رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، خير شهور العام، الذي طالما اشتقنا إلى روحانيَّاته الجميلة وقيام ليله وصيام نهاره. ولأجل هذه المكانة العالية التي يحتلها رمضان في قلوب المسلمين، كان له كذلك استعداد خاص ومميز.
فينبغي أن نستعد لاستقبال رمضان بقلوب صافية ونفوس مفعمة بالحيوية والنشاط.
ولعل أفضل ما يهيئ المسلم لاستقبال رمضان: التوبة الصادقة والإنابة إلى الله تعالى، فتجديد التوبة باب كل خير، وفيه نجاة المسلم وفلاحه وسعادته في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: «وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (النور: من الآية 31).
ولا شك أن التوبة واجبة في كل الأوقات ويوميًّا كما علَّمنا رسولنا الكريم - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
فعن الأَغَرِّ بن يسار - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – أنه قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إليهِ مِائَة مَرَّة» (رواه مسلم).
ولأنَّ أمر التوبة عظيم، فكان الأحرى والأجدر تجديدها قبل مواسم الطاعات لنهيئ أنفسنا للطاعات والعبادات، ومع قدوم هذا الشهر العظيم نُسارع إلى التوبة من كل خطأ أو تقصير ومن الذنوب صغيرها وكبيرها، ومحاسبة النفس وحصر ما لها وما عليها والتحلُّل من المظالم والحقوق التي بين المسلم وبين غيره من الناس، فيستقبل شهر رمضان بقلب مطمئن ونفس نقية، فيوفقه الله تعالى لأداء العبادات والطاعات.
ثم يلي التوبة في الاستعداد لرمضان الدعاء والتضرع إلى الله بأن يبلغنا رمضان هذا العام ويكتبنا من الصائمين القائمين، فقد كان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر بعدها أن يتقبل منهم.
فينبغي لنا الإلحاح في الدعاء إلى الله تعالى أن يبارك في أعمارنا على طاعته حتى ندرك شهر رمضان ونحن في عافية وخير وصلاح وتقوى ومرضاة منه سبحانه، وأن يهدي قلوبنا إلى الطريق المستقيم ويرزقنا صلاح النية ونقاء السريرة وملازمة خشيته ومراقبته في السر والعلن، ثم ندعوه تعالى أن يعيننا على فريضة الصيام ويوفقنا للإكثار من الطاعات والعبادات، كما ندعوه أن يكتب لنا قبول الأعمال.
ومن أجمل الاستعدادات لاستقبال رمضان: انتشار مظاهر الفرح والاحتفال بحلول هذا الشهر الكريم، وهذا الأمر نلاحظه ولله الحمد في أسواقنا وشوارعنا وحاراتنا وبيوتنا، وهذا مما يبعث البهجة في القلوب ويظهر مدى محبتنا واعتزازنا بشعار ديننا الحنيف. قال الله تعالى: «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ» (يونس: 58).
فينبغي إظهار الفرح بقدوم رمضان؛ لأن مجرد بلوغ المسلم شهر رمضان يعد نعمة في حد ذاته ينبغي شكر الله عليها؛ لأن رمضان من مواسم الخير الغالية على قلوبنا ولا يأتينا إلا كل عام؛ فهو شهر القرآن الذي تثقل فيه موازين العباد فتُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب النيران، ويكثر فيه العتق من النار.
ومن أهم الاستعدادات لاستقبال رمضان: تعلم فقه الصيام وفضل رمضان وتميُّزه عن غيره من الشهور، فيساعد العلم النافع والقراءة الجيدة المسلم على التفريق بين أحكام الصيام وواجباته ومكروهاته وما ينبغي للمسلم القيام به حتى يكون صيامه تامًّا وأجره كاملًا. كل هذه الأمور يجب على المسلم تعلُّمها لأنها من أسس هذا الدين وبها تتحسن عبادته ويُضاعف أجره.
كما ينبغي التنبيه على الإسراع بقضاء الصوم الواجب إبراءً للذمة قبل دخول رمضان، وقد كانت أمنا عائشة - رضي الله عنها - تقضي في شعبان؛ فعَنْ أَبِي سَلَمَة أنه قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رَضِي اللهُ عَنْهَا - تَقُولُ: «كَان يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ» (رواه البخاري ومسلم).
ثم نأتي إلى أهم الاستعدادات، ألا وهي تنظيم الوقت قبل رمضان بشكل يُمكِّن المسلم من إنهاء معظم الأعمال الدنيويَّة قبل رمضان وتفريغ معظم وقته لاستغلال هذا الشهر الكريم والانشغال بالعبادة في غالب وقته من الليل والنهار؛ فتنظيم الوقت أمر مهم للمسلم في سائر عمره، لا سيَّما في رمضان.
فعن ابن عباس - رضي الله عنهما – أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يَعِظُه: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناءَكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ» (أخرجه الحاكم في المستدرك).
فبادِر إلى تنظيم وقتك قبل رمضان، وضع جدولًا زمنيًّا تُنهي فيه بعض الأعمال لتكون لديك مساحة كبيرة من الوقت للعبادة والطاعة في رمضان، ثم ليكُن لبيتك وأهلك نصيب من الاستعداد لاستقبال رمضان، فلتراجع علاقتك بأرحامك ولتسارع بإنهاء الشحناء والخصومات إن وُجدت، وتصفية النفوس ومعاودة الوصل والود والمحبة فيما بينكم.
فبادر إلى استثمار وقتك في شهر رمضان، وأعط أهل بيتك بعض الوقت للترتيب لرمضان والاستعداد له من كل الجوانب، سواء متطلبات المنزل أو أوقات العمل أو الدراسة، كما يجب الحرص على الجلسات التربوية في المنزل لرب الأسرة التي يوضح فيها اهتمامه بهذه الفريضة العظيمة والتعريف بكل ما يخص شهر رمضان من مميزات وواجبات وطاعات ومناسبات لا تتكرر إلا في رمضان، وكذلك توضيح ما ينبغي لنا فعله في رمضان، فكل ذلك من جملة المسؤوليَّة والرعاية التي كُلفت بها أيها المسلم تجاه من تعول ليصلح الله لك النفس والأهل والذرية ويكتب لك أجر صالح أعمالهم إلى يوم القيامة.
دعاء:
نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان ونحن في خير وعافية وأفضل حال، وأن يجعل رمضان هذا العام بداية موفقة لكل مسلم ومسلمة، وأن يكتبنا فيه من الصائمين القائمين إيماناً واحتساباً.. يا رب العالمين.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية


مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
12624
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7128
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
3654
| 10 نوفمبر 2025