1 وكأس الخليج تحت 23 سنة، بالإضافة... اقرأ المزيد
132
| 11 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4335
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2181
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
1950
| 10 ديسمبر 2025