رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ملاحظات أولية على الكيانات الصاعدة في مصر

بدأت القوى السياسية المصرية تتجه نحو تشكيل كيانات جديدة تعتمد على آلية التكتل وبناء تحالفات بين القوى المتشابهة في خلفياتها ومرجعياتها الفكرية والأيديولوجية وهو ما يؤشر لبدايات مرحلة مغايرة في التفاعلات السياسية داخل المحروسة تنهي حالة التشظي والانقسام التي سادتها بعد نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي سرعان ما تفتت القوى الشبابية والثورية والسياسية التي شكلت وقودها بعد إسقاط رؤوس النظام مما أدى إلى تأخر شديد في إنجاز أهداف الثورة الرئيسية المتمثلة في العيش والكرامة والعدالة الاجتماعية على نحو يكاد يهدد مكانة ومكان الثورة ذاتها . وشهدت ساحة المحروسة في الآونة الأخيرة بروز عدد من الكيانات التي تراوحت مرجعياتها بين ليبرالية ويسارية وقومية ناصرية وغيرها وثمة ملاحظات رئيسة لدي عليها تتمثل في التالي: أولا: إن بعض هذه الكيانات تبلور بهدف القضاء على ما بات يطلق عليه في مصر ب"أخونة" الدولة من قبل جماعة " الإخوان المسلمون " التي تعد الحاكمة الآن عبر ذراعها السياسي المتمثل في حزب الحرية والعدالة وقناعتي أن ثمة مبالغة في الأمر فهذا الحزب ليس هو الحاكم ولا يمتلك الأغلبية في البرلمان الذي تم حله وإن كانت هناك توقعات بعودته إلى ممارسة عمله غير أن قرار المحكمة الإدارية العليا أمس الأول تأجيل النظر في مسألة حله إلى الخامس عشر من أكتوبر المقبل يجعل من هذه الإمكانية غير قابلة للتحقق في ظل الالتباسات المحيطة بالمشهد السياسي المصري ومن الممكن أن تتحول هذه العودة إلى مصدر قلق وليس مبعثا على استقرار أو تمكين . ثانيا: إن بعض هذه الكيانات تشكل من باب المكايدة أو المعاندة للإخوان وفق تعبير الكاتب الصحفي المصري وائل قنديل دون أن تتقدم بمشروع بديل لمشروع الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة واللافت أنها – أي بعض هذه القوى – يسعى فقط إلى إجهاض حركة الجماعة وذراعها السياسي بينما هو يفتقر إلى المبادرة والقدرة على الفعل المؤثر الذي من شأنه أن يطمئن الواقع المصري بأنه يمتلك برنامجا وخيارات أخرى خاصة عندما يصل إلى موقع السلطة سواء برلمانية أو تنفيذية وقد لاحظت من خلال متابعتي لمفردات المشهد المصري تصاعد حالة صراع غير موضوعية تندد بما يطلق عليه حكم المرشد وكأنه معادل موضوعي لحكم العسكر والمناداة بإسقاط الرئيس مرسي رغم أنه جاء إلى الانتخابات عبر آلية الديمقراطية المتعارف عليها والمتمثلة في صناديق الاقتراع في ظل رقابة قوية من السلطة القضائية ومنظمات المجتمع المدني وجهات دولية وقد دعا ممثلو هذه القوى إلى المشاركة في السلطة الحالية التي يقودها الرئيس محمد مرسي سواء في حكومة الدكتور هشام قنديل أو عبر الفريق الرئاسي فلم يستجيبوا للدعوة وأظن أنهم لو أقدموا على خطوات إيجابية على هذا الصعيد لخففوا مما يطلقون عليه أخونة الدولة ومؤسساتها . ثالثا: ثمة كيانات تشكلت لا يمكن للمرء أن يشكك في نواياها ومهارة كوادرها ورجالاتها ولكني أخشى ما أخشاه أن يكون اندماجها فيما بينها لم يتأسس على منطلقات موضوعية وشفافة بهدف الدخول في تحالفات انتخابية فحسب استعدادا للانتخابات البرلمانية المرتقبة أو الرئاسية التي يحاول أن يروج لإجرائها في أعقاب الانتهاء من الدستور الجديد أو حتى بعد أربع سنوات وفق الإعلان الدستوري الذي ما زال يحكم العملية السياسية في المحروسة وبالتالي فإن هذه الكيانات التي ما زالت في طور التشكل والبناء مطالبة بأن تجعل نصب أعين قادتها ومنظريها ومسؤوليها مستقبل مصر وكيفية صياغة وطن جديد وفق المحددات التي صاغتها ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي تمثل السياق الشرعي لجميع القوى المؤمنة بها . رابعا: الملاحظ أن هناك قوى تنتمي إلى الماضي البعيد بشقيه: الحزب الوطني الذي كان حاكما قبل سقوط نظام مبارك وبعض الأحزاب الورقية التي تشكلت بمباركة من رجال هذا النظام ضمن عملية تجريف واسعة للمشهد السياسي المصري آنذاك بحيث لايظل فيه إلا المرتبطون بالولاء ليس لمبارك الأب وإنما لجمال مبارك والذي كان يتعامل خلال العقد الأخير بحسبانه الرئيس القادم بل كان رجال والده ينادونه ب"االريس "وهي اللفظة العامية لمفردة الرئيس بالفصحى والمفارقة أنه كان هو يناديهم قبل سنوات ب" أونكل " أي العم قبل أن يصعد نجمه سياسيا بدعم من والدته سوزان وأركان نظام والده ثم والده شخصيا في السنوات الأخيرة . وهذا النمط من الكيانات السياسية لن يكون له هدف سوى السعي بكل قوة لإعادة إنتاج الماضي وهو ما يتجلى فيما يسمى بحزب الحركة الوطنية الذي يقوده أحمد شفيق المرشح السابق للانتخابات الرئاسية ويضم مجموعة من الشخصيات التي تنقل ولاءها حسب ما يتحقق لها من أرباح ومكاسب وليس وفق قناعات وطنية حقيقية وجوهرية ومن يقرأ أسماء مؤسسي حزب شفيق سيفاجأ بحجم الراغبين في العودة إلى الماضي القريب وهدم أي تحرك باتجاه المستقبل وقد انتابني ارتياح لأن بعض الأسماء أعلنت بقوة انسحابها من هذا الحزب الطفيلي النشأة من أمثال جمال الغيطاني ومكرم محمد أحمد وغيرهما لأنه رغم اختلافهما مع جماعة الإخوان فلا يمكن أن يقبلا بالتعامل مع محاولة كريهة لإعادة إنتاج ماض أشد كراهة . خامسا: إن بعض التيارات التي تم تدشينها من قبيل المؤتمر المصري بقيادة عمرو موسى والتيار الشعبي بزعامة حمدين صباحي إلى جانب حزب الدستور برئاسة الدكتور محمد البرادعي والموصوف دوما بأنه روح الثورة المصرية والذي أتمنى أن يتحالف مع الشعبي ومع حزب مصر القوية بقيادة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بوسعها أن تشكل البديل السياسي القادر على قيادة المرحلة المقبلة في المحروسة وحتى ذلك الحين فإنها يمكن أن تقوم بممارسة المعارضة النزيهة والقوية لجماعة" الإخوان المسلمين " وترشيد أداء حزب الحرية والعدالة السياسي خاصة على صعيد التعامل مع القضايا الداخلية والقيام بمهمة تقويم اعوجاج حكومة الدكتور هشام قنديل التي يبدو أنها مازالت غضة في بعض المناحي بالذات فيما يتصل بالتعاطي مع الأزمات المشتعلة والتي ما زالت تشتعل تجلياتها الشديدة السلبية في أنحاء المحروسة شمالا وجنوبا وهو ما رصدته بقوة خلال زيارة هذا الأسبوع لمدينتي – للأقصر- من قبيل نقص أنابيب الغاز وغياب السولار عن محطات بيعه واستمرار بعض مظاهر الانفلات الأمني فضلا عن استمرار الإضرابات عن العمل في قطاعات حيوية ذات تماس مباشر مع متطلبات الناس اليومية لاسيَّما أن قادة هذه الأحزاب والكيانات يتمتعون بشعبية جارفة فضلا عن صدقية سياسية وقدرات وخبرات واسعة . سادسا: المفارقة في هذا الشأن تكمن في غياب كيان أو تنظيم يمثل بحق شباب ثورة الخامس والعشرين ويبدو أنهم الخاسرون في المعادلة السياسية الراهنة في المحروسة وربما يعود ذلك إلى ما أصابهم مبكرا من انقسام في تكوينهم مما أثر على فعاليتهم السياسية والحركية وبعضهم للأسف أصيب بشراهة الظهور والتنقل من فضائية لأخرى دون أن يمتلك القدرة على الدخول في مواجهة مع الواقع والارتباط بالجماهير فتحولوا إلى مجرد ظاهرة صوتية والآن ينددون بالأخونة وحكم المرشد بينما كان في وسعهم لو تحركوا مثلما كان رجال وكوادر جماعة الإخوان يتحركون أن يحققوا مراكز متقدمة في المعركة البرلمانية التي جرت العام المنصرم وأظن أنه بات عليهم أن يتعلموا الدرس ويتركوا التنظير إلى الانخراط في التعاطي مع مفردات الواقع وإلا فإنهم يحكمون على مستقبلهم السياسي الذي تترقبه جماهير المحروسة بالغموض إن لم يكن بالإهدار. السطر الأخير: في العتمة أترقب وجهك أيا ضوئي المسافر فعودي لتكويني دثريني بدفء عينيك بحقولك الحبلى بفتنة الأساطير منتظرا هطولك على قلبي فيشرق نبضه بعد صمت وثلج ونار علميني حروف العشق اكتبيني في دفاترك قمحا وشمسا ونهارا باركي خطوتي الأولى في كتابة القصيدة وغزل الأشعار

496

| 24 سبتمبر 2012

بشار خارج السياق

استفزني تصريح منسوب لرئيس النظام السوري الدموي – بشار الأسد - خلال الأسبوع المنصرم عبر فيه عن استعداده للتنحي عن السلطة بشرط أن يتم ذلك وفق محددات عملية انتخابية " وهو ما يؤشر إلى أن الرجل إما مغيب أو غائب بإرادته تحت وطأة التضييق الذي يمارسه الثوار بكفاءة عالية – رغم الكلفة العالية من دمائهم التي تريقها قواته على نحو بالغ في ضراوته وقسوته وعدوانيته. وهذا الاستفزاز دفعني إلى أن أطلب تعليق عبد الباسط سيدا رئيس المجلس السوري المعارض في لقاء لي معه على هامش زيارته للقاهرة قبل أيام فأغناني عن التفكير في مواجهته – أي الاستفزاز أو بالأحرى حرق الدم فعقب بالحرف الواحد " قائلا: ليس من حق بشار أن يضع هذا الشرط فهو لم يصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع ووفق آلية الانتخابات ولكنه وريث الجمهورية السورية التي صاغها والده حافظ الأسد بعد انقلاب عسكري سيطر به على مقاليد الأمور في 1971 واستمر في الحكم مستعينا بالقبضة الأمنية ثم أخذ يهيئ الأمور ليسلمها إلى ابنه بشار ضمن نطاق لعبة واضحة المعالم مستلهما في ذلك تجربة كوريا الشمالية وهو ما حاوله نظام مبارك فيما بعد لكن ثورة الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير أجهضت هذه المحاولة وفي ضوء ذلك فإنه لا يحق لبشار أن يقول ما صرح به مؤخرا بشأن الانتخابات ولكن مع ذلك يمكن الاستعانة بقوات عربية دولية تكلف بمهمة حماية أمن السكان والإشراف على إجراء انتخابات نزيهة ووقتها لنرى النتيجة ". وهنا التقطت الخيط وسألته عن تصوره لهذه الفكرة - قوات عربية دولية - وعما إذا كان قد اقترحها على الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية عندما التقى به يوم الخميس الفائت فكشف "سيدا" لي النقاب عن أنه اقترح خلال هذا اللقاء تشكيل قوات دولية على أن يكون جسمها الرئيس عربي إسلامي لتقوم بمهمة المحافظة على الأمن وتوفير ضمانات دولية للشعب السوري لتمكينه من ترتيب البيت الداخلي ثم إجراء انتخابات ديمقراطية تحت إشراف دولي عربي وبعد ذلك يمكن النظر في النتائج. قلت له: هل تقبلون بأن يرشح بشار نفسه في مثل هذه الانتخابات؟ قال لي: دعني أكون واضحا في هذا السياق فبشار الأسد لم يعد له أي موقع في العملية السياسية بعد كل هذا القتل الذي مارسه ضد شعبه، ليس بشار فقط ولكن كل زمرته التي تشاركه ارتكاب الجرائم. أقول ذلك ليس من مقام التحدي ولكن من المنطقي أن كل من أسهم في قتل السوريين وعلى رأسهم بشار والمجموعة الحاكمة معه لا يتعين أن يكون له مكان في أي عملية سياسية قادمة. وفي هذا اللقاء أبلغني رئيس المجلس الوطني عن تصوراته بشأن مستقبل الأزمة السورية: أولا: ثمة إصرار من قبل الثوار الذين يقودون المواجهة باقتدار وكفاءة بالرغم مما يبدو من انسحابات تكتيكية مفروضة عليهم بفعل عدم التكافؤ مع قوات بشار المدججة بكل صنوف الأسلحة على تحقيق الهدف الأسمى للثورة المتمثل في إسقاط النظام مهما كانت التضحيات وفي هذا السياق يبدو أن هناك نوعا من الرفض الكامل لمهمة الأخضر الإبراهيمي المبعوث المشترك الجديد للأمم المتحدة والجامعة العربية باعتبارها تنطوي على عملية إعادة إنتاج لمهمة المبعوث السابق كوفي عنان والتي التزمت بها قوى المعارضة بيد أنه في خلال الأشهر الثلاثة التي استغرقتها تجاوزت أعداد الشهداء ثلاثة آلاف شخص من جراء قصف النظام للمدن والبلدات السورية بكل أنواع وصنوف الأسلحة الثقيلة بما فيها الطائرات إلى جانب ارتكابه المجازر الوحشية التي لم تتوقف حتى الآن. ثانيا: لا مجال لتطبيق النموذج اليمني في سوريا فهي أقرب إلى الحالة الليبية منها إلى الحالة اليمنية وهو ما لا يجعل إمكانية الحديث عن انتقال سلمي للسلطة واردة خاصة في ظل ممارسة النظام الحاكم للقتل والتخريب منذ أكثر من 18 شهرا مما أسفر عن استشهاد أكثر من ثلاثين ألف شخص وثلاثة ملايين نازح فضلا عن أكثر من ربع مليون لاجئ في دول الجوار بشكل رسمي إلى جانب أكثر من نصف مليون من لجأوا بأساليبهم الخاصة بالإضافة إلى عشرات الألوف من المفقودين والمعاقين وأكثر من مائة ألف معتقل وهو ما يستوجب من الأطراف المؤثرة أن تسعى إلى المعالجة الجذرية للأزمة انطلاقا من تضافر الجهود باتجاه إرغام نظام بشار الأسد على الرحيل فورا وإلا ستكون التداعيات شديدة المخاطر سواء على سوريا أو على المنطقة. ثالثا: لا توجد حكومة انتقالية سواء في القاهرة أومن قبل المجلس الوطني غير أن تشكيل مثل هذه الحكومة يمثل التحدي الذي ستواجهه قوى المعارضة إن عاجلا أو آجلا ومن ثم فإنه تجرى حاليا مشاورات معمقة بمشاركة مختلف المكونات الاجتماعية والقوى السياسية والقوى الميدانية الفاعلة على الأرض لبلورة السلطة الانتقالية حتى تكون موضع توافق الجميع فأي مبادرات متسرعة على هذا الصعيد - الكلام لعبدالباسط سيدا - يمكن أن تقود إلى إنتاج جملة من الحكومات الهزيلة وليس حكومة واحدة وهو ما يدفع نحو المزيد من التعقيد وليس الحل ولتفادي ذلك سيتم ترتيب حوار وطني بين القوى السياسية الفاعلة لمناقشة هذه الفكرة. رابعا: إن المؤتمر الجامع للمعارضة الذي عقد تحت رعاية الجامعة العربية في مطلع يوليو الماضي لم يفشل ولكنه نجح في بلورة وثيقتين مهمتين إحداهما للعهد الوطني التي تحدد ملامح مستقبل سوريا والثانية تمثل خارطة طريق للمرحلة الانتقالية وبالتالي فإن أي لقاء بين قوى المعارضة السورية ينبغي أن يضع هاتين الوثيقتين في الاعتبار غير أن التوجه الأساس لهذه القوى في المرحلة الراهنة هو دعوة مجموعة من الفصائل الأساسية - ليس كل الفصائل- الفاعلة في الميدان في سبيل تشكيل ما يمكن وصفه بالنواة الصلبة للبديل عن النظام القائم في دمشق. ولاشك إذا تم إنجاز ذلك فحينئذ سيكون من السهل البناء عليها ودعوة الأطراف الأخرى للمساهمة فيها بفعالية غير أنه من دون حوار حقيقي بين الفصائل الأساسية لن يتم بلورة الحل المطلوب بمعنى أنه ليس المطلوب عقد مؤتمر يكون بمثابة تجمع لكل فصائل المعارضة وإنما هناك حاجة إلى حوارات متعمقة تتناول كل المسائل المتعمقة التي تتعلق بمصير سوريا بعد سقوط النظام. -خامسا: لا خوف ثمة من حدوث فوضى بعد سقوط النظام نتيجة استمرار حالة التشرذم التي تسود قوى المعارضة وذلك على عكس ما تصور وسائط الإعلام ذلك على نحو مبالغ فيه خاصة أنها متوافقة على وثيقتي العهد الوطني وخارطة طريق المرحلة الانتقالية وثمة تواصل بين مختلف المكونات والأطراف في ظل ثقة قوية في أن السوريين قادرون في نهاية المطاف على تحديد مستقبلهم بأنفسهم. السطر الأخير: لي بنت اسمها منار تغزل في قلبي ثوب الأشعار تنشئني ربيعا في صيفي تطويني بين ظلال الأشجار تمنحني رشيق الحب لليل والأقمار تسكنني ياسمينة وحديقة أزهار

