رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أكتب هذا المقال «من المسافة صفر»، بين القلم والورقة.
أكتبه عن الوساطة القطرية، التي يتم إنجازها على طاولة التفاوض، من المسافة صفر، بين طرفي أكثر الصراعـات ضراوة، وأشـــدها قساوة في منطقتنا العربية.
وأكثر الصدامات عنفاً، وأقواها بأساً في الأراضي المحتلة.
وأكثر النزالات مشاكسة، وأعلاها مشاحنة في الشرق الأوسط
وأكثر الحروب الإسرائيلية دموية، وأشدها وحشية، وأبشعها همجية، ضد الإنسان الفلسطيني، المستهدف في قطاع غزة، وسائر المخيمات الفلسطينية.
وفي خضم هذه الأوضاع المأساوية، وأتون هذه الظروف غير الإنسانية، تسعى قطر، بمشاركة بقية الوسطاء، لإنهاء الحرب البربرية الصهيونية، التي تستخدم فيها إسرائيل، سلاحاً فتاكاً، يتمثل في استغلال احتياجات المدنيين الضرورية، واستخدامها كورقة مساومة تفاوضية، لإجبار حماس على قبول شروطها، ومنها حاجة الفلسطينيين الأبرياء، إلى الماء والغذاء والكهرباء والدواء. ولمعالجة هذا الداء الإسرائيلي، تواصل الدبلوماسية القطرية وساطتها بكل إصرار، وتستأنف جهودها بكل اقتدار، من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، يسمح بإزالة آثار الدمار، والبدء في مشاريع الإعمار.
وفي سياق هذا المسار، لا يمكن لأحد إنكار الجهود القطرية، لتجاوز جميع الأضرار، التي أثقلت كاهل المواطن الفلسطيني، المستهدف في قطاع غزة.
وهذه حقيقة مؤكدة، أكتبها بكل إكبار، بعيداً عن التلوين فيها، أو التهوين في أهميتها، أو التهويل في تأثيرها، أو التضخيم في قيمتها، أو التفخيم في قيمها.
إنها الوساطة القطرية، من المسافة صفر، لتسوية أكثر الملفات تعقيداً بين حركة حماس، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، التي عقدت مفاوضاتها المعقدة، في عاصمة المساعي الحميدة والجهود الحثيثة.
هنا في الدوحة، عاصمة الوساطة النزيهة، تم تدشين المفاوضات أكثر من مرة، من المسافة صفر، لمعالجة الملف الشائك، وتسوية الملف المتشابك، المتعلق بإطلاق سراح الأسرى، والإفراج عن المحتجزين لدى الطرفين.
وآخرها المفاوضات، التي تمت بمشاركة «ستيفن ويتكوف»، المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، الذي حمل خلال زيارته العديد من الأفكار، من أجل ديمومة وقف إطلاق النار.
وفي هذا الإطار، فإن ما يثير الإعجاب- ولا أقول التعجب- أن حماس، لم تتزحزح عن موقفها الوطني، قيد أنملة، ولم تفرط في حقوق الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال مليمتراً واحداً.
لكنها من أجل إنعاش «اتفاق غزة» المهمش من الجانب الإسرائيلي، وحرصاً على إعادة الاتفاق إلى مساره الصحيح، عبرت عن استعدادها لإطلاق سراح الجندي «عيدان الكسندر»، مزدوج الجنسية الإسرائيلية ـ الأمريكية، في إطار «صفقة استثنائية»، إذا التزمت إسرائيل بتنفيذ بنود الهدنة الهشة، في القطاع المهشم.
إضافة إلى تسليم رفات عدد من أصحاب الجنسية المزدوجة.
* وبعيداً عن المواقف المزدوجة، والسياسات اللزجة تحرص قطر، خلال مساعيها الحميدة، ووساطتها المحايدة، على الوقوف عند نقطة المنتصف، على طاولة الحوار التفاوضي، دون محاباة هذا الطرف، أو الانحياز لذلك الطرف، حرصاً على تجاوز مرحلة العقدة، ومعالجة التعقيد في القضية، وتخطي الموقف المعقد في ملف الوساطة.
