رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون alsharq
"متاحف قطر" تطلق مبادرة جديدة لـ"تدوين التاريخ الشفهي"

أطلقت متاحف قطر مبادرة جديدة لـ"تدوين التاريخ الشفهي" للشعب القطري، وتقاليده وقصصه الشعبية، وذلك في ظل التحولات السريعة والتوجه التكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم، والذي يزداد خطر اندثار القصص والمعارف والتقاليد المحلية للأبد.. حيث ستسهم المبادرة في إنشاء سجل أكثر دقة وتفصيلا عن الماضي، والحفاظ على هذه المعارف القيمة للأجيال القادمة بالإضافة إلى تكوين ثروة معرفية مشتركة مع المجتمع العالمي، فضلًا عن إعادة إحياء وخلق الألوان والأصوات والملامح والروائح التي لا يمكن حفظها بالتقنيات التقليدية الخاصة بالآثار.. وسوف تركز المبادرة على إجراء مقابلات مباشرة مع أشخاص لديهم إلمام بالتقاليد الشعبية وأساليب الحياة في قطر بشكل عام، وفي منطقة الزبارة على نحو خاص، خلال سنوات صيد اللؤلؤ وبعدها، وذلك من خلال جمع القصص، والروايات العائلية، والمعرفة المحلية، هذه المعرفة التي تسردها الأجيال الأكبر سنا من رجال ونساء قطر.. التاريخ الشفهي هذا وتتيح مبادرة تدوين التاريخ الشفهي فرصة التعرف على أشخاص قد لا نجد لهم أثرا أو ذكرا في سجلات التاريخ، ومعرفة معلومات مختلفة غير موجودة بالكتب مثل القصص العائلية، والتجارب الشخصية، ومشاعر وتطلعات الأشخاص الذين تتم مقابلتهم، فضلًا عن إتاحة فرصة غنية للتفاعل الإنساني حيث يمكن لمثل هذه اللقاءات أن تكون مثمرة بشكل كبير لكل من الباحثين والأشخاص الذين تمت مقابلتهم، كما ويمنح التاريخ الشفهي صوتا لمن لا صوت لهم ويمنح الأشخاص فرصة سرد قصصهم بكلماتهم الخاصة، إلى جانب ربط الجيل القديم بوسيلة للتواصل مع الجيل الحديث، فالتقاليد الشفهية هي في الواقع حكايات غير مكتوبة تتناقلها الأجيال وتبقى شعلتها منيرة في ذاكرة الشعوب، مما يقوم التاريخ الشفهي والتقاليد الشفهية على حد سواء بإثراء المعرفة بالزبارة على سبيل المثال والقرى المحيطة بها من خلال جمع ودمج وإبراز كل من التراث الشعبي، والقصص والتقاليد المحلية لمنطقة الشمال الغربي بشكل خاص ولدولة قطر ككل. وتعمل متاحف قطر منذ تأسيسها كصلة وصل بين المتاحف والمؤسسات الثقافية والمواقع التراثية في قطر، كما أنها توفر الظروف المواتية للتطور والازدهار فيما يتعلق بتنظيم شامل لعملية تطوير المتاحف والمشاريع الثقافية مع طموح طويل الأمد لتحقيق بنية تحتية ثقافية قوية ومستدامة في الدولة.

1059

| 12 يناير 2017

محليات alsharq
متاحف قطر بصدد اكتشاف مواقع أثرية جديدة

تعمل متاحف قطر حاليًا على اكتشاف المزيد من المواقع الأثرية والتراثية في الدولة بما في ذلك الجزر والمنحدرات الصخرية، وذلك ضمن جهودها المبذولة في الحفاظ على الآثار والتراث، وربط أفراد المجتمع بماضي قطر وحاضرها. وقام فريق الآثار بمتاحف قطر خلال الفترة الماضية بإجراء عدد من الدراسات والأبحاث لاكتشاف تاريخ قطر ومواقعها الأثرية، وتحقيق التقدم في مجال الآثار بشكل عام، في حين عمل الفريق في مناطق أخرى من العالم بهدف تبادل المعارف والخبرات والدخول في حوار أوسع حول المعرفة بالآثار. وتعد المنحدرات الصخرية البيضاء في رأس بروق من أبرز اكتشافات متاحف قطر، حيث تم خلالها اكتشاف مواقع أثرية عديدة من عصور ما قبل التاريخ كانت تحتضن أمثلة عن أدوات مصنوعة من حجر الصوان استخدمت للصيد، وتمكن البيئة البكر لشبه الجزيرة الباحثين من تكثيف أبحاثهم على هذه الحقبة بالذات من تاريخ قطر، وتؤوي رأس بروق وهي شبه جزيرة تقع على الساحل الغربي للدولة، بقايا استقرار بشري يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، ولم تكن هذه المنطقة سكنا دائما، إلا أنها كانت تسكنها في السابق قبائل شبه بدوية. كما تم اكتشاف عدد من النقوش الصخرية في موقع "الجساسية"، وهو موقع تم اكتشافه أول مرة عام 1957، ثم شُرع بدراسته بشكل أعمق عام 1974 حيث صُنِّف 874 من النقوش الفردية وأخرى مركبة، تتألف أساسًا من حفر مستديرة تشبه علامات أكواب بأشكال مختلفة بما في ذلك الصفوف، والوريدات والنجوم، كما تتكون من نقوش أخرى كنقوش للقوارب، آثار للأقدام ورموز وعلامات أخرى تضفي قدرًا من الغموض، ويعتقد أن علامات الأكواب هذه استخدمت في ألعاب لوحية قديمة، كلعبة "المنقلة" والتي كانت تعرف في قطر بـ"الحويلة". وكشفت الحفريات في "جزيرة بن غنام" عن مزبلة تحتوي على بقايا لما يقدر بنحو 2.9 مليون صدفة منفردة ومجروشة لحلزونات بحرية، بالإضافة إلى وعاء كبير من الخزف ربما استخدم لنقع الرخويات المدقوقة، وعادة ما ينتج هذا النوع من الصدفيات التي تعيش تحت الصخور في منطقة المد والجزر صبغا أحمر إلى أحمر داكن، وتقع جزيرة بن غنام على الساحل الشرقي لقطر في موقع محمي داخل خليج خور الشقيق، ورغم أنها ربما لم تكن مسكونة بشكل دائم، إلا أنها كانت مكانا مقصودًا لأسباب معينة في أوقات مختلفة، حيث كانت مكانا للعبور، ومخيما مؤقتا للتجارة مع البحرين استخدمه الصيادون المتجولون أو غواصو اللؤلؤ في بداية الألفية الثانية قبل الميلاد.

