رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كأس العالم التي تُقام في قطر هي البطولة الثانية والعشرون من البطولة التي تقام كل أربع سنوات وتتنافس عليها المنتخبات الوطنية الأعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم وهي أول نسخة من كأس العالم تُقام في الوطن العربي والثانية في آسيا بعد نسخة ألفين واثنين التي لُعبت في كوريا الجنوبية واليابان، وقد ترقب عشاق كرة القدم انطلاق هذه النسخة الاستثنائية بتفاصيلها المكانية والزمانية منذ أُعلن عن موقع ضربة البداية لها، فالمنتخبات العربية على وجه التحديد كانت تترقب مشاركةً جديدةً يتمنى كل العشاق أن تُمنى بنجاحٍ كبيرٍ يشتاق إليه العرب في المونديال، حتى جاء موعد الأحد العشرين من نوفمبر حيث اتجهت الأنظار إلى استاد البيت الذي شهد افتتاح أول مونديال في بلد عربي، وسط ترقب كبير لنسخة قطر ألفين واثنين وعشرين، افتتاح أبهر الجميع وكأنه يُقدم موعداً آخر للإبهار حين لعب المنتخب السعودي مباراته الأولى بعد يومين من افتتاح البطولة أمام المنتخب الأرجنتيني ليأتي فوزه كوضع حدٍ لسلسلةٍ تاريخيةٍ لمنتخب الأرجنتين، وليحرمه من معادلة الرقم القياسي الذي بحوزة منتخب إيطاليا، وبلوغ المباراة السابعة والثلاثين في سلسلة «بلا هزيمة».
الأخضر السعودي حقق أولى مفاجآت البطولة وقلب تأخره بهدف إلى فوز بهدفين لهدف على المنتخب الأرجنتيني أحد أبرز المرشحين للتتويج باللقب ليتمكن المنتخب السعودي من صنع التاريخ بهذا الفوز على ملعب لوسيل، وقد وصف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) هذا الفوز غير المتوقع للمنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني بقيادة ليونيل ميسي في مونديال قطر بأنه «كبرى الصدمات في تاريخ كأس العالم».
هذا الإنجاز التاريخي للأخضر السعودي يأتي كواحدةٍ من كبرى المفاجآت في تاريخ البطولة وسط فرحةٍ عربيةٍ غامرة، وتأهل المنتخب السعودي إلى نهائيات كأس العالم خمس مرات سابقة كانت أولها في بطولة ألفٍ وتسعمائةٍ وأربعةٍ وتسعين في الولايات المتحدة، حيث حقق أيضًا أفضل نتائجه بالتأهل إلى دور الستة عشر من مجموعة كانت تضم منتخبات هولندا وبلجيكا والمغرب.
وإذا استشهدنا بالتاريخ فإن المنتخب السعودي هو أول منتخب آسيوي يسجل هدفين في شباك الأرجنتين بكأس العالم عبر التاريخ، كما أن المنتخب الأرجنتيني استقبل هدفين في لقاء واحد لأول مرة منذ أربعةٍ وعشرين مباراةٍ تحديداً منذ التعادل مع كولومبيا بهدفين لمثلهما يونيو الماضي وبذلك يُصبح المنتخب السعودي ثاني منتخب آسيوي يحقق الفوز على منتخب أمريكي جنوبي في تاريخ كأس العالم، بعد فوز اليابان على كولومبيا في مونديال ألفين وثمانية عشر.
إذاً الأخضر السعودي كسر سلسلة اللاهزيمة لمنتخب الأرجنتين التي امتدت إلى ست وثلاثين مباراة، فكانت آخر هزيمة تلقاها التانغو أمام المنتخب البرازيلي في يوليو من العام ألفين وتسعة عشر، بالمقابل هي المرة الأولى منذ عام تسعين يخسر منتخب الأرجنتين مباراته الافتتاحية في كأس العالم، فيما حقق المنتخب السعودي الفوز الرابع في تاريخ مشاركاته بالمونديال.
وقد ترك الفوز التاريخي للمنتخب السعودي على الأرجنتين، أحد المرشحين للوصول لنهائي كأس العالم هذه النسخة فرحة كبيرة خرجت عن نطاق المتوقع حيث انتشرت ملايين التغريدات التي شملت صوراً وفيديوهات لاحتفالات في دول عربية مختلفة، وتغريدات مهنئةٍ بالفوز الذي اعتبره العرب فوزاً لهم جميعاً.
وشهد تاريخ منافسات كرة القدم بين المنتخب السعودي ومنتخب الأرجنتين عددا من المواجهات عادةً ما تكون مباريات تنافسية ودية غير رسمية بين المنتخبين حيث تقابل المنتخب السعودي مع المنتخب الأرجنتيني في أربعة لقاءاتٍ يغلب على نتائجها الميل لصالح المنتخب الأرجنتيني.
ولأن الأخضر فعلها فقد رفع عدد انتصاراته في كأس العالم إلى أربع مرات ليضيف الأرجنتين لقائمة ضحاياه بعد المغرب وبلجيكا ومصر، وتعد هذه المرة الأولى التي يكسب فيها الأخضر بالمونديال، أحد المنتخبات المتوجة بكأس العالم من قبل، وهو بات أول منتخب عربي يحقق الفوز على الأراضي القطرية في كأس العالم.
ولأن الجماهير هي ملح المباريات ومن يُحدث حضورهم فارقاً بتشجيعهم ودعمهم وتلك الأهازيج المصاحبة لحضورهم فقد سجلت مواجهة الأخضر والتانجو الحضور الجماهيري الأعلى خلال المباريات الماضية.
والحديث عن الحاضر لا بد أن يقترن كثيراً بالماضي الذي صُنع فيه الكثير فخلال السنوات الأخيرة استعاد المنتخب السعودي لكرة القدم ثقته في نفسه ونجح في العودة إلى نهائيات كأس العالم ليعود للمشاركة في مونديال ألفين وثمانية عشر في روسيا ويكرر سطوته وهيمنته على القارة الصفراء ببلوغ مونديال قطر وهو التأهل السادس للصقور إلى المونديال بعد الأعوام أربعةٍ وتسعين ثم ثمانية وتسعين ثم ألفين واثنين فألفين وستة وألفين وثمانية عشر.
ولأن الغد هو الأهم الآن فللتذكير فإن المنتخب السعودي المتواجد ضمن المجموعة الثالثة التي تُعد مجموعة قوية جدا يُصنفها الخبراء أنها الأكثر صعوبة للمنتخبات العربية، والتي تضم الأرجنتين، بطلة كوبا أمريكا ألفين وواحدٍ وعشرين وإحدى الدول المرشحة بقوة للذهاب بعيدا في المسابقة، وبولندا التي يقودها روبرت ليفاندوفسكي أفضل لاعب في أوروبا ألفين واثنين وعشرين فضلا عن المنتخب المكسيكي أحد المنتخبات المتمرسة جدا بكأس العالم، بفوزه على منتخبٍ مدججٍ بالنجوم والأساطير الكروية فاجأ الجميع وجعل جماهيره تستقبل المفاجأة بفرحة هستيرية، تترقب أضعافها في المباريات القادمة، ولأن الروح التي سادت المنتخب السعودي وأسهمت في تألق الصقور الخضراء هي أيضاً التي رفعت سقف الطموحات لدى السعوديين بالوصول لأدوار متقدمة خلال المونديال انتظاراً للمزيد وطلباً للإنجاز الذي لا يُعد غريباً في عالم الساحرة المستديرة.
● أخيراً:
فوزٌ للتاريخ وفرحةٌ للجميع،، وهنا المونديال.
شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن... اقرأ المزيد
6036
| 11 نوفمبر 2025
الاعتراف بفلسطين في موازين السياسة الدولية
عندما أعلن كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني الجديد، عن نيّة بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، بدت الخطوة للبعض بمثابة... اقرأ المزيد
195
| 11 نوفمبر 2025
بين الأفول والإشراق تطيب الحياة
ليست الحياة الطيّبة تلك التي تُساق للمرء فيها الأقدار كما يشتهي، وليس معنى جودة حياته أن يتحقق له... اقرأ المزيد
276
| 11 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
6030
| 11 نوفمبر 2025
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
4695
| 11 نوفمبر 2025
في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف تلك الجغرافيا فحسب، بل تمتد لتأكل الكيان العربي وضميره الخامل، فهذا الوطن العريق الغني بالثروات الطبيعية والبشرية أنهكته الصراعات حتى غدت أجهزته كجسدٍ بلا رأس، تتنازعها الصراعات وتعدد الولاءات وتتقاذفها الأهواء والامزجة، ومن يتأمل المشهد اليوم يدرك أن الأزمة في السودان لم تكن وليدة صدفة، بل نتيجة حتمية لتراكم طويل من الخلل والضعف المنبثق ابتداءً من الصراعات السياسية في القرن العشرين حتى اليوم حيث الصراع بين الشرعية و قوات الدعم السريع. فالأزمة السودانية ليست خلافًا محليًا على سلطة أو موارد، بل هي صورة مكبّرة لأزمة أوسع تضرب الجسد العربي كله، فعلاً هي أزمة في العقل العربي، فما زال بعض الأطراف ذو العلاقة بالأزمة والتأثير الإقليمي يتعامل مع السودان بوصفها غنيمة، لا منظومة عربية تحتاج الى استقرار، فعندما يفشل العقل العربي الجمعي في الترويج والسعي الى بناء مؤسسات عربية حقيقية، نجد أن البعض يُقصي الكفاءات لحساب الولاءات السياسية، ويتّخذ القرار الاستراتيجي من موقع الانفعال والمزاجية والحقد الدفين لا من منطق التخطيط السليم، فإنه بذلك يزرع بذور الفوضى في كل أرض عربية، والسودان اليوم إحدى ثمار تلك البذور. لذلك فإنّ ما يحدث في السودان ليس معزولًا عن السياق العربي العام وصراعاته، بل هو امتداد لنمطٍ مألوف من الإخفاق العربي في احتواء الأزمات والسعي الى بناء الدولة وحماية السلطة والشرعية، فالأزمة هناك ليست صراعًا داخليًا فقط، بل نتاج تداخل إراداتٍ خارجيةٍ تحاول إعادة إنتاج الفوضى في السودان والعالم العربي. فلقد تحوّل السودان، في لحظةٍ مأساوية، إلى ساحة تصفية حساباتٍ إقليمية، يُدفع ثمنها من دم المدنيين وأشلاء الأبرياء، والمدافع تُطلق في السودان، لكن العقول التي تُحرّكها تقيم في عواصم أخرى، تلك التي تملك المال والإعلام والسلاح، وتتوهم أن تفكيك السودان سيمنحها دورًا أكبر في الإقليم الشرق أوسطي. ومع الأسف فإنّ بعض الأنظمة أو الإدارات العربية ما زالت غارقة في تراث الحكم الغريزي الثأري، فلا تفكر بمنطق الدولة الحديثة المبنية على تصدير الايجابي من العلاقات المثمرة مع الدول الأخرى، بل تفكر بمنطق الهيمنة القديمة، فترى في ضعف السودان فرصةً لمرادها، وفي فوضاه مجالًا لتوسيع نفوذها ولو كان ذلك بإشعال نار الفتن، وهنا تكمن المأساة الأكبر حين تتحول بعض الإدارات العربية إلى غرف تحكمٍ لأزمات الآخرين بدل أن تكون منصاتٍ للحلول وإحلال السلام والتآخي، وحين ينسى بعض القادة أن دعم الشرعية في السودان ليس خيارًا سياسيًا، بل واجب أخلاقي وإنساني لحماية فكرة الدولة العربية نفسها. والمذابح التي يشهدها السودان جريمة ضد الإنسانية، وإن الصمت العربي عنها جريمة ضد الوعي والتاريخ، لأنّ من يترك دولةً عربية تسقط دون أن يساند شرعيتها، يوقّع من حيث لا يدري على سقوط القيم العربية المشتركة. فلتكن نصرة السودان اليوم دفاعًا عن الدولة والضمير الانساني لا عن الأشخاص، ودفاعاً عن الشرعية، وعن العقل العربي الذي آن له أن يخرج من أسر الصراعات والحقد الدفين إلى وعيٍ إداريٍ جديدٍ يؤمن أن قوة الأمة العربية تبدأ من وحدة مؤسساتها لا من هدم البلاد والعباد.
2571
| 05 نوفمبر 2025