إنها الوساطة القطرية، التي تمتاز بالوسطية، حيث يقف الوسيط القطري في منطقة الوسط، بين الطرفين المتنازعين، لفض النزاع، دون الانخراط في الصراع، بما يساهم في صناعة السلام.
وخلال مراحل هذه الوساطة، المتعددة في أشكالها، والمتنوعة في أساليبها، لعبت قطر ـ كعادتها ـ دور رجل الإطفاء، الذي يسعى بكل حرص على إطفاء نيران الحرب، التي أحرقت الكيان، وهدمت البنيان ونالت من الإنسان الفلسطيني، وضمان عدم اشتعالها مجدداً في أي زمان أو أي مكان آخر في قطاع غزة.
ونصل إلى العنوان البارز في المفاوضات، الذي يتمثل في محاولات الاحتلال، أن يحقق على طاولة التفاوض، ما عجز عن تحقيقه بالغارات، وما أطلقه من اعتداءات، ونفذه من هجمات!
ولهذا يلجأ إلى ممارسة الضغوط غير الإنسانية، لإجبار الفلسطيني على الاستسلام، دون الالتزام بمبادئ السلام العادل والدائم والشامل، وهذه خلاصة الكلام.
* ولعل من أبشع الضغوط الصهيونية، فرض التجويع على الجميع، وقطع الكهرباء عن الجموع، وقطع إمدادات الماء عن المجاميع.
ولن نستغرب أن تحاول حكومة التطرف الإسرائيلي، قطع الأوكسجين من الهواء، لحرمان الفلسطينيين من التنفس!
ورغم استهداف الأنفس، ومحاولات قطع الأنفاس، يبقى الإنسان الفلسطيني مقاوماً، لكل أشكال الإذلال، وكل أنواع الموت تحت براثن الاحتلال.
ومنها الموت جوعاً، أو الموت عطشاً، أو الموت برداً، أو الموت حرقاً، أو الموت قهراً، أو الموت فقراً.
وهكذا، هي الأحوال في غزة، التي تعاني من الأهوال، لكن إنسانها المقاوم لم ينكسر، أمام تسلط الاحتلال، الذي فشل في كسر المقاومة، وعجز عن تحقيق أهدافه، سواء بالخطط العسكرية، أو المؤامرات السياسية، أو المباحثات التفاوضية، أو التهديدات الأمريكية.
ووسط هذه الضغوط، وكل هذه الظروف، تتواصل الوساطة القطرية، بمشاركة الوسطاء الآخرين، دون إغفال الجهد الدبلوماسي الكبير، الذي تبذله الشقيقة الكبيرة مصر، في هذا السياق- ولا أقول السباق- للإفراج عن الأسرى والمحتجزين.
* وما من شك، في أنه مع الإفراج عن كل أسير فلسطيني، وإطلاق سراح كل محتجز إسرائيلي، خلال عمليات التبادل، يبرز دور قطر، التي تسعى لفتح أبواب الحرية، للسجناء والمعتقلين والمحتجزين، دون أن يكون لدولتنا أي أجندة سياسية خاصة، أو أطماع خصوصية خالصة.
ويكفي أن الأطراف المنخرطة في الحرب الإسرائيلية، على غزة، والدول الداعمة لها لوجستياً، لم تجد بداً من اللجوء إلى قطر، للقيام بدور الوساطة، باعتبارها تجسد دور الوسيط النزيه.
وهكذا بعد مرور أكثر من 15 شهراً على الطوفان الفلسطيني، الذي كشف عورات الطغيان الإسرائيلي، تظهر قطر في المشهد التفاوضي، كوسيط موثوق به، لا مثيل له، لا بديل عنه، لا تشكيك في نزاهته، لا طعن في حيادته.
ولعل ما يميز الوساطة القطرية، أن الدوحة، تمكنت من فهم فيزياء الطرف الفلسطيني، وتحليل كيمياء الطرف الإسرائيلي، وتفكيك طلاسم «لوغارتيمات» الإدارة الأمريكية، المنحازة إلى أبعد درجات الانحياز إلى إسرائيل.
وهذا ما نعيشه الآن واقعياً، ونتابعه عملياً، ونراقبه ميدانياً، ونشهده تفاوضياً، خلال الوساطة التي تقوم بها قطر، من المسافة صفر، لوقف الحرب على غزة نهائياً.
