تقارير وحوارات

489

رئيس المجلس الوطني السوري السابق..

عبدالباسط سيدا لـ"الشرق": المناطق الآمنة مقدمة لشرعنة التدخل الروسي الإيراني في سوريا

الملف السوري أصبح في يد الولايات المتحدة وروسيا بشكل أساسي

وثيقة لندن كانت سببًا رئيسيًا في تعليق المجلس الكردي مشاركته في جنيف

مساعي أمريكية بالتفاهم مع روسيا لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة

الأسد بات ورقة لرفع سقف الصفقات وبقاؤه يعني عمليًا تقسيم سوريا

ضربة الشعيرات لم تكن موجهة للنظام فقط وإنما لأطراف أخرى

التعامل مع الموضوع الكردي يكون من خلال العقلية الوطنية

أطالب حزب الاتحاد بفك العلاقة مع العمال الكردستاني والاندماج في المشروع الوطني

الأكراد ليس لديهم مشروع انفصالي بما في ذلك حزب الاتحاد الديمقراطي

أكد الدكتور عبدالباسط سيدا، رئيس المجلس الوطني السوري السابق، أن المناطق الآمنة مقدمة لشرعنة التدخل الروسي الإيراني في سوريا.

ونفى سيدا موافقة تركيا على تقسيم سوريا، مؤكدًا أن مشاركتها في الأستانة يأتي من منطلق حرصها على حق الشعب السوري، خاصة أن التقسيم له تبعات سلبية على الداخل التركي.

وقال سيدا: "إن ملف القضية السورية أصبح بيد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بشكل أساسي"، لافتا إلى أن الجميع ينتظر تفاهمًا أمريكيًّا روسيًّا للتقدم بحل معين للقضية السورية.

وأشار سيدا، في حوار مع "الشرق"، إلى أن التفاهم الأمريكي الروسي يتعاظم خاصة أن هناك مساعي من واشنطن، وبالتفاهم مع موسكو، لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة.

وانتقد بشدة تفويض إيران وروسيا بمراقبة المناطق الآمنة المقترحة في سوريا، وقال إن ذلك يعد شرعنة لتدخلهما في الوطن السوري.

وأكد أن بقاء بشار الأسد في السلطة كارثة حقيقية تعني تقسيم سوريا، كما أنه أصبح ورقة لرفع سقف الصفقات بين الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية.

ونفى سيدا وجود أي مشروع انفصالي للأكراد في سوريا، داعيا حزب الاتحاد إلى فك ارتباطه بحزب العمال الكردستاني، مشددا على ضرورة جعل الوطن لا القومية محددًا للهوية.

وإلى الحوار...

أعلن مؤخرًا عن توافق دولي إقليمي لإنشاء مناطق آمنة في سوريا.. كيف تنظر إلى هذه الخطوة وما هي مآلاتها؟

أعتقد أن هذه الخطوة مقدمة لشرعنة التدخل الروسي والإيراني في سوريا، وإضفاء طابع من الشرعية على هذا التدخل، خاصة إذا ما علمنا أنه تم تخويل إيران بمراقبة الأوضاع في هذه المناطق والتدخل في تفصيلتها.

كما أن هذا الأمر يجعلنا مقبلين على توزيع مناطق نفوذ، خاصة إذا ما علمنا أن هناك تدخلاً أمريكيا في شمال وشمال شرق سوريا، استعدادًا للمرحلة المقبلة، بمعنى أننا مقبلون على توزيع سوريا بين مناطق نفوذ، ربما إذا استمرت المعادلة كما هي ستكون مقدمة لتقسيمها تحت مسميات مختلفة، ورغم أن هذا الأمر لم يعلن عنه إلا أن الدلائل التي نتلمسها على الأرض توحي بذلك.

لكن تركيا مشاركة في خطوة المناطق الآمنة والرئيس التركي أعلن في أكثر من مرة رفضه القاطع لتقسيم سوريا؟

بكل تأكيد تركيا ليست مع تقسيم سوريا، وتريد لها الاستقرار، وهي الوحيدة في القوى المتنفذة في سوريا المؤيدة لمطالب الشعب السوري، ولأن تبعات التقسيم ستنعكس عليها بشكل سلبي، وهذا ما يجعلها لا تغيب عما يجري في سوريا، خاصة بعد تحول الملف إلى ورقة في إعادة بناء المعادلة الإقليمية.

تعليق المشاركة في الأستانة

لماذا علق وفد المعارضة السورية مشاركته في مفاوضات الأستانة؟

لاشك أن أستانة تمثل جملة جهود روسية في سبيل فرض "الأمر الواقع" على الداخل السوري إذا صح التعبير، وهي لا شك أيضًا محاولة التفافية على جنيف، رغم أن موسكو تؤكد أن أستانة مكملة لجنيف، وهذا غير صحيح، خاصة في ظل جهود لها لتفريغ بيان "جنيف1"، وبالتالي الالتفاف على مفاوضات جنيف بالكامل.

أيضا لماذا علق وفد المجلس الوطني الكردي مشاركته في مفاوضات جنيف 5؟

أعتقد أن السبب يرجع لعدم رضى المجلس الوطني الكردي على وثيقة لندن، وما تبعها من رغبة في تقديم وثيقة أخرى تتعلق بالقضية الكردية إلى المبعوث الأممي دي ميستورا.

وحسب علمي فإن الأسبوع الماضي قد شهد اجتماعاً لرئيس الهيئة العليا للتفاوض الدكتور رياض حجاب، ووفد عن المجلس الوطني الكردي برئاسة الدكتور إبراهيم برو، وربما يكون هناك لقاء آخر في الرياض بين وفد المجلس والهيئة، وهذا يؤكد رغبة الطرفين في تجاوز هذا الأمر، خاصة أن الموضوع الكردي جزء من الموضوع الوطني السوري العام، لذلك لابد من التعامل معه بعقلية وطنية، وعدم إصرار كل طرف على النظر له من زاويته القومية الخاصة، لأننا بذلك لن نستطيع الوصول لشيء، أما إذا انطلقنا من المصلحة الوطنية العامة فهذا أمر أفضل للجميع.

لكن ربما يعتبر البعض أن الأغلبية السورية يحق لها أن ترسم مستقبل البلاد سواء عبر صياغة الدستور أو من خلال وثائق تعبر عن هوية البلاد؟

هذا أمر لا ينكره أحد، لكن الإصرار على مسألة القومية العربية لسورية، معناه أن الأكراد من طرفهم سيصرون على مشروعهم القومي الخاص بهم، لذلك يجب التركيز على الوطنية السورية التي تعتز بالمكون العربي والكردي وجميع المكونات الأخرى، حينئذ تكون سوريا بعداً إستراتيجيا للجميع وجسراً للتواصل بين كل المكونات.

وثيقة لندن

البعض يقول إن وثيقة لندن لم تذكر موضوع القومية العربية بشكل مباشر .. فلماذا علق وفد المجلس مشاركته في جنيف؟

بالفعل، ولكن هناك من يصر على أن سوريا جزء من الوطن العربي، وهذه المفاهيم بكل تأكيد تعطي تصورًا مشابهًا لحزب البعث العربي، لذلك أدعو لصياغة مصطلحات أخرى"خلاقة".

فعندما نردد أن سوريا جزء من المحيط أو العالم العربي والإسلامي، ونصر على بعض المصطلحات التي تحمل بعدًا ثقافيًا وحضاريًا، فهذا يضر بقضيتنا، خاصة أن منطقتنا لن تساعدها الأيديولوجية القومية، ولا الأيديولوجيات بشكل عام، فهناك مكونات مختلفة في المنطقة نخشى أن تتحول إلى أيديولوجيات في مواجهة الأيديولوجيات القومية والدينية.

طرح في الآونة الأخيرة مسألة انفصال الأكراد عن الدولة السورية مستغلين الأزمة الجارية وتعاون وارتباط حزب الاتحاد الديمقراطي بواشنطن.. هل بالفعل هناك مساعي انفصالية كردية؟

رغم الوجود القومي الكردي في سوريا، وهو وجود قديم منذ اتفاقية سايكس بيكو، لكن لا أعتقد هناك رغبة انفصالية لدى الأكراد، لأن العامل الجغرافي والاقتصادي والديمغرافي لا يساعد على ذلك.أما عن تعاون حزب الاتحاد الديمقراطي مع واشنطن فأعتقد أنه تعاون عسكري أمني فقط ولا يرقى لأن يكون بداية للانفصال أو الاستقلال، وأنا أؤكد لك أن "سوريا المستقبل" لن تكون فيها هذه الدعاوى.

لذلك نحن نحتاج إلى دستور يعترف بالجميع وخصوصياتهم، ويقر بحقوق الجميع، وبالتالي لن تكون هناك أي جماعة وطنية تخشى من المستقبل.

إذاً أنت تنفي أي مشروع انفصالي كردي؟

أنا أؤكد لك أنه لا يوجد أي مشروع انفصالي كردي، لا من قِبَل المجلس الوطني الكردي، ولا من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي.

لكن حزب الاتحاد الديمقراطي يعادي المجلس الوطني الكردي بالقدر الذي يعادي فيه الأطراف السورية الأخرى وهو ما يجعلنا أمام حالة انفصالية مشابهة لحزب العمال الكردستاني الذي يخرق الإجماع الكردي في تركيا؟

بالطبع حزب الاتحاد يعادي المجلس الوطني الكردي، وله مشروع إقليمي منفصل عن المكون الكردي، لكن في تصوري أن هذا الحزب في نهاية المطاف سيكون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يفك العلاقة مع حزب العمال الكردستاني ويتحول لحزب كردي سوري، وبالتالي يندمج في الأجندة الوطنية، أو يصر على موقفه، وبالتالي يفقد الحاضنة السورية الكردية، وأنا أعلم أن هناك مساعي أمريكية لدفع الحزب لأن يسير في الخيار الأول.

