رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

959

العراق.. ثورة وإنتفاضة في وجه الطائفية الصفوية

14 يونيو 2014 , 09:31م
alsharq
عبد الرحيم ضرار

التطورات الجارية في العراق هذه الأيام لم تكن وليدة اللحظة الراهنة، فالأخطاء التي أرتكبت بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 وفي مقدمتها حل الجيش العراقي وتعميق الطائفية الصفوية وأقامة عملية سياسية مشوهة تقوم على مبدأ المحاصصة الطائفية وترك قنابل موقوتة قابلة للإنفجار في أي وقت مثل مشكلة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، شكلت تركة ثقيلة وقفت عليها حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي وساهمت في تبنيها وتجذيرها ما خلق بيئة مهيأة للإنفجار والإنتفاضة في العراق.

وجاءت العملية السياسية المشوهة التي إنتهجتها السلطة في العراق والتي قامت على إقصاء وتهميش مكون أساسي من الشعب العراقي وإخفاقها في معالجة أزمات البلاد لتزيد الغبن وتشعل الفتن بين أبناء الشعب العراقي.

الرسالة الأخيرة

ولقد كانت الإعتصامات السنية السلمية التي إستمرت لأكثر من عام في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك الرسالة الأخيرة التي وجهها المكون السني لحكومة المالكي وهي رسالة منحت الحكومة فرصة تاريخية لتعديل المسار وتصحيح السياسات الخاطئة التي أسهمت في تهميش وإقصاء السنة، غير أن تعامل الحكومة الذي لم يتسم بالحكمة ولم يلتزم بالمصالح الوطنية العليا من خلال قيامها بفض الإعتصامات بالقوة لتؤجج نار الفتنة وتدفع بالعشائر السنية إلى اللجوء لخيار الإنتفاضة المسلحة من أجل إسترداد الحقوق المسلوبة والوقوف في وجه الطائفية الصفوية التي تقوم عليها سياسات حكومة المالكي.

وكان خروج الرمادي والفلوجة في محافظة الأنبار من سلطة الدولة قبل أكثر من عام إنذاراً لم تدرك حكومة المالكي أبعاده حيث مضت في طريق الحل العسكري والأمني بدلاً من الحوار الوطني الذي يلبي تطلعات المكون السني في كل أنحاء العراق ويوقف سياسة التهميش التي إستمرت منذ الإحتلال الأمريكي وحتى الآن.

إنتشار الإنتفاضة المسلحة

وفي ظل الغضب الشعبي المتصاعد في المحافظات السنية لم يكن مستغرباً إنتقال الإنتفاضة المسلحة التي قادتها فصائل عراقية متنوعة في مقدمتها ثوار العشائر السنية إلى محافظة نينوى وعاصمتها الموصل وهي ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد، ومع وجود حاضنة شعبية لهذه الإنتفاضة لم يكن مدهشاً تصدع الأرض تحت أقدام نوري المالكي وإنهيار سلطة الدولة وأذرعها العسكرية أمام تقدم الثوار ليسيطروا على المحافظة بكاملها خلال ساعات معدودة دون مواجهاتٍ تذكر، وليذهبوا أكثر من ذلك ليتقدموا ويبسطوا سيطرتهم أيضاً على معظم محافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت وبعض من أجزاء محافظتي كركوك وديالى.

هشاشة العملية السياسية

وفي المقابل ساعد ضعف العملية السياسية الهشة والخلافات العميقة بين أركان الحكومة العراقية في إنهيار الجيش ولجوء رئيس الوزراء نوري المالكي إلى المليشيات الشيعية والمتطوعين ومحاولة تشويه الإنتفاضة المسلحة للعشائر السنة والفصائل التي يقودها الثوار العراقيين على أنها حرب إرهابية يقودها تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية "داعش" في محاولة لإستقطاب الدعم الدولي لمواجهة الشعب العراقي الثائر.

ولم ينتبه المالكي بأن العنف العسكري الذي تمارسه مليشياته تجاه السنة والتنظيمات العراقية المعارضة للنظام الحاكم الآن في العراق لم يعد يجدي نفعاً في الوقت الراهن ولن يشكل رادعاً لإيقاف الثورة العراقية التي إنتفضت مرة أخرى من أجل وحدة العراق وإسترداد الحقوق ورفع الظلم عن الشعب العراقي وخصوصاً أهل السنة الذين ظلوا يعيشون تحت وطأة الآلة العسكرية التابعة لحكومة المالكي منذ توليه رئاسة الوزراء وحتى الآن.

المالكي أوقد الفتنة

ويبدو أن المثل الذي يقول "وجنت على نفسها براقش" قد أنطبق على نوري المالكي، فقد ظهر قبل أكثر من عام في مؤتمر صحفي أشعل من خلاله نار الفتنة بيديه عندما وصف حربه على أهل السنة "فض الإعتصامات السلمية" بأنها حرب بين أنصار الحسين وأنصار يزيد بن معاوية، لتتجلى نواياه الطائفية في أبهى صورها وليشق بهذه الكلمات صف العراقيين وتحويل الخلافات السياسية إلى خلافات طائفية لم تشهدها العراق من قبل، ما جعل كل العراقيين الوطنين يحمولنه مسؤولية ما يحدث في العراق في الوقت الراهن.

بداية يصعب معرفة نهايتها

والوضع في العراق الآن أصبح مفتوحاً على كل الإحتمالات بما فيها قيام حرب أهلية شرسة خصوصاً في ظل الخطاب السياسي التعبوي القائم على النهج الطائفي.

وفي خضم هذه الأحداث مازال الثوار يواصلون من جديد ثورتهم في وجه الطاغية والظلم والإستبداد في سبيل إسترداد حقوق شعبهم التي سلبتها حكومة المالكي، ويبدو أنها ثورة حتى النصر بعد أن أصبح الثوار يحاصرون بغداد العاصمة من ثلاثة محاور في ظل سيطرتهم الكاملة على محافظة نينوى ومحافظة صلاح الدين وأجزاء من محافظات كركوك وديالى، بالإضافة إلى سيطرتهم على مناطق واسعة يتمتعون فيها بالدعم الشعبي وحرية الحركة لتستمر بذلك الإنتفاضة المسلحة والثورة الشعبية ما يجعل القول بأنه قد بات من الصعب التكهن بنهاية قريبة للأزمة العراقية أمراً واقعاً.

مساحة إعلانية