رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. محمد نور الدين

د. محمد نور الدين

مساحة إعلانية

مقالات

804

د. محمد نور الدين

معاقبة تركيا

05 ديسمبر 2010 , 12:00ص

تصدرت تركيا الوثائق الخاصة التي نشرها موقع ويكيليكس أكثر من تسعة آلاف وثيقة؛ ما نشر منها حتى الآن لا يتعدى الواحد في المائة.

لذا انتظر رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان وقال "لنر ما الذي سيسقط بعد من حجارة من تنورة ويكيليكس".

كانت المؤامرة على تركيا واضحة في الوثائق.

أولا في عدم صحة بعض الوثائق وثانيا في إثارتها للشكوك في العلاقة بين تركيا وجيرانها العرب وإيران وأذربيجان وثالثا في الجهة المسؤولة عن تسريبها.

وصفت الوثائق أردوغان بأنه إسلامي النزعة ومنها ينطلق في حملته ضد إسرائيل نازعة عن سياساته صفة الرسمية والمصالح الوطنية التركية، ظهر كما لو أنه يتحرك بغرائزه، ولا يثق إلا في المقربين منه، لكن الأهم أن الوثائق أرادت أن تطعن أردوغان في نقطة القوة التي يتمتع بها أي نظافة الكف فأعلنت الوثائق أن أردوغان يملك ثمانية حسابات مصرفية في سويسرا.

كان أردوغان يريد انتظار ظهور الوثائق الأخرى لكن تحرك المعارضة التركية ولاسيَّما حزب الشعب الجمهوري لاستغلال هذه التهمة وتشويه صورة أردوغان دفع به للخروج عن صمته والانفجار بوجه افتراءات الوثائق متحديا أنه إذا كانت صحيحة فسيستقيل من رئاسة الحكومة ومن النيابة في البرلمان. بل دعا إلى محاكمة الدبلوماسيين الأمريكيين الكاذبين.

يكفي أن تكون تهمة الحسابات المصرفية لأردوغان غير صحيحة حتى تلقي ظلالا من الشك على صحة الوثائق الأخرى.

وتجهد الوثائق لإظهار علاقة أو نظرة سلبية في علاقة تركيا بجيرانها. تنقل الوثائق عن مدير عام الخارجية التركية أو عن وزير الخارجية التركي أن تركيا منافس بل بديل عن إيران والسعودية أو أن تركيا تسعى لفصل سوريا عن إيران أو أن الوساطة التركية بين سوريا وإسرائيل تزيد من عزلة إيران. كما تنقل أن الرئيس السوري بشار الأسد يرى أن إيران، وليس تركيا، هي الدولة الأهم في الشرق الأوسط تليها تركيا فسوريا.

كذلك تنقل الوثائق عن داود أوغلو أو مقربين منه أنه يتطلع إلى الحلم العثماني بقوله إن أنقرة هي مركز العالم.

وإذا كان التطلع للعب دور مركزي في المنطقة مشروعا لدى أي دولة ولاسيَّما إذا كانت مثل تركيا ذات التاريخ العريق فإن هذا يجب أن يكون عبر التعاون مع دول المنطقة العربية والإسلامية وشعوبها وليس عبر طرح الدول نفسها منافسة أو بديلا أو ربما خصما لغيرها وهذا ما حاولت الوثائق أن تظهره. وإذا كان من غير الممكن إنكار النزعة الإمبراطورية أو الفوقية لأي دولة فإن العوامل المشتركة والخطوات الإيجابية التي تظهر التكامل بين تركيا وجيرانها ولاسيَّما سوريا وإيران والسعودية ودول الخليج عامة قد لا تتسع لها وثائق ويكيليكس للحديث عنها.

تهدف الوثائق إلى رؤية الواحد في المائة الفارغ من الكأس من العلاقات التركية مع جوارها العربي والإسلامي، ولا تريد أن ترى الـ 99 في المائة الملآنة منه. حتى الواحد في المائة هذا يجب أن تعمل الدول المعنية ولاسيَّما تركيا على ملئه لتكون العلاقات فائضة بالثقة المتبادلة التي لا بديل منها لاستمرار التأثير والحضور.

أما الهدف من الوثائق ولاسيَّما المتعلقة بتركيا فإن الشكوك التركية كلها تذهب إلى جهة واحدة هي إسرائيل ومن خلفها واشنطن.

الرئيس عبدالله غول تساءل عن سبب غياب إسرائيل عن الوثائق قائلا إن هناك نية ما من وراء نشرها. وأشار رئيس البرلمان محمد علي شاهين إلى أن إسرائيل هي المستفيدة الأولى من الوثائق ولا يمكن تسريبها بدون علم وزارة الخارجية الأمريكية.

يعكس ما نشر حتى الآن من وثائق حول تركيا أن الهدف منها هي "خربطة" المشهد الداخلي التركي في العلاقة حتى بين أعضاء حزب العدالة والتنمية أنفسهم وإضعاف الحزب عبر اتهامات لأردوغان بالفساد. كما تسعى الوثائق إلى ضرب التقارب التركي مع العرب وإيران. وهذا أفضل وسيلة لكي تنتقم إسرائيل وأمريكا من تركيا على مواقفها من إسرائيل بدءا من وقفة أردوغان في دافوس وصولا إلى أسطول الحرية مرورا بالبرنامج النووي الإيراني والعلاقات المميزة مع سوريا.

وإذا كانت الوثائق تكشف الكثير من العلاقات السرية بين البعض والإدارة الأمريكية فإن ما نشر حتى الآن فيما يتعلق بتركيا أعطى نتائج معاكسة لصالح أردوغان وهو ما سوف يدفعه إلى أن يواصل الطريق نفسها التي سلكها حتى الآن ولاسيَّما تعزيز العلاقات مع العرب والمسلمين، وهذا أفضل رد على "المؤامرة".

مساحة إعلانية