رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
اقترن اسم الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بالتوحيد وكفاه فخرا بذلك في عالم يعج بفوضى الشرك والمشركين، وهل من مكرمة فوق ان يقترن اسم انسان بمبدأ قام عليه الدين الحنيف الخاتم؟! فجوهر الاسلام يقوم على هذا المبدأ وطبقا للآيات الصريحة من القرآن الكريم من امتثل للتوحيد ولم يشرك بالله شيئا فان الله غفور رحيم تجاه بقية ذنوبه لقوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا" [النساء:48] فكما جاء في سياق تفسير بعض اهل العلم للاية الكريمة: قال تعالى: "وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" الأنعام:88، فالمقصود أن الشرك هو أعظم الذنوب، وأقبح القبائح فمن مات عليه ولم يتب لا يغفر له والجنة عليه حرام بنص هذه الآية، وهو قوله سبحانه: إن الله لا يغفر أن يشرك به ثم قال سبحانه: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، إن شاء الله غفر لصاحبه يوم القيامة بأعمالٍ صالحة أخرى، وبحسناته الأخرى فضلاً من الله وجوداً وكرما وإن شاء عاقبه على قدر معاصيه التي مات عليها..
هذه المقدمة كان لابد منها في سياق افتتاح جامع الامام محمد بن عبدالوهاب بالتزامن مع افراح البلاد باليوم الوطني برعاية كريمة من صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وكلمة سموه التاريخية التي حملت مضامين بليغة ورسائل عديدة — رغم قصرها وبساطة لغتها — حيث لا يتسع مقال أو زاوية صحفية لسبر أغوارها وابعادها التي بحاجة لمن يسلط عليها اضواء كاشفة توضح السياسات والتوجهات الرشيدة الكامنة واخرى المعلنة للقيادة الرشيدة بدولتنا الحبيبة قطر.
ففي مستهل كلمته اشار سموه إلى مناسبة افتتاح الجامع قائلا: "لا ترقى إليها مناسبة ولا يدانيها حدث" على الرغم من مناسبات عظيمة اقتصادية وسياسية وعلمية شهدتها وتشهدها الدولة طيلة العام، مشيرا سموه الى معاني الرحمة والشعور بالامتنان والشكر لله على انجاز هذا الصرح العبادي الكبير غير المسبوق في تاريخ الدولة والذي يعرف في الفقه الوقفي (بالإرصاد) وذلك عندما تقوم الدولة بتبني وتمويل مشاريع وقفية للصالح العام وترصد لها اراضي وميزانيات لتنفيذها والمسجد من ابرز مجالات الوقف تاريخيا حيث قال سموه: "وهل هناك قربة أسمى وأعظم من أن يقام الذكر تحت سقف بيت جديد من بيوت الله" معلنا عن اطلاق اسم الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب على هذا الجامع الكبير — في " لفتة بارعة وتوفيق رباني لأهمية الاعتناء بالعلماء المصلحين والمجددين" — كما جاء على لسان احد الدعاة — مضيفا سموه: "ذلك العلم الكبير والمصلح القدير والمجدد الرائد الذي نسأل الله أن يكون ممن شملهم حديث الرسول القائل (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) ".
وقوله اطال الله عمره وسدد خطاه: "إني على يقين من أن هذا المسجد الذي ينبت من أرض قطر وكأنه قطعة أزلية منها سيكون منبراً للاصلاح والدعوة الخالصة إلى الله عز وجل، بعيداً عن البدع والأهواء بما ينفع الناس في دنياهم مما يواكب روح العصر وبما ينجيهم في أخراهم مما يرضي الله ورسوله تماماً كما كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته" ولعمري هذا القول يحمل دلالات لا يتسع المقام لذكرها من معاني الاصالة وتجذر العقيدة السمحة على مستوى القيادة الحكيمة ونظرتها الايمانية الثاقبة والعميقة تجاه الذات والآخر بمفردات أصولية تنبئ عن انسجام وتوازن في النظر الى الواقع ترمي الى الحفاظ على هوية البلاد وثقافتها وخلفيتها التاريخية مع انفتاح منضبط تجاه العولمة ومفاهيمها الشائكة التي باتت. مضيفا: "لقد انتشر النور الذي مشى به الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في الناس في أنحاء جزيرة العرب فأعادهم إلى الطريق القويم وهداهم إلى المنهج السليم وفق القرآن الكريم والسنة المطهرة وأزال ما اختلط في الأذهان من زيغ وما داخل النفوس من انحراف"، ذاكرا بعض صفات الإمام وما اتسمت به شخصيته "من زهد وتقوى وصبر وبعد نظر ودراية بالواقع وكلها خصال ما أحوج الدعاة اليوم إليها".