3801

| 17 أغسطس 2016

محليات alsharq
الوالد مبارك المري: حياة البادية علمتنا الشجاعة وإكرام الضيف والإحسان للجار

الوالد مبارك محمد المري يروي قصص الحياة التي عاشوها في الحياة الماضية كيف قضوها وأين عاشوها مع الآباء والأجداد، ورغم قسوة ومشقة الحياة في ذاك الزمان إلا انه ما زال يتذكر تلك الأيام التي عاشوها في الصحراء وبيوت الشعر بكل بساطة، والقلوب متآلفة تجمعها المودة والرحمة وصلة الأرحام التي تدفعهم إلى تبادل الزيارات رغم بعد المسافات بين المناطق فلا وجود للسيارات بل كانوا يعتمدون على الإبل في الذهاب إلى المناطق الاخرى للزيارات او السفر. عاشوا في صحراء قطر وتحديدا في منطقة الكرعانة وانتقلوا بين عدة مناطق مثل أم باب ودخان وغيرها من المناطق الأخرى، سكنوا في بيوت الشعر وانتقلوا بين الروض بحثا عن العشب.. كان ذلك نهاية الخمسينيات بداية الستينيات، يعتمدون على الآبار في الحصول على المياه مثل بئر الكرعانة وغيره. المري حدثنا عن تلك الأيام التي قضوها في البر ومن ثم انتقلوا للسكن في منطقة الريان أوائل السبعينيات، موضحا انه كانت الحياة صعبة وفيها مشقة وكنا نعمل في المهن البسيطة مثل رعي الأغنام والإبل، ورغم ذلك كنا نصوم رمضان ولا ننقطع عنه، حيث اننا نحرص على معرفة موعد دخول شهر رمضان إما بإرسال شخص إلى مراكز الشرطة قديما أو إلى المدينة وسوق واقف، لمعرفة ذلك أو سماع صوت اطلاق نار ومدافع لمعرفة دخول شهر رمضان، وكذلك الأمر نفسه في حال دخول العيد، لافتا إلى أن اطلاق النار والمدفع كان يعبر عن دخول مناسبة اسلامية إما بداية شهر رمضان أو العيد. وأضاف: عندما كنا في البر ونرغب بزيارة الاقارب والأصدقاء في المناطق الاخرى نستعد للذهاب إليهم، ولم تكن هناك سيارات حيث اننا كنا نركب الإبل ونتجه إليهم ويحتاج الامر إلى جهد وعناء بسبب طول المسافة. وقال: توفي والدي منذ الصغر رحمه الله وحملت المسؤولية عنه، ولكن لم يمنعني ذلك من تعلم عادات البدو وحبهم للخروج برحلات صيد "قنص" وكذلك الكرم والشجاعة وحسن الخلق وإكرام الضيف والإحسان للجار، حيث اننا كنا نخرج للصيد مع بعض الأقارب والأصدقاء في بر قطر مثل العريق وأم باب والكرعانة ونسافر أيضا إلى المملكة العربية السعودية للصيد في منطقة "الجافورة" بالإبل. ولفت إلى أن السكان خاصة البدو في ذاك الوقت كانوا يعتمدون على الآبار للحصول على مياه الشرب ويقطعون مسافات للوصول إلى البئر. اما بالنسبة لطرق ذهابهم إلى الأسواق قديما لشراء ما يلزمهم فقال: كنا نذهب بالإبل إلى سوق واقف لشراء كل ما نحتاج إليه من أكل مثل التمر والرز والقِناد "الهيل" وحتى الملابس أيضا، ونقضي يومين على الطريق في الذهاب والإياب من وإلى سوق واقف حيث كانت الانطلاقة من منطقة الكرعانة ومن ثم نستريح وسط الطريق ونصبح في السوق ونشتري ما يلزمنا ونعود مرة اخرى إلى المنطقة ونصل إليها في اليوم الثاني. رغب كغيره من الآباء في أداء فريضة الحج بسيارة "سوبربان" وكانت اول سيارة قام بشرائها ومازال يذكرها حتى الآن من نوع دوج "بيك أب"، موضحا مع ظهور السيارات أصبحت المعاناة من حيث الذهاب إلى الاسواق لشراء ما نحتاج إليه أقل بكثير عن السابق حيث انها خففت علينا كثيرا. وأوضح: عند انتقالنا إلى المدينة "البلد" سكنا في البدايات بمنازل قديمة عبارة عن صناديق خشبية وغيرها ومن ثم تطور الامر إلى منازل عبارة عن حجر وطين ومن ثم إلى منازل أخرى مثل "البيوت الحمر" التي سكنا فيها بمنطقة الريان فهي ملك الشيخ عبد العزيز بن أحمد منحها للبعض في منطقة الريان وكان ذلك في السبعينيات، وسميت بالبيوت الحمر لان لونها كان أحمر.

2697

| 26 يونيو 2016

محليات alsharq
كتاب جديد يؤرخ لتاريخ قطر خلال القرن الماضي

تقوم المكتبة القطرية بإصدار كتاب يؤرخ لحياة رجل الشورى والإدارة سعادة الوجيه خليفة بن غانم الكبيسي - رحمه الله - من إعداد ابنته الفنانة التشكيلية بدرية بنت خليفة الكبيسي بالمشاركة مع د. محمد محمود الدروبي ، كما يسجل الكتاب جزءاً مهماً من تاريخ قطر خلال القرن الماضي ، وسيتم توقيع الكتاب خلال حفل يقيمه أبناء المرحوم 6 ديسمبر المقبل في معرض الدوحة السادس والعشرين للكتاب. وقالت معدّة الكتاب السيدة بدرية الكبيسي: بأن الهدف من هذه الإضافة الجديدة يتمثل في اعتزازها بوالدها - رحمه الله - والذي وهب حياته لبيته ووطنه وأمته ، وكان جلَّ وقته يسعى لخدمة مصالح الناس والوقوف إلى جانب الضعفاء خاصة ، حتى تتيسر أمورهم ، مؤكدة على أن جميع من عرف أباها ذكر فيه هذه الخصال الجليلة . وأضافت أن المكتبة القطرية تحتاج لهذا النمط من الكتب والتي تُعرَف الجيل الجديد من الشباب القطري بمن سبقهم ممن كانت لهم مساهمات في نهضة قطر المعاصرة وتعبوا لأجل أن يجد هؤلاء الشباب راحتهم في دولة توفر لهم الآن كل أسباب الرخاء والعيش الكريم . ويتضمن الكتاب الذي يقع في ثلاثة فصول وقدم له الأستاذ د. عبد الله بن جمعة الكبيسي وعدد صفحاته مائتين واثنتين وثمانين صفحة على موضاعات عديدة من بينها مقدمة بقلم معدة الكتاب بعنوان : " أبي كما عرفته" واستعراض لمراحل حياة صاحب السيرة ومن ضمنها حديث عن قبيلة لكبسة في قطر وكذلك حديث مفصل عن ولادته وأسرته وبيئة قطر التي عاش فيها وحديث عن نشأته ورحلاته ودراسته، ومواقف لطيفة في حياته وعمله في إدارة الجوازات وكذلك عضويته بمجلس الشورى. يذكر أن الكبيسي ولد في قرية (السدرية) عام 1937 م ، وهو ابن الشـــــاعر المعروف غانم بن محمد آل سلوم الكبيسي . وعُرف بحسّه القومي العربي ، وكانت قضية فلسطين قضيته الأولى وكان يدعو دائماً لدعم ونصرة هذه القضية ، وقد شارك في العديد من الخطب والفعاليات الوطنية والقومية ومثّل قطر في العديد من المؤتمرات الخارجية.

