رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالرئيس الإيراني هذا الأسبوع أثار صاحب السمو أمير قطر بجرأته المعهودة وتمسكه بالشرعية الدولية جملة من الحقائق التي تأكدت من خلال الشهادات التي نقدمها حيث تتواتر منذ السابع من أكتوبر الماضي شهادات قامات أمينة من بلاد الغرب وأحيانا من إسرائيليين ظلوا مسكونين بهواجس زوال دولتهم وينبهون مواطنيهم الى مخاطر التطرف اليميني العنصري الذي لا يستغني عنه ناتنياهو حتى يستمر عهد حكمه وهو واثق أنه مهدد بقضايا عدالة بلاده لو غادر السلطة!
* هذه الحلقة العبثية المفرغة هي التي يتواصل فيها منطق الإبادة والانتقام السهل من المدنيين الأبرياء في قطاع غزة منذ سنة كاملة وفي لبنان اليوم. وتساءل رجل الدولة الديغولية النزيه الذي كان رئيسا لحكومة فرنسا ووزيرا لخارجيتها (السيد دومينيك دو فيلبان) هذا الأسبوع على المباشر في قناة فضائية فرنسية قائلا: «لن ينام إسرائيلي واحد مطمئنا على صوت صفارات الإنذار والهرع الى المخابئ تحت الأرض وهو يعيش يومه مذعورا من رشقات الصواريخ التي تنفذها حماس والجهاد من القطاع وينفذها الحوثيون من اليمن كما ينفذها حزب الله من لبنان وربما الحشد الشعبي من العراق وأخطرها انطلقت من إيران نفسها فجر الثلاثاء الماضي في شكل صواريخ بالستية متطورة تصنعها إيران ولا تستوردها من الغرب وقد ضربت أغلب جهات فلسطين المحتلة وانطلقت من مناطق عديدة في إيران! هذه الجبهات المفتوحة يتكاثر عددها ولا تعبأ بردود الفعل من الكيان المحتل نظرا للفرق الكبير أولا بين مقاوم فلسطيني مولود في أرضه وأرض أجداده وبين جيش (تساحال) القادمة فلوله من أوطان بعيدة وغريبة عن فلسطين.
* ويضيف السيد (دوفيلبان) مؤكدا الفرق الشاسع بين الجمهورية الإيرانية ذات الخمسة آلاف سنة من التاريخ والحضارة وبين دولة نشأت عام 1947 على الإرهاب والقتل بتهجير 700 ألف فلسطيني من بيوتهم وإحلال شتات دخيل مكانهم! ويقول الرجل السياسي الأمين بأن هنا يكمن الداء الحقيقي والأصلي الذي جعل أوروبا تشعر بالذنب إزاء اليهود لأنها شاركت ألمانيا النازية في محرقتهم التي يسمونها (الهولوكوست) ويضيف:» هذه المأساة ستتواصل وأفضل طريقة لإصلاح ما أفسده الدهر هو قبول إسرائيل لحل الدولتين حيث يتعود الجيل الجديد على التعايش بسلام دون تعصب أو إلغاء للآخرين ويعود الأمن تدريجيا الى الشرق الأوسط!
* و نلخص لكم في نفس السياق ما صرح به نائب الشعب الفرنسي (أيميريك كارون) يوم 27 سبتمبر 2024 لقناة فرنسية حيث قال بأن حقيقة المعضلة الفلسطينية هي في الأصل قضية استعمارية بل هي آخر استعمار استيطاني في العالم و في القرن الحادي والعشرين وصنعتها أياد غربية منذ وعد بلفور 1917 و في نفس المرحلة وقع الوزيران سايكس البريطاني وبيكو الفرنسي باسم الامبراطورتين معاهدة لتقسيم الشرق الأوسط بينهما وبدأت مأساة الشعوب العربية وخاصة الفلسطيني وفي عام 1947 جاء يهود العالم من كل حدب و صوب ليستقروا في أرض اخترعوا لها جذورا تلمودية تزعم أن ربهم وهب لهم هذه الأرض وحدهم بعرق يهودي صاف لم يلوث وبلغنا اليوم منذ 7 أكتوبر درجة من الفظاعة غير مسبوقة أمام صمت دولي غريب تشبع بالأوهام والأكاذيب ليترك المجازر تتم بعيدا عن المساءلة والعقاب بينما لدينا القانون الدولي الذي يحدد قانون الحرب وأخلاق المتحاربين والعودة للسلام عوض قبول قتل الأطفال أو قطع أطرافهم ولهذه الأسباب أريد فضح الاستعمار المسلط بالقوة والإبادة برضا الدول العظمى التي تريد التخلص من ذنوب مجازر اليهود التي بدأت في ألمانيا في عهد هتلر ولكن شاركت فيها أغلب دول أوروبا من بعد ثم تلقيها على شعب فلسطين وأضاف عضو مجلس النواب الفرنسي أننا علينا ومن واجبنا تصحيح التاريخ المدلس منذ 70 عاما حتى نحقق السلام العادل لكل الشعوب.
