رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

238

دبلوماسيون ومحللون مصريون: خطاب سمو الأمير أمام الأمم المتحدة حمل رسائل حاسمة للمجتمع الدولي

24 سبتمبر 2025 , 06:42م
alsharq
الدوحة - قنا

اعتبر دبلوماسيون ومحللون مصريون أن خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، خلال أعمال الجلسة العامة للدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، شكل محطة مفصلية في مسار العمل العربي المشترك وحمل رسائل واضحة وحاسمة للمجتمع الدولي، مع التركيز على أن الوحدة والتضامن العربي هما أساس مواجهة التحديات وتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة.

وأشاروا ،في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، إلى أن هذا الخطاب جاء في توقيت بالغ الحساسية، يعكس بشفافية حجم التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي تعرضت له الدوحة، معتبرين أن التضامن العربي تجسد بشكل ملحوظ عقب هذا الاستهداف من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي لدولة قطر، كما أن التنسيق الوثيق بين دولة قطر ومصر يعكس روح هذا التضامن العربي في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها المنطقة.

وفي هذا الإطار، قال السفير رؤوف سعد مساعد وزير الخارجية المصري السابق، إن خطاب سمو أمير البلاد المفدى جاء حاسما كما ترقب وتوقع الكثيرون، حيث تضمن توصيفا عميقا بعبارات صريحة حول ما تشهده المنطقة من أوضاع وتطورات متسارعة، وذلك بأسلوب مهذب أيضا تضمن في الوقت ذاته إدانة لاذعة للعدوان الإسرائيلي الغاشم الذي تعرضت له دولة قطر في التاسع من سبتمبر الجاري، وكذلك للحرب الإسرائيلية المروعة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.

وأشار السفير رؤوف سعد، في هذا الصدد، إلى أن خطاب سمو الأمير تناول بشكل مفصل العدوان الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث كان اعتداء همجيا وغادرا وبربريا، ولم يكن مجرد اعتداء على دولة قطر فقط ، لافتا إلى أن دولة قطر واجهت مجرم حرب ودولة احتلال مارقة يقودها شخص فقد صوابه السياسي ويتحرك بأجندة جنونية ليحقق أغراضه من خلال السعى لتحقيق النهاية التي رسمها، لكن هناك نهاية أخرى تنتظره.

وحول ما تضمنه خطاب سمو أمير البلاد المفدى من إشارة لدور الوساطة الذي تقوم به دولة قطر ومصر لوقف إطلاق النار في غزة، لفت السفير رؤوف سعد، إلى أن خطاب سمو الأمير تطرق إلى الدور المهم للبلدين الشقيقين في هذا الصدد، وهو ما تناوله أيضا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مؤتمر حل الدولتين، بما يعكس توافق الرؤى بين الزعيمين، والحرص على التكامل وتقديم وثيقة تاريخية في هذا الشأن، حيث تضمن الخطابان إشارة قوية للحظة إفاقة للجميع بشأن خطورة ما يحدث، وإنذارا مهما لما يمكن أن يحدث مستقبلا. 

وفي ذات السياق، قال السفير معتز أحمدين خليل مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك سابقا، إن خطاب سمو أمير البلاد المفدى ركز على مسألة العدوان الإسرائيلي على الدوحة، وهو أمر متوقع بالنظر إلى أن موعد المناقشة العامة للجمعية العامة الذي جاء بعد أسبوعين فقط من هذا الهجوم.

وتابع: فضلا عن أن ذلك الاعتداء على السيادة القطرية جاء رغم دور الوساطة الذي تقوم به دولة قطر مع مصر بصورة محايدة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن، ومن أجل تحقيق المصلحة المشتركة للإقليم، ولجميع الأطراف، حيث تعمل دولة قطر على حل النزاعات بالطرق السلمية، وفي ذات الوقت تعرضت لتهديد لأمنها، بما يردع الدول عن التفكير في اتباع ذلك الأسلوب، ويدفعها لاتباع قانون الغاب، كما نصت الكلمة، أو إيثار السلامة مما يؤدي إلى تفاقم وتوسع النزاعات، بما يهدد الأمن الإقليمي والدولي على السواء.