3090

| 28 نوفمبر 2015

تقارير وحوارات alsharq
مطالبات بترويج قطر كوجهة مهمة للتراث الإسلامي

رغم الجهود التي تبذلها الجهات القائمة على السياحة في قطر فان القطاع لا يخلو من عدة نقائص، أهمها ضعف الترويج لقطر كوجهة للسياحة الإسلامية، حيث اعتبر مواطنون أن قطر قادرة على أن تكون مركزا للسياحة الإسلامية نظرا لتوافر عدة معطيات، من بينها العمق التاريخي للدولة، إضافة إلى وفرة الموروث الحضاري من خلال تعدد المواقع الأثرية. وأشاروا إلى أن الدولة قد اعتنت بشكل كبير بالموروث الإسلامي، حيث قامت بتشييد متحف الفن الإسلامي الذي يحتوي على مجموعة غنية من التراث الإسلامي ومن المخطوطات النادرة لا توجد في أي مكان حول العالم. وأكدوا أن حجم إنفاق السائح المسلم يعتبر كبيرا حيث تسعى عديد الدول لتوفير الخدمات التي تلبي احتياجاته، مدللين على ذلك بوجود دول غير إسلامية قد تميزت في تقديم الخدمات الحلال على غرار سنغافورة، كما أن عددا من الدول الأوروبية اتجه إلى هذا القطاع على غرار بريطانيا وفرنسا وذلك نتيجة الوعي الكبير بهذا القطاع المهم وتوقعات نموه في المستقبل. وأكد عبد الله المري أن المتحف الإسلامي من أهم علامات السياحة الإسلامية ليس فقط في قطر بل في العالم العربي، وأشار إلى أنه توجد كثير من المواقع الأثرية في الدولة. واعتبر أن السياحة الإسلامية والتقليدية مكملان لبعضهما البعض، مشيرا إلى ضرورة التركيز أكثر على السياحة الإسلامية من خلال الترويج أكثر لهذا المنتج، معتبرا أن للمواطنين دورا أيضا في عملية الترويج، كما أن التركيز الإعلامي يكون أكثر على هذا القطاع. وأكد أحد المواطنين أن هيئة السياحة اتجهت أكثر لجذب السياح الأجانب من خلال المشاركات المتعددة في المعارض ومؤتمرات السياحة والسفر حول العالم. وأضاف إن الهيئة لم تركز كثيرا على ترويج السياحة الإسلامية، خاصة أن عدد الوافدين على الدولة قدموا من دول المنطقة. وأشار إلى أن عديد الدول الإسلامية على غرار اندونيسيا أو دول آسيا الصغرى أو المسلمين المتواجدين في مختلف دول العالم متشوقون أكثر للمنتج السياحي الإسلامي. *الاهتمام بالتراث ناصر المهندي، أكد أن الترويج لقطر كوجهة للسياحة الإسلامية شيء مهم من خلال العمل على إبراز تاريخ وتراث قطر الإسلامي، وأشار إلى أن قطر قامت بالاعتناء بالتاريخ الإسلامي من خلال تجميع التراث وتقديمه على أحسن وجه، وأكد أنه توجد عديد الجهات في الدولة تعمل على إبراز المعالم السياحية الإسلامية لقطر. ويقدر تقرير لتومسون رويترز عن الاقتصاد الإسلامي حجم الإنفاق العالمي للمسلمين على السفر إلى الخارج بقيمة 142 مليار دولار في عام 2014 باستثناء الحج والعمرة، مما يجعل هذا السوق يشكل 11 % من الإنفاق العالمي على أسواق السفر، ويتوقع هذا التقرير أن يزيد الإنفاق العالمي للمسلمين على السفر إلى الخارج إلى 233 مليار دولار في سنة 2020، معتبرا أن «سفر المسلمين لقضاء العطلات والترفيه قد تجاوز إطار الاقتصاد الإسلامي وأصبح في حد ذاته قطاعا رئيسيا في الاقتصاد العالمي الأوسع». وقد صنفت الدوحة بين أفضل 10 وجهات سفر للتسوق الإسلامي ضمن دول منظمة التعاون الإسلامي، وجاء ذلك وفقاً لتقرير مؤشر التسوق الإسلامي أثناء السفر2015 . ويحلل المؤشر التوجهات والأسواق المفضلة بالنسبة للمسلمين المسافرين وفقاً لأداء 40 وجهة دولية رئيسية للتسوق، استناداً إلى عدد من المعايير المحددة. وبناء على تقرير ماستركارد وكريسنت ريتنغ لمؤشر التسوق الإسلامي 2015، الذي ينشر للمرة الأولى، حصلت الدوحة على المرتبة الثامنة بين أهم الوجهات التي يقصدها السياح المسلمون للتسوق.

491

| 08 نوفمبر 2015

محليات alsharq
باحثون: تاريخ قطر يلعب دوراً مهما في تنمية الدبلوماسية الثقافية

نظم مركز العلوم الإنسانية والاجتماعية بكلية الآداب والعلوم ندوة تحت عنوان "تاريخ قطر في ضوء الأدلة الأثرية" بالتعاون مع فريق بحوث التاريخ والآثار والتراث. شارك في الندوة نخبة من الباحثين المتميزين من جامعة قطر ومن متحف قطر الوطني ومن كلية لندن الجامعية وتكونت الندوة من جلستين، حاضر فيها 8 مشاركين بواقع 4 أوراق بحثية في كل جلسة تخللتها فترة نقاش. واختتمت الندوة بملاحظات عامة حول أهم النتائج التي خرجت بها الندوة من الأوراق التي عرضت ومن النقاش الذي شارك به الحضور. واستهدفت الندوة تسليط الضوء على الحفريات الأثرية القطرية، ومناقشة البحوث حول تاريخ قطر الأثري، وتنسيق سبل التعاون الميداني بين العلماء الذين يعملون في مجال التاريخ والآثار والتراث في قطر وحول العالم، من أجل تنظيم بحوث مشتركة في المستقبل. وفي كلمتها الترحيبية بهذه المناسبة، أكدت د. إيمان مصطفوي عميد كلية الآداب والعلوم، أن فعالية هذا اليوم تساهم في دعم رؤية قطر الوطنية 2030 التي تتطلع نحو بناء مؤسسات شاملة تحافظ على التراث الوطني في البلاد وتعزز القيم والهوية العربية والإسلامية. وأضافت أن استثمار قطر في بناء قطاع ثقافي قوي يحافظ على التاريخ والآثار والتراث له دور كبير في تحقيق تلك الرؤية، كما يلعب دورا هاما في زيادة الدبلوماسية الثقافية والمساهمة في نمو مجتمع قائم على المعرفة. وأكدت د. كلثم الغانم مدير مركز العلوم الإنسانية والاجتماعية في كلمتها، على أهمية البحوث التاريخية والأركولوجية في المرحلة الحالية التي تمر بها قطر والتي تشهد تطورا كبيرا في مجال التركيز على البحوث التي تستهدف الحفاظ على تراث قطر وهويتها والتي تعد أحد الأهداف الأساسية التي تحقق رؤية قطر وإستراتيجيتها الوطنية والتي انعكست على إستراتيجيات البحث العلمي في جامعة قطر وفي المؤسسات البحثية الأخرى. وأضافت د. كلثم أن مركز العلوم الإنسانية والاجتماعية بالتعاون مع أعضاء هيئة التدريس بقسم العلوم الإنسانية وكلية الآداب والعلوم مع أعضاء من كليات أخرى ومن مؤسسات مختلفة، قام بتشكيل فريق بحثي يهتم بتنشيط البحوث والأنشطة العلمية في المجالات المذكورة.