278

| 17 سبتمبر 2012

المحروسة وطن من؟

هي وطن من ؟ المحروسة وطن من ؟ هي لك ولي وللجميع , فيها ما يحتوينا ويبعث على اللقاء ويفجر الطاقات ويوقظ الخمود والترهل المتجذر فينا, فلم هذا الغياب للروح الجماعية ؟ ولم هذا الحضور للتشظي والانقسام والرغبة في المضي باتجاه الأوراق المبعثرة ؟. هل شهوة السلطة التي يشترك فيها الكل سواء من يقيم بداخلها أو من يترقب القفز إلى داخل أسوارها ,هي المسؤولة عن تمدد حالة اللامبالاة والنظر فقط تحت الأقدام والركون إلى إثارة المخاوف مما هو قائم وفقدان الأمل في الزمن الآتي وأحيانا التجبر باسم السلطة أو التجبر باسم معارضتها . ليس ثمة من هو بريء , الكل يشترك في مسؤولية إهدار قيمة الثورة وتآكل تجلياتها فغابت عن مفردات الواقع ودخلت منطقة الميتافيزيقا رغم أن الجميع يتحدث باسمها ويتبنى الدفاع عنها سواء بالحق أو بالباطل وبالطبع ثمة كثيرون امتطوا موجتها فباتوا من فرسانها رغم أنهم لا يمتلكون سوى القدرة على الصياح ورفع الشعارات وتسويق أنفسهم في فضائيات انطلقت بالأساس لمحو صورتها وفض بكارة بهائها . كنا في حاجة إلى ثورة تقيلنا من عثراتنا ,تعيد البهجة التي غابت عن قسمات الوجوه ,والتوهج إلى الأرواح الباهتة , والدفء إلى نبض القلوب التي توحشت وقست من فرط القهر والكبت والجوع والتهميش والانزواء والازدراء ,وسطوة عصابة الحكم التي تمددت في كل الأنحاء ,فصار الوطن منجما والدولة أشبه بالعزبة الخاصة والشعب مجرد عبيد ينتظرون الإحسان . كنا في حاجة إلى هذه الثورة فخرج شبابنا ثم ملايين من الشعب الصابر والمثابر والحالم والمسكون بالأشواق الكبرى إلى الحرية والعدالة والكرامة والعيش , بيد أن ما وقع فيما بعد أدخل الثورة في أفق الانقسام والتواري خلف الأهواء الفردية والحزبية والسياسية الضيقة للأسف مصحوبا ذلك بضبابية في المشهد وتخبط في الأداء مع متطلبات المرحلة الانتقالية , مما أدى إلى تراجع ونكوص فتلاشت أهداف الثورة الرئيسية وبقيت مرفوعة في الرؤوس ومآقي العيون وربما الجدران التي ما زالت محملة ببعض من شعاراتها وأحلامها وأشواقها. غير أن ثمة أملا بدأ في فضاء المحروسة مع الدخول في مرحلة الانتخابات الرئاسية, والتي أحدثت انقساما هائلا لدى النخبة السياسية بكل توجهاتها وكاد الأمر يحسم لصالح الثورة المضادة لولا بقية من ضمير لدى اللجنة القضائية المشرفة عليها , فانحازت إلى الأرقام والوقائع الصحيحة وأنقذت الثورة من براثن العودة إلى محددات ورجالات النظام الذي أجبر على الرحيل. منحتنا نتيجة الانتخابات أملا في أن الثورة بدأت التحرك في الاتجاه الصحيح ,بعد أن أفرزت رئيسا مدنيا منتخبا حاصلا على نسبة تزيد قليلا عن الخمسين في المائة وهو ما يعني أنه لم يكن ثمة تزوير أو تشويه أو سرقة لأصوات الناخبين مثلما كان يحدث في زمن مبارك. لقد دخلنا عبر هذه الانتخابات التي جرت وفق قواعد النزاهة والشفافية العالمية إلى خانة الكبار ديمقراطيا الذين يعلون من قيمة صندوق الاقتراع السري ويجعلونه معيارا وحيدا لاختيار من يرأس البلاد ويدير أحوال العباد وتلك واحدة من أهم نتائج ثورة الخامس والعشرين من يناير التي تنهي حقبا امتدت أكثر من أربعين عاما في التزوير والاختيار القائم على عكس إرادة الشعب . ولكن المدهش أن ثمة تيارات عديدة تتعامل مع هذه الحقيقة بنوع من الغبن السياسي - إن جازلي القول - فأخذت تطلق سهامها عليها, تشوه مساراتها وتضفي عليها أنواعا من العتمة .بل وتتظاهر لإسقاطها من الواقع تحت حجة هيمنة تيار واحد على السلطة ,وهو ما لا ينسجم مع القبول بقواعد الديمقراطية التي توافقنا عليها جميعا بعد انبثاق ثورة 25يناير إطارا لاختياراتنا وخارطة طريق تحدد فضاءات العملية السياسية التي نسعى إلى إطلاقها, في وطن ظل مخاصما لها بل ومتعجرفا في تعامله معها. إن الميزة النسبية التي تحققت بإجراء أول انتخابات رئاسية في المحروسة تتمثل في أنها جعلت الشعب هو صاحب القرار في اختيار رئيسه وفي التخلص منه في الآن ذاته , ووفق محددات صندوق الاقتراع السري ,وبالتالي ليس ثمة معضلة مما تطرحه بعد الدوائر الآن التي تواصل بث الفزاعة من جماعة "الإخوان المسلمون" بما يعيد إنتاج نفس الخطاب الذي كان يستخدمه نظام مبارك على نحو يسعى إلى محاولة الترسيخ في الأذهان أن عناصر وكوادر وقيادات هذه الجماعة هم بشر مرعبون وقادرون على التمدد في مفردات الدولة المصرية بهدف الاستحواذ على مقدراتها وتحديد مساراتها بما يتوافق مع توجهاتها, بينما هم في حقيقة الأمر أفراد عاديون من صنف المصريين وليسوا دخلاء عليهم ولهم توجهاتهم التي ينبغي احترامها ولهم مشروعهم في صياغة مسارات الواقع المصري غير أن ذلك لا يتعين أن يخيفنا من قدرات خارقة لديهم للهيمنة على مقدرات الوطن ومكونات الدولة لسبب يتعلق أولا بأن الشعب المصري يمتلك درجة من الوعي بما يمكنه من الفرز بين مشروع للنهوض يخدم الأمة أو يخدم أصحابه ثانيا هذا الشعب هو الذي اختار الرئيس الذي ينتمي إلى الجماعة ومن قبل اختار النواب الذين ينتمون إليها في الانتخابات البرلمانية التي جرت وفق قواعد النزاهة والشفافية غير أن مجلس الشعب الذي أفرزته تعرض للإجهاض لأسباب تتصل بصراع الإرادات الذي كان قائما قبل قرارات الرئيس محمد مرسي بتغيير القيادة العسكرية التي كانت – شئنا أم أبينا – مهيمنة على المشهد والقرار في آن. قد أتفهم مخاوف وهواجس بعض القوى مما يجري الآن في المحروسة , بيد أن الأمر لا يصل إلى حد الخوف على الأمة من تعرضها لمحاولة الاستحواذ أو الهيمنة من قبل جماعة الإخوان المسلمون فهذا من الصعوبة بمكان لأن التدين متجذر في تكوين الشعب المصري والذي يمتلك في الوقت نفسه القدرة على امتصاص أي أفكار أو أيديولوجيات وتجييرها لصالحه ولا يسمح لها مهما كانت بالتجبر وامتلاك السطوة عليه وأظن أن سلوك المصريين في العقود الثلاثة الأخيرة ,هو الذي فرض على جماعة الإخوان المسلمين البقاء في منطقة الوسطية والاعتدال من حيث الخطاب الديني وهو ما ميزها عن الجماعات التي ربما انبثقت عنها في سبعينيات وثمانينيات القرن الفائت ,ودفعها إلى الدخول في دائرة العمل المجتمعي ومقاربة أحوال الناس والإسهام في تخفيف معضلاتهم اليومية على نحو وسع من مصداقيتهم, بينما القوى الأخرى بما فيها اليسار بأشكاله المختلفة والليبراليون بمختلف اتجاهاتهم ,ظلوا قابعين في مكاتبهم بالعاصمة ويثرثرون عبر وسائط الإعلام دون أن تكون لهم مقاربات واقعية تتماس مع مشاكل الناس. ومع ذلك لا أتورع - وقد قلت ذلك مبكرا عندما رحبت بصعود الإسلام السياسي إلى صدارة المشهد في المحروسة ليس من منطلق أيديولوجى فأنا أنتمي لفكر ثورة الثالث والعشرين من يوليو وإن كنت لا أرتبط تنظيميا بأي حزب يعبر عنها - عن مطالبة الرئيس مرسي بفك ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين على الصعيد التنظيمي بما لا يجعلها - على أي مستوى فيها سواء مكتب الإرشاد أو مجلس الشورى - مرجعية لقراراته وتوجهاته , وعليه أن يعلن في خطاب عام للأمة ذلك ,وفي الوقت نفسه فإن قيادات الجماعة وذراعها السياسية: حزب الحرية والعدالة مطالبون بأن ينأوا بأنفسهم عن الرئيس خاصة أن ثمة من يزعم في جلساته الخاصة أنه قريب منه ويستمع إليه بل ويأخذ بنصيحته وهنا أنصح بوجه خاص بضرورة النأي بشخصية الرجل الذي يوصف بأنه القوي في الجماعة - المهندس خيرت الشاطر عن أي ارتباط بمؤسسة الرئاسة - خاصة أن مرسي انتهى قبل أيام من تشكيل فريقه الرئاسي المعاون وهيئة المستشارين ومن ثم فهو ليس في حاجة إلى نصائح ومقاربات من داخل الجماعة التي قد تضر دون أن تفيد. وأظنه – أي الرئيس – لم يعد في حاجة إلى أحد من داخل الجماعة أو غيرها فهو لديه من يعضده بالرؤية والاستشارة والتي أتمنى أن تكون صادقة وبعيدة عن الهوى والأجندات الخاصة السطر الأخير: أنتمي إليك يسكنني بهاؤك في عينيك أقيم حقول عشقي أيا صانعة شعري أتمدد بسواحلك تمنحينني صيرورة الكتابة

