تقارير وحوارات

6332

 لبنان تحت النار.. معاناة النزوح وصمود المدنيين وسط الاعتداءات الإسرائيلية

 في خضم الأزمة المتفاقمة التي يمر بها لبنان جراء الاعتداء الذي يشنه الكيان الإسرائيلي، يعيش آلاف النازحين في ظروف إنسانية واجتماعية صعبة تتفاقم يوما بعد يوم، حيث تسببت هذه الاعتداءات في نزوح جماعي للسكان من المناطق المستهدفة.

وتتجلى المعاناة العميقة التي يعاني منها آلاف النازحين اللبنانيين الذين أجبروا على ترك منازلهم وأرضهم هربا من أهوال الحرب في الظروف القاسية التي يعيشونها في مراكز الإيواء المؤقتة، حيث يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة من مأوى آمن، وغذاء كاف، ورعاية صحية أساسية.

وتتفاقم هذه المعاناة بسبب الخوف الدائم من القصف المستمر، وعدم الاستقرار النفسي، وفقدان الأمل بالعودة القريبة إلى منازلهم، مما يزيد من حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها هؤلاء النازحون.

وتعيش العائلات النازحة في حالة من القلق الدائم والخوف من المجهول، وتتحمل أعباء كبيرة تتجاوز طاقتها، بين انعدام الاستقرار وانخفاض مستوى الرعاية الصحية.

وفي خضم الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على جنوب لبنان والتي دخلت أسبوعها الثاني، تعيش المنطقة أوضاعا إنسانية مأساوية تتفاقم مع مرور الوقت.

وكالة الأنباء القطرية /قنا/ قامت بجولة ميدانية في عدد من المدن والقرى والبلدات في جنوب لبنان، لتوثيق واقع النزوح والدمار الذي أودى بحياة المدنيين ودمر البنية التحتية، وسط مشاهد إنسانية تلامس القلوب.

مشاهد مؤثرة وحالات إنسانية تجعلك تنسى أنك في منطقة أمنية خطيرة، لا ترحم مدنيا أو صحفيا أو مسعفا، ومن بين القصص الإنسانية المؤثرة التي رصدناها، كانت دموع أبو حسن عبد الله، وهو رجل في السبعين من عمره نزح من بلدة الخيام إلى بلدة الغازية. كانت الخيام من أولى البلدات التي تعرضت لأعنف الاعتداءات الإسرائيلية. وفي حديث مؤثر، يقول أبو حسن: "نزحت من الخيام التي كانت من أولى البلدات التي تعرضت وتتعرض لأقسى الاعتداءات، وأقيم حاليا في بلدة الغازية (قضاء صيدا) التي باتت منطقة خطرة وتتعرض لاعتداءات. ولكن لن أغادر ولن أنزح مرة ثانية رغم الخطر". وعند هذه الكلمات، خانته دموعه التي اختصرت كل معاناة التهجير.

واللافت في جولتنا هو الصمت القاتل الذي تراه في عيون من التقيناهم من الذين تكلموا أو رفضوا الحديث عن حجم المعاناة، ووسط المشهد شوارع شبه خالية من السيارات، وتتكاثر فيها سيارات الإسعاف بعد أن باتت الغارات الإسرائيلية توقع عشرات الضحايا يوميا وكل مستشفيات الجنوب ولبنان تعج بالقتلى والجرحى.

بدورها اختصرت الحاجة أم محمد فرحات، في العقد السادس من عمرها ومن بلدة دير الزهراني، الواقع المرير بقولها: "نعم، إنها الحرب التي تقتل النفوس قبل أن تخطف الأرواح". ورغم كل شيء، أضافت بتحد وصمود: "صامدون، هذه أرضنا ومتمسكون فيها لآخر يوم حتى لو قتلنا جميعا نحن وأولادنا وأحفادنا". كلماتها كانت مشبعة بروح التحدي، تعكس حبا لا ينضب للأرض، رغم الخطر الذي يحيط بهم من كل جانب.

أما السيدة وحيدة حيدر، من بلدة السكسكية، التي عاشت تجربة القصف العشوائي، فقد وصفت اللحظات المروعة بالقول: "تم استهدافنا بالصواريخ، والخوف على أبنائنا جعلنا نخرج من المكان دون النظر إلى الخلف. إنها لعنة الحرب". حديثها يجسد حالة الآلاف من الأمهات اللواتي يعشن في خوف دائم على حياة أبنائهن وأحبائهن، وسط مشاهد الموت والدمار التي لا تنتهي.

وفي هذا المشهد المأساوي، تتكاثف المأساة الإنسانية مع كل غارة وكل صاروخ يسقط، لتظل أرواح المدنيين معلقة بين الحياة والموت، وسط واقع يزداد سوءا في ظل غياب الحلول الفعالة والدعم الكافي للمتضررين.