ومن أجل ذلك، تبذل الدوحة كل مساعيها، لتضييق الفجوات، وردم الثغرات، وإزالة العقبات، وتبريد الملفات، المطروحة على طاولة المفاوضات.
* ولا يخفى، على أي مراقب دبلوماسي، أو ناشط سياسي، أو متابع إعلامي، الدور الإيجابي الذي لعبته قطر، لوقف العدوان الصهيوني الوحشي، منذ إطلاق الصاروخ الإسرائيلي الأول على قطاع غزة، من خلال مساعيها الحثيثة، وجهودها الحميدة، ودبلوماسيتها النشيطة.
وهذا الموقف القطري، المستند إلى مواد القانون الدولي، تسبب في استهداف قطر، بالعديد من حملات التحريض الصهيوني المتواصل، التي حركتها حكومة العدوان الإسرائيلي، مما أوجد مناخاً عدائياً ضاغطاً على الوساطة القطرية، من خلال التشكيك في نزاهتها، والطعن في حيادتها حتى أن صحيفة «هآرتس» العبرية، اعترفت، بأن وزارة الخارجية الإسرائيلية أعدت خطة في بداية حرب الإبادة على غزة «لتشويه صورة قطر والتشهير بها».
وقالت الصحيفة إن الخطة حظيت بموافقة وزير الخارجية آنذاك.
وذكرت أنه «في بداية الحرب أعدت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة لتشويه اسم قطر وتقويض مكانتها».
ورغم الاتهامات الباطلة، والادعاءات الكاذبة، بأن الدوحة تدعم «الإرهاب الفلسطيني»، فقد عملت قطر بلا كلل، وباشرت بلا ملل، وبادرت بلا وجل، وركزت على العمل، وتعلقت بخيوط الأمل، من أجل التوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة.
* وفي هذا السياق، أتوقف عند تصريحات معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية في مقابلته مع الإعلامي الأمريكي «تاكر كارلسون»، التي أكد فيها، أن قطر، تعرضت لحملات تشويه كثيرة، وحملات تشكيك كثيرة، بسبب موقفها الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، وموقفها الرافض للعدوان على الفلسطينيين.
ولا أكشف سراً، عندما أقول إن قطر، تعرضت إلى حملة كبرى، على نطاق عالمي، بمستوى عالٍ، ونسق عدواني، شاركت فيها مواقع إلكترونية مشبوهة، تم خلالها نشر مئات الإعلانات التحريضية، والمواد التشهيرية، عبر منصة فيسبوك، وغيرها من التطبيقات الإلكترونية، مثل يوتيوب، وتيلجرام، ومنصة إكس وغيرها.
* وكان الهدف الشيطاني، من هذه الحملات التي وصلت إلى أكثر من 40 مليون متابع حول العالم، جعل إدارة الوساطة القطرية، أكثر صعوبة من خلال الضغط الهائل، على الوسيط القطري، لإفشال جهود قطر في الوساطة!
وتم خلال تلك الحملات المضللة، استخدام آلاف الصفحات، لتمرير أكثر من (900) إعلان سياسي مناهض للدوحة، يدعو الكثير منها إلى عزل قطر سياسياً، ويتهمها بدعم «الإرهاب»!
والملاحظ، أن الحملات الأشد ضراوة ضد قطر، كان يقودها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وتحركها جماعات الضغط الأمريكية المتحالفة مع إسرائيل.
وكانت تستهدف الدوحة بانتظام، بأسلوب لا يخلو من الانتقام، بالتزامن مع جهود قطر الشاقة- ولا أقول الشيقة- في الوساطة المتشابكة، لوقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.
وكان أصحاب الحملات المسعورة، يحاولون تعزيز الأجندات «الجيوسياسية» ضد قطر، وإثارة الشكوك حولها، وتحريك المخاوف ضدها، وتوجيه المزاعم حول سجلها القومي، وموقفها الأخوي، وخطها القانوني، ودورها الإنساني المدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ودعمها الثابت للقضية الفلسطينية.
* لكن قطر، حرصت على رصد الحملة الأكبر من نوعها، والأخطر ضدها، من خلال الاستشعار الدقيق لها، وفهم أسبابها، وكشف أهدافها، وتحديد الأطراف المسؤولة عن تحريكها، وتقييم نتائجها، التي تمثلت في استهداف الدور المتنامي للدبلوماسية القطرية إقليمياً، والتأثير المتصاعد لها دولياً.