377

| 02 سبتمبر 2012

تعليق على ماجرى في بر المحروسة

لن أغزل قصائد المديح للقرارات الأخيرة للرئيس الدكتور محمد مرسي مثلما فعل نفر من الكتاب ليس اقتناعا بالخطوة وإنما على خلفية كراهيتهم للعسكريين ولكنها على وجه الإجمال تمثل من منظور قراءة موضوعية خطوة ضرورية لإنهاء ما كان يبدو على السطح من ازدواجية في السلطة والتي تشكل على نحو أو آخر خطرا على الاستقرار السياسي في المحروسة غير أن ما لفت انتباهي ويستحق الثناء هو عملية إخراج هذه القرارات التي طالت رؤوسا كبيرة في المؤسسة العسكرية المصرية تتمتع بمناطق نفوذ شديدة التغلغل فيما يعرف بمؤسسات الدولة العميقة. فقد اتسمت بقدر كبير من الإنسانية - إلى جانب الاحترافية – بما حفظ لهذه الرؤوس كرامتها ووفر ما بات متعارفا عليه بالخروج الآمن والمشرف وهو أمر ينبغي التصفيق له لأنه ليس المطلوب إهانة من نفكر في إبعادهم عن مواقعهم أو التخلص منهم لمقتضيات الضرورة. وأظن أن المنظومة القيمية التي يتكئ عليها الرئيس مرسي والنابعة من مرجعيته الإسلامية فضلا عن حسه السياسي الذي لا ينزع إلى الانتقام أو تصفية الحسابات شكلت الأرضية التي وقف عليها لحظة أن قرر القيام بخطوته المحسوبة والتي وصفها البعض بأنها تمثل البداية الحقيقية للمرحلة الانتقالية في المحروسة وأعطت لمؤسسة الرئاسة مكانها ومكانتها الصحيحة في المشهد السياسي المصري والذي بدا للوهلة الأولى بعد بلوغ مرسي المقعد الأول في الجمهورية الثانية أنها في حالة حذر وترقب وقلق. شخصيا كنت أدرك أن ثمة صراعا على السلطة أو قل إن ثمة صراع إرادات بين مؤسسة الرئاسة من جهة والمجلس العسكري الذي استبق إعلان انتخابات الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة بإصدار الإعلان الدستوري المكمل الذي منحه السلطة التشريعية وإقرار الموازنة العامة للدولة في غيبة البرلمان الذي تعرض للحل بليل ولا أحد حتى الآن قادر على تفسير هذا الحل إلا في إطار الصراع الذي تجلى بشكل واضح بين حكومة الجنزوري وإلى حد ما المجلس العسكري من جهة وحزب الحرية والعدالة -الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين - من جهة أخرى وتسبب هذا الصراع في غياب المرجعية لتدبير شؤون الوطن. فتعمقت الفوضى والانفلات الأمني واتسعت مختلف الظواهر السلبية وتفاقمت في الوقت نفسه مشكلات اقتصادية واجتماعية وبات رئيس الجمهورية محاصرا في قصره غير قادر على التطبيق الفعال لبرنامجه خاصة ما يتعلق منها بالمائة اليوم الأولى والتي تحتوي على خمس مشكلات رئيسية تتماس مع الحياة اليومية للمواطنين وأحسب أن ذلك كان متعمدا لإحداث تأثيرات سلبية على وضعية أول رئيس للجمهورية مدني منتخب لم يخرج من رحم النخبة الحاكمة القديمة أو بالأحرى المرتبطة بالنظام السابق والذي كاد ينجح في الدفع بأحد أركانه ليصل إلى موقع الرئيس وهو الفريق أحمد شفيق والذي حظي بدعم مؤسسات الدولة المصرية العميقة لآخر لحظة قبيل الإعلان عن نتائج الاقتراع بدقائق حيث كان المنتمون إليها يروجون لفوزه بأساليب شتى حتى أن أحدهم والذي ثبت أنه من أهم ناشطي الثورة المضادة رغم ركوبه موجة ثورة الخامس والعشرين أخذ يتواصل مع قناة فضائية شهيرة ويعلن عن وصول قوات الحرس الجمهوري إلى منزل شفيق بما يعني فوزه وهو ما تسبب في عملية حرق دم لي خلال متابعتي لهذه اللحظات الفاصلة في تاريخ المحروسة لم تكن المسألة انقلابا ناعما ضد العسكر بدعم من الولايات المتحدة كما ردد البعض وإنما كانت تلك القرارات استجابة ملحة لضرورات المرحلة التي جاءت برئيس منتخب أقول منتخب ومن ثم فإنه يتعين أن يكون هو الرئيس صاحب القرار وليس غيره وإن كان لا ينبغي تجاهل المؤسسة العسكرية التي أعلن هو غير مرة احترامه لها وتقديره لدورها في حماية ثورة الخامس والعشرين من يناير والذي شكل أحد أهم المحفزات على سقوط مبارك ومشروع توريث السلطة لنجله جمال والتي كانت تعارضه بقوة وتستعد لإسقاطه حتى لو لم تندلع الثورة وفقا لما تكشف من معلومات فيما بعد واللافت أن القيادات العسكرية وفي مقدمتها المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي عنان مع غيرهما من قيادات الأسلحة الرئيسية في القوات المسلحة أبدوا انضباطا شديدا في سرعة تنفيذ قرارات الرئيس مستندين في ذلك بالأساس إلى أرضية وطنية صلبة يتمتعون بها فضلا عن تعهد شديد الوضوح بتسليم السلطة كاملة للرئيس المنتخب بعد أن أشرف المجلس العسكري على إجراء انتخابات رئاسية تميزت بقدر كبير من الشفافية والنزاهة وذلك على عكس أصحاب الهوى الذين استغلوا وسائط الإعلام في الترويج لأنباء عن تداعيات سلبية لقرارات مرسي وحدوث نوع من التمرد داخل بعض أوساط الجيش وقيام مرسي بوضع طنطاوي وعنان قيد الإقامة الجبرية وهو ما نفته الوقائع الصحيحة فيما بعد والتي تجلت في تكريم مرسي للرجلين عبر منحهما قلادة النيل وقلادة الجمهورية لدورهما الوطني وخدمتهما المشرفة والأهم تعيينهما ضمن فريقه الرئاسي كمستشارين له وهو ما أسكت هذه الأصوات الناشزة التي حاولت ضرب العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية في مقتل إن طنطاوي وعنان وغيرهما من قيادات المؤسسة العسكرية لعبوا أدوارا شديدة الأهمية في تاريخ مصر المعاصر وهو أمر لا ينكره إلا جاحد بيد أن ذلك لا يعني بقاءهما على رأس سلطة موازية للسلطة الشرعية المنتخبة وفي تقديري المتواضع فإنه كان يتعين عليهما أن يبادرا بترك مواقعهما مع التشكيل الحكومي الجديد ولكن ربما التخوف من الملاحقات القضائية دفعهما للبقاء حتى يحصلا على ضمانات تحول دون ذلك وهو ما تم بالفعل ضمن تفاهمات تمت بالتأكيد معهما من قبل مؤسسة الرئاسة وذلك لا يتعارض مع قواعد اللعبة السياسية التي تتطلب مثل هذه التفاهمات في مرحلة كالتي تمر بها المحروسة خاصة في ظل غياب دستور يحدد صلاحيات رئيس الدولة وهو ما دفع مرسي إلى إصدار إعلان دستوري مكمل من قبله ليشكل الإطار العام لحركته خلال الفترة التي تسبق إصدار الدستور الجديد الذي تقوم الجمعية التأسيسية بصياغة مواده على نحو يحقق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير ورغم التأييد العام الذي حظيت به قرارات مرسي إلا أن ثمة مخاوف من أن تكون خطوة نحو ما يسمى بـ"أخونة " مؤسسات الدولة وهو أمر عبرت عنه رموز وطنية عديدة من بينها الدكتور محمد البرادعي وعلاء الأسواني وكثيرون لدرجة أن بعض الدوائر قررت تنظيم مليونية يوم الجمعة القادمة لإسقاط حكم مرسي وحكم الإخوان وهو ما يتناقض مع حقائق الواقع فلا الإخوان سيطروا على مؤسسات الدولة فهم يمثلون الأقلية في حكومة الدكتور هشام قنديل ولا هم اخترقوا القوات المسلحة أو قوات الأمن وما زالت هذه المؤسسات قائمة بتكويناتها منذ نظام مبارك فضلا عن ذلك فإن مرسي رئيس جاء من رحم انتخابات قامت على الاقتراع المباشر وامتطى صهوة جواد السلطة منذ حوالي الشهرين فقط فهل تجوز محاسبته على هذه الفترة الوجيزة إنها القوى المرتبطة بمبارك وشفيق والثورة المضادة تريد أن تستيقظ وتثير فتنة في المحروسة وهو أمر يتطلب صحوة قوى الثورة الحقيقية لتدافع عن مصالحها وعن الوطن وإلا فإنه لن يدخل دائرة الاستقرار التي ما زالت مخاصمة للواقع السطر الأخير: أبحث عنك في المدائن في حروف المفردات في سواحل البلاد أجوس خلل ديارك فأسكنيني خيمتك أيا بدوية العشق وأصيلة الرهط فيك تكويني وصيرورة رحيلي ولك وجدي وولعي وبك أحظى بمطري ولغتي وشعري

