رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

موسى عساف

مساحة إعلانية

مقالات

219

موسى عساف

غضبة محمد بن عبدالرحمن.. الكرامة والسيادة أولاً

13 سبتمبر 2025 , 12:44ص

خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب العدوان الإسرائيلي على الأراضي القطرية يوم الثلاثاء الماضي بدا معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء وزير الخارجية يغالب جماح غضبه، رغم مرور ثماني ساعات على الهجوم، في مؤشر صريح على حجم الغدر الذي استشعرته الدوحة، وعمق الخيانة التي تعرضت لها من قبل كيان اعتاد أن يضرب بالقوانين والأعراف عرض الحائط، لذلك فقد جاءت عباراته صريحة وحادة، ومعلنة بوضوح أن إسرائيل لم تعد مجرد خصم سياسي، بل "دولة مارقة تعربد دون رادع"، في تحد صريح لكل الأعراف والقوانين الدولية.

قطر، التي لم تتوقف يومًا عن لعب دور الوسيط العادل والفاعل في ملفات المنطقة والعالم، وجدت نفسها فجأة هدفًا لعمل عسكري غادر يخرق سيادتها ويمثل تحديًا مباشرًا للقانون الدولي، ولهذا جاء موقف رئيس الوزراء ليعكس في كلماته ونبراته ما يختلج في صدور القطريين، والعرب والعالم أجمع من ورائهم، من غضب وجرح.

لم يكن غضب الوزير انفعالًا عابرًا، بل تعبيرًا عن موقف دولة تدرك حجم "الغدر والخيانة" التي تعرضت لها، إلى جانب ما يمكن ان يترتب من مخاطر على هذا العدوان، وتعرف في الوقت نفسه أن الصمت أو الاكتفاء بالبيانات لم يعد كافيًا، مشدداً على أن قطر ستمارس "كل ما يلزم" لردع العدوان، في إشارة واضحة إلى أن مرحلة ضبط النفس التي ميزت السياسة القطرية طيلة سنوات، قد تكون وصلت إلى حدودها القصوى.

ولكن من اللافت، ورغم مستوى الغضب، فقد حافظت قطر على ثوابتها القومية، إذ جدد رئيس الوزراء تمسك بلاده بدعم الشعب الفلسطيني وشرعية مقاومته، إلى جانب استمرار دورها الاستراتيجي في البحث عن حل عادل للحرب على غزة، وهو ما يعكس التزامًا راسخًا بأن الاعتداء الإسرائيلي، مهما بلغت فجاجته، لن يغير من موقع قطر في المعادلة العربية والدولية.

المؤتمر الصحفي، بكل تفاصيله، مثل محطة فارقة في الخطاب القطري، إذ كشف للعالم أن لغة الدبلوماسية الهادئة قد تنكسر حين يتعلق الأمر بالكرامة الوطنية، وما بين الكلمات المحسوبة والعبارات الغاضبة، بعث الشيخ محمد بن عبدالرحمن رسالة مزدوجة؛ الأولى للداخل، بأن القيادة تقف في الصف الأول دفاعًا عن السيادة؛ والثانية للخارج، بأن قطر لن تقبل أن تكون مسرحًا لاعتداءات تنتهك القوانين الدولية وتعرض أمن المنطقة كله للخطر.

بهذا المعنى، فإن المؤتمر الصحفي كان إعلانًا صريحًا بأن صفحة جديدة فتحت في تعامل قطر مع السياسات العدوانية الإسرائيلية، ومحطة فارقة في الخطاب السياسي القطري، حيث نقل للعالم أن لغة الدبلوماسية الهادئة قد تنكسر حين يتعلق الأمر بالكرامة والسيادة، وأن قطر، الغاضبة هذه المرة، لن تسمح بتكرار استباحة أرضها تحت أي ذريعة.

كاتب وإعلامي

مساحة إعلانية