رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كرَّس الجزء الأكبر من عمره الممتد على مدى 93 عامًا لقضيته. كان أحد أفراد الفريق المؤسس لدولة إسرائيل، كان واحدًا من أفراد الفريق الأكثر وحشية ممن تلطخت أيديهم بالدم. كان لاعبًا أساسيًا في عملية تسليح إسرائيل. ولم يتردد ولو لوهلة في استخدام هذه الأسلحة ضد الفلسطينيين. كان مسؤولًا أساسيًا عن ارتكاب مجزرة قانا والتي كان ضحاياها من المدنيين الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى أحد مقار الأمم المتحدة في لبنان.
واليوم، يعتبر مشروع الاستيطان اليهودي واحدًا من أهم الأسباب التي تحول دون إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إن هذا المشروع هو أحد منجزاته.
بسبب مثل هذه السياسات التي يقف وراءها هو وأمثاله في جناح الصقور، نشأة مأساة الشعب الفلسطيني الذين طرد من وطنه وما زال يعيش مأساته حتى يومنا هذا في مناطق بائسة تدعى "المخيمات".
أمير الأسلحة الرهيبة
لقد رأيت، خلال زيارة أجريتها العام الماضي إلى مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، حجم المأساة والألم في وجوه الفلسطينيين الذين اقتلعوا من أرضهم عام 1960 ليصبحوا مشردين بلا مأوى، ومجهولي الهوية، وبلا مستقبل مأمول. لقد كان ذلك الشخص أحد أعضاء الفريق الذي حكم على الفلسطينيين أن يعيشوا هذه الحياة.
عانت تلك المخيمات من القصف المتكرر، وأمسى الكثير من أبنائها ضحايا لعمليات الاغتيال والقنص، فيما أجبر الأطفال على العيش في تلك المناطق النائية التي لا توفر أدنى المتطلبات الإنسانية.
اسودت بسبب ذلك الشخص، الحياة في وجه الفلسطينيين، الذين تفرقوا في جميع أنحاء الأرض فيما الشوق إلى رؤية الوطن والدار يقتلهم كل يوم، ذلك الشعب الذي عانى الاضطهاد بشكل لم يسبق له مثيل. واليوم، إن كانت إسرائيل تمتلك أسلحة رهيبة وفتَّاكة في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك تمتلك القدرة النووية، فإن ذلك بفضل الجهود التي بذلها ذلك الشخص قبل 50 عامًا.
لعل بيريز هو السياسي الوحيد الذي يظهر على أنه حمامة سلام، إلا أنه لا يتردد في ارتكاب الفظاعات بلا رحمة، ويحصل بعد كل هذا على "جائزة نوبل للسلام". إن موته، أعاد إلى الذاكرة مشاعر الألم والحزن الناتج عن ذكريات المذابح والفظاعات التي ارتكبها ضد الفلسطينيين. أم فلسطينية، رفعت لافتة كتب عليها "بيريز هو قاتل ابني"، عندما تلقت خبر وفاته. أعتقد أن تلك الأم هي واحدة من آلاف الأمهات.
لماذا نال جائزة نوبل للسلام؟
أنا متأكد من أن أي أحد يقرأ السيرة الذاتية لبيريز أو أي سياسي إسرائيلي قلبه مملوء بالحقد والقسوة والكراهية والعداء، لن يجد أي فروقات حقيقية بينهما.
أما أنا، فأرى أنه أصبح مميزًا عن رفاقه بعد حصوله على جائزة نوبل للسلام. وأعتقد أن منح تلك الجائزة لبيريز، هو إهانة كبرى وسخرية منّا جميعًا. ولعل هذه الخطوة هي مؤشر مهم على إفراغ تلك الجائزة من مضمونها والتأكيد على أنها عبارة عن أداة سياسية.
لقد منحت الجائزة نفسها لأوباما، لتصبح هذه الخطوة دليلًا آخر على المعايير المتضاربة التي تحكم منح الجائزة. حصل أوباما على جائزة السلام في الشرق الأوسط، علمًا أن القتل والموت في تلك المنطقة وصل في عهده إلى مراحل غير مسبوقة.
استغلال القيم الإنسانية
لهذا السبب، على ما أظن، أشعر دائمًا أن هذه الجائزة ملطخة بالدماء. كما أنها تشكل نموذجًا لاستغلال الغرب للقيم الإنسانية، والعواطف، والرموز، وتسخيرها لتصبح أدوات لخدمة مصالحه الخاصة.
إنها تمامًا تشبه جائزة الصحافة العالمية التي تدعمها العائلة المالكة في هولندا، وجائزة الأوسكار في هوليوود، المدعومة من قبل الإمبريالية الأمريكية...إن الغرب شرعن من خلال هذه الجوائز دائمًا المجازر، والتمييز، والإقصاء، وجعلها في خدمة مصالحه السياسية.
إن هذه الجوائز، أفرغت القيم الإنسانية من مضمونها، وتربعت على قمة أحزاننا، فمنعتنا عن محاسبة الذين تسببوا بكل هذه المآسي. كما استخدمت هذه الجوائز كأدواتٍ لتهميش بعض المجتمعات، وإقصائهم، وقرارات منحها كانت دائمًا سياسية، لكن لم يعترف أحدٌ بذلك.