371

| 20 أغسطس 2012

بشار يقتل من؟

ظننتها مقاتلة سورية تطلق صواريخها وقذائفها على أهداف إسرائيلية في الجولان المحتلة تنقض بالقوة التي شاهدتها في الصور لتسهم في طرد قوات الاحتلال التي مضى على وجودها في الهضبة أكثر من 45 عاما تنكل بأهلها وتقض مضاجعم وتهيمن على ثرواتها ولكني سرعان ما تيقنت أنها كانت توجه نيرانها ضد الشعب ومقاتليه الذين خرجوا يدفعون عن وجودهم بعد أن حاولت قوات النظام محوه وإنهاءه تحت حجة أنهم مجموعة من الإرهابيين. وظف بشار كل طاقات جنده ومؤسساته ليس لتحرير الجولان وإنما لقتل شعبه فهل يستحق أن يكون رئيسا لهذا الشعب؟ لم يتجاوب مع أي مبادرة عربية أو دولية لإنهاء الأزمة التي هو سببها المباشر من فرط دمويته وانتهاكه لحقوق البشر حرصا على مقعده الأول في السلطة وما يحصل عليه هو وعائلته من ثروات الوطن على نحو غير مشروع. تساءلت وأنا أتابع هذه الحشود من القوات التي تنتشر بكثافة في مختلف أنحاء سوريا: لماذا لم يوجه الجيش العربي السوري قوة النيران التي يمتلكها بكثافة والتي لمسناها على مدى أكثر من عام ونصف ضد العدو الحقيقي الرابض في أرض الجولان التي لم يطلق رصاصة واحدة باتجاهها منذ احتلالها؟ في ظني -وأنا لست خبيرا عسكريا - أن الشجاعة التي يبديها جند بشار في قتل الشعب السوري كافية لتحرير الجولان من دون مساعدة من قوات دول شقيقة فهم يقاتلون الشعب والثوار مستخدمين أحدث الأساليب القتالية ويبدو أنهم مدربون بشكل جيد. فلماذا لم يعمل بشار على توجيه هؤلاء الجند إلى الجولان التي تسكن أهلها أشواق عارمة لتحريرها من قبضة احتلال استيطاني جاثم على الصدور والأكباد ومدمر بل وأعلن ضمها رسميا إلى الدولة العبرية وهو ما لم يحفز النظام الحاكم في دمشق على حشد إمكاناته مثلما يفعل الآن لينهي مسيرته – أي الاحتلال- الممتدة إلى ما يقترب من نصف قرن. إلى هذا الحد من الفروسية والأسدية (من أسد الحيوان المفترس وليس الأسد الرئيس) تمارس قوات بشار عدوانيتها ضد الشعب الأعزل وضد الثوار المقاتلين بأقل التجهيزات والتسليح. ورغم ذلك فإن بشار لن يفلح في إجهاض الثورة التي انطلقت لإنجاز أهدافها وٍإسقاط نظام ثبت بالدليل القاطع مدى بربريته التي تجلت في أعمال القتل الممنهج بشكل يومي والتي تصل إلى قتل 200 شخص يوميا وعندما أعرض في الاجتماع الصباحي لمجلس التحرير في اليوم الذي أتولى فيه مسؤولية الإِشراف على صفحة الشؤون العربية بالأهرام أقول ساخرا لزملائي إن بشار تناول إفطاره بـ25 شخصا وفي الظهيرة يصل عدد القتلى إلى 40 أو 50 شخصا وسرعان ما يصل العدد عند إعداد الصحيفة للطبع إلى 90 أو مائة أو أكثر فعلى سبيل المثال بلغ عدد القتلى يوم الجمعة الفائت أكثر من 180 شخصا حصيلة رصاصات قوات بشار الأسد سواء من الجيش الحكومي أو رجال الأمن بينما بلغ عدد القتلى حتى منتصف السبت الأحد حوالي 105 أشخاص تصيبهم قوات الأسد في مقتل وفي الشهر الكريم وهو صائمون وربما يصلون التراويح أو يدعون الله بأن يقل عثرتهم ويفرج كربهم لن يفلح بشار مطلقا وهو أمر يقيني لدى من جراء استغراقه في القتل الذي يبرره مناصروه بأنه موجه ضد العصابات المسلحة فمن يقتل شعبه لا يستحق البقاء في دائرة السلطة لأنه ببساطة خان الأمانة التي كانت تحتم عليه حماية هذا الشعب وليس قتله والتدبر في كيفية تلبية مطالبه في الحرية والعدالة والكرامة لا في الانتهاك المستمر لها. قتل بشار ومازال يقتل وسيواصل مسيرة القتل إلى أن يلقى مصيره الذي بات وشيكا للغاية فإما أن يقتل على طريقة القذافي البشعة أو يعتقل فيحاكم فيعدم أو يهرب وهو ما استبعده لأنه بات محاصرا من الثوار من كل صوب وحدب بوسعي القول إن أيام بشار الأسد في الحكم أضحت معدودة نتيجة اتساع حالة الكراهية لنظامه وممارساته التي تجاوزت كل حدود التعامل بين السلطة الحاكمة وشعبها وما يرويه الهاربون والمنشقون عن هذه الممارسات يفوق ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني فقواته بمختلف مستوياتها لا تتورع عن استخدام كل الأساليب بما في ذلك الاغتصاب وكل وسائل التعذيب إلى جانب القتل الممنهج والذي يتسم بكل ألوان الشطط والخروج عن قواعد القتال المتعارف عليها. وعندما أقول بقرب انتهاء نظام بشار فإنني أستند إلى جملة من المعطيات أولها هذا الإصرار من قبل الكتائب المسلحة المنضوية تحت لواء الجيش الحر الذي أثبت جدارة قتالية عالية تجلت في سلسلة المواجهات مع قوات النظام في العاصمة السياسية دمشق والعاصمة الاقتصادية حلب فضلا عن الكثير من المدن والمناطق الثائرة ولعل العملية النوعية التي نفذها عناصر الجيش الحر والتي أسفرت عن قتل عدد من كبار قادة النظام يجسدون الحلقة الضيقة المحيطة ببشار تنبئ عن قدرات هائلة ستمكنهم من الاستمرار في تضييق الخناق على بشار وزبانيته وذلك رغم كل محاولات الهجوم المضاد الذي تشنه القوات الحكومية والتي يبدو أنها باتت تنتمي إلى طائفة واحدة تخشى على وجودها بفعل الأبواق الإعلامية للنظام وثمة تقارير تتحدث في هذا الشأن عن توجه المجموعة الحاكمة في دمشق لإطلاق دولة علوية وهو ما ينذر بالضرورة بحرب طائفية مذهبية تعمل على تأجيج نيرانها على نحو يدخل سوريا دائرة التقسيم وهو أمر يتعين أن تضعه قوى الثورة في حسبانها بحيث لا تسمح به مهما كانت التضحيات فسوريا يجب أن تبقى موحدة شعبا وترابا ضمن دولة وطنية مدنية حديثة تضمن حقوق كل مواطنيها على أسس من العدالة والمساواة. ثانيا: هناك قناعة إقليمية عربية وتركية تحديدا بضرورة تنحي بشار عن السلطة وهو ما يشكل ضغطا نفسيا عليه وعلى نظامه مما سيدفعه إن عاجلا أو آجلا إلى الرحيل مكرها بعدما ينفض عنه الحلفاء في الإقليم وفي المقدمة منهم إيران التي تقدم له الإسناد السياسي والتسليحي والمالي والبشري وفق ما كشف عنه النقاب مؤخرا. وأود أن ألفت في هذا السياق إلى أكذوبة المقاومة التي تستند إليها القيادة الإيرانية في الانحياز إلى جانب نظام بشار وأركان حكمه فقد تخلى عن هذه الدائرة تماما عندما وجه جيشه وإمكاناته القتالية ضد شعبه ولم يوجهها إلى العدو الذي يجب أن يقاوم ومن ثم فإنني من منطلق احترامي وتقديري للثورة الإيرانية التي تفجرت دفاعا عن الشعب وقيمه وحريته في وجه نظام الطاغية الشاه رضا بهلوى أتوجه لطهران بأن تعدل في مسار الانحياز، لأن الشعب السوري هو الذي سينتصر في النهاية. ثالثا: يبدو أن القوى الدولية الفاعلة وفي المقدمة منها الولايات المتحدة أدركت في الأخير ضرورة تقديم الدعم والإسناد على نحو مكثف لثوار سوريا وهو ما تجلى في الموقف الذي أعلنته هيلاري كلينتون خلال زيارتها لتركيا أمس الأول والذي أكدت فيه التزام واشنطن بوقف إراقة الدماء وإسقاط نظام بشار من خلال تزويد المعارضة باحتياجاتها التسليحية وهو تطور سيكون من شأنه أن يقوى من كفة الثوار في مواجهاتهم البطولية مع الجيش الحكومي المزود بالسلاح الروسي الحديث إضافة إلى كونه يمكن أن يدفع إلى الإسراع بإقامة مناطق عازلة وتطبيق حظر جوي يحد من استخدام بشار لسلاحه الجوي بكثافة عالية ضد المدنيين والثوار وأحسب أنه لو تحققت هذه المطالب على الأرض فستعمل على تقليص كفاءة المعارضة الروسية الصينية للمواقف الدولية التي تكاد تجمع على ضرورة رحيل بشار وفي أسرع وقت للتمهيد لبدء مرحلة انتقالية تتولى عبء الانتقال الآمن للسلطة من نظام مستبد إلى نظام ديمقراطي. السطر الأخير: من يمنحنا تفريج الكروب والهموم من يرزقنا عافية الأبدان وهناءات الروح من يعيد السكينة والطمأنينة لقلوبنا المتعبة المنهكة لا أحد سواك يا الله يا ملاذنا الأوحد وملجأنا الأوحد برحمتك نستعين وبفضلك نحلم ونشتهي ونشتاق فلا تحرمنا يا حنان يا منان

375

| 13 أغسطس 2012

المحروسة بين الاستقرار وصراع الإرادات

متابعة المشهد السياسي في المحروسة – مصر- تنبئ بالرغم مما يبدو على السطح من تطورات إيجابية أهمها وصول رئيس مدني منتخب إلى السلطة وتشكيل حكومة أقرب إلى الائتلافية – بأن بلوغ حالة الاستقرار المأمول مازال بعيد المنال وذلك ناتج عن ظروف وملابسات موضوعية حددها لي السفير رفاعة محمد الطهطاوي الدبلوماسي المصري وحفيد مؤسس التنوير الفكري والثقافي في مصر الراحل العظيم رفاعة الطهطاوي في زمن محمد علي والذي كان واحدا ممن قرروا الانحياز إلى ثورة وثوار الخامس والعشرين من يناير تاركا بمحض إرادته منصب المتحدث الرسمي باسم الأزهر فيما يلي: أولا: إن الاستقرار شرط ضروري ومطلوب بإلحاح بيد أننا لم نصل بعد إلى مرحلة الاستقرار المطلوب أو حتى بداياتها ولكننا نأمل وبكل تحفظ أن نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق، لأن ما تشهده مصر الآن هو صراع حقيقي بين تيارين، لا أقول بين تيار إسلامي وآخر ليبرالي، وإنما بين الإرادة الشعبية المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع وبين مراكز قوى راسخة مستندة إلى مؤسسات تمتعت بسلطان مطلق دون سند لا من قانون ولا إرادة شعبية ولا تزال الكلمة العليا في مصر لهؤلاء الذين لم ينتخبهم أحد والذين يفرضون أنفسهم أوصياء على المسيرة الشعبية. وعلى أي حال ثمة نوعان من الاستقرار يمكن أن تصل إليها الأمور، أحدهما ما يمكن وصفه باستقرار الركود والوقوع في وهدة الاستبداد مرة أخرى وقمع الحريات، بينما النوع الثاني من الاستقرار والذي ننشده فهو القائم على انتصار الإرادة الشعبية، ولا ينهض على الاستكانة للاستبداد والرضا بالهوان والقبول بالتخلف واستمرار الأمور على ما كانت عليه. وبالطبع ليس هذا استقرار الأحرار الذي ننشده إنما هو استقرار العبيد. أما ما نتطلع إليه فهو أن تقوم في مصر دولة حرة أساسها سيادة للقانون ويشعر أبناؤها بالعدل والمساواة ويختارون حكامهم بإرادتهم الحرة ويقررون مصيرهم وسياستهم بأنفسهم دون أي إملاءات. وعندما يتحقق هذا الاستقرار المنشود ستنطلق الطاقات وتتفجر الملكات ويحدث الإبداع الحقيقي على كافة الأصعدة. ثانيا: بكل وضوح هناك صراع سلطة حقيقي واقع وقائم بين الطرفين وهو ليس أمرا معيبا إذ إن الصراع يكون معيبا فقط عندما يكون الهدف الأوحد منه مجرد الحصول على السلطة أو الوصول إليها. لكن عندما يكون هناك من يريد استنقاذ السلطة من أيدي من لا يستحقونها لتعود لأصحابها الشرعيين "الشعب" حتى يمكن تداولها بكل ديمقراطية فهذا ليس صراعا محموما على السلطة بل محمودا ومطلوبا. ببساطة لأن المعيار في تقييم الصراع على السلطة مرتبط بالهدف من الاشتراك فيه. وحركة التاريخ ترصد أن كافة الثورات التي حدثت كانت ضربا مسلما به من الصراع على السلطة ولكن لا يستوي في صراع أو آخر من لا حق له في تلك السلطة ومن له كامل الحق والشرعية فيها. وهنا سألته: هل تقصد أن الصراع الآن على السلطة في مصر بين قوى ثورة يناير والقوى المضادة لها؟ فأجانبي قائلا: نعم الصراع الدائر الآن هو بين هاتين القوتين بالأساس. فلدينا رئيس منتخب ينتمي للثورة ومؤسسات ما يعرف بـ " الدولة العميقة" معظمها إن لم يكن جميعها تنتمي إلى النظام السابق وهو ما يجعل الصراع واضحا وضوح الشمس. ثالثا: إن ما شهدته الفترة الماضية من محاولات دؤوبة ومستمرة لتعكير الصفو وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه فيما يعرف بالثورة المضادة لا تهدف في مجملها إلا إلى تكفير الناس بالثورة وتأليبهم على الثوار وإغراقهم في بحر من الحيرة بين ما يسمعونه من نخب وإعلام لا يخدمان سوى أجندات بعينها تهدف إلى اختلاط الحق بالباطل وإلباسه صورة الحق، وكل ذلك من خلال تجويع الشعب وجعله مفتقدا للأمن وضروريات الحياة. مما يجعله ثمرة ناضجة ومؤهلة لقبول استمرار الركود وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الثورة. وكاد أن يحدث هذا في معركة الإعادة لانتخابات الرئاسة. وهي لا تزال مستمرة لم تتوقف حتى اللحظة ولكن هذه المخططات باتت معروفة كما أن من يقفون وراءها أصبحوا معروفين محليا وإقليميا ودوليا. وهذا التحالف الداخلي - الخارجي المشترك الذي مازال يستهدف الثورة ليس مجرد افتراض أو إحساس أو تبنى لنظريات تخوين بل هو حقيقة على الأرض يلمسها الجميع ولا داعي للمراوغة أو الإنكار. رابعا: قلت للسفير طهطاوي: لتفادي الوقوع في سيناريو الركود ووهدة الاستبداد والارتماء في أحضان وبراثن الثورة المضادة، ما هو المطلوب في رأيك لتطهير تلك المؤسسات من الفساد المستشري بها من ناحية وإعادة تقنين أوضاعها على النحو الذي يجبر كافة الفاسدين لإعادة تأهيل أنفسهم بما ينسجم مع مقتضيات الديمقراطية التي نتطلع إليها، إذ لم يعد ثمة مجال للإقصاء في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؟ فعقب موضحا: دعني أعلق على أهم نقطة من منظوري الشخصي وهي إعادة تأهيل العناصر الفاسدة بمؤسسات الدولة لأن هذه المسألة بها قدر عال من المثالية، ببساطة لأنها لن تعيد النظر في إصلاح نفسها وسلوكها فهي لا ترى في الثورة إلا كل شر يقوض من سلطاتها القائمة على غير أساس من الكفاءة أو الاستحقاق أو الشرعية. ثم حتى إذا اتفقنا على إمكانية إعادة تأهيلهم تجاوزا، فلا تزال هناك ثمة مشكلة حقيقية تكمن في أن من يقوم بخطوة من هذا النوع لابد أن يتمتع بسلطة كاملة وهو مالا يتفق مع الواقع القائم على الأرض والذي يشير إلى أن السلطة الفعلية حتى هذه اللحظة لا تزال في يد مؤسسات أخرى وكيانات قانونية أنشئت نشأة غير طبيعية في وقت مريب وبسرعة أكثر ريبة. وتأتي أحكامها وقراراتها كلها وبدون استثناء لصالح هدف معين وبما يوحي للناس أن هذا هو حكم القانون بينما في الواقع الأمر مسيس تماما. لذا ينبغي أن نصارح الناس ونتكلم بوضوح، هل بمقدور أحد أن ينكر أن هذه الأحكام مسيسة وأنها تحاكى بالليل لتصدر بجزء من النهار عندما يضغط البعض على ذر التشغيل. وكل هذا يدل على أن السلطة الحقيقية لا تزال في غير من انتخبهم الشعب ليمثلوه وهو أمر لا ينذر بخير إذا استمر. خامسا: ثمة مخرج بالتأكيد يكمن كما يقول السفير الطهطاوي - في ثقتنا في الله أولا ثم في هذا الشعب العظيم وقراءة التاريخ الذي يشير إلى حتمية انتصار صوت الحرية وإرادة الشعوب مهما طال الأمد فشعاع الصبح لابد طالعٌ. فنحن وحتى يوم ٢٤ يناير ٢٠١١ لم نكن نتصور أن يسقط النظام السابق ولكن عندما تحرك الشعب اهتزت أركانه وهوى إلى الأرض. من كان يصدق أن شعبا أعزل وشباب دون تنظيم ولا عدة استطاع أن يقتلعه ويجتثه من جذوره؟ أقول لكل من لا يعبأ بالوطن وشعبه ومقدراته وإرادة أبنائه: لا تستهينوا بهذا الشعب ولا بإرادته واحذروا غضبته ببساطة لأن الشعب أفاق من سباته وخرج من القمقم. إجهاض الثورة السطر الأخير: يا رب متعب أنا في حاجة إلى فضلك ورحمتك وعونك كي تنقذني من ألوان حصارات عديدة تجتاح الروح والقلب والجسد، من لي يا رب ينقذني وينجيني فارفع مقتك وغضبك عني يا رحمن يا رحيم.