ووسط هذا المشهد، تبرز أصوات الصمود التي تعبر عن إصرار الناس على البقاء في أرضهم رغم الخطر والموت الذي يحيط بهم. سعاد الحكيم، النازحة من بلدة الخيام الحدودية إلى منطقة الغازية (قضاء صيدا)، عبرت عن موقفها بقوة قائلة: "صامدون رغم الضرب والقصف، وسنتحمل كل المخاطر على حياتنا، جنوبنا غال". وأضافت بشجاعة: "رغم أن بلدة الغازية تعرضت للقصف، إلا أنني لن أغادر إلى خارج الجنوب، وسأموت في أرضي".

وفي السياق ذاته، أكدت رولا محمود من صور إصرارها على البقاء قائلة: "لن أغادر منطقة الجنوب حتى لو كان الموت مصيري. نحن لا نحب الحرب، ولكننا صامدون ومعنوياتنا قوية رغم الموت والدمار". هذه الأصوات تعبر عن الروح القوية لسكان الجنوب، الذين يرون في أرضهم ووطنهم قيمة تفوق كل الصعاب والمآسي، مؤكدين أن حبهم لوطنهم يتجاوز كل المخاطر.

وفي هذا السياق، يتحدث الشاب محمد عطوي، النازح من صور إلى صيدا، بقلب مفعم بالعزيمة، قائلا: "تعبنا من النزوح وسنبقى صامدين في صيدا رغم الخطر الأمني، وسنموت في الجنوب ولن نغادر". تعكس كلماته صدق الإيمان الذي يحمله الشباب اللبناني في القدرة على البقاء والصمود، رغم كل ما يواجهونه من تحديات.

ومن جانبه، يعبر الشاب هاني مصطفى، عن مشاعره تجاه بلده قائلا: "أنا من صيدا، وباق بقلب صيدا رغم الاعتداءات". هذا الشعور بالانتماء والولاء للأرض، يتشارك فيه الآلاف من شباب لبنان الذين يعيشون في وطن يختبر الأزمات المعيشية والمخاطر الأمنية، ومع ذلك لا يزالون يحملون أحلاما لمستقبل أفضل، ويؤمنون بالتضحية من أجل وطنهم الذي يعاني من المآسي والحروب.

إن صمود هؤلاء الشباب، الذين يواجهون كل الظروف الصعبة بإرادة قوية، يضفي على الواقع اللبناني لمسة من الأمل، مؤكدين أن في قلب كل مأساة تكمن فرصة لإعادة بناء وطنهم.

أما في أماكن اللجوء المؤقتة، تتفاقم المعاناة الإنسانية بشكل مقلق. النازحون الذين تركوا منازلهم هربا من القصف وجدوا أنفسهم في ظروف قاسية، حيث تفتقر المراكز المؤقتة إلى أبسط الاحتياجات الأساسية. العائلات تعيش في أماكن مكتظة وغير مؤهلة، ما يزيد من صعوبة الحصول على الماء الصالح للشرب، والغذاء الكافي، فضلا عن نقص الخدمات الصحية.

ورغم الجهود التي تبذلها المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات، فإن ما يقدم لا يكفي لتلبية احتياجات الأعداد الكبيرة من النازحين. يضاف إلى ذلك تفاقم الأوضاع الاقتصادية في لبنان.

والمقيمون في الجنوب والبقاع اللبناني يعيشون في حالة من الخوف الدائم من القصف والاعتداءات المستمرة. لا يعرفون متى أو أين ستضرب الغارة التالية، مما يخلق جوا من الرعب المستمر.

وتسير الأحداث في لبنان كفيلم حزين يعكس واقعا مثقلا بالأزمات، بدءا من الأزمة الاقتصادية والمالية التي بدأت في عام 2019، مرورا بانفجار مرفأ بيروت في عام 2020، وصولا إلى العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في أكتوبر 2023. في خضم هذا الوجع المستمر، يبقى ما يواسي النفوس المكسورة هو "إرادة الحياة" التي يتمسك بها الشعب اللبناني.

وفي ظل هذه الظروف القاسية، تعد الحاجة إلى الدعم والمساعدة الإنسانية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. سواء من داخل البلاد أو من الخارج. فكل جهد صغير، مهما كان، يمكن أن يحدث فرقا في حياة أولئك الذين فقدوا الكثير.

اقرأ المزيد

هام للمسافرين.. تعرف على المسموح به على الطائرة بشأن الشواحن المتنقلة والسجائر الإلكترونية

جددت الخطوط الجوية القطرية تأكيدها على أن سلامة المسافرين على متنها تتصدر دائماً قائمة أولوياتها، منبهة إلى مخاطر... اقرأ المزيد

7534

| 17 أكتوبر 2025

وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا: مشاركتنا في المؤتمر الإسلامي لوزراء العمل بالدوحة يكرس عودة سوريا إلى محيطها العربي والإسلامي

أكدت سعادة السيدة هند قبوات وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الجمهورية العربية السورية، أن مشاركة سوريا للمرة الأولى،... اقرأ المزيد

292

| 16 أكتوبر 2025

سلسلة جبال التاكا شرق السودان.. رحلة عبر الزمان وشموخ يحكي عظمة المكان

تعد سلسلة جبال التاكا التي تحتضنها مدينة كسلا حاضرة ولاية كسلا بشرق السودان من أجمل المعالم الطبيعية التي... اقرأ المزيد

344

| 15 أكتوبر 2025