ولأن الدبلوماسية القطرية، ترتبط بمجموعة من الثوابت الرافضة للتشكيك، وغير القابلة للانتقاد أو المستعدة للانقياد، فقد نجحت قطر في تجاوز حملات التشكيك.
ولأن الوساطة القطرية، تتضمن مجموعة من القيم والمبادئ القانونية، غير القابلة للتخوين أو التخويف، أو التخفيف من قيمتها، فقد تمكنت الدوحة، من التعامل الفوري، مع الظروف المتغيرة، والأمور المستجدة، والمواقف المتقلبة، على طاولة التفاوض.
وما من شك، في أن الاستقرار السياسي، الذي تنعم به قطر، بالإضافة إلى الازدهار الاقتصادي الذي تتمتع به، إلى جانب التلاحم الشعبي، الذي تمتاز به، كل هذا ساهم في تعزيز مكانة الدوحة، كوسيط دولي موثوق، وطرف حيادي مرموق.
*وبفضل هذه الامتيازات الفريدة من نوعها أصبحت دبلوماسية الوساطة متجذرة في النسيج السياسي القطري.
ونظراً لأهمية هذا المبدأ، فقد تم تثبيته في التعديلات الدستورية، التي تم إقرارها، خلال الاستفتاء الشعبي، الذي نظم في السادس من نوفمبر الماضي.
وبهذا أصبحت الوساطة، من صميم المادة السابعة من الدستور، بما يتفق مع دور قطر، في حل النزاعات، بالطرق السلمية، السليمة، وما يستلزمه ذلك من الحفاظ على علاقات قطرية متوازنة، مع جميع الأطراف، بعيداً عن التطرف مع أو ضد أي طرف.
ولأن الوساطة- ولا أقول الواسطة ـ أصبحت من ركائز العقيدة السياسية، للدبلوماسية القطرية، فإنني أدعو الجيل الجديد، من شباب وشابات قطر إلى حفظ المادة السابعة من الدستور الدائم، لأنها تشكل رافعة النجاحات التي تحققها البلاد، في مجال الوساطة النزيهة، الموثقة دستورياً، المؤكدة سياسياً، المؤيدة شعبياً، المميزة وطنياً.
وخصوصاً بعدما أصبحت ترتكز على أسس دستورية غير قابلة للتأويل، أو التحويل، أو التعديل، أو التبديل، والتضليل.
وهذا كله يمنح كل قطري الشعور بالفخر، بسبب توجه قطر لصناعة السلام في المنطقة، بما يدعم استقرارها، من خلال حرصها على فض النزاعات، بدلاً من الانخراط في الصراعات.
* ولكل هذا، ليس من قبيل المبالغة، ولا من متطلبات البلاغة، الإشادة بالوساطة القطرية، لكن من خلال هذا البلاغ الصحفي، أود التأكيد مجدداً أن قطر، من خلال مساعيها الحميدة ووساطتها المحايدة، نجحت في توفير منصة تفاوضية مباشرة، بين حركة حماس والإدارة الأمريكية.
وهذا الحدث السياسي غير المسبوق، يستوجب الحديث الإعلامي عنه، كما له من دلالات لا يمكن تجاهلها، بعد اقتناع الولايات المتحدة، بالتفاوض المباشر، مع حركة المقاومة الإسلامية، التي تصنفها واشنطن منذ عام (1997) بأنها جماعة «إرهابية».
ومن الواضح، أن الرئيس ترامب، صاحب المواقف المتقلبة، أظهر استعداده للخروج من القواعد السابقة، المعمول بها في بلاده، ضد حركة حماس، لسبب وحيد، يتمثل في رغبة سيد البيت الأبيض، إنهاء أزمة المحتجزين، بشكل يمنحه مكاسب سياسية، يظل طوال حياته يتفاخر بها، ويتباهى بإنجازها وهو يلعب الجولف، بحكم شخصيته التي تتورم فيها عقدة «الأنا»، وتتضخم داخله، حول تمجيد الذات وفي إطار هذا «الانتفاخ» يريد ترامب أن يرجع له الفضل وحده فقط، في الإفراج عن بقية المحتجزين، خصوصاً بعدما سئم من ألاعيب نتنياهو، الذي يعتمد على المماطلة، في تنفيذ استحقاقات اتفاق الهدنة، وتخريب المرحلة الثانية من الاتفاق.
