رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1989

بريطانيا.. وداعاً للسكن التقليدي وإقبال على القوارب

08 يونيو 2021 , 07:00ص
alsharq
لندن - هويدا باز

مع بدء تخفيف إجراءات الإغلاق العام في المملكة المتحدة بدأ البريطانيون في الهروب من المساكن الأسمنتية، والتوجه إلى شراء القوارب كمكان للعيش في القنوات والممرات المائية التي تمتد على طول 4700 ميل، وذلك بدلا من المساكن التقليدية، مسجلين نسبة شراء قياسية في العديد من المناطق والمقاطعات البريطانية، حيث وصلت نسبة الزيادة إلى 880% في منطقة جنوب غرب العاصمة البريطانية لندن، بينما سجلت الزيادة في شراء القوارب في انجلترا 100%، كما قامت مؤسسة (waterlodge) لصناعة القوارب ببيع قوارب بزيادة بنسبة 50% عن عام 2019 أي قبل بدء الإغلاق العام المطبق في جميع أنحاء المملكة المتحدة بسبب الجائحة، ووفق بيانات جمعية الممرات المائية الداخلية (IWA ) فهناك ما يقرب من 50 ألف شخص يعيشون في القوارب كمكان للعيش فيه في المملكة المتحدة، كما وصل عدد التراخيص بامتلاك القوارب في الممرات المائية في مارس الماضي إلى 35 ألفا و130 رخصة.

إقبال على القوارب

ويرجع الخبراء في صناعة القوارب هذه الزيادة في شراء القوارب بكافة أشكالها سواء القوارب الجديدة أو المستعملة إلى صعوبة الفترة التي يمر بها البريطانيون خلال فترة الإغلاق العام الذي امتد لأكثر من تسعة أشهر خلال الإغلاق العام الأول والإغلاق الثاني، الأمر الذي دفع الكثير من البريطانيين إلى الهروب إلى العيش في القوارب كبديل عن السكن التقليدي، في محاولة لإيجاد طريقة ترفيهية للتغلب على الحالات الصعبة التي مر بها البريطانيون، كما ذكرت أليسون سميدلي مديرة الشؤون العامة في جمعية الممرات المائية الداخلية (IWA) أن هناك ارتفاعا مطردا في شراء القوارب كسكن دائم للعديد من الأفراد في بريطانيا، مشيرا إلى أن هناك برامج حية تقدم لإبراز جاذبية الحياة في القوارب في القنوات والممرات المائية في بريطانيا، مثل برنامج يوميات Canal Boat على القناة الأولى في BBC الذي يعرض مزايا الحياة على سطح الماء في مكان يضم الطبيعة البرية بكافة أشكالها النباتية والحيوانية.

وفي تعليقه للصحفيين ذكر ماثيو سايموندز مدير القوارب الوطنية في جمعية (Canal river trust) أن هذه الزيادة في التوجه إلى شراء القوارب في بريطانيا تعود إلى وجود أزمة سكن وارتفاع في أسعارها، مما يجعل العديد من الأشخاص يتوجهون إلى العيش في القوارب لتكون بديلا متوفرا وحيدا أمامهم، حيث ان السبب الأول في وجود هذه القنوات والممرات المائية كان تجاريا لنقل البضائع فقط أما الآن فقد أصبح البريطانيون يسعون إلى اختيارها كمكان للعيش فيه بأسعار مقبولة مقارنة بأسعار السكن التقليدي.

تنوع في السكان

وتتنوع فئات ساكني القوارب من الشباب إلى كبار السن، حيث يقبل الشباب على السكن في هذه القوارب في بداية الحياة العملية نظرا لسهولة العيش فيها، والاستمتاع بالتواجد عليها لفترات طويلة وسط بيئة نظيفة وممتعة، ووفق ما ذكره كريس هيل مدير شركة القوارب الجديدة والمستعملة (New and Used Boat Co)، موضحا أن 25% من الراغبين في شراء القوارب من الشباب، بينما النسبة الباقية من سن 45 وحتى 60 عاما يرون أنهم غير قادرين على السفر إلى خارج بريطانيا خلال الفترة الحرجة الحالية من الجائحة، مما يجعلهم يقبلون على شراء القوارب لقضاء وقت ممتع ويخرجون من حالة الإغلاق العام الطويلة، واشار كريس هيل إلى أنه مع زيادة نسبة إقبال الأشخاص على شراء القوارب بدأت أسعار القوارب أيضا في الارتفاع حيث تصل قيمة القارب المستعمل ما بين 45 إلى 50 ألف جنيه استرليني، بينما تصل قيمة القارب الجديد المجهز بعدد من الكماليات إلى ما بين 140 و200 ألف جنيه استرليني.

