رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لعل العبارة الأكثر تداولا بين عموم التونسيين اليوم هي "ما تبدّل شي"، في إشارة إلى أن منظومات الحكم التي أعقبت ثورة 14 يناير 2011، لم تقدر على إحداث التغيير الذي انتفض شباب البلاد من أجل فرضه، عبر تلك الثورة التي هبّت رياحها على دول عديدة في الجغرافيا العربية..
"ما تبدّل شي"، هذه الجملة القصيرة التي تتردّد باللهجة العامية التونسية، لا تخرج من أفواه الفقراء والمساكين والمعدمين والمهمشين والمعطلين عن العمل، ولا يتفوه بها المزايدون على الحكومة من الأحزاب وذوي الحسابات السياسية ولا يرددها"المتربصون بالعهد الجديد" فحسب، إنما باتت تقولها بأسف مبطّن، الأطراف الحاكمة في البلاد، التي تقرّ بأن عجلة التغيير لم تتحرك بعد، والقطار ما يزال رابضا بمحطة الانطلاق، رغم انتظار المسافرين على طول الطريق بفارغ الصبر..
حقائق شديدة المرارة...
توقع التونسيون الذين اختاروا في أعقاب الانتخابات الماضية، "المنظومة القديمة المرسكلة"، كما يصفها البعض، أن تقدم لهم نموذجا جديدا في الحكم والخيارات والحلول، واستعادة هيبة الدولة التي افتقدت، وناموس السلطة التي هتك عرضها من قِبَل الجميع..
لكن هل ثمة مؤشرات تحيل المرء على "تفاؤل ممكن" كما يقول ابن خلدون، خصوصا بعد مائة يوم من تشكيل حكومة "التعايش" أو "الوفاق" التي يقودها السيد الحبيب الصيد ؟
الحقيقة، وهي حقيقة مرة في طعم العلقم (عافاكم الله)، أن عمليات التشخيص المتعددة، سواء كانت مصادرها أحزاب، أو منظمات أو خبراء أو مؤسسات دولية مختصة، تجمع على أن الوضع شديد التعقيد، يصل إلى حدّ الكارثة في بعض التقييمات، وأن "العملية الجراحية" المطلوبة فورا، مكلفة : فإما أن تعصف بطبقات اجتماعية أو بأحزاب أو بالنظام السياسي أو بالدولة ذاتها..
وليس أدلّ على هذا التوصيف، من تحذير حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة العمالية الأكبر في تونس)، مما وصفه بـ "ثورة ثانية ممكنة"، إذا ما استمرت الأوضاع على هذا النحو.. وعندما يتحدث اتحاد الشغل بهذه اللهجة، يدرك الجميع في تونس، أن الأمر ليس "لعب عيال"..
لكن لماذا يتحدث العباسي بهذا الشكل الموجع والمفزع ؟
إنها حصيلة المائة يوم من عمل الحكومة، التي تعدّ إحدى المؤشرات القوية لمثل تلك التصريحات النقابية المثيرة..
ما هي الحصيلة إلى حدّ الآن ؟
لم تنجح حكومة "الائتلاف الوطني" التي تتشكل من أحزاب (نداء تونس) و(النهضة) و(آفاق تونس) و(الوطني الحر)، في تقديم "جرعة" أمل حقيقي للتونسيين في إمكانية تغيير الوضع الصعب في جميع مستوياته..
فالبلاد على شفا جرف سحيق أبرز علاماته :
* موازنة عمومية في أزمة، تزداد استفحالا بسبب سياسة الاقتراض الأجنبي التي تضاعف من درجة ارتهان البلاد لقوى خارجية..
* وضع اقتصادي شديد الهشاشة، باتت فيه القدرة الشرائية لعموم التونسيين، الأضعف منذ عدة عقود..
* مطالب اجتماعية عالية، زادها إجحاف النقابات تعقيدا لافتا، فيما الحكومة لا تملك استراتيجية تفاوض اجتماعي جديدة وواضحة..
* سياسة خارجية مربكة ومترددة، تفتقر إلى بوصلة واضحة، ولم تحافظ حتى على الأسس التقليدية التي عرفت بها الدبلوماسية التونسية على عهد الزعيم الراحل، الحبيب بورقيبة..
* وضع الحريات، دخل نفق المحاصرة والتضييق، في الإعلام والحياة السياسية والملف الحقوقي..
* ما تزال نسب البطالة في حدود مرتفعة (أكثر من 15 بالمائة)، فيما الفقر يتسع ويتمدد كما الأفعى.. وليس ثمة أية بوادر لمحاصرته أو التقليل منه..
* استثمارات داخلية مثل "الفريضة الغائبة"، ووعود دولية بمشاريع ضخمة، ما تزال طيّ النصوص والتصريحات، وسط خشية من تنامي "الإرهاب المصنّع" في البلاد..
* ثورة يحاسب بعض شبابها ورموزها في المحاكم حاليا، ويجري الانتقام منهم، مع عودة الآلة البوليسية بمخاطرها الاستبدادية المكفهرة..
والسؤال الموجع في ضوء هذا التشخيص هو : لماذا لم تقدر "حكومة التعايش" على إعطاء مجرد الانطباع بأنها بدأت في التغيير ؟
أسباب ودوافع...
أربعة أسباب رئيسة حالت، وستحول دون ذلك :
1 ـ الأزمة الداخلية صلب الحزب الأغلبي في الحكم (نداء تونس)، التي عطلت مساره وألْهته في معارك (المواقع) وحسابات السلطة، وإشكالية العلاقة بين الحزب والدولة..
2 ـ وجود "ائتلاف حاكم" لا يقوم على برنامج مشترك، وغير مؤسس على آليات وميكانيزمات عملية.. ائتلاف تجمع بينه المتناقضات وعدم الانسجام والحذر المبطن، أكثر من العناوين المطلوبة في حدّها الأدنى لأي ائتلاف حاكم..
3 ـ دخول لوبيات مالية وحزبية وأمنية كثيرة على خط السلطة، حيث باتت شديدة التأثير "من وراء ستار"، ما يضفي الكثير من التشويش في الرؤية والتقييم والمعالجة، فضلا عن خطورة ذلك على إدارة الحكم ومستقبله..
4 ـ محاولة تغيير الوضع الراهن بقوانين قديمة، وإدارة فاسدة، وآليات عمل لم يطرأ عليها أي تعديل أو تغيير...
لا شك أن الائتلاف الحاكم، ورث تراكمات السنوات الأربع الماضية، وبالتالي قد لا يتحمل كل المسؤولية في وضعه الراهن.. لكن للعرب قول مأثور : "البعرة تدلّ على البعير.. وأثر السير يدلّ على المسير.."، وفي وضع الحكم الراهن، لا وجود لأثر ولا لسير واضح المعالم.. فالسلطة مرتبكة، ليس في خياراتها فحسب، إنما في تصورها للحكم أيضا، وفي مستوى شجاعتها في اتخاذ القرارات المطلوبة، وفتح الملفات التي يعدّها الخبراء "مفاتيح" لأي وضع جديد..
نحن استثناء في العالم العربي، أي نعم ! وتونس أنموذج في المنطقة، وهو كذلك !
لكن هذه "المكاسب"، تحتاج إلى استراتيجية عمل، وأدوات جديدة للتغيير، وائتلاف حاكم حقيقي وليس مغشوشا، و"رجال" قادرين على أن يقولوا الكلمة المطلوبة في الوقت اللازم، قبل أن تفاجئ الثورة الثانية الجميع، وهي اليوم تطل بإرهاصاتها من كل باب..
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8592
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5634
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4809
| 05 أكتوبر 2025