رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تشهد الولايات الواقعة على الحدود مع سوريا والعراق، أي شرقي وجنوب شرقي تركيا، منذ نحو شهر حتى الآن، وقوع عمليات إرهابية مكثفة.
ومنذ إعلان منظمة "بي كا كا" الإرهابية إنهاءها لوقف إطلاق النار في 11 يوليو 2015، وعودتها مجددًا لتنفيذ عمليات إرهابية مسلحة، قتل عدد كبير من المواطنين بمن في ذلك عناصر في قوات الأمن.
وفي خضم هذه الأحداث، أجرى جناح الاتصالات التابع لمنظمة "بي كا كا" أنشطة دعائية واسعة النطاق، داخل تركيا وخارجها، ونظم حملات كبيرة لتوجيه الرأي العام.
وهنا، يمكن تلخيص الأحداث الأخيرة التي شهدتها تركيا تحت العناوين التالية:
1- هل الحكومة هي الجهة التي أنهت عملية السلام الداخلي؟
اتخذت الحكومة التركية خلال فترة عملية السلام الداخلي التي استمرت لمدة عامين، خطوات جادّة وتاريخية، من أجل ضمان حقوق المواطنين الذين ينتمون للإثنية الكردية، وإزالة المشاكل الاجتماعية المتعلقة بهم، وطبقت مجموعة من الإصلاحات، أبرزها رفع القيود التي كانت مفروضة على اللغة الكردية، وإنشاء وسائل إعلام باللغة الكردية، وافتتاح أقسام في الجامعات تدرس بالكردية، وقد تواصلت سلسلة الإصلاحات حتى شملت الاعتراف باللغة الكردية في المؤسسات القضائية وقبول الترافع والدفاع بها في المحاكم التركية، وفي المقابل طلب من منظمة "بي كا كا" ترك السلاح وسحب مقاتليها إلى خارج البلاد.
رفضت منظمة "بي كا كا" تلك المطالبات، وعملت خلال تلك الفترة على تكديس الأسلحة والمواد المتفجرة في مخابئها، وتفخيخ الطرقات من أجل تفجيرها لاحقًا.
وفي نهاية المطاف، طالبت الحكومة التركية المنظمة بإلقاء السلاح واتخاذ الخطوات اللازمة، فجاء رد المنظمة عبر التلويح باستخدام السلاح، وتنفيذ ذلك بشكل فعلي عقب الانتخابات العامة التي جرت في 7 يونيو الماضي.
أعلنت منظمة "بي كا كا" من خلال بيان مكتوب نشرته بعد 4 أيام فقط من انتهاء الانتخابات العامة - أي في 11 يونيو الماضي – عن إنهائها لاتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة التركية.
واعتبرت المنظمة أن المشاريع التي قامت بها الحكومة التركية في المناطق الشرقية مثل المطارات والطرق السريعة تشكل تهديدًا عليها، وصنفتها ضمن قائمة الأهداف.
تسلل مسلحون من المنظمة الإرهابية في 22 يوليو الماضي، إلى منزل اثنين من رجال الشرطة، وقلوهما عندما كانا نائمين في منزلهما بولاية "شانلي أورفة"، وبلغ عدد عناصر الأمن الذين قتلوا من قبل المنظمة حتى 10 سبتمبر الجاري، 115 رجل أمن، كما لقي 25 مواطنًا مدنيًا مصرعهم على يد مسلحي المنظمة، وفي المقابل، لقي 125 إرهابيًا من عناصر المنظمة مصرعهم، وقصفت الطائرات الحربية التركية مواقع تابعة للمنظمة في شمال العراق.
وفي موازاة ذلك، ادعى "حزب الشعوب الديمقراطي" الجناح السياسي لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، أن الهجمات التي تستهدف مواقع المنظمة، تهدف لرفع نسبة الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات الجديدة، محملًا الرئيس رجب طيب أردوغان مسؤولية تصاعد الأحداث.
2- هل كانت منظمة "بي كا كا" جادة في عملية السلام، وما الذي فعلته خلال فترة وقف إطلاق النار؟
أجرت منظمة "بي كا كا" الإرهابية تغييرات جذرية في خططها خلال مرحلة عملية السلام، حيث قامت بإنزال مقاتليها من الجبال، وتوطينهم في القرى والمدن، مستفيدين من اتفاق وقف إطلاق النار، كما زرع عناصر تابعون للمنظمة ألغامًا تحت الطرقات الموجودة في المناطق التي تديرها بلديات تابعة لحزب "الشعوب الديمقراطي"، تلك الألغام التي يؤدي تفجيرها اليوم لمقتل الكثير من رجال الأمن في المناطق الشرقية.
عملت المنظمة مستفيدة من وقف إطلاق النار، على النزول إلى المدن والقرى، والقيام بأنشطة دعائية، وتجنيد مجموعات من الشباب، ونقلهم إلى معسكراتها في سوريا والعراق لتلقي التدريب العسكري، ثم إعادتهم مجددًا إلى مدنهم وقراهم لانتظار ساعة الصفر، من أجل تنفيذ العمليات الإرهابية.
خرج أولئك الشباب إلى الطرقات فور دعوة قادة المنظمة لما أسموه بـ"الانتفاضة"، وبدأوا بحفر الخنادق في الشوارع، وزرع الألغام، وإقامة الحواجز على الطرقات، والاشتباك مع قوات الأمن.