478

| 21 أكتوبر 2015

محليات alsharq
المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني.. حكمة قائد وبناء دولة

يأتي يوم الثامن عشر من ديسمبر من كل عام ليحتفي فيه أبناء قطر بذكرى ذلك اليوم التاريخي من سنة 1878 الذي قاد فيه المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني رحمه الله شعبه نحو التأسيس وإرساء قواعد الدولة الحديثة في قطر. ومع احتفالنا بهذه المناسبة الوطنية الغالية على قلوبنا جميعا فإننا نستعرض جزءا يسيرا من سيرة ومسيرة المؤسس وحياته وشخصيته وجهوده التي أثمرت دولة ملء السمع والبصر على كافة الأصعدة والمستويات تحت ظل وجهود القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ـ نسبه ونشأته يرجع بالنسب بعد آل ثاني إلى المعاضيد من آل ريس من بني تميم وهو الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني بن محمد بن ثامر بن علي بن سيف بن محمد بن راشد بن علي بن سلطان بن بريد بن سعد بن سالم بن عمرو بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعه بن أبي الأسود بن مالك بن حنظله بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن اد بن طابخه بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. ولد المؤسس رحمه الله عام 1242هـ الموافق 1826م، ونشأ في فويرط بشمال شرق قطر في كنف والده الشيخ محمد بن ثاني الزعيم الأشهر حين ذاك، حيث تلقى تعليمه على أيدي رجال الدين فتعلم القرآن وعلومه والفقه والشريعة إلى جانب تعلم الفروسية والقنص والأدب ثم شارك والده في إدارة شؤون البلاد كافة. وفي عام 1264هـ 1847م انتقل مع والده ليقيم في البدع وكان عمره حوالي 21 عاماً، فبرز بين أقرانه زعيماً شاباً متطلعاً للقيادة، وهو ما ظهر فيما بعد عندما تعرضت قطر للغزو، فبرز جاسم على رأس القوات القطرية المدافعة عن قطر ليبارز أحد أشجع فرسان الجزيرة حينها، وتمكن جاسم من أن يصرعه بعد معركة حبست فيها الأنفاس. فبرز جاسم بعد هذه الواقعة كفارس قطر الأول الذي التفت حوله الفرسان بعدما نال الحب والإعجاب والتقدير من كافة أبناء قطر. موهبة في القيادة يروي الرحالة البريطاني وليم بلجريف الذي زار قطر في عام 1279هـ 1862م، بأنه عندما التقى الشيخ جاسم في ذلك العام، لاحظ ظاهرة واضحة في الرجال الذين كانوا يلتفون حول الشيخ جاسم أنهم يحيطونه برابط متين من الألفة رغم تنوع قبائلهم، هذه الشهادة تظهر بجلاء طبيعة العلاقة التي كانت تربط بين الشيخ جاسم وأبناء قطر، وتؤشر من خلال الوصف قوة تأثير شخصية جاسم في أبناء القبائل القطرية، وهي الدلالة على نضوج وتبلور فكرة التعاضد والوحدة التي كان جاسم قد بدأ يحصد ثمارها بفضل فكره وكرم أخلاقه، وتبلور فكرته وفكره السياسي الساعي الى توحيد القبائل القطرية، وهو في سن الخامسة والثلاثين. بمرور الأيام والخطوب على قطر وأهلها، لمع نجم الشيخ جاسم وتوسعت شعبيته، بفضل ما آتاه الله من علم وحكمة وحنكة وكرم وحسن سياسة، استطاع أن يوحد القبائل القطرية تحت لوائه ويجمع شتاتها، بعدما الف بين القلوب، فاجتمعت على محبته وذلك بما آتاه الله من عقل وحكمة وحنكة وكرم وحسن سياسة.. محبة وطاعة وولاء تجلى بشكل واضح في تحديه لمختلف القوى التي أرادت أن تنال من قطر ومن أهلها، الذين التفوا حوله بقبائلهم فتقدمها، وانضوت تحت لوائه، فوحد شتاتها راسماً مستقبلها، وبفضل ذلك التوحد استطاع الشيخ جاسم حماية الحدود، وتأمينها، فبرزت قطر في المنطقة ككيان مستقل، فقد قضى حوالي خمسين عاما من عمره في قيادة شعبه، نجـح في توجيه الدفة، بسياسة حكيمة متعقلة، كتب لها النجــاح في خضــم بحر مائج بالأحـداث والمتغيرات والضغوطات الدولية والإقليمية، التي كانت تحاول بسط سيطرتها على البلاد، بسلسلة أحداث ستبقى جزءًا من تاريخ البلاد، وسيظل يذكرها أبناء قطر كأيام مجيدة من تاريخهم. شجاعة في مواجهة الأعداء عندما نتذكر المؤسس نتذكر شجاعته في مواجهة المعتدي والتصدي له بعنفوان الشباب متسلحاً بإيمان بالله لا يتزعزع، كما نتذكر هبٌته لنصرة المظلوم ومعه هب أبناء وطنه في مواجهة الظلم، وعندما حيل بينه وبين وطنه، وسار الناس من أجله مضحين بحياتهم فداءً له، وسالت دماؤهم من أجل فك أسره، ولا زلنا نتذكر معاناتهم من أجل الثأر له، لقد نصرهم فنصروه وجاهد من أجلهم فعاضدوه. وعندما نتذكر المؤسس، نتذكر قائداً غيوراً على الوطن وحرمته، والذود عن كرامته، ورد كل معتدٍ وطامع فيه، فعلى مر الأحداث والمواقف التي شهدتها مراحل التأسيس، ظل الشيخ جاسم مثالاً للقائد الفارس والمفاوض الحكيم، ولعل فيما جرى بينه وبين العثمانيين خير دليل على الحنكة السياسية والعسكرية التي كان يتمتع بها الشيخ جاسم. ففي مارس 1893 وبينما كان الشيخ جاسم قد شارف السبعين، رفض وبإصرار، كل محاولات العثمانيين، زيادة نفوذهم في قطر، ورغم الضغوطات ورغم فارق القوة والعدد بين الطرفين، فقد ثبت الشيخ جاسم على الحق، واستعد بإيمانه وولاء شعبه، لخوض معركة الوجبة التي فرضت عليه، فخاضها حتى تحقق للقطريين النصر، وهُزم العثمانيون في تلك المعركة التي شكلت بنتائجها نقطة فاصلة في تاريخ قطر الحديث، بما برهنته عن القطريين من صور الثبات، والعزم، ووحدة الصف والكلمة خلف قائدهم