واعتبر أن الخطاب أشار من جهة أخرى إلى خطورة مثل هذه التصرفات على استقرار النظام الدولي، حيث تم الربط في مقدمته بين هذه الأحداث وبين الموضوع الرئيسي للنقاش العام خلال هذه الدورة التي تحتفي بمرور ثمانين عاما على نشأة الأمم المتحدة، وإبراز استمرار الحاجة إلى دور المنظمة الأممية لتحقيق السلام وحفظ الأمن الدولي، فضلا عن توجيه رسالة خاصة لإسرائيل بأن الاعتداء الذي ارتكبته كشف نواياها التوسعية الحقيقية ومنطقها المعوج، وأن سياساتها وممارساتها تلك لن تحقق الأهداف التي تسعي إليها، وأن الدول العربية لن تقبل بفرض سيطرة إسرائيل عليها، كما أن ممارسات إسرائيل لن تثني دولة قطر عن مواصلة وساطتها المشتركة مع مصر لوقف الحرب.

وقال مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة سابقا: "إنه إلى جانب هذه الرسائل الرئيسية تضمنت الكلمة الجوانب التقليدية في كلمات الجمعية العامة من حيث إبراز دور دولة قطر في محيطها الإقليمي والدولي، وموقفها من القضايا القريبة منها: سوريا، لبنان، السودان، مع الحرص على تأكيد التنسيق التام مع الولايات المتحدة في الأدوار التي تقوم بها دولة قطر على المستوى الدولي"، مشددا على أن دور الشقيقتين مصر وقطر متكامل، ويوجد تنسيق بينهما باستخدام مختلف الأدوات المتوفرة لدى كل منهما لتحقيق هذا الهدف الذي يخدم مصالح الإقليم.

من جانبه، شدد الدكتور حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على أن خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، جاء في سياق المواقف العربية الرافضة لأي عدوان على سيادة دولة عربية، حيث كان الخطاب واضحا لا لبس فيه أو غموض وكان مجددا دون مواربة، كما استند على الدعم العربي المهم الذي ظهر جليا وواضحا في القمة العربية الإسلامية التي عقدت مؤخرا بالدوحة. 

ولفت سلامة إلى أن خطاب سمو الأمير تناول بحسم العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مؤخرا دولة قطر، والذي جاء في سياق محاولة إسرائيل الإيهام بأن لها يدا طولى تصل إلى أي مكان وهو أمر غير مقبول، ويأتي ضمن محاولات نسف المسار التفاوضي، منبها بضرورة عدم التراجع أو هبوط الهمة لدى الوسطاء لأن المسألة ليست مرتبطة بإسرائيل إنما مرتبطة بالحق الفلسطيني.

وقال إن دولة قطر تستطيع أن تقدم حلولا في هذا الصدد، وذلك في إطار علاقات التعاون والشراكة المهمة مع مصر، بوصفهما الطرفين الأكثر تأثيرا في ملف الوساطة التي تهدف لوقف إطلاق النار في غزة، مشددا على أن مصر وقطر يتعاونان من أجل حقن دماء الفلسطينيين ومن أجل الحق الفلسطيني. 

وأضاف أن دولة قطر تعد وسيطا مهما ووفرت الأمان لوفد حماس المفاوض، وأن آليات المواجهة ليست عسكرية فقط، وإنما هناك آليات أخرى مثل الآلية الدبلوماسية والتفاوض وممارسة الضغوط.

وبدوره، اعتبر اللواء دكتور نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أستاذ الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا في مصر، أن خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى جاء في منتهى القوة والحزم والحسم، كما كان متكاملا واتسم بالشجاعة، ولم يتضمن مجاملة لأحد على حساب قضايا الأمة العربية أو الإسلامية.

وقال اللواء سالم: "إن خطاب سمو أمير دولة قطر كان من أفضل الخطابات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تناول عديدا من القضايا وكثيرا من المحاور، وتحدث بما يريد أن يتحدث به العرب كافة.. وأرسل رسالة لا لبس فيها ولا غموض أن إسرائيل تريد أن تستمر في عملية الإبادة الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني وتدمير الدولة الفلسطينية ومنع قيامها".

ولفت إلى أن سمو الأمير تناول قضية فلسطين، قضية العرب الأولى والمركزية، بمنتهى الشجاعة والوضوح، ثم عرج على دور دولة قطر بالتنسيق مع مصر في تلك القضية، لا سيما فيما يتعلق بالأزمة المروعة التي يشهدها قطاع غزة.

وفي هذا الصدد، أدان المحلل السياسي المصري الاعتداء الإسرائيلي على دولة قطر، مشيرا إلى أن هذا الاعتداء الخسيس جاء أثناء مناقشة مقترح أمريكي يهدف إلى التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، مشددا على أن كلمة سمو الأمير كشفت هذا الدور الإسرائيلي المفضوح، حيث أرادت إسرائيل بهذا العمل الجبان نسف مسار المفاوضات والوساطة، والذي تقوم فيه دولة قطر ومصر بدور رئيسي، كما أكد في الوقت نفسه أن التعاون بين البلدين الشقيقين في هذا الصدد مطلوب خلال المرحلة الراهنة، من أجل الاستمرار والسير على هذا النهج النابع من الإحساس بالمسؤولية لدى كلا البلدين لتحقيق الاستقرار في المنطقة. 

من جانبها، قالت الدكتورة نيفين وهدان أستاذ العلوم السياسية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا :"إن خطاب سمو الأمير يعد رسالة واضحة وجريئة، حيث أدان الاعتداء الذي تعرضت له الدوحة ووصفه بالإرهابي الذي طال سيادة الدولة منتهكا كافة القوانين الدولية، كما بعث برسالة واضحة بأن هذا الهجوم لا يستهدف دولة قطر فحسب وليس مجرد حادث عسكري، بل هو تهديد مباشر لأمن واستقرار المنطقة بأسرها وتهديد للسلم الدولي، ورسالة ضمنية توضح عدم رغبة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التوصل إلى اتفاق حقيقي لإطلاق سراح الرهائن بعد هجومه غير المبرر على الدولة الوسيطة المحورية في ملف المفاوضات بجانب الدولة المصرية".

وأشارت كذلك إلى مضامين خطاب سمو أمير البلاد المفدى والتي تناولت تعقيد أزمات دول المنطقة، من سوريا واليمن إلى لبنان والعراق والسودان، حيث إن هذه القضايا ليست منفصلة عن بعضها، بل هي شبكة مترابطة من التحديات في المنطقة التي تتطلب تضافر الجهود السياسية العربية والدولية لمواجهتها.

كما اعتبرت، في هذا الصدد، أن العلاقات المصرية القطرية استحوذت على جزء لا بأس به من هذا الخطاب المهم لسمو الأمير، حيث نوهت بإشادة سموه بالدور الكبير المحوري والمهم الذي تلعبه مصر، في قيادة مساعي السلام كشريك في عملية التفاوض والتهدئة في المنطقة، والتنسيق الوثيق بين دولة قطر ومصر في إطار روح التضامن العربي في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة.

ولفتت أستاذ العلوم السياسية، إلى أن البعد الإنساني لم يغب عن خطاب سمو أمير البلاد المفدى أمام الأمم المتحدة من حيث التأكيد على التزام دولة قطر بدعم الشعوب المتضررة من النزاعات من خلال تقديم مساعدات إنسانية ومشاريع تنموية، وخاصة في فلسطين وسوريا واليمن، حيث إن هذا الدعم هو ترجمة حقيقية لقيم التضامن والإخاء التي تسعى الدوحة لترسيخها على أرض الواقع.

كما ثمنت دعوة سمو الأمير للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في حفظ الأمن والسلام، ووضع حد للانتهاكات والاعتداءات التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي، حيث أكد سموه أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال احترام المواثيق والقوانين الدولية، منوهة بتأكيد سموه كذلك أن دولة قطر ستظل ثابتة في موقفها، واضحة في رؤيتها، متمسكة بدعم الحق والعدالة الدوليين، وبالتعاون الوثيق مع مصر وبقية الدول العربية.

وأوضحت أن الإنجازات الرياضية، شكلت أيضا نقطة اعتزاز في خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، الذي تحدث بفخر عن استضافة دولة قطر كأس العالم 2022، وكيف أن هذا الحدث مثل منصة عالمية للتواصل الثقافي والسلام، وبعث برسالة أن الرياضة ليست فقط مناسبة للتنافس، بل أداة فعالة لدعم التواصل بين شعوب العالم.

من جانبه، قال الدكتور أيمن سمير المحلل السياسي والخبير بالعلاقات الدولية، إن خطاب حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى جاء شاملا ووصف الوضع في الشرق الأوسط بكلمات دقيقة وعبارات متزنة اتسمت بالصراحة والحسم والصرامة تجاه كل ما تقوم به إسرائيل سواء في غزة أو الهجوم الإسرائيلي الغادر على الدوحة في التاسع من سبتمبر الجاري، حيث نبه سموه العالم بشكل واضح لخطورة هذا السلوك الإسرائيلي على الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

وأشار خبير العلاقات الدولية إلى أنه كان هناك اهتمام عالمي بمتابعة خطاب سمو أمير دولة قطر، ليس فقط بعد ما تعرضت له الدوحة من هجوم إسرائيلي، ولكن أيضا بعد تلقيها دعما غير مسبوق من العالم العربي والإسلامي خلال القمة العربية الإسلامية التي استضافتها الدوحة مؤخرا، وكذلك من كل دول وشعوب العالم، كما ثمن في هذا الصدد تحذير سمو أمير البلاد المفدى من استمرار إسرائيل في هذه السلوكيات، وأن الشرق الأوسط سوف يظل رهينة لهذه العدوانية وهذه المجازر والوحشية الإسرائيلية تجاه ليس فقط الشعب الفلسطيني لكن أيضا ضد الدول العربية ودول الشرق الأوسط، لأن اعتداءات إسرائيل طالت إيران وقطر واليمن ولبنان وسوريا.

وقال إن النقطة الأهم التي أشار إليها سمو الأمير تتعلق بأن الهجوم على الدوحة كان هجوما مباشرا ومباغتا على المفاوضات، حيث لا تريد إسرائيل لهذه المفاوضات النجاح، وهي التي أفشلت هذه المفاوضات منذ بدايتها، وعادت للحرب رغم أنه كان هناك هدنة لمدة شهرين منذ 19 يناير حتى 18مارس من هذا العام، حيث كانت إسرائيل هي التي أعادت الحرب وانقلبت على الهدنة التي توصل إليها الوسيطان القطري والمصري مع الولايات المتحدة الأمريكية.

واعتبر، في هذا الصدد، أن خطاب سمو أمير البلاد المفدى نسف السردية الإسرائيلية بشأن إطلاق سراح الرهائن، حيث كان لافتا تأكيد سموه على أن الوساطات هي التي أطلقت الرهائن وليس العمليات العسكرية الإسرائيلية وليس كما زعم رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي صدر للعالم رواية بأن الحرب على غزة الهدف منها إطلاق سراح الرهائن والقضاء على حماس لكن الواقع على الأرض يقول كما قال سمو الأمير إن إسرائيل ونتنياهو يريدان استمرار الحرب لتحقيق أهداف أخرى منها تدمير عملية السلام وضم الضفة الغربية، وأيضا الاعتداءات على دول أخرى تحت مظلة أن الحرب مستمرة على غزة.

وأضاف أن خطاب سمو أمير البلاد المفدى وجه رسالة واضحة في هذا الصدد، وهي: "أن إسرائيل لا تريد السلام، بل بالعكس تؤمن بلغة القوة ولغة السلاح وليس لغة الدبلوماسية أو التفاوض التي كان يعمل عليها الوسطاء الثلاثة مصر وقطر والولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن خطاب سمو أمير البلاد المفدى سيجد صدى كبيرا ليس فقط داخل جدران الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن في العالم كله باعتباره توصيفا حقيقيا لما يجري في الشرق الأوسط وتحذيرا من تداعيات السلوك العنيف لإسرائيل.

واختتم المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية المصري تصريحاته لـ/قنا/ بالإشارة إلى أن خطاب سمو الأمير رسم كذلك خريطة طريق للمستقبل في المنطقة، وأن هذا المستقبل يبدأ بضرورة وقف إطلاق النار ودخول المساعدات بشكل كامل إلى قطاع غزة دون قيد أو شرط، وفي نفس الوقت قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967.

مساحة إعلانية