بعد تلك الأحداث، قال خبراء في مجال الأمن وسياسيون أتراك: إن "الجناح المسلح لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، لم يؤمن يومًا بعملية السلام، وكان يستفيد من كل مرحلة ليعد نفسه دائمًا من أجل الحرب".
3- ما الذي يحدث في منطقة "جزرة"، وهل الدولة تشن عمليات ضد "مدنيين أكراد"؟
سعت منظمة "بي كا كا" الإرهابية وفق إستراتيجيتها الجديدة، لخلق "مناطق محررة" من خلال الاستعانة بعناصر مسلحة تقاتل على الأرض، ثم إعلان تلك المناطق "مناطق حكم ذاتي" تمتلك إدارة خاصة بها ولا تخضع لسيطرة الدولة التركية، اختاروا لتنفيذ هذا المشروع بعض المناطق التجريبية، وكانت بلدة "جزرة" التي تعرف أيضًا باسم "جزيرة ابن عمر"، ذات الغالبية الكردية في محافظة "شرناق" جنوب شرقي تركيا واحدة من تلك المناطق.
قامت عناصر تابعة للمنظمة بتفخيخ الطرقات، وحفر الخنادق وإقامة الحواجز على الطرقات، وزرع الألغام، ومنع دخول أو خروج قوات الأمن، وقطع التيار الكهربائي وخطوط الهاتف والإنترنت عن المدينة، وإعلانها منطقة محررة.
لماذا جزرة؟
لأنها تعتبر من المناطق التي تضم ثقل منظمة "بي كا كا" الإرهابية، وتأوي عددًا من القيادات المسلحة للمنظمة.
أعلنت القوات الأمنية حظرًا للتجوال في البلدة، بغية ردم الخنادق وتنظيف الشوارع من الألغام والمفخخات، وإعادة الحياة الطبيعية، إلا أنها اشتبكت مع مسلحي المنظمة، الذين عملوا على منع القوات الأمنية من الدخول إلى البلدة، ورغم احتدام الاشتباكات، إلا أن القوات الأمنية اتخذت أقصى درجات الحرص والحيطة، لتجنب وقوع إصابات بين صفوف المدنيين.
وفي الوقت نفسه، أطلقت كوادر "حزب الشعوب الديمقراطي" الجناح السياسي للمنظمة الإرهابية، حملة تهدف لإظهار بلدة "جزرة" كما لو أنها تشهد "مذبحة للمدنيين".
ومع ذلك، فإن شخصين فقط من المدنيين قتلا خلال تلك الاشتباكات، وكانت وفاتهما ناجمة عن انفجار ألغام، زرعها عناصر المنظمة الإرهابية بين المدنيين في شوارع البلدة.
منظمة "بي كا كا" الإرهابية تمنى بخسائر فادحة
إن تهاوي مسلحي منظمة "بي كا كا" الإرهابية أمام قوات الأمن، يعد من أحد الأسباب التي دفعت بالجناح السياسي للمنظمة، إلى شن مثل هذه الحملات الإعلامية المضللة. وهذا بالضبط ما نقلته قناة "ميد نوجه" التلفزيونية، التابعة لمنظمة "بي كا كا" يوم 8 سبتمبر الجاري، حيث قال أحد مسلحي المنظمة في "جزرة" للقناة خلال اتصال هاتفي: "إن وجود منظمة "بي كا كا" في جزرة قد شارف على الانتهاء"، مطالبًا بتأمين مساعدات عاجلة لمسلحي المنظمة، ليجهش بعد ذلك بالبكاء، ما دفع القناة إلى قطع بثها. لقد مني مسلحو المنظمة بخسائر فادحة، ليس في "جزرة" فقط في مختلف المناطق التي استهدفت من قبل القوات التركية، لذا تعمل الذراع السياسية للمنظمة على شن حملات إعلامية، تهدف لإيجاد تدخل دولي يحمي عناصر المنظمة.
لا شك بأن تركيا تشهد فترة صعبة، حيث تواجه هجمات إرهابية تشنها منظمات من قبيل "بي كا كا"، و"جبهة حزب التحرر الشعبي الثوري"، و"داعش"، في الوقت الذي تتجه فيه رويدًا رويدًا نحو انتخابات برلمانية (تشريعية) جديدة.. تركيا تدرك أن بعض القوى الدولية، تحرص على تقديم الدعم اللازم لمنظمتي "بي كا كا" و"جبهة حزب التحرر الشعبي الثوري" الإرهابيتين، كما تعلم أن حكومتها تواجه حملات إعلامية تشنها وسائل إعلام أجنبية، وبطبيعة الحال، فإنها تدرك أيضًا من هي الدول الصديقة لها، وتنظر باهتمام إلى رسائل الدعم القادمة من تلك البلدان.
النهايات السوداء!
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي... اقرأ المزيد
219
| 12 ديسمبر 2025
عام على رحيل الأسد وانتصار الشعب
كان منتدى الدوحة المنعقد يومي 6 و7 ديسمبر الجاري فرصة متاحة للرئيس أحمد الشرع حتى يستخلص العبر من... اقرأ المزيد
81
| 12 ديسمبر 2025
نسيج الإنسان في مدارس قطر
اسمي موناليزا… نعم، أعرف ماذا تفكّرون الآن! مثل اللوحة الإيطالية الشهيرة تمامًا، لكن بيننا فرق بسيط: هي تجلس... اقرأ المزيد
120
| 12 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4353
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2286
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2241
| 10 ديسمبر 2025