جوائز لإضفاء الشرعية على تقسيم فلسطين
قال بيريز بعد أن حصل على الجائزة، إن السلام سيحل على فلسطين، لكن في الواقع لم يحل عليها سوى الموت والتشرد. تلك الجائزة أقصت عرفات، وعزلت رام الله عن التراب الفلسطيني، وفرضت الحصار على غزة.
في الوقت الذي ترزح فيه غزة ومليون ونصف المليون فلسطيني من سكانها تحت وطأة الحصار والجوع، تطلع الجميع إلى بيريز وعرفات في رام الله. وفي الوقت الذي قصفت فيه الطائرات الإسرائيلية الأطفال على شاطئ غزة، لم ينبس العالم ببنت شفة تجاه غزة الخاضعة أساسًا للحصار. كذلك فعل العالم تجاه الشهداء الأتراك الـ 10 الذين استشهدوا على متن سفينة "ماوي مرمرة"، التي أبحرت تجاه القطاع، الذي تحول لأكبر سجن في تاريخ البشرية.
عندما حدث كل هذا، كان بيريز رئيسًا لإسرائيل وشاهدًا على ما جرى. كان أحد الجناة وصناع القرار المسؤولين. كانت الجائزة التي حصل عليها موضوعة بجانب الطاولة التي وقع عليها على قرارات المجزرة.
وأعتقد أن لهذه الأسباب، صرخ الرئيس أردوغان في وجه بيريز في دافوس موجهًا له تلك الكلمات:
"حين يتعلق الأمر بالقتل أنتم تعرفون جيدًا كيف تقتلون! أنا أعرف جيدًا كيف قتلتم الأطفال على الشاطئ، كيف قمتم بقصفهم".
نعم كلنا سنشهد يوم الحساب على تلك الجرائم، كما أن الدم الموجود على تلك الجائزة هو دم فلسطين، الذي تسبب بإراقته صاحب الجائزة بيريز.
من الرياض.. أطيب التهاني للدوحة بيومها الوطني
من فضل الله تعيش دول مجلس التعاون الخليجي اليوم مرحلة غير مسبوقة من التقارب والتنسيق، تعمّقها رؤى قادتها... اقرأ المزيد
18
| 13 ديسمبر 2025
العدالة المعلقة بين النية المبطنة والإبادة المعلنة 1-2
على شريط ساحلي قبالة بحر أبيض، وبتوقيت يكاد يتفق واللحظة، تُعاد كتابة التاريخ بدمٍ لا يزال يجري طوفانه!... اقرأ المزيد
30
| 13 ديسمبر 2025
ذوو الهمم في حياتنا
يحتفل العالم في الثالث من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة. ذلك اليوم الذي يدعو... اقرأ المزيد
63
| 12 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2325
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2256
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل كراية مرفوعة تتقدم بثبات لا يعرف الانحناء. خطا اللاعبون إلى العشب بخطوات واثقة، كأنهم يحملون على صدورهم تاريخًا يرفض أن يُمحى، وكأن كل نظرة منهم تعلن أن حضورهم موقف لا مجرد مشاركة. لعبوا بروح عالية، روح تدرك أنها تمثل وطنًا يقف رغم العواصف، وطنًا يُعلن في كل لمسة كرة أنه باق، صامد، وشامخ مهما ضاقت به الأيام. المنتخب الفلسطيني قدم أداءً أذهل النقاد وأوقف الجماهير احترامًا. لم يكن الفوز ولا التعادل وليدي صدفة، بل ثمرة بناء ذهني وشراكة وجدانية بين لاعب يعرف لماذا يلعب، ومدرب يحول الحلم إلى خطة، والخطة إلى واقع. منذ اللحظة الأولى ظهر الفريق كجسد واحد، تتشابك أرواح لاعبيه بخيط خفي. لم تلعب فلسطين بأقدام كثيرة، بل بقلب واحد. كانت احتفالاتهم بالأهداف تُشبه عودة غائب طال اشتياقه، وتحركاتهم الجماعية تؤكد أن القوة الحقيقية تولد من روح موحدة قبل أن تولد من مهارة فردية. ولم يعرف اللاعبون طريقًا إلى التراجع؛ ضغط مستمر، والتزام دفاعي صلب، واندفاع هجومي يُشبه الاندفاع نحو الحياة. في مباراتهم الأولى أمام قطر لعب "الفدائي" بثقة المنتصر، فانتزع فوزًا مستحقًا يليق بروح تقاتل من أجل الشعار قبل النقاط. وفي مواجهة تونس، ورغم صعوبة الخصم، حافظ اللاعبون على حضورهم الذهني؛ لم يهتزوا أمام ضغط الجمهور ولا لحظات الحماس، بل لعبوا بميزان دقيق يعرف متى يتقدم ومتى يتراجع. فجاء التعادل إعلانًا أن فلسطين جاءت لتنافس، لا لتكمّل المشاركة. وراء هذا الأداء كان يقف مدرب يعرف لاعبيه كما يعرف صفحات كتابه المفضل. وظف قدراتهم بذكاء، وزع الأدوار بانسجام، وأخرج من كل لاعب أفضل ما لديه. وبدا الفريق كآلة متقنة، يعرف كل جزء فيها دوره، وتتحرك جميعها بتناغم ينبض بالحياة والتكيف. كلمة أخيرة: لقد كتب الفدائي اسمه في كأس العرب بمداد الفخر، ورفع رايته عاليًا ليذكرنا أن الرياضة ليست مجرد لعبة بل حكاية وطن.
1458
| 06 ديسمبر 2025