استبشر الكثيرون بالضربة العسكرية الأمريكية للنظام السوري وذهب البعض إلى أنها تعكس رغبة أمريكية حقيقية في إزاحة النظام وتحقيق السلام، في المقابل يرى البعض أن الضربة لا تعد استعراضًا لإيصال رسالة مفادها أننا نختلف عن الإدارة السابقة.. مع أي سيناريو تتفق؟

بداية علينا أن نتفق أولاً بأن المسألة السورية خرجت من أيدي السوريين، معارضة ونظامًا، وباتت دولية في المقام الأول وإقليمية "ولكن كما تحدده الإدارة الأمريكية" كلامي هذا يعني أن الملف السوري أصبح في يد أمريكا وروسيا بشكل أساسي، وبالتالي صار الجميع ينتظر تفاهمًا بين روسيا وأمريكا في الملف السوري، هذا التفاهم ظننا أنه تحقق بعد معركة حلب ومفاوضات جنيف، ولكن اتضح أن هناك تباينًا في وجهات النظر، وإرجاء له حتى لما بعد مجيء الإدارة الأمريكية الجديدة.

ضربة الشعيرات

إذاً ضربة الشعيرات كانت إيذانًا ببدء مرحلة جديدة للإدارة الأمريكية التي كانت منتظرة؟

في الحقيقة فإن ضربة الشعيرات كانت رسالة لأطراف عدة، منها روسيا وإيران وكوريا الشمالية أيضًا، ولم تكن موجهة إلى النظام فقط، وهي رسالة من الولايات المتحدة بأن المرحلة الانسحابية السابقة للرئيس أوباما قد انتهت، وأن الإدارة الجديدة مستعدة للإقدام على خطوات عملية، لكنها في الوقت ذاته تركت الباب مفتوحاً أمام المفاوضات والحوارات والحل السياسي، لذلك نحن ننتظر تفاهماً أمريكياً روسياً للتقدم بحل معين للقضية السورية.

من الملاحظ أن هناك تصريحات إيجابية للطرفين الروسي والأمريكي .. هل يعني ذلك قرب التوصل إلى حل للقضية؟

من خلال التصريحات التي خرجت من الجانبين الروسي والأمريكي في الأيام الماضية يُستشف أن هناك نية للتوصل إلى حل للقضية، ومع ذلك فإن هناك مسائل خلافية بين الطرفين قد تتعارض مع المواقف، لكن من المؤكد أن هناك رغبة دولية أوروبية إقليمية للتوافق لتجنب المزيد من الانهيارات والزلازل السياسية.

توافق لحل سياسي

على أي أساس يمكن أن يكون هذا التوافق؟

بالنسبة لرحيل بشار فالروس دائمًا ما يؤكدون أنهم غير متمسكين به، لكنهم في الوقت ذاته يدعمونه كما هو واضح، أما الجانب الإيراني فهو متمسك ببشار إلى أبعد الحدود، خاصة أنهم يعتبرونه مشروعهم الذي استثمروا فيه الكثير.

لكن لا شك هناك من يتحدث عن وجود مساعي أمريكية بالتفاهم مع روسيا لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة، بذريعة أن إيران تغولت بشكل مطرد في المنطقة، وربما أدت دورها الذي كان مطلوباً منها في خلخلة البنية المجتمعية في المجتمعات العربية، وبالتالي يجب أن تتراجع عن هذا الدور، لكن إيران تصر على لعب دور القيادة في المنطقة، وهو دور أصبح يهدد الحسابات الدولية والمعادلات الإقليمية الخاصة بالمصالح.

لذلك إذا ما توصلت روسيا وأمريكيا إلى شيء من قبيل التوافق على موضوع المناطق الآمنة، فأعتبر أنها بداية لتوسيع مناطق نفوذ هذه القوى، ومن ثم الاستعداد لمرحلة قادمة لم تتحدد ملامحها بعض.

ماذا عن رحيل بشار الأسد والذي يعتبر المعضلة الرئيسية؟

بالنسبة لرحيل بشار أعتقد أن الجميع يدرك أن بقاء بشار في السلطة يعني انتفاء بقاء وحدة سوريا، فسوريا الموحدة والتي نسعى لعودتها كما كانت في السابق؟، لا يمكن أن تستقيم مع بقاء بشار الأسد في الحكم، رغم أن بشار الآن بات ورقة لرفع سقف الصفقات بين الأطراف، وتحديد ملامحها.