458

| 06 أغسطس 2012

بين يوليو 1952 ويناير2011

من المفارقات التي تبعث على الارتياح أن يتزامن - اليوم بالتمام والكمال -مرور ستين عاما على قيام ثورة يوليو 1952 بقيادة مفجرها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مع بدء مرحلة جني بعض ثمرات الخامس والعشرين من يناير 2011 والتي استندت شعاراتها وهتافاتها إلى الأهداف ذاتها التي طرحتها يوليو بل إن كثيرا من الشباب الذي أسهم في تفجير ثورة يناير كان يرفع صور ناصر مضمومة إلى الصدور وثمة أغنيات وطنية من زمنه الثوري المدهش - خاصة لعبد الحليم حافظ – كانت تتردد في جوانب ميدان التحرير وغيره من ميادين المحروسة هادرة بأحلام الجماهير في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. ومع ذلك لم يتورع البعض – لغرض أو أكثر في نفس يعقوب – عن التصريح والتلميح بأن ثورة يناير جاءت لتنهي هيمنة ستين عاما من حكم العسكر في حالة من الخلط بين المراحل والغايات والوسائل والقيادة على نحو يجعل المرء يشتم رائحة الرغبة في تصفية حسابات مع ثورة يوليو. والخوف كل الخوف أن ينجرف الرئيس محمد مرسي الطالع من رحم "الإخوان المسلمين"- وهي الجماعة التي ناصبت يوليو وزعيمها العداء مما دفعه إلى الدخول معها في مواجهات حادة - إلى القيام بخطوات يفهم منها مقاربته لمنطق تصفية الحساب مع يوليو من قبيل محاولة إعادة النظر في الحقوق والمكتسبات التي أنجزتها الثورة لصالح الفقراء والمهمشين وعمال وفلاحي مصر وهو ما حذرت منه الأسبوع الماضي بعد أن قرأت تصريحا لأحد قيادات حزب الحرية والعدالة المنبثق سياسيا عن الجماعة عن قرب بدء دراسة إلغاء مجانية التعليم خاصة في المرحلة الجامعية. ولاشك أن أي خطوة من هذا القبيل قد يشتم منها القفز على هذه الحقوق والمكتسبات ستقود إلى بزوغ حالة ثورية جديدة قد تدخل الوطن في دوامة صراع اجتماعي حاد ومرير وأظن أن الرئيس مرسي من الذكاء بمكان فهو يدرك قيمة هذه الحقوق والمكتسبات والتي هيأت له فرصة التعليم في كل مراحله وعملت على نقله مثله مثل ملايين المصريين من منطقة الكادحين ليصبح أستاذا جامعيا ثم رئيسا لمصر. وفي هذا السياق وسعيا لتفنيد هذه الطروحات المغلوطة لبعض النخب في مصر والتي تهدف لتشويه مسيرة وتحولات ثورة يوليو وزعيمها عبد الناصر. فقد طلبت من "الدكتور حسام عيسى القيادي الناصري الكبير وأستاذ القانون العام بجامعة عين شمس والذي شارك بفعالية في ثورة يناير أن يعقب عليها من منظوره العلمي والتاريخي استنادا إلى انتمائه ليوليو فأثار جملة من المعطيات المهمة على النحو التالي: أولا: إن طرح مسألة إنهاء ستين عاما من حكم العسكر غير مطابقة للحقيقة. فضلا عن أن طرحها على هذا النحو يقوم على خلط تاريخي. بعضه مغرض. وبعضه الآخر خاطئ تماما وينهض على فهم مبتسر للتاريخ. فحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك لم يكن ينتمي إلى منظومة حكم العسكر. وإنما كان حكم رجال الأعمال بالأساس بل أشد رجال الأعمال تخلفا وتبعية للخارج فكون مبارك عسكريا لا يعني أن حكمه كان عسكريا فمن كان يتحكم في مؤسسة الحكم في مصر على مدى العقود الثلاثة الأخيرة هم طبقة رجال الأعمال التي صعدت في سبعينيات القرن الفائت بعد بدء تطبيق قوانين الانفتاح في بداية هذه الحقبة واستأسدت خلال فترة العقد والنصف الماضية ثم تولت السلطة بوضوح شديد في السبع أو العشر سنوات الأخيرة وحتى الرئيس الأسبق أنور السادات لم يكن يحكم وفق منهجية العسكر. فقد عمل بعد توليه السلطة في 1970 على تحييد الجيش وبعد انتصار أكتوبر 1973 جرى إبعاده تماما عن السياسة وبالتالي فإنه لا يمكن وصف سنوات حكمه التي امتدت إلى أحد عشر عاما في إطار منظومة الحكم العسكري. ثانيا: إن القول بأن ثورة يناير أنهت ستين عاما من الحكم العسكري لثورة يوليو. يدخل في مقام تجاوز الحقائق والعبث بوقائع التاريخ. بل إنه من الأصل ليس ثمة ما يمكن تصنيفه بالحكم العسكري فالمهم هو طبيعة المشروع الذي يطبقه الحاكم وليس من الضروري أن يكون مرتديا لـ"كاب "أو "طربوش ". ومن هنا يمكن النظر إلى مشروع ثورة الثالث والعشرين من يوليو والذي استهدف بناء الوطن والتخلص من السيطرة الأجنبية وسيطرة رأس المال وإخراج العمال والفلاحين من التهميش الهائل الذي كانوا يقاسونه فيتحولون إلى رقم مهم في المعادلة الوطنية المصرية وبالتالي فإن الخلط بين حكم جمال عبد الناصر وحكم مبارك يجسد حالة عربدة سياسية غير مقبولة على وجه الإطلاق والسؤال هنا: ما هو القاسم المشترك بين عبد الناصر ومبارك؟ هل هو انتماؤهما للجيش؟ إن ذلك لا يتسق مع المنطق التاريخي والاجتماعي في الحكم على الأمور وتفسير الأحداث ولا يصلح معيارا للتقييم الصحيح إلا في الأوهام الأيديولجية للأطفال الذين يصرخون في الشوارع ثالثا: إن عبد الناصر لم يسهم في إخراج الجماهير الفقيرة المهمشة إلى قلب الحركة الوطنية فحسب ولكنه أعاد مصر كلها إلى قلب العالم فأصبحت دولة رائدة وتنير الطريق للدول الأخرى واللافت أن هؤلاء الذين يتحدثون عن الحكم العسكري الذي بدأته ثورة يوليو يتناسون دور هذه الثورة في تحرير قارتي إفريقيا وآسيا وهو ما يجعلني أقول إنهم لا يستوعبون حركة التاريخ فتحرير هاتين القارتين وإخراجهما من عباءة الاستعمار العالمي أتاح لمصر كل هذا التأييد حتى الذي حظي به ثوار الخامس والعشرين من يناير بعد ستين عاما من تفجر ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 وعلينا في هذا السياق ألا ننسى دور مصر في تحرير الجزائر واليمن الجنوبي وخروج العراق والأردن ودول الخليج من حكم البريطانيين لأن عبد الناصر كان يرتدي الزي العسكري. رابعا: إن الحركة التي قادت التغيير في الثالث والعشرين من يوليو 1952 كانت تتكون من مجموعة من ضباط الجيش بقيادته. بيد أنه يمكن القول باطمئنان أن ثورة يوليو نجحت في تحقيق أهم مطالب الحركة الوطنية المصرية والتي بلورتها ثورة 1919 وفي صدارتها جلاء قوات الاحتلال ومع بروز الحركات الاشتراكية في أربعينيات القرن العشرين ظهرت المطالب الاجتماعية وتم ربطها بالقضية الوطنية والتي أسهم في صياغتها وتسويقها بشكل واسع العناصر الشيوعية والاشتراكية في الحركة الوطنية. ولقد تجسدت أهم المطالب الاجتماعية في هذه الفترة في ضرورة إجراء الإصلاح الزراعي الذي تبنته حركة الرواد والذين كان منهم أحمد حسين الذي أصبح وزيرا للشؤون الاجتماعية في حكومة الثورة فيما بعد ثم تأميم قناة السويس وهو المطلب الذي طرحه حزب شيوعي صغير في حين أن مطلب الأمة كان يتركز في استعادة القناة بالكامل خاصة أنها كانت تعكس نموذج الدولة داخل الدولة بشكل شديد الوضوح والاستفزاز. كما أخذت قضايا العدل الاجتماعي صورة المطالبة بضرورة أن تكون الأرض للفلاح ورفع مستوى عمال التراحيل في القرى وعمال المدن رغم أن أحوالهم كانت أفضل بكثير من أحوال عمال التراحيل الذين كانوا يكابدون العذابات اليومية مع ملاك الأراضي ومقاولي الأنفار وكانوا بالفعل على هامش المجتمع وقد أبدع الروائي والقاص الراحل يوسف إدريس في وصف هذه الأحوال على نحو مدهش في روايته "الحرام ". خامسا: إن الميزة النسبية لثورة يوليو 1952 تتجلى في أن الشعب المصري كان بكل قواه خلفها فخرج لإعلان تأييده ومساندته لها بعد أن فقد الثقة تماما في النظام الحزبي الذي كان قائما آنذاك والخلاف الذي نشب في هذه الفترة لم يكن بين الثورة والشعب وإنما بينها وبين مجموعة من النخب المثقفة خاصة في العام 1954 والذين تركزت مطالبهم في إعادة حزب الوفد إلى الحكم مرة أخرى بينما الثورة تفجرت في الأساس لإزاحة النظام السياسي الذي كان سائدا قبلها وينهض على ثلاثية الاحتلال والقصر والإقطاع ومن ثم إعادة بناء مصر وليس لتسليمها للوفد والنظام الإقطاعي مجددا وهو ما كان يعكس حالة من البلاهة والعبث السياسي الذي روج له بعض الشيوعيين الطفوليين من الذين ساندوا هذا التوجه المناهض لثورة يوليو والذين دفعوا نتيجة هذا الموقف ثمنا باهظا يتمثل في تراجعهم إلى مكانة متدنية في تاريخ الحركة الوطنية المصرية. لقد استند أصحاب هذا التوجه إلى أنهم يحاربون بذلك الفاشية العسكرية وهو وصف لا يليق على وجه الإطلاق بل إنه من السخف بمكان أن يطلق على من قاموا بإعادة توزيع الأراضي للفلاحين ومنحوا العمال كل هذا القدر من الحقوق إنه في الحقيقة كلام ساقط وسخيف وبلا معنى وهنا أتساءل هل يمكن بعد أن أسقط ثوار يناير نظام مبارك أن يبادر نفر منهم بالمطالبة بإعادته إلى السلطة مرة أخرى؟ بالطبع هذا أمر مستحيل. السطر الأخير: يا رب امنح الأمة صفاءها وأعد لها نقاءها وبرأها من خلافاتها وقوها على أعدائها وهيئ لنا من أمرنا رشدا

