رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تعد الحروب من أشد المآسي التي تواجهها البشرية على مر العصور، لطالما كانت هناك صراعات عالمية مزعجة. ومع الحرب الأخيرة على غزة ولبنان، والحرب في السودان، والصراعات في سوريا والعراق واليمن وبعض البلدان الاخرى، حيث تترك الحروب آثارا مدمرة لا تقتصر على الجوانب المادية والبنية التحتية فحسب، بل تمتد لتشمل تأثيرات عميقة على الصحة النفسية للأفراد والمجتمعات. فالخسائر النفسية التي تنتج عن الحروب غالبا ما تكون غير مرئية، مما يجعلها كارثة صامتة تستمر في التأثير على حياة الملايين لفترات طويلة بعد انتهاء الصراع. ان الحروب لها تأثير كارثي على صحة الأمم ورفاهتها. وقد أظهرت الدراسات أن حالات الصراع تسبب الوفيات والإعاقات أكثر من أي مرض خطير. فالحرب تدمر المجتمعات والأسر وكثيرا ما تعطل التطور المجتمعي والاقتصادي للبلدان. وتشمل آثار الحرب الأذى البدني والنفسي طويل الأمد للأطفال والبالغين، فضلا عن انخفاض رأس المال المادي والبشري. والموت نتيجة للحروب ليس سوى «قمة جبل الجليد». منظمة الصحة العالمية (WHO) تشير إلى أن 22% من سكان المناطق المتضررة من النزاعات يعانون من مشاكل نفسية، بما في ذلك القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة وأيضا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) أفادت بأن 40% من اللاجئين حول العالم يعانون من اضطرابات نفسية ناتجة عن تجاربهم مع العنف والنزوح، ويحتاجون إلى تدخلات علاجية عاجلة. الصدمات النفسية أثناء الحروب، يتعرض الناس لمواقف صادمة مثل مشاهد الموت، الدمار، وفقدان الأحبة، مما يؤدي إلى نشوء اضطرابات نفسية حادة مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). يعيش الشخص المصاب بهذا الاضطراب حالة من الذعر المستمر، ويعاني من استرجاع الأحداث الصادمة بشكل متكرر، مما يعوقه عن ممارسة حياته بشكل طبيعي. وتشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من الأفراد الذين عاشوا تجارب حربية يعانون من هذا الاضطراب، وقد يستمر تأثيره لعقود. أشارت دراسة لجامعة بيروت إلى أن 25% من البالغين اللبنانيين أظهروا أعراض اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة لتأثير الصراعات المستمرة. واضافت منظمة الصحة العالمية على دراسة أجرتها بسوريا أن 1 من كل 5 أشخاص يعانون من مشاكل نفسية شديدة، تتضمن اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب الحاد. إلى جانب اضطراب ما بعد الصدمة، تتسبب الحروب في ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب. تأثير الحروب على الأطفال والمراهقين له أبعاد خطيرة، فقد يتعرضون بشكل خاص للصدمة النفسية. الأطفال الذين يشهدون العنف أو يشاركون فيه قد يعانون من اضطرابات سلوكية ونفسية على المدى الطويل، مما يؤثر سلبا على قدرتهم على التعلم والنمو النفسي السليم. هؤلاء الأطفال يكبرون في بيئة مشبعة بالخوف وانعدام الأمان، مما يضعف قدرتهم على تكوين علاقات صحية أو الانخراط في المجتمع بشكل سليم. أظهر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن 70% من الأطفال في اليمن يعانون من اضطرابات نفسية ناتجة عن مشاهد العنف وفقدان الأحبة، مما يؤدي إلى اضطرابات سلوكية ونفسية. وايضا اظهرت إحصائية صادرة عن وزارة الصحة السودانية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية أن الأطفال في اقليم دارفور بالسودان، الذين يشهدون العنف يوميًا، يعانون من نسب عالية من الاكتئاب والسلوك العدواني. والحروب لا تؤثر فقط على الأفراد، بل تمتد لتفكك النسيج المجتمعي. وللحد من تأثير الحروب على الصحة النفسية، يجب أن تكون هناك استجابة نفسية فورية للمجتمعات المتضررة من فريق متكامل من أطباء نفسيين واخصائيين نفسيين واخصائيين اجتماعيين، ويجب توفير الدعم النفسي والاجتماعي إذ يساعد في علاج الصدمات النفسية، ودعم المتضررين للتعامل مع الصعوبات التي مروا بها. هنالك برامج ميدانية لتقديم الإسعافات النفسية الأولية حيث يتم نشر فرق متخصصة لتقديم الإسعافات النفسية الأولية مباشرة بعد وقوع الأزمات، وتهدف هذه البرامج إلى تقديم دعم نفسي فوري لمن عانوا من أحداث صادمة. إلى جانب ذلك، يلعب التعليم والتوعية دورا مهما في تحسين الصحة النفسية ويتم الجمع بين العلاج الدوائي والاستراتيجيات النفسية والاجتماعية لخلق نهج شمولي في معالجة الآثار النفسية للحروب، ولا ننسى تأثير الحروب على المشاهدين من خلف الشاشات والأجهزة الذكية ففي عصر التكنولوجيا الرقمية ووسائل الإعلام المتقدمة، أصبحت الحروب ليست مجرد أحداث تسمع أخبارها من بعيد، بل أصبحت جزءا من الحياة اليومية للكثيرين عبرها. ختاما: تأثير الحروب على الصحة النفسية لا يمكن تجاهله، فالأزمات النفسية التي تخلفها الحروب تعد جزءًا لا يتجزأ من المأساة الإنسانية. ومع تزايد الصراعات حول العالم، بات من الضروري أن نولي اهتمامًا خاصًا لدعم الصحة النفسية للمتضررين، ليس فقط للتخفيف من آلامهم، ولكن أيضاً لضمان مستقبل أفضل للمجتمعات التي مزقتها الحروب.
519
| 16 ديسمبر 2024
مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
16869
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
7830
| 11 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...
5226
| 13 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...
5061
| 10 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
3540
| 11 نوفمبر 2025
على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...
2904
| 11 نوفمبر 2025
تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...
2025
| 10 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1545
| 11 نوفمبر 2025
عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...
1131
| 09 نوفمبر 2025
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...
1071
| 12 نوفمبر 2025
شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...
1020
| 09 نوفمبر 2025
يشهد العالم اليوم تحولاً جذريًا في أساليب الحوكمة...
894
| 10 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية