رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

126

عامان على الحرب.. متى تتوارى سُحب الدخان من سماء غزة؟

07 أكتوبر 2025 , 07:00ص
alsharq
❖ غزة - محمـد الرنتيسي

حالة من الترقب المشوب بالقلق يعيشها سكان قطاع غزة، يحدوهم الأمل بأن تفضي المباحثات الجارية في شرم الشيخ المصرية، وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى نهاية للحرب الدامية المستمرة في القطاع، وتقفل اليوم على عامها الثاني، لكن أيديهم تبقى على قلوبهم تحسباً لأي تعثر.

واليوم، تحل الذكرى الثانية للعدوان الهمجي على قطاع غزة، وقد عجزت كل الكلمات والمفردات عن وصف الحرب الطاحنة التي كانت أرض غزة وسماؤها مسرحاً لها على مدار العامين الماضيين، فكل المصطلحات من قبيل: حرب، دماء، مجازر، إبادة، تهجير، تطهير.. استهلكت.

لقد تداعت على غزة حروب، من (2008 - 2023) وتعاقبت عليها ملمات، لكن هذه الحرب الطاحنة، التي تدور رحاها منذ 7 أكتوبر 2023، ليست ككل الحروب، أحياء وبلدات ومخيمات كاملة سويت بالأرض، وشوارع تحولت إلى تلال من ركام، الرعب والخوف يخيمان في ذلك المشهد الدامي، ولم يعد في غزة غير انعدام الحياة، فالمجاعة تضرب بكامل قسوتها، وأهل غزة هدهم التعب من كثرة النزوح.

استشهد الأطفال والنساء والرجال والشيوخ، ونزحت العائلات المنهكة، تارة وهي ترتجف تحت وطأة البرد، وأخرى وهي تتصبب عرقاً تحت لهيب الشمس، وناحت العجائز على ما أصاب غزة، وقد تجمدت الدموع في المآقي، ولم تعد المقابر تتسع لأعداد الضحايا، بينما بدت المستشفيات عاجزة عن علاج الجرحى، وأكل الناس أوراق الشجر، واصطفت الطوابير أمام التكايا، للحصول على جرعة ماء، أو طبق حساء.ظلمات بعضها فوق بعض، عتمة غزة وظلام الحرب ودخان الغارات، وانسداد المسارات السياسية، ونفاد كل النداءات والاستغاثات والمناشدات لوقف الحرب المجنونة، التي نجح كيان الاحتلال في اعتمادها لغة للعقاب الجماعي، رغم كل القرارات الدولية والحراكات العالمية.

   - تغيير معالم

طالت الإبادة المساكن والسكان، ولم يبق بيت في قطاع غزة إلا وأصابه الدمار أو التصدع، تغيرت المعالم بفعل الغارات التي لا تبقي ولا تذر، ولم تبقي حجراً على حجر، فتراكمت في الشوارع تلال من الركام، ولازمت الأهالي جبال من الآلام، ومسحت أحياء عن الوجود، لدرجة أن من قدر لهم العودة إلى منازلهم، لم يتعرفوا على أماكنها.

وفي غضون عامين، هي عمر الحرب ذات القوة التدميرية الهائلة في قطاع غزة، تغيرت معالم الساحات والميادين التي اعتاد الغزيون الجلوس بين أحضانها، وتهاوت شرفات البيوت العتيقة التي كانت تطل على تاريخ غزة، وثمة شوارع بدت بلا حياة، فلا ترى فيها بشراً ولا شجرا ولا حجرا، وأشباه فنادق ومطاعم مهجورة، سقطت منهارة تحت الغارات العنيفة.

   - المفقودون.. الجرح الغائر

وتفتح الذكرى الثانية لحرب غزة، جرحاً لم يندمل في ذاكرة الغزيين، فأجواء الحزن لم تفارق بيوت المفقودين، ولم يدخلها الفرح منذ نشوب الحرب، إذ ما زالوا يحلمون بالعثور عليهم، أو معرفة مصيرهم. والمفقودون في خضم الحرب، ليسوا مجرد أرقام تزدحم بها سجلات المراكز الإنسانية والحقوقية، بل هم قصص مترامية الأحزان لعائلات باتت ممزقة، وأطفال أضحوا بلا آباء، ولا يوجد إحصاء دقيق لأعداد المفقودين منذ نشوب الحرب قبل عامين، بسبب انهيار المنظومة الإدارية، وانقطاع الاتصالات، وتشتت العائلات، واستمرار الحرب، لكن التقديرات تشي بأن أعدادهم تجاوزت الـ12 ألفاً على أقل تقدير.

يودع الفلسطينيون عامين ثقيلين، في ظل حرب بالغة القتل والتدمير، أتت على الأخضر واليابس في قطاع غزة، وخلف دخانها ارتسمت معطيات وحقائق صعبة، نرصدها في التالي:

الشهداء 65,028، الجرحى 142,135، المعتقلون 6,633، هدم منازل ومنشآت 375,000، النازحون 2,000,000، المفقودون 12,000.

اليوم تنهي الحرب عامها الثاني، والجهود الدبلوماسية تمضي قدماً لوقفها، محفوفة برغبة عربية وإرادة دولية، فإما إلى انفراجة سياسية تنهي الحروب، وإما إلى استمرار دوامة الدم، فغزة اليوم تتلمس الخروج من عنق الزجاجة، ومع كل يوم يمر دون وقف الحرب، يشتد التفاف الحبل حول عنقها، ولسان حال غزة يقول: "انتهى وقت الحديث عن وقف الحرب.. أوقفوا الحرب".

مساحة إعلانية