423

| 23 يوليو 2012

‎الولادة عسيرة

بالطبع أن تتحول مصر إلى دولة ديمقراطية حديثة مدنية عصرية ‎أمر لن يتحقق بين ليلة وضحاها فهي ولادة عسيرة وقد تتم على نحو طبيعي أو يتدخل الأطباء لإجراء عملية قيصرية لكن المؤكد أن النتيجة بحول الله تعالى حاصلة وتتمثل في مولود جديد يحمل سمات الأصالة والبهاء والقوة والديمومة والقدرة على البقاء والتأثير والإشعاع في المحيط. ‎هكذا يبدو لي الأمر بالرغم من كل ما يبدو من محاولات شد مصر إلى الإقامة في خانة الماضي الكريه الذي يجسده النظام السابق بكل ما يعنيه من فساد وإفساد وزواج باطل بين السلطة والثروة وغياب العدل الاجتماعي وانتهاك الحريات العامة والخاصة وحقوق الإنسان التي لم تكن رموز هذا النظام تقيم ‎لها وزنا. ‎لقد حاولت النخبة المنتمية لهذا النظام والتي تهيمن على ما يطلق عليه بمؤسسات الدولة العميقة عبر تحرك سري وفي بعض الأحيان علني القضاء على كل أمل في خروج هذا المولود إلى آخر لحظة قبيل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية فقد سارعت أبواقها الإعلامية إلى التسويق بفوز أحمد شفيق ومطاردة الفضائيات للتأكيد بتسلم قوات الحرس الجمهوري منزله وهو ما أثار قدرا من البلبلة وشخصيا تعرضت لنوع من حرق الدم ومن قبل كانت مختلف أجهزة الدولة المهمة تستعد لاستقبال شفيق رئيسا بل إن نفرا من قيادات الصف الأول بإحدى الصحف القومية وزعت في الثانية عشرة من ظهر ذلك اليوم أعباء العمل على اعتبار أن شفيق هو الرئيس القادم. ‎لا أود الخوض في تفاصيل مرهقة للروح بيد أن اللجنة الرئاسية حسمت الأمر لصالح الدكتور محمد مرسي والذي سرعان ما فرض فوزه روحا جديدة في مصر خرج الناس تسكنهم البهجة والحبور معبرين عن انتصار جزئي للثورة. ‎ومنذ بداية تسلمه السلطة في الثلاثين من يونيو المنصرم لم تهدأ محاولات السيطرة على الجنين إما لتأجيل انبثاقه أو إجهاض عملية الولادة بالكامل فثمة طرق متواصل على بوابة التفزيع من وصول قيادي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين إلى رئاسة الجمهورية على صعد مختلفة سواء سياسية أو أمنية أو اقتصادية وثمة مؤسسات لا يرضيها بقاء مرسي في هذا الموقع الرفيع رغم ما أبدته من ترحيب به من حيث الشكل وهناك تشكيك دائب في برنامجه للحد من بعض المعضلات الجماهيرية خلال المائة اليوم الأولى من رئاسته ومن خلال ملاحظاتي بوسعي القول إنه لم تحدث مقاربة حقيقية باتجاه التعامل مع هذه المعضلات ربما لأن حكومته القادرة على تنفيذ هذا البرنامج لم تتشكل بعد ولا أود أن أصل إلى حالة من سوء الظن بالأجهزة الحكومية الحالية التي تنتظر التغيير ولكن ثمة ما يؤشر إلى قدر من سوء النية وإلا فلماذا لم تبدأ محاولات جادة للبدء في تهدئة الاحتقان المروري الخانق في العاصمة ولماذا لم تبدأ محاولات التخفيف من أكوام القمامة في القاهرة والجيزة وضواحيهما وأطرافهما على نحو مقزز. ‎صحيح هناك بعض الحلول الجزئية لمشكلة وقود السيارات ولكن بعضا من الطوابير الممتدة على المحطات التي تقوم ببيعها ما زالت قائمة. ‎إن مرسي وصل إلى الموقع الرفيع المقام في مصر عبر انتخابات نزيهة وشفافة ومن ثم فإن المطلوب هو أن تقف إلى جانبه كل مؤسسات الدولة لا أن تناصبه بعضها العداء والخصومة وأن يصل الأمر برئيس نادي القضاة بالقاهرة إلى تهديد رئيس الجهورية في لغة فجة على خلفية أزمة مجلس الشعب فقد اجتهد مرسي لمحاولة إعادة هذا المجلس المنتخب بطريقة نزيهة وشفافة باعتراف كل مؤسسات الداخل ومراقبي الخارج وذلك وفاء لتعهد التزم به بعد أن حلف اليمين الدستورية فلماذا قامت الدنيا ولم تقعد وتناوبت رموز قضائية أظن أن ولاءها ما زال موصولا بالماضي على توجيه الانتقادات الحادة وأحيانا الشتائم إلى الرئيس المنتخب ومع ذلك فإن الرئيس خضع لقرار المحكمة الدستورية عندما أكدت حكمها ببطلان انتخابات مجلس الشعب ودعت إلى تنفيذ القرار فورا ولم يلجأ إلى الرد على الشتائم معلنا احترامه للمؤسسة القضائية وذلك يجعلني اتفق مع المطالبين بتطهير مؤسسة القضاء بل وكل مؤسسات الدولة من العناصر المشبوهة بناء على تحقيقات نيابية تتسم بالنزاهة حتى لا تخضع الأمور إلى الهوى الشخصي أو الأيدولوجي إلى جانب أن الإعلام المصري بشقيه العام والخاص في حاجة إلى ترشيد في أدائه دون الإخلال بمبدأ الحرية ولكن البعض يستغل مناخاتها السائدة فيلجأ إلى الفبركة والإثارة على حساب الحقيقة وقد هالني في هذا السياق ما ذكرته صحيفة روز اليوسف اليومية في عددها الصادر يوم الجمعة الفائت من أكاذيب تتعلق باتفاق السلطات القطرية مع خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين في مصر على تشكيل جيش إخواني في قطر مكون من مائة ألف مصري فأي بلاهة وأي خطل يتسم بهما من كتب هذا الخبر الخالي من المصادر الرسمية والذي يحاول أن يبني علاقة عضوية بين قطر وجماعة الإخوان المسلمين ومن قبل أثار البعض تقارير أنا على يقين عدم صدقيتها حول توجه قطر لضخ استثمارات في المنطقة المحيطة بقناة السويس سعيا إلى السيطرة على هذه المنطقة التي تتسم بأبعاد إستراتيجية وهو ما نفته الجماعة ذاتها وأنتظر أن تنفيه سلطات الدوحة والتي ما زال اللوبي الإعلامي المرتبط بنظام مبارك يحاول تشويه مواقفها تجاه الثورة المصرية وقد بلغ الخطل ببعض هؤلاء حد القول إن قطر بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية وراء تفجير الثورة المصرية وغيرها من ثورات الربيع العربي والخطورة في هذا الطرح تكمن في محاولة استبعاد حراك الشعوب في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا لتدافع عن حقوقها في الكرامة والعزة الإنسانية والعدالة الاجتماعية بعد أن تجاوز حكامها المستبدون المدى في القمع والقهر والتهميش. ‎أعود إلى الرئيس مرسي وأطالبه بسرعة تشكيل مؤسسته الرئاسية وحكومته حتى يكون بمقدورهما البدء في تنفيذ برنامجه القصير الأمد المحدد بمائة يوم وبرنامجه الطويل الأمد وألا يلقى بالا للكلام يبدأ في مقاربة الفعل حتى يشعر الشعب المسكون بالنصب والمكابدات والعذابات الطويلة من جراء حكم فاسد كريه استمر ثلاثة عقود بأنه بدأ يجني ثمار ثورته وذلك يستوجب الوفاء بكل التعهدات التي التزم بها مع القيادات الوطنية وفي مقدمتها إشراك مختلف القوى السياسية في هياكل مؤسسات الدولة حتى تكون للجميع دون أن يهيمن عليها لون واحد. ‎وثمة تحذير واجب في هذا السياق مؤداه عدم المساس بالمنجزات الاجتماعية لثورة الثالث والعشرين من يوليو التي سنحتفل هذا الشهر بذكراها الستين فلا ينبغي التعامل مع هذه المنجزات من منطلق تصفية حسابات فهي ملك للشعب المصري أقول هذا الكلام بمناسبة ما قرأته عن دراسات تجريها بعض دوائر حزب الحرية والعدالة لإلغاء مجانية التعليم فلو حدث ذلك فقد يفتح أبواب جهنم للقضاء على مكاسب حقيقية لشعب ناضل من أجلها ودفع ثمنا باهظا من دماء أبنائه. ‎السطر الأخير‫: في انتظار طلوع شمسك بالمدينة ‎هي معتمة ‎زاخرة بغياب البهجة ‎لا يعانقها مطر أو ندى فجر ‎سحاباتها متوقفة عن الهبوط بأنحائها ‎مؤلم سفرك ‎ وجعي لن يكف عن الخفقان إلا عندما تستعيدك المدينة ‎فعودي أيا مسافرة ‎ارشقي بعطرك روحي المتعبة ‎كوني الدواء

377

| 16 يوليو 2012

البداية عربية

عندما تحدث الدكتور محمد مرسي الرئيس الجديد للمحروسة في أول خطاب له بعد تنصيبه عن الدوائر الثلاث للسياسة الخارجية المصرية وهي العربية والإسلامية والإفريقية مضيفا إليها الدائرة الدولية أعادني على الفور إلى المنهجية التي حكمت حركة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في هذا السياق وهو ما كان موضع ارتياح شعبي وترحيب من أغلب النخب الوطنية وإن كانت هناك جيوب تتبنى منظور التشكيك على الدوام وفي الوقت نفسه تواصل العزف على وتر التخويف من جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها خاصة بعد أن وصل أحدهم إلى أعلى موقع رفيع المقام في الوطن لكن ما فاجأني به مرسي هو أن تكون الرياض هي أول عاصمة عربية وغير عربية يقوم بزيارتها بعد حوالي أسبوعين من توليه السلطة هي الزيارة التي ستتم بعد غد الأربعاء. شخصيا اعتبرت الخطوة واعدة بالأسلوب الذي سينتهجه الرئيس المصري الجديد في تعامله مع الدائرة العربية التي تشكل أهم دوائر السياسة الخارجية لمصر لاعتبارات تتعلق بعوامل جيوسياسية وتاريخية ودينية فضلا عن التداخل البشري بين مصر وشقيقاتها العربيات ويمكنني القول إن ثمة رسائل مهمة للغاية تبعث بها هذه الزيارة. أولا: للداخل المصري الذي راهن البعض فيه على أن وصول رئيس إخواني للسلطة سيجعل من الصعوبة بمكان التواصل مع الدائرة العربية التي يراها نفر من هؤلاء تتخاصم مع المنظور الإسلامي الذي تعلي من قيمته جماعة الإخوان المسلمين على حساب البعد القومي والبعد الوطني ولكن مرسي بهذه الزيارة يؤكد انحيازه لمصالح مصر التي تتقاطع مع مصالح الأمة العربية والتي تشكل في الأساس الجدار الصلب للأمة الإسلامية. ثانيا: تشكل الزيارة رسالة اطمئنان لدول مجلس التعاون الخليجي والتي حاول البعض أن يثير مخاوفها من وصول قيادي إخواني إلى رأس السلطة في مصر بحسبانه سيكون قاعدة ارتكاز للسياسة الإيرانية في المنطقة على حساب علاقاته معها مشيرين في ذلك إلى تصريحات عن قرب عودة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران بحكم التوافق في المنظور السياسي للجماعة وإيران في كثير من القضايا الإقليمية غير أن هؤلاء تناسوا عن عمد أن مصر لها ثوابتها القومية والوطنية التي لا يمكن أن تتخلى عنها مهما كانت طبيعة الحاكم ونوعيته وتوجهاته حتى مبارك بالرغم من ارتباطه العميق بالتحالف الصهيوأمريكي على نحو مخيف للدرجة التي وصفه عنده قادة الكيان بالكنز الإسرائيلي لم يكن بمقدوره أن يتخلى عن هذه الثوابت وإن كان أداؤه فيها هشا وضعيفا. وأظن أن ما استمع إليه السفير السعودي بالقاهرة من الرئيس مرسي خلال لقائه به أمس الأول السبت حول أن أمن الخليج يمثل بالنسبة لمصر خطا أحمر وهو جزء لا يتجزأ من أمنها القومي يشكل ردا واضحا على أصحاب الرؤية المشككة في سياسات الرئيس الجديد. وما أستطيع تأكيده بحكم مناقشات أجريتها مع رموز مهمة في الدوائر الدبلوماسية المصرية هو أن إعادة العلاقات مع طهران لن تكون خصما من رصيدها الخليجي على أي وجه من الوجوه فمنطقة الخليج بشعوبها ودولها وخصائصها الإستراتيجية لا يمكن التضحية بها خاصة أن هناك أكثر ما يزيد على ثلاثة ملايين عامل مصري في المنطقة من بينها مليون و650ألف عامل في المملكة العربية السعودية فحسب. بالإضافة إلى ذلك فإن ثمة مصالح مشتركة ومنافع متبادلة على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين مصر ودول مجلس التعاون فمصر في حاجة إلى استثمارات من هذه الدول الصديقة وهي بدورها في حاجة إلى الخبرة المصرية التي تقدمها شركات متخصصة وعناصر نادرة. وقد سألت السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية في هذا السياق عما إذا كان يعتبر زيارة مرسي للرياض ردا على بعض التقارير التي أشارت إلى وجود قلق خليجي من وصول شخصية تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين إلى رأس السلطة في مصر فأعرب في لقاء خاص معه عن قناعته بأن دول الخليج لم تبد أي قلق من اختيار الشعب المصري لرئيسه فهو صاحب الحق الأصيل في هذا الاختيار مشيرا إلى أن المملكة العربية السعودية والجامعة العربية تتعامل وفق القاعدة الذهبية التي تقوم على أن من يختاره الشعب هو الشرعي وهو الذي يجب التعامل معه بكل قوة وصفاء مؤكدا أن الرئيس مرسي هو لكل المصريين وليس رئيسا لحزب أو فئة أو تيار وهو يعلم تماما مكانة مصر وموقعها في أمتها وفي العالم وعلى هذا الأساس سيتصرف والشعب المصري خلفه لبناء نهضة مصر وقوتها وتقدمها. ثالثا: تؤكد الزيارة أن ثمة حاجة قوية لاستعادة التنسيق المصري السعودي في هذه المرحلة بالذات التي تواجه فيها المنطقة العربية تحولات نوعية وتكابد بعض المشكلات تستوجب التوافق على محددات الاستقرار الإقليمي المطلوب بإلحاح خاصة أن بعض الأطراف الإقليمية والدولية الطامعة باتت ترى أن المنطقة العربية بلغت حالة يمكن توصيفها عندها بالرجل المريض وهي تقول لهذه الإطراف إنه بالرغم مما يبدو من حالات اضطراب وفوضى في بعض الدول فإنه ليس بمقدورها أن تنال من أمنها ومقدساتها ومقومات قوتها. رابعا: الزيارة – والكلام للسفير محمد صبيح - تنطوي على أهمية خاصة ودلالة خاصة في هذا التوقيت لأنها بوضوح تمثل ردا قويا على هؤلاء الذين يعتقدون أن الأمة العربية أصبحت خارج دائرة الفعل وأن كل دولة عربية مشغولة بقضاياها الداخلية فضلا عن الحديث المتكرر عن الثغرات في العلاقات العربية العربية, وحسب رؤيته فإنها ستؤسس في هذه المرحلة لتعاون جديد بين البلدين يقوم على المصالح العليا لشعبيهما وللأمة العربية وبشكل شفاف وهادف ورصين ومتوازن وذلك باعتبار أن مصر دولة مركزية في المنطقة من حيث موقعها وتراكم حضارتها وما تمتلكه من مصادر قوة والمملكة التي تعد ركنا أساسيا في العمل العربي المشترك وفي السياسة الإقليمية والدولية. كما أنها ستفتح بدون شك صفحة جديدة في المنطقة العربية وستشكل جسما صلبا في الجدار العربي أمام الواهمين والطامعين في الأمة خاصة الذين يحتلون أجزاء من أراضينا ويعتدون على مقدساتنا في فلسطين, فضلا عن ذلك فإنها ستصب باتجاه تعزيز التعاون المصري السعودي في المجالات المختلفة خاصة على صعيد الاقتصاد وعلى صعيد التفاهمات الأمنية خاصة في ظل قيام دول عديدة محيطة بالأمة على التسلح بأحدث الأسلحة وبكميات ضخمة للغاية موضحا أن هذه الزيارة بداية لطريق طويل معبد بالعلاقات التاريخية والمصالح الوطنية ومتطلبات الأمن القومي العربي وتعطي للمواطن العربي ثقة عالية بأن الأمة قادرة على حشد جهودها لمواجهة استحقاقات المرحلة. السطر الأخير: حاولت استعادتك إلى خيمتي البدوية كابدت الرحيل إلى الصحاري وسواحل البلاد تجرأت على سطوة الشمس فتحت سبلا كانت مغلقة مددت عيني لآفاق بعيدة رحت في سبات عميق أوجعني البعاد غابت عني القصائد سافرت المواويل فأنت سرها وكينونتها لك العشق ولي السلامة لك الفضاءات تترقب طلوعك ولي الممالك تنتظر تاجك الذهبي

