رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فهد عبدالرحمن بادار

تويتر @Fahadbadar

مساحة إعلانية

مقالات

339

فهد عبدالرحمن بادار

قطر تترقب خفض أسعار الفائدة

14 سبتمبر 2025 , 12:23ص

تجلّى النهج شديد الصرامة الذي يتبعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه السياسة الاقتصادية في محاولاته المباشرة لتقويض استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي. فقد وجّه انتقادات شخصية وعلنية لرئيس المجلس، جيروم باول، وقام بمحاولات واضحة لعزل ليزا كوك، عضوة مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي. إن لتحركاته وتوجهاته السياسية انعكاسات عالمية، مع تأثير خاص على دول الخليج. ويتمثل الهدف الإستراتيجي للرئيس ترامب في مجال السياسة الاقتصادية في الإشراف على خفض قيمة الدولار، وتقليص العجز التجاري، وإعادة توطين الإنتاج في داخل الولايات المتحدة الأمريكية. ويشكل خفض سعر الفائدة، على المدى القصير والمتوسط على الأقل، جزءًا أساسيًا من هذه السياسة، بالإضافة إلى رفع الرسوم الجمركية، ولذلك يشعر ترامب بالإحباط لعدم خفض أسعار الفائدة. وقد اعتبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن الضغوط التضخمية كبيرة جدًا بحيث لا تبرر خفض أسعار الفائدة، إلا أن هذه الضغوط آخذة في التزايد. وعلاوة على ذلك، تنتهي ولاية جيروم باول خلال العام المقبل، ومن المرجح أن يتبنى النظام الذي سيخلفه نهجًا أكثر ميلاً للاعتدال والتيسير النقدي. ومن المتوقع أن يشهد هذا العام إجراء تخفيضين أو ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة. ويشكل ذلك، إلى جانب الارتفاع المستمر في الدين العام، سياسة مالية متساهلة بشكل استثنائي. 

وستكون هناك آثار كبيرة ومباشرة على دول الخليج، حيث أن معظم دول المنطقة، بما فيها قطر، لديها عملات مرتبطة بالدولار الأمريكي. وبذلك، سيتعين على المصارف المركزية اتباع تخفيضات أسعار الفائدة التي يجريها الاحتياطي الفيدرالي. ويبلغ سعر الفائدة الحالي في قطر 5.1%، وهو أعلى من سعر الفائدة الأمريكي الذي يتراوح بين 4.25 إلى 4.5 %، خلال السنتين الماضيتين قام مصرف قطر المركزي بتقليص هذه الفجوة. وإذا خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 0.50 % هذا العام، أتوقع أن ينخفض سعر الفائدة في قطر بمقدار 0.60%.

وسيكون لذلك تأثير تحفيزي، حيث سيؤدي انخفاض العوائد على السيولة النقدية إلى تشجيع الاستثمارات التجارية، ومن المتوقع أن يكون للأمر تأثير إيجابي لا سيَّما على قطاع العقارات. وأن تكون هناك آفاق إيجابية للأسهم القطرية كذلك، حيث تبشر الحوافز الاقتصادية بتعزيز النمو القوي، ومع انخفاض قيمة الريال بشكل طفيف، قد تبدو الأسهم منخفضة السعر نسبيًا. وعلى الجانب السلبي، هناك مخاطر تتعلق التضخم، حيث تستورد قطر حوالي 90 % من السلع التي تحتاج إليها من دول تتعامل بعملات مختلفة، لذا مع ارتفاع التكلفة الفعلية نتيجة لانخفاض قيمة الريال لارتباطه بالدولار، من المرجح ارتفاع معدل التضخم نتيجة لزيادة الاستيراد. فإذا ارتفعت قيمة اليورو أو اليوان الصيني مقابل الدولار، سترتفع التكاليف المرتبطة بالتداول التجاري بهذه العملات، ومن المرجح أن تنتقل هذه الزيادة في التكلفة إلى الأسعار المحلية. ويعني ذلك أن صانعي السياسات في قطر سيضطرون إلى اعتماد تدابير أخرى غير سعر الفائدة للحد من معدل التضخم. ومن المتوقع أن يكون تطبيق هذه السياسة أسهل مما كان عليه قبل عقد من الزمن، عندما كانت الضغوط التضخمية أكبر بسبب مشاريع تحديث البنية التحتية استعدادًا لاستضافة منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، لذا من المتوقع أن يكون الاقتصاد قادرًا على استيعاب المزيد من الحوافز دون حدوث ارتفاع كبير في التضخم.

ومن الآثار الجانبية الأخرى لسياسات الرئيس ترامب ارتفاع قيمة الأصول الملموسة، مع انخفاض قيمة العملات الورقية. فقد ارتفعت قيمة الذهب بشكل كبير، وأقدمت البنوك المركزية على تخزينه بكميات كبيرة، بما في ذلك البنك المركزي الصيني. وتمثل حيازات البنوك المركزية من الذهب الآن حصة أكبر من سندات الخزانة الأمريكية، وذلك لأول مرة منذ عام 1996. وقد قفز سعر الذهب من حوالي 2500 دولار للأونصة في أواخر عام 2024 إلى ما يتجاوز 3600 دولار بحلول شهر سبتمبر 2025. 

وإلى حد ما، يُحقق الرئيس ترامب أهدافه السياسية؛ فقد انخفضت قيمة الدولار بنحو 11 % خلال النصف الأول من عام 2025. كما ارتفعت إيرادات الرسوم الجمركية، ومن المرجح أن تُجبر هذه الإجراءات أسعار الفائدة على الانخفاض. ومع ذلك، فإن المخاطر المترتبة على الولايات المتحدة كبيرة، إذ إن الانخفاض طويل الأمد في قيمة الدولار، إلى جانب عجز وديون القطاع العام المرتفعة والمتزايدة، قد يسببان حالة من عدم الاستقرار والقلق في الأسواق والاقتصاد العالمي.

مساحة إعلانية