صعوبات وضغوط

رغم اختيار ساكني القوارب لطريقة هذه الحياة المائية واستمتاعهم بها، إلا أنهم يواجهون العديد من الصعوبات خلال حياتهم تلك في القوارب، أولها أن هناك قانونا يلزمهم بالتنقل من مكان إلى آخر بعد 14 يوما، حيث لا يتوفر لجميع القوارب مكان ثابت ودائم للبقاء في القنوات والممرات المائية طوال الوقت، مما يجعلهم في حالة تنقل مستمر كل اسبوعين، حسبما ذكر اندرو كاربنتر مدير ومدرب قائدي القوارب في القنوات المائية بمنطقة كامدن شمال لندن، حيث أوضح أن زيادة إقبال الأشخاص على شراء القوارب جعل هناك ضغطا كبيرا على الخدمات المقدمة لسكان هذه القوارب، مثل مياه الشرب وتصريف المراحيض، كما أن المراسي الدائمة باهظة الثمن ويصعب العثور عليها، وذكر دوم نيوتن صاحب شركة "Ideal Bradford" للقوارب الطافية في القنوات المائية أن رواد القوارب يكافحون للوصول إلى الرعاية الصحية، كما أن لديهم صعوبات في إلحاق ابنائهم في المدارس وتلقي كافة الخدمات الحياتية المتاحة للبريطانيين، وذلك نظرا لتنقلهم كل 14 يوما بالقارب من مكان إلى آخر.

يوميات ساكني القوارب

عبر الزوجان بول وأنتوني سميث من ساكني القوارب في منطقة ديربي شاير على الممر المائي "Peak Forest" عن سعادتهما في السكن في القارب الذي يبلغ عرضه مترين فقط، حيث كانا يعيشان في منزل مكون من ثلاث غرف بالقرب من سانت هيلينز، وقررا شراء القارب والانتقال إلى السكن فيه في الممر المائي، وسط الطبيعة المائية والنباتية والحيوانية البرية، وذكر انتوني سميث أنه يستمتع بالحياة في القارب مع زوجته والتعرف على الجيران المتواجدين في القوارب المجاورة لهما، كما أن هناك مجتمعا ممتعا للقاء ساكني القوارب في الممرات المائية والتعاون معهما في جعل بيئة الحياة أفضل في القنوات والممرات المائية، وفي قناة ريجينس انتقل الزوجان آني ميلور وهايدن كروكر للعيش في القارب الذي اشترياه في سبتمبر الماضي، ورغم ضيق القارب عن السكن التقليدي إلا أنهما يستمتعان بالعيش فيه، حيث ذكرا أن طريقة الحياة في القارب جذابة للغاية وقليلة التكاليف بالنسبة للنواحي المالية مقارنة بالحياة التي يعيشها الفرد في بريطانيا في السكن التقليدي.

طاقة نظيفة

تعد صناعة القوارب من الصناعات الهامة في المملكة المتحدة، ويسعى أصحاب هذه الصناعة إلى تحديث هذه الصناعة لتقديم كافة المستلزمات الهامة التي يرغبها سكان القوارب، كي يكون القارب مجهزا بكافة التقنيات التكنولوجية الحديثة في الغرف المعيشية والمطبخ والحمام، حيث يوجد قارب مجهز بكافة مستلزمات المنزل العصري، وفي حديثه للصحفيين ذكر جاري كول مالك شركة "Colecraft Engineering Ltd" لصناعة القوارب الكهربائية في بريطانيا أن الشركة قامت بصناعة 30 قاربا كهربائيا منذ عام 2010، بما في ذلك قاربان لمشروع "Longleat Safari Park" و12 قاربا خصصت للعمل خلال دورة الألعاب الأوليمبية في لندن، وأشار إلى أن هناك اقبالا متزايدا لشراء القوارب الكهربائية، خاصة مع خطط الحكومة البريطانية الساعية إلى تقليل نسبة التلوث البيئي في الهواء في المملكة المتحدة بحلول عام 2050، مما يجعل التوجه إلى صناعة قوارب تحافظ على البيئة مثل التي تصنعها هي الطريق الصحيح، وأوضح جاري كول في حديثه للصحفيين أن القارب الذي يعمل بالطاقة النظيفة يبلغ طوله 54 بوصة ويعمل بواسطة محرك كهربائي بقدرة 15 كيلو وات عبر تركيب 48 بطارية مثبتة أسفل الطابق العلوي و24 لوحا شمسيا على سطح القارب، على ارتفاع 54 قدما، والقارب الالكتروني "إلكترا" الذي يعتبر قاربا يعمل بالطاقة النظيفة بالكامل، يصل طوله ضعف طول الحافلة العامة في لندن ذات الطابقين، أما وزنه فيكون وزن الحافلة مرتين ومصنوع من الفولاذ.

مساحة إعلانية