* ونأتي إلى الصحفي الأمريكي الشهير (توماس فريدمان) والمعروف بتعاطفه مع إسرائيل حيث كتب افتتاحية (نيويورك تايمز) يقول فيها بجرأة غير معهودة:» إن خطأ الإدارة الأمريكية القديم هو النظر الى القضية الفلسطينية بعيون إسرائيل عوض مراعاة المصالح الأمريكية قبل كل اعتبار وأضاف بأن الرأي العام الأمريكي وقع التغرير به فاعتقد في مجمله أن مصالح الولايات المتحدة هي في مصالح إسرائيل مهما ارتكبت من مروق عن القانون بما فيه القانون الأمريكي بعد أن كانت إسرائيل تفاخر بأنها دولة القانون والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!.
* ونأتي الى تقرير دقيق ونزيه نشرته صحيفة (التلغراف) البريطانية هذه الأيام فكتبت:» العيش في إسرائيل تحول الى كابوس مع انعدام الأمن وأصبح علماؤها يغادرونها بل تصاعدت موجة من الهجرة المعاكسة فقد رحل 30 ألفا من خيرة أطبائها وأساتذتها الجامعيين مع تفاقم الميز العنصري المتطرف وقالت نشرية (كوفاس بي دي أي) المتخصصة في رصد الحياة الاجتماعية والاقتصادية إن الهجرة لا تقتصر على الأفراد بل إن عائلات بأكملها شعرت بضرورة العودة الى أوطانها الأصلية لتضمن التمدرس والأمن لأبنائها بسبب عجز إسرائيل عن جلب أساتذة أكفاء لجامعاتها كما أن شركات صناعية واقتصادية وتجارية غادرت إسرائيل بسبب نقص الإنتاج وتعطل التنمية وأكدت النشرية أن حوالي 60 ألفا من الشركات العاملة في اسرائيل حولت نشاطها الى دول أخرى منذ السابع من أكتوبر 2023 أو هي تخطط للرحيل.
* ثم حللت (التلغراف) أسباب هذه الانهيارات المتعاقبة فأرجعتها الى تهديد رئيس الحكومة بتغيير قواعد القضاء مما يجعل الناس عادة غير مطمئنين لعدالة مهزوزة وإصرار ناتنياهو على مواصلة الحرب مما يهدد باندلاع حرب إقليمية واسعة فبعد غزة تحرك نحو لبنان وشاركت قوة عظمى في دك الحديدة باليمن وضرب مناطق في سوريا والعراق!
* وعلى ضوء هذه الحقائق نلمس في الشرق الأوسط إعادة رسم الموازين وتغير مواقع القوة فيوم الأربعاء 2 أكتوبر تأكد أن جبهات المقاومة ترد بالصواريخ على الصواريخ وتتحدى من كان يتفاخر بأنه الأقوى والأعتى سلاحا والذي لا يهزم! عودة مباركة لروح الغضب المقدس لدى أصحاب الحق والشرعية والذين لا يخرجون عن القانون الدولي وهو الذي يمنحهم حق مقاومة محتلي أرضهم بكل الوسائل وبلغ التهور يوم الأربعاء بوزير خارجية حكومة إسرائيل أن أعلن بأن السيد (غوديريتش) الأمين العام للأمم المتحدة يعتبر شخصا غير مرغوب فيه في «بلادهم» وهو سلوك غير مسبوق!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6681
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2754
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2385
| 30 أكتوبر 2025