معرجا سموه الى علاقة جده المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني رحمه الله الذي اتصف بكونه عالما بالدين وحاكما في الوقت نفسه وتلقيه دعوة الشيخ بن عبدالوهاب وتبنيه لها ومبادرته بنشرها ناهيك عن انه كما هو معروف عنه عبر ما جاء في وصيته الخالدة بتأكيده على تبنيه لدعوة التوحيد وتوصيته لابنائه الكرام بالسير على الخطى ذاتها لما فيها من خير وصلاح للبلاد والعباد حيث عمل رحمه الله على نشر كتب الدعوة الوهابية وغيرها من الكتب وطباعتها في الهند من أجل التفقيه بدين الله ورسالة نبيه، مؤكدا سموه حفظه الله ورعاه انهم مازالوا إلى اليوم يسيرون على خطى أولئك الأجداد العظام مهتدين بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وانهم لن يدخروا جهداً من أجل مواصلة حمل الرسالة ونشر تعاليم الإسلام السمحاء في كل الدنيا وهو امر لم يدخر سموه جهدا من اجله فمن يتابع اهتمامات وخطابات سموه يدرك تماما ما يرمي اليه رعاه الله قائلا بثقة وثبات وحرارة ملحوظة احس بها كل من تابع حديث سموه على الهواء مباشرة: "وإننا نرى أن الأمة باتت اليوم بحاجة للتجديد واستلهام عزم وتجربة الدعوة الوهابية بما يواكب العصر وتطوراته" يبدو سموه يشير الى النهج السديد الذي تبناه سموه منذ تولى الحكم من خلال قيادته الحكيمة والاجهزة الاعلامية القطرية النزيهة والمتصالحة مع دين وثقافة المليار والنصف مليار مسلم بالتوازي مع لغة العصر ومفاهيمه، خاصة الدور الايجابي الذي قامت به في احداث الربيع العربي المجيدة.
مشيرا ومؤكدا سموه الى احترامه العميق لهذا النهج وتكريم العلماء الذين ما زالوا يحملون فكر محمد بن عبدالوهاب ودعوته في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين. متوسلا سموه الى الله عز وجل أن يوفقه وحكمه الرشيد حاضراً ومستقبلاً كي يظل هذا المسجد منبراً للنور ومشعلاً للهداية.
لا نملك سوى ان نقول سدد الله خطاك يا حمد وحفظك من كل سوء وابقاك لابناء الوطن.
كلمة اخيرة حول الحالات الانسانية المنشورة في الاعداد السابقة:
"الحمد لله تم التبرع من قبل فاعلة خير جزاها الله خيراً لعدد خمس حالات" هذا ما نص عليه آخر ايميل وصلني من الاخ الكريم "ابو ابراهيم" المسؤول بمؤسسة راف وسبقه ايميل آخر من الاخ الفاضل "ابو عمر" وايضا من مؤسسة راف حول الحالات الانسانية المرضية الكبيرة التي ننشرها بالصفحات الاخرى بالجريدة في ايام غير ثابتة تضمن آخر المبالغ التي جمعت لصالح الحالات المشار اليها من قبل المتبرعين وذلك حسب التالي:
السيد وليد ع. ب. صاحب الترخيص رقم 140/2011م وتسلم مبلغ 29،925ر.ق علما انه بحاجة الى مبلغ اجمالي يصل الى حوالي 70 (سبعين) الف ريال حيث يحتاج الى زراعة بطارية محفزة للعصب لمعاناته من تشنجات شديدة
بابر ر.د. صاحب الترخيص رقم 138/ 2011 تسلم مبلغ 475ر.ق علما ان المبلغ الذي يحتاجه لعلاجه حوالي 80 (ثمانين) الف ريال لزراعة كلية في الخارج.
محمود م.م. صاحب الترخيص رقم 142/2011 وتسلم مبلغ 9،975ر.ق وهو بحاجة لمبلغ يقارب مليون وثلاثمائة الف ريال حيث يعاني من مرض النقوي المتعدد وحاليا يخضع للعلاج الكيماوي ويحتاج الى زراعة النخاع بالمانيا.
لذا نرجو من الاخوة الفضلاء من اهل الخير والاحسان المهتمين بهذا الشأن التواصل مع مؤسسة راف لاغلاق هذه الملفات المرضية وادخال السرور على قلوب اخوانهم من المسلمين.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
2271
| 30 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1743
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1599
| 25 نوفمبر 2025