رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منوعات

1162

قضية هزت كندا والعالم:

"بيث" من ملاك للرحمة إلى "قابض للأرواح"

14 يناير 2017 , 06:58م
alsharq
تورنتو – خالد سلامة

قد تكون هي السابقة الأولى من نوعها في عالمنا الحديث، وقد تكون الوحيدة في العالم، إن لم تكن لدينا إحصاءات كافية تؤكد أن تلك المرأة التي شارفت على الدخول في العقد الرابع من حياتها بعد ما يزيد على عشرين عاما قضتها "كملاك للرحمة" وواحدة من الممرضات المسجلين المعترف بهن في كندا، هي المسؤولة عن إزهاق أرواح ثمانية من المواطنين كبار السن ممن كانوا يقيمون في عدد من دو المسنين التي خدمت بها هذه الممرضة الكندية التي تدعى إليزابيث وتلوفر جيمس.

القضية شنعاء تتحدث عنها حاليا كافة المقاطعات الكندية خاصة مقاطعة أونتاريو التي نشأت فيها وتلوفر وتحديدا في مناطق وودستوك، ولندن، وباريس، وهي مدن أو بلدات صغيرة تبعد عن تورنتو حوالي ساعتين بالسيارة.

قصة ملاك الرحمة

قصة "بيث" ملاك الرحمة قابض الأرواح قد تكون أغرب من الخيال، بل هي قصة تختلف عن قصص القتلة والأشرار، حيث يُجمع كافة من عرف "بيث" في بلدتها الصغيرة أنها امرأة مسالمة وودودة للغاية، كانت تجامل جيرانها، ودائما تسبقها ابتسامتها العريضة ووجها الذي لا ينم عن أي عدوانية على الإطلاق.

بدأت "بيث" مسيرتها العملية الرسمية بعد أن تخرجت من معهد التمريض وتم تسجيلها كممرضة معترف بها، وهي وظيفة تضمن لمن يعمل بها في كندا دخلا محترما لا يقل في البداية عن 80 ألف دولار كندي سنويا، مع المزايا الأخرى، بما يضمن مستوى مرتفعا من الحياة وسعة من العيش.

نشأت "بيث" في عائلة صغيرة محافظة، وبالرغم من حياتها البسيطة، إلا أن "بيث" تعرضت في مرحلة ما لإدمان "الكحول"، خاصة أنها لم تتزوج ، وكان حبها الأكبر لكلبها الذي كانت تحرص تماما على العناية به عناية جيدة.

ثمانية قتلى

منذ القبض على "بيث" في أكتوبر الماضي (2016) وهناك سلسلة مكثفة من تحقيقات الشرطة في محاولة لكشف غموض تلك الحوادث التي لم يكتشفها أحد على الإطلاق.

ويبدو أن المقولة العربية المعروفة "لسانك حصانك" هي مقولة صحيحة مائة بالمائة، لأن هذه الوفيات الثمانية لم يكن أحد ليكتشفها على الإطلاق لو لم تتطوع "بيث" نفسها بالحديث عنها مع أحد المعالجين لها في مؤسسة كندية شهيرة تعالج الأمراض النفسية، وهي مؤسسة تدعى "كام إتش"، وهو اختصار للحروف CAMH كانت "بيث" تتردد عليها منذ أن تقدمت باستقالتها نهائيا من العمل قبل حوالي عامين.

خلال زياراتها المتعددة إلى CAMH كان هناك من يتولى علاجها والإشراف على حالتها النفسية، وبالطبع تنشأ علاقة ثقة كبيرة ما بين المريض والمعالج، ومن المتعارف عليه أن يقوم المريض بالحديث مع المعالج حول العديد من الأمور في حياته، ويطلع المعالج على أدق تفاصيل الحياة الشخصية لمن يتابعهم من المرضى، ومن هنا كانت البداية أو الاكتشاف الخطير لحالات الوفاة المدبرة التي اعتبرت "بيث" مسؤولة عنها خلال عملها كممرضة مسجلة محترفة في دور المسنين.

الخصوصية أم المسؤولية

من الأمور الهامة التي توليها القوانين الكندية أهمية خاصة هي النقطة المتعلقة بالحفاظ على الخصوصية للمواطنين، سواء كان المواطن في مكان عمله أو مراجعا لمؤسسة ما أو مريضا أو في أي وضع من الأوضاع، ولكن أمور الخصوصية التي ينظمها القانون، تنص أيضا على وجوب قيام بعض الأشخاص الذين يطلعون على معلومات معينة بإبلاغ السلطات المعنية بها فور علمهم بها وإلا تعرضوا للوقوع تحت طائلة القانون.

من الفئات التي تلتزم بالإبلاغ عن بعض تلك المعلومات، الأطباء، المدرسين، بعض العاملين في مجال الصحة والعلاج النفسي وغيرها من التخصصات المنصوص عليها.

حالة "بيث" خضعت للمعايير القانونية، فهي التي تحدثت للمعالج وكشفت لها مسؤوليتها عن موت ثمانية من كبار السن الذين كانت تقوم بخدمتهم في دور المسنين التي عملت بها لما يزيد على واحد وعشرين عاما.

موت طبيعي ودون شكوك

كافة حالات الوفاة التي تسببت فيها "بيث" تثبت أنها كانت ممرضة تدري تماما ما تقوم به، خاصة أن كافة الوفيات بدت طبيعية تماما ولم يشك فيها أي طبيب من الأطباء الشرعيين الذين أصدروا شهادات الوفاة الخاصة بمن قامت "بيث" بإنهاء حياتهم.

التحقيقات أثبتت أن "بيث" اتبعت أسلوبا واحدا فقط في إنهاء حياة الضحايا الثمانية وبدون ألم عن طريق حقنهم بجرعة مدروسة من "الأنسولين" الذي يستخدم في علاج السكر أو ضبط معدلاته بالدم، ولا شك أن كبار السن يعاني معظمهم من داء السكري، وبالتالي يحتاجون للأنسولين من وقت إلى آخر، فضلا عن أن هؤلاء يحتاجون إلى أدوية عديدة أخرى.

تحقيقات الشرطة

تحقيقات الشرطة بدأت منذ الإبلاغ عن الواقعة وأقوال "بيث" في حديثها مع المعالج النفسي، وقد بدأ ذلك في منتصف عام 2016، حيث قامت الشرطة بسؤال "بيث" عدة أسئلة، ثم تم عرضها على القاضي الذي قرر بعد الاطلاع على تقارير المعالج النفسى أنه يتوجب على "بيث" أن تعتزل التمريض تماما، وألا تشارك في الحياة العامة مع فرض "حظر للتجول أو إقامة جبرية لها" مع أسرتها الأساسية "في بيت والدها" مع استثناء يسمح لها بحضور جلسات العلاج من إدمان الكحول، على أن تلزم المنزل تماما ولاتخرج اعتبارا من الساعة السابعة مساء وحتى الساعة السادسة من صباح كل يوم.

كرسي الإعدام الكهربائي

واحدة من جيران "بيث" في البناية التي كانت تقطنها قالت إن "بيث" لم يبدُ عليها أي نوع من القلق أو التغير في السلوك، ولكن شيئا وحيدا استوقف الجارة خلال اجتماع لملاك البناية التي تسكن فيها "بيث" عندما أخبرت "بيث" جارتها تلك أنها ستبحث لكلبها عن من يتبناه قريبا.

كان هذا الخبر غريبا على سمع الجارة، لا سيما أنها تدرك أن "كلب" بيث كان يمثل لها أهمية قصوى في حياتها، كأنه فرد أصيل من أفراد الأسرة، فكيف تتخلى عنه طواعية.بعد ذلك تفاجأت الجارة بأن الشرطة ألقت القبض على "بيث" وتم اتهامها بقتل ثمانية من كبار السن.

ولعل من العلامات الفارقة التي كانت تدور بذهن "بيث"، أنه عاجلا أم آجلا سيتم القبض عليها وإعدامها بالكرسي الكهربائي، وهو ما قد يعبر عنه جلوسها على مجسم غير حقيقي لكرسي الإعدام الكهربائي خلال نزهة لها في منطقة شلالات نياجرا.

كلية التمريض أو معهد التمريض قام هو الآخرى بتعليق وشطب عضوية "بيث" تماما مع نشر كافة التفاصيل المتعلقة بقضيتها وتفاصيل الاتهام على موقعها حاليا، حيث يلزم القانون معهد التمريض الذي يشرف وينظم هذه المهنة بالإفصاح الكامل عن تفاصيل التهم الموجهة إلى أيٍّ من أعضائه.

مساحة إعلانية