رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لا معنى لحديثكم عن «حقوق الإنسان» وأنتم تدعمون الجاني لافتراس الضحية
رسالة مفتوحة إلى «الرئيس بايدن».. وتوابعه
أكتب لك هذه الرسالة المفتوحة، في هذا الظرف الفلسطيني العصيب، ووسط هذا الصمت العالمي العجيب، الذي يشهد على الهوان العربي الغريب، ويبصم على مستقبل دولي مريب.
أكتبها من عاصمة دولتنا قطر الدوحة، التي تبذل جهودها الدبلوماسية الحميدة، ومساعيها الدولية الحثيثة، بالتنسيق مع مختلف الأطراف المعنية، للإفراج عن «الأسرى» المحتجزين، في قبضة فصائل المقاومة الفلسطينية.
.. وتحديداً حركة «حماس»، كخطوة ربما تشكل الأساس، لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم، على أهلنا في قطاع غزة، الذي دخل أسبوعه الرابع، بدعم من إدارتكم المنحازة لإسرائيل.
ومع تزايد ضحايا الحرب المدمرة، بين صفوف المدنيين الأبرياء، والأطفال الضعفاء، لا نفهم سبباً يدعو واشنطن، لعدم تأييد الدعوات، التي تطلق حالياً في مختلف الأرجاء، لوقف إطلاق النار، غير أن الولايات المتحدة، تسعى لنشر الدمار، في غزة، وإشعال النار في المنطقة!
واسمح لي، أن أضع رسالتي، على مكتبك «البيضاوي»، في «البيت الأبيض»، وأخاطبك فيها، بمنتهى الصراحة «البيضاء»، مستنداً على ضرورة التفكير، بعيداً عن التنظير، ومرتكزا على مبدأ «حرية التعبير»، باعتباري «ناشطا قطريا»، مدافعا بقلمي، وقبل ذلك بعقلي وقلبي ولساني، عن فلسطين المحتلة، وقضيتها العادلة، وحقوقها المغتصبة، وشعبها المنكوب، ووطنها المسلوب.
وأخاطبك، انطلاقاً من موقفنا الثابت في قطر، في مختلف الأوساط الشعبية، وعلى كافة الأوساط الرسمية، تجاه القضية الفلسطينية، باعتبارها قضيتنا المركزية، التي لا تهاون فيها، ولا مساومة عليها، ولا تفريط في حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.
والمؤسف، أن تحظى إسرائيل بدعمكم، وتنال تشجيعكم، وتستحوذ على إسنادكم، وتطغى بتأييدكم، لمواصلة عدوانها على الفلسطينيين!
وهو العدوان الهمجي، الأكثر دموية، والأشد وحشية، والأعلى جنائزية، بالنظر إلى أعداد الشهداء، من الضحايا المدنيين، الأبرياء، الذين تجاوزوا ثمانية آلاف وخمسمائة شهيد، ويزيد، وآخره الغارة الجوية التي نفذتها قوات الاحتلال على مخيم جباليا شمال القطاع، مساء أمس الأول ـ الثلاثاءـ وأدت الى استشهاد وإصابة المئات من الفلسطينيين، وقد صرحت وزارة الصحة الفلسطينية بأن عدد الضحايا في مجزرة جباليا قد يكون الأكبر، وقد يناهز عدد ضحايا مذبحة المستشفى المعمداني!
والمؤلم، بل الأشد إيلاماً، أن واشنطن تشجع المعتدي الإسرائيلي، على الاستمرار في عدوانه، وتدعم المجرم الصهيوني، لمواصلة ارتكاب جرائمه!
وتشجع «الإرهابي نتنياهو» على إرهاب الفلسطينيين، وقتل المدنيين، عبر تقديم إدارتكم، كافة أشكال الدعم السياسي، والعتاد العسكري، والإسناد اللوجستي لإسرائيل.
وبطبيعة الحال، فإن هذا الدعم الأميركي، يجعل سلطة الاحتلال، تتصرف وكأنها فوق القانون الدولي.
.. ويشجعها على الإمعان، في ارتكاب المزيد من جرائم الحرب، بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وعدم الإذعان لصوت الضمير الإنساني.
وما من شك، في أن الولايات المتحدة، بانحيازها الأعمى لحكومة الإرهاب الصهيوني، في عهدكم «الميمون»، ولا أقول الملعون!
.. وتشجيعها المجنون، للعدوان البربري الوحشي الهمجي الإسرائيلي، المتواصل على الفلسطينيين، تشكل صدمة إنسانية، وتسبب انتكاسة حضارية، لا يمكن للجنس البشري، أن يتجاوز آثارها السلبية، لعشرات السنين.