الشيخ جاسم، الذي أثبت بقراره وبانتصاره، حنكته في القيادة، وقوة استقلالية القرار القطري. ــحكمه وعدله وثقافته باستقرار الأمور وسيادة قطر على أرضها بدأ الشيخ جاسم مشروعه للنهوض بالبلاد، فقام ببناء المساجد والمدارس، واستضافة العلماء، وطبع كتب الفقه على نفقته، وأمر بتوزيعها داخل قطر، وفي البلدان الأخرى، دليلا على حبه للعلم وايمانه بدوره في نهوض الأمم والشعوب. تميز عهده رحمه الله بانتشار الأمن والعدل والرخاء. وشهدت البلاد ازدهارا في أعمال الغوص على اللؤلؤ وتجارته. حتى أصبحت قطـــر من أكبر مصدريه والمتعاملين به. وتضاعفت أعداد السفن العاملة في ميادين التجارة والغوص والنقل. وتنوعت الأعمال، وراجت الأسواق وازدادت أعداد السكان فتوسع العمران وانتشر. كما كان ناصراً للمظلوم، وساعياً لفك اسر من يلجأ إليه، ومفرجاً للكرب، ومعتقاً للعبد، وهو في كل ذلك لا يبتغي غير مرضاة الله، ولم يخضع لغير ه، ثائراً من أجل دينه ومدافعاً عن وطنه. فصدق قول الآلوسي فيه: " كان من خيار العرب الكرام مواظبا على طاعاته، مداوما على عبادته وصلواته، من أهل الفضل والمعرفة بالدين المبين، وله مبرات كثيرة على المسلمين " فعلت مكانته بين الناس جميعاً، فقد كان على حد قول سليمان الدخيل: "مسموع الكلمة عند العرب مهابا عند الرؤساء والأمراء نافذ القول، دأبه الإصلاح ولم يسع في أمر إلا أتمه الله على يديه وأعماله كلها خالصة لوجه الله تعالى". تدينه وتقواه كان رحمه الله رجلاً متديناً نقياً، على جانب عظيم من التقوى ومخافة الله، شديد الخشية لله، عادلاً في أحكامه وأقضيته. كما كان رحمه الله صاحب عقيدة، بعيداً عن البدع والمحدثات، عابداً تقياً، محافظاً على الصلاة يتحين أوقاتها فيجلس من بعد صلاة الفجر في مصلاه يذكر الله تعالى ويسبحه حتى طلوع الشمس فيقوم فيصلي ركعتين وكان يؤم الناس في صلواتهم، ويخطب بهم الجمعة، وإذا خطب أذهل السامعين، وجلب قلوبهم إليه، وهو من أركان العربية وأنصارها، ويباشر بنفسه تعليم الناس، كما يباشر بنفسه القضاء والفصل في المنازعات بين مواطنيه. وقد ختم حياته وهو يردد كلمة التوحيد. أما عن صفاته البدنية وملامح شخصيته رحمه الله، فقد وصفه من رآه بأنه كان رجلاً طويلاً فارع الطول؛ وكان يؤم جماعته في صلاة الجمعة والجماعات، ويرى من الصفوف الأخيرة في المسجد.. وكان خفيف العارضين متين العظام، حسن الهيئة في بساطة، مهاباً جليلاً. قوي الشكيمة حازما ذا عزم وتصميم، ورجلاً من أفذاذ الرجال الذين قلما يجود التاريخ بأمثالهم. ـ حبه للعلم والعلماء عرف عن الشَّيخ جاسم حبه الشديد للعلم والعلماء، فطبع على نفقته الكتب التي تدافع عن الدعوة وتردّ على مناوئيها، واشترى عددا آخر من الكتب المطبوعة في نفس المجال، ووزعها مجاناً على طلبة العلم في شتى الأقطار الإسلامية. وفي مجال دفاعه عن الدعوة طلب من الشيخ عيسى بن عكاس في سنة 1298هـ/1881م أن يرد على محمد بن عبدالله الفارسي في ثلاث مسائل تتعلق بصفات الله عز وجل، وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستغاثة بالأنبياء والأولياء. ومن ذلك طباعته لكتاب (فتح المنَّان تتمة منهاج التَّأسيس رد صلح الإخوان)، تأليف الشَّيخ محمود شكري الآلوسي، على نفقته في بومباى بالهند، سنة 1309هـ/1892م،ثم أوقف نسخه ووزعها على العلماء وطلبة العلم، وهذا الكتاب هو إتمام لكتاب (منهاج التَّأسيس) للشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ (ت 1293هـ/1876م)، الذي وافته المنية قبل أن يتمه. وقد أرسل الشيخ جاسم مائة نسخة من الكتاب إلى الشيخ الآلوسي مرفقة مع رسالة مؤرخة في 11/10/1310هـ (28/4/1893م).( ) كما أنَّ الشَّيخ جاسم اشترى مجموعة من نسخ كتاب (التَّوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق) ثم أوقفها ووزعها على العلماء وطلبة العلم، وهذا الكتاب يتناول توضيح حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتصحيح ما أثير حولها من شبهات. ومن جهوده في هذا المجال طباعة وتوزيع الكتب التي تشرح عقيدة السلف مثل كتاب (الإيمان)، لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، و(الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)، له أيضاً، و(الدين الخالص)، لصديق حسن خان، وغيرها. كان المؤسس رحمه الله يستقطب العلماء وطلبة العلم من أهل السنة من نجد وغيرها للقيام بتدريس العلوم الشَّرعيَّة في المساجد، والقيام بأمر الدَّعوة إلى الله، وتوجيه الناس، ومن هؤلاء العلماء عالم الأحساء وقاضيها الشيخ عيسى بن عبدالله بن عكاس (ت 1338هـ/1920م)،() والشيخ يعقوب بن يوسف (1375هـ/1955م)،() وعدد من العلماء الذين عينهم في منصب القضاء مثل الشيخ محمد بن حمدان الذي تولى القضاء فيها سنة 1285هـ/1868م إلى سنة 1310هـ/1893م، ثم عين بعده الشيخ عبدالله بن أحمد بن درهم من أهل حوطة بني تميم ولا يخفى دور القضاة في ذلك الوقت في تدريس العلوم الشرعية وتوجيه الناس. كما قام الشيخ جاسم بابتعاث بعض طلبة العلم القطريين للدراسة على علماء نجد وأئمة الدعوة، ومن هؤلاء الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن درهم الذي ابتعثه سنة 1313هـ/1895م، لتلقي تعليمه على يد