رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جاسم الشمري

مساحة إعلانية

مقالات

1014

جاسم الشمري

السنوار والشوك والقرنفل!

01 نوفمبر 2024 , 11:44م

هنالك الكثير من الأشخاص الذين اقترن ذكرهم بالبطولة والتحدي، وهذا الكلام في عصرنا الحالي يتمثل بالمهاتما غاندي، والأمير عبد القادر الجزائري، والشهيد عمر المختار، والقائد جيفارا، والمجاهد عبد القادر الحسيني، والشهيد أحمد ياسين وغيرهم.

وبعد طوفان الأقصى اقترن اسم الشهيد يحيى السنوار بالطوفان، والتحدي، والاستخفاف بالعدو حتى اللحظات الأخيرة، وفي أحرج الظروف والمواقف!

والسنوار صار أيقونة عالمية ولم يعد «مجرد» رمز فلسطيني، بل هو اليوم مثالا لتحدي الكراهية والخراب والاحتلال، وربما، هو من أكثر الأسماء بحثا في الشبكة العنكبوتية!

ولد السنوار في عام 1962 واستشهد صامدا متحديا في عام 2024، بعد أن تسنم رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس منذ 6 آب/ أغسطس 2024 وبعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية!

مَنْ كان يتصوّر أن السنوار المحكوم في العام 1989م بأربعة أحكام بالسجن مدى الحياة، و(25) عاما أخرى، سيكون هو الضارب لكيان الصهاينة وحكومة نتنياهو، والزارع للخوف في أرجاء الأراضي المحتلة؟

بقي السنوار أسيرا لأكثر من (22) عاما في السجون الصهيونية، وخلال صفقة إطلاق سراح الجندي الصهيوني جلعاد شاليط المحتجز لدى المقاومة الفلسطينية، في العام 2011، أُطلق سراحه بتلك الصفقة التي شملت أكثر من ألف أسير!

وتجربة السجن المريرة كانت متنوعة ومثمرة بالنسبة للسنوار، فقد كان صديقا لجميع الأسرى، ورفيقا صادقا لرفاق الخارج، ولم ينس نصيبه من القراءة وتطوير الذات!

والسنوار كان قائدا وأديبا، وكتب روايته «الشوك والقرنفل» خلف قضبان الاحتلال!

ويقول معلق الشؤون العربية في إذاعة الجيش الصهيوني «جاكي خوجي» بمقال في صحيفة موقع «معاريف» بان «السنوار، وخلال 22 عاما في الأسر، ألَّف ثلاثة كتب».

والذي يعنينا رواية «الشوك والقرنفل»، التي كتبها في ظروف استثنائية، وهي من الأدب المصوِّر للواقع، والهادف لزرع الأمل واستمرار التحدي للمحتل!

والرواية يصنفها بعض النقاد بأنها من كتابات السيرة الذاتية، وهي تصوّر عائلة فلسطينية عاشت (35) عاما في مخيم الشاطئ بالقطاع، وربما، هي عائلة السنوار، أو إشارة لأي بيت فلسطيني في ظل الظروف المتشابهة وقساوة الاحتلال والضياع!

وتُظْهِر الرواية، عبر الشباب الخمسة داخل تلك العائلة، التنوع الفكري للفلسطينيين!

ويُبين «الأم» بأنها الخيمة والمدبرة لشؤون العائلة، بعد أن فُقِدَ الأب في حرب عام 1967!

وهذه دلالة واضحة على مكانة الأم الفلسطينية التي وقفت وضحت وناضلت، منذ عقود، لبناء الإنسان، وعمارة البيوت رغم الاحتلال وهمجيته وعدوانيته!

ونحن هنا لا نريد نقد الرواية ولكن نسلط الضوء على السنوار الإنسان، والقائد المليء بالصبر والصمود والتحدي، والأمل رغم الظروف المليئة بالظلم والاضطهاد وراء القضبان!

ثم لماذا هذا العنوان: «الشوك والقرنفل»؟

والشوك في قواميس اللغة هو «ما يَخْرُجُ من الشَّجَر، أو النَّباتِ دقيقًا صُلْبًا محدَّد الرَّأْس كالإبر».

وهنالك العديد من الكلمات المرادفة لكلمة «شوك» ومنها: البَأْس، والشَكِيمَة، والشِدَّة، والصَرِيمة، والقُدْرَة، والقُوَّة، والمَنَعَة، والمُكْنَة!

فهل كان يقصد «بالشوك» الصمود والثبات بوجه الاحتلال، أم أراد أن يكشف همجية الاحتلال ومآسيه بحق الفلسطينيين داخل المعتقلات وخارجها؟

ولفظة قَرَنْفُل، مفرد قَرَنْفُلَة: جنس أزهار مشهورة، وأنواعه عديدة، وجميعها زراعيّة تزيينية، وأزهارها جميلة الشَّكل تاجيّة الارتكاز عطرية.

ومرادفات كلمة (قرنفل)، ربما، كل ما يتعلق بالورود والأزهار والأمل والحب والحياة والحرية والنور والسلام!

وحتما أراد السنوار الجمع بين المتناقضات: الحرية والأسر، والتحرير والاحتلال، والسلام والحرب، والبداية والنهاية، والنور والظلام، والسعادة والتعاسة، والحياة والموت، والشوك والقرنفل!

رحم الله السنوار الشهيد والمجاهد والمناضل ورمز البطولة والأديب والإنسان النقي، والذي سيبقى اسمه منقوشا في ذاكرة الأعداء قبل الأصدقاء!

مقالات ذات صلة

مساحة إعلانية