433

| 09 يوليو 2012

من أجهض الثورة ؟

مكسور الوجدان، صرت منزوع الرغبة في الكتابة والتأمل والتدبر أصبحت، مستهلكا أبدو، قابضا على الجمر أتحرك، مفتت الأواصر والروابط أسير، الحرائق تشتعل بداخلي، وخارجي وفي القلب وفي الروح. غادرتني البهجة، سافرت إلى مناطق نائية لم تعد تسكنني وأنا الذي بدأت في غزل خيوط عشقها بعد ثورة المحروسة في الخامس والعشرين من يناير. صارت تتمنع عني الثورة. أتساءل من أجهضها؟ من أنزلها إلى حدائق الصبار عوضا عن حدائق الياسمين والعنب والرمان والنخيل المتشابه وغير المتشابه؟ من دفع بها إلى مناطق الظل وأسكنها خياما من شوك. لمن أبوح بوجعي؟ لمن يتساقط رطبها بعد أن سرق العسس والبصاصون طلعها الذي أوشك على النضج. داهمتني حروف الكتابة، لكنها توقفت عند جروح وشقوق وعذابات تركتها الثورة فينا، بعد أن التهمها العائدون من قبو الماضي القريب والقابضون على مفاصل الوطن، والذين تركناهم جميعا يرتعون في المؤسسات والهيئات بعضهم ارتدى ثوب الثورة فخدعنا، بينما الآخرون كانوا ينفذون أوامر السلطان القديم ورجاله وحريمه في هدوء بعيدا عن العيون وخدعونا أيضا. ترك الثوار منذ البداية كل الخيوط في أيدي غيرهم وتفرغوا للصراخ سواء في الميادين العامة أو في الفضائيات، دون أن يكون ثمة زعيم أو قيادة حقيقية تقرأ وتدبر وتفكر وتدرس وتخطط وتعطي الأمر ثم تصارعوا على" كعكة " وهمية. فانقسموا وتشظوا وراح كل منهم يدير ظهره للآخر. التهم الثوار الطعم فدخلوا في معارك جانبية تناسوا مشروعهم لإعادة بناء الوطن وفق أسس العدالة والحرية والعيش والكرامة بينما انهمك خصوم الثورة في إعادة حشد طاقاتهم الحية. فاستعادوا قدرتهم على الحركة، غيروا أسماء تنظيماتهم وعناوينهم، وباتوا يطلعون في كل برنامج ويصرحون لكل صحيفة ويقدمون أنفسهم بحسبانهم الحريصين على الفعل الثوري ومصلحة الوطن، وليس ثمة ما يمنع من الدعوة إلى المصالحة الوطنية والتوافق الوطني ويصرخون من أجل إعادة بناء مصر وإعادة الثورة لأصحابها، وثمة من صدقهم منا فمنح ما يقرب من ستة ملايين مصري صوتهم لمرشح الثورة المضادة في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، فخرج متمرسا خلف جيش جرار من المنتمين للماضي القريب رافعا شعارات تخلب الألباب فجذب بعضا من أفراد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وللأسف قرأوا المسألة من منظور خلاف قديم في الرؤية بين ثورة الزعيم وجماعة الإخوان المسلمين انتهت صلاحيته، في تقديري دون أن يمتد بصرهم إلى مخاطر وصول رجل النظام القديم القوي إلى المنصب الرفيع المقام في المحروسة. لم تكن الثورة خاوية على عروشها، وإنما تمكنت من إفراز برلمان منتخب في عملية اقتراع شهد لها الجميع بالنزاهة والشفافية خاصة من المراقبين الأجانب والعرب، ولأنه برلمان ضم القوى التي كانت محرومة من السلطة والتعبير عن الرأي وكابدت القهر الأمني والسياسي فمارست حيويتها البرلمانية انطلقت تتحرك في كل اتجاه في محاولة لإثبات جدارتها وتجسيد مطالب الناس، لكنها ارتكبت بعضا من الأخطاء بفعل محدودية التجربة وربما بفعل الحماس المفرط غير أن العقاب والذي تم التهديد به قبل أشهر لا يستوجب الإزاحة التامة والإلغاء الكامل والإقصاء الشامل، فيتم إجهاض أول تجربة برلمانية منتخبة بصورة صحيحة في المحروسة لحسابات ضيقة الأفق. هل هي الرغبة في تصفية الحسابات لأن البرلمان لم يتناغم مع القابضين على مفاصل البلاد والعباد؟ فيشرع في وجهه سيف الحل من خلال اللجوء إلى نصوص قانونية يبدو أنها وضعت لتكون الخنجر الذي يوجه إلى جسده في اللحظة التي يعتقد فيها أنه تجاوز المسموح له، ربما، لكن المسألة لا تخرج عن تدبير شديد الإحكام استغل أخطاء من هذا الطرف أو ذاك. هل هي الرغبة في رد صفعة التعديلات التي أدخلت على قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية التي أدخلها النواب بسرعة وسميت إعلاميا بقانون العزل السياسي، والذي كان مقصودا به إغلاق الباب أمام رموز وقيادات نظام مبارك وحزبه الحاكم من الترشح للمواقع القيادية، فهل أخطأ النواب؟ ألم تتفجر ثورة الخامس والعشرين من يناير من أجل إقصاء النظام ورموزه وتلك خطيئة أخرى ارتكبها الثوار وربما النواب، فهم لم يسارعوا بسن قانون يحول دون عودة هذه الرموز إلى المشهد السياسي وتباطأوا في هذه الخطوة فدفع البرلمان الثمن، لأنه اقترب من عش الدبابير من القيادات التي كانت تصنع سياسة النظام السابق وتنفذ توجهاته وتذلل له كل الصعاب أمام مشروع التوريث الذي انشغل به رأسه على مدى السنوات العشر الماضية، وترك مشكلات الوطن تتفاقم جوعا وقهرا وانتشارا متوحشا للفساد. كان يتعين إزهاق روح البرلمان الذي أنتجته الثورة لأنه تجاوز الخطوط الحمراء. وهو ما يعكس أن العقل المدبر لكل هذه التداعيات هو عقل انتقامي مازال ولاؤه للزمن القديم ولسنوات مبارك وهو يدبر كل ألوان الإجهاض للثورة وفق المحددات القانونية والدستورية، حتى لا يلومه أحد ولا يوقفه أحد، إنه ذكاء لكنه مصطنع لا يمتلك القدرة على الصيرورة والبقاء. إن جماعة "الإخوان المسلمين" ارتكبت أخطاء. لكنها لم تكن خطايا من قبيل تحالفها الضمني مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ثم رفضها لما يسمى بشرعية الميدان بعد وصولها إلى البرلمان، مما أحدث ثغرة في صفوف قوى الثورة وباعد بينها وبينهم إلى حد قيام بعض من شبابها بحماية مجلس الشعب من احتجاجات شباب الثورة بحجة حماية الشرعية الدستورية. وهو أمر كان يجب أن تنتبه إليه بعمق قيادات الجماعة وتدرك أنه من دون ثورة يناير ما كان بمقدورها الوصول إلى أغلبية البرلمان. وأظن أن هذه الثغرة كانت واحدة من أهم الاختراقات التي استغلها رموز النظام البائد القابضين على مؤسسات الدولة، ثم جاءت محاولتهم للاستحواذ على اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور الدائم ثم إعلانهم الترشح لرئاسة الجمهورية في التفاف على قرار سابق بعدم التقدم لهذا المنصب لتعمق من التناقضات بين الجماعة وقوى الثورة. ورغم ذلك أقول إن كل هذه المعطيات لا تشكل مبررا للانقضاض على الثورة وإعادة الأمور إلى المربع رقم واحد والمتمثل في الحالة التي كانت عليها المحروسة عقب سقوط مبارك في الحادي عشر من فبراير 2011. فهي الآن بلا برلمان والمجلس العسكري استعاد صلاحياته التشريعية بالكامل بما في ذلك صلاحيات تشكيل لجنة تأسيسية جديدة للدستور والأخطر أن الرئيس الجديد سوف يتولى سلطاته في الثلاثين من يونيو الحالي دون سياق دستوري يحدد صلاحياته. وهو ما يجعل البعض يتخوف من اختراقات يقوم بها فور توليه السلطة وتحديدا مع وصول مرشح النظام البائد للموقع الرفيع المقام والذي – عكس كل ما رفعه من شعارات ودبلجة من طروحات بعضها يبدو شديد الثورية – قد يمارس سياسة تصفية الحسابات مع خصومه وهم كل قوى الثورة وهنا تكون ثورة الخامس والعشرين من يناير قد خبت جذوتها وفقدت سطوتها وداهمتها رياح الماضي العنيفة والمكشرة عن أنيابها بقوة السطر الأخير: ربيعك يطل زمانك لا تخبو جذوته نخيلك ممتد في السنوات وفي العمر رحيقك يرويني تمددي داخلي دثريني دثريني آه من غيابك القسري ووجع يرفل في سنيني عودي أيابهجتي القديمة وأيقونتي وسر تكويني

432

| 17 يونيو 2012

ثورة أو لا ثورة

قررت أن أفض الاشتباك مع الحيرة التي باتت تسكن عقول المصريين والمتجسدة في سؤال الساعة لمن تدلي بصوتك في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية يومي السبت والأحد المقبلين لمحمد مرسي أو لأحمد شفيق؟ فقد غادرتني هذه الحيرة بعد أيام من التفكر والدراسة ومتابعة الرؤى المطروحة في المشهد السياسي والأهم من كل ذلك بعد متابعة حثيثة وحميمية لطروحات كل من المرشحين سواء في برامج تلفزيونية أو عبر مؤتمرات وتصريحات صحفية وفي ضوء ذلك تيقنت أنني إذا كنت في حاجة إلى استمرار ثورة الخامس والعشرين من يناير فعلي أن اختار الدكتور محمد مرسي وليس الفريق أحمد شفيق وإليكم معطياتي أولا : مرسي هو بشكل أو بآخر جزء من منظومة الثورة صحيح أن جماعة "الإخوان المسلمون " لم تساهم في تفجيرها لكنها لعبت دورا شديد الأهمية في عمليات الإسناد لها خاصة يوم الثامن والعشرين من يناير وهو يوم الغضب المصري والذي قدم الإشارة الأولى على نجاح الثورة وكذلك في موقعة الجمل التي احتشد فيها شباب الإخوان جنبا إلى جنب شباب القوى والحركات الأخرى في مقاومة الهجوم المضاد الذي قادته مجموعات الحزب الوطني مستعينين في ذلك بالجمال والبغال والخيول فضلا عن السلاح الحي في محاولة مستميتة للقضاء على الثوار بميدان التحرير وهي الموقعة التي حدثت في الوقت الذي كان فيه شفيق يتولى رئاسة الوزارة باختيار من الرئيس السابق حسني مبارك عندما لجأ إليه ليحسن شكل النظام ولم يتحرك ساكنا بل يمكن اتهامه مع دوائر أخرى بالتواطؤ لقتل الثوار على النحو الذي جرى به ولاشك أن دور شفيق في هذه الموقعة سيكشف عنه بشكل واضح عندما تظهر كل الملابسات بهذه الواقعة الفريدة. ثانيا : إن محمد مرسي بالرغم من أي ملاحظات أو تحفظات عن دور أو أداء جماعة "الإخوان المسلمون "يجسد الرغبة الحقيقية في إجراء تغيير حقيقي في جوهر النظام السياسي المصري بينما صعود شفيق إلى الموقع رفيع المقام يؤشر بالضرورة إلى إعادة إنتاج النظام الذي ثار الشعب المصري وفي طليعته شبابه لإسقاطه وإزالته أيا كانت الطروحات والرؤى التي يسعى شفيق نفسه إلى تسويقها وآخرها خطابه المتهافت لشباب ميدان التحرير يوم الجمعة الفائت والذي حاول فيه استمالتهم إلى مشروعه الذي هو بالأساس محاولة لتحسين آليات نظام مبارك لأنه هو نفسه إفراز حقيقي لهذا النظام وظل لآخر لحظة يدافع عنه "وكان يعلن بعد سقوطه أن حسني مبارك أستاذه ومثله الأعلى.. فهل هذا الرجل يصلح أن يكون رئيسا لمصر خلفا للرئيس المخلوع، وهل ضحينا بأبنائنا وأحفادنا ومستقبل أبنائنا من أجل أن نعيد إنتاج النظام السابق" هذا الاقتباس من مقال للمستشار محمود الخضيري " ثالثا: إن فوز مرسي بموقع رئيس الجمهورية يعكس انتصار الثورة ووصولها إلى واحد من أهم أهدافها وهو تغيير واجهة النظام وهو ما سيقود بالضرورة إلى تغيير جوهره ومكوناته الأساسية , صحيح أنني في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية أدليت بصوتي لحمدين الصباحي بحسبانه يجسد روح ثورة يناير وأهدافها الأساسية الحرية والكرامة والعيش والعدالة الاجتماعية ولأنه لم يعد متاحا لي التصويت له بعد أن خسر ولكن بنتيجة أكدت أنه بات واحدا من رموز التغيير والثورة فى المحروسة ليس بوسعي إلا أن أمنح صوتي لواحد أكد انتماءه للثورة ولمبادئها وإن كانت منهجيته في تطبيقها مغايرة لمنهجية الصباحي في ظل ضمانات قدمها أكد فيها – مرسي أنه لن يعمل على إقامة نظام سياسي ديني التوجه أو بمعنى آخر دولة دينية وإن كان الإسلام سيشكل المرجعية لحكمه فضلا عن تقديم تطمينات للأقباط والمرأة وتأكيد حرصه على المواطنة ولكني أدعوه إلى أن يعلن ذلك من خلال برنامج واضح القسمات والمعالم ومحدد الخطوات والآليات حتى يقنع المتوجسين والخائفين من صعود مرشح جماعة "الإخوان المسلمون " إلى أعلى مواقع السلطة السياسية في مصر وذلك حتى يحرك المترددين باتجاهه ولإجهاض المحاولات القوية التي يبذلها شفيق لتقديم نفسه باعتباره مرشح الدولة المدنية. رابعا: أن شفيق يحاول أن يرتدي مسوح الثورة ويردد شعاراتها وخطابها المتهوج وقد حاولت أن أقنع نفسي به خاصة بعد أن عبرت الدكتورة هدى عبد الناصر ابنة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عن تأييدها له فضلا عن مقال الدكتور أسامة غزالي حرب المفكر السياسي اللييرالي والذي أيده رئيسا للجمهورية لكنه فشل- خاصة عبر حواراته التفلزيونية – فى استمالتي إليه لقد وجدت نفسي وجها لوجه أمام رجل يظهر غير ما يبطن وأظن أن الجماهير لم تعد قابلة للغواية من خلال الكلام المعسول أو اللغة الفجة التي يستخدمها على نحو هابط متجليا ذلك في مفردات سيئة الدلالات والإشارات ناهيك عن تهديده لخصومه بأساليب أمنية مريبة بالإضافة إلى أنه شديد القابلية للاستفزاز وهو ما يعني قابليته لإصدار قرارات غاضبة. خامسا: إن الثورة ليست في حاجة إلى أحمد شفيق لأن الذين يقدمون له الإسناد اللوجستي والسياسي والإعلامي هم المنتمون للنظام السابق قلبا وقالبا وشكلا ومحتوى وجسدا وروحا وبعضهم ما زال قابضا على مفاصل الدولة المصرية بتجلياتها المختلفة وبعضهم الآخر يوجه من خارج المؤسسات الرسمية مستعينا بخبراته السابقة سواء في الحكومة أو في الحزب الوطني المنزوع الشرعية فضلا عن قبائل وعائلات في الوجهين البحري والقبلي كانت مصالحها خاصة الاقتصادية وصعود رجالاتها إلى سلطات الدولة مرتبطة بشكل أو بآخر بنظام مبارك فهل يمكن للمرء أن يمنح صوته لمنظومة ثرنا عليها ونعمل على استئصال جذورها في الواقع المصري بعد أن أودت بالوطن إلى مهالك السياسة والأمن والاقتصاد وغياب فعالية الدور الإقليمي؟ سادسا : سألجأ مرة أخرى إلى الاقتباس من مقال أخير للمستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية في مجلس الشعب وهو بالمناسبة ليس إخوانيا ولكنه ليبرالي التوجه فهو يقول في معرض إضافة مبرر جديد لرفض منح المصريين لأصواتهم لأحمد شفيق: هل ضحينا بأبنائنا وأحفادنا ومستقبل أبنائنا من أجل أن نعيد إنتاج النظام السابق، وهل بلغ بنا كره الإخوان المسلمين إلى درجة أن نضحي بأبنائنا من أجل راحة إسرائيل.. هل تعلم يا أخي العزيز الدكتور أسامة – يقصد الدكتور أسامة غزالي حرب - أن أكثر الناس سعادة بانتخاب أحمد شفيق هم أهل إسرائيل وليس أهل مصر وإليك التعليقات الآتية من الزعماء الإسرائيليين على انتخاب أحمد شفيق تدليلا على صدق كلامي: -إعلان موشى يعلون نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه يريد انتخاب أحمد شفيق رئيسا لمصر لأن ذلك معناه استعادة الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل ومصر وأنه يجب على العالم تعزيز حظوظه في النجاح في انتخابات الرئاسة. - بنيامين بن أليعازر الوزير السابق والنائب الحالي في الكنيست الإسرائيلي يؤيد انتخاب أحمد شفيق رئيسا لمصر ويعلن في القناة الأولى في التليفزيون الإسرائيلي الساعة 8 مساء الجمعة 25/5/2012 أن: «تراجع المصريين عن إلغاء صفقة الغاز أصبح احتمالا واقعيا واردا بعد تقدم شفيق». - شاؤول موفاز الوزير الإسرائيلي يؤيد انتخاب أحمد شفيق رئيسا لمصر ويعلن في إذاعة الجيش الإسرائيلي الساعة العاشرة صباح يوم السبت 26/5/2012 بعد صعود شفيق أنه يجب عدم الاستسلام لليأس وأنه بالإمكان تدارك ما فقدناه بخلع مبارك. أكتفي بهذا القدر ولعل الرسالة تصل إلى من يهمه الأمر السطر الأخير: أقيمك مملكة في فضاء الروح وبساتين القلب صانعة البهجة أنت تطلين على جسدي أتمدد في البلاد نورسا أتمدد في الأفق البعيد منتصرا عشقي