العلامة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ حولاً كاملاً. لقد أثمرت جهود الشيخ جاسم، إذ كانت كالغيث الذي أصاب أرضاً طيبة، فكان من نتائج ذلك انعدمت مظاهر الانحراف في شرك العبادة عندهم إلى يومنا هذا. يقول الأديب المؤرخ سليمان بن صالح الدخيل (ت 1364هـ/1945م) عن قطر واصفاً سكانها قُبيل وفاة الشَّيخ جاسم: (وهي مدينة متوجهة إلى التقدم بفضل شيخها الشيخ جاسم بن ثاني وأهلها كلهم على مذهب السَّلف وأحكامهم شرعية ولا توجد عندهم الأشياء المضرة بالدين المخالفة لآدابه الشريفة)، يتضح مما تقدم أنَّ الشيخ جاسم كان من أئمة الدعوة، جاهد في نشرها بنفسه وماله، وكان له جهود فاعلة في نصرتها والذب عنها، وقد ربى أبناءه وأحفاده على ذلك، فسلكوا مسلكه في تقريب العلماء، وطباعة الكتب، وخدمة العلم وأهله. ـأوقافه ودعمه لطلبة العلم لقد أدرك الشيخ جاسم أهمية الأوقاف في الإسلام، ودورها الاجتماعي والثقافي في رعاية الفقراء وطلبة العلم وصيانة المرافق الدينية ودعم وظائفها، فحرص على التصدق بأصول العقارات لصالح عدد من المنافع العامة، وذلك نحسبه والله حسيبه من باب التعبد والتقرب إلى الله سبحانه، ورغبة منه لنيل أجر الصدقة الجارية. قال المؤرخ سليمان بن صالح الدخيل عن الشيخ جاسم: (وله أوقاف كثيرة في كل البلاد العربية فمن ذلك أن له أربعة أوقاف كبيرة في نجد، وأربعة مثلها في المذنب ومثلها في الأحساء وفي القصيم والبحرين وقطر وغيرها، وهذه كلها تصرف على ما جاء به الشرع الشريف.) ولارتباط الشيخ جاسم الوثيق بنجد وحبه لأهلها فقد أوقف فيها عدداً غير قليل من الأوقاف، عرفنا منها أوقافاً في الدِّرعية، والرِّياض، وحريملاء، والدِّلم، وحوطة بني تميم، وشقراء، وأثيثية، والمذنب، والعِقْلَة. ولا يزال، بفضل الله، ريع عدد غير قليل منها مستمراً إلى اليوم، مستغلاً بالصرف على الجهات التي عينها، ويقوم بنظارة أوقافه اليوم عدد من القضاة أو الوكلاء، وكان رحمه الله يصرف واردات أوقافه على الجوامع والخطباء والأئمة والمؤذنين والمدرسين وطلبة العلم من أهل السنة ورعاية الفقراء وإفطار الصائمين. كذلك سعى الشيخ إلى تزويد طلبة العلم بنوادر كتب التراث من خلال ما كان يطبع في الهند وغيرها، وكان تركيزه في توزيع الكتب منصباً على طلبة العلم من أهل نجد، فكان يرسل تلك الكتب إلى العلماء الأعلام في نجد وخاصة في مواطن العلم المعتبرة في زمانه كالرياض وحائل وغيرها، فكان من نتائج ذلك أن كوَّن بعض طلبة العلم مكتباتهم الخاصة، خاصة أنَّ الكتب التي كان يوقفها الشيخ جاسم شملت شتى علوم الدين، كالعقيدة وعلوم الحديث والفقه وغيرها من العلوم. ويلحظ الباحث في قائمة الكتب التي وقفنا عليها أثناء البحث دقة اختيار الشيخ جاسم للكتب من حيث التخصص وأهمية الكتاب في التخصص ذاته، فانصب اهتمام الشيخ بشكل واضح على كتب العقيدة والحديث بينما أخذت كتب العلوم الشرعية الأخرى حيزاً أقل من وقفياته. وجهود الشيخ جاسم في طباعة الكتب وتوزيعها تتم على الرغم من الرقابة الشديدة على حركة النشر، والسيطرة على حركة توزيع المطبوعات المتعلقة بعقيدة السلف بين أقطار الخليج والعالم الإسلامي التي تمارسه في تلك الفترة بريطانيا من جهة، والدولة العثمانية من جهة أخرى ولا تكاد تخلو، في تلك الفترة، مكتبة علمية في بلدان نجد من الكتب التي أوقفها الشيخ جاسم، وقد وقفنا على عدد غير قليل منها دوِّن على أغلفتها وقفيته بخطوط عدد من العلماء والأعيان من نجد، واستقصاء ذلك يطول فحسبنا أن نذكر بعض الأمثلة. قالوا عن المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني ــ سليمان الدخيل " كان الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني الأمير في هذه البلاد وهو الخطيب يوم الجمعة، وهو القاضي، والمفتي والحاكم، ومن صفاته أنه إذا خطب أذهل السامعين وجلب قلوبهم إليه، وإذا أعطى فعطاياه جزيلة، وبالجملة فهو من أركان العربية وأنصارها، ومن رجال الإسلام وفحوله". ــ محمود شكري الآلوسي " والشيخ جاسم بن محمد بن ثاني من خيار العرب الكرام، مواظب على طاعاته، مداوم على عبادته وصلواته، من أهل الفضل والمعرفة بالدين المبين، وله مبرات كثيرة على المسلمين". ــ عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام "عندما تولى الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني إمارة البلاد: توسعت أعمال البلاد، ونشط عمل الغوص فيها، وصار لها ميناء بحري تجاري لتصدير البضائع وتوريدها، فكثر فيها السكان، وتعددت الأعمال، واتسعت البلاد، وتوسع فيها العمران، وصار للعاصمة (الدوحة) قرى وضواحي، وأصبحت دولة مستقلة". ــ أقوال أحمد العناني "لقد كان مفتاح السر في شخصية الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني متانة إيمانه بالله وبقدر الله وشجاعته فيما يقر رأيه فيه أنه الحق، وذكاؤه العجيب في تقييم المواقف بحيث انه يعتبر صاحب الفضل الأول في قيام قطر كوحدة إقليمية متماسكة ربما لأول مرة منذ عدة قرون لا مجرد معبر ومرعى لقبائل شرقي الجزيرة العربية " ــ أمين الريحانى " إن على الخليج إلى الشرق والجنوب من البحرين من الأرض محاذيا لشاطئ العقير هو قطر، وكان صاحبه الشيخ جاسم بن ثاني، شيخ الأمراء يومذاك سناً وجاهاً".