ولا يمكن للتاريخ أن يتجاهل، انتهاك حقوق الفلسطينيين، ولو بعد حين.
السيد الرئيس «الديمقراطي» المنحاز لإسرائيل،
قولاً وفعلاً وتفاعلاً وانفعالاً.
لم يعد هناك أي معنى، لحديثكم الممجوج، وخطابكم المرجوج، عن «حقوق الإنسان»، وعن الحرية، والديمقراطية، والعدالة، وسيادة القانون، وغيرها من الشعارات الزائفة، التي تحاولون تسويقها إلينا، وتمريرها علينا، وإقناعنا بها، ونحن نجدكم تدعمون الجاني، لافتراس الضحية!
ونجدكم «تبربرون»، أقصد تبررون العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، بدعوى «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»!
وكأن «الدفاع عن النفس»، حكر على الصهاينة!
والملاحظ أنكم، في نفس الوقت، تتجاهلون، حق الشعب الفلسطيني، في الدفاع عن وطنه السليب، وأرضه المغتصبة،، وحقوقه المنتهكة، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس.
وتعلم أيها الرئيس، بحكم دراستك التاريخ، وعلوم السياسة، والقانون، وتجربتك السياسية الطويلة، أن كل احتلال، تواجهه مقاومة وطنية، تتصدى له في الحال، حتى نيل الاستقلال.
والمقاومة الفلسطينية الباسلة، لا تخرج عن هذا الإطار، ولا تشذ عن هذه القاعدة، التي مارستها كل شعوب العالم، ضد الاستعمار.
ولا يخفى عليكم أيها الرئيس بايدن، أنه منذ عام 1948، وهو تاريخ «النكبة»، التي تم فيها تأسيس الكيان الصهيوني، في الوطن الفلسطيني المحتل.
ومن بعده عام 1967، تاريخ «النكسة»، ولا أقول «النكتة»، التي احتلت فيها إسرائيل الأراضي العربية، لا تزال حكومة الاحتلال، تتنكر لحقوق الفلسطينيين، التي يفترض أن يحصلوا عليها، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
ولا تزال القضية الفلسطينية، أكثر قضايا العالم قهراً، وأشدها قمعاً، وأكثرها إيلاما، وأطولها عمراً.
وحتى اليوم لم تتحرك الولايات المتحدة، لإيجاد حل عادل لها، ولم تتخذ إدارتكم أية إجراءات جدية، أو خطوات عملية لمعالجتها جذرياً، وحلها جوهرياً، وفق الحلول العادلة، والمعالجة الدائمة، المنصوص عليها، في قرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة، ومن بينها مبدأ «حل الدولتين».
وعلى هذا الأساس، ينبغي فهم أسباب أحداث السابع من أكتوبر، التي أصابت إسرائيل في الصميم، بأنها ناجمة عن سنوات من المواقف المدمرة، والسياسات المتفجرة، التي اتخذتها إسرائيل، ضد الفلسطينيين، بتشجيع من إداراتكم المتعاقبة، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
السيد الرئيس الأمريكي،
صاحب التصريحات الدرامية!
المؤسف، أنكم تتفرجون على العدوان البربري الإسرائيلي، ضد الشعب الفلسطيني، وكأنكم تتابعون باستمتاع شديد، أحداث أحد أفلام «الكاوبوي»، التي تسمونها «الويسترن» التي اشتهر بها «كلينتستوود»، وتحديداً فيلم «الطيب والشرس والقبيح»!
وأستطيع القول، إن «الطيب» هو الإنسان الفلسطيني، الباحث عن حقوقه المشروعة، الطامح لإقامة دولته المستقلة.
و«الشرس»، هو المحتل الإسرائيلي، الذي يتجاهل القرارات الدولية، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ويواصل الاعتداء بشراسة على الشعب الفلسطيني، ويمثله المحتال نتنياهو، الذي يعيش أسوأ فتراته، في رئاسة حكومة الإرهاب الصهيوني.
أما «القبيح»، فهو كل سياسي أوروبي، لا يؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني، وكل رئيس غربي يؤيد إسرائيل، في عدوانها الهمجي على أطفال فلسطين.
السيد «بايدن»، ولا أقصد الواهن،
تعلم، أن العالم يعلم، بأن دولتكم «العظمى»، قامت على جماجم الهنود الحمر، وإبادة الشعوب الأصلية في القارة الأمريكية، في أكبر عمل إرهابي في تاريخ البشرية.