وهذا الأمر، تسبب في إحراج صاحب «النتانة» أمام الرأي العام الإسرائيلي، وأجبر حكومته على المشاركة، في المفاوضات الأخيرة، التي عقدت في الدوحة.
والمفارقة الفارقة، أن المفاوضات المباشرة التي أجرتها حماس مع الإدارة الأمريكية، من المسافة صفر، أثارت حفيظة السلطة الفلسطينية بدلاً من الترحيب بها!
تماماً مثلما أثارت استياء الحكومة الإسرائيلية، التي تريد السيطرة، على المشهد التفاوضي، وتحديد مساراته، وتوجيهه وفقاً لشروطها وبناء على مصالحها، دون أدنى اعتبار، لحقوق الشعب الفلسطيني.
ولهذا لم تحظ المفاوضات «الأمريكية ـ الحماسية»، بقبول إسرائيل، التي اعتبرتها طعنة في ظهرها.
لكن ما يثير الغرابة، في هذه اللحظة المصيرية، وهذه الظروف المفصلية، هو غضب السلطة الفلسطينية ـ غير المبرر ـ من التفاوض «الحماسي» المباشر، مع الإدارة الأمريكية!
علماً بأن «منظمة التحرير»، هي التي ابتكرت التفاوض السري مع «الأعداء»، عندما قررت التواصل التفاوضي، بشكل سري مع إسرائيل، تمهيداً لتوقيع «اتفاقية أوسلو» في الثالث من سبتمبر عام 1993.
ولإنجاز هذه الاتفاقية الناقصة، لم تتشاور «المنظمة» مع أي طرف فلسطيني، ولم تنسق مع أي طرف عربي حول ترتيبات الحكم الذاتي، المحكوم بتوجهات وتوجيهات وقيود إسرائيل.
لكنها فعلت كل ذلك، بعد سلسلة من المحادثات السرية، التي انطلقت في العاصمة النرويجية أوسلو عام 1991، والتي تؤكد في مضمونها، وتشكل في تفاصيلها، نوعاً من «التخابر» مع جهات أجنبية.
*صحيح أن «المنظمة»، ـ ذات الأوضاع غير المنظمة ـ هي «الممثل الشرعي»، لكن ينبغي تحديد أي نوع من «التمثيل» تجيد القيام به، هل هو «التراجيدي»، أم «الميلودرامي»، أم البوليسي، أم الكوميدي؟
ولا أريد القول، إن «السلطة»، أصبحت متسلطة، لكن تثبت الأحداث المتلاحقة، منذ السابع من أكتوبر، أن السلطة تحولت إلى «سلاطة»، ولا ينقصها سوى «الفتوش»، ولا أقصد «الفنكوش» الذي ربما تجده تحت أنقاض غزة.
وربما ما زالت تبحث عنه، لإلقاء القبض عليه، وتسليمه إلى حكومة التطرف الصهيوني، في إطار «التنسيق الأمني» مع إسرائيل، خفضا للتوتر، ومنعا للمواجهة الشاملة، (على حد قولها) وليس - لا سمح الله- لحلها، وتفكيكها، وإسقاط حكمها، الذي تثبت الأحداث أنه يخلو من الحكمة!
عينُ المحتل الثالثة
(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ).. هذه الآية الكريمة كانت أول ما قفز... اقرأ المزيد
108
| 10 ديسمبر 2025
ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى واقع ملموس 1 - 2
العنوان كان شعار “منتدى الدوحة“ الأخير في دورته 23، وأحيي نباهة الاخوة المسؤولين في دولة قطر وحكمتهم في... اقرأ المزيد
90
| 10 ديسمبر 2025
ومرت سنة على سـوريا
سنة منذ أن خُلع بشار الأسد، وسنة منذ أن تنفس السوريون الحياة، وسنة منذ أن ظهر للعالم بأن... اقرأ المزيد
84
| 10 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4254
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2019
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1785
| 04 ديسمبر 2025