32054

| 16 ديسمبر 2014

رمضان 1435 alsharq
الشيخ عبد الله بن جاسم أخلص وده لقومه وخدمهم بصدق

مرَّ معنا في الكتاب العديد من الأمثلة في مدح الشيخ عبد الله بن جاسم -رحمه الله- وذكر صفاته وأخلاقه، والثناء عليه بها، وفي هذه الحلقة والحلقة التالية نذكر بعض الأمثلة مما قيل في وصف وذكر صفات ومناقب الشيخ عبد الله ـ رحمه الله تعالى ـ ونبدؤها بمثالين على ذلك مما قيل في مدحه نثرًا، ممن لازم الشيخ عبد الله وعرفه عن قرب، وخبر صفاته وأخلاقه وتعامله مع من حوله، وهما: الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع ـ رحمه الله ـ، وهو من أعرف الناس بالشيخ عبد الله، وممن طالت معاشرته ومخالطته له، وكذلك الوجيه صالح بن سليمان المانع ـ رحمه الله ـ، وهو سكرتيره الخاص، وممن لازمه سنين طويلة، وعرفه في الرخاء والشدة، والسر والعلانية. فأما الشيخ ابن مانع فقد كتب مقالة بعد وفاة الشيخ عبد الله يقول فيها: في اليوم السادس والعشرين من هذا الشهر المبارك شهر رمضان أمر جلالة الملك سعود ـ حرسه الله تعالى ـ بالصلاة على الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني، فنادى المبلِّغ بالصلاة عليه، فلما سمع هذا النبأ عارفوه حزنوا لذلك حزنًا شديدًا، وبادروا بالترحُّم عليه، والدعاء له، والاسترجاع؛ لأنهم علموا أنهم فقدوا بموته رجلاً عظيمًا، وسيدًا جليلاً من سادات العرب . كريم شمائله ونحن نذكر بهذه الكلمة الموجزة نبذة من أحواله، وبيان شيء من كريم شمائله وأخلاقه -رحمه الله- فهو الشيخ عبد الله ابن الشيخ المحسن الشهير قاسم بن ثاني التميمي المعضادي، وُلد -عليه الرحمة- قبل الثلاثمائة والألف في قطر بلاده وبلاد آل ثاني، وهم حكامها ورؤساؤها، كان الشيخ عبد الله - رحمه الله - رجلاً ذكيًا، حديد الذهن، سريع الفهم، محافظًا على القيام بشرائع الإسلام، عفيفًا نزيهًا، طاهرًا صالحًا، كريم الشمائل، يحفظ من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والأشعار العربية المتعلقة بالشواهد والأمثال شيئًا كثيرًا، وكان -رحمه الله- محبًا لأهل العلم الصحيح العاملين به، معظِّمًا لهم، ومحسنًا إليهم، متأدبًا بالآداب الشرعية، سالكًا طريق والده في محبة أهل السنة والجماعة أرباب العقيدة السلفية السليمة، وكان -رحمه الله- يبغض أهل البِدَع والعقائد الفاسدة، وينفر منهم، ولا يواليهم، ولهذا كان إذا مر أحد في بلاده من أهل العقائد المبتدعة كتم بدعته حتى يرتحل إلى أمثاله، وأما أهل السنة والجماعة، والعقيدة السلفية الصالحة فقد كانوا يرحلون إلى قطر فيجدون من الشيخ قاسم وابنه الشيخ عبد الله وإخوانه وعموم آل ثاني الإنعامات والكرامات والإحسان المتتابع، ومن لم يزرهم في قطر من أهل العلم وصلته صلتهم في بلاده، وكان الشيخ عبد الله بن قاسم -رحمه الله- حنبلي المذهب قرأ طرفًا من الفقه الحنبلي على أحد العلماء من الحنابلة المقيمين عند والده الشيخ قاسم، وكان عارفًا بالسيرة النبوية، وأحوال العرب في الإسلام والجاهلية، وكان ملازمًا لمطالعة كتب العلم المفيدة، كمؤلفات تقي الدين ابن تيمية وشمس الدين ابن قيم الجوزية، وكان له عناية خاصة بقراءة زاد المعاد لابن القيم. رتَّب قارئًا يقرأ عليه في مجالسه في أنواع العلوم كتفسير ابن كثير وتاريخ ابن الأثير وغير ذلك من الكتب المفيدة النافعة، وكان محافظًا على أوقات القراءة، لا يخل بها سفرًا ولا حضرًا، ولما ماتت زوجته أم أولاده، وكانت أحبَّ الناس إليه، ودُفنت بعد صلاة المغرب، فرجع من المقبرة إلى بيته وأمر القارئ أن يقرأ كالعادة، ولم يشغله حر المصيبة عن القراءة، وقد رثاها بقصيدة بليغة. كان جوادًا سخيًا وكان -رحمه الله- جوادًا سخيًا يبذل كثيرًا من ماله في طاعة الله وما يعود على المسلمين نفعه في صلاح دينهم ودنياهم، وقد أمر بطبع عدة من الكتب المفيدة وجعلها وقفًا لله على طلبة العلم، فمنها: كتاب لوائح الأنوار شرح عقيدة السفاريني في مجلدين، ومنها كتاب المقنع في الفقه الحنبلي ومعه حاشية العلامة الشهيد الشيخ سليمان بن عبد الله في مجلدين، وكتاب المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة، ومنها كتاب الفروع في الفقه الحنبلي لشمس الدين محمد بن مفلح ومعه تصحيح الفروع لمحرر المذهب علي بن سليمان المرداوي الجميع في ثلاثة مجلدات كبار. وكان الملك عبد العزيز -رحمه الله - يحبه محبة شديدة دينية لوجه الله، وكذلك الملك سعود ـ رحمه الله ـ كان يحبه كأبيه، وكانت بينه وبين عالم نجد في زمانه الشيخ عبدالله بن العلامة الشيخ عبد اللطيف محبة شديدة خالصة لوجه الله، وكانت الرسائل بينهما متبادلة متصلة، وكان -رحمه الله- ألمعيًا بعيد النظر في العواقب، شديد الحذر من كل أمر يخشى على الدين ويكون فيه تغيير لعقائد المسلمين، ولما عَرض عليه أحد طلبة العلم، وكان قد استقدمه للتعليم في بلاده كشفًا فيه أسماء كتب للطلبة، كان من جملتها شرح مختصر الآجرومية في النحو يُقرأ قبل شرحي الشيخ خالد والكفراوي، وكان مؤلِّفه من عُبَّاد القبور المعطِّلة للصفات الإلهية امتنع من جلب هذا الكتاب، فقيل له: إن هذا كتاب نحو وليس فيه شيء يمس الدين. فقال: هذا معلوم عندي ولكني لا أحب اشتهار اسم مؤلِّفه في بلادي. فانظر إلى ذكائه، وبُعْد نظره -رحمه الله-، وسمعت من يحكي هذا للمفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم في الرياض، فقال: هذا ما يُستكثر من الشيخ عبد الله، وقد تولَّى الحكم بعد والده بعهد منه، وبقي حاكمًا في قطر إلى أن تنازل له عن الحكم لولده الشيخ علي بن عبد الله. وكانت وفاته في قصره بالريان، بستان له في قطر، يوم الخميس الخامس والعشرين من رمضان المبارك، تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته ا.هـ وأما ما كتبه الوجيه صالح بن سليمان المانع، فهو ما أرسل به إلى مجلة العمران لصاحبها عبد المسيح الأنطاكي، وذلك سنة 1327هـ يوافقه 1909م أثناء حياة والده الشيخ جاسم بن محمد -رحمه الله- ، وقد كتب صاحب مجلة العمران مقدمة لرسالة الوجيه صالح المانع متحدثًا فيها عن قطر، يقول فيها: أما البلد فهو كبلاد العرب يحكمه ساداتنا آل ثاني العظام حسب الشرع الشريف، والحاكم اليوم هو حضرة المولى الخطير الهمام، والسيد السند المقدام، صاحب السمو الشيخ عبد الله ابن الهمام الأشهر الشيخ قاسم بن ثاني المعظم أمير قطر وحاكمها، ورئيس قبائلها، وهو مشهور بكرمه العربي، وأخلاقه العالية التي اتصف بها أمراء هذه الأمة الكريمة، وقد وردت علينا من أحد أتباع سمو الأمير رسالة ضافية عن سمو الأمير وغيرته على العدل والأدب، ننشرها على صفحات العمران مع الافتخار، قال: بسم الله الرحمن الرحيم من زرع زرعًا حصده عز تلو الفاضل عبد المسيح أنطاكي بك دام مجده وعلا سعده. بعد مزيد السلام، من المعلوم أن الرجل إذا أخلص وده لقومه، وخدمهم بصدق وإخلاص، ودافع عن حقوقهم مدافعة صادقة من قلب مخلص، لا عجب إذا تعشقته القلوب، ولهجت بمدحه الألسُنُ، ولقد جعلتم همَّكم في جريدتكم بل جريدة الأمة العربية العمران، المناضلة عن حقوق هذه الأمة، وإعزاز أقدار أمرائها