454

| 11 يونيو 2012

قاتل القناديل

هل ترقد على سريرك قرير العين؟ السؤال أتوجه به إلى بشار الأسد بعد أن قتلت آلته الحربية الموغلة في قساوتها أكثر من 55 طفلا كانوا يغزلون خيوط البراءة وكانت تسكنهم أشواق كبرى لحياة مفعمة بآمال تتخلق في رحم أحلامهم من إجمالي 100 شخص في مدينة الحولة. هل رقدت يا بشار ليلة الجمعة الفائتة مثلنا فأغمضت عينيك دلالة على راحة البال وهدأة القلب. أسأله أيضا: ألم تتطلع إلى وجوه أطفالك وأنت تتلقى التقرير تلو التقرير عن بطولات جيشك الذي كان عربيا في ذبح أطفال سوريا والتمثيل بجثثهم بعد قتل العشرات من الكبار رجالا ونساء؟ ألم تنتابك أية وساوس أو هواجس عما يمكن أن يصيب أطفالك أو زوجتك أو أيا ممن يمتون بصلة الرحم بك؟ لحظتها كيف ستكون مشاعرك ونبضات قلبك وأنت الطبيب قبل أن تكون رئيسا أو رجل سلطة أصابته لعنتها فأخذ يعمل القتل في العباد ويحرق البلاد؟ لقد شاهدت بأم عينى جثامين الأطفال القتلى المذبوحين بأيدي مغاويرك وأشاوسك الذين لا تبرز مهاراتهم القتالية إلا عندما يعتدون على أطفال سوريا ورجالها وشبابها ونسائها العزل فقررت أن أكتب عن بطولتك وشهامتك وقدراتك الفزة في قيادة جيش الوطن لمعارك مع البراءة وحقول الياسمين والكرز. إن آلتك الإعلامية والمنتمين لنظامك وزبانيته ومن يدورون في فلكهم في وسائط إعلام عربية وغير عربية يبشروننا بأن جيشك يواجه عصابات إرهابية وثمة من يصدقهم للأسف, بينما الحقيقة أن جيشك يواجه صلابة شعب ما زال يمتلك القدرة على المقاومة والصمود الحقيقي وليس الصمود الذي حاولت أن تصدره لنا من خلال ادعاءات الممانعة والمقاومة. هل تريد أن تقتل الأطفال والصبايا والعجائز ورجالا بلغوا من العمر عتيا وتريد من شباب سوريا وجنودها البواسل- الذين غادروا جيشا وظف عتاده وبعضا من ضباطه وأفراده للدفاع عن نظام هو بالضرورة سيتهاوى ويسقط طال الأمر أو قصر - أن يصمتوا أو يكفوا أيديهم عن الزناد المدافع عن ثورة الشعب وحقوقه في الحرية والكرامة والعدالة والتي يسعى نظامك إلى انتزاعها منه بالرغم مما تحاول أن تجريه من ترقيع سياسي عبر انتخابات غير نزيهة وإصلاحات لا تتجاوز أبدا الشكل؟ هل بلغ بنظامك عدم الرشد السياسي أن تقتل أطفال الوطن. قناديله في الزمن الآتي. صناع رحيقه وقدراته عندما تذهب أنت وزبانيتك الذين يزينون لك البطولات فتمنحهم النياشين لأنهم دافعوا عن قصر هو بالأساس دونما قواعد وأعمدة وكل ما يبدو منها وهم وعبث وستدرك ذلك عاجلا أم آجلا؟ ليست بطولة أو شهامة أو نجاعة سياسية أو عسكرية أن تقتل أطفالك وتعبث بذويهم ويحتل جندك المدن والأحياء والقرى في تبلد وقسوة لا يرصدها المرء إلا عند جند الكيان الصهيوني بل إن ما شاهدته في الحولة بريف دمشق وغيرها من مناطق سوريا المنكوبة يتجاوز ممارسات قطعان بني صهيون. هل تسكن البهجة قادة جندك وزبانية نظامك وهم يحققون انتصاراتهم على الأطفال؟ أي صنف من القادة هم؟ ألم يقرأوا التاريخ وأنا أعلم أن السوريين معلقون به ليتيقنوا أن من يخون شعبه ويقتل أطفاله مصيره إلى هاوية السقوط, ولا تظن أنها بعيدة فالله يمهلك ويمنحك الفرصة تلو الفرصة من مبادرات سياسية عربية ودولية ومراقبين عرب ثم أجانب لكنك تسارع إلى القفز على هذه المبادرات ومحاولة تجييرها لمصلحة بقائك الذي لن يطول مهما مارست من قتل وسطوت على حرية الشعب وبغيت وأفسدت في الأرض. لن يطول بقاء نظام يوجه فوهات بنادق جنده وصواريخ جيشه وعنفوان قوة مفرطة لشعب أعزل وأطفال أبرياء. هذه هي الحتمية التاريخية التي حدثتك عنها غير مرة في هذه الزاوية وغيرها. إن دماء الأطفال لن تذهب سدى, لن تهدر في دهاليز قصورك أو مكاتب مخابراتك أو قيادة جيش كان عربي الهوى. ولاشك أن هذه الوقائع المرة ستدفع إلى تغيير معادلات التعامل مع نظام بشار سواء من قبل المعارضة أو من قبل الجامعة العربية أو الأمم المتحدة. بالنسبة للمعارضة فإنه بات من الضروري أن تتجاوز عن التناقضات الثانوية القائمة فيما بينها وحالت دون توحيد رؤيتها فدماء الأطفال معلقة برقابهم وهم مطالبون بمغادرة منطقة الصراعات الوهمية فورا وتجنب الانقسامات العبثية على مواقف أو مواقع, فالنظام وظفها جيدا في الفترة الماضية مما أتاح له القدرة على الاستمرار, وتكمن أهمية وحدة رؤية المعارضة في أنها توفر الغطاء السياسي للجيش الحر وكتائب المقاومة في الداخل والتي يبدو أنها ستشكل الخيار الوحيد لإسقاط النظام بعيدا عن نظرية التدخل العسكري الأجنبي التي لا يريدها أحد لسوريا حتى لا تصاب بلعنته التي شاهدنا تجلياتها في العراق وليبيا. وفيما يتعلق بالجامعة العربية والأمم المتحدة فإن لغة البيانات التي تنطوي على الشجب والإدانة والوقوف عند حد تبني المبادرات السياسية دون امتلاك آلياتها التنفيذية القادرة على إحداث تغيير حقيقي على صعيد وقف القتل اليومي والمجاني الذي تمارسه قوات النظام لم تعد مطلوبة وهو ما يستوجب أن يغير كوفي أنان في المنهجية التي يدير بها الخطة العربية والدولية التي ينفذها منذ حوالي شهرين والتي بحساب القتلى والجرحى وحجم التدمير الذي طال مقدرات الشعب تعد فاشلة فعلى الرغم من وجود العشرات من المراقبين الدوليين فإنها لم تتمكن من وقف ممارسات النظام العدوانية وعندما يلجأ المدنيون لهم لتوفير حماية أو حل معضلة ما فإنهم يتعللون بعدم قدرتهم على فعل شيء. إنهم يتحركون في المدن والمناطق دونما أي تأثير جوهري في مسار الأحداث والتطورات وهو ما ثبت باليقين في مذبحة الأطفال الأخيرة بريف دمشق. إن كوفي أنان مطالب بعد هذه الجولة والتي طالت دمشق وعمان وبيروت والدوحة بأن يراجع قناعاته وأن يكون صادقا مع نفسه ومع العالم الذي منحه ثقته ويسارع بالإعلان أن الحكم في سوريا وزبانيته أجضهوا تطبيق خطته التي كان يراهن عليها بعد أن ظلت بنودها الستة مقيمة في ملفاتها وساكنة أحلامه لتحقيق نجاح ما يعيد له ألقه الذي غادره يوم غادر موقعه كأمين عام للأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه هو مطالب بأن يحيط علما مجلس الأمن بحقائق الأمور بعيدا عن المفردات الدبلوماسية التي لا تسمن أو تغني من جوع منذ أن أصر على استخدامها ظنا منه أن بمقدوره أن يقنع نظام بشار بتغيير مساراته والتوقف عن قتل شعبه. لم يعد مقبولا هذا الصمت على القتل خاصة عندما يطال البراءة فيطبق عليها ويمزقها إربا ظنا من زبانية النظام أنهم يسكتون بذلك شعبا عن ثورته التي انطلقت ولن يتوقف وهجها إلا بعد أن يستعيد حريته وكرامته والعدالة المفقودة. السطر الأخير: لن ترقد هانئ البال لن تحيطك ورود أو سجاجيد حمراء فأنت أيا قاتل البراءة ممجوج , مسكون بالدماء مفعم بالاحتقان الزهر يخاصمك والشعر لا يعرف طريقه إليك إنما تحتويك نار دونما ثلج أو ماء غوطة دمشق تصب عليك لعناتها وحقول حلب ودرعا وحماة تترقب هطول مطر السوء فينهار قصر تسكنه وبناء

710

| 04 يونيو 2012

alsharq
مامداني.. كيف أمداه ؟

ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...

16869

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...

7824

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الإقامة للتملك لغير القطريين

في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...

5160

| 13 نوفمبر 2025

alsharq
الطوفان يحطم الأحلام

العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...

5061

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
عيون تترصّد نجوم الغد

تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...

3540

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الوأد المهني

على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...

2898

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الصالات المختلطة

تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...

2013

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
كلمة من القلب.. تزرع الأمل في زمن الاضطراب

تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...

1542

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
عندما يصبح الجدل طريقًا للشهرة

عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...

1131

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
من مشروع عقاري إلى رؤية عربية

يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...

1071

| 12 نوفمبر 2025

alsharq
رسائل استضافة قطر للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية

شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...

1020

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
الذكاء الاصطناعي وحماية المال العام

يشهد العالم اليوم تحولاً جذريًا في أساليب الحوكمة...

894

| 10 نوفمبر 2025

أخبار محلية