لكن ذلك الإرهاب الذي مارسه أجدادكم، لا يعطيكم الحق، في الوقوف مع إسرائيل، لشن حرب إبادة جماعية للفلسطينيين.
ومع استمرار الإرهاب الإسرائيلي المنظم، ومواصلة جيش الاحتلال، قصف الأحياء السكنية، وهدم المرافق المدنية في قطاع غزة، بإطلاق الصواريخ، وإلقاء القنابل، وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، الذي يستهدف البشر ولا يترك الشجر ولا يستثني الحجر.
ينفطر قلبي ألماً، ويعتصر فؤادي حزناً، على شهداء فلسطين، الأبرياء المدنيين، ومنهم عائلة الزميل الإعلامي «وائل الدحدوح» مراسل قناة الجزيرة في غزة، الذين استهدفتهم غارة «إرهابية» إسرائيلية، فاستشهدوا.
وكان بينهم حفيده «الرضيع آدم»، الذي لا يزيد عمره عن (45 يوماً)، ويحمل اسم سيدنا آدم «أبو البشرية»، عليه السلام، الذي من نسله كان النسل، وجاءت أنساب الناس كلهم إليه، بمختلف أشكالهم وكل ألوانهم، وكافة معتقداتهم الدينية والدنيوية.
ولم يكن ذلك الشهيد الفلسطيني، المولود حديثاً «متورطاً» في أي نشاط سياسي، أو فعل «نضالي»، أو حراك «ثورجي»!
وهو لم يطلق صاروخاً، من «صواريخ القسام» على «تل أبيب».
ولم يوجه طائرة مسيّرة، ولم يفجر سيارة مفخخة، مليئة بالمتفجرات، في عمق الكيان الصهيوني.
ولم يرتدِ حزاماً ناسفاً، لتفجير إحدى المستوطنات الواقعة في غلاف غزة.
ولم يصدر «بياناً ثورياً»، يفيض بعبارات «الكراهية»، ويمتلئ بمفردات «معاداة السامية»!
بل كان ذلك «الشهيد الرضيع»، الذي لا يزيد عمره على شهر ونصف، ينتظر رضعة الحليب، وتغيير حفاظات «البيب بيب»!
هناك في «مخيم النصيرات»، نزحت عائلة «آدم»، من منطقة «تل الهوى»، بحثاً عن الأمان، فاستهدفتهم الغارة الإسرائيلية بالعدوان!
واغتالت (12) من أفراد العائلة «الغزية» النازحة، بينهم (9) أطفال أحدثهم «الدحدوح» الصغير.
وهذه أحوال أطفال القطاع، المقطوع الأوصال، بين طفل جائع وآخر ضائع، وواحد ينتظر الغداء، وثانٍ يحتاج إلى الدواء، وثالث يتلهف إلى الكساء.
ورابع يتيم، فقد والديه، في القصف الإسرائيلي، وخامس وسادس وعاشر، يعيشون وسط الرعب!
ومثلهم آلاف الأطفال، يحاصرهم الخوف، والدمار، والدماء والأشلاء، والموت الذي لا يفرق، بين الصغار والكبار.
السيد رئيس الولايات المتحدة..
التي تتباهى بدفاعها عن «حقوق الإنسان»!
هناك في غزة المحاصرة، يتعرض الإنسان الفلسطيني، في هذه الساعات، إلى القصف الأعنف براً وبحراً وجواً، ويستهدفه العدوان.
هناك أصبح سفك الدماء، وإزهاق أرواح الأبرياء، مشهداً يومياً، وفعلا اعتياديا.
هناك أصبح الموت، شاهداً على المشهد الفلسطيني الدامي، الذي قتلت فيه عائلات بأكملها، ومحيت من الوجود، وحذفت من السجلات، ودمرت خلاله أحياء بكاملها، فأصبحت بلا حدود!
هناك في هذه اللحظات، تشن الآلة العسكرية الإسرائيلية حرباً وحشية، همجية، بربرية «نازية»، ضد الفلسطينيين هدفها الإبادة الجماعية، وأساسها تغيير الخريطة الإقليمية.
وما من شك في أن المجازر، التي ترتكبها إسرائيل حالياً، ضد الشعب الفلسطيني، تشكل «وصمة عار» لإدارتكم، لأنكم تؤججون الحرب الوحشية، وتشجعونها بتصريحاتكم التحريضية.
وهي «وصمة عار» في سجل الرئيس الفرنسي «ماكرون»، الذي يصم أذنيه، عن صرخات أطفال غزة واستغاثاتهم!
وبدلاً من أن يسعى لوقف الحرب، نجده يطالب بتشكيل «تحالف دولي»، لمحاربة المقاومة الفلسطينية، للتغطية على فشله الذريع، في منطقة «الساحل» الإفريقي!
وهي «وصمة عار»، في ملف المستشار الألماني، «أولافشولتس»، الذي يشاهد سفك دماء الفلسطينيين، ولا يدعو لوقف الحرب الهمجية، وكأنه يتابع مباراة مثيرة، في «البوندسليغا»، بين فريقي «ليفركوزن» و«بايرن ميونخ»!
وهي «وصمة عار»، لرئيس وزراء بريطانيا «ريشي سوناك» الذي يتحدث عن ما يسميه «الإرهاب الفلسطيني» ويتجاهل إرهاب «الهندوس» ضد المسلمين في الهند، من أنصار حزب «بهاراتياجاناتا»، الذي يشبه في توجهاته المتطرفة، حزب «الليكود» في إسرائيل.
وهم أولئك «الإرهابيون»، الذين هدموا المسجد «البابري»، في السادس من ديسمبر عام 1992، وتسببوا في صراع طائفي واسع النطاق، هو الأعنف في الهند، منذ استقلالها عام 1947.
فأي قيم إنسانية، تتشدقون بها، يا «ساسة الغرب»، المنحاز لإسرائيل، وأنتم تتغاضون عن قتل الأبرياء، من الأطفال والنساء، في غزة، المخضبة بالدماء؟!
وأي «حضارة»، تتباهون بها، وأنتم تؤيدون العدوان الوحشي الإسرائيلي، على الشعب الفلسطيني، وكأن الصراع بين الطرفين بدأ في السابع من أكتوبر، وليست له جذور تاريخية؟!
وتتجاهلون أن «الطوفان»، جاء نتيجة سنوات من القهر والظلم والحرمان والاحتقان والعدوان، تفننت فيها سلطات الاحتلال، في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني.
وما من شك، في أن العدوان الإسرائيلي، المتواصل على قطاع غزة، يكشف زيف شعاراتكم يا دعاة «السلام»، أقصد «التسليم»، أعني «الاستسلام» للواقع الاستعماري، الذي تريد أن تفرضه إسرائيل بالقوة، على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، والهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتمرير مشاريع «التطبيع»!
أخيراً، إذا كانت الولايات المتحدة، حريصة في عهدكم، على تحسين صورتها المهزوزة، واسترجاع مصداقيتها المفقودة، في العالمين العربي والإسلامي، ينبغي على إدارتكم، إثبات أن حياة الفلسطينيين، لا تقل أهمية عن الإسرائيليين.
وهذا يتحقق بالعمل الفوري، لوقف الحرب الهمجية، التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني.
وينبغي عليكم، إثبات أن الحقوق الإنسانية، متساوية، ولا تتغير في سياستكم، باختلاف الأديان، والألوان، ولا يتم سحقها عندما يتفجر «الطوفان»!
كما ينبغي عليكم إثبات أن «القانون الدولي» يشمل الجميع، بلا استثناء، ويطبق على الجميع بلا استعلاء.
وهذا يعني ضرورة الضغط على إسرائيل، المتعجرفة، المتغطرسة، لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
وينبغي عليكم أيضاً، تنقية الأجواء المسمومة في المنطقة، بسبب إنحيازكم لإسرائيل، والعمل على ترسيخ دعائم السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، على أساس «حل الدولتين».
وبغير ذلك، ستبقى أيها «الرئيس بايدن»، في أنظار كل الشرفاء في العالم، أنك «المهادن» لحكومة الإرهاب الإسرائيلي.
وأنك «المتهاون» مع انتهاكاتها الحقوقية ضد الفلسطينيين.
وأنك «المتعاون»، مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، ضد الشعب الفلسطيني.
عينُ المحتل الثالثة
(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ).. هذه الآية الكريمة كانت أول ما قفز... اقرأ المزيد
108
| 10 ديسمبر 2025
ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى واقع ملموس 1 - 2
العنوان كان شعار “منتدى الدوحة“ الأخير في دورته 23، وأحيي نباهة الاخوة المسؤولين في دولة قطر وحكمتهم في... اقرأ المزيد
90
| 10 ديسمبر 2025
ومرت سنة على سـوريا
سنة منذ أن خُلع بشار الأسد، وسنة منذ أن تنفس السوريون الحياة، وسنة منذ أن ظهر للعالم بأن... اقرأ المزيد
84
| 10 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4254
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2019
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1785
| 04 ديسمبر 2025