الكرام، وشيوخها العظام، والذب عن حياضها في كل مقام حتى أصبحت الجريدة الوحيدة التي تذيع اسم العرب بالتشريف وتسعى لتوطيد دعائم عزهم وتلهج بقديم مجدهم، وتؤلف بين قبائلهم وعشائرهم ليكون جميعهم يدًا واحدة مع الخلافة العثمانية في الذب عن حياض الإسلام، وإعلاء لواء المسلمين، فلها ولكم شكر كل ناطق بالضاد على رغم الحساد والأضداد. نعم أيها الفاضل إن الأمة العربية تشكركم بكل جوارحها وتعلن ثناءها عليكم في كل مجتمع لها، وتسأل الله أن يجعل مسعاكم الآئل لمجد الإسلام، مقرونًا بالتوفيق والنجاح ـ إن شاء الله ـ فإن من اطلع على العمران وتفرَّس في سطوره وقرأ منظومه ومنثوره، ظهر له بأجلى بيان صدق خدمة هذه الصحيفة للعرب الكرام، وحب صاحبها الأكيد لهذه الأمة النبيلة التي اندك طود مجدها، وانحط شامخ شرفها بصروف الزمان، "وتلك الأيام نداولها بين الناس" الآية، وعليه فإني بالنيابة عن هذه الأمة أقدم تحياتها وامتنانها لحضرة صاحب العمران، وأسال له ولجريدته تأييدًا من العلي، وأرجو من وراء هذه المنشورات النافعة نفعًا للأمة العربية ـ إن شاء الله ـ. أيها الودود لقد وصلتني أعداد المجلد الثاني من العمران مع ملازم كتابكم نيل الأماني في الدستور العثماني، وأنا خارج مدينة قطر في خدمة سيدي ومولاي المكرم، وولي نعمتي الأفخم، حاكم قطر ورئيس قبائلها وعشائرها سمو الشيخ عبد الله بن الهمام الشيخ قاسم آل ثاني المعظم حفظه الله. إن سمو سيدي الشيخ هو الأمير الحالي لقطر، وهو حفظه الله ورعاه شديد الغيرة على رعاياه، يُحامي عنهم، ويدافع عن حقوقهم، ويقضي بينهم حسب الكتاب والسُّنة على ما يقضي العدل والإنصاف، ضاربًا على أيدي الظلمة ساهرًا على نصفة المظلومين، معفيًا تبعته من الضرائب التي تُرهق ظهورهم، مسهِّلاً عليهم متاجرهم وزراعاتهم؛ حيث ليس في قطر من الضرائب غير رسم كمركي زهيد لا يكاد يقوم بمصاريف الإمارة، بل يسدد العجز من واردات أملاكه الخاصة، حبًا برعاياه، وبالإجمال فسموه ـ حفظه الله تعالى ـ مع رعاياه كالأب الشفيق على أولاده، فلا عجب إذا رأيتهم جميعًا مجمعين على حبه مترنمين بحمده، والدعاء له بالمجد والسؤدد والجاه ـ إن شاء الله ـ. أما سموه فهو ـ أعزَّه الله ـ يقضي أيامه في الصيف في عاصمة إمارته ساهرًا على مصالحها حاكمًا عدلاً بين الخصوم، مترئفًا بالضعاف ناصحًا للأقوياء، مساعدًا للمحتاجين، مسعفًا للطالبين، حتى إذا ما انقضى الصيف ودخل الخريف فالشتاء، خرج إلى البادية لتفقد شؤون رعاياها، والتوفيق بين عشائره، والسهر على مصالحهم بينما يكون قد أناب عنه في عاصمة إمارته من يعني بها، ويهتم بمصالح أهلها؛ حتى إذا ما فرغ من العناية بأمر الملك، انصرف إلى الصيد والقنص على عادة الملوك، فتراه بموكب الصيد ومن حوله الجنود كأنه خارج إلى ملقى الأعداء في البيد يركب مطهمة ومن حوله الغلمان وكلهم قرم عنيد، وفي ملقى العدا شديد. ولسموه عناية في البزاة والشواهين، يربيها لصيد الحبارى والطيور، ولكل منها خصيص يقوم بالعناية بها، فما أجمل ذلك الموكب الذي يتقدمه سمو الأمير على جواده المطهم يحف به جنوده ، وكل منهم يحمل شاهينه بيسراه ويقبض لجام الجواد بيمناه، ويسابق الريح في مسراه، وهم داعون لسمو الأمير بالعيش الزاهر، والخير الوفير. ويقضي سمو الأمير المعظم حسب الشرع الشريف بين رعاياه، وهو ذو اطلاع واسع على أحكام الشريعة المطهرة، وإلمام كبير بالأدب، واهتمام جليل بالعلم، وكرم وافر على الشعراء، ولذلك ترى مجلسه مقصودًا من أهل الأدب والعلم والشعر، بحيث تخاله سوق عكاظ، وفوق ذلك فهو وافر الجود كثير البذل، رحب الصدر في ملاقاة الضيوف لا تنطفي له نار ولا تخلو سرايه العامرة من الزوار. وسمو الأمير مسلم شديد الغيرة على الإسلام، وعربي غيور على العرب، وهو مخلص للخلافة العثمانية، محب للدولة العلية، راغب في تجديد مجد الإسلام بما في وسعه يبذل الاهتمام في سبيل خير المسلمين، حياه الله وبياه، وأكبت عداه. وإني في خدمة سمو مولاي الأمير المعظم، وكاتب يده وعنده غيري أيضًا من الكُتَّاب، وفي هذا العام لم أتمكن من السير في خدمة سموه خارج العاصمة لأسباب قاهرة، فتخلفت في العاصمة مضطرًا، فأبت مكارمه إلا أن أرسل في طلبي، فسعيت إليه على الرأس لا على القدم، وكان سموه على بعد غلوة من العاصمة، فلما بلغت النُّزُل نزلت بجانب صيوانه الملوكي، ومن حوله صواوين الخدم والجنود، ودخلت عليه فإذا هو متربع في صدر الصيوان، فكأنه الأسد الهصور، ومن حوله رؤساء العشائر يتعظون بنصائحه ويستمعون أوامره، فأسرعت للثم راحتيه، وسلمت بالإمارة عليه، فاستقبلني ـ أعزه الله ـ بالترحاب، وألقى إلي أوامره حسب الإيجاب، فبادرت لإتمام أوامره بالاهتمام، ومثلها تقابل بالإعظام. وفي صباح اليوم التالي وردت علينا مع بريد مخصوص أعداد الجلد الثاني من عمرانكم الأغر باسم هذا العاجز، فاستلمتها شاكرًا، وتصفحتها بسرور، وعنَّ لي أن أعرضها على مسامع سمو الشيخ المعظم، فذكرتها بين يديه ذكرًا محمودًا، فأمرني بإحضارها، وأخذت أتلو عليه منظومها ومنثورها مما ينم عن غيرة صادقة، وحمية ظاهرة للأمة العربية الكريمة، وكان سموه ـ أعزه الله ـ يهتز طربًا وسرورًا، وبعد قراءة الكثير منها، قال سيدي: ومن هو صاحب هذه الدرر الغوال، وناشر للعرب ما لهم من محاسن الخلال، وجاعل ديدنه المدافعة عنهم في كل قول وجدال، وأي جريدة هذه التي تذيع مثل هذه الأقوال؟ قلت: أما الجريدة فاسمها العمران، وأما صاحبها فهو عبد المسيح أنطاكي بك، الرجل العربي الوحيد المشهور بغيرته العربية، وحميته القومية، وصدق لهجته العثمانية. فقال سمو الشيخ بلهجة الاستحسان والإعجاب: بخٍ له من رجل كريم يستميل إليه القلوب، وتعشقه الأسماع قبل الأنظار، والأذن تعشق قبل العين أحيانًا. فقلت: بلى والله إن رجلاً كعبد المسيح قد أخلص لنا النية نحن معاشر العرب، وهو باذل حياته فيما يجدد مجدنا، ويعلي منار فخارنا، لجدير أن نعنى به، ونهتم بأمره، وقد قيل: ما جزاء الإحسان إلا الإحسان، وبينما نرى الصحافيين العرب في مصر وغير مصر يناهضون أمراءنا وشيوخنا، وينحون علينا باللائمة، ويشهرون بنا كذبًا وافتئاتًا ، نرى العمران تناضل عنا بقلم كالسيف الماضي، يفرق بين الحق والباطل، فيرد المفتريات والأكاذيب، ويعلن عن الحقائق، ويذيع لنا الأماديح، فتبسم سموه تبسم الرضا، وقال: أخلق بنا ونحن أمراء العرب أن نظهر لهذا الخادم الأمين شكرنا، وأن نكتنفه بحمايتنا، قال هذا وأمرني أن أحرر لكم باسمه العالي الأمر الذي ترونه طيه، وفيه يجعلكم من أخصائه، وهي نعمة تليق بصاحب العمران، وبادرت بزف هذه البشرى إليكم، فتقبلوها غير مأمورين، وانشروا هذا في العمران؛ ليكون كبرهان على وفاء العرب لمن وفَّى لهم، ودمتم بالخير والنعم، ودام سيدي الشيخ وهو أفضل وأكرم من يخدم، والسلام عليكم ورحمة الله. عن ضاحية قطر في 20 خلون من ربيع الثاني سنة 1327هـ. خادم سمو الشيخ ومملوكه صالح المانع وفي الحلقة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ نذكر بعض القصائد التي قيلت في مدح الشيخ عبد الله، رحمه الله تعالى.

6926

| 24 يوليو 2014