رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تقف قطر، في عهد صانع المجد، حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، على أبواب مرحلة وطنية جديدة، في تاريخها السياسي المعاصر، وهي تتأهب بكل شعبها وشعابها، لموعد تاريخي، يوم الثلاثاء، مع الاستفتاء، لإقرار التعديلات الدستورية، في خطوة حضارية، تساهم في تأكيد الوحدة الوطنية، وتعزيز اللحمة القطرية.
وهذه المبادرة الأميرية، المتمثلة في توسيع المشاركة الشعبية، لإدارة شؤون البلاد، على مبدأ «الشورى»، تشمل كل من يحمل الجنسية القطرية، دون استثناء أو إقصاء، لأي مكون قطري، يتنفس هواء قطر، وينبض قلبه بحب قطر، ويلهج لسانه باسم قطر، وهو يردد كلمات النشيد الوطني:
قسماً بمن رفع السماء
قسماً بمن نشر الضياء
قطر ستبقى حرة
تسمو بروح الأوفياء.
وها هي قطر، على موعد بكل أطيافها، مع الوفاء، يوم الثلاثاء، لإنجاز الاستفتاء، وفاء للوطن، والقائد، والدستور، والنظام، والقانون، والعدالة، والمساواة في الحقوق والواجبات.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، فهناك في التعديلات الدستورية، تفاصيل مهمة، ينبغي أن يدركها، كل مواطن قطري، ليعرف ما له وما عليه، سأوضحها في السطور التالية.
وما من شك، في أن هذه الخطوة الوطنية، التي تأتي تنفيذاً لتوجيهات أمير البلاد، أسعدت جميع العباد، لأنها جاءت تجسيداً لتوجهات قائد الوطن، الحريص على وحدة الوطن، وتحقيق مصلحة الوطن والمواطن.
ولعل ما يميز هذه المبادرة الأميرية، أنها خلقت مناخاً إيجابياً، في الداخل القطري، يتمثل في حرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على تطوير (3) مسارات مهمة في نظام الحكم، أولها توسيع المسار التشريعي، ممثلاً في مجلس الشورى.
وتفعيل المسار التنفيذي، ممثلاً في مجلس الوزراء.
وترسيخ المسار القانوني في البلاد، عبر تأكيد إنفاذ القانون، على الجميع.
ويمكن ملاحظة، أن المادة الأولى، من الدستور، أضيفت لها عبارة «سيادة القانون».
ولا يحتاج المرء، أن يكون خبيراً قانونياً، ليدرك أهمية هذه العبارة، التي تحمل دلالات قانونية، في غاية الأهمية، من خلال تجسيد مبدأ أنه لا أحد في قطر فوق القانون، بما في ذلك الحكومة وأفرادها.
فالكل سواسية، أمام القانون، الذي يطبق على الجميع، لا فرق بين الكبير والصغير، أو الغني والفقير، حيث يتم إخضاع الجميع، للمساءلة القانونية، بموجب القانون والدستور.
والمعروف، أن «سيادة القانون»، تضمن تحقيق العدالة، لجميع المواطنين، وهي تتضمن مجموعة من المواد والمبادئ والقيم، والمثل العليا، التي تكفل إنفاذ القانون، على قدم المساواة، على جميع مكونات المجتمع، وجميع الجموع، والمجاميع التي تستنشق أوكسجين قطر، وتعيش في ظلال قطر.
ولتوضيح هذا الأمر الواضح، ليكون أكثر وضوحاً، هناك (14) مادة، في الدستور، مطروحة للاستفتاء، يوم الثلاثاء، وتشمل جميع القطريين، بلا استثناء.
لكن أكثرها أهمية، على صعيد توسيع المشاركة الشعبية، تتمثل في المادة (80) التي تنص في صيغتها السابقة، على أنه يجب أن تتوفر في عضو مجلس الشورى الشروط التالية:
(أن تكون جنسيته الأصلية قطرية).
ليأتي النص المقترح، شاملاً لجميع القطريين دون تمييز، حيث يعزز التعديل المقترح، ويوسع، ويرسخ، مبدأ المواطنة المتساوية من خلال التأكيد، في أحد شروط عضوية المجلس، أن يكون العضو قطري الجنسية، بمعنى أن يكون حاصلاً على الجنسية القطرية، وحاملاً الجواز القطري.
ونأتي إلى المادة (117)، التي يعتبر تعديلها في غاية الأهمية، بالنسبة لكل قطري، حيث تنص هذه المادة، قبل طرحها للتعديل من خلال الاستفتاء، يوم الثلاثاء، على أنه لا يلي الوزارة، إلا من كانت جنسيته الأصلية قطرية، لتصبح بعد تعديلها:
(لا يلي الوزارة، إلا من كانت جنسيته قطرية).
وهذا يعني، أن التمثيل الوزاري، متاح لكل صاحب كفاءة قطري، بدون اشتراط «أصالة الجنسية».
ولا أنسى، إلغاء (3) مواد من الدستور هي (78) و(79) و(82)، وكلها تتعلق بآلية النظام الانتخابي، المعمول به سابقاً، والتي أصبحت بلا قيمة، بعد العودة إلى نظام «التعيين»، لاختيار أعضاء مجلس الشورى، وهو المبدأ المعتمد، منذ تأسيس «المجلس الموقر»، عام 1972.
ولعل الأمر، الأكثر وضوحاً، في هذا السياق، أن «مجلس الشورى»، ليس برلماناً تمثيلياً، يتشكل من رحم نظام يدار وفقاً للنموذج الغربي.
ولكن «المجلس الموقر» يجسد مبدأ «التشاور»، الذي يعتبر من ركائز الحكم في الإسلام، تحت مظلة الحاكم الرشيد.
وما من شك، في أن «الشورى»، هي التي أوجدت العدالة، في المجتمع الإسلامي، من خلال التشاور، بين الحاكم والمحكوم.
وهي التي رسخت مبادئ «حقوق الإنسان» في المجتمع المسلم، قبل أن تعرفها المجتمعات الغربية.
وهي التي عززت، مبدأ «الحوار الوطني»، لحل جميع المسائل،وتسوية الملفات، ذات الصلة بمصلحة الوطن، وإدارة شؤون الدولة، عن طريق التشاور، مع «ولي الأمر».
ويكفي أن القرآن الكريم، خصص سورة كاملة، باسم «الشورى»، وتحديداً الآية (38)، المتجسدة، في قوله تعالى:
«وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ».
فهذه الآية الكريمة، تحث المسلمين، على التشاور، مع ولي الأمر، قبل اتخاذ أي قرارات، ولم تحدد شروطاً للمشاركين، في المشورة، لكنها أمرت بها، كطريقة لصنع القرار، وفيها يكمن ملخص الممارسة الديمقراطية، في الإسلام.
وليس جديداً القول، أن دولتنا، من الدول العربية الرائدة، في مجال إرساء سلطتها التشريعية، على أساس نظام الشورى، المستمد من شريعتنا الإسلامية.
وقبل تجربة النظام الانتخابي في انتخابات عام 2021، كان أعضاء مجلس الشورى «المعين»، يمارسون دورهم التشريعي، من خلال الموافقة، أو رفض مشروعات بعض القوانين.
بالإضافة إلى دعوة الوزراء، لمناقشتهم في القضايا، والملفات، التي تهم الوطن، وتلقي بظلالها الإيجابية أو السلبية على المواطن.
وهكذا، في إطار «الحوار التشاوري» الوطني، تصنع قطر قراراتها، ولعل المادة (75 مكرر) المضافة إلى الدستور، وتشكل الفقرة الأخيرة في التعديلات، تنص على هذه الحقيقة.
وهي تدخل في صميم اختصاصات صاحب السمو بشأن دعوة مجلس العائلة الحاكمة، وأهل الحل والعقد، ومجلس الشورى، أو أياً منهم، لمناقشة ما يراه من الأمور.
أما المادة (125)، المضافة أيضاً إلى الدستور، ضمن التعديلات الدستورية، فهي تدخل في سياق، صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، حيث تجيز له، تفويض بعض صلاحياته، إلى نوابه والوزراء.
وخارج الإطار الوزاري، لو توقفنا عند أهداف الديمقراطية، كما تشير إليها الأمم المتحدة، سنجد أنها تتمثل في الأهداف التالية:
- الحفاظ على كرامة الفرد، وحقوقه الأساسية، وتعزيزها، وهذا متوفر في قطر، أكثر من غيرها.
- تحقيق العدالة الاجتماعية، وهذا موجود في قطر، ويشمل جميع المكونات المجتمعية.
- تعزيز تماسك المجتمع، ومن المؤكد أن الدستور القطري، بجميع المواد الموثقة فيه، يحرص، على ترسيخ التماسك الاجتماعي، والتلاحم المجتمعي، والترابط الجماعي.
- تشجيع التنمية الاقتصادية، داخل المجتمع، ولعل أرقام النمو الاقتصادي، المتصاعد، والمتسارع، والمتواصل والمتنامي في قطر تشهد على ذلك.
وما من شك، في أن التعديلات الدستورية، المطروحة للاستفتاء، يوم الثلاثاء، تعكس التزام «قائد الوطن»، بتطوير النظام الداخلي للدولة، وتفعيل الإطار الدستوري، في البلاد، بما يساهم في تحقيق المزيد من التماسك، في النسيج الاجتماعي، والمزيد من التلاحم المجتمعي، والترابط الجماعي.
وهذا كله، يدخل في صميم ركائز المجتمع القطري، الذي يتشكل في إطاره الوطني، من جميع الحاصلين على الجنسية القطرية، دون أي إجراء تمييزي، ضد أي أحد.
ومن ملفات الداخل، إلى قضايا الخارج القطري، حيث حرصت التعديلات الدستورية، على إجراء تعديل مهم، في صياغة المادة السابعة، المتعلقة بمحددات السياسة الخارجية القطرية.
ولأن من ثوابت قطر، وركائز دبلوماسيتها، حرص الدولة، على مبدأ السلم والأمن الدوليين، عن طريق، تشجيع فض المنازعات بالطرق السلمية.
ولهذا أضيفت للمادة (7) ذات الصلة، عبارة «من خلال الوساطة والحوار».
وهذا ما يميز الدبلوماسية القطرية النشطة، ويشكل ضلعاً من أضلاع «القوة الناعمة»، التي تمتاز بها، وتشتهر بها على الساحة الدولية، ومن خلالها نجحت في تقريب وجهات النظر، بين مختلف الفرقاء، وتسوية العديد من المنازعات المعقدة.
ولتأكيد هذه الحقيقة، يكفي التوقف عند جهود قطر الصادقة والمخلصة، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء العدوان الإسرائيلي، على الشعب الفلسطيني.
ولكل هذا، أقف بكل إجلال، وتقدير، وتأكيد، وتأييد، لكل ما ورد في خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع، من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي، الـ(53) لمجلس الشورى، بشأن التعديلات الدستورية، المطروحة للاستفتاء يوم الثلاثاء.
وأقولها «نعم»، للعودة إلى نظام «التعيين»، بدلاً من انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى.
وأكتبها «نعم»، لتوجيهات، وتوجهات «صاحب السمو» في هذا الخصوص، وفي جميع الخصائص والاختصاصات المتعلقة بمصلحة الوطن.
وأدونها «نعم» تقديراً لحرص سموه، على تعزيز المواطنة المتساوية، لجميع أفراد ومكونات شعبنا القطري.
وأعلنها «نعم»، للتعديلات الوطنية، التي تحقق المساواة، بين المواطنين، في الحقوق والواجبات.
.. ويبقى موعدنا جميعاً، مع الاستفتاء، المقرر يوم الثلاثاء الخامس من نوفمبر الجاري، لنقول «نعم» للتعديلات الدستورية.
«نعم» للتوجيهات الأميرية.
«نعم» للمصلحة الوطنية.
«نعم» نقولها بملء الفم، ونوثقها شعبياً، ووطنياً، ورسمياً، ودستورياً.
«نعم» بحجم شبه جزيرة قطر، الممتدة من اليابسة، حتى البحر، على مساحة (11.521 كم مربع).
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2472
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025