رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان 1435

341

القرة داغي: الحوار هو الحل الوحيد للاختلافات بين المسلمين

09 يوليو 2014 , 03:41م
alsharq
الدوحة - بوابة الشرق

الكتاب: الوحدة الإسلامية مبدءأً ثابتاً والخلافات المذهبية تنوعاً وثراءً

المؤلف: د. علي محيى الدين القره داغي

الحلقة الثانية عشرة

يعتبر هذا الكتاب ميثاقا للوحدة بين شعوب ودول العالم الإسلامي، إذ يرصد فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رئيس المجلس الأعلى الاستشاري للتقريب بين المذاهب الإسلامية "إيسسكو"، في تلك الدراسة (الوحدة الإسلامية مبدءاً ثابتاً، والخلافات المذهبية تنوعاً وإثراءً: ميثاق للعمل الإسلامي الموحد)، والتي قدمت إلى المنظمة العالمية الإيسسكو، وهي المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة لدول العالم الإسلامي، عناصر هذا الميثاق من خلال تفعيل القواعد والمبادئ التي تحكم العلاقة بين المسلمين.. وهي التي فصلها في هذه الدراسة القيمة.

إن الإسلام كما هو دين التوحيد في العقيدة، فهو كذلك دين توحيد الأمة، فهو دين كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة.

بل إن الإسلام ينطلق من توحيد الله المعبود بحق إلى توحيد العابدين، فقال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، ولذلك وحد قبلتهم وأركان دينهم، ومرجعيتهم (الكتاب والسنة) وأمرهم بالاعتصام بحبل الله تعالى، فقال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، بل سمى الله تعالى الفرقة كفراً ـ وإن كان كفراً دون كفر ـ حينما حاول بعض اليهود إثارة النعرة الجاهلية بين الأوس والخزرج، فنزل قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وكذلك سمى الرسول صلى الله عليه الفرقة كفراً في حجة الوداع، فقال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض).

اعتماد مبدأ الحوار حلاً وحيداً للمشاكل الداخلية:

إذا نظرنا وتدبرنا في القرآن الكريم لوجدناه يولي عناية قصوى بالحوار، وكأنه كتاب حوار من الطراز الأول، وأنه أعطانا قدوة في القمة، فذكر حوار الله تعالى مع الملائكة في جعل آدم خليفة في الأرض، ثم في حواره تعالى مع الشيطان، ثم في حوار الأنبياء مع الطغاة والمستكبرين ومع أقوامهم، ولذلك أمرنا الله تعالى أن يكون حوارنا بالحكمة والموعظة، فقال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).

فالحوار هو الحل الوحيد للاختلافات بين المسلمين، لأنه لا يجوز القتال بينهم، ولا الشجار ولا الحقد والبغضاء، كما تدل على ذلك عشرات الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة.

اعتماد حسن الظن بدل التكفير والتفسيق:

إن الأدلة الشرعية المتظافرة في الكتاب والسنة لتدل دلالة صريحة على وجوب حسن الظن بالمسلمين، وحرمة الظن السيئ، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)، كما أنها تدل على القبول بالظاهر، وأن الله يتولى السرائر.

وبناءً على ذلك فقد أجمعت الأمة على حرمة التكفير واللعن لمن هو من أهل القبلة من المسلمين إلاّ إذا رؤي منه كفر بواح صريح، حتى قيل من المشرك المقاتل في ساحة الوغى نطقه بالشهادة حتى ولو كان في مقام الخوف، وعلى ذلك أحاديث صحيحة ووقائع من السنة صريحة.

ولذلك لا يجوز التكفير للمسلمين أو التفسيق، وأن هذا الحكم ليس للأفراد وإنما هو للقضاء الذي يعتمد على الوقائع والبينات، فكما قال الشيخ حسن الهضيبي في كتابه القيم (دعاة لا قضاة).

اعتماد مبدأ الرفق واللين والسلم والسلام بين المسلمين، ونبذ العنف والإرهاب، والترويع لهم.

وهذه القاعدة من القواعد الذهبية التي أجمع عليها السلف، ودلت عليها نصوص من الكتاب والسنة ذكرنا بعضها عند الحديث عن قاعدة الأخوة الإيمانية، ونهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن أي ترويع حتى ولو كان بإبراز نصل رمح.

البحث عن المشتركات بدل المفرقات، وعن الثوابت الجامعة بدل الفروع، وضرورة قبول الآخر من خلال الاعتراف بالتعددية:

إن معظم المشاكل تأتي من خلال عدم اعتراف بعضنا ببعض إذا وجد اختلافا وحينئذ يؤدي إلى النبذ والافتراق، ثم القتال والشقاق، في حين أن المفروض أن يعترف بعضنا ببعض من خلال الاعتراف بالتعددية المشروعة، فحضارتنا الإسلامية وسعت تعددية في الفكر وحتى في بعض مجالات العقيدة، كما أنها وسع صدرها تماماً للاختلافات الفقهية والمدارس المتنوعة دون حرج، حتى يكون الشيء الواحد حلالاً محضاً لدى مدرسة فقهية، وحراماً محضاً وباطلاً لدى مدرسة أخرى، إذاً لماذا لا نقبل بالتعددية السياسية والفكرية في ظل الثوابت المقررة؟.

فالأمة الإسلامية اليوم هي أحوج ما تكون إلى البحث عن المشتركات فيما بينها، وهي كثيرة جداً، فجميع المذاهب والطوائف الإسلامية تشترك في أصول العقيدة من الإيمان وأركانه الأساسية، من (الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى)، والأركان الخمسة للإسلام من (الشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج)، وفي التوجه إلى قبلة واحدة، وإلى اعتماد مصحف واحد دون الخلاف عليه، وفي العدو المشترك والمصالح المشتركة، حيث إنهم جميعاً يتفقون على أن الصهيونية والصليبية والعلمانية والإلحاد والتحلل الجنسي أشد أعدائهم، وأنهم يعتبرون قضايا الأمة الرئيسية (كفلسطين والقدس) القضية التي هم جميعاً مستعدون للتضحية في سبيلها، وأنهم جميعاً يعرفون حق المعرفة أن أعداءهم لا يفرقون فيما بينهم، وهذا هو التقرير الأخير الصادر من معهد راند الإستراتيجي الذي له دور كبير في صياغة القرار الأمريكي، ينص على أن جميع المسلمين (التقليديين، والأصوليين، والليبراليين، والصوفية، والشيعة والسنة....) لا يعتمد عليهم،

ولا ينبغي للسياسة الأمريكية أن تتحالف معهم إلاّ تكتيكاً للقضاء من خلالهم على جماعة أخطر، فقد جعلهم كلهم في سلة واحدة، ثم اقترح إسلاماً جديداً سماه الإسلام الديمقراطي المدني الذي يقبل بجميع القيم الغربية وضرب المثل لهذا الإسلام الجديد بأفكار مصطفى كمال أتاتورك الذي فرض العلمانية الإلحادية، وحارب الإسلام، ومنع الأذان باللغة العربية، وأعدم كثيراً من الدعاة أو حاكمهم. هذا هو الإسلام الذي يقبله المشروع الصهيوني، واليمين الأمريكي